التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن نعمّره} [يس: 68]، أي: إلى أرذل العمر.
{ننكّسه في الخلق} [يس: 68] فيكون بمنزلة الصّبيّ الّذي لا يعقل، كقوله:
[تفسير القرآن العظيم: 2/817]
{ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا} [الحج: 5].
قال: {أفلا يعقلون} [يس: 68]، يعني به المشركين، أي: فالّذي خلقكم، ثمّ جعلكم شبابًا ثمّ جعلكم شيوخًا، ثمّ نكّسكم في الخلق، فردّكم بمنزلة الطّفل الّذي لا يعقل شيئًا قادرٌ على أن يبعثكم يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/818]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ننكّسه في الخلق...}
قرأ عاصم , والأعمش , وحمزة: {ننكّسه} بالتشديد , وقرأ الحسن , وأهل المدينة :{ننكسه} بالتخفيف وفتح النون). [معاني القرآن: 2/381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ومن نعمّره ننكّسه} في الخلق , أي : نرده إلى أرذل العمر.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن نعمّره ننكّسه في الخلق أفلا يعقلون (68)}
{ننكس}, و{ننكّسه}, و{ننكسه}, يقال : نكسته , أنكسه , وأنكسه جميعا، ومعناه : من أطلنا عمره , نكّسنا خلقه، فصار بدل القوة : ضعفا , وبدل الشباب هرما.). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون}
قال قتادة: (هو الهرم يتغير سمعه , وبصره , وقوته كما رأيت).). [معاني القرآن: 5/514]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما علّمناه الشّعر} [يس: 69]، يعني: النّبيّ عليه السّلام.
{وما ينبغي له} [يس: 69] أن يكون شاعرًا ولا يروي الشّعر....
أنّ عائشة قالت: لم يتكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ببيت شعرٍ قطّ غير أنّه أراد مرّةً أن يتمثّل ببيت شاعر بني فلانٍ فلم يقمه.
قال يحيى: أظنّه الأعشى، وبعضهم يقول: طرفة.
أبانٌ العطّار أو غيره أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " قاتل اللّه طرفة حيث يقول: ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار فقيل له: إنّه قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد.
فقال: سواءٌ ".
قال: {إن هو} [يس: 69]، يعني: ما هو.
{إلا ذكرٌ وقرءانٌ مبينٌ} [يس: 69]، يعني: ما هو إلا تفكّرٌ للعالمين لمن آمن من الجنّ والإنس.
وقال الحسن: {إن هو إلا ذكرٌ} [يس: 69] يذكرون به الجنّة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/818]
وقال بعضهم: {إن هو إلا ذكرٌ} [يس: 69] تذكّرٌ في ذات اللّه {وقرءانٌ مبينٌ} [يس: 69] بيّنٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {وما علّمناه الشّعر وما ينبغي له إن هو إلّا ذكر وقرآن مبين (69)}
أي : ما علمنا محمدا صلى الله عليه وسلم قول الشعر.
{وما ينبغي له}: أي: ما يتسهل له ذلك.
{إن هو إلّا ذكر وقرآن مبين}: أي: الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم , وزعم الكفار أنه شعر ما هو بشعر.
وليس يوجب هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمثل ببيت شعر قط.
إنما يوجب هذا أن يكون النبي عليه السلام ليس بشاعر، وأن يكون القرآن الذي أتى به من عند اللّه؛ لأنه مباين لكلام المخلوقين, وأوزان أشعار العرب.
والقرآن آية معجزة تدل على أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم , وآياته ثابتة أبدا.). [معاني القرآن: 4/293-294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له}
أي : ما ينبغي أن يقوله.
قال أبو إسحاق : ليس هذا يوجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمثل بيت شعر , ولكنه يوجب أنه صلى الله عليه وسلم ليس بشاعر , وأن القرآن لا يشبه الشعر .
قال قتادة: (بلغني أن عائشة قالت: لم يتمثل النبي صلى الله عليه وسلم بيت شعر إلا بيت طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا = ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فقال : ((ويأتيك من لم تزود بالأخبار)) .
فقال أبو بكر : ليس هو كذلك , يا رسول الله .
فقال: ((إني لا أحسن الشعر , ولا ينبغي لي)).). [معاني القرآن: 5/515]
تفسير قوله تعالى:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لينذر} [يس: 70] من النّار، من قرأها بالياء يقول لينذر القرآن، ومن قرأها بالتّاء يقول: لتنذر يا محمّد.
{من كان حيًّا} [يس: 70] مؤمنًا.
وقال السّدّيّ: يعني: مهتديًا، مؤمنًا في علم اللّه، هو الّذي يقبل نذارتك.
{ويحقّ القول} [يس: 70] الغضب.
{على الكافرين} [يس: 70] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {لينذر من كان حيًّا}: أي : مؤمنا., ويقال: عاقلا.).
[تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لينذر من كان حيّا ويحقّ القول على الكافرين (70)}
يجوز أن يكون المضمر في قوله :{لينذر} :النبي عليه السلام.
وجائز أن يكون القرآن , ومعنى: {من كان حيّا}
أي : من كان يعقل ما يخاطب به، فإن الكافر كالميّت في أنه لم يتدبّر , فيعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم , وما جاء به حق.
{ويحقّ القول على الكافرين}:
ويجوز {ويحقّ القول}: أي: يوجب الحجة عليهم.
ويجوز لتنذر من كان حيّا بالتاء : خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
ويجوز : لينذر أي: ليعلم، يقال : نذرت بكذا وكذا، أنذر مثل : علمت , أعلم.). [معاني القرآن: 4/294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَن كَانَ حَيًّا}: أي: مؤمناً , وقيل: عاقلاً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]