العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة سبأ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة سبأ [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

تفسير سورة سبأ
[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وهو الحكيم الخبير قال حكيم في أمره خبير بخلقه). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الحمد للّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: الشّكر الكامل، والحمد التّامّ كلّه للمعبود الّذي هو مالك جميع ما في السّموات السّبع، وما في الأرضين السّبع دون كلّ ما يعبد من دونه، ودون كلّ شيءٍ سواه، لا مالك لشيءٍ من ذلك غيره؛ بالمعنى: الّذي هو مالكٌ جميعه {وله الحمد في الآخرة} يقول: وله الشّكر الكامل في الآخرة، كالّذي هو له ذلك في الدّنيا العاجلة، لأنّ منه النّعم كلّها على كلّ من في السّموات والأرض في الدّنيا، ومنه يكون ذلك في الآخرة، فالحمد للّه خالصًا دون كلّ أحدٍ سواه في عاجل الدّنيا، وآجل الآخرة، لأنّ النّعم كلّها من قبله لا يشركه فيها أحدٌ من دونه، وهو الحكيم في تدبيره خلقه وصرفه إيّاهم في تقديره، خبيرٌ بهم وبما يصلحهم، وبما عملوا، وما هم عاملون، محيطٌ بجميع ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وهو الحكيم الخبير} حكيمٌ في أمره، خبيرٌ بخلقه). [جامع البيان: 19/207-208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور * وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم * ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهو الحكيم الخبير} قال {حكيم} في أمره {خبير} بخلقه). [الدر المنثور: 12/164]

تفسير قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو الرّحيم الغفور}.
يقول تعالى ذكره: يعلم ما يدخل الأرض وما يغيب فيها من شيءٍ؛ من قولهم: ولجت في كذا: إذا دخلت فيه، كما قال الشّاعر:
رأيت القوافي يتّلجن موالجًا = تضايق عنها أن تولّجها الإبر
يعني بقوله: يتّلجن موالجًا: يدخلن مداخل.
{وما يخرج منها} يقول: وما يخرج من الأرض {وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها} يعني: وما يصعد في السّماء؛ وذلك خبرٌ من اللّه أنّه العالم الّذي لا يخفى عليه شيءٌ في السّموات والأرض، ممّا ظهر فيها وما بطن {وهو الرّحيم الغفور} وهو الرّحيم بأهل التّوبة من عباده أن يعذّبهم بعد توبتهم، الغفور لذنوبهم إذا تابوا منها). [جامع البيان: 19/208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يعلم ما يلج في الأرض} قال: من المطر {وما يخرج منها} قال: من النبات {وما ينزل من السماء} قال: الملائكة {وما يعرج فيها} قال: الملائكة). [الدر المنثور: 12/164]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب قال يقول بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لا يعزب} [سبأ: 3] : «لا يغيب»). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ لا يعزب لا يغيب وصله الفريابيّ عن ورقاء عن بن أبي نجيحٍ عنه بهذا). [فتح الباري: 8/536]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {لا يعزب} لا يغيب {العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبتين وغاب عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السد ولكنه كان عذبا أرسله الله عليهم من حيث شاء
وقال عمرو بن شرحبيل العرم المسناة بلحن أهل اليمن
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 3 سبأ {لا يعزب عنه مثقال ذرة} قال لا يغيب عنه). [تغليق التعليق: 4/287-288] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ لا يعزب لا يغيب
أشار به إلى قوله تعالى: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السّموات ولا في الأرض} (سبإ: 3) . وفسّر: (لا يعزب) بقوله (لا يغيب) ، وروى هذا التّعليق أبو محمّد الحنظلي عن أبي سعيد الأشج: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عبّاس: لا يعزب لا يغيب عن ربك). [عمدة القاري: 19/128-129]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي فبقوله تعالى: ({لا يعزب}) أي (لا يغيب) {عنه مثقال ذرة} [سبأ: 3] ). [إرشاد الساري: 7/308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلاّ في كتابٍ مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمّد الّذين جحدوا قدرة اللّه على إعادة خلقه بعد فنائهم لهيئتهم الّتي كانوا بها من قبل فنائهم من قومك بقيام السّاعة، فقالوا لك: لا تأتينا السّاعة استهزاءً بوعدك إيّاهم، وتكذيبًا لخبرك، قل لهم: بلى تأتيكم وربّي، قسمًا به لتأتينّكم السّاعة، ثمّ عاد جلّ جلاله إلى الثناء على نفسه، وتمجيدها، فقال: {عالم الغيب}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة: (عالم الغيب) على مثال فاعل، بالرّفع على الاستئناف، إذ دخل بين قوله: {وربّي}، وبين قوله: {عالم الغيب} كلامٌ حائلٌ بينه وبينه. وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة والبصرة، عالم على مثال (فاعل)، غير أنّهم خفضوا عالم ردًّا منهم له على قوله {وربّي} إذ كان من صفته، وقرأ ذلك بعد بقيّة عامّة قرّاء الكوفة: (علاّم الغيب) على مثال (فعّال)، وبالخفض ردًّا لإعرابه على أعراب قوله {وربّي} إذ كان من نعته.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّ كلّ هذه القراءات الثّلاث، قراءاتٌ مشهوراتٌ في قرّاء الأمصار متقاربات المعاني، فبأيّتهنّ قرأ القارئ فمصيبٌ؛ غير أنّ أعجب القراءات في ذلك إليّ أن أقرأ بها: (علاّم الغيب) على القراءة الّتي ذكرتها عن عامّة قرّاء أهل الكوفة.
فأمّا اختيار (علاّم الغيب) على {عالم}، فلأنّها أبلغ في المدح وأمّا الخفض فيها فلأنّها من نعت الرّبّ، وهو في موضع الجرّ وعنى بقوله: (علاّم الغيب): علاّم ما يغيب عن أبصار الخلق، فلا يراه أحدٌ، إمّا ممّا لم يكوّنه ممّا سيكوّنه، أو ممّا قد كوّنه فلم يطلع عليه أحدًا غيره. وإنّما وصف جلّ ثناؤه في هذا الموضع نفسه بعلمه الغيب، إعلامًا منه خلقه أنّ السّاعة لا يعلم وقت مجيئها أحدٌ سواه، وإن كانت جائيةً، فقال لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل للّذين كفروا بربّهم: بلى وربّكم لتأتينّكم السّاعة، ولكنّه لا يعلم وقت إتيانها غير علاّم الغيوب، الّذي لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {لا يعزب عنه} لا يغيب عنه، ولكنّه ظاهرٌ له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا يعزب عنه} يقول: لا يغيب عنه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {لا يعزب عنه} قال: لا يغيب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ} أي لا يغيب عنه.
وقد بيّنّا ذلك بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {مثقال ذرّةٍ} يعني: زنة ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض؛ يقول تعالى ذكره: لا يغيب عنه شيءٌ من زنة ذرّةٍ فما فوقها فما دونها، أين كان في السّموات ولا في الأرض {ولا أصغر من ذلك} يقول: ولا يعزب عنه أصغر من مثقال ذرّةٍ {ولا أكبر} منه {إلاّ في كتابٍ مبينٍ} يقول: هو مثبتٌ في كتابٍ يبين للنّاظر فيه أنّ اللّه تعالى ذكره قد أثبته وأحصاه وعلمه، فلم يعزب عنه علمه). [جامع البيان: 19/209-211]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا يعزب عنه مثقال ذرة يقول لا يغيب عنه). [تفسير مجاهد: 523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} قال: يقول: بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم). [الدر المنثور: 12/164]

تفسير قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ}.
قال أبو جعفرٍ، رحمة اللّه عليه: يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب المبين، كي يثيب الّذين آمنوا باللّه ورسوله، وعملوا بما أمرهم اللّه ورسوله به، وانتهوا عمّا نهاهم عنه على طاعتهم ربّهم {أولئك لهم مغفرةٌ} يقول جلّ ثناؤه: لهؤلاء الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، مغفرةٌ من ربّهم لذنوبهم {ورزقٌ كريمٌ} يقول: وعيشٌ هنيءٌ يوم القيامة في الجنّة.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {أولئك لهم مغفرةٌ} لذنوبهم {ورزقٌ كريمٌ} في الجنّة). [جامع البيان: 19/211-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال: مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال: الرجز هو العذاب الأليم الموجع، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال: أصحاب محمد). [الدر المنثور: 12/164-165]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: {معاجزين} [سبأ: 5] : مسابقين، {بمعجزين} [الأنعام: 134] : بفائتين معاجزيّ: مسابقيّ، {سبقوا} [الأنفال: 59] : فاتوا، {لا يعجزون} [الأنفال: 59] : لا يفوتون، {يسبقونا} [العنكبوت: 4] : يعجزونا، وقوله: {بمعجزين} [الأنعام: 134] : بفائتين، ومعنى {معاجزين} [سبأ: 5] : مغالبين، يريد كلّ واحدٍ منهما أن يظهر عجز صاحبه). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله معاجزين مسابقين بمعجزين بفائتين معاجزي مسابقي سبقوا فاتوا لا يعجزون لا يفوتون يسبقونا يعجزونا قوله بمعجزين بفائتين ومعنى معاجزين مغالبين يريد كلّ واحدٍ منهما أن يظهر عجز صاحبه أمّا قوله معاجزين مسابقين فقال أبو عبيدة في قوله والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أي مسابقين يقال ما أنت بمعجزي أي سابقي وهذا اللّفظ أي معاجزين على إحدى القراءتين وهي قراءة الأكثر في موضعين من هذه السّورة وفي سورة الحجّ والقراءة الأخرى لابن كثيرٍ وأبي عمرٍو معجزين بالتّشديد في المواضع الثّلاثة وهي بمعناها وقيل معنى معاجزين معاندين ومغالبين ومعنى معجزين ناسبين غيرهم إلى العجز وأمّا قوله بمعجزين فلعلّه أشار إلى قوله في سورة العنكبوت وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء وقد أخرج بن أبي حاتمٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن عبد اللّه بن الزّبير نحوه وأمّا قوله معاجزي مسابقي فسقط من رواية الأصيليّ وكريمة وثبت عندهما معاجزين مغالبين وتكرّر لهما بعد وقد ظهر أنّه بقيّة كلام أبي عبيدة كما قدّمته وأمّا قوله سبقوا إلخ فقال أبو عبيدة في سورة الأنفال في قوله ولا تحسبن الّذين كفروا سبقوا مجازه فاتوا أنهم لا يعجزون أي لا يفوتون وأما قوله يسبقونا فأخرج بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا أي يعجزونا وأمّا قوله بمعجزين بفائتين فكذا وقع مكرّرًا في رواية أبي ذرٍّ وحده وسقط للباقين وأمّا قوله معاجزين مغالبين إلخ فقال الفراء معناه معاندين وذكر بن أبي حاتمٍ من طريق يزيد النّحويّ عن عكرمة عن بن عبّاسٍ في قوله معاجزين قال مراغمين وكلّها بمعنًى). [فتح الباري: 8/535-536]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (معاجزين مسابقين. بمعجزين بفائتين. معاجزين مغالبين: معاجزيّ مسابقيّ سبقوا فاتوا لا يعجزون لا يفوتون: يسبقونا يعجزونا. وقوله بمعجز بن بفائتين ومعنى معاجزين مغالبين يريد كلّ واحدٍ منهما أن يظهر عجز صاحبه.
وفي بعض النّسخ يقال: معاجزين، وأشار بقوله: معاجزين إلى قوله تعالى: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} (سبإ: 5) وفسره بقوله: (مسابقين) وفي التّفسير: معاجزين مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا، وعن ابن زيد: جاهدين، وفي هذه اللّفظة قراءتان: إحداهما: معاجزين، وهي قراءة الأكثرين في موضعين من هذه السّورة وفي الحج. والأخرى: قراءة ابن كثير وأبي عمرو: معجزين، بالتّشديد ومعناهما واحد، وقيل: معنى معاجزين معاندين ومغالبين، ومعنى: معجزين ناسبين غيرهم إلى العجز. قوله: (بمعجزين) إشارة إلى قوله تعالى في سورة العنكبوت. {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء} (العنكبوت: 22) . وفسره بقوله: (بفائتين) . وقد أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن الزبير نحوه. قوله: (معاجزي: مسابقي) ، لم يثبت في رواية الأصيليّ وكريمة. قوله: (معاجزين مغالبين) ، كذا وقع مكرراً في رواية أبي ذر وحده ولم يوجد في رواية الباقين. قوله: (سبقوا: فأتوا لا يعجزون لا يفوتون) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنفال: {ولا تحسبن الّذين كفروا سبقوا} (الأنفال: 59) وفسره بقوله: (فأتوا إنّهم لا يعجزون) ، أي: لا يفوتون. قوله: (يسبقونا) إشارة إلى قوله تعالى: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا} (العنكبوت: 4) وفسره بقوله: (يعجزونا) ، أي: أن يعجزونا. قوله: (وقوله بمعجزين مكرر) ، وفسره بقوله: (بفائتين) ، قوله: (ومعنى: معاجزين)
إلى آخره. أشار به إلى أن معاجزين من باب المفاعلة وهو يستدعي المشاركة بين إثنين). [عمدة القاري: 19/128]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (يقال {معاجزين}) بألف بعد العين وهي قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو أي (مسابقين) كي يفوتونا قاله أبو عبيدة.
({بمعجزين}) في قوله في العنكبوت: {وما أنتم بمعجزين} [العنكبوت: 22] (بفائتين) أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير نحوه ({معاجزين}) بالألف أي (مغالبين) كذا وقع لغير أبي ذر وسقط له ({معاجزيّ}) بالألف وسقوط النون مشدد التحتية أي (مسابقيّ) كذا لأبوي الوقت وذر وابن عساكر وسقط لكريمة والأصيلي ({سبقوا}) أي في قوله في الأنفال: {ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا} [الأنفال: 59] أي (فأتوا) أنهم ({لا يعجزون}) أي (لا يفوتون) قاله أبو عبيدة في المجاز.
({يسبقونا}) في قوله تعالى: {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] أي (يعجزونا) بسكون العين (قوله) ولأبي ذر وقوله ({بمعجزين}) بالقصر وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير أي (بفائتين ومعنى {معاجزين}) بالألف (مغالبين) كذا وقع مكررًا وسقط لغير أبي ذر (يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه) يريد أنه من باب المفاعلة بين اثنين). [إرشاد الساري: 7/308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب، ليجزي الّذين آمنوا ما وصف، وليجزي الّذين سعوا في آياتنا معاجزين؛ يقول: وكي يثيب الّذين عملوا في إبطال أدلّتنا وحججنا مفاوتين، يحسبون أنّهم يسبقوننا بأنفسهم فلا نقدر عليهم {أولئك لهم عذابٌ} يقول: هؤلاء لهم عذابٌ من شديد العذاب الأليمٌ؛ ويعني بالأليم: الموجع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} أي لا يعجزون {أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ} قال: الرّجز: سوء العذاب، الأليم: الموجع.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: جاهدين ليهبطوها أو يبطلوها، قال: وهم المشركون، وقرأ: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} ). [جامع البيان: 19/212-213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال: مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال: الرجز هو العذاب الأليم الموجع، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال: أصحاب محمد). [الدر المنثور: 12/164-165] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 09:48 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه} حمد نفسه وهو أهل الحمد.
{الّذي له ما في السّموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم} [سبأ: 1] في أمره، أحكم كلّ شيءٍ.
{الخبير} بخلقه). [تفسير القرآن العظيم: 2/744]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {الحمد للّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير (1)}

واللّه المحمود في الدّنيا والآخرة، وحمده في الآخرة يدل عليه قول أهل الجنة: {الحمد للّه الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء) أي أورثنا أرض الجنة.}.). [معاني القرآن: 4/239]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة}
وهو قوله جل وعز: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}
ثم قال تعالى: {وهو الحكيم الخبير}
روى معمر , عن قتادة قال: (حكيم في أمره , خبير في خلقه).). [معاني القرآن: 5/391]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يعلم ما يلج في الأرض} [سبأ: 2] من المطر.
{وما يخرج منها} [سبأ: 2] من النّبات.
{وما ينزل من السّماء} [سبأ: 2] من المطر، وغير ذلك.
{وما يعرج فيها} [سبأ: 2]، أي: وما يصعد، ما تصعد به الملائكة.
{وهو الرّحيم الغفور} [سبأ: 2] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/744]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)

: ({يعلم ما يلج في الأرض}: أي: يدخل , ويغيب فيها , قال طرفة:

رأيت القوافي يتّلجن موالجاً= تضايق عنها أن تولجّأ الإبر.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ما يلج في الأرض}: يدخل فيها). [غريب القرآن وتفسيره: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {ما يلج في الأرض}: أي: يدخل.

{وما يعرج فيها} : أي: يصعد.). [تفسير غريب القرآن: 353]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو الرّحيم الغفور (2)}
أي : ما يدخل في الأرض , وما يخرج منها, ما يدخل في الأرض من قطر وغيره، وما يخرج منها من زرع وغيره.
{وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها}:ما يصعد فيها، يقال : عرج يعرج إذا صعد، والمعارج: الدّرج من هذا، ويقال: عرج يعرج، إذا صار ذا عرج، وعرج يعرج إذا غمز من شيء أصابه.). [معاني القرآن: 4/239]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها}
أي: ما يدخل فيها من قطر , وغيره , وما يخرج منها من نبات وغيره .
{وما ينزل من السماء , وما يعرج فيها } : من عرج يعرج إذا صعد.). [معاني القرآن: 5/392]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( { يَلِجُ}: يدخل. , و{يَعْرُجُ}: أي: يصعد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 195]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَلِجُ}: يخرج). [العمدة في غريب القرآن: 245]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة} [سبأ: 3] القيامة.
{قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب} [سبأ: 3] من قرأها بالرّفع رجع إلى قوله: {الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} [سبأ: 1] إلى قوله: {وهو الرّحيم الغفور} [سبأ: 2]...
{عالم الغيب} [سبأ: 3] ومن قرأها بالجرّ: {عالم الغيب} [سبأ: 3] يقول: {بلى وربّي}
[تفسير القرآن العظيم: 2/744]
[سبأ: 3]...
{عالم الغيب} [سبأ: 3] وفيها تقديمٌ.
والغيب في تفسير الحسن في هذا الموضع، ما لم يكن.
قال: {لتأتينّكم} [سبأ: 3] السّاعة.
{لا يعزب عنه} [سبأ: 3] لا يغيب عنه.
{مثقال ذرّةٍ} وزن ذرّةٍ، لا يغيب عنه علم ذلك، أي: ليعلم ابن آدم أنّ عمله الّذي عليه الثّواب والعقاب لا يغيب عن اللّه منه مثقال ذرّةٍ.
{ولا أصغر من ذلك ولا أكبر} [سبأ: 3] قال: {إلا في كتابٍ مبينٍ} [سبأ: 3] وقد فسّرنا ذلك في حديث ابن عبّاسٍ أنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال: اكتب قال: ربّ ما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ، فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فأعمال العباد تعرض في كلّ يوم اثنين وخميسٍ فيجدونه على ما في الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/745]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (قوله: {علاّم الغيب...}

قال رأيتها في مصحف عبد الله : {علاّم} على قراءة أصحابه, وقد قرأها عاصم : {عالم الغيب}خفضاً في الإعراب من صفة الله., وقرأ أهل الحجاز:{عالم الغيب}رفعا على الاستئناف إذ حال بينهما كلام؛ كما قال: {ربّ السموات والأرض وما بينهما الرحمن} فرفع, والاسم قبله مخفوض في الإعراب, وكلّ صواب.
وقوله: {لا يعزب عنه} , و{يعزب} , لغتان قد قرئ بهما, والكسر أحبّ إليّ.). [معاني القرآن: 2/351]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا يغرب عنه مثقال ذرّة }: أي : لا يشذ , ولا يغيب مثقال ذرة , أي : زنة ذرة.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لا يعزب عنه}: لا يبعد، {مثقال ذرّةٍ} : أي: وزن ذرة، وهي: النملة الحمراء الصغيرة.). [تفسير غريب القرآن: 353]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلّا في كتاب مبين (3)}
الساعة التي يبعث فيها الخلق، المعنى : أنهم قالوا: لا نبعث.
فقال اللّه تعالى:{قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّة}
بالخفض في {عالم} : صفة للّه عزّ وجلّ، ويقرأ بالرفع من وجهين:
أحدهما : الابتداء، ويكون المعنى: عالم الغيب لا يعزب عنه.
ويكون:{ لا يعزب عنه}: هو خبر عالم الغيب, ويرفع على جهة المدح للّه عزّ وجلّ.
المعنى : هو عالم الغيب , ويجوز النصب , ولم يقرأ به على معنى : اذكر عالم الغيب، ويقرأ علّام الغيوب , وعلّام الغيب جائز.
ويقرأ : {لا يعزب عنه} بكسر الزاي، يقال: عزب عني يعزب , ويعزب إذا غاب.). [معاني القرآن: 4/240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب}
أي: بلى , وربي عالم الغيب لتأتينكم .
ثم قال جل وعز: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض}
روى أبو يحيى , عن مجاهد, عن ابن عباس : {لا يعزب} : (لا يغيب).
وقرأ يحيى بن وثاب :{لا يعزب} : وهي لغة معروفة يقال: عزب يعزب , ويعزب إذا بعد , وغاب.). [معاني القرآن: 5/392-393]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يعزب}: أي: يبعد). [ياقوتة الصراط: 413]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لا يَعْزُبُ}: لا يبعد.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 195]


تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [سبأ: 4] يجزيهم الجنّة.
{أولئك لهم مغفرةٌ} [سبأ: 4] لذنوبهم.
{ورزقٌ كريمٌ} [سبأ: 4] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/745]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):


(الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الكثير الكرم، قال الله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: كثير). [تأويل مشكل القرآن: 494] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم (4)}

اللام دخلت جوابا , لقوله:{قل بلى وربي لتأتينكم}: للمجازاة , أي : من أجل المجازاة بالثواب , والعقاب.
وقوله: {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم}: بيّن اللّه أن جزاءهم المغفرة , وهي التغطية على الذنوب.).[معاني القرآن: 4/240]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين سعوا} [سبأ: 5] عملوا.
{في آياتنا معاجزين} [سبأ: 38] تفسير الحسن: يظنّون أنّهم سبقونا حتّى لا نقدر عليهم فنبعثهم ونعذّبهم، كقوله: {وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39].
تفسير الكلبيّ: {معاجزين} [سبأ: 5] يثبّطون النّاس عن الإيمان بآياتنا ولا يؤمنون بها.
وقال السّدّيّ: {سعوا} عملوا {في آياتنا} في القرآن {معاجزين} مبطئين، يعني: يثبّطون النّاس، عن الإيمان بالقرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 2/745]
قوله عزّ وجلّ: {أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ} [سبأ: 5] والرّجز، العذاب.
{أليمٌ} موجعٌ، لهم عذابٌ من عذابٍ موجعٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/746]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {عذابٌ مّن رّجزٍ أليمٍ...}

قراءة القراء بالخفض, ولو جعل نعتاً للعذاب , فرفع لجاز؛ كما قرأت القراء : {عاليهم ثياب سندسٍ خضرٍ} , و{خضرٌ} , وقرءوا : {في لوح محفوظٍ} للّوح , و{محفوظٌ} للقرآن, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/351-352]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({والذّين سعوا في آياتنا معاجزين }: أي: مسابقين, سعوا: كذبوا.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({معاجزين}: مشاقين {فليس بمعجز في الأرض} أي فائت و{معجزين} فائتين، ومن قال {معجزين} فهو مبطئين).[غريب القرآن وتفسيره: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {معاجزين}: أي : مسابقين, يقال: ما أنت بمعاجزي، أي : بمسابقي. وما أنت بمعجزي، أي: سابقي , فائتي.). [تفسير غريب القرآن: 353]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [الحج: 51 وسبأ: 5]، أي جدّوا في ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 510] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جل وعلا : {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم (5)}
ويقرأ : {معاجزين}, ومعاجزين في معنى : مسابقين، ومن قرأ معجّزين : فمعناه : أنهم يعجّزون من آمن بها، ويكون في معنى : مثبّطين ,وهو معنى : تعجيزهم من آمن بها.

وقوله: {أولئك لهم عذاب من رجز أليم}:{أليم} : بالخفض : نعت للزجر، {أليم}:نعت للعذاب.). [معاني القرآن: 4/241]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم}
قال قتادة : (ظنوا أنهم يعجزون الله جل وعز , ولن يعجزوه).
قال أبو جعفر : يقال عاجزة , وأعجزه إذا غالبه ,وسبقه , ومن قرأ :{معجزين } : أراد مثبطين المؤمنين , كذا قاله ابن الزبير.). [معاني القرآن: 5/393]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُعَاجِزِينَ}: محاربين.). [العمدة في غريب القرآن: 245]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 09:49 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) }

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والعازب: البعيد). [الأمالي: 2/291]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:59 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور}
الألف واللام في "الحمد" لاستغراق الجنس، أي: الحمد على تنوعه هو لله تعالى من جميع جهات الفكرة، ثم جاء بالصفات التي تستوجب المحامد، وهي: ملكه جميع ما في السموات وما في الأرض، وعلمه المحيط بكل شيء، وخبرته بالأشياء، إذ وجودها إنما هو به جلت قدرته، ورحمته بأنواع خلقه، وغفرانه لمن سبق في علمه أن يغفر له من مؤمن.
وقوله تعالى: {وله الحمد في الآخرة} يحتمل أن تكون الألف واللام للجنس أيضا، وتكون الآية خبرا أن الحمد في الآخرة هو له وحده لإنعامه وإفضاله وتغمده وظهور قدرته وغير ذلك من صفاته، ويحتمل أن تكون الألف واللام فيه للعهد والإشارة إلى قوله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}، أو إلى قوله: {الحمد لله الذي صدقنا وعده}.
و"يلج" معناه: يدخل، ومنه قول شاعر:
رأيت القوافي يتلجن موالجا ... تضايق عنها أن تولجها الإبر
و"يعرج" معناه: يصعد. وهذه الرتب حصرت كلما يصح علمه من شخص أو قول أو معنى، وقرأ أبو عبد الرحمن: "وما ينزل من السماء" بضم الياء وفتح النون وشد الزاي). [المحرر الوجيز: 7/ 155-156]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم}
روي أن قائل هذه المقالة هو أبو سفيان بن حرب، وقال: "واللات والعزى ما ثم ساعة تأتي، ولا قيامة ولا حشر". فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه مقابلة لقسم أبي سفيان، قيل: ردا وتكذيبا وإيجابا لما نفاه، وأجاز نافع الوقف على "بلى"، وقرأ الجمهور: "لتأتينكم" بالتاء من فوق، وحكى أبو حاتم قراءة: "ليأتينكم" بالياء على المعنى في البعث.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي - بخلاف عنه -: "عالم" بالخفض على البدل من "ربي"، وقرأ نافع، وابن عامر: "عالم" بالرفع على القطع، أي: هو عالم، ويصح أن يكون "عالم" رفع بالابتداء، وخبره "لا يعزب" وما بعده، ويكون الإخبار بأن "العالم" لا يعزب عنه شيء إشارة إلى أنه قد قدر وقتها وعلمه، والوجه الأول أقرب، وقرأ حمزة، والكسائي: "علام" على المبالغة وبالخفض على البدل. و"يعزب" معناه: يغيب ويبعد، وبه فسر مجاهد وقتادة. وقرأ جمهور القراء بضم الزاي، وخفضها الكسائي، وابن وثاب، وهما لغتان. و"مثقال ذرة" معناه: مقدار تثاقلها، وهذا في الأجرام بين، وفي المعاني بالمقايسة. وقرأ الجمهور: "ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" بالرفع عطفا على قوله: "مثقال"، وقرأ نافع، والأعمش، وقتادة: "أصغر"، و"أكبر" بالنصب عطفا على "ذرة"، ورويت عن أبي عمرو، وفي قوله: {إلا في كتاب مبين} ضمير تقديره: إلا هو في كتاب مبين، و"الكتاب المبين" هو اللوح المحفوظ). [المحرر الوجيز: 7/ 156-157]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واللام من قوله: "ليجزي" يصح أن تكون متعلقة بقوله: "لتأتينكم"، ويصح أن تكون متعلقة بقوله: "لا يعزب"، ويصح أن تكون متعلقة بما في قوله: {إلا في كتاب مبين} من معنى الفعل; لأن المعنى: إلا أثبته في كتاب مبين.
و"المغفرة" تغمد الذنوب، و"الرزق الكريم" الجنة.
وقوله: "والذين" معطوف على "الذين" الأولى، أي: وليجزي الذين سعوا، و"معاجزين" معناه: محاولين تعجيز قدرة الله فيهم. وقرأ الجحدري، وابن كثير، وأبو عمرو: "معجزين" دون ألف، أي: معجزين قدرة الله تبارك وتعالى بزعمهم. وقال ابن الزبير: معناه: مثبطين عن الإيمان من أراده، مدخلين عليه العجز في نشاطه، وهذا هو سعيهم في الآيات، أي: في شأن الآيات. ثم بين تعالى جزاء الساعين، كما بين قبل جزاء المؤمنين.
وقرأ عاصم - في رواية حفص -: "أليم" بالرفع على النعت، للعذاب، والباقون بالكسر على نعت "الرجز"، و"الرجز" هو العذاب السيء جدا، وقرأابن محيصن: "رجز" بضم الراء).[المحرر الوجيز: 7/ 157-158]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الحمد للّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير (1) يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو الرّحيم الغفور (2) }
يخبر تعالى عن نفسه الكريمة: أنّ له الحمد المطلق في الدّنيا والآخرة؛ لأنّه المنعم المتفضّل على أهل الدّنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال: {وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} [القصص: 70]؛ ولهذا قال هاهنا: {الحمد للّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} أي: الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرّفه، كما قال: {وإنّ لنا للآخرة والأولى} [اللّيل: 13].
ثمّ قال: {وله الحمد في الآخرة}، فهو المعبود أبدًا، المحمود على طول المدى. وقال: {وهو الحكيم} أي: في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، {الخبير} الّذي لا تخفى عليه خافيةٌ، ولا يغيب عنه شيءٌ.
وقال مالكٌ عن الزّهريّ: خبيرٌ بخلقه، حكيمٌ بأمره؛ ولهذا قال: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها} أي: يعلم عدد القطر النّازل في أجزاء الأرض، والحبّ المبذور والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك: عدده وكيفيّته وصفاته، {وما ينزل من السّماء} أي: من قطرٍ ورزقٍ، {وما يعرج فيها} أي: من الأعمال الصّالحة وغير ذلك، {وهو الرّحيم الغفور} أي: الرّحيم بعباده فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب [عباده] التّائبين إليه المتوكّلين عليه). [تفسير ابن كثير: 6/ 494]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلّا في كتابٍ مبينٍ (3) ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ (4) والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ (5) ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد (6) }
هذه إحدى الآيات الثّلاث الّتي لا رابع لهنّ، ممّا أمر اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقسم بربّه العظيم على وقوع المعاد لـمّا أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد، فإحداهنّ في سورة يونس: {ويستنبئونك أحقٌّ هو قل إي وربّي إنّه لحقٌّ وما أنتم بمعجزين} [يونس:53]، والثّانية هذه: {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم}، والثّالثة في التّغابن: {زعم الّذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربّي لتبعثنّ ثمّ لتنبّؤنّ بما عملتم وذلك على اللّه يسيرٌ} [التّغابن:7]، فقوله: {قل بلى وربّي لتأتينّكم}، ثمّ وصفه بما يؤكّد ذلك ويقرّره: {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ مبينٍ}.
قال مجاهدٌ وقتادة: {لا يعزب عنه} لا يغيب عنه، أي: الجميع مندرجٌ تحت علمه فلا يخفى عليه منه شيءٌ، فالعظام وإن تلاشت وتفرّقت وتمزّقت، فهو عالمٌ أين ذهبت وأين تفرّقت، ثمّ يعيدها كما بدأها أوّل مرّةٍ، فإنّه بكلّ شيءٍ عليمٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 495]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ بيّن حكمته في إعادة الأبدان وقيام السّاعة بقوله: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} أي: سعوا في الصّدّ عن سبيل اللّه وتكذيب رسله، {أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ} أي: لينعّم السّعداء من المؤمنين، ويعذّب الأشقياء من الكافرين، كما قال: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20]، وقال تعالى: {أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار} [ص:28]). [تفسير ابن كثير: 6/ 495]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة