العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة سبأ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:26 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة سبأ [ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

تفسير سورة سبأ
[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: {وقال الّذين كفروا} من مشركي العرب: {لن نؤمن بهذا القرآن} الّذي جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بالكتاب الّذي جاء به من قبله غيره من بين يديه.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه} قال: قال المشركون: لن نؤمن بهذا القرآن، ولا بالّذي بين يديه من الكتب والأنبياء.
وقوله: {ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم} يقول تعالى ذكره: ولو ترى يا محمّد الظّالمين إذ هم موقوفون عند ربّهم يتلاومون؛ يحاور بعضهم بعضًا، يقول المستضعفون كانوا في الدّنيا للّذين كانوا عليهم فيها يستكبرون: لولا أنتم أيّها الرّؤساء والكبراء في الدّنيا لكنّا مؤمنين باللّه وآياته). [جامع البيان: 19/289-290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى غذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن} قال: هذا قول مشركي العرب كفروا بالقرآن {ولا بالذي بين يديه} من الكتب والانبياء). [الدر المنثور: 12/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولا بالذي بين يديه} قال: التوراة والانجيل وفي قوله {يقول الذين استضعفوا} قال: هم الاتباع {للذين استكبروا} قال: هم القادة وفي قوله {بل مكر الليل والنهار} يقول: غركم اختلاف الليل والنهار). [الدر المنثور: 12/219-220]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال الّذين استكبروا للّذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: {قال الّذين استكبروا} في الدّنيا، فترأسوا في الضّلالة والكفر باللّه {للّذين استضعفوا} فيها فكانوا أتباعًا لأهل الضّلالة منهم إذ قالوا لهم: {لولا أنتم لكنّا مؤمنين}، {أنحن صددناكم عن الهدى} ومنعناكم من اتّباع الحقّ {بعد إذ جاءكم} من عند اللّه، فتبيّن لكم {بل كنتم مجرمين} فمنعكم إيثاركم الكفر باللّه على الإيمان من اتّباع الهدى والإيمان باللّه ورسوله). [جامع البيان: 19/290]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى بل مكر الليل قال بل مكركم بالليل والنهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/132]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن ابن جبيرٍ {بل مكر اللّيل والنّهار} قال مرّ اللّيل والنّهار). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 406]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيدٍ في قوله: {بل مكر اللّيل والنهار} قال: بل مرّ اللّيل والنّهار). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 38] [سعيد: هو ابن جبير]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلاّ ما كانوا يعملون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: {وقال الّذين استضعفوا} من الكفرة باللّه في الدّنيا، فكانوا أتباعًا لرؤسائهم في الضّلالة {للّذين استكبروا} فيها، فكانوا لهم رؤساء بل مكركم بنا باللّيل والنّهار صدّنا عن الهدى {إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له} أمثالاً وأشباهًا في العبادة والألوهة.
وأضيف المكر إلى اللّيل والنّهار والمعنى ما ذكرنا من مكر المستكبرين بالمستضعفين في اللّيل والنّهار، على اتّساع العرب في الّذي قد عرف معناها فيه من منطقها، من نقل صفة الشّيء إلى غيره، فتقول للرّجل: يا فلان نهارك صائمٌ وليلك قائمٌ، وكما قال الشّاعر:
ونمت وما ليل المطيّ بنائم
وما أشبه ذلك ممّا قد مضى بيانًا له في غير هذا الموضع من كتابنا هذا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} يقول: بل مكركم بنا في اللّيل والنّهار أيّها العظماء الرّؤساء حتّى أزلتمونا عن عبادة اللّه.
وقد ذكر في تأويله عن سعيد بن جبيرٍ ما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ {بل مكر اللّيل والنّهار} قال: مرّ اللّيل والنّهار.
وقوله: {إذ تأمروننا أن نكفر باللّه} يقول: حين تأمروننا أن نكفر باللّه.
وقوله: {ونجعل له أندادًا} يقول: شركاء.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ونجعل له أندادًا} شركاء.
قوله: {وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب} يقول: وندموا على ما فرّطوا فيه من طاعة اللّه في الدّنيا حين عاينوا عذاب اللّه الّذي أعدّه لهم
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وأسرّوا النّدامة} بينهم {لمّا رأوا العذاب}.
وقوله: {وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا} يقول: وغلّت أيدي الكافرين باللّه في جهنّم إلى أعناقهم في جوامع من نار جهنّم، جزاءً بما كانوا باللّه في الدّنيا يكفرون، يقول جلّ ثناؤه: ما يفعل اللّه ذلك بهم إلاّ ثوابًا لأعمالهم الخبيثة الّتي كانوا في الدّنيا يعملونها، ومكافأةً لهم عليها). [جامع البيان: 19/290-293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال: بل مكركم بما في الليل والنهار). [الدر المنثور: 12/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال: بل مكركم بالليل والنهار). [الدر المنثور: 12/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال: بل مكركم بما في الليل والنهار يا أيها العظماء والرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله تعالى.
أما قوله تعالى: {وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا}.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب.
فحدث به أبو سليمان الداراني رضي الله عنه فبكى ثم قال: فكيف به لو جمع هذا كله عليه فجعل القيد في رجليه والغل في يديه والسلسلة في عنقه ثم أدخل الدار وأدخل المغار). [الدر المنثور: 12/220-221]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 10:30 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن} [سبأ: 31] لن نصدّق.
{بهذا القرءان ولا بالّذي بين يديه} [سبأ: 31] يعنون التّوراة والإنجيل.
إنّ اللّه أمر المؤمنين أن يصدّقوا بالقرآن والتّوراة وبالإنجيل أنّها من عند اللّه، ولا يعمل بما فيها إلا ما وافق القرآن.
قال يحيى: وبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا نزل في القرآن شيءٌ ممّا ذكر في التّوراة والإنجيل عمل به، فإذا نزل في القرآن ما
[تفسير القرآن العظيم: 2/761]
ينسخه تركه، وقد نزل في القرآن شيءٌ ممّا في التّوراة والإنجيل ولم ينسخ في القرآن , مثل قوله: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس} [المائدة: 45] إلى آخر الآية، فنحن نعمل بها لأنّها لم تنسخ، فجحد مشركو العرب القرآن والتّوراة والإنجيل في قوله: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرءان ولا بالّذي بين يديه} [سبأ: 31].
وقال الحسن: قد كان كتاب موسى حجّةً على مشركي العرب، قال: {قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى ومحمّدٌ عليهما السّلام، وقال سعيد بن جبيرٍ: موسى وهارون: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] قال اللّه: {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 49].
قال: {ولو ترى إذ الظّالمون} [سبأ: 31] المشركون.
{موقوفون عند ربّهم} [سبأ: 31] يوم القيامة.
{يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا} [سبأ: 31] وهم السّفلة.
{للّذين استكبروا} [سبأ: 31] وهم الرّؤساء والقادة في الشّرك.
وقال السّدّيّ: {يقول الّذين استضعفوا} [سبأ: 31]، يعني: الأتباع من الكفّار، {للّذين استكبروا} [سبأ: 31]، يعني: الكبراء والقادة في الكفر.
{لولا أنتم لكنّا مؤمنين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/762]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لن نّؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه...}: التوراة: لمّا قال أهل الكتاب: صفة محمّد في كتابنا : كفر أهل مكة بالقرآن , وبالذي بين يديه: الذي قبله التوراة.).
[معاني القرآن: 2/362]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا لن نّؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين}
وقال: {يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول} : لأنك تقول: {قد رجعت إليه القول}.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين (31)}
يعنون : لا نؤمن بما أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا بالكتب المتقدّمة.). [معاني القرآن: 4/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}
قال أبو إسحاق : يعني : الكتب المتقدمة , وهم كفار العرب.). [معاني القرآن: 5/418]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال الّذين استكبروا} [سبأ: 32]، يعني: الكبراء والقادة في الكفر.
{للّذين استضعفوا}، يعني: الأتباع.
{أنحن صددناكم} [سبأ: 32] على الاستفهام.
{عن الهدى} [سبأ: 32]، يعني: عن الإيمان، وهو تفسير السّدّيّ.
{بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين} [سبأ: 32] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/762]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا} [سبأ: 33] أبو حفصٍ، عن عمرٍو، عن الحسن: قال الّذين استضعفوا: بنو آدم، للّذين استكبروا: الشّياطين.
{وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار} [سبأ: 33]، أي: بل مكركم باللّيل والنّهار، أي: كذبكم وكفركم.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه} [سبأ: 33] في تفسير الحسن.
وتفسير الكلبيّ: {بل مكر اللّيل والنّهار} [سبأ: 33] بل قولكم لنا باللّيل والنّهار.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} [سبأ: 33]، يعني: أوثانهم عدلوها باللّه فعبدوها دونه.
قال: {وأسرّوا النّدامة} [سبأ: 33] في أنفسهم يوم القيامة.
{لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلا} [سبأ: 33] على الاستفهام.
{ما كانوا يعملون}، أي: أنّهم لا يجزون إلا ما كانوا يعملون). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بل مكر اللّيل والنّهار...}
المكر ليس لليل , ولا للنهار، إنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار, وقد يجوز أن نضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين، لأن العرب تقول: نهارك صائم، وليلك نائم، ثم تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو في المعنى للآدميّين، كما تقول: نام ليلك، وعزم الأمر، إنما عزمه القوم, فهذا مما يعرف معناه , فتتّسع به العرب.). [معاني القرآن: 2/363]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ونجعل له أنداداً }: أي: أضداد، واحده ند وضد , قال حسان بن ثابت:
أتهجوه ولست له بندّ= فشرّكما لخيركما الفداء.
{ هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}: مجازها هاهنا مجاز الإيجاب وليس باستفهام، مجازه: ما يجزون إلا ما كانوا يعلمون.). [مجاز القرآن: 2/149]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نّكفر باللّه ونجعل له أنداداً وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلاّ ما كانوا يعملون}
وقال: {بل مكر اللّيل والنّهار} : أي: هذا مكر اللّيل والنهار, والليل والنهار لا يمكران بأحد , ولكن يمكر فيهما , كقوله: {مّن قريتك الّتي أخرجتك} : وهذا من سعة العربية.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بل مكر اللّيل والنّهار} أي : مكركم في الليل والنهار.
{وأسرّوا النّدامة} : أي: أظهروها يقال: أسررت الشيء: أخفيته، وأظهرته, وهو من الأضداد.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي مكركم في الليل والنهار). [تأويل مشكل القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادا وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلّا ما كانوا يعملون (33)}


{بل مكر اللّيل والنّهار}: معناه : بل مكركم في الليل والنهار.

{ونجعل له أندادا}: أشباها.
{وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب}: أسروها بينهم, أقبل بعضهم يلوم بعضا، ويعرّف بعضهم بعضا الندامة.). [معاني القرآن: 4/255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {بل مكر الليل والنهار}
روى معمر , عن قتادة: (أي : بل مكركم بالليل والنهار) .
وقرأ سعيد بن جبير : {بل مكر الليل والنهار }: (من الكرور) .
وقرأ راشد : وهو الذي كان ينظر في المصاحف وقت الحجاج : {بل مكر الليل والنهار }
والمعنى : وقت مكر الليل , والنهار.). [معاني القرآن: 5/419]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ}: أي: أظهروها , وهو من الأضداد.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 10:31 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يكون مضمرا فيه الاسم
متحولا عن حاله إذا أظهر بعده الاسم
وذلك لولاك ولولاي إذا أضمرت الاسم فيه جر وإذا أظهرت رفع ولو جاءت علامة الإضمار على القياس لقلت لولا أنت كما قال سبحانه: {لولا أنتم لكنا مؤمنين} ولكنهم جعلوه مضمرا مجرورا). [الكتاب: 2/373]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما قوله: لولاك فإن سيبويه يزعم أن لولا تخفض المضمر ويرتفع بعدها الظاهر بالابتداء. فيقال: إذا قلت لولاك، فما الدليل على أن الكاف مخفوضة دون أن تكون منصوبة، وضمير النصب كضمير الخفض? فتقول: إنك تقول لنفسك: لولاي، ولو كانت منصوبة لكانت النون قبل الياء، كقولك: رماني وأعطاني، قال يزيد بن الحكم الثقفي:
وكم موطن لولاي طحت كما هوى = بأجرامه من قلة النيق منهوي
النيق: أعلى الجبل، وجزم الإنسان خلقه.
فيقال له: الضمير في موضع ظاهره، فكيف يكون مختلفًا? وإن كان هذا جائزًا فلم لا يكون في الفعل وما أشبهه، نحو إن وما كان معها في الباب? وزعم الأخفش سعيد أن ضمير مرفوع، ولكن وافق ضمير الخفض، كما يستوي الخفض والنصب، فيقال: فهل هذا في غير هذا الموضع? قال أبو العباس: والذي أقوله أن هذا خطأ لا يصلح، إلا أن تقول: لولا أنت، كما قال عز وجل: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}. ومن خالفنا "فهو لا بد" يزعم أن الذي قلناه أجود، ويدعي الوجه الآخر فيجيزه على بعده). [الكامل: 3/1277-1278]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وإذ وإذا حرفان؛ تكون (إذ) للماضي و(إذا) للمستقبل، وهذا هو المشهور فيهما، وتكون إذ للمستقبل، وإذا للماضي إذا شهر المعنى ولم يقع فيه لبس. فأما كون إذ للماضي وإذا للمستقبل فشهرته تغني عن إقامة الشواهد عليه، وأما كون إذ للمستقبل فقول الله عز وجل: {ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}، أراد المستقبل، وكذلك قوله: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}، معناه إذا يفزعون. وقال جل جلاله: {إذ قال الله يا عيسى بن مريم}، معناه: (وإذا يقول الله)؛ وأما كون إذا للماضي فقول الشاعر، وهو أوس بن حجر:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يتركوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمال البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
أراد: إذ لم يتركوا تحت عائذ، والعائذ: الناقة الحديثة النتاج، وجمعها عوذ
وقال بعض أهل اللغة: إذا لم تقع في هذا البيت إلا للمستقبل؛ لأن المعنى: والذي يحفظ الناس إذا كان كذا وكذا، والأول قول قطرب.
وقال الآخر:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
معناه إذا هازلتهن، وقال أبو النجم:
ثم جزاه الله عنا إذ جزى = جنات عدن في العالي العلا
أراد إذا جزى.
وقال بعض أهل العلم: إنما جاز أن تكون إذ بمعنى إذا في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم}، لأنه لما وقع في علم الله عز وجل أن هذا كائن لا محالة كان بمنزلة المشاهد الموجود، فخبر عنه بالمضي، كما قال: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار}، وهو يريد: (وينادي) وروى قطرب هذا البيت:
وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
أراد (إذا تغورت). ورواه غير قطرب: (سقيت وقد تغورت) ). [كتاب الأضداد: 118-119]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومثل ما أجرى مجرى هذا في سعة الكلام والاستخفاف قوله عزّ وجلّ: {بل مكر الليل والنهار}. فالليل والنهار لا يمكران ولكنّ المكر فيهما). [الكتاب: 1/176]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما جاء على اتّساع الكلام والاختصار قوله تعالى جدّه: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} إنّما يريد أهل القرية فاختصر وعمل الفعل في القرية كما كان عاملاً في الأهل لو كان ها هنا.
ومثله: {بل مكر الليل والنهار} وإنّما المعنى بل مكركم في الليل والنهار. وقال عزّ وجلّ: {ولكن البر من آمن بالله} وإنّما هو ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله واليوم الآخر.
ومثله في الاتّساع قوله عزّ وجلّ: {ومثل الّذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاءً ونداءً} فلم يشبّهوا بما ينعق وإنّما شبّهوا بالمنعوق به. وإنّما المعنى مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع. ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى). [الكتاب: 1/212] (م)
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ويقال أيضا: أسررت الشيء، كتمته، وأسررته: أظهرته. وقد سر زيد ذلك، أي: أظهره. وقال الله عز وجل: {وأسروا الندامة لما رأوا العذاب} يجوز أن يكون المعنى: أظهروا لقولهم: {يا ليتنا نرد} وقولهم: {لو أن لنا كرة}. فقد أظهروا الندامة، إلا أن ابن عباس كان يقول: أخفوها في أنفسهم. وقال الفرزدق

فلما رأى الحجاج جرد سيفه = أسر الحروري الذي كان أضمرا
قالوا: يريد أظهر الذي كان أضمر وما كان في نفسه فيكون المعنى على أسررت الشيء أظهرته). [الأضداد: 89-90]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*سر* ويقال أسررت الحديث كتمته وأسررته: أظهرته، قال الشاعر وهو الفرزدق (الطويل):


فلما رأي الحجاج جرد سيفه = أسر الحروري الذي كان أضمرا
وقال الله جل ثناؤه: {وأسروا الندامة لما رأوا العذاب} أي: أظهروها). [كتاب الأضداد: 21]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: سير بزيد سيرٌ شديد، وسير بزيد سيرتان. فإن قلت: سير بزيد سيراً فالنصب الوجه، والرفع بعيد؛ لأنه توكيد، وقد خرج من معاني الأسماء. قال الله - عز وجل -: {فإذا نفخ في الصور نفخةٌ واحدةٌ} فرفع لما نعت. فإذا أخبرت عن الصور قلت: المنفوخ فيه نفخةٌ واحدة الصور. وإن أخبرت عن النفخة قلت: المنفوخة في الصور نفخةٌ واحدةٌ. وتقول: سير بزيد فرسخٌ إذا أقمته مقام الفاعل. فإن قيل: أخبر عنه، قلت: المسير بزيد فرسخٌ. فإن قيل: أخبر عن زيد قلت: المسير به فرسخٌ زيدٌ. وإن قلت: سير بزيد فرسخا، فنصبته نصب الظروف، ولم تقمه مقام الفاعل لم يجز الإخبار عنه. وكذلك سير بزيد يوماً، وسير بزيد سيرا. وكل ما لم تجعله من مصدر، أو ظرف اسماً فاعلاً أو مفعولاً على السعة لم يجز الإخبار عنه؛ لأن ناصبه معه؛ ألا ترى أنك إذا قلت: سير بزيد سيرا، فجعلت قولك بزيد تماماً فإنما هو على قولك: يسيرون سيراً. وإنما يكون الرفع على مثل قولك: سير بزيد يومان، وولد له ستون عاماً. فالمعنى: ولد لزيد الولد ستين عاماً، وسير به في يومين، وهذا الرفع الذي ذكرناه اتساعٌ. وحقيقة اللغة غير ذلك. قال الله عز وجل: {بل مكر الليل والنهار} ). [المقتضب: 3/104-105] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن هذه الظروف المتمكنة يجوز أن تجعلها أسماء فتقول: يوم الجمعة قمته، في موضع قمت به، والفرسخ سرته، ومكانكم جلسته، وإنما هذا اتساع، والأصل ما بدأنا به لأنها مفعول فيها، وليست مفعولاً بها. وإنما هذا على حذف حرف الإضافة.
ألا ترى أن قولك: مررت بزيد لو حذفت الباء قلت: مررت زيداً، إلا أنه فعل لا يصل إلا بحرف إضافة. وعلى هذا قول الله عز وجل: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} إنما هو والله أعلم من قومه. فلما حذف حرف الإضافة، وصل الفعل فعمل. وقال الشاعر:
منا الذي اختير الرجال سمـاحةً = وجوداً إذا هب الرياح الزعازع
يريد: من الرجال، وقال الآخر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مال وذا نـشـب
يريد: بالخير. وقال:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه = رب العباد إليه الوجه والعمل
يريد من ذنب. فهذا على هذا. فمما جاء مثل ما وصفت لك في الظروف قوله:
ويوم شهدناه سليمـاً وعـامـراً = قليلاً سوى الطعن النهال نوافله
يريد: شهدنا فيه.
فأما قول الله عز وجل: {بل مكر الليل والنهار} فإن تأويله والله أعلم بل مكركم في الليل والنهار، فأضيف المصدر إلى المفعول؛ كما تقول: رأيت بناء دارك جيداً، فأضفت البناء إلى الدار، وإنما البناء فعل الباني). [المقتضب: 4/330-331] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (مزؤودة: ذات زؤدٍ، وهو الفزع، فمن نصب "مزؤودة "أراد المرأة. ومن خفض فإنه أراد الليلة، وجعل الليلة ذات فزع، لأنه يفزع فيها، قال الله عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} والمعنى: بل مكركم في الليل والنهار). [الكامل: 1/175]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن أمثال العرب إذا طال عمر الرجل أن يقولوا: "لقد أكل الدهر عليه وشرب"، إنما يريدون أنه أكل هو وشرب دهرًا طويلاً، قال الجعدي:
أكل الدهر عليهم وشرب
والعرب تقول: نهارك صائم، وليلك قائم، أي أنت قائم في هذا وصائم في ذاك، كما قال الله عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} والمعنى والله أعلم، بل مكركم في الليل والنهار، وقال جرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى = ونمت وما ليل المطي بنائم).
[الكامل: 1/285]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: من يكون نهاره جلادًا ويمسي ليله غير نائم يريد يمسي هو في ليله ويكون ه في نهاره، ولكنه جعل الفعل لليل والنهار على السعة، وفي القرآن: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}. والمعنى بل مكركم في الليل والنهار، وقال من أهل البحرين من اللصوص:
أما النهار ففي قيد وسلسلة = والليل في جوف منحوت من الساج
وقال آخر:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى = ونمت وما ليل المطي بنائم
ولو قال: من يكون نهاره جلادًا ويمسي ليله غير نائم.
فكان جيدًا، وذاك أنه أراد من يكون نهاره يجالد جلادًا، كما تقول: إنما أنت سيرًا، وإنما أنت ضربًا تريد تسير سيرًا، وتضرب ضربًا، فأضمر لعلم المخاطب أنه لا يكون هو سيرًا، ولو رفعه على أن يجعل الجلاد في موضع المجالد، على قوله: أنت سير أي أنت جائز كما قالت الخنساء:
............ = فإنما هي إقبال وإدبار
وفي القرآن: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} أي غائرًا، وقد مضى تفسير هذا بأكثر من هذا الشرح، ولو قال: ويسمي ليله غير نائم لجاز: يصير اسمه في يمسي، ويجعل ليله ابتداء، وغير نائم خبره على السعة التي ذكرت لك). [الكامل: 3/1356-1357]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} قال: من رؤسائهم). [مجالس ثعلب: 231]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين}
حكيت في هذه الآية مقالة قالها بعض قريش، وهي أنهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور، فكأنهم كذبوا بجميع كتب الله، وإنما فعلوا هذا لما وقع الاحتجاج عليهم بما في التوراة من أمر محمد عليه الصلاة والسلام. وقالت فرقة: "الذي بين يديه" هي الساعة والقيامة، وهذا خطأ لم يفهم قائله أمر "بين اليد" في اللغة وأنه المتقدم في الزمن، وقد بينا معناه فيما تقدم.
ثم أخبر الله تبارك وتعالى نبيه عن حالة الظالمين في صيغة التعجيب من حالهم، وجواب "لو" محذوف، ويرجع بعضهم إلى بعض أي يريد: يتحاورون ويتجادلون، ثم فسر ذلك الجدل بأن الأتباع والضعفاء من الكفرة يقولون للكفار وللرؤوس - على جهة التذنيب والتوبيخ ورد اللائمة عليهم -: لولا أنتم لآمنا نحن واهتدينا، أي: أنتم أغويتمونا وأمرتمونا بالكفر،
فقال لهم الرؤساء - على جهة التقرير والتكذيب -: أنحن صددناكم عن الهدى؟ بل كنتم مجرمين، أي: دخلتم في الكفر ببصائركم، وأجرمتم بنظر منكم، ودعوتنا لم تكن ضربة لازب عليكم; لأنا دعوناكم بغير حجة ولا برهان، وهذا كله يتضمنه اللفظ).[المحرر الوجيز: 7/ 187-188]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}
هذه مراجعة من الأتباع للرؤساء حين قالوا لهم: إنما كفرتم ببصائر أنفسكم، فقال المستضعفون: بل كفرنا بمكركم بنا بالليل والنهار، وأضاف المكر إلى الليل والنهار من حيث هو فيهما، ولتدل هذه الإضافة على الدؤوب والزمان، كما قالوا: ليل نائم ونهار صائم، وأنشد سيبويه:
فنام ليلي وتجلى همي
وهذه قراءة الجمهور، وقرأ قتادة بن دعامة: "بل مكر" منونا "الليل والنهار" بتنوين (مكر) نصبا، وذكر عن يحي بن يعمر، وكأن معناها الإحالة على طول الأمل والاغترار بالأيام، مع أمر هؤلاء الرؤساء بالكفر. و"الند" المثيل والشبيه، والضمير في قوله: "وأسروا" عام جميع من تقدم ذكره من المستضعفين والمستكبرين، و"أسروا" معناه: اعتقدوها في نفوسهم، ومعتقدات النفس كلها سر، لا يعقل غير ذلك، وإنما يظهر ما يصدر عنها من كلام أو قرينة. وقال بعض الناس: "أسروا": أظهروا، وهي من الأضداد، وهذا كلام من لم يعتبر المعنى، أما نفس الندامة فلا تكون إلا مستسرة ضرورة، وأما الظاهر عنها فغيرها، ولم يثبت قط في لغة أن "أسر" من الأضداد.
وقوله تعالى: {لما رأوا العذاب} أي: وافوه وتيقنوا حصولهم فيه. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 7/ 188-189]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين (31) قال الّذين استكبروا للّذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين (32) وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا وأسرّوا النّدامة لـمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (33)}.
يخبر تعالى عن تمادي الكفّار في طغيانهم وعنادهم وإصرارهم على عدم الإيمان بالقرآن وما أخبر به من أمر المعاد؛ ولهذا قال: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه}. قال اللّه تعالى متهدّدًا لهم ومتوعّدًا، ومخبرًا عن مواقفهم الذّليلة بين يديه في حال تخاصمهم وتحاجّهم: {يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا} منهم وهم الأتباع {للّذين استكبروا} وهم قادتهم وسادتهم: {لولا أنتم لكنّا مؤمنين} أي: لولا أنتم تصدّونا، لكنّا اتّبعنا الرّسل وآمنّا بما جاؤونا به). [تفسير ابن كثير: 6/ 519]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فقال لهم القادة والسّادة، وهم الّذين استكبروا: {أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم} أي: نحن ما فعلنا بكم أكثر من أنّا دعوناكم فاتّبعتمونا من غير دليلٍ ولا برهانٍ، وخالفتم الأدلّة والبراهين والحجج الّتي جاءت بها الأنبياء، لشهوتكم واختياركم لذلك؛ ولهذا قالوا: {بل كنتم مجرمين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 519]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار} أي: بل كنتم تمكرون بنا ليلًا ونهارًا، وتغرّونا وتمنّونا، وتخبرونا أنّا على هدًى وأنّا على شيءٍ، فإذا جميع ذلك باطلٌ وكذبٌ ومين.
قال قتادة، وابن زيدٍ: {بل مكر اللّيل والنّهار} يقول: بل مكرهم باللّيل والنّهار. وكذا قال مالكٌ، عن زيد بن أسلم: مكرهم باللّيل والنّهار.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} أي نظراء وآلهةً معه، وتقيموا لنا شبهًا وأشياء من المحال تضلّونا بها {وأسرّوا النّدامة لـمّا رأوا العذاب} أي: الجميع من السّادة والأتباع، كلٌّ ندم على ما سلف منه.
{وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا}: وهي السّلاسل الّتي تجمع أيديهم مع أعناقهم، {هل يجزون إلا ما كانوا يعملون} أي: إنّما نجازيكم بأعمالكم، كلٌّ بحسبه، للقادة عذابٌ بحسبهم، وللأتباع بحسبهم {قال لكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون} [الأعراف: 38].
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا فروة بن أبي المغراء، حدّثنا محمّد بن سليمان بن الأصبهانيّ، عن أبي سنانٍ ضرار بن صرد، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ جهنّم لمّا سيق إليها أهلها تلقّاهم لهبها، ثمّ لفحتهم لفحةً فلم يبق لحمٌ إلّا سقط على العرقوب".
وحدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن أبي الحوارى، حدّثنا الطّيّب أبو الحسن، عن الحسن بن يحيى الخشني قال: ما في جهنّم دارٌ ولا مغارٌ ولا غلٌّ ولا سلسلةٌ ولا قيدٌ، إلّا اسم صاحبها عليه مكتوبٌ. قال: فحدّثته أبا سليمان -يعني: الدّارانيّ، رحمة اللّه عليه -فبكى ثمّ قال: ويحك. فكيف به لو جمع هذا كلّه عليه، فجعل القيد في رجليه، والغلّ في يديه والسّلسلة في عنقه، ثمّ أدخل النّار وأدخل المغار؟).[تفسير ابن كثير: 6/ 519-520]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة