التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فسلكه ينابيع في الأرض }: واحدها ينبوع , وهو ما جاش من الأرض.
{ثمّ يهيج فتراه مصفرّاً} : إذا ذوى الرطب كله فقد هاج , ويقال: هاجت الأرض , وهو إذا ذوى ما فيها من الخضر.
{ثمّ يجعله حطاماً} : بعد صفرته , أي: رفاتاً , والحطام , والرفات , والدرين واحد في كلام العرب, وهو ما يبس فتحات من النبات.). [مجاز القرآن: 2/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ثم يهيج}: إذا ذوى الرطب كله فقد هاج. يقال: هاجت الأرض إذا ذوى ما فيها من الخضر.
{حطاما}: ورفاتا واحد).[غريب القرآن وتفسيره: 325-326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فسلكه ينابيع في الأرض}: أي: أدخله فيها ، فجعله ينابيع: عيونا تنبع.
{ثمّ يهيج}: أي: ييبس.
{ثمّ يجعله حطاماً} : مثل :الرّفات, والفتات.).[تفسير غريب القرآن: 383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ :{ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثمّ يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثمّ يهيج فتراه مصفرّا ثمّ يجعله حطاما إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب (21)}
جاء في التفسير : أن كلّ ما في الأرض , فابتداؤه من السّماء، ومعنى " ينابيع " الأمكنة التي ينبع منها الماء، وواحد الينابيع : ينبوع، وتقدره : يفعول: من نبع ينبع.
{لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرف من فوقها غرف}: منازل في الجنة رفيعة، وفوقها منازل أرفع منها.
{وعد اللّه} : القراءة النصب، ويجوز {وعد اللّه}, فمن نصب , وهي القراءة، فبمعنى لهم غرف؛ لأن المراد وعدهم اللّه غرفا وعدا، فوعد اللّه منصوب على المصدر, ومن رفع فالمعنى: ذلك وعد اللّه.
وقوله جلّ وعزّ :{ثمّ يخرج به زرعا مختلفا ألوانه} : ألوانه خضرة , وصفرة , وحمرة , وبياض, وغير ذلك.
{ثمّ يهيج} : قال الأصمعي يقال للنبت إذا تمّ جفافه: قد هاج يهيج هيجاً.
{ثمّ يجعله حطاما}: الحطام ما تفتّت , وتكسّر من النبت وغيره، ومثل الحطام الرفات, والدّرين.
{إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب}: أي: تفكر لذوي العقول، فيذكرون ما لهم في هذا من الدلالة على توحيد اللّه جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 4/350-351]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض}
يروى: أن كل ماء في الأرض فاصله من السماء , وقد يجوز أن يكون إنزاله إياه خلقه له , وتكوينه بأمره
وقوله تعالى: {فسلكه} , أي: فادخله , فجعله ينابيع : جمع ينبوع , يفعول : من نبع , ينبع .
{ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه}: أي: أخضر , وأسود , وأصفر , وأبيض .
{ثم يهيج فتراه مصفرا}: أي: يجف.
قال الأصمعي : يقال للنبت إذا تم جفافه : قد هاج , يهيج , هيجا .
ثم يجعله حطاما , أي: رفاتا.
ثم قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب}
أي : يفكرون , فيذكرون أن هذا دال على توحيد الله جل وعز , وقدرته.).[معاني القرآن: 6/164-166]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَهِيجُ}: يذوى ويخف, {حُطَامًا}: متكسراً.)[العمدة في غريب القرآن: 261]
تفسير قوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فويلٌ لّلقاسية قلوبهم مّن ذكر اللّه...}
و"عن ذكر الله" كلٌّ صواب تقول: اتّخمت من طعامٍ أكلته، وعن طعام أكلته، سواء في المعنى، وكأنّ قوله: قست من ذكره ، أنهم جعلوه كذباً فأقسى قلوبهم: زادها قسوة، وكأن من قال: قست عنه يريد: أعرضت عنه).[معاني القرآن: 2/418]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربّه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه أولئك في ضلال مبين (22)}
فهذه الفاء فاء المجازاة، والمعنى : أفمن شرح اللّه صدره , فاهتدى , كمن طبع على قلبه , فلم يهتد ؛لقسوته؟!
والجواب متروك , لأن الكلام دالّ عليه.
ويؤكد ذلك قوله - جلّ وعزّ: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه}, يقال: قسا قلبه عن ذكر اللّه , ومن ذكر اللّه.
فمن قال من ذكر اللّه، فالمعنى : كلما تلي عليه ذكر اللّه , قسا قلبه، كما قال: {وأمّا الّذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم}.
ومن قال: عن ذكر اللّه , فالمعنى : أنه غلظ قلبه , وجفا عن قبول ذكر اللّه.
{أولئك في ضلال مبين} : يعني القاسية قلوبهم. الآية). [معاني القرآن: 4/351]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}
في الكلام حذف , والمعنى : أفمن شرح الله صدره , فاهتدى , كمن طبع على قلبه , فلم يهتد ؟!.
وفي الحديث قال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أو ينشرح القلب ؟).
قال: (( نعم , إذا أدخل الله فيه النور انشرح ,وانفسح .)).
قالوا: (فهل لذلك من علامة؟).
قال:(( نعم , التجافي عن دار الغرور , والإنابة إلى دار الخلود , والإعداد للموت قبل لقاء الموت.)).
ثم قال جل وعز: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين}
قيل : معنى من , وعن ههنا واحد.
قال أبو جعفر : وليس هذا بشيء , فمعنى : من إذا تليت عليهم آياته قسوا , كما قال تعالى: {واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم}
وإذا قال: عن , فمعناه : قست قلوبهم , وجفت عن قبول ذكر الله.). [معاني القرآن: 6/166-167]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {شَرَحَ}: فتح، ومنه قوله جل وعز:{ألم نشرح لك صدرك} : أي: ألم نفتح لك صدرك؟!.). [ياقوتة الصراط: 446]
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كتاباً مّتشابهاً...}
أي: غير مختلف , لا ينقض بعضه بعضاً.
وقوله: {مّثاني}: أي : مكرّراً , يكرّر فيه ذكر الثواب والعقاب.
وقوله: {تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم} : تقشعرّ خوفاً من آية العذاب إذا نزلت , {ثمّ تلين} عند نزل آية رحمة). [معاني القرآن: 2/418]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({متشابهاً }: يصدق بعضه بعضاً , ويشبه بعضه بعضاً.). [مجاز القرآن: 2/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كتاباً متشابهاً} : يشبه بعضه بعضا، ولا يختلف. {مثاني} : أي: تثني فيه الأنباء والقصص، وذكر الثواب والعقاب.
{تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم} : من آية العذاب، وتلين من آية الرحمة). [تفسير غريب القرآن: 383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء ومن يضلل اللّه فما له من هاد (23)}
يعني : القرآن، ومعنى متشابها، يشابه بعضه بعضا في الفضل والحكمة، لا تناقض فيه.
و{كتابا} منصوب على البدل من {أحسن الحديث}
وقوله: {مثاني} من نعت قوله :{كتابا} منصوب على النعت، ولم ينصرف{مثاني} لما فسرناه: من إنّه جمع ليس على مثال الواحد.
{تقشعر منه جلود الذين يخشون ربّهم} : يقول: إذا ذكرت آيات العذاب , اقشعرت جلود الخاشعين للّه.
{ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه}: إذا ذكرت آيات الرحمة , لانت جلودهم وقلوبهم.
{ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء}: يقول: الذي وهبه الله لهم من خشيته , وخوف عذابه , ورجاء رحمته ؛ هدي اللّه). [معاني القرآن: 4/351-352]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها}
روى الشعبي , عن عون بن عبد الله قال: قالوا: (يا رسول الله حدثنا) , فنزلت: {الله نزل أحسن الحديث}
قال قتادة : { متشابها}:(أي: لا يختلف).
قال أبو جعفر : والمعنى أنه يشبه بعضه بعضا في الحكمة , والحق , كما قال جل وعز: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}
ثم قال جل وعز: {مثاني}
قال قتادة :{مثاني }: (ثناه الله عز وجل) .
قال أبو جعفر : والمعنى : ما تثنى فيه القصص , والثواب , والعقاب .
وقيل : المثاني : كل سورة فيها اقل من مائة آية , أي: تثنى في الصلاة.
ثم قال جل وعز: {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}
أي: تقشعر من الآيات التي يذكر فيها العذاب , ثم تلين إلى الآيات التي تذكر فيها الرحمة.). [معاني القرآن: 6/168-169]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّثَانِيَ}: أي: يثنى فيها ذكر الأنبياء , والقصص , والعقاب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 213]