التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ} [سبأ: 43] القرآن.
{قالوا ما هذا} [سبأ: 43] يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إلا رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا} [سبأ: 43]، أي: القرآن.
{إلا إفكٌ} [سبأ: 43] كذبٌ.
{مفترًى} [سبأ: 43] افتراه محمّدٌ.
قال اللّه: {وقال الّذين كفروا للحقّ} [سبأ: 43] للقرآن.
{لمّا جاءهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} [سبأ: 43] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها} [سبأ: 44] يقرءونها بما هم عليه من الشّرك.
{وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ} [سبأ: 44] كقوله: {لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك} [القصص: 46] من أنفسهم، يعني: قريشًا.
قال الحسن: وكان موسى عليهم حجّةً). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما آتيناهم مّن كتبٍ يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك مّن نّذيرٍ...}
أي : من أين كذّبوا بك , ولم يأتهم كتاب , ولا نذيرٌ بهذا.). [معاني القرآن: 2/364]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44)}
يعنى به : مشركو العرب بمكة لم يكونوا أصحاب كتب , ولا بعث بنبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم .). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}
أي: لم يكونوا أهل كتاب , ولم يبعث إليهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم.). [معاني القرآن: 5/421]
تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذّب الّذين من قبلهم} [سبأ: 45] من قبل قومك يا محمّد، يعني: من أهلك من الأمم السّالفة.
قال: {وما بلغوا} [سبأ: 45]، أي: وما بلغ هؤلاء.
{معشار} [سبأ: 45]، أي: عشر.
{ما آتيناهم} [سبأ: 45] من الدّنيا، يعني: الأمم السّالفة، وقال في آيةٍ أخرى: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادًا} [التوبة: 69].
[تفسير القرآن العظيم: 2/768]
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] قال: ما عملوا بعشر ما أمروا به.
قال: {فكذّبوا رسلي} [سبأ: 45] فأهلكتهم.
{فكيف كان نكير} [سبأ: 45]، أي: عقابي، على الاستفهام، أي: كان شديدًا، يحذّرهم أن ينزل بهم مثل ما نزل بهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/769]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكذّب الّذين من قبلهم...} وما بلغ أهل مكّة معشار الذين أهلكنا من القوّة في الأجسام , والأموال, ويقال: ما بلغوا معشار ما آتيناهم في العدّة, والمعشار في الوجهين العشر.). [معاني القرآن: 2/364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وما بلغوا معشار ما آتيناهم }:أي : عشر ما أعطيناهم, { فكيف كان نكير}: أي : تغييري , وعقوبتي.). [مجاز القرآن: 2/150]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}
وقال: {معشار ما آتيناهم}: أي: عشره, ولا يقولون: هذا في سوى العشر.).[معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({معشار ما آتيناهم}: عشره). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما بلغوا معشار ما آتيناهم} : أي: عشره.
{فكيف كان نكير}: أي: إنكاري, وكذلك: {فستعلمون كيف نذير}: أي: إنذاري , وجمعه: نكر ونذر.). [تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير (45)} أي : عشر الذي آتينا من قبلهم من القوة , والقدرة.
{فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}: حذفت الياء، المعنى : فكيف كان نكيري، لأنه آخر آية.). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم}
قال قتادة : (أي : كذب الذين قبل هؤلاء , وما بلغ هؤلاء معشار ما أوتي أولئك , كانوا أجلد وأقوى , وقد أهلكوا) .
قال أبو جعفر : معشار : بمعنى عشر , ونظير هذه الآية قوله تعالى: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} ). [معاني القرآن: 5/421-422]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {معشار}: أي: عشرا واحدا.). [ياقوتة الصراط: 415]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِعْشَار}: عشر.). [العمدة في غريب القرآن: 247]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شدِيدٍ (46)}َ قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {قل إنّما أعظكم بواحدةٍ} [سبأ: 46] بلا إله إلا اللّه، يقوله للمشركين.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ} [سبأ: 46] قال: أن تقوموا للّه واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، ثمّ تتفكّروا، ما بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من جنونٍ.
{إن هو إلا نذيرٌ لكم} [سبأ: 46] من العذاب.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {مثنى وفرادى} [سبأ: 46] واحدٌ واثنان.
قال: {بين يدي عذابٍ شديدٍ} [سبأ: 46] جهنّم أرسل اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم نذيرًا {بين يدي عذابٍ شديدٍ} [سبأ: 46]، يعني: عذاب جهنّم.
- حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن والمبارك، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّما مثلي ومثل السّاعة كهاتين فما فضل إحداهما على الأخرى» وجمع بين أصبعين: الوسطى والسّبّابة). [تفسير القرآن العظيم: 2/769]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {قل إنّما أعظكم بواحدةٍ...}
أي: يكفيني منكم أن يقوم الرجل منكم وحده، أو هو , وغيره، ثم تتفكروا ك هل جرّبتم على محمدٍ كذباً , أو رأوا به جنوناً؛ ففي ذلك ما يتيقنون أنه بني.) [معاني القرآن: 2/364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ مثنى وفرادى}: اثنين اثنين , وفرداً فرداً , ولا ينون في مثنى، زعم النحويون لأنه صرف عن وجهه.). [مجاز القرآن: 2/150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({مثنى}: أي : اثنين اثنين، {وفرادى}:واحدا واحدا.
ويريد بـ «المثنى»: أن يتناظروا في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وبـ «فرادي»: أن يفكروا, فإن في ذلك، ما دلهم على أن النبي صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم ليس بمجنون , ولا كذاب.). [تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.
تأويله أنّ المشركين قالوا: إن محمدا مجنون وساحر، وأشباه هذا من خرصهم، فقال الله جل وعز لنبيه صلّى الله عليه وسلم: قل لهم: اعتبروا أمري بواحدة، وهي أن تنصحوا لأنفسكم، ولا يميل بكم هوىّ عن حق، فتقوموا لله وفي ذاته، مقاما يخلو فيه الرجل منكم بصاحبه فيقول له: هلمّ فلنتصادق، هل رأينا بهذا الرجل جنّة قط أو جرينا عليه كذبا؟ فهذا موضع قيامهم مثنى.
ثم ينفرد كل واحد عن صاحبه فيفكّر وينظر ويعتبر. فهذا موضع قيامهم فرادى.
فإنّ في ذلك ما دلهم على أنه نذير.
وكل من تحير في أمر قد اشتبه عليه واستبهم، أخرجه من الحيرة فيه: أن يسأل ويناظر، ثم يفكّر ويعتبر). [تأويل مشكل القرآن: 312-313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل إنّما أعظكم بواحدة أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّة إن هو إلّا نذير لكم بين يدي عذاب شديد (46)ِ} أي : أعظكم بأن توحدوا الله , وأن تقولوا لا إله إلا اللّه مخلصا , وقد قيل : واحدة في الطاعة، والطاعة تتضمّن التوحيد والإخلاص.
المعنى:
فأنا أعظكم بهذه الخصلة الواحدة أن تقوموا، أي: لأن تقوموا. {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى}:أي :أعظكم بطاعة اللّه لأن تقوموا للّه منفردين ومجتمعين.
{ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّة}:المعنى : ثم تتفكروا فتعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو بمجنون كما تقولون، والجنّة الجنون.
{إن هو إلّا نذير لكم بين يدي عذاب شديد}:أي : ينذركم أنكم إن عصيتم , لقيتم عذابا شديدا.). [معاني القرآن: 4/256-257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى}
قال قتادة : (أي: واحدة أعظكم بها أن تقوموا لله, وهذا وعظهم) .
والمعنى على قول قتادة : إنما أعظكم بخصلة واحدة, ثم بينها فقال:{ أن تقوموا لله مثنى وفرادى }.
وقال مجاهد : {بواحدة}: (بطاعة الله جل وعز , وقيل : بتوحيده) .
والمعنى على هذا : لأن تقوموا لله مثنى وفرادى , ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة .
أي : يقوم أحدكم وحده , ويشاور غيره , فيقول : هل علمت أن هذا الرجل كذب قط , أو سحر , كهن , أو شعر,ثم تتفكروا بعد ذلك, فإنه يعلم أن ما جاء به من عند الله جل وعز .
ويقال:إن من تحير في أمر,ثم شاور فيه ثم فكر بعد ذلك تبين له الحق,واعتبر.). [معاني القرآن: 5/423]