التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها...}
والمعنى : فيه يتوفّى الأنفس حين موتها، ويتوفّى التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها, ويقال: إن توفّيها نومها, وهو أحبّ الوجهين إليّ لقوله: {فيمسك الّتي قضى عليها الموت}.
ولقوله: {وهو الذي يتوفّاكم بالليل} , وتقرأ: {قضى عليها الموت} , {وقضي عليها الموت} ). [معاني القرآن: 2/420]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الله يتوفى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى }: فجعل النائم متوفى أيضاً إلا أنه يرده إلى الدنيا). [مجاز القرآن: 2/190]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل قضى: حتم، كقول الله عز وجل: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} أي حتمه عليها.
ثم يصير الحتم بمعان، كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي أمر؛ لأنه لما أمر حتم بالأمر). [تأويل مشكل القرآن: 441] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أخبر بأنه الحفيظ عليهم القدير فقال: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمّى إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون (42)}
أي : ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها، فالميتة المتوفاة -وفاة الموت - , التي قد فارقتها النفس التي يكون بها الحياة, والحركة، والنفس التي تميز بها, والتي تتوفى في النوم نفس التمييز لا نفس الحياة، لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس، والنائم يتنفس, فهذا الفرق بين توفّي نفس النائم في النوم , ونفس الحي.ّ). [معاني القرآن: 4/356]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}
روى جعفر بن أبي المغيرة , عن سعيد بن جبير قال: (تجمع أرواح الأحياء , وأرواح الأموات , فتعارف بينهما ما شاء الله , فيمسك التي قضى عليها الموت , ويرسل الأخرى إلى أجسادها) .
قال الفراء : المعنى : والتي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها , قال : وقد يكون توفاها نومها .
قال أبو جعفر : وقيل المعنى الله يتوفى الأنفس حين موتها بإزالة أنفسها , وتمييزها , ثم أضمر للثاني فعل لأنه مخالف للأول .
فالمعنى : ويتوفى التي لم تمت في منامها , بإزالة تمييزها فقط , لأن النائم يتنفس
قال أبو جعفر : أحسن ما قيل في هذا أن المعنى يتوفى , ويستوفي واحد إذا انقضى الشيء , كما يقال تبينت , واستبنت , وتيقن , واستيقن , فالميت , والنائم في هذا واحد , ويدل عليه قوله: {فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} ).[معاني القرآن: 6/178-180]
تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم اتخذوا من دونه شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون}
قال قتادة: قالوا : إنما عبدناها حتى تشفع لنا .
ثم قال جل وعز: {أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون}
قال سيبويه : هذا باب الواو , إذا دخلت عليها ألف الاستفهام , وذلك قولك : أفلان عند فلان ؟, فيقول: أهو ممن يكون عند فلان ؟.
قال أبو العباس: هذا على الاسترشاد أو على الإنكار , وما جاء منه في القرآن , فمعناه : الإنكار , والتقرير ووقوع الشيء). [معاني القرآن: 6/180]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قل لله الشفاعة جميعا}
كما قال تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ). [معاني القرآن: 6/181]
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اشمأزّت قلوب }, تقول العرب: اشمأزّ قلبي عن فلان , أي: نفر). [مجاز القرآن: 2/190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الّذين من دونه إذا هم يستبشرون (45)}
معنى (اشمأزّت) : نفرت، وكانوا - أعني المشركين - إذا ذكر اللّه , فقيل: " لا إله إلا اللّه " نفروا من هذا، ؛ لأنهم كانوا يقولون: اللات والعزى، وهذه الأوثان آلهة). [معاني القرآن: 4/356]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة}
روى معمر , عن قتادة قال: (اشمأزت: استكبرت , وكفرت) .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (انقبضت) .
قال أبو جعفر يقال : اشمأز من كذا , إذا نفر منه .
ويروى أنهم كانوا إذا سمعوا من يقول: لا إله إلا الله وحده , نفروا , وقالوا: لم تذكر آلهتنا.). [معاني القرآن: 6/181]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {اشمأزت}: أي: اقشعرت). [ياقوتة الصراط: 447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({اشْمَأَزَّتْ}: نفرت.). [العمدة في غريب القرآن: 262]