العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة سبأ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة سبأ [ من الآية (20) إلى الآية (21) ]

تفسير سورة سبأ
[ من الآية (20) إلى الآية (21) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله ولقد صدق عليهم إبليس ظنه قال والله ما كان إلا ظنا ظنه فبدل الناس عند ظنه). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر قال قائل لا أحسبه إلا الكلبي إن إبليس حين أزل آدم ظن أن ذريته ستكون أضعف منه فذلك قوله ولقد صدق عليهم إبليس ظنه). [تفسير عبد الرزاق: 2/130]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (فقال معمر وتلا الحسن ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فقال والله ما ضربهم بعصا ولا أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها فأجابوه). [تفسير عبد الرزاق: 2/130]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلاّ فريقًا من المؤمنين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين: {ولقد صدّق} بتشديد الدّال من صدّق، بمعنى أنّه قال ظنًّا منه: {ولا تجد أكثرهم شاكرين}، وقال: {فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين إلاّ عبادك منهم المخلصين}، ثمّ صدّق ظنّه ذلك فيهم، فحقّقه بفعله ذلك بهم، وباتّباعهم إيّاه وقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والشّام والبصرة (ولقد صدق عليهم) بتخفيف الدّال، بمعنى: ولقد صدق عليهم ظنّه.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى؛ وذلك أنّ إبليس قد صدّق على كفره بني آدم في ظنّه، وصدق عليهم ظنّه الّذي ظنّ حين قال: {ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}، وحين قال: {ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم} الآية، قال ذلك عدوّ اللّه، ظنًّا منه أنّه يفعل ذلك لا علمًا، فصار ذلك حقًّا باتّباعهم إيّاه، فبأيٍّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ.
فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام على قراءة من قرأ بتشديد الدّال: ولقد ظنّ إبليس بهؤلاء الّذين بدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ، عقوبةً منّا لهم، ظنًّا غير يقينٍ، علم أنّهم يتّبعونه ويطيعونه في معصية اللّه، فصدق ظنّه عليهم، بإغوائه إيّاهم، حين أطاعوه، وعصوا ربّهم، إلاّ فريقًا من المؤمنين باللّه، فإنّهم ثبتوا على طاعة اللّه ومعصية إبليس.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: أخبرني عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قرأ: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} مشدّدةً، وقال: ظنّ ظنًّا، فصدّق ظنّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} قال: ظنّ ظنًّا فاتّبعوا ظنّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} قال اللّه: ما كان إلاّ ظنًّا ظنّه، واللّه لا يصدّق كاذبًا، ولا يكذّب صادقًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} قال: أرأيت هؤلاء الّذين كرّمتهم عليّ، وفضّلتهم وشرّفتهم، لا تجد أكثرهم شاكرين، وكان ذلك ظنًّا منه بغير علمٍ، فقال اللّه: {فاتّبعوه إلاّ فريقًا من المؤمنين} ). [جامع البيان: 19/268-270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريق من المؤمنين * وما كان لهم عليه من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال ابليس: ان آدم خلق من تراب ومن طين ومن حمأ مسنون خلقا ضعيفا واني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} الاسراء الآية 62 قال: فصدق ظنه عليهم فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين قال: هم المؤمنون كلهم). [الدر المنثور: 12/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأها {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} مشددة قال: ظن بهم ظنا فصدقه). [الدر المنثور: 12/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال: على الناس إلا من أطاع ربه). [الدر المنثور: 12/205]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} ظن بهم فوافق ظنه). [الدر المنثور: 12/205]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة ومعه حواء عليها السلام هبط ابليس فرحا بما أصاب منهما وقال: اذا أصبت من الابوين ما أصبت فالذرية أضعف وكان ذلك ظنا من ابليس عند ذلك فقال: لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الروح أغره وأمنيه وأخدعه فقال الله تعالى: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ولا يدعوني إلا أجبته ولا يسألني إلا أعطيته ولا يستغفرني إلا غفرت له). [الدر المنثور: 12/205]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان له عليهم من سلطانٍ إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكٍّ وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: وما كان لإبليس على هؤلاء القوم الّذين وصف صفتهم من حجّةٍ يضلّهم بها، إلاّ بتسليطناه عليهم، لنعلم حزبنا وأولياؤنا {من يؤمن بالآخرة} يقول: من يصدّق بالبعث والثّواب والعقاب {ممّن هو منها في شكٍّ} يقول: ممّن هو من الآخرة في شكٍّ فلا يومن بالميعاد، ولا يصدّق بثوابٍ ولا عقابٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كان له عليهم من سلطانٍ} قال: قال الحسن: واللّه ما ضربهم بعصا ولا سيفٍ ولا سوطٍ، إلاّ أمانيًّ وغرورًا دعاهم إليها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكٍّ} قال: وإنّما كان بلاءً ليعلم اللّه الكافر من المؤمن.
وقيل: عني بقوله: {إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة} إلاّ لنعلم ذلك موجودًا ظاهرًا ليستحقّ به الثّواب أو العقاب.
وقوله: {وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ} يقول تعالى ذكره: وربّك يا محمّد على أعمال هؤلاء الكفرة به، وغير ذلك من الأشياء كلّها {حفيظٌ} لا يعزب عنه علم شيءٍ منه، وهو مجازٍ جميعهم يوم القيامة، بما كسبوا في الدّنيا من خيرٍ وشرٍّ). [جامع البيان: 19/270-272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وما كان لي عليكم من سلطان} قال: والله ما ضربهم بعصا ولا سيف ولا سوط وما أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم اليها فاجابوه). [الدر المنثور: 12/206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إلا لنعلم} قال: انما كان بلاء ليعلم الله الكافر من المؤمن). [الدر المنثور: 12/206]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 10:19 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} [سبأ: 20]، يعني: جميع المشركين.
{فاتّبعوه إلا فريقًا من المؤمنين} [سبأ: 20] وذلك أنّه كان يطيف بجسد آدم قبل أن ينفخ فيه الرّوح، فلمّا رأوه أجوف عرف أنّه لا يتمالك، ثمّ وسوس بعد إلى آدم، فأكل من الشّجرة، فقال في نفسه: إنّ نسل هذا سيكون مثله في الضّعف، فلذلك قال: {لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62] وقال: {فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين} [ص: 82] قال: {ولا تجد أكثرهم شاكرين} [الأعراف: 17] وأشباه ذلك.
وبعضهم يقول: إنّ إبليس قال: خلقت من نارٍ، وخلق آدم من طينٍ، والنّار تأكل الطّين، فلذلك ظنّ أنّه سيضلّ عامّتهم.
وحدّثني سليمان بن أرقم، عن الحسن أنّه كان يقرأ هذا الحرف ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه، أي: ولقد صدق عليهم ظنّ إبليس فيها تقديمٌ، ثمّ قال: ظنّ ظنّه ولم يقل ذلك بعلمٍ، يقول: فصدق ظنّه فيهم.
قرّة بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن القاسم: ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه.
وكان مجاهدٌ يقرأها: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} [سبأ: 20] يقول: صدّق إبليس ظنّه فيهم حيث جاء أمرهم على ما ظنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/756]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه...}

نصبت الظن , بوقوع التصديق عليه, ومعناه أنه قال : {فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين إلاّ عبادك منهم المخلصين}, قال الله : صدّق عليهم ظنّه لأنه إنما قاله بظنّ لا بعلمٍ.

وتقرأ : {ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه} , نصبت الظن على قوله: ولقد صدق عليهم في ظنّه.
ولو قلت: ولقد صدق عليه إبليس ظنّه , ترفع إبليس والظنّ , كان صواباً على التكرير: صدق عليهم ظنّه، كما قال : {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه} : يريد: عن قتالٍ فيه، وكما قال {ثمّ عموا وصمّوا كثيرٌ منهم} , ولو قرأ قارئ :ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه : يريد: صدقه ظنّه عليهم , كما تقول صدقك ظنّك الظنّ يخطئ ويصيب.). [معاني القرآن: 2/360]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه }: مخفف , ومثقل , ومجازه : أنه وجد ظنه بهم صادقاً.). [مجاز القرآن: 2/147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}: وذلك أنه قال: لأضلنهم , ولأغوينهم , ولأمنينهم, ولآمرنهم بكذا، فلما اتبعوه وأطاعوه, صدق ما ظنه، أي: فيهم, وقد فسرت هذا في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلّا فريقا من المؤمنين (20)}
{ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه}: ويقرأ : {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}:برفع إبليس , ونصب الظن.
وصدقه في ظنه : أنه ظن بهم إذا أغواهم : اتبعوه , فوجدهم كذلك , فقال:
{فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلّا عبادك منهم المخلصين}:فمن قال :{صدّق} نصب الظن لأنه مفعول به، ومن خفّف فقال: " صدق " نصب الظنّ مصدرا .
على معنى : صدق عليهم إبليس ظنّا ظنّه، وصدق في ظنه.
وفيها وجهان آخران: أحدهما :{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه}: ظنه بدل من إبليس، كما قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه.}
ويجوز :{ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}, على معنى : صدق ظن إبليس باتباعهم إيّاه , وقد قرئ بهما.). [معاني القرآن: 4/251-452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} : وهي قراءة الهجهاج , ويجوز :{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه في ظنه }.
روى عن ابن عباس أنه قال: (قال إبليس : خلقت من نار , وخلق آدم صلى الله عليه من طين ضعيفا , لأحتنكن ذريته إلا قليلاً).
ويروى : أنه قال : قد أعويت آدم على موضعه وعلمه , فأنا على ولده أقدر , فصدق ظنه.
ويبين هذا قوله تعالى: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}
وقوله جل وعز: {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}: فإنما قال : هذا ظنا , فصدق ظن.ه
ومن قرأ : صدق : صير الظن مفعولا
ومن رفع الظن , ونصب إبليس أراد: ولقد صدق ظن إبليس حين اتبعوه.). [معاني القرآن: 5/413-414]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما كان له عليهم من سلطانٍ} [سبأ: 21] كقوله: {فإنّكم} [الصافات: 161]، أي: يا بني إبليس {فإنّكم وما تعبدون {161} ما أنتم عليه بفاتنين {162}} [الصافات: 161-162] لستم بمضلّي أحدٍ {إلا من هو صال الجحيم} [الصافات: 163].
قال يحيى: حدّثني به أبو الأشهب، عن الحسن.
قال: {إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة} [سبأ: 21] وهذا علم الفعال.
{ممّن هو منها} [سبأ: 21] من الآخرة.
{في شكٍّ} [سبأ: 21] وإنّما جحد المشركون الآخرة ظنًّا منهم، وذلك منهم على الشّكّ.
قال: {وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ} [سبأ: 21] حتّى يجازيهم في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/757]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كان له عليهم مّن سلطانٍ...}

يضلّهم به حجّة، إلاّ أنّا سلّطناه عليهم , لنعلم من يؤمن بالآخرة.

فإن قال قائل: إنّ الله يعلم أمرهم بتسليط إبليس , وبغير تسليطه.
قلت: مثل هذا كثير في القرآن, قال الله : {ولنبلونّكم حتّى نعلم المجاهدين منكم والصّابرين}, وهو يعلم المجاهد, والصّابر بغير ابتلاء، ففيه وجهان: أحدهما : أنّ العرب تشترط للجاهل إذا كلّمته بشبه هذا شرطاً تسنده إلى أنفسها , وهي عالمة؛ ومخرج الكلام كأنه لمن لا يعلم. , من ذلك أن يقول القائل: النّار تحرق الحطب فيقول الجاهل: بل الحطب يحرق النار.
ويقول العالم: سنأتي بحطب , ونارٍ لنعلم أيّهما يأكل صاحبه , فهذا وجه بيّن.
والوجه الآخر : أن تقول : {لنبلونّكم حتّى نعلم} معناه: حتى نعلم عنكم , فكأن الفعل لهم في الأصل, ومثله مما يدلّك عليه قوله: {وهو الذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده هو أهون عليه}: عندكم يا كفرة؛ ولم يقل: {عندكم}: يعني: وليس في القرآن: {عندكم}, وذلك معناه, ومثله قوله: {ذق إنّك أنت العزيز الكريم} , عند نفسك إذ كنت تقوله في دنياك., ومثله ما قال الله لعيسى: {أأنت قلت للنّاس}: وهو يعلم ما يقول وما يجيبه به؛ فردّ عليه عيسى , وهو يعلم أن الله لا يحتاج إلى إجابته, فكما صلح أن يسأل عمّا يعلم , ويلتمس من عبده ونبيّه الجواب , فكذلك يشرط من فعل نفسه ما يعلم، حتى كأنه عند الجاهل لا يعلم.). [معاني القرآن: 2/361]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة }: مجازه: إلاّ لنميز.). [مجاز القرآن: 2/147]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما كان له عليهم مّن سلطان إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكٍّ وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ}
وقال: {إلاّ لنعلم}: على البدل , كأنه قال: ما كان ذلك الابتلاء إلاّ لنعلم.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ}.
تأويله: أن إبليس لما سأل الله تبارك وتعالى النّظرة فأنظره قال: لأغوينّهم ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق الله ولأتّخذنّ منهم نصيبا مفروضا وليس هو في وقت هذه المقالة مستيقنا أنّ ما قدّره الله فيهم يتمّ، وإنما قاله ظانا، فلما اتبعوه وأطاعوه، صدق ما ظنّه عليهم أي فيهم، ثم قال الله: وما كان تسليطنا إيّاه إلا لنعلم من يؤمن، أي المؤمنين من الشاكين.
وعلم الله تعالى نوعان:
أحدهما: علم ما يكون من إيمان المؤمنين، وكفر الكافرين، وذنوب العاصين، وطاعات المطيعين قبل أن تكون.
وهذا علم لا تجب به حجة ولا تقع عليه مثوبة ولا عقوبة.
والآخر: علم هذه الأمور ظاهرة موجودة فيحق القول ويقع بوقوعها الجزاء.
فأراد جل وعز: ما سلطناه عليهم إلا لنعلم إيمان المؤمنين ظاهرا موجودا، وكفر الكافرين ظاهرا موجودا.
وكذلك قوله سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، أي يعلم جهاده وصبره موجودا يجب له به الثواب). [تأويل مشكل القرآن: 311-312] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السلطان: الملك والقهر، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} . وقال: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 504] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)


: (وقوله جلّ وعزّ: {وما كان له عليهم من سلطان إلّا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكّ وربّك على كلّ شيء حفيظ (21)}



أي: ما كان له عليهم من حجة , كما قال: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان}
{إلّا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شك}:أي: إلا لنعلم ذلك علم وقوعه منهم، وهو الذي يجازون عليه, واللّه يعلم الغيب , ويعلم من يؤمن ممن يكفر قبل أن يؤمن المؤمن , ويكفر الكافر , ولكن ذلك لا يوجب ثوابا ولا عقابا، إنما يثابون ويعاقبون بما كانوا عاملين.). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كان له عليهم من سلطان}: أي : من حجة إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة , أي: ما امتحناهم به إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة علم شهادة , فأما علم الغيب , فالله جل وعز عالم به قبل أن يكون.). [معاني القرآن: 5/414]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 10:20 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين * وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ * قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}
قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر: "ولقد صدق" بتخفيف الدال "إبليس" رفعا "ظنه" بالنصب على المصدر، وقيل: على الظرفية، أي: في ظنه، وقيل: على المفعول، على معنى أنه لما ظن عمل عملا يصدق به ذلك الظن، فكأنه إنما أراد أن يصدق ظنه، وهذا نحو قولك: "أخطأت ظني وأصبت ظني". وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "صدق" بتشديد الدال، و"الظن" - على هذا - مفعول بـ"صدق"، وهي قراءة ابن عباس، وقتادة، وطلحة، [وعاصم] والأعمش. وقرأ الزهري، وأبو الهجهاج، وبلال بن أبي بردة: "صدق" بتخفيف الدال "إبليس" نصبا "ظنه" رفعا. وقرأت فرقة: "صدق" بتخفيف الدال "إبليس" بالرفع "ظنه" بالرفع على البدل، وهو بدل الاشتمال.
ومعنى الآية أن ما قال إبليس من أنه سيفتن بني آدم ويغويهم، وما قال من أن الله لا يجد أكثرهم شاكرين، وغير ذلك كان ظنا منه وصدق فيهم، وأخبر الله تعالى عنهم أنهم اتبعوه وهو اتباع في كفر; لأنه في قصة قوم كفار، وقوله تعالى: {ممن هو منها في شك} يدل على ذلك، و"من" في قوله: "من المؤمنين" لبيان الجنس لا للتبعيض; لأن التبعيض يقتضي أن فريقا من المؤمنين اتبع إبليس).[المحرر الوجيز: 7/ 180-181]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"السلطان": الحجة، وقد يكون الاستعلاء والاستقدار; إذ اللفظ من التسلط، وقال الحسن بن أبي الحسن: والله ما كان له سوط ولا سيف ولكنه استمالهم فمالوا بتزيينه. وقوله تعالى: {إلا لنعلم} أي: لنعلمه موجودا; لأن العلم به متقدم أولا. وقرأت فرقة: "إلا ليعلم" بالياء على المجهول). [المحرر الوجيز: 7/ 181]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلّا فريقًا من المؤمنين (20) وما كان له عليهم من سلطانٍ إلّا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكٍّ وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ (21)}
لـمّا ذكر [اللّه] تعالى قصّة سبأٍ وما كان من أمرهم في اتّباعهم الهوى والشّيطان، أخبر عنهم وعن أمثالهم ممّن اتّبع إبليس والهوى، وخالف الرّشاد والهدى، فقال: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}.
قال ابن عبّاسٍ وغيره: هذه الآية كقوله تعالى إخبارًا عن إبليسٍ حين امتنع من السّجود لآدم، ثمّ قال: {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62]، ثمّ قال: {ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} [الأعراف: 17] والآيات في هذا كثيرةٌ.
وقال الحسن البصريّ: لـمّا أهبط اللّه آدم من الجنّة ومعه حوّاء، هبط إبليس فرحا بما أصاب منهما، وقال: إذا أصبت من الأبوين ما أصبت، فالذّرّيّة أضعف وأضعف. وكان ذلك ظنًّا من إبليس، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلا فريقًا من المؤمنين} فقال عند ذلك إبليس: "لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الرّوح، أعده وأمنّيه وأخدعه". فقال اللّه: "وعزّتي لا أحجب عنه التّوبة ما لم يغرغر بالموت، ولا يدعوني إلّا أجبته، ولا يسألني إلّا أعطيته، ولا يستغفرني إلّا غفرت له". رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير ابن كثير: 6/ 512-513]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وما كان له عليهم من سلطانٍ} قال ابن عبّاسٍ: أي من حجّةٍ.
وقال الحسن البصريّ: واللّه ما ضربهم بعصا، ولا أكرههم على شيءٍ، وما كان إلّا غرورًا وأمانيّ دعاهم إليها فأجابوه.
وقوله: {إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكٍّ} أي: إنّما سلّطناه عليهم ليظهر أمر من هو مؤمنٌ بالآخرة وقيامها والحساب فيها والجزاء، فيحسن عبادة ربّه عزّ وجلّ في الدّنيا، ممّن هو منها في شكٍّ.
وقوله: {وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ} أي: ومع حفظه ضلّ من ضلّ من اتّباع إبليس، وبحفظه وكلاءته سلم من سلم من المؤمنين أتباع الرّسل). [تفسير ابن كثير: 6/ 513]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة