التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه} حمد نفسه وهو أهل الحمد.
{فاطر} خالق.
{السّموات والأرض جاعل الملائكة رسلا} [فاطر: 1] جعل من شاء منهم لرسالته، أي: إلى الأنبياء، كقوله: {اللّه يصطفي من الملائكة رسلا ومن النّاس} [الحج: 75].
قال: {أولي أجنحةٍ} [فاطر: 1] قال: ذوي أجنحةٍ.
{مثنى وثلاث ورباع} [فاطر: 1]
أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحةٍ ومنهم من له أربعة أجنحةٍ.
وحدّثني أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف، عن كعبٍ قال: إنّ أقرب الملائكة إلى اللّه إسرافيل وله أربعة أجنحةٍ، جناحٌ بالمشرق، وجناحٌ بالمغرب، وقد تسرول بالثّالث، والرّابع بينه وبين اللّوح المحفوظ،
[تفسير القرآن العظيم: 2/774]
فإذا أراد اللّه أمرًا أن يوحيه جاء اللّوح حتّى يصفّق جبهة إسرافيل، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الأمر مكتوبٌ، فينادي جبريل فيلبّيه فيقول: أمرت بكذا،
أمرت بكذا، فلا يهبط جبريل من سماءٍ إلى سماءٍ إلا فزع أهلها مخافة السّاعة حتّى يقول جبريل: الحقّ من عند الحقّ، فيهبط على النّبيّ فيوحي إليه.
- وأخبرني عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ للّه نهرًا في الجنّة يغتمس فيه جبريل ثمّ يخرج فينتفض، قال: فما من قطرةٍ تقطر من ريشه إلا خلق اللّه منها ملكًا ".
- وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن الحسن أنّ سائلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن خلق الملائكة فقال: من أيّ شيءٍ خلقت؟ فقال: " خلقت من نور الحجب السّبعين الّتي تلي الرّبّ، كلّ حجابٍ منها مسيرة خمس مائة عامٍ، فمنها خلقت الملائكة، فليس ملكٌ إلا هو يدخل في نهر الحياة، فيغتسل فيكون من كلّ قطرةٍ من ذلك الماء ملكًا من
الملائكة، فلا يحصي أحدٌ ما يكون في يومٍ واحدٍ، فهو قوله: {وما يعلم جنود ربّك إلا هو} [المدثر: 31].
قال يحيى: وأخبرني عن ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال: يدخل جبريل نهر النّور كلّ يومٍ سبعين مرّةً فيغتمس فيه ثمّ يخرج، فينتفض فيسقط منه سبعون ألف قطرةٍ تعود كلّ قطرةٍ ملكًا يسبّح اللّه إلى يوم القيامة.
قال يحيى: وأخبرني عن عبيد اللّه بن عمر قال: بلغني أنّ في السّماء ملكًا قد عظّمه اللّه وشرّفه، فيه ثلاث مائةٍ وستّون عينًا، بعضها مثل الشّمس وبعضها مثل القمر، وبعضها مثل الزّهرة يسبّح له منذ خلق، كلّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/775]
تسبيحةٍ تخرج من فيه ملكٌ.
قال يحيى: بلغني أنّ للّه تبارك وتعالى ديكًا، براثنه في الأرض السّفلى، وعنقه مثنيّةٌ تحت العرش، إذا بقي الثّلث الآخر من اللّيل خفق بجناحيه ثمّ قال: سبّوحٌ قدّوسٌ ربّ الملائكة والرّوح، فتسمعه الدّيكة فتصرخ لصراخه أو قال: لصوته.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أذن لي أن أحدّث عن ملكٍ من حملة العرش رجلاه في الأرض السّفلى، وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطّير مسيرة سبع مائة سنةٍ يقول: سبحانك حيث كنت ".
قال يحيى: بلغني أنّ اسمه زروفيل.
قال يحيى: وسمعت بعض أهل العلم يحدّث أنّ ملكًا نصفه نورٌ أو قال: نارٌ ونصفه ثلجٌ يقول: يا مؤلّف بين النّور أو قال: النّار والثّلج ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين.
- سعيدٌ، عن قتادة، عن نوفٍ البكاليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ اللّه خلق الملائكة والجنّ والإنس، فجزأه عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الملائكة وجزءٌ واحدٌ الجنّ والإنس، وجزأ الملائكة عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الكروبيّون الّذين {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون} [الأنبياء: 20] وجزءٌ منهم واحدٌ لرسالته ولخزائنه وما يشاء من أمره، وجزأ الجنّ
والإنس عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الجنّ، والإنس جزءٌ واحدٌ، فلا يولد من الإنس مولودٌ إلا ولد من الجنّ تسعةٌ، وجزأ الإنس عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم يأجوج
[تفسير القرآن العظيم: 2/776]
ومأجوج، وسائرهم سائر بني آدم.
{يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [فاطر: 1] تفسير الحسن: يزيد في أجنحتها ما يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يزيد في الخلق ما يشاء...}
هذا في الأجنحة التي جعلها لجبريل وميكائيل , يعني : بالزيادة في الأجنحة.). [معاني القرآن: 2/366]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مثنى وثلاث ورباع }: مجازه: اثنين , وثلاثة , وأربعة , فزعم النحويون أنه مما صرف عن وجهه لم ينون فيه , قال صخر بن عمرو:
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا= وتركت مرّة مثل أمس المدبر.). [مجاز القرآن: 2/152]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحةٍ مّثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
قال: {أولي أجنحةٍ مّثنى وثلاث ورباع}: فلم يصرفه لأنه توهم به "الثلاثة" , و"الأربعة", وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد.
وقال في مكان آخر : {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى}, وتقول "ادخلوا أحاد أحاد" كما تقول "ثلاث ثلاث".
وقال الشاعر:
أحمّ الله ذلك من لقاء = أحاد أحاد في شهرٍ حلال). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيء قدير (1)}
قال ابن عباس رحمه اللّه: (ما كنت أدري ما فاطر السّماوات والأرض حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر , فقال أحدهما: أنا فطرتها, أي: ابتدأتها).
وقيل :{فاطر السّماوات والأرض }: خالق السّماوات والأرض.
ويجوز : فاطر , وفاطر بالرفع والنصب، والقراءة على خفض: فاطر.
وكذلك: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}: معنى :أولي : أصحاب أجنحة، وثلاث, ورباع في موضع خفض.
وكذلك مثنى إلا أنه فتح ثلاث, ورباع؛ لأنه لا يتصرف لعلتين إحداهما أنه معدول عن ثلاثة ثلاثة , وأربعة أربعة , واثنين اثنين، فهذه علة.
والعلة الثانية: أن عدوله وقع في حال النّكرة.
قال الشاعر:
ولكنّما أهلي بواد أنيسه= سباغ تبغي الناس مثنى وموحدا
وقوله عزّ وجلّ: {يزيد في الخلق ما يشاء}:يعنى : في خلق الملائكة، والرسل من الملائكة : جبريل , وميكائيل , وإسرافيل, وملك الموت.). [معاني القرآن: 4/261]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله فاطر السموات والأرض}
قال ابن عباس: (ما كنت أدري ما فاطر حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر , فقال أحدهما : أنا فطرتها, أي: ابتدأتها).
ثم قال جل وعز: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}
الرسل منهم : جبريل , وميكائيل , وإسرافيل, وملك الموت صلى الله عليهم وسلم.
وقوله تعالى: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}, أي: أصحاب أجنحة: اثنين اثنين , وثلاثة ثلاثة , وأربعة أربعة في كل جانب
ثم قال جل وعز: {يزيد في الخلق ما يشاء}
أي : يزيد في خلق الملائكة ما يشاء
وقال الزهري: (يزيد في الخلق ما يشاء :حسن الصوت) , والأول أولى.). [معاني القرآن: 5/435-436]
تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما يفتح اللّه للنّاس} [فاطر: 2] ما يقسم اللّه للنّاس.
{من رحمةٍ} [فاطر: 2] من الخير والرّزق في تفسير الكلبيّ.
وتفسير السّدّيّ: يعني: ما يرسل اللّه للنّاس من رزقٍ فلا ممسك له.
وتفسير الحسن: ما يقسم اللّه للنّاس من رحمةٍ، ما ينزل من الوحي.
{فلا ممسك لها} [فاطر: 2] لا أحد يستطيع أن يمسك ما يقسم من رحمةٍ.
{وما يمسك فلا مرسل له من بعده} [فاطر: 2] من بعّد اللّه لا يستطيع أحدٌ أن يقسمه {وهو العزيز الحكيم} [فاطر: 2] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما يمسك فلا مرسل له...}
ولم يقل: لها، وقد قال قبل ذلك: {مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها}, فكان التأنيث في (لها) لظهور الرحمة, ولو قال: فلا ممسك له لجاز؛ لأن الهاء إنما ترجع على (ما) .
ولو قيل في الثانية: فلا مرسل لها لأن الضمير على الرّحمة جاز، ولكنها لمّا سقطت الرحمة من الثاني ذكّر على (ما) .). [معاني القرآن: 2/366]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}
وقال: {مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها}, فأنث لذكر الرحمة ,{وما يمسك فلا مرسل له من بعده} , فذكر , لأن لفظ (ما) يذكّر.). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ}: أي: من غيث.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} أي من رزق). [تأويل مشكل القرآن: 146]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده , وهو العزيز الحكيم (2)}
(يفتح): في موضع جزم على معنى : الشرط والجزاء، وجواب الجزاء : {فلا ممسك لها}, ولو كان فلا ممسك له لجاز لأن " ما " في لفظ تذكيرا، ولكنه لمّا جرى ذكر الرحمة كان فلا ممسك لها أحسن، ألا ترى إلى قوله:{وما يمسك فلا مرسل له من بعده}
ومعنى : ما يفتح الله , أي: ما يأتيهم به من مطر ورزق , فلا يقدر أحد أن يمسكه، وما يمسك اللّه من ذلك فلا يقدر قادر أن يرسله.
ويجوز - ولا أعلم أحدا قرأ به - " ما يفتح اللّه للناس من رحمة وما يمسك " , برفعهما على معنى الذي يفتحه اللّه للناس من رحمة فلا ممسك لها. والذي يمسك فلا مرسل له، ويجوز " فلا ممسك لها " بالتنوين، وما يمسك فلا مرسل له من بعده، ولا أعلم أحدا قرأ بها فلا تقرأنّ بما لم تثبت فيه رواية , وإن جاء في العربية لأن القراءة سنّة.). [معاني القرآن: 4/262]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}
أي : ما يأتي به الله جل وعز من الغيث , والرزق , فلا يقدر أحد على رده .
وقال قتادة : (من رحمة من خير , فلا يقدر أحد على حبسه).
وقوله تعالى: {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}
أي: فمن أين تصرفون عن التوحيد , والإيمان بالبعث بعد البراهين والآيات؟!.). [معاني القرآن: 5/437]
تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمت اللّه عليكم} [فاطر: 3] إنّه خلقكم ورزقكم {هل من خالقٍ غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض} [فاطر: 3] ما ينزل من السّماء من المطر وما ينبت في الأرض من النّبات.
{لا إله إلا هو} يقوله للمشركين يحتجّ به عليهم، وهو استفهامٌ، أي: لا خالق ولا رازق غيره، يقول: أنتم تقرّون بأنّ اللّه هو الّذي خلقكم ورزقكم، وأنتم تعبدون من دونه الآلهة.
{فأنّى تؤفكون} [فاطر: 3] فكيف تصرفون عقولكم فتعبدون غير اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم...}
وما كان في القرآن من قوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم}, فمعناه: احفظوا، كما تقول: اذكر أيادي عنك , أي: احفظها. وقوله: {هل من خالقٍ غير اللّه} : تقرأ {غير} , و{غير} , قرأها شقيق بن سلمة : (غير) , وهو وجه الكلام, وقرأها عاصم: {هل من خالقٍ غير اللّه} .
فمن خفض في الإعراب جعل (غير) من نعت الخالق, ومن رفع قال: أردت بغير إلاّ، فلمّا كانت ترتفع ما بعد (إلاّ) جعلت رفع ما بعد (إلاّ) في (غير), كما تقول: ما قام من أحدٍ إلاّ أبوك, وكلّ حسنٌ.
ولو نصبت (غير) إذا أريد بها (إلاّ) , كان صواباً.
العرب تقول: ما أتاني أحد غيرك , والرفع أكثر؛ لأنّ (إلا) تصلح في موضعها.). [معاني القرآن: 2/366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({اذكروا نعمت اللّه عليكم}: أي : احفظوها, تقول: اذكر أيادي عندك، أي: احفظها, وكل ما كان في القرآن من هذا , فهو مثله.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمت اللّه عليكم هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض لا إله إلّا هو فأنّى تؤفكون (3)}
هذا ذكر بعد قوله:{ما يفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسك لها}
فأكد ذلك بأن جعل السؤال لهم :{هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض}.
{هل من خالق غير اللّه}, وقرئت: {هل من خالق غير اللّه} بالرفع، على رفع غير.
المعنى : هل خالق غير اللّه ؟, لأن " من " مؤكدة، وقد قرئ بهما جميعا، غير وغير، وفيها وجه آخر يجوز في العربية نصب (غير).
{ هل من خالق غير اللّه يرزقكم}: ويكون النصب على الاستثناء، كأنّه: هل من خالق إلا اللّه يرزقكم.
{فأنّى تؤفكون}:أي : من أين يقع لكم الإفك والتكذيب بتوحيد اللّه وإنكار البعث.؟.). [معاني القرآن: 4/263]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسلٌ من قبلك} [فاطر: 4] يعزّيه بذلك ويأمره بالصّبر.
- وحدّثني أبو أميّة، عن الحسن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «والّذي نفسي بيده ما أحدٌ من هذه الأمّة أصابه من الجهد في اللّه الّذي أصابني».
[تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قال: {وإلى اللّه ترجع الأمور} [فاطر: 4] إليه مصيرها يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ({وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسل من قبلك وإلى اللّه ترجع الأمور (4)}
هذا تأسّ للنبي صلى الله عليه وسلم: أعلمه الله أنه قد كذبت رسل من قبله، وأعلمه أنه نصرهم , فقال جلّ وعزّ: {فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتّى أتاهم نصرنا}. {وإلى اللّه ترجع الأمور}:وترجع الأمور، المعنى : الأمر راجع إلى اللّه في مجازاة من كذّب، ونصرة من كذّب من رسله.). [معاني القرآن: 4/263]