التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {اتّقوا ما بين أيديكم...}
من عذاب الآخرة :{وما خلفكم} : من عذاب الدنيا ممّا لا تأمنون من عذاب ثمود , ومن مضى.). [معاني القرآن: 2/379]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ كانوا عنها معرضين...}: جواب للآية، وجواب لقوله: {وإذا قيل لهم اتّقوا} , فلمّا أن كانوا معرضين عن كلّ آية كفى جواب واحدةٍ من ثنتين؛ لأن المعنى: وإذا قيل لهم: اتقوا , أعرضوا، وإذا أتتهم آية, أعرضوا.). [معاني القرآن: 2/379] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا قيل لهم اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلّكم ترحمون (45)}
ما أسلفتم من ذنوبكم، وما تعملونه فيما تستقبلون.
وقيل : ما بين أيديكم , وما خلفكم، على معنى : اتقوا أن ينزل بكم من العذاب مثل الذي نزل بالأمم قبلكم، وما خلفكم، أي: اتقوا عذاب الآخرة.
ومثله :{فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}. ). [معاني القرآن: 4/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم}
قال قتادة : أي : (ما بين أيديكم من الوقائع فيمن كان قبلكم , {وما خلفكم}), قال: (من الآخرة) .
والمعنى على قول الحكم بن عتيبة : (ما بين أيديكم من الدنيا , أي : مثل ما أصاب عادا وثمودا , وما خلفكم الآخرة) .
وعلى قول مجاهد: (ما بين أيديكم من ذنوبكم , وما لم تعملوه) .
وعلى قول ابن عباس , وسعيد بن جبير : (ما بين أيديكم الآخرة , وما خلفكم الدنيا , وكذلك قالا في قول الله جل وعز: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم})
والتقدير في العربية , وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم , وما خلفكم , أعرضوا.
ودل على هذا الحذف قوله تعالى: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}. ). [معاني القرآن: 5/499-501]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ كانوا عنها معرضين...}: جواب للآية، وجواب لقوله: {وإذا قيل لهم اتّقوا} .
فلمّا أن كانوا معرضين عن كلّ آية , كفى جواب واحدةٍ من اثنتين؛ لأن المعنى: وإذا قيل لهم: اتقوا , أعرضوا، وإذا أتتهم آية , أعرضوا.). [معاني القرآن: 2/379]
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }(47)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا قيل لهم أنفقوا ممّا رزقكم اللّه قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أنطعم من لو يشاء اللّه أطعمه إن أنتم إلّا في ضلال مبين (47)}
أي : أطعموا , وتصدّقوا.
{قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أنطعم من لو يشاء اللّه أطعم}: كأنهم يقولون هذا على حد الاستهزاء.
وجاء في التفسير : أنها نزلت في الزنادقة، وقيل : في قوم من اليهود.). [معاني القرآن: 4/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله}
قال الحسن: (هم اليهود , ثم قال جل وعز: {قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه}
يقولون : هذا على التهزؤ).). [معاني القرآن: 5/501]
تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48)}: متى إنجاز هذا الوعد، أردنا ذلك.). [معاني القرآن: 4/289]
تفسير قوله تعالى:{مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وهم يخصّمون...}
قرأها يحيى بن وثّابٍ : {يخصمون} , وقرأها عاصم : {يخصّمون} ينصب الياء , ويكسر الخاء.
ويجوز نصب الخاء؛ لأن التاء كانت تكون منصوبة فنقل إعرابها إلى الخاء,والكسر أكثر وأجود.
وقرأها أهل الحجاز {يخصّمون} يشدّدون, ويجمعون بين ساكنين.
وهي في قراءة أبيّ بن كعب: {يختصمون}, فهذه حجّة لمن يشدد.
وأما معنى يحيى بن وثّابٍ , فيكون على معنى : يفعلون من الخصومة , كأنه قال: وهم يتكلّمون .
ويكون على وجهٍ آخر: {وهم يخصمون}: وهم في أنفسهم يخصمون من وعدهم الساعة.وهو وجه حسن .
أي: تأخذهم السّاعة لأن المعنى: وهم عند أنفسهم يغلبون من قال لهم: أن الساعة آتية.).[معاني القرآن: 2/379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يخصّمون}: أي : يختصمون, فأدغم التاء في الصاد.). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ما ينظرون إلّا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصّمون (49)}
في {يخصّمون} أربعة أوجه:
سكون الخاء , والصاد مع تشديد الصاد على جمع بين ساكنين، وهو أشد الأربعة وأردؤها، وكان بعض من يروي قراءة أهل المدينة , يذهب إلى أن هذا .
لم يضبط عن أهل المدينة , كما لم يضبط عن أبي عمرو :{إلى بارئكم}
وإنّما زعم أن هذا تختلس فيه الحركة اختلاسا , وهي فتحة الخاء، والقول كما قال.
والقراءة الجيّدة {يخصّمون} بفتح الخاء، والأصل : يختصمون.
فطرحت فتحة التاء على الخاء، وأدغمت في الصاد، وكسر الخاء جيّد أيضا - تكسر الخاء لسكونها وسكون - الصاد.
وقرئت : يختصمون، وهي جيدة أيضا , ومعناها: يأخذهم , وبعضهم يخصم بعضاً.
ويجوز أن يكون تأخذهم , وهم عند أنفسهم يخصمون في الحجة في أنهم لا يبعثون، فتقوم الساعة , وهم متشاغلون في متصرفاتهم.). [معاني القرآن: 4/289-290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون}
وفي حرف أبي : {وهم يختصمون}, والمعنى واحد.
ويقرأ :{يخصمون}: أي: يخصم بعضهم بعضًا .
ويجوز أن يكون معناه : وهم يخصمون عند أنفسهم بالحجة من آمن بالساعة.). [معاني القرآن: 5/502]
تفسير قوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا يستطيعون توصيةً...}
يقول: لا يستطيع بعضهم أن يوصي إلى بعضٍ.
{ولا إلى أهلهم يرجعون}: أي: لا يرجعون إلى أهلهم قولاً.
ويقال: لا يرجعون: لا يستطيعون الرجوع إلى أهليهم من الأسواق.). [معاني القرآن: 2/380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون (50)}: لا يستطيع أحد أن يوصي في شيء من أمره.
{ولا إلى أهلهم يرجعون}:لا يلبث إلى أن يصير إلى أهله ومنزله, يموت في مكانه.). [معاني القرآن: 4/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}
أي : لا يمهلون حتى يوصوا , ولا إلى أهلهم يرجعون, أي: يموتون مكانهم .
ويجوز أن يكون المعنى : ولا يرجعون إلى أهلهم قولاً.). [معاني القرآن: 5/500-503]