التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا ذكر وإنّ للمتّقين لحسن مآب (49)}
معناه - واللّه - أعلم - : هذا شرف, وذكر جميل يذكرون به أبدا، وإن لهم مع ذلك لحسن مآب , أي: لحسن مرجع.
يذكرون في الدنيا بالجميل , ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة اللّه). [معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب} : هذا ذكر , أي: شرف , وذكر حسن في الدنيا.
ثم قال:{ وإن للمتقين لحسن مآب}: أي: لهم مع الذكر الحسن في الدنيا , حسن مرجع في الآخرة.). [معاني القرآن: 6/126]
تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جنّات عدنٍ مّفتّحةً لّهم الأبواب}
ترفع {الأبواب} : لأن المعنى: مفتّحةً لهم أبوابها.
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة , فيقولون: مررت على رجلٍ حسنةٍ العين , قبيحٍ الأنف , والمعنى: حسنةٍ عينه , قبيحٍ أنه, ومنه قوله: {فإنّ الجحيم هي المأوى}.
فالمعنى - والله أعلم -: مأواه, ومثله قول الشاعر:
ما ولدتكم حيّة بنة مالك = سفاحاً وما كانت أحاديث كاذب
ولكن نرى أقدامنا في نعالكم = وآنفنا بين اللحى والحواجب
ومعناه: ونرى آنفنا بين لحاكم , وحواجبكم في الشبه, ولو قال: {مّفتّحةً لّهم الأبواب}: على أن تجعل المفتّحة في اللفظ للجنات , وفي المعنى للأبواب، فيكون مثل قول الشاعر:
وما قومي بثعلبة بن سعدٍ = ولا بفزارة الشعر الرقابا
والشعرى : رقابا, ويروى: الشّعر الرقابا.
وقال عديّ:
من وليّ أو أخي ثقةٍ = والبعيد الشاحط الدّارا
وكذلك تجعل : معنى الأبواب في نصبها، كأنك أردت: مفتّحة الأبواب , ثم نوّنت , فنصبت, وقد ينشد بيت النابغة:
ونأخذ بعده بذناب دهرٍ = أجبّ الظهر ليس له سنام
وأجبّ الظهر). [معاني القرآن: 2/408-409]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بين كيف حسن ذلك المرجع , فقال:{جنّات عدن مفتّحة لهم الأبواب (50)}
(جنّات) بدل من (لحسن مآب)
ومعنى مفتحة لهم الأبواب: أي: منها.
وقال بعضهم: مفتحة لهم أبوابها , والمعنى واحد، إلا أن على تقدير العربية { الأبواب منها }: أجود من أن تجعل الألف واللام , وبدلا من الهاء والألف؛ لأن معنى الألف واللام , ليس معنى الهاء والألف في شيء.
لأن الهاء , والألف اسم، والألف واللام دخلتا للتعريف، ولا يبدل حرف جاء لمعنى من اسم , ولا ينوب عنه, هذا محال.).[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم بين ذلك, فقال: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب}: أي: أبوابها.). [معاني القرآن: 6/126]
تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) }
تفسير قوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52)}
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {وعندهم قاصرات الطّرف أترابٌ}
مرفوعة لأنّ {قاصرات} نكرة , وإن كانت مضافة إلى معرفة؛ ألا ترى أن الألف واللام يحسنان فيها , كقول الشاعر:
من القاصرات الطرف لو دبّ محول= من الذرّ فوق الإتب منها لأثّرا
(الإتب: المئزر) : فإذا حسنت الألف واللام في مثل هذا , ثم ألقيتها , فالاسم نكرة, وربما شبّهت العرب لفظه بالمعرفة لما أضيف إلى الألف واللام، فينصبون نعته إذا كان نكرة.
فيقولون: هذا حسن الوجه قائماً وذاهباً, ولو وضعت مكان الذاهب والقائم نكرة فيها مدح أو ذمّ , آثرت الإتباع.
فقلت: هذا حسن الوجه موسر، لأن اليسارة مدح.
ومثله قول الشاعر:
ومن يشوه يوم فإن وراءه = تباعة صيّاد الرّجال غشوم
قال الفراء: (ومن يشوه): أي: يأخذ شواه وأطايبه, فخفض الغشوم لأنه مدح، ولو نصب لأنّ لفظه نكرة , ولفظ الذي هو نعت له معرفة كان صوابا؛ كما قالوا: هذا مثلك قائماً، ومثلك جميلاً.). [معاني القرآن للفراء: 2/409-410]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أترابٌ }: أسنان , واحدها : ترب.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أتراب}: أسنان واحدها ترب). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أترابٌ}: أسنان واحدة). [تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وعندهم قاصرات الطّرف أتراب (52)}
يعني : حورا قد قصرن طرفهن على أزواجهن , فلا ينظرن إلى غيرهم.
{أتراب}: أقران، {وكواعب أتراب} : أي: أسنانهن واحدة، وهن في غاية الشباب والحسن.). [معاني القرآن: 4/337-338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وعندهم قاصرات الطرف أتراب}
روى سعيد , عن قتادة قال : (قصرن طرفهن على أزواجهن , فلا يردن غيرهم) .
قال أبو جعفر , وأنشد أهل اللغة:
من القاصرات الطرف لو دب محول = من الذر فوق الأتب منها لأثرا
الإتب : الجلد
ثم قال تعالى: {أتراب}
قال قتادة : (على سن واحدة) .
قال مجاهد : (أي: أمثال).
وحكى السدي : (متواخيات, لا يتعادين , ولا يتغايرن).).[معاني القرآن: 6/126-127]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {قاصرات الطرف}: أي: غاضات الطرف، إلا عن أزواجهن). [ياقوتة الصراط: 441-442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَتْرَابٌ}: على سن واحد). [العمدة في غريب القرآن: 260]
تفسير قوله تعالى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا ما توعدون ليوم الحساب (53)}
أي: ليوم تجزى كل نفس بما عملت.).[معاني القرآن: 4/338]
تفسير قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن نعيم أهل الجنة غير منقطع , فقال:{إنّ هذا لرزقنا ما له من نفاد (54)}
أي: ماله من انقطاع.). [معاني القرآن: 4/338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن هذا لرزقنا ماله من نفاد}, أي: انقطاع.
قال السدي: (كلما أخذ منه شيء , عاد مثله)).[معاني القرآن: 6/127-128]