العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الزمر

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 10:14 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة الزمر الآيات من [ 1-4]

ســـورة الزمــــر

تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)



  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:29 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ فاعبد اللّه مخلصا لّه الدّين (2) ألا للّه الدّين الخالص والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون}.
يقول تعالى ذكره: {تنزيل الكتاب} الّذي نزّلناه عليك يا محمّد {من اللّه العزيز} في انتقامه من أعدائه {الحكيم} في تدبيره خلقه، لا من غيره، فلا تكوننّ في شكٍّ من ذلك؛
ورفع قوله: {تنزيل} بقوله: {من اللّه} وتأويل الكلام: من اللّه العزيز الحكيم تنزيل الكتاب وجائزٌ رفعه بإضمار هذا، كما قيل: {سورةٌ أنزلناها} غير أنّ الرّفع في قوله: {تنزيل الكتاب} بما بعده أحسن من رفع سورةٌ بما بعدها، لأنّ تنزيل وإن كان فعلاً، فإنّه إلى المعرفة أقرب، إذ كان مضافًا إلى معرفةٍ، فحسنٌ رفعه بما بعده، وليس ذلك بالحسن في سورةٌ، لأنّه نكرةٌ). [جامع البيان: 20/154]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّا أنزلنا إليك يا محمّد الكتاب، يعني بالكتاب: القرآن {بالحقّ} يعني بالعدل؛ يقول: أنزلنا إليك هذا القرآن يأمر بالحقّ والعدل، ومن ذلك الحقّ والعدل أن تعبد اللّه مخلصًا له الدّين، لأنّ الدّين له لا للأوثان الّتي لا تملك ضرًّا ولا نفعًا.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {الكتاب} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ} يعني: القرآن.
وقوله: {فاعبد اللّه مخلصًا له الدّين} يقول تعالى ذكره: فاخشع للّه يا محمّد بالطّاعة، وأخلص له الألوهة، وأفرده بالعبادة، ولا تجعل له في عبادتك إيّاه شريكًا، كما فعله عبدة الأوثان.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن حفصٍ، عن شمرٍ، قال: يؤتى بالرّجل يوم القيامة للحساب وفي صحيفته أمثال الجبال من الحسنات، فيقول ربّ العزّة جلّ وعزّ: صلّيت يوم كذا وكذا، ليقال: صلّى فلانٌ أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، لي الدّين الخالص صمت يوم كذا وكذا، ليقال: صام فلانٌ أنا اللّه لا إله إلاّ أنا لي الدّين الخالص، تصدّقت يوم كذا وكذا، ليقال: تصدّق فلانٌ أنا اللّه لا إله إلاّ أنا لي الدّين الخالص؛ فما يزال يمحو شيئًا بعد شيءٍ حتّى تبقى صحيفته ما فيها شيءٌ، فيقول ملكاه: يا فلان، ألغير اللّه كنت تعمل.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، أما قوله: {مخلصًا له الدّين} فالتّوحيد.
و{الدّين} منصوبٌ بوقوع {مخلصًا} عليه). [جامع البيان: 20/154-155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 1 - 4.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرآن {فاعبد الله مخلصا له الدين (2) ألا لله الدين الخالص} قال: شهادة أن لا إله إلا الله {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال: ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله تعالى). [الدر المنثور: 12/632]

تفسير قوله تعالى: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ألا لله الدين الخالص قال شهادة أن لا إله إلا الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال إلا ليشفعوا لنا إلى الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ألا للّه الدّين الخالص} يقول تعالى ذكره: ألا للّه العبادة والطّاعة وحده لا شريك له، خالصةً لا شرك لأحدٍ معه فيها، فلا ينبغي ذلك لأحدٍ؛ لأنّ كلّها دونه وملكه، وعلى المملوك طاعة مالكه، لا من لا يملك منه شيئًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ألا للّه الدّين الخالص} شهادة أنّ لا إله إلاّ اللّه.
وقوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} يقول تعالى ذكره: والّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء يتولّونهم، ويعبدونهم من دون اللّه، يقولون لهم: ما نعبدكم أيّها الآلهة إلاّ لتقرّبونا إلى اللّه زلفى، قربةً ومنزلةً، وتشفعوا لنا عنده في حاجاتنا.
وهي فيما ذكر في قراءة أبيٍّ: (ما نعبدكم)، وفي قراءة عبد اللّه: (قالوا ما نعبدهم)، وإنّما حسنٌ ذلك لأنّ الحكاية إذا كانت بالقول مضمرًا كان أو ظاهرًا، جعل الغائب أحيانًا كالمخاطب، ويترك أخرى كالغائب، وقد بيّنت ذلك في موضعه فيما مضى.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: هي في قراءة عبد اللّه: قالوا ما نعبدهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قال: قريشٌ تقوله للأوثان، ومن قبلهم يقوله للملائكة ولعيسى ابن مريم ولعزيرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قالوا: ما نعبد هؤلاء إلاّ ليشفعوا لنا عند اللّه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قال: هي منزلةٌ.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} وقوله: {ولو شاء اللّه ما أشركوا} يقول سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قال: قالوا هم شفعاؤنا عند اللّه، وهم الّذين يقرّبوننا إلى اللّه زلفى يوم القيامة للأوثان، والزّلفى: القرب.
وقوله: {إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه يفصل بين هؤلاء الأحزاب الّذين اتّخذوا في الدّنيا من دون اللّه أولياء يوم القيامة، فيما هم فيه يختلفون في الدّنيا من عبادتهم ما كانوا يعبدون فيها، بأن يصليهم جميعًا جهنّم، إلاّ من أخلص الدّين للّه، فوحّده، ولم يشرك به شيئًا). [جامع البيان: 20/156-158]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذبٌ كفّارٌ (3) لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدًا لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو اللّه الواحد القهّار}.
يقول تعالى ذكره: {إنّ اللّه لا يهدي} إلى الحقّ ودينه الإسلام، والإقرار بوحدانيّته، فيوفّقه له {من هو كاذبٌ} مفترٍ على اللّه، يتقوّل عليه الباطل، ويضيف إليه ما ليس من صفته، ويزعم أنّ له ولدًا افتراءً عليه، كفّارٌ لنعمه، جحودٌ لربوبيّته). [جامع البيان: 20/158]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال هذا قول قريش تقوله للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى ولعزير). [تفسير مجاهد: 555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 1 - 4.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرآن {فاعبد الله مخلصا له الدين (2) ألا لله الدين الخالص} قال: شهادة أن لا إله إلا الله {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال: ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله تعالى). [الدر المنثور: 12/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي رضي الله عنه، أن رجلا قال: يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ط. قال: يا رسول الله إنما نعطي أموالنا التماس الأجر والذكر فهل لنا أجر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله لا يقبل إلا من أخلص له، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ألا لله الدين الخالص} ). [الدر المنثور: 12/632-633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما {والذين اتخذوا من دونه أولياء} قال: أنزلت في ثلاثة أحياء، عامر وكنانة وبني سلمة، كانوا يعبدون الأوثان ويقولون الملائكة بناته، فقالوا {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ). [الدر المنثور: 12/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال: قريش يقولون للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزيز). [الدر المنثور: 12/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه قال كان عبد الله رضي الله عنه يقرأ {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ). [الدر المنثور: 12/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأها قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى). [الدر المنثور: 12/633]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدًا} يقول تعالى ذكره: لو شاء اللّه اتّخاذ ولدٍ - ولا ينبغي له ذلك – {لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء} يقول: لاختار من خلقه ما يشاء.
وقوله: {سبحانه هو اللّه الواحد القهّار} يقول: تنزيهًا للّه عن أن يكون له ولدٌ، وعمّا أضاف إليه المشركون به من شركهم {هو اللّه} يقول: هو الّذي يعبده كلّ شيءٍ، ولو كان له ولدٌ لم يكن له عبدًا، يقول: فالأشياء كلّها له ملكٌ، فأنّى يكون له ولدٌ، وهو الواحد الّذي لا شريك له في ملكه وسلطانه، والقهار لخلقه بقدرته، فكلّ شيءٍ له متذلّلٌ، ومن سطوته خاشعٌ). [جامع البيان: 20/159]


  #3  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:30 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي



تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تنزيل الكتاب...}
ترفع
{تنزيل} بإضمار: هذا تنزيل، كما قال: {سورةٌ أنزلناها} ومعناه: هذه سورة أنزلناها , وإن شئت جعلت رفعه بمن, والمعنى: من الله تنزيل الكتاب , ولو نصبته , وأنت تأمر باتباعه , ولزومه كان صواباً؛ كما قال الله {كتاب الله عليكم} : أي: ألزموا كتاب الله). [معاني القرآن: 2/414]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله جلّ وعزّ: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ}
الكتاب ههنا : القرآن، ورفع تنزيل الكتاب من جهتين:
إحداهما الابتداء , ويكون الخبر من اللّه، أي نزل من عند اللّه, ويجوز أن يكون رفعه على: هذا تنزيل الكتاب.).
[معاني القرآن: 4/343]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}
يجوز أن يكون المعنى تنزيل الكتاب من عند الله , وأن يكون المعنى هذا تنزيل الكتاب.).
[معاني القرآن: 6/148]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاعبد اللّه مخلصاً لّه الدّين...}
منصوب بوقوع الإخلاص عليه, وكذلك ما أشبهه في القرآن مثل :
{مخلصين له الدين} : ينصب كما في هذا, ولو رفعت {الدين} بله، وجعلت الإخلاص مكتفياً غير واقعٍ؛ كأنك قلت: اعبد الله مطيعاً فله الدين). [معاني القرآن: 2/414]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله جلّ وعزّ: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ}
الكتاب ههنا : القرآن، ورفع تنزيل الكتاب من جهتين:
إحداهما الابتداء , ويكون الخبر من اللّه، أي: نزل من عند اللّه
ويجوز أن يكون رفعه على: هذا تنزيل الكتاب.).
[معاني القرآن: 4/343] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فاعبد اللّه مخلصا له الدّين (2)}
{الدّين} منصوب بوقوع الفعل عليه، و{مخلصا} : منصوب على الحال، أي: فاعبد اللّه موحدا لا تشرك به شيئا.
وزعم بعض النحويين : أنه يجوز مخلصا له الدّين، وقال: يرفع الدّين على قولك :
{ مخلصا له الدّين} , ويكون مخلصا تمام الكلام.
ويكون له الدين ابتداء, وهذا لا يجوز من جهتين:-
إحداهما : أنه لم يقرأ به.
والأخرى أنه يفسده
{ألا للّه الدّين الخالص}, فيكون " له الدين " مكررا في الكلام، لا يحتاج إليه، وإنما الفائدة في {ألا للّه الدّين الخالص} : تحسن بقوله: {مخلصا له الدّين}.
ومعنى إخلاص الدّين ههنا : عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا جرى تثبيتا للتوحيد، ونفيا للشرك، ألا ترى قوله:
{والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذب كفّار (3) }.) . [معاني القرآن: 4/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين} : أي: بما حق في الكتب من إنزاله عليك , ويجوز أن يكون المعنى : ألزمك إياه بحقه عليك , وعلى خلقه
وقيل المعنى : يأمر بالعدل , والحق
ثم قال تعالى:
{فاعبد الله مخلصا له الدين}: أي : لا تعبد معه غيره , وحكى الفراء له الدين , برفع الدين.
وهو خطأ من ثلاثة جهات :-
إحداها : أن بعده :
{ألا لله الدين الخالص} , فهو يغني عن هذا
وأيضا: فلم يقرأ به .
وأيضا: فإنه يجعل مخلصا التمام , والتمام عند رأس الآية أولى.).
[معاني القرآن: 6/148-149]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء...}
(الذين) في موضع رفع بقول مضمر, والمعنى: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء}: يقولون لأوليائهم , وهي الأصنام: ما نعبدكم إلاّ لتقرّبونا إلى الله, وكذلك هي في (حرف) أبيّ , وهي حرف عبد الله :
{قالوا ما نعبدهم} , والحكاية إذا كانت بالقول مضمراً , أو ظاهراً : جاز أن يجعل الغائب كالمخاطب، وأن تتركه كالغائب، كقوله: {قل للّذين كفروا سيغلبون} , و{ستغلبون} بالياء, والتاء على ما وصفت لك). [معاني القرآن: 2/414]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذب كفّار (3)}
أي : فأخلص أنت الدّين، ولا تتخذ من دونه أولياء، فهذا كله يؤكده مخلصا له الدّين.
وموضع :
{والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم..}: (الّذين) رفع بالابتداء، وخبرهم محذوف، في الكلام دليل عليه المعنى , والذين اتخذوا من دونه أولياء , يقولون: ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى.
والدليل على هذا أيضا : قراءة أبى:
{ما نعبدكم إلا لتقرّبونا إلى اللّه}
هذا تصحيح الحكاية, المعنى يقولون لأوليائهم: ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى اللّه زلفى، وعلى هذا المعنى، يقولون: ما نعبدهم، أي يقولون لمن يقول لهم : لم عبدتموهم؟: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى, أي: قربى.
ثم أعلم عزّ وجلّ - أنه لا يهدي هؤلاء فقال:
{إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذب كفّار} ). [معاني القرآن: 4/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا لله الدين الخالص}
أي: يعبد وحده ؛ لأن من الناس من له دين , ولا يخلصه لله جل وعز
وروى معمر, عن قتادة:
{ ألا لله الدين الخالص }, قال: (لا إله إلا الله, ثم قال جل وعز: {والذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} )
قال قتادة : (أي: منزلة) .
وقال الضحاك : (أي: إلا ليشفعوا لنا) .
قال أبو جعفر : وفي قراءة ابن مسعود , وابن عباس ومجاهد :
{والذين اتخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
وفي حرف أبي :
{ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدكم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }
قال أبو جعفر : والحكاية في هذا بينة.).
[معاني القرآن: 6/149-151 ]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لو أراد اللّه أن يتّخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء}: أي: لأختار ما يشاء من خلقه، لو كان فاعلا: {سبحانه هو اللّه الواحد القهّار} ). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثمّ أعلم جلّ وعزّ: أنه تعالى عن هذه الصفة فقال:{لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدا لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو اللّه الواحد القهّار (4)}
أي : تنزيها له عن ذلك..
{هو اللّه الواحد القهّار} : وفي هذا دليل : أن الذين اتخذوا من دونه أولياء قد دخل فيهم من قال: عيسى ابن اللّه - جلّ اللّه وعزّ - عن ذلك, ومن قال: العزير ابن اللّه). [معاني القرآن: 4/344-345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء}
واتصال هذا بالأول يدل على : أن هؤلاء ممن اتخذ من دون الله أولياء , واصطفى : اختار).
[معاني القرآن: 6/151]

  #4  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:31 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي




التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وكان عيسى يقرأ هذا الحرف: (فدعا ربه إني مغلوب فانتصر) أراد أن يحكي كما قال عز وجل: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم} كأنه قال والله أعلم: قالوا ما نعبدهم ويزعمون أنها في قراءة ابن مسعود كذا ومثل ذلك كثيرٌ في القرآن). [الكتاب: 3/143]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال المفسرون في قول الله عز وجل عن إبراهيم صلوات الله عليه: {واجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} أي ثناء حسناٌ، وفي قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} أي يقال له هذا في الآخرين. والعرب تحذف هذا الفعل من "قال" ويقول "استغناءٌ عنه، قال الله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، أي فيقال لهم. ومثله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} أي يقولون، وكذلك: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ} ). [الكامل: 1/485-486] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) }

  #5  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 04:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

  #6  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 04:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

  #7  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 12:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون}
تنزيل رفع بالابتداء، والخبر قوله: {من الله}، وقالت فرقة: تنزيل خبر ابتداء تقديره: هذا تنزيل، والإشارة إلى القرآن الكريم، وقرأ ابن أبي عبلة: "تنزيل" بنصب اللام.
و"الكتاب" في قوله: {تنزيل الكتاب} هو القرآن الكريم، ويظهر لي أنه اسم عام لجميع ما تنزل من عند الله من الكتب، كأنه أخبر إخبارا مجردا أن الكتب الهادية الشارعة إنما تنزيلها من الله، وجعل هذا الإخبار تقدمة وتوطئة لقوله: {إنا أنزلنا إليك الكتاب}، و"العزيز" في قدرته، و"الحكيم" في ابتداعه.
و"الكتاب" الثاني هو القرآن لا يحتمل غير ذلك. وقوله سبحانه: "بالحق" يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون معناه: متضمنا الحق، أي: بالحق فيه وفي أحكامه وأخباره، والثاني أن يكون بالحق بمعنى بالاستحقاق والوجوب وشمول المنفعة للعالم في هدايتهم ودعوتهم إلى الله.
وقوله تعالى: {فاعبد الله} يحتمل أن تكون الفاء عاطفة جملة من القول على جملة وواصلة، ويحتمل أن يكون كالجواب; لأن قوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} جملة، كأنه ابتداء وخبر، كما لو قال: الكتاب منزل، وفي الجمل التي هي ابتداء وخبر إبهام ما يشبه الجزاء، فجاءت الفاء كالجواب، كما تقول: زيد قائم فأكرمه، ونحو هذا قول الشاعر:
وقائلة خولان فانكح فتاتهم
التقدير: هذه خولان. و"مخلصا" حال. و"الدين" نصب به، ومعنى الآية الأمر بتحقيق النية لله في كل عمل، و"الدين" هنا يعم المعتقدات وأعمال الجوارح). [المحرر الوجيز: 7/ 369-370]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله سبحانه: {ألا لله الدين الخالص} بمعنى: من حقه ومن واجباته، لا يقبل غيره، وهذا كقوله: "لله الحمد"، أي: واجبا ومستحقا. قال قتادة: الدين الخالص: لا إله إلا الله.
وقوله تعالى: {والذين اتخذوا} رفع بالابتداء، وخبره في المحذوف المقدر، تقديره: "يقولون: ما نعبدهم"، وفي مصحف ابن مسعود: [قالوا ما نعبدهم]، وهي قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير. و"أولياء" يريد: معبودين، وهذه مقالة شائعة في العرب، يقول كثير منهم في الجاهلية: "الملائكة بنات الله ونحن نعبدهم ليقربونا"، وطائفة منهم قالت ذلك في أصنامهم وأوثانهم. وقال مجاهد: قد قال ذلك قوم من اليهود في عزير، وقوم من النصارى في عيسى، وفي مصحف أبي بن كعب: [نعبدكم] بالكاف، [لتقربونا] بالتاء. و"زلفى" بمعنى: قربى وتوصلة، كأنه قال: لتقربونا إلى الله تقريبا، وكأن هذه الطوائف كلها كانت ترى نفوسها أقل من أن تتصل هي بالله، فكانت ترى أن تتصل بمخلوقاته، و"زلفى" - عند سيبويه - مصدر في موضع الحال، كأنه ينزل منزلة: متزلفين، والعامل فيه "تقربونا"، هذا مذهب سيبويه وفيه خلاف. وباقي الآية وعيد في الدنيا والآخرة). [المحرر الوجيز: 7/ 370-371]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار * لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار * خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار}
هذه الآية إما أن يكون معناها: إن الله لا يهدي الكاذب الكفار في حالة كذبه وكفره، وإما أن يكون لفظها العموم ومعناها الخصوص فيمن حتم الله عليه بالكفر، وقضى في الأزل أنه لا يؤمن أبدًا، وإلا فقد وجد الكاذب الكفار وقد هدي كثيرًا. وقرأ أنس بن مالك، والجحدري: [كَذَّابٌ كَفَّارٌ] بالمبالغة فيها، ورُويت عن الحسن، والأعرج، ويحيى بن يَعْمَر، وهذه المبالغة إشارة إلى التوغّل في الكُفْر، القاسي فيه، الذي يُظَنُّ بأنه محتوم عليه). [المحرر الوجيز: 7/ 371]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {لو أراد الله أن يتخذ ولدا} معناه: اتخاذ التشريف والتبني، وعلى هذا يستقيم قوله سبحانه: {لاصطفى مما يخلق}، وأما الاتخاذ المعهود بالتوالد فمستحيل أن يتوهم في جهة الله سبحانه وتعالى، ولا يستقيم عليه معنى قوله: "لاصطفى". وقوله تعالى: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا} لفظ يعم اتخاذ النسل واتخاذ الأصفياء، فأما الأول فمعقول، وأما الثاني فمعروف بخبر الشرع، ومما يدل على أن المعنى هنا الاصطفاء والتبني قوله تعالى: {مما يخلق}، أي: من موجوداته ومحدثاته. ثم نزه تعالى نفسه تنزيها مطلقا عن جميع ما لا يكون مدحة. واتصافه تعالى بالقهار على الإطلاق; لأن أحدا من البشر إن اتصف بالقهر فمقيد في أشياء قليلة، وهو في حيز قهره لغيره مقهور لله تعالى على أشياء كثيرة). [المحرر الوجيز: 7/ 371-372]


  #8  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ فاعبد اللّه مخلصًا له الدّين (2) ألا للّه الدّين الخالص والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذبٌ كفّارٌ (3) لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدًا لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو اللّه الواحد القهّار (4) }
يخبر تعالى أنّ تنزيل هذا الكتاب -وهو القرآن العظيم- من عنده، تبارك وتعالى، فهو الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ، كما قال تعالى: {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين. نزل به الرّوح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ} [الشّعراء:192-195].
وقال: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} [فصّلت:42، 41]. وقال هاهنا: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز} أي: المنيع الجناب، {الحكيم} أي: في أقواله وأفعاله، وشرعه، وقدره). [تفسير ابن كثير: 7/ 84]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ فاعبد اللّه مخلصًا له الدّين} أي: فاعبد اللّه وحده لا شريك له، وادع الخلق إلى ذلك، وأعلمهم أنّه لا تصلح العبادة إلّا له [وحده]، وأنّه ليس له شريكٌ ولا عديلٌ ولا نديدٌ؛ ولهذا قال: {ألا للّه الدّين الخالص} أي: لا يقبل من العمل إلّا ما أخلص فيه العامل للّه، وحده لا شريك له.
وقال قتادة في قوله: {ألا للّه الدّين الخالص} شهادة أن لا إله إلّا اللّه. ثمّ أخبر تعالى عن عبّاد الأصنام من المشركين أنّهم يقولون: {ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} أي: إنّما يحملهم على عبادتهم لهم أنّهم عمدوا إلى أصنامٍ اتّخذوها على صور الملائكة المقرّبين في زعمهم، فعبدوا تلك الصّور تنزيلًا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة؛ ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم، وما ينوبهم من أمر الدّنيا، فأمّا المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به.
قال قتادة، والسّدّيّ، ومالكٌ عن زيد بن أسلم، وابن زيدٍ: {إلا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} أي: ليشفعوا لنا، ويقرّبونا عنده منزلةً.
ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجّوا في جاهليّتهم: "لبّيك لا شريك لك، إلّا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك". وهذه الشّبهة هي الّتي اعتمدها المشركون في قديم الدّهر وحديثه، وجاءتهم الرّسل صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، بردّها والنّهي عنها، والدّعوة إلى إفراد العبادة للّه وحده لا شريك له، وأنّ هذا شيءٌ اخترعه المشركون من عند أنفسهم، لم يأذن اللّه فيه ولا رضي به، بل أبغضه ونهى عنه: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت} [النّحل:36] {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء:25].
وأخبر أنّ الملائكة التي في السموات من المقرّبين وغيرهم، كلّهم عبيدٌ خاضعون للّه، لا يشفعون عنده إلّا بإذنه لمن ارتضى، وليسوا عنده كالأمراء عند ملوكهم، يشفّعون عندهم بغير إذنهم فيما أحبّه الملوك وأبوه، {فلا تضربوا للّه الأمثال} [النّحل:74]، تعالى اللّه عن ذلك.
وقوله: {إنّ اللّه يحكم بينهم} أي: يوم القيامة، {في ما هم فيه يختلفون} أي: سيفصل بين الخلائق يوم معادهم، ويجزي كلّ عاملٍ بعمله، {ويوم يحشرهم جميعًا ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنّ أكثرهم بهم مؤمنون} [سبأٍ:41، 40].
وقوله: {إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذبٌ كفّارٌ} أي: لا يرشد إلى الهداية من قصده الكذب والافتراء على اللّه، وقلبه كفّارٌ يجحد بآياته [وحججه] وبراهينه). [تفسير ابن كثير: 7/ 84-85]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ بيّن تعالى أنّه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة، والمعاندون من اليهود والنّصارى في العزير، وعيسى فقال: {لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدًا لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء} أي: لكان الأمر على خلاف ما يزعمون. وهذا شرطٌ لا يلزم وقوعه ولا جوازه، بل هو محالٌ، وإنّما قصد تجهيلهم فيما ادّعوه وزعموه، كما قال: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا لاتّخذناه من لدنّا إن كنّا فاعلين} [الأنبياء:17] {قل إن كان للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل العابدين} [الزّخرف:81]، كلّ هذا من باب الشّرط، ويجوز تعليق الشّرط على المستحيل لقصد المتكلّم.
وقوله: {سبحانه هو اللّه الواحد القهّار} أي: تعالى وتنزّه وتقدّس عن أن يكون له ولدٌ، فإنّه الواحد الأحد، الفرد الصّمد، الّذي كلّ شيءٍ عبدٌ لديه، فقيرٌ إليه، وهو الغنيّ عمّا سواه الّذي قد قهر الأشياء فدانت له وذلّت وخضعت). [تفسير ابن كثير: 7/ 85]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة