العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الصافات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 06:26 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة الصافات [ من الآية (50) إلى الآية (61) ]

تفسير سورة الصافات
[ من الآية (50) إلى الآية (61) ]


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 12:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، عن عطاء الخراساني، قال: كان رجلان وكانا شريكين، وكان بينهما ثمانية آلاف دينار، فاقتسماها، فعمد أحدهما فاشترى بألف دينار أرضًا، فقال صاحبه: اللهم إن كان فلان اشترى بألف دينار أرضًا فإني أشتري منك أرضًا في الجنة بألف دينار، ثم إن صاحبه بنى دارًا بألف دينار فقال هذا: اللهم إن فلانًا بنى دارًا بألف دينار وإني أشتري منك ذلك في الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم تزوج امرأة، فأنفق عليها ألف دينار، فقال: اللهم إن كان فلانًا تزوج امرأة بألف دينار وأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم اشترى خدمًا ومتاعًا بألف دينار، فقال: اللهم إن فلانا اشترى خدمًا ومتاعًا بألف دينار، وإني اشتري منك بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم أصابته حاجة شديدة، فقال: لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني منه معروف، فجلس له على طريقه حتى مر به فأحشمه، فقام إليه فنظر إليه الآخر فعرفه، فقال: يا فلان قال: نعم، قال: ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجة بعدك فأتيتك لتصيبني بخير، قال: ما فعل مالك قد اقتسمنا مالًا واحدًا، وأخذت شطره وأنا شطره؟ فقص عليه قصته، فقال: وإنك لمن المصدقين بهذا، اذهب، فو الله لا أعطيك شيئًا فطرده، فقضى لهما أن توفيا فنزلت فيهما: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون * قال قائلٌ منهم إني كان لي قرين * يقول أءنك لمن المصدقين * أءذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أءنا لمدينون} [سورة الصافات: 50- 53] إنا لمحاسبون، {قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال قتادة: في وسطها، قال: رأى جماجم القوم تغلي). [الزهد لابن المبارك: 2/ 605-606]
- قال عبد الله بن المبارك: (وبلغني عن قتادة أنه سأل ربه أن يطلعه). [الزهد لابن المبارك: 2/606]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون} يقول تعالى ذكره: فأقبل بعض أهل الجنّة على بعضٍ يتساءلون، يقول: يسأل بعضهم بعضًا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون} أهل الجنّة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون} قال: أهل الجنّة). [جامع البيان: 19/542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 50 - 61.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال: أهل الجنة). [الدر المنثور: 12/406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: كان رجلان شريكين وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فأشترى بألف دينار أرضا فقال صاحبه: اللهم إن فلانا اشترى بألف دينار أرضا وإني أشتري منك بألف دينار أرضا في الجنة، فتصدق بألف دينار ثم ابتنى صاحبه دارا بألف دينار فقال هذا: اللهم إن فلانا ابتنى دارا بألف دينار وإني أشتري منك دارا في الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار فقال: اللهم إن فلانا تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار ثم أشترى خدما ومتاعا بألف دينار وإني أشتري منك خدما ومتاعا في الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم أصابته حاجة شديدة فقال: لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف فجلس على طريقه فمر به في حشمه وأهله فقام إليه الآخر فنظر فعرفه فقال فلان، فقال: نعم، فقال: ما شأنك فقال: أصابتني بعدك حاجة فأتيتك لتصيبني بخير قال: فما فعل فقد اقتسمناه مالا واحدا فأخذت شطره وأنا شطره، فقال: اشتريت دارا بألف دينار ففعلت أنا كذلك وفعلت أنا كذلك، فقص عليه القصة فقال: إنك لمن المصدقين بهذا أذهب فو الله لا أعطيك شيئا فرده فقضي لهما أن توفيا فنزلت فيهما {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} حتى بلغ {أئنا لمدينون} قال: لمحاسبون). [الدر المنثور: 12/407-408]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن عطاء الخراساني قال كان رجلان شريكان وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فاشترى بألف دينار أرضا). [تفسير عبد الرزاق: 2/149]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {قرينٌ} [الصافات: 51] : «شيطانٌ»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله غولٌ وجع بطنٍ ينزفون لا تذهب عقولهم قرين شيطانٍ سقط هذا لأبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ عن مجاهدٍ كذلك). [فتح الباري: 8/543]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} من كل مكان {ويقذفون من كل جانب} يرمون {واصب} دائم {لازب} لازم {تأتوننا عن اليمين} يعني الجنّ الكفّار تقول للشّيطان {غول} وجع بطن {ينزفون} لا تذهب عقولهم {قرين} شيطان {يهرعون} كهيئة الهرولة {يزفون} النسلان في المشي {وبين الجنّة نسبا} قال كفار قريش الملائكة بنات الله وأمهاتهم بنات سروات الجنّ قال الله 158 الصافات ولقد {علمت الجنّة إنّهم لمحضرون} ستحضر للحساب وقال ابن عبّاس {لنحن الصافون} الملائكة {صراط الجحيم} سواء الجحيم وسط الجحيم {لشوبا} يخلط طعامهم ويساط بالحميم {مدحورًا} مطرودا {بيض مكنون} اللّؤلؤ المكنون {وتركنا عليه في الآخرين} يذكر بخير {يستسخرون} يسخرون {بعلا} ربًّا {الأسباب} السّماء
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 53 سبأ {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} قولهم هو ساحر هو كاهن بل هو ساحر
وبه في قوله 11 الصافات {إنّا خلقناهم من طين لازب} قال لازم
وبه في قوله 28 الصافات {إنّكم كنتم تأتوننا عن اليمين} قال الكفّار يقولونه للشياطين
وبه في قوله 51 الصافات {إنّي كان لي قرين} قال شيطان). [تغليق التعليق: 4/292-293] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قرينٌ: شيطانٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {قال قائل منهم إنّي كان لي قرين} (الصافات: 51) وفسره بقوله: (شيطان) يعني: كان لي قرين في الدّنيا، فهذا وما قبله لم يثبت لأبي ذر). [عمدة القاري: 19/135]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({قرين}) [الصافات: 51] أي (شيطان) أي في الدنيا ينكر البعث ويوبخني على التصديق بالبعث والقيامة وسقط لأبي ذر من قوله (غول) إلى هنا). [إرشاد الساري: 7/314]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصدّقين (52) أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون}.
يقول تعالى ذكره: قال قائلٌ من أهل الجنّة إذا أقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون: {إنّي كان لي قرينٌ} فاختلف أهل التّأويل في القرين الّذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانًا، وهو الّذي كان يقول له: {أئنّك لمن المصّدّقين} بالبعث بعد الممات؟
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: شيطانٌ.
وقال آخرون: ذلك القرين شريكٌ كان له من بني آدم أو صاحبٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصّدّقين} قال: هو الرّجل المشرك يكون له الصاحب في الدّنيا من أهل الإيمان، فيقول له المشرك: إنّك لتصدّق بأنّك مبعوثٌ من بعد الموت أئذا كنّا ترابًا؟ فلمّا أن صاروا إلى الآخرة وأدخل المؤمن الحنة، وأدخل المشرك النّار، فاطّلع المؤمن، فرأى صاحبه في سواء الجحيم {قال تاللّه إن كدت لتردين}.
- حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، قال: حدّثنا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيفٍ، عن فرات بن ثعلبة البهرانيّ، في قوله: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: إنّ رجلين كانا شريكينٍ، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينارٍ، وكان أحدهما له حرفةٌ، والآخر ليس له حرفةٌ، فقال الّذي له حرفةٌ للآخر: ليس عندك حرفةٌ، ما أراني إلاّ مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه؛ ثمّ إنّ الرّجل اشترى دارًا بألف دينارٍ كانت لملكٍ قد مات فدعا صاحبه فأراه، فقال: كيف ترى هذه الدّار ابتعتها بألف دينارٍ؟ قال: ما أحسنها؛ فلمّا خرج قال: اللّهمّ إنّ صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدّار بألف دينارٍ، وإنّي أسألك دارًا من دور الجنّة، فتصدّق بألف دينارٍ؛ ثمّ مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ إنّه تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، فدعاه وصنع له طعامًا؛ فلمّا أتاه قال: إنّي تزوّجت هذه المرأة بألف دينارٍ؛ قال: ما أحسن هذا؛ فلمّا انصرف قال: يا ربّ إنّ صاحبي تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، وإنّي أسألك امرأةً من الحور العين، فتصدّق بألف دينارٍ؛ ثمّ إنّه مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ اشترى بستانين بألفي دينارٍ، ثمّ دعاه فأراه، فقال: إنّي ابتعت هذين البستانين، فقال: ما أحسن هذا؛ فلمّا خرج قال: يا ربّ إنّ صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينارٍ، وأنا أسألك بستانين من الجنّة، فتصدّق بألفي دينارٍ؛ ثمّ إنّ الملك أتاهما فتوفّاهما؛ ثمّ انطلق بهذا المتصدّق فأدخله دارًا تعجبه، فإذا امرأةٌ تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثمّ أدخله بستانين وشيئًا اللّه به عليمٌ، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجلٍ كان من أمره كذا وكذا قال: فإنّه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة قال: فإنّه كان لي صاحبٌ يقول: {أئنّك لمن المصدّقين} قيل له: فإنّه في الجحيم، قال: فهل أنتم مطّلعون؟ فاطّلع فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: {تاللّه إن كدت لتردين ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} الآيات.
وهذا التّأويل الّذي تأوّله فرات بن ثعلبة يقوّي قراءة من قرأ إنّك لمن المصّدّقين بتشديد الصاد بمعنى: لمن المتصدّقين، لأنّه يذكر أنّ اللّه تعالى ذكره إنّما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التّصديق. وقراءة قرّاء الأمصار على خلاف ذلك، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدّالّ، بمعنى: إنكار قرينه عليه التّصديق أنّه يبعث بعد الموت، كأنّه قال: أتصدّق بأنّك تبعث بعد مماتك، وتجزى بعملك، وتحاسب؟ يدلّ على ذلك قول اللّه: {أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} وهي القراءة الصحيحة عندنا الّتي لا يجوز خلافها لإجماع الحجّة من القرّاء عليها). [جامع البيان: 19/542-545]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إني كان لي قرين يعني الشيطان). [تفسير مجاهد: 542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال: شيطان). [الدر المنثور: 12/406-407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال: ذكر لي أن رجلين كان شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار فكان أحدهما ليس له حرفة والآخر له حرفة فقال: إنه ليس لك حرفة فما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثم فارقه، ثم إن أحد الرجلين أشترى دارا كانت لملك بألف دينار فدعا صاحبه ثم قال: كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار فقال: ما أحسنها فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار وإني أسألك دارا من الجنة، فتصدق بألف دينار، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال: إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال: ما أحسن هذا فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين، فتصدق بألف دينار ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه وقال: إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال: ما أحسن هذا فلما خرج قال: يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار وإني أسألك بستانين في الجنة، فتصدق بألفي دينار، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما فانطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله البستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا، وكذا،، قال: فإنه ذلك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة فقال {إني كان لي قرين (51) يقول أئنك لمن المصدقين} قيل له: فإنه في الجحيم قال {هل أنتم مطلعون (54) فاطلع فرآه في سواء الجحيم} فقال عند ذلك {تالله إن كدت لتردين} ). [الدر المنثور: 12/408-410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال: كانا شريكين في بني إسرائيل، أحدهما مؤمن، والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أضربت به شيئا اتجرت به في شيء قال له المؤمن: لا، فما صنعت أنت قال: اشتريت به نخلا وأرضا وثمارا وأنهارا بألف دينار فقال له المؤمن: أو فعلت قال: نعم، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل فصلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال: اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت ويتركها غدا، اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة، ثم أصبح فقسمها للمساكين، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت أضربت به في شيء أتجرت به قال: لا، قال: فما صنعت أنت قال: كانت ضيعتي قد اشتد على مؤنتها فأشتريت رقيقا بألف دينار يقومون لي ويعملون لي فيها، فقال المؤمن: أو فعلت قال: نعم، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعا بين يديه ثم قال: اللهم إن فلانا اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدا فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار رقيقا في الجنة، ثم أصبح فقسمها بين المساكين، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك أضربت به في شيء أتجرت به في شيء قال: لا، فما صنعت أنت قال: كان أمري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن: أو فعلت قال: له نعم، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية فوضعها بين يديه وقال: اللهم إن فلانا تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة، ثم أصبح فقسمها بين المساكين فبقي المؤمن ليس عنده شيء.
فلبس قميصا من قطن وكساء من صوف ثم جعل يعمل ويحفر بقوته فقال رجل: يا عبد الله أتؤجر نفسك مشاهرة، شهرا بشهر تقوم على دواب لي قال: نعم، فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له: سرقت شعير هذه البارحة، فلما رأى المؤمن الشدة قال: لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه يطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا، فأنطلق يريده فانتهى إلى بابه وهم ممس فإذا قصر في السماء وإذا حوله البوابون فقال لهم: استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنكم إن فعلتم ذلك سره فقالوا له: إنطلق فإن كنت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه فوقه ثم نام فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له فخرج شريكه وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف فسلم عليه وصافحه ثم قال له: ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك قال: لا تسألني عنه قال: فما جاء بك قال: جئت أعمل في أرضك هذه تطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال: لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال: أقرضته من الملأ الوفي قال: من قال: الله ربي وهو مصافحه فأنتزع يده ثم قال {أئنك لمن المصدقين (52) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون} وتركه فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع وتركه يعيش المؤمن في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان، فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وأنهار وثمار فيقول: لمن هذا فيقال: هذا لك فيقول: أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول: لمن هذا فيقال: هؤلاء لك فيقول: أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عين فيقول: لمن هذه فيقال: هذه لك فيقول: أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يذكر شريكه الكافر فيقول {إني كان لي قرين (51) يقول أئنك لمن المصدقين} فالجنة عالية والنار هاوية فيريه الله شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول {قال تالله إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين (57) أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين (59) إن هذا لهو الفوز العظيم (60) لمثل هذا فليعمل العاملون} بمثل ما قدمت عليه قال: فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر أشد عليه من الموت). [الدر المنثور: 12/410-413]

تفسير قوله تعالى: (يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصدّقين (52) أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون}.
يقول تعالى ذكره: قال قائلٌ من أهل الجنّة إذا أقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون: {إنّي كان لي قرينٌ} فاختلف أهل التّأويل في القرين الّذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانًا، وهو الّذي كان يقول له: {أئنّك لمن المصّدّقين} بالبعث بعد الممات؟
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: شيطانٌ.
وقال آخرون: ذلك القرين شريكٌ كان له من بني آدم أو صاحبٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصّدّقين} قال: هو الرّجل المشرك يكون له الصاحب في الدّنيا من أهل الإيمان، فيقول له المشرك: إنّك لتصدّق بأنّك مبعوثٌ من بعد الموت أئذا كنّا ترابًا؟ فلمّا أن صاروا إلى الآخرة وأدخل المؤمن الحنة، وأدخل المشرك النّار، فاطّلع المؤمن، فرأى صاحبه في سواء الجحيم {قال تاللّه إن كدت لتردين}.
- حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، قال: حدّثنا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيفٍ، عن فرات بن ثعلبة البهرانيّ، في قوله: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: إنّ رجلين كانا شريكينٍ، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينارٍ، وكان أحدهما له حرفةٌ، والآخر ليس له حرفةٌ، فقال الّذي له حرفةٌ للآخر: ليس عندك حرفةٌ، ما أراني إلاّ مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه؛ ثمّ إنّ الرّجل اشترى دارًا بألف دينارٍ كانت لملكٍ قد مات فدعا صاحبه فأراه، فقال: كيف ترى هذه الدّار ابتعتها بألف دينارٍ؟ قال: ما أحسنها؛ فلمّا خرج قال: اللّهمّ إنّ صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدّار بألف دينارٍ، وإنّي أسألك دارًا من دور الجنّة، فتصدّق بألف دينارٍ؛ ثمّ مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ إنّه تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، فدعاه وصنع له طعامًا؛ فلمّا أتاه قال: إنّي تزوّجت هذه المرأة بألف دينارٍ؛ قال: ما أحسن هذا؛ فلمّا انصرف قال: يا ربّ إنّ صاحبي تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، وإنّي أسألك امرأةً من الحور العين، فتصدّق بألف دينارٍ؛ ثمّ إنّه مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ اشترى بستانين بألفي دينارٍ، ثمّ دعاه فأراه، فقال: إنّي ابتعت هذين البستانين، فقال: ما أحسن هذا؛ فلمّا خرج قال: يا ربّ إنّ صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينارٍ، وأنا أسألك بستانين من الجنّة، فتصدّق بألفي دينارٍ؛ ثمّ إنّ الملك أتاهما فتوفّاهما؛ ثمّ انطلق بهذا المتصدّق فأدخله دارًا تعجبه، فإذا امرأةٌ تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثمّ أدخله بستانين وشيئًا اللّه به عليمٌ، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجلٍ كان من أمره كذا وكذا قال: فإنّه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة قال: فإنّه كان لي صاحبٌ يقول: {أئنّك لمن المصدّقين} قيل له: فإنّه في الجحيم، قال: فهل أنتم مطّلعون؟ فاطّلع فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: {تاللّه إن كدت لتردين ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} الآيات.
وهذا التّأويل الّذي تأوّله فرات بن ثعلبة يقوّي قراءة من قرأ إنّك لمن المصّدّقين بتشديد الصاد بمعنى: لمن المتصدّقين، لأنّه يذكر أنّ اللّه تعالى ذكره إنّما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التّصديق. وقراءة قرّاء الأمصار على خلاف ذلك، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدّالّ، بمعنى: إنكار قرينه عليه التّصديق أنّه يبعث بعد الموت، كأنّه قال: أتصدّق بأنّك تبعث بعد مماتك، وتجزى بعملك، وتحاسب؟ يدلّ على ذلك قول اللّه: {أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} وهي القراءة الصحيحة عندنا الّتي لا يجوز خلافها لإجماع الحجّة من القرّاء عليها). [جامع البيان: 19/542-545] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصدّقين (52) أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون}.
يقول تعالى ذكره: قال قائلٌ من أهل الجنّة إذا أقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون: {إنّي كان لي قرينٌ} فاختلف أهل التّأويل في القرين الّذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانًا، وهو الّذي كان يقول له: {أئنّك لمن المصّدّقين} بالبعث بعد الممات؟
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: شيطانٌ.
وقال آخرون: ذلك القرين شريكٌ كان له من بني آدم أو صاحبٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصّدّقين} قال: هو الرّجل المشرك يكون له الصاحب في الدّنيا من أهل الإيمان، فيقول له المشرك: إنّك لتصدّق بأنّك مبعوثٌ من بعد الموت أئذا كنّا ترابًا؟ فلمّا أن صاروا إلى الآخرة وأدخل المؤمن الحنة، وأدخل المشرك النّار، فاطّلع المؤمن، فرأى صاحبه في سواء الجحيم {قال تاللّه إن كدت لتردين}.
- حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، قال: حدّثنا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيفٍ، عن فرات بن ثعلبة البهرانيّ، في قوله: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: إنّ رجلين كانا شريكينٍ، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينارٍ، وكان أحدهما له حرفةٌ، والآخر ليس له حرفةٌ، فقال الّذي له حرفةٌ للآخر: ليس عندك حرفةٌ، ما أراني إلاّ مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه؛ ثمّ إنّ الرّجل اشترى دارًا بألف دينارٍ كانت لملكٍ قد مات فدعا صاحبه فأراه، فقال: كيف ترى هذه الدّار ابتعتها بألف دينارٍ؟ قال: ما أحسنها؛ فلمّا خرج قال: اللّهمّ إنّ صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدّار بألف دينارٍ، وإنّي أسألك دارًا من دور الجنّة، فتصدّق بألف دينارٍ؛ ثمّ مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ إنّه تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، فدعاه وصنع له طعامًا؛ فلمّا أتاه قال: إنّي تزوّجت هذه المرأة بألف دينارٍ؛ قال: ما أحسن هذا؛ فلمّا انصرف قال: يا ربّ إنّ صاحبي تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، وإنّي أسألك امرأةً من الحور العين، فتصدّق بألف دينارٍ؛ ثمّ إنّه مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ اشترى بستانين بألفي دينارٍ، ثمّ دعاه فأراه، فقال: إنّي ابتعت هذين البستانين، فقال: ما أحسن هذا؛ فلمّا خرج قال: يا ربّ إنّ صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينارٍ، وأنا أسألك بستانين من الجنّة، فتصدّق بألفي دينارٍ؛ ثمّ إنّ الملك أتاهما فتوفّاهما؛ ثمّ انطلق بهذا المتصدّق فأدخله دارًا تعجبه، فإذا امرأةٌ تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثمّ أدخله بستانين وشيئًا اللّه به عليمٌ، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجلٍ كان من أمره كذا وكذا قال: فإنّه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة قال: فإنّه كان لي صاحبٌ يقول: {أئنّك لمن المصدّقين} قيل له: فإنّه في الجحيم، قال: فهل أنتم مطّلعون؟ فاطّلع فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: {تاللّه إن كدت لتردين ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} الآيات.
وهذا التّأويل الّذي تأوّله فرات بن ثعلبة يقوّي قراءة من قرأ إنّك لمن المصّدّقين بتشديد الصاد بمعنى: لمن المتصدّقين، لأنّه يذكر أنّ اللّه تعالى ذكره إنّما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التّصديق. وقراءة قرّاء الأمصار على خلاف ذلك، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدّالّ، بمعنى: إنكار قرينه عليه التّصديق أنّه يبعث بعد الموت، كأنّه قال: أتصدّق بأنّك تبعث بعد مماتك، وتجزى بعملك، وتحاسب؟ يدلّ على ذلك قول اللّه: {أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} وهي القراءة الصحيحة عندنا الّتي لا يجوز خلافها لإجماع الحجّة من القرّاء عليها). [جامع البيان: 19/542-545] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أئنّا لمدينون} يقول: أئنّا لمحاسبون ومجزيّون بعد مصيرنا عظامًا ولحومنا ترابًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أئنّا لمدينون} يقول: أئنّا لمجازون بالعمل، كما تدين تدان.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أئنّا لمدينون} أئنّا لمحاسبون؟!.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {أئنّا لمدينون} محاسبون). [جامع البيان: 19/545-546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أئنا لمدينون} قال: لمحاسبون.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه، مثله). [الدر المنثور: 12/414]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال هل أنتم مطّلعون (54) فاطّلع فرآه في سواء الجحيم (55) قال تاللّه إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين}.
يقول تعالى ذكره: قال هذا المؤمن الّذي أدخل الجنّة لأصحابه: {هل أنتم مطّلعون} في النّار، لعلّي أرى قريني الّذي كان يقول لي: إنّك لمن المصدّقين بأنّا مبعوثون بعد الممات). [جامع البيان: 19/546]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: فاطّلع في النّار فرآه في وسط الجحيم وفي الكلام متروكٌ استغنى بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو فقالوا: نعم.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في سواء الجحيم} يعني: في وسط الجحيم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {في سواء الجحيم} يعني: في وسط الجحيم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، عن الحسن، في قوله: {في سواء الجحيم} يقول: في وسط الجحيم.
- حدّثنا ابن سنانٍ، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، قال: سمعت الحسن، فذكر مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: حدّثنا قتادة، في قوله: {سواء الجحيم} قال: وسطها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {هل أنتم مطّلعون} قال: سأل ربّه أن يطلعه، قال {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} أي في وسط الجحيم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن خليدٍ العصريّ، قال: لولا أنّ اللّه عرّفه إيّاه ما عرفه، لقد تغيّر حبره وسبره بعده، وذكر لنا أنّه اطّلع فرأى جماجم القوم تغلي، فقال: {تاللّه إن كدت لتردين ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن أبي الوزير، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرّف بن عبد اللّه، في قوله: {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} قال: واللّه لولا أنّه عرّفه ما عرفه، لقد غيّرت النّار حبره وسبره.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {هل أنتم مطّلعون} قال: كان ابن عبّاسٍ يقرؤها: (هل أنتم مطّلعون فاطّلع فرآه في سواء الجحيم) قال: في وسط الجحيم.
وهذه القراءة الّتي ذكرها السّدّيّ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ في {مطّلعون} إن كانت محفوظةً عنه، فإنّها من شواذّ الحروف، وذلك أنّ العرب لا تؤثر في المكنيّ من الأسماء إذا اتّصل بفاعلٍ على الإضافة في جمعٍ أو توحيدٍ، لا يكادون أن يقولوا: أنت مكلّمني ولا أنتما مكلّماني ولا أنتم مكلّموني ولا مكلّمونني، وإنّما يقولون أنت مكلّمي، وأنتما مكلّماي، وأنتم مكلّميّ؛ وإن قال قائلٌ منهم ذلك قاله على وجه الغلط توهّمًا به: أنت تكلّمني، وأنتما تكلّمانني، وأنتم تكلّمونني، كما قال الشّاعر:
وما أدري وظنّي كلّ ظنٍّ = أمسلمني إلى قومي شراحي
فقال: مسلمني، وليس ذلك وجه الكلام، بل وجه الكلام أمسلمي؛ فأمّا إذا كان الاسم ظاهرًا ولم يكن متّصلاً بالفاعل، فإنّهم ربّما أضافوا، وربّما لم يضيفوا، فيقال: هذا مكلّمٌ أخاك، ومكلّم أخيك، وهذان مكلّما أخيك، ومكلّمان أخاك، وهؤلاء مكلّمو أخيك، ومكلّمون أخاك؛ وإنّما تختار الإضافة في المكنيّ المتّصل بفاعلٍ لمصير الحرفين باتّصال أحدهما بصاحبه، كالحرف الواحد). [جامع البيان: 19/546-549] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هل أنتم مطلعون} يقول: مطلعون إليه حتى أنظر إليه في النار). [الدر المنثور: 12/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال: سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال: فلان، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه، لقد تغير خبره وسبره، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول: لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال: في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال: هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/415]

تفسير قوله تعالى: (فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا محمد بن يسار، عن قتادة: في قوله: {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون} [سورة المطففين: 34]، قال: ذكر لنا أن كعبًا، كان يقول: إن بين الجنة والنار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض تلك الكوى، قال الله عز وجل في آية أخرى: {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} [سورة الصافات: 55] قال: ذكر لنا: أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي). [الزهد لابن المبارك: 2/604]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: قال بعض العلماء: لولا أن الله عرفه إياه ما عرفه، لقد تغير، تغير حبره وسبره، فعند ذلك يقول الله: {تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} في النار). [الزهد لابن المبارك: 2/604]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، عن عطاء الخراساني، قال: كان رجلان وكانا شريكين، وكان بينهما ثمانية آلاف دينار، فاقتسماها، فعمد أحدهما فاشترى بألف دينار أرضًا، فقال صاحبه: اللهم إن كان فلان اشترى بألف دينار أرضًا فإني أشتري منك أرضًا في الجنة بألف دينار، ثم إن صاحبه بنى دارًا بألف دينار فقال هذا: اللهم إن فلانًا بنى دارًا بألف دينار وإني أشتري منك ذلك في الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم تزوج امرأة، فأنفق عليها ألف دينار، فقال: اللهم إن كان فلانًا تزوج امرأة بألف دينار وأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم اشترى خدمًا ومتاعًا بألف دينار، فقال: اللهم إن فلانا اشترى خدمًا ومتاعًا بألف دينار، وإني اشتري منك بألف دينار، فتصدق بألف دينار، ثم أصابته حاجة شديدة، فقال: لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني منه معروف، فجلس له على طريقه حتى مر به فأحشمه، فقام إليه فنظر إليه الآخر فعرفه، فقال: يا فلان قال: نعم، قال: ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجة بعدك فأتيتك لتصيبني بخير، قال: ما فعل مالك قد اقتسمنا مالًا واحدًا، وأخذت شطره وأنا شطره؟ فقص عليه قصته، فقال: وإنك لمن المصدقين بهذا، اذهب، فو الله لا أعطيك شيئًا فطرده، فقضى لهما أن توفيا فنزلت فيهما: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون * قال قائلٌ منهم إني كان لي قرين * يقول أءنك لمن المصدقين * أءذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أءنا لمدينون} [سورة الصافات: 50- 53] إنا لمحاسبون، {قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال قتادة: في وسطها، قال: رأى جماجم القوم تغلي). [الزهد لابن المبارك: 2/ 605-606](م)
- قال عبد الله بن المبارك: (وبلغني عن قتادة أنه سأل ربه أن يطلعه). [الزهد لابن المبارك: 2/606](م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة عن خليد العصري في قوله تعالى فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال في وسطها قال رأى جماجمهم تغلي فقال فلان والله لولا أن الله عرفه إياه ما عرفه لقد تغير حبره وسبره فعند ذلك يقول تالله إن كدت لتردين). [تفسير عبد الرزاق: 2/149]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {صراط الجحيم} [الصافات: 23] ، {سواء الجحيم} [الصافات: 55] : «ووسط الجحيم» ). [صحيح البخاري: 6/123] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله صراط الجحيم سواء الجحيم ووسط الجحيم لشوبًا يخلط طعامهم ويساط بالحميم مدحورًا مطرودًا سقط هذا كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/543] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (صراط الجحيم سواء الجحيم ووسط الجحيم
أشار به إلى قوله تعالى: {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} (الصافات: 23) قوله: فاطلع فرآه في سواء الجحيم. وأشار بهذا إلى أن هذه الألفاظ الثّلاثة بمعنى واحد. وفي التّفسير: صراط الجحيم طريق النّار، والصراط الطّريق، ولم يثبت هذا لأبي ذر والّذي قبله أيضا). [عمدة القاري: 19/136] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({صراط الجحيم}) في قوله تعالى: {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} [الصافات: 23] أي (سواء الجحيم ووسط الجحيم) بسكون السين وفي اليونينية بفتحها). [إرشاد الساري: 7/314] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: فاطّلع في النّار فرآه في وسط الجحيم وفي الكلام متروكٌ استغنى بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو فقالوا: نعم.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في سواء الجحيم} يعني: في وسط الجحيم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {في سواء الجحيم} يعني: في وسط الجحيم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، عن الحسن، في قوله: {في سواء الجحيم} يقول: في وسط الجحيم.
- حدّثنا ابن سنانٍ، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، قال: سمعت الحسن، فذكر مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: حدّثنا قتادة، في قوله: {سواء الجحيم} قال: وسطها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {هل أنتم مطّلعون} قال: سأل ربّه أن يطلعه، قال {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} أي في وسط الجحيم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن خليدٍ العصريّ، قال: لولا أنّ اللّه عرّفه إيّاه ما عرفه، لقد تغيّر حبره وسبره بعده، وذكر لنا أنّه اطّلع فرأى جماجم القوم تغلي، فقال: {تاللّه إن كدت لتردين ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن أبي الوزير، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرّف بن عبد اللّه، في قوله: {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} قال: واللّه لولا أنّه عرّفه ما عرفه، لقد غيّرت النّار حبره وسبره.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {هل أنتم مطّلعون} قال: كان ابن عبّاسٍ يقرؤها: (هل أنتم مطّلعون فاطّلع فرآه في سواء الجحيم) قال: في وسط الجحيم.
وهذه القراءة الّتي ذكرها السّدّيّ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ في {مطّلعون} إن كانت محفوظةً عنه، فإنّها من شواذّ الحروف، وذلك أنّ العرب لا تؤثر في المكنيّ من الأسماء إذا اتّصل بفاعلٍ على الإضافة في جمعٍ أو توحيدٍ، لا يكادون أن يقولوا: أنت مكلّمني ولا أنتما مكلّماني ولا أنتم مكلّموني ولا مكلّمونني، وإنّما يقولون أنت مكلّمي، وأنتما مكلّماي، وأنتم مكلّميّ؛ وإن قال قائلٌ منهم ذلك قاله على وجه الغلط توهّمًا به: أنت تكلّمني، وأنتما تكلّمانني، وأنتم تكلّمونني، كما قال الشّاعر:
وما أدري وظنّي كلّ ظنٍّ = أمسلمني إلى قومي شراحي
فقال: مسلمني، وليس ذلك وجه الكلام، بل وجه الكلام أمسلمي؛ فأمّا إذا كان الاسم ظاهرًا ولم يكن متّصلاً بالفاعل، فإنّهم ربّما أضافوا، وربّما لم يضيفوا، فيقال: هذا مكلّمٌ أخاك، ومكلّم أخيك، وهذان مكلّما أخيك، ومكلّمان أخاك، وهؤلاء مكلّمو أخيك، ومكلّمون أخاك؛ وإنّما تختار الإضافة في المكنيّ المتّصل بفاعلٍ لمصير الحرفين باتّصال أحدهما بصاحبه، كالحرف الواحد). [جامع البيان: 19/546-549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال: ذكر لي أن رجلين كان شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار فكان أحدهما ليس له حرفة والآخر له حرفة فقال: إنه ليس لك حرفة فما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثم فارقه، ثم إن أحد الرجلين أشترى دارا كانت لملك بألف دينار فدعا صاحبه ثم قال: كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار فقال: ما أحسنها فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار وإني أسألك دارا من الجنة، فتصدق بألف دينار، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال: إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال: ما أحسن هذا فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين، فتصدق بألف دينار ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه وقال: إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال: ما أحسن هذا فلما خرج قال: يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار وإني أسألك بستانين في الجنة، فتصدق بألفي دينار، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما فانطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله البستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا، وكذا،، قال: فإنه ذلك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة فقال {إني كان لي قرين (51) يقول أئنك لمن المصدقين} قيل له: فإنه في الجحيم قال {هل أنتم مطلعون (54) فاطلع فرآه في سواء الجحيم} فقال عند ذلك {تالله إن كدت لتردين} ). [الدر المنثور: 12/408-410] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سواء الجحيم} قال: وسط الجحيم). [الدر المنثور: 12/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {في سواء الجحيم} قال: وسط الجحيم قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
رماهم بسهم فاستوى في سوائها * وكان قبولا للهوى والطوارق). [الدر المنثور: 12/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال: اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال: لقد رأيت جماجم القوم تغلي). [الدر المنثور: 12/414-415]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: في الجنة كوى فإذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فأزداد شكرا). [الدر المنثور: 12/415]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال: سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال: فلان، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه، لقد تغير خبره وسبره، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول: لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال: في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال: هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/415] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {تاللّه إن كدت لتردين} يقول: فلمّا رأى قرينه في النّار قال: تاللّه إن كدت في الدّنيا لتهلكني بصدّك إيّاي عن الإيمان بالبعث والثّواب والعقاب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {إن كدت لتردين} قال: لتهلكني.
يقال منه: أردى فلانٌ فلانًا: إذا أهلكه، وردّي فلانٌ: إذا هلك كما قال الأعشى:
أفي الطّوف خفت عليّ الرّدى = وكم من ردٍّ أهله لم يرم
يعني بقوله وكم من ردٍّ: وكم من هالكٍ). [جامع البيان: 19/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال: سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال: فلان، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه، لقد تغير خبره وسبره، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول: لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال: في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال: هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/415] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: قال بعض العلماء: لولا أن الله عرفه إياه ما عرفه، لقد تغير، تغير حبره وسبره، فعند ذلك يقول الله: {تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} في النار). [الزهد لابن المبارك: 2/604](م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله لكنت من المحضرين قال من المحضرين في النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/149]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} يقول: ولولا أنّ اللّه أنعم عليّ بهدايته، والتّوفيق للإيمان بالبعث بعد الموت، لكنت من المحضرين معك في عذاب اللّه.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {لكنت من المحضرين} أي في عذاب اللّه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {لكنت من المحضرين} قال: من المعذّبين). [جامع البيان: 19/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال: سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال: فلان، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه، لقد تغير خبره وسبره، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول: لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال: في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال: هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/415] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، أنه ذكر هذه الآية: {أفما نحن بميتين} [سورة الصافات: 58-60]، قال: علموا والله أن كل نعيم بعد الموت أنه يقطعه، قالوا: {أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل: لا، قالوا: {إن هذا لهو الفوز العظيم} ). [الزهد لابن المبارك: 2/570]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفما نحن بميّتين (58) إلاّ موتتنا الأولى وما نحن بمعذّبين (59) إنّ هذا لهو الفوز العظيم (60) لمثل هذا فليعمل العاملون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا المؤمن الّذي أعطاه اللّه ما أعطاه من كرامته في جنّته سرورًا منه بما أعطاه فيها {أفما نحن بميّتين (58) إلاّ موتتنا الأولى} يقول: أفما نحن بميّتين غير موتتنا الأولى في الدّنيا). [جامع البيان: 19/550]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أفما نحن بميّتين (58) إلاّ موتتنا الأولى} يقول: أفما نحن بميّتين غير موتتنا الأولى في الدّنيا {وما نحن بمعذّبين} يقول: وما نحن بمعذّبين بعد دخولنا الجنّة). [جامع البيان: 19/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: علموا أن كل نعيم بعد الموت يقطعه فقالوا {أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل: لا، قالوا {إن هذا لهو الفوز العظيم} ). [الدر المنثور: 12/415-416]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، أنه ذكر هذه الآية: {أفما نحن بميتين} [سورة الصافات: 58-60]، قال: علموا والله أن كل نعيم بعد الموت أنه يقطعه، قالوا: {أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل: لا، قالوا: {إن هذا لهو الفوز العظيم} ). [الزهد لابن المبارك: 2/570](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أفما نحن بميّتين (58) إلاّ موتتنا الأولى} يقول: أفما نحن بميّتين غير موتتنا الأولى في الدّنيا {وما نحن بمعذّبين} يقول: وما نحن بمعذّبين بعد دخولنا الجنّة). [جامع البيان: 19/550] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: علموا أن كل نعيم بعد الموت يقطعه فقالوا {أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل: لا، قالوا {إن هذا لهو الفوز العظيم} ). [الدر المنثور: 12/415-416] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، أنه ذكر هذه الآية: {أفما نحن بميتين} [سورة الصافات: 58-60]، قال: علموا والله أن كل نعيم بعد الموت أنه يقطعه، قالوا: {أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل: لا، قالوا: {إن هذا لهو الفوز العظيم} ). [الزهد لابن المبارك: 2/570](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {إنّ هذا لهو الفوز العظيم} يقول: إنّ هذا الّذي أعطاناه اللّه من الكرامة في الجنّة، من أنّا لا نعذّب ولا نموت لهو النّجاء العظيم ممّا كنّا في الدّنيا نحذر من عقاب اللّه، وإدراك ما كنّا فيها، نأمل بإيماننا، وطاعتنا ربّنا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفما نحن بميّتين} إلى قوله: {الفوز العظيم} قال: هذا قول أهل الجنّة). [جامع البيان: 19/550-551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال: سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول: في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال: فلان، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه، لقد تغير خبره وسبره، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول: لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال: في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال: هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/415] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: علموا أن كل نعيم بعد الموت يقطعه فقالوا {أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل: لا، قالوا {إن هذا لهو الفوز العظيم} ). [الدر المنثور: 12/415-416] (م)

تفسير قوله تعالى: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لمثل هذا فليعمل العاملون} يقول تعالى ذكره: لمثل هذا الّذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة، فليعمل في الدّنيا لأنفسهم العاملون، ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربّهم). [جامع البيان: 19/551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يقول الله تعالى لأهل الجنة: (كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون) (المرسلات 43) قال: قول الله (هنيئا) أي لا تموتون فيها، فعندها قالوا {أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين (59) إن هذا لهو الفوز العظيم (60) لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/416]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر ثم جثا على ركبتيه فجعل يبكي حتى بل الثرى ثم قال {لمثل هذا فليعمل العاملون} ). [الدر المنثور: 12/416]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 10:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون} [الصافات: 50]، يعني: أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/831]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال عز وجل: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} : يعني : أهل الجنة.). [معاني القرآن: 6/ 28-29]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ} [الصافات: 51] صاحبٌ في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/831]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} المؤمن منهما في الجنّة الّذي قال: {كان لي قرينٌ} [الصافات: 51]). [تفسير القرآن العظيم: 2/831]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {إنّي كان لي قرينٌ} [الصافات: 51] شيطانٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/832]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يقول أإنّك لمن المصدّقين}
وقال: {لمن المصدّقين}, وثقل بعضهم , وليس للتثقيل معنى : إنما معنى التثقيل "المتصدّقين" , وليس هذا بذاك المعنى.
إنما معنى هذا من"التّصديق" و ليس من "التصدّق" , و إنما تضعّف هذه , ويخفف ما سواها .
"والصّدقة" تضعّف صادها , وتلك غير هذه.
إنما سئل رجل: من صاحبه؟ فحكى عن قرينه في الدنيا، فقال: {كان لي قرينٌ} يقول: {أإنّك لمن المصدّقين} : أنا لنبعث بعد الموت, أي: أتؤمن بهذا؟ أي: تصدق بهذا.). [معاني القرآن:3/ 39] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({إنّي كان لي قرينٌ}: أي: صاحب.). [تفسير غريب القرآن: 371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ({قال قائل منهم إني كان لي قرين}
قال عطاء الخراساني : (هذان رجلان أخوان , تصدق أحدهما بماله , فعيره أخوه , وقال له : ما قصا الله جل وعز) .
وقد روي عن ابن عباس : (هو الرجل المشرك له صاحب مؤمن , قال له هذا) .
قال مجاهد : (قرين , أي: شيطان).).[معاني القرآن: 6/ 30]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يقول أئنّك لمن المصدّقين} [الصافات: 52] على الاستفهام). [تفسير القرآن العظيم: 2/831]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يقول أإنّك لمن المصدّقين}
وقال: {لمن المصدّقين} , وثقل بعضهم , وليس للتثقيل معنى , إنما معنى التثقيل "المتصدّقين" , وليس هذا بذاك المعنى, إنما معنى هذا من"التّصديق" و ليس من "التصدّق" , و إنما تضعّف هذه ويخفف ما سواها .
"والصّدقة" تضعّف صادها وتلك غير هذه.
إنما سئل رجل: من صاحبه؟ فحكى عن قرينه في الدنيا، فقال: {كان لي قرينٌ} يقول: {أإنّك لمن المصدّقين} أنا لنبعث بعد الموت, أي: أتؤمن بهذا؟! , أي: تصدق بهذا؟!.). [معاني القرآن: 3/ 39]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({يقول أإنّك لمن المصدّقين (52)}
{المصدّقين}:مخففة من صدّق فهو مصدّق، ولا يجوز ههنا تشديد الصاد، لأن المصّدّقين الذين يعطون الصدقة.
و(المصدّقين) الذين لا يكذبون.
فالمعنى : كان لي قرين يقول أئنك ممن يصدّق بالبعث بعد أن تصير ترابا وعظاما، فأحبّ قرينه المسلم أن يراه بعد أن قيل له: {هل أنتم مطّلعون}.
أي: هل تحبون أن تطلعوا , فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار؟.). [معاني القرآن: 4/ 304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يقول أئنك لمن المصدقين}
المعنى : يقول: أئنك لمن المصدقين بأنا مدينون , ثم كسرت إن لمجيء اللام
قال مجاهد: (مدينون , أي : محاسبون).). [معاني القرآن: 6/ 30]

تفسير قوله تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ(53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} [الصافات: 53]، يعني: لمحاسبون، تفسير السّدّيّ.
أي: لا نبعث ولا نحاسب وهما اللّذان في سورة الكهف: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنّتين} [الكهف: 32] إلى آخر قصّتهما). [تفسير القرآن العظيم: 2/831]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أئنّا لمدينون }: أي مجزيون، يقال: دنته أي جزيته بكذا وكذا.
{في سواء الجحيم }: في وسط الجحيم.
قال أبو عبيدة: سمعت عيسى بن عمر يقول: (كنت , وأنا شاب أقعد بالليل , فأكتب حتى ينقطع سوائي، أي: وسطي).). [مجاز القرآن: 2/ 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((مدينون): مجزيون). [غريب القرآن وتفسيره: 316]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({أإنّا لمدينون} : أي : مجزيون بأعمالنا, يقال: دنته بما صنع، أي: جزيته.). [تفسير غريب القرآن: 371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يقول أئنك لمن المصدقين}
المعنى : يقول أئنك لمن المصدقين بأنا مدينون, ثم كسرت إن لمجيء اللام
قال مجاهد : (مدينون, أي: محاسبون).). [معاني القرآن: 6/ 30] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({لمدينون} : لمجزيون.).[ياقوتة الصراط: 427]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ}: أي: مجزيون بأعمالنا.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 206]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَمَدِينُونَ}: لمجزيون.). [العمدة في غريب القرآن: 255]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فاطّلع فرآه في سواء الجحيم {55}} [الصافات: 55] فرأى صاحبه.
{في سواء الجحيم} [الصافات: 55]، يعني: في وسط الجحيم.
قال قتادة: فواللّه لولا أنّ اللّه عرّفه إيّاه ما كان ليعرفه، لقد تغيّر حبره وسبره.
- حمّادٌ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " يؤتى يوم القيامة بأشدّ النّاس بلاءً في الدّنيا من أهل الجنّة، فيقال: اصبغوه صبغةً في الجنّة، فيصبغ صبغةً، فيقال له: هل أصابك بؤسٌ قطّ، هل أصابتك شدّةٌ قطّ؟ أو كما قال، فيقول: لا، ويؤتى بأنعم النّاس في الدّنيا من أهل النّار، فيصبغ في النّار صبغةً، فيقال له: هل أصابك
نعيمٌ قطّ؟ فيقول: لا "). [تفسير القرآن العظيم: 2/832]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (سعيدٌ، عن قتادة أنّ كعبًا قال: إنّ بين الجنّة وبين النّار كوًى، فإذا أراد الرّجل من أهل الجنّة أن ينظر إلى عدوٍّ له من أهل النّار اطّلع فرآه، وهو قوله: {إنّ الّذين أجرموا} [المطففين: 29] أشركوا {كانوا من الّذين آمنوا يضحكون {29} وإذا مرّوا بهم يتغامزون {30} وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين {31}} [المطففين: 29-31]، يعني: المشركين {وإذا رأوهم} [المطففين: 32] رأوا المؤمنين {قالوا إنّ هؤلاء لضالّون} [المطففين: 32] قال اللّه: {وما أرسلوا عليهم حافظين {33} فاليوم} [المطففين: 33-34]، يعني: في الآخرة {الّذين آمنوا من الكفّار يضحكون {34} على الأرائك} [المطففين: 34-35] على السّرر {ينظرون {35} هل ثوّب الكفّار ما كانوا يفعلون {36}} [المطففين: 35-36].
قال الحسن: هذه واللّه الدّولة). [تفسير القرآن العظيم: 2/832]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هل أنتم مّطّلعون...}
هذا رجل من أهل الجنّة، قد كان له أخ من أهل الكفر، فأحبّ أن يرى مكانه, فيأذن الله له، فيطّلع في النار ويخاطبه, فإذا رآه قال : {تاللّه إن كدت لتردين} , وفي قراءة عبد الله : (إن كدت لتغوين)
ولولا رحمة ربي {لكنت من المحضرين}: أي : معك في النار محضراً, يقول الله :{لمثل هذا فليعمل العاملون} , وهذا من قول الله.
وقد قرأ بعض القرّاء : {قال هل أنتم مطلعون (54) فاطلع} فكسر النون, وهو شاذّ؛ لأنّ العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلاً مجموعاً , أو موحّداً إلى اسم مكنّى عنه.
فمن ذلك أن يقولوا: أنت ضاربي, ويقولون للاثنين: أنتما ضارباي، وللجميع: أنتم ضاربي، ولا يقولوا للاثنين: أنتما ضاربانني ولا للجميع: ضاربوننني, وإنّما تكون هذه النون في فعل ويفعل، مثل (ضربوني ويضربني وضربني). وربما غلط الشاعر فيذهب إلى المعنى، فيقول: أنت ضاربني، يتوهّم أنه أراد: هل تضربني؟, فيكون ذلك على غير صحّة.
قال الشاعر:
هل الله من سرو العلاة مريحني = ولمّا تقسّمني النّبار الكوانس
النّبر: دابّة تشبه القراد.
وقال آخر:
وما أدري وظنّي كلّ ظنٍّ = أمسلمني إلى قومٍ شراح
يريد: شراحيل , ولم يقل: أمسلمي, وهو وجه الكلام.
وقال آخر:
هم القائلون الخير والفاعلونه = إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
ولم يقل: الفاعلوه, وهو وجه الكلام.
وإنما اختاروا الإضافة في الاسم المكنّى لأنه يختلط بما قبله, فيصير الحرفان كالحرف الواحد, فلذلك استحبّوا الإضافة في المكنّى، وقالوا: هما ضاربان زيداً، وضاربا زيدٍ؛ لأن زيدا في ظهوره لا يختلط بما قبله؛ لأنه ليس بحرفٍ واحدٍ والمكنّى حرف.
فأمّا قوله: {فاطلع}, فإنه يكون على جهة فعل ذلك به، كما تقول: دعا فأجيب يا هذا, ويكون: هل أنتم مطلعون , فأطّلع أنا , فيكون منصوباً بجواب الفاء.). [معاني القرآن:2/ 385-387]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أئنّا لمدينون}: أي : مجزيون.
يقال: دنته أي جزيته بكذا وكذا.
{في سواء الجحيم }: في وسط الجحيم.
قال أبو عبيدة: سمعت عيسى بن عمر يقول: (كنت وأنا شاب أقعد بالليل , فأكتب حتى ينقطع سوائي)، أي :وسطي.). [مجاز القرآن:2 /170] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سواء الجحيم}: وسطها.). [تفسير غريب القرآن: 371]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (سِوى وسُوى
سوى وسوى: بمعنى غير، وهما جميعا في معنى بدل. وهي مقصورة. وقد جاءت ممدودة مفتوحة الأول، وهي في معنى غير.
قال ذو الرّمّة:
وماءٍ تجافَى الغيثُ عنه فما به = سواء الحمام الحضَّن الخُضْر حاضر
يريد غير الحمام.
وسواء- مفتوحة الأول ممدود- بمعنى: وسط. قال: {فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}، أي في وسطه.
وقد جاءت أيضا بمعنى: وسط، مكسورة الأوّل مقصورة، قال الله تعالى: {مَكَانًا سُوًى}، أي وسطا).
[تأويل مشكل القرآن: 521] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (و{المصدّقين}: الذين لا يكذبون، فالمعنى : كان لي قرين , يقول : أئنك ممن يصدّق بالبعث بعد أن تصير ترابا وعظاما، فأحبّ قرينه المسلم أن يراه بعد أن قيل له: {هل أنتم مطّلعون}
أي: هل تحبون أن تطلعوا , فتعلموا : أين منزلتكم من منزلة أهل النار؟.). [معاني القرآن: 4/304] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فاطّلع فرآه في سواء الجحيم (55)}
فاطلع المسلم , فرأى قرينه الذي كان يكذب بالبعث في سواء الجحيم, أي : في وسط الجحيم، وسواء كل شيء : وسطه.
ويقرأ: هل أنتم مطلعون بفتح النون وكسرها وتخفيف الطاء .
فمن فتح النون مع التخفيف فقال: " مطلعون " , فهو بمعنى : طالعون ومطلعون، يقال: طلعت عليهم , وأطلعت , واطّلعت .
ومن قرأ مطلعون بكسر النون , قرأ " فأطلع " , ومن قرأ بفتح النون " مطلعون " وجب أن يقرأ : "فأطلع", ويجوز " فأطلع " على معنى : هل أنتم مطلعون أحدا.
فأمّا الكسر للنون , فهو شاذ عند البصريين والكوفيين جميعا , وله عند الجماعة وجه ضعيف , وقد جاء مثله في الشعر:
هم القائلون الخير والأمرونه= إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
وأنشدوا:
وما أدري وظني كل ظني= أمسلمني إلى قومي شراح
والذي أنشدنيه محمد بن يزيد: أيسلمني إلى قومي، وإنما الكلام أمسلمي وأيسلمني، وكذلك : هم القائلون الخير والأمروه.
وكل أسماء الفاعلين إذا ذكرت بعدها المضمر لم تذكر النون , ولا التنوين.
تقول: زيد ضاربي , وهما ضارباك , ولا يجوز : وهو ضاربني، ولا هم ضاربونك؟, ولا يجوز هم ضاربونك عندهم إلا في الشعر إلا أنه قد قرئ بالكسر:{هل أنتم مطلعون}: على معنى مطلعوني، فحذفت الياء كما تحذف في رؤوس الآي، وبقيت الكسرة دليلا عليها.
وهو في النحو - أعني كسر النون - على ما أخبرتك، والقراءة قليلة بها، وأجود القراة وأكثرها : مطّلعون بتشديد الطاء وفتح النون , ثم الذي يليه : مطلعون بتخفيف الطاء وفتح النون.). [معاني القرآن: 4/ 304-305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ({قال هل أنتم مطلعون }: أي: قال الذي في الجنة , هل أنتم مشرفون ؟, {فاطلع فرآه }: أي: فأشرف , فرأى قرينه {في سواء الجحيم} : أي , في وسطها.). [معاني القرآن: 6/ 30-31]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {هل أنتم مطلعون}:أي: اطلعوا، ليس هي استفهاما هاهنا، إنما هي بمعنى الأمر, قال: ومنه : لما نزلت: آية تحريم الخمر , قام عمر رضي الله عنه قائما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم , ثم رفع رأسه إلى السماء، فقال: (يا رب، بيانا أشفي من هذا في الخمر)، فنزلت: {فهل أنتم منتهون}.
قال: فنادى عمر: (انتهينا يا ربنا , انتهينا).
{طلعها كأنه رؤوس الشياطين}
قال ثعلب: اختلف الناس، فقالت طائفة: كأنة رؤوس الشياطين من الجن وحشة، وقالت طائفة: الشياطين - ها هنا - الحيات.
قال: والعرب تقول إذا فقدوا طعاما: أكله الشياطين، يعنون: الحية.). [ياقوتة الصراط: 427-429]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال تاللّه إن كدت لتردين} [الصافات: 56] لتباعدني من اللّه.
قال السّدّيّ: {تاللّه إن كدت لتردين} [الصافات: 56]، يعني: تاللّه لقد كدت تغوين.
قال يحيى: يقوله المؤمن لصاحبه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/832]
وقال مجاهدٌ: يقوله المؤمن لشيطانه). [تفسير القرآن العظيم: 2/833]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إن كدت لتردين}:أرديته, أهلكته , وردى هو , أي : هلك.). [مجاز القرآن: 2/ 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({إن كدت لتردين}: أرديته أهلكته وردي هو ومنه {أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}{وما يغني عنه ماله إذا تردى} وردي هو إذا هلك). [غريب القرآن وتفسيره: 317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {إن كدت لتردين}: أي: لتهلكني.
يقال: أرديت فلانا، أي : أهلكته, و«الردي»: الموت والهلاك.). [تفسير غريب القرآن: 371]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (إن الخفيفة: تكون بمعنى (ما)...، وقال المفسرون: وتكون بمعنى لقد، كقوله: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} و{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} و{تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} و{فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ}). [تأويل مشكل القرآن: 552] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال تاللّه إن كدت لتردين (56)}
(تاللّه) : معناه واللّه، والتاء بدل من الواو، لتردين : أي : لتهلكني، يقال: ردي الرجل, يردى ردى إذا هلك، وأرديته , أهلكته.). [معاني القرآن: 4/ 305-306]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قال الذي في الجنة : {تالله إن كدت لتردين }:أي : تهلكني .
وفي قراءة عبد الله : (لتغوين).). [معاني القرآن: 6/ 31]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُرْدِينِ}: تهلكني.). [العمدة في غريب القرآن: 255]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولولا نعمة ربّي} [الصافات: 57] الإسلام.
{لكنت من المحضرين} [الصافات: 57] معك في النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/833]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لكنت من المحضرين} :أي: من المحضرين في النار.). [تفسير غريب القرآن: 371]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين (57)}
أي: أحضر العذاب كما أحضرت.). [معاني القرآن: 4/ 306]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين}
قال قتادة : (أي: لمن المحضرين في النار).). [معاني القرآن: 6/ 31]


تفسير قوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إلا موتتنا الأولى} [الصافات: 59] وليس هي إلا موتةٌ واحدةٌ الّتي كانت في الدّنيا كقوله: {وأنّه أهلك عادًا الأولى} [النجم: 50] ولم يكن عادٌ قبلها.
{وما نحن بمعذّبين} [الصافات: 59] قاله على الاستفهام، وهذا استفهامٌ على سرورٍ، قد أمن ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/833]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {إنّ هذا لهو الفوز العظيم} [الصافات: 60] النّجاة العظيمة من النّار إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/833]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم}
قال قتادة : (هذا آخر كلامه , ثم قال جل وعز: {لمثل هذا فليعمل العاملون}).). [معاني القرآن: 6/ 32]

تفسير قوله تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {لمثل هذا} [الصافات: 61]، يعني: ما وصف ممّا فيه أهل الجنّة.
{فليعمل العاملون} [الصافات: 61] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/833]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 10:29 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) }

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) }

تفسير قوله تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) }

تفسير قوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*سواء* وقال غيره سواء الشيء غيره وسواء الشيء نفسه، قال الأعشى (الطويل):
تزاور عن جو اليمامة ناقتي = وما عدلت من أهلها بسوائكا
يريد ما عدلت من أهلها بك، حكى هذا الحرف أبو عبيدة، وسواء الشيء وسطه، قال الله عز وجل: {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} ويقال ضربه على سواء رأسه). [كتاب الأضداد: 44]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (سواء الشيء غيره، كقولك: رأيت سواك وسواؤه هو نفسه ووسطه ومنه قوله تبارك وتعالى: {فرآه في سواء الجحيم}. أي في وسطه، وقال الأعشى:

تجانف عن جو اليمامة ناقتي = وما عدلت من أهلها بسوائكا
و[يروى] لسوائكا. يريد: بك نفسك). [الغريب المصنف: 2/631]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال ضربت فلانا على وسط رأسه وعلى سواء رأسه وأتانا فلان في وسط النهار وفي سواء النهار قال الله عز وجل: {فرآه في سواء الجحيم} ). [إصلاح المنطق: 421]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل شيء يجري مجرى عند فغير مصغر لما ذكرت لك من امتناعه في المعنى. فكذلك سوى وسواء يا فتى، إذا أردت بهما معنى المكان؛ لأن قولك: عندي رجل سواك، إنما هو: عندي رجل مكانك يحل محلك، ويغني غناءك. لا يصغران لقلة تمكنهما.
فإن أردت بقولك سواء: الوسط من قوله عز وجل: {فرآه في سواء الجحيم} وكما قال الشاعر:
يا ويح أنصار النبي ورهطه = بعد المغيب في سواء الملحد
صغرته، فقلت: سوي فاعلم. تحذف الياء لاجتماع الياءات. وكذلك إن أردت بسواء معنى الاستواء كقولك هذا درهم سواء، أي تمام صغرته؛ كما يلزمك في كل متمكن). [المقتضب: 2/272-273]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: الآساس واحدها أس، وتقديرها فعل وأفعال وقد يقال للواحد: أساس، وجمعه أسس.
والبهلول: الضحاك.
وقوله:
بعد ميل من الزمان ويأس
يقال: فيك ميل علينا، وفي الحائط ميل، وكذلك كل منتصب.
وقوله: واقطعن كل رقلة، الرقلة: النخلة الطويلة، ويقال إذا وصف الرجل بالطول: كأنه رقلة.
والأواسي، ياؤه مشددة في الأصل وتخفيفها يجوز، ولو لم يجز في الكلام لجاز في الشعر؛ لأن القافية تقتطعه، وكل مثقل فتخفيفه في القوافي جائز، كقوله:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر = ومن الحب جنون مستعر
وواحدها أسية وهي أصل البناء بمنزلة الأساس.
وقوله: وغاظ سوائي تقول: ما عندي رجل سوى زيد، فتقصر إذا كسرت أوله، فإذا فتحت أوله على هذا المعنى مددت، قال الأعشى:
تجانف عن جو اليمامة، ناقتي = وما قصدت من أهلها لسوائكا
والسواء ممدود في كل موضع وإن اختلفت معانيه، فهذا واحد منه، والسواء: الوسط، ومنه قوله عز وجل: {فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}, وقال:
يا ويح أنصار النبي ورهطه = بعد المغيب في سواء الملحد
والسواء: العدل والاستواء، ومنه قوله عز وجل: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}، ومن ذلك: عمرو وزيد سواء، والسواء: التمام، يقال: هذا درهم سواء، وأصله من الأول، وقوله عز وجل: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}، معناه تمامًا. ومن قرأ: سَواءٍ فإنما وضعه في موضع مستويات). [الكامل: 3/1368-1369]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقوله عز وجل: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ} هذا الألف استفهام منهم تعجبًا). [مجالس ثعلب: 217]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) }

تفسير قوله تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 03:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 03:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 03:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون * قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أإنك لمن المصدقين * أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون}
هذا التساؤل الذي بين أهل الجنة هو تساؤل راحة وتنعم، يتذكرون أمورهم في الجنة وأمر الدنيا وحال الطاعة والإيمان فيها، ثم أخبر الله تعالى عن قول قائل منهم في قصته، فهو مثال لكل من له قرين سوء، يعطي هذا المثال التحفظ من قرناء السوء، واستشعار معصيتهم، وعبر عن قول هذا الرجل بالمضي من حيث كان أمرا متيقنا حاصلا لا محالة. وقال ابن عباس وغيره: كان هذان من البشر مؤمن وكافر، وقالت فرقة: هما اللذان ذكر الله تعالى في قوله: {ليتني لم أتخذ فلانا خليلا}، وقال مجاهد: كان إنسيا وجنيا من الشياطين الكفرة، والأول أصوب. وقرأ الجمهور: "من المصدقين" بتخفيف الصاد، من التصديق، وقرأت فرقة بالتشديد للصاد، من التصدق.
وقال فرات بن ثعلبة البهراني في قصص هذين: إنهما كانا شريكين بثمانية آلافدينار، فكان أحدهما يعبد الله ويقصد من التجارة والنظر، وكان الآخر كافرا مقبلا على ماله، فحل الشركة مع المؤمن وبقي وحده لتقصير المؤمن، ثم إنه جعل كلما اشترى - شيئا من دار وجارية وبستان ونحوه - عرضه على ذلك المؤمن وفخر عليه، فيمضي المؤمن عند ذلك ويتصدق بنحو ذلك الثمن ليشتري به من الله في الجنة، فكان من أمرهما في الآخرة ما تضمنته هذه الآية. قال الطبري: وهذا الحديث يؤيد قراءة التشديد. و"مدينون" معناه: مجازون محاسبون، قاله ابن عباس، وقتادة، والسدي. والدين: الجزاء، وقد تقدم). [المحرر الوجيز: 7/ 286-287]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين * أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين * إن هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون}
في الكلام حذف تقديره: فقال لهذا الرجل حاضرون من الملائكة: إن قرينك هذا في جهنم يعذب، فقال عند ذلك: هل أنتم مطلعون. ويحتمل أن يخاطب بـ"أنتم" الملائكة، ويحتمل أن يخاطب رفقاءه في الجنة، ويحتمل أن يخاطب خدمته، وكل هذا حكى المهدوي، وقرأ الجمهور: "مطلعون" بفتح الطاء مشددة، وقرأ أبو عمرو - في رواية حسين - بسكونها مع فتح النون، وقرأ أبو البرهسم بسكونها وكسر النون على أنها ضمير المتكلم، ورد هذه القراءة أبو حاتم وغيره ولحنوها; وذلك أنها جمعت بين ياء الإضافة ونون المتكلم، والوجه أن تقول: "مطلعي"، ووجه القراءة أبو الفتح بن جني وقال: أنزل الفاعل منزل الفعل المضارع، وأنشد الطبري على هذا:
وما أدري وظني كل ظن ... أمسلمني إلى قومي شراحي
وقال الفراء: يريد شراحيل.
وقرأ الجمهور: "فاطلع" بصلة الألف وشد الطاء المفتوحة، وقرأ أبو عمرو في رواية الحسين: بضم الألف وسكون الطاء وكسر اللام، وهي قراءة أبي البرهسم. قال الزجاج: هي قراءة من قرأ: "مطلعون" بكسر النون، وروي أن لأهل الجنة كوى وطاقات يشرفون منها على أهل النار إذا شاؤوا على جهة النقمة والعبرة; لأنهم لهم في عذاب أهل النار وتوبيخهم سرور وراحة، حكاه الرماني عن أبي علي.
و"سواء الجحيم" وسطه، قال ابن عباس، والحسن، والناس، وسمي سواء لاستواء المسافة منه إلى الجوانب، والجحيم متراكم جمر النار، وروي عن مطرف بن عبد الله، وخليد العصري أنه رآه قد تغير حبره وسبره، أي: تبدلتحاله، ولولا ما عرفه الله إياه لم يميزه، فقال له المؤمن عند ذلك: تالله إن كدت لتردين، أي: تهلكني بإغوائك، والردى: الهلاك، ومنه قول الأعشى:
أفي الطوف خفت علي الردى ... وكم من رد أهله لم يرم
وفي مصحف ابن مسعود: [إن كدت لتغوين] بالواو، من الغي، وذكرها أبو عمرو الداني بالراء، من الإغراء، والتاء في هذا كله مضمومة). [المحرر الوجيز: 7/ 287-289]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ورفع نعمة ربي بالابتداء، وهو إعراب ما كان بعد "لولا" عند سيبويه، والخبر محذوف تقديره: تداركته ونحوه، والمحضرين معناه: في العذاب). [المحرر الوجيز: 7/ 289]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقول المؤمن: أفما نحن بميتين إلى قوله: {وما نحن بمعذبين} يحتمل أن يكون مخاطبة لرفقائه، في الجنة لما رأى ما نزل بقرينه، ونظر إلى حاله في الجنة وحال رفقائه قدر النعمة قدرها، فقال لهم - على جهة التوقيف ما قال ويجيء - على هذا التأويل - قوله: {إن هذا لهو الفوز العظيم} وما بعده متصلا بكلامه، خطابا لرفقائه. ويحتمل أن تكونأفما نحن إلى قوله: {[بمعذبين]} مخاطبة لقرينه على جهة التوبيخ، كأنه يقول: أين الذي كنت تقول من أنا نموت وليس بعد الموت عقاب ولا عذاب؟ ويكون قوله تعالى: {إن هذا لهو الفوز العظيم} إلى قوله: {فليعمل العاملون} يحتمل أن يكون من خطاب المؤمن لقرينه، وإليه ذهب قتادة، ويحتمل أن يكون من خطاب الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته، ويقوى هذا لأن قول المؤمن لمثل هذا فليعمل العاملون والآخرة ليست بدار عمل، يقلق إلا على تجوز، كأنه يقول: لمثل هذا كان ينبغي أن يعمل العاملون). [المحرر الوجيز: 7/ 289]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 07:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 07:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون (50) قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ (51) يقول أئنّك لمن المصدّقين (52) أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون (53) قال هل أنتم مطّلعون (54) فاطّلع فرآه في سواء الجحيم (55) قال تاللّه إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين (57) أفما نحن بميّتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذّبين (59) إنّ هذا لهو الفوز العظيم (60) لمثل هذا فليعمل العاملون (61)}.
يخبر تعالى عن أهل الجنّة أنّه أقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون، أي: عن أحوالهم، وكيف كانوا في الدّنيا، وماذا كانوا يعانون فيها؟ وذلك من حديثهم على شرابهم، واجتماعهم في تنادمهم وعشرتهم في مجالسهم، وهم جلوسٌ على السّرر، والخدم بين أيديهم، يسعون ويجيئون بكلّ خيرٍ عظيمٍ، من مآكل ومشارب وملابس، وغير ذلك ممّا لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 15]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ} قال مجاهدٌ: يعني شيطانًا.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هو الرّجل المشرك، يكون له صاحبٌ من أهّل الإيمان في الدّنيا.
ولا تنافي بين كلام مجاهدٍ، وابن عبّاسٍ؛ فإنّ الشّيطان يكون من الجنّ فيوسوس في النّفس، ويكون من الإنس فيقول كلامًا تسمعه الأذنان، وكلاهما متعاديان، قال اللّه تعالى: {يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا} [الأنعام:112] وكلٌّ منهما يوسوس، كما قال تعالى: {[قل أعوذ بربّ النّاس. ملك النّاس. إله النّاس]. من شرّ الوسواس الخنّاس. الّذي يوسوس في صدور النّاس. من الجنّة والنّاس} [سورة النّاس]. ولهذا {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ. يقول أئنّك لمن المصدّقين} أي: أأنت تصدّق بالبعث والنّشور والحساب والجزاء؟! يعني: يقول ذلك على وجه التّعجّب والتّكذيب والاستبعاد، والكفر والعناد). [تفسير ابن كثير: 7/ 15]

تفسير قوله تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} قال مجاهدٌ، والسّدّيّ: لمحاسبون؟ وقال ابن عبّاسٍ، ومحمد بن كعب القرظي: لمجزيون بأعمالنا؟).[تفسير ابن كثير: 7/ 15]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال: {قال هل أنتم مطّلعون} أي: مشرفون. يقول المؤمن لأصحابه وجلسائه من أهل الجنّة).[تفسير ابن كثير: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فاطّلع فرآه في سواء الجحيم} قال ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وخليدٌ العصريّ وقتادة، والسّدّيّ، وعطاءٌ الخراسانيّ [وغيرهم] يعني في وسط الجحيم.
وقال الحسن البصريّ: في وسط الجحيم كأنّه شهابٌ يتّقد.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّه اطّلع فرأى جماجم القوم تغلي. وذكر لنا أنّ كعب الأحبار قال: في الجنّة كوًى إذا أراد أحدٌ من أهلها أن ينظر إلى عدوّه في النّار اطّلع فيها، فازداد شكرًا). [تفسير ابن كثير: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال تاللّه إن كدت لتردين} يقول المؤمن مخاطبًا للكافر: واللّه إن كدت لتهلكني لو أطعتك). [تفسير ابن كثير: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} أي: ولولا فضل اللّه عليّ لكنت مثلك في سواء الجحيم حيث أنت، محضرٌ معك في العذاب، ولكنّه تفضّل [عليّ] ورحمني فهداني للإيمان، وأرشدني إلى توحيده {وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه} [الأعراف:43]). [تفسير ابن كثير: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أفما نحن بميّتين. إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذّبين} هذا من كلام المؤمن مغبطًا نفسه بما أعطاه اللّه من الخلد في الجنّة والإقامة في دار الكرامة، لا موت فيها ولا عذاب؛ ولهذا قال: {إنّ هذا لهو الفوز العظيم}
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو عبد اللّه الظّهرانيّ، حدّثنا حفص بن عمر العدني، حدّثنا الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة قال: قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قول اللّه تبارك وتعالى لأهل الجنّة: {كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون} [الطّور:19]، قال ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما: قوله: {هنيئًا} أي: لا يموتون فيها. فعندها قالوا: {أفما نحن بميّتين. إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذّبين}
وقال الحسن البصريّ: علموا أنّ كلّ نعيمٍ فإنّ الموت يقطعه، فقالوا: {أفما نحن بميّتين. إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذّبين}، قيل [لهم]: لا. قالوا: {إنّ هذا لهو الفوز العظيم}). [تفسير ابن كثير: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لمثل هذا فليعمل العاملون} قال قتادة: هذا من كلام أهل الجنّة.
وقال ابن جريرٍ: هو من كلام اللّه تعالى، ومعناه: لمثل هذا النّعيم وهذا الفوز فليعمل العاملون في الدّنيا، ليصيروا إليه في الآخرة.
وقد ذكروا قصّة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل، تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة.
قال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، حدّثنا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيفٍ، عن فرات بن ثعلبة البهرانيّ في قوله: {إنّي كان لي قرينٌ} قال: إن رجلين كانا شريكين، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينارٍ، وكان أحدهما له حرفةٌ، والآخر ليس له حرفةٌ، فقال الّذي له حرفةٌ للآخر: ليس عندك حرفةٌ، ما أراني إلّا مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه، ثمّ إنّ الرّجل اشترى دارًا بألف دينارٍ كانت لملكٍ، مات، فدعا صاحبه فأراه فقال: كيف ترى هذه الدّار؟ ابتعتها بألف دينارٍ؟ قال: ما أحسنها! فلمّا خرج قال: اللّهمّ إنّ صاحبي ابتاع هذه الدّار بألف دينارٍ، وإنّي أسألك دارًا من دور الجنّة، فتصدّق بألف دينارٍ، ثمّ مكث ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ إنّه تزوّج بامرأةٍ بألف دينارٍ، فدعاه وصنع له طعامًا. فلمّا أتاه قال: إنّي تزوّجت امرأةً بألف دينارٍ. قال: ما أحسن هذا! فلمّا انصرف قال: يا ربّ، إنّ صاحبي تزوّج امرأةً بألف دينارٍ، وإنّي أسألك امرأةً من الحور العين. فتصدّق بألف دينارٍ، ثمّ إنّه مكث ما شاء اللّه أن يمكث. ثمّ اشترى بستانين بألفي دينارٍ، ثمّ دعاه فأراه فقال: إنّي ابتعت هذين البستانين. فقال: ما أحسن هذا! فلمّا خرج قال: يا ربّ، إنّ صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينارٍ، وأنا أسألك بستانين في الجنّة. فتصدّق بألفي دينارٍ، ثمّ إن الملك أتاهما فتوفّاهما، ثمّ انطلق بهذا المتصدّق، فأدخله دارًا تعجبه، وإذا امرأةٌ تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثمّ أدخله بستانين وشيئًا اللّه به عليمٌ، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجلٍ كان من أمره كذا وكذا. قال: فإنّه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة. قال: فإنّه كان لي صاحبٌ يقول: أئنّك لمن المصدّقين؟ قيل له: فإنّه في الجحيم. قال: هل أنتم مطّلعون؟ فاطّلع فرآه في سواء الجحيم. فقال عند ذلك: {تاللّه إن كدت لتردين. ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} الآيات.
قال ابن جريرٍ: وهذا يقوّي قراءة من قرأ: "أئنّك لمن المصّدّقين" بالتّشديد.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا عمر بن عبد الرّحمن الأبّار أبو حفصٍ قال: سألت إسماعيل السّدّيّ عن هذه الآية: {قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرينٌ. يقول أئنّك لمن المصدّقين} ? قال: فقال لي: ما ذكّرك هذا؟ قلت: قرأته آنفًا فأحببت أن أسألك عنه؟ فقال: أما فاحفظ، كان شريكان في بني إسرائيل، أحدهما مؤمنٌ والآخر كافرٌ، فافترقا على ستّة آلاف دينارٍ، كلّ واحدٍ منهما ثلاثة آلاف دينارٍ، فمكثا ما شاء اللّه أن يمكثا، ثمّ التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضربت به شيئًا؟ أتّجرت به في شيءٍ؟ فقال له المؤمن: لا فما صنعت أنت؟ فقال: اشتريت به أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا قال: فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم. فرجع المؤمن حتّى إذا كان اللّيل صلّى ما شاء اللّه أن يصلّي، فلمّا انصرف أخذ ألف دينارٍ فوضعها بين يديه، ثمّ قال: اللهم إن فلانا -يعني شريكه الكافر-اشترى أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا بألف دينارٍ، ثمّ يموت غدًا ويتركها، اللّهمّ إنّي اشتريت منك بهذه الألف دينارٍ أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا في الجنّة. قال: ثمّ أصبح فقسمها في المساكين. قال: ثمّ مكثا ما شاء اللّه أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك، أضربت به في شيءٍ؟ أتّجرت به في شيءٍ؟ قال: لا فما صنعت أنت. قال: كانت ضيعتي قد اشتدّ عليّ مؤنتها، فاشتريت رقيقًا بألف دينارٍ، يقومون بي فيها، ويعملون لي فيها. فقال له المؤمن: أوفعلت؟ قال: نعم. قال: فرجع المؤمن حتّى إذا كان اللّيل صلّى ما شاء اللّه أن يصلّي، فلمّا انصرف أخذ ألف دينارٍ فوضعها بين يديه، ثمّ قال: اللهم إن فلانا -يعني شريكه الكافر-اشترى رقيقًا من رقيق الدّنيا بألف دينارٍ، يموت غدًا ويتركهم، أو يموتون فيتركونه، اللّهمّ، وإنّي أشتري منك بهذه الألف الدّينار رقيقًا في الجنّة. ثمّ أصبح فقسمها في المساكين. قال: ثمّ مكثا ما شاء اللّه تعالى أن يمكثا، ثمّ التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضربت به في شيءٍ؟ أتّجرت به في شيءٍ؟ قال لا فما صنعت أنت؟ قال: أمري كلّه قد تمّ إلّا شيئًا واحدًا، فلانةٌ قد مات عنها زوجها، فأصدقتها ألف دينارٍ، فجاءتني بها ومثلها معها. فقال له المؤمن: أوفعلت؟ قال: نعم. فرجع المؤمن حتّى إذا كان اللّيل صلّى ما شاء اللّه أن يصلّي، فلمّا انصرف أخذ الألف الدّينار الباقية، فوضعها بين يديه، وقال: اللّهمّ إن فلانًا -يعني شريكه الكافر-تزوّج زوجةً من أزواج الدّنيا فيموت غدًا فيتركها، أو يموت فتتركه، اللّهمّ وإنّي أخطب إليك بهذه الألف الدّينار حوراء عيناء في الجنّة. ثمّ أصبح فقسمها بين المساكين. قال: فبقي المؤمن ليس عنده شيءٌ. قال: فلبس قميصًا من قطنٍ، وكساءً من صوفٍ، ثمّ أخذ مرًّا فجعله على رقبته، يعمل الشّيء ويحفر الشّيء بقوّته. قال: فجاءه رجلٌ فقال: يا عبد اللّه، أتؤاجرني نفسك مشاهرةً، شهرًا بشهرٍ، تقوم على دوابٍّ لي تعلفها وتكنس سرقينها؟ قال: نعم. قال: فواجره نفسه مشاهرةً، شهرًا بشهرٍ، يقوم على دوابّه. قال: فكان صاحب الدّوابّ يغدو كلّ يومٍ ينظر إلى دوابّه، فإذا رأى منها دابّةً ضامرةً، أخذ برأسه فوجأ عنقه، ثمّ يقول له: سرقت شعير هذه البارحة؟ فلمّا رأى المؤمن هذه الشّدّة قال: لآتينّ شريكي الكافر، فلأعملنّ في أرضه فيطعمني هذه الكسرة يومًا، ويكسوني هذين الثّوبين إذا بليا. قال: فانطلق يريده، فلمّا انتهى إلى بابه وهو ممسٍ، فإذا قصرٌ مشيّدٌ في السّماء، وإذا حوله البوّابون فقال لهم: استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنّكم إذا فعلتم سرّه ذلك، فقالوا له: انطلق إن كنت صادقًا فنم في ناحيةٍ، فإذا أصبحت فتعرّض له. قال: فانطلق المؤمن، فألقى نصف كسائه تحته، ونصفه فوقه، ثمّ نام. فلمّا أصبح أتى شريكه فتعرّض له، فخرج شريكه الكافر وهو راكبٌ، فلمّا رآه عرفه فوقف عليه وسلّم عليه وصافحه، ثمّ قال له: ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت؟ قال: بلى وهذه حالي وهذه حالك. قال: أخبرني ما صنعت في مالك؟ قال: لا تسألني عنه. قال: فما جاء بك؟ قال: جئت أعمل في أرضك هذه، فتطعمني هذه الكسرة يومًا بيومٍ، وتكسوني هذين الثّوبين إذا بليا. قال: لا ولكن أصنع بك ما هو خيرٌ من هذا، ولكن لا ترى منّي خيرًا حتّى تخبرني ما صنعت في مالك؟ قال: أقرضته: قال: من؟ قال: المليء الوفيّ. قال: من؟ قال: اللّه ربّي. قال: وهو مصافحه فانتزع يده من يده، ثمّ قال: {أئنّك لمن المصدّقين. أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} -قال السّدّيّ: محاسبون-قال: فانطلق الكافر وتركه. قال: فلمّا رآه المؤمن ليس يلوي عليه، رجع وتركه، يعيش المؤمن في شدّةٍ من الزّمان، ويعيش الكافر في رخاءٍ من الزّمان. قال: فإذا كان يوم القيامة وأدخل اللّه المؤمن الجنّة، يمرّ فإذا هو بأرضٍ ونخلٍ وثمارٍ وأنهارٍ، فيقول: لمن هذا ؟ فيقال: هذا لك. فيقول: يا سبحان الله! أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟! قال: ثمّ يمرّ فإذا هو برقيقٍ لا تحصى عدّتهم، فيقول: لمن هذا؟ فيقال: هؤلاء لك. فيقول: يا سبحان الله! أوبلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟! قال: ثمّ يمرّ فإذا هو بقبّةٍ من ياقوتةٍ حمراء مجوّفةٍ، فيها حوراء عيناء، فيقول: لمن هذه؟ فيقال: هذه لك. فيقول: يا سبحان الله! أوبلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟! قال: ثمّ يذكر المؤمن شريكه الكافر فيقول: {إنّي كان لي قرينٌ. يقول أئنّك لمن المصدّقين. أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون} قال: فالجنّة عاليةٌ، والنّار هاويةٌ. قال:فيريه اللّه شريكه في وسط الجحيم، من بين أهل النّار، فإذا رآه المؤمن عرفه، فيقول {تاللّه إن كدت لتردين. ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين. أفما نحن بميّتين. إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذّبين. إنّ هذا لهو الفوز العظيم. لمثل هذا فليعمل العاملون} بمثل ما منّ عليه. قال: فيتذكّر المؤمن ما مرّ عليه في الدّنيا من الشّدّة، فلا يذكر ممّا مرّ عليه في الدّنيا من الشّدّة، أشدّ عليه من الموت). [تفسير ابن كثير: 7/ 16-18]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة