التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه} [الأحزاب: 37]، يعني: زيدًا.
{أمسك عليك زوجك واتّق اللّه} [الأحزاب: 37] قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه} [الأحزاب: 37] مظهره، تفسير السّدّيّ.
{وتخشى النّاس واللّه أحقّ أن تخشاه} [الأحزاب: 37] كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه أن يطلّقها زيدٌ من غير أن يأمره بطلاقها، فيتزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الكلبيّ: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتى زينب زائرًا، فأبصرها قائمةً فأعجبته، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سبحان
[تفسير القرآن العظيم: 2/721]
اللّه مقلّب القلوب، فرأى زيدٌ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد هويها فقال: يا رسول اللّه ائذن لي في طلاقها، فإنّ فيها كبرًا وإنّها تؤذيني بلسانها، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اتّق اللّه وأمسك عليك
زوجك، فأمسكها زيدٌ ما شاء اللّه ثمّ طلّقها، فلمّا انقضت عدّتها أنزل اللّه نكاحها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من السّماء فقال: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه} [الأحزاب: 37] إلى قوله: {فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوّجناكها} [الأحزاب: 37] فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند ذلك زيدًا فقال: ائت زينب فأخبرها أنّ اللّه قد زوّجنيها، فانطلق زيدٌ
فاستفتح الباب، فقيل من هذا؟ قال: زيدٌ، قالت: وما حاجة زيدٍ إليّ وقد طلّقني؟ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أرسلني، فقالت: مرحبًا برسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ففتح له الباب، فدخل عليها وهي تبكي، فقال زيدٌ: لا يبك اللّه عينك، قد كنت نعمت المرأة أو قال: الزّوجة، إن كنت لتبرّين قسمي وتطيعين أمري، وتتّبعين مسرّتي، فقد أبدلك اللّه
خيرًا منّي، قالت: من لا أبا لك؟ فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخرّت ساجدةً.
وقوله عزّ وجلّ: {وتخشى النّاس} [الأحزاب: 37] عيب النّاس أن يعيبوا ما صنعت.
{فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا} [الأحزاب: 37] والوطر الحاجة.
{زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرًا} [الأحزاب: 37] فقال المشركون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد زعمت أنّ حليلة الابن لا تحلّ للأب، وقد تزوّجت حليلة ابنك زيدٍ، فقال اللّه: {لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم} [الأحزاب: 37]، أي: أنّ زيدًا كان دعيًّا، ولم يكن بابن محمّدٍ، وقال: {ما كان محمّد أبا أحدٍ من رجالكم} [الأحزاب: 40].
[تفسير القرآن العظيم: 2/722]
قال: {وكان أمر اللّه مفعولا {37}). [تفسير القرآن العظيم: 2/723]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وتخفي في نفسك...}
من تزويجها {ما اللّه} مظهره, {وتخشى النّاس} , يقول: تستحي من الناس , {واللّه أحقّ} , أن تستحي منه, ثم قال: {لكيلا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم} ). [معاني القرآن: 2/343] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فلمّا قضًى زيدٌ منها وطراً }:أي: أرباً وحاجة , قال الشاعر:
ودّعني قبل أن أودّعه= لمّا قضى من شبابنا وطرا
أي : أرباً , وحاجة.). [مجاز القرآن: 2/138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((الوطر): والأرب واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 304]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتّق اللّه وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى النّاس واللّه أحقّ أن تخشاه فلمّا قضى زيد منها وطرا زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرا وكان أمر اللّه مفعولا (37)}
معنى أنعم اللّه عليه : هداه للإسلام، وأنعمت عليه : أعتقته من الرق، وكان زيد شكا إلى النبي عليه السلام أمر زينب، فأمره بالتمسك بها، وكان عليه السلام : يحب التزوج بها إلا أنه عليه السلام , آثر ما يحب من الأمر بالمعروف فقال:{أمسك عليك زوجك واتّق اللّه}.
{وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى النّاس واللّه أحقّ أن تخشاه}:أي: تكره مقالة النّاس.
{فلمّا قضى زيد منها وطرا زوّجناكها}:أي : فلما طلّقها زيد, والوطر في اللغة والأرب بمعنى واحد. قال الخليل: معنى الوطر كل حاجة يكون لك فيها همّة، فإذا بلغها البالغ , قيل: قد قضى وطره , وأربه، أي : بلغ مراده منها.
وقوله - عزّ وجلّ: {لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرا}
أي: زوجناك زينب , وهي امرأة زيد الذي قد تبنّيت به، لئلا يظن: أنه من تبنّى برجل لم تحل امرأته للمتبنّي.). [معاني القرآن: 4/229]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه}
قال قتادة: (هو زيد بن حارثة, أنعم الله عليه بالإسلام , وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق) .
ثم قال: {أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه}
روى ثابت , عن أنس قال : (جاء زيد يشكو زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له :{أمسك عليك زوجك واتق الله }, فأنزل الله جل وعز: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} إلى آخر الآية.
قال : ولو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن , لكتمها).
قال قتادة : (جاء زيد , فقال : يا رسول الله إني أشكو إليك لسان زينب, وإني أريد أن أطلقها) .
فقال له : {أمسك عليك زوجك واتق الله}, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها زيد , فكره أن يقول له طلقها , فيسمع الناس بذلك , قال أبو جعفر : أي: فيفتتنوا.
وسئل علي بن الحسين عليه السلام عن هذه الآية, فقال: (أعلم الله جل وعز النبي صلى الله عليه وسلم أن زيدا سيطلق زينب , ثم يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده).
أي : فقد أعلمتك: أنه يطلقها قبل أن يطلقها.
وقوله جل وعز: {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها}
قال الخليل : معنى الوطر كل حاجة يهتم بها , فإذا قضاها قيل : قضى وطره , وأربه , ثم خبر جل وعز بالعلة التي من أجلها كان من أمر زيد ما كان , فقال :{لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا }
أي: زوجناك زينب , وكانت امرأة زيد , وأنت متبن له , لئلا يتوهم أن تحريم التبني كتحريم الولادة كما كانت الجاهلية تقول.). [معاني القرآن: 5/354]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه}, قال: انعم الله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه بالعتق.
{وطراًً}: أي: حاجة.). [ياقوتة الصراط: 410]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَطَرًا}: إرباُ: حاجة.). [العمدة في غريب القرآن: 243]
تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له} [الأحزاب: 38] فيما أحلّ اللّه له.
قال بعضهم: في زينب.
وقال الحسن: يعني: الّتي وهبت نفسها للنّبيّ إذ زوّجها اللّه إيّاه بغير صداقٍ، ولكنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد تطوّع عليها، فأعطاها الصّداق.
قال: {سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل} [الأحزاب: 38]، أي: أنّه ليس على الأنبياء حرجٌ فيما أحلّ اللّه لهم، وقد أحللت لداود مائة امرأةٍ، ولسليمان ثلاث مائة امرأةٍ وسبع مائة سريّةٍ.
قال: {وكان أمر اللّه قدرًا مقدورًا} [الأحزاب: 38] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/723]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّا كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له...}
من هذا , ومن تسع النسوة، ولم تحلّ لغيره وقوله: {سنّة اللّه} , يقول: هذه سنّة , قد مضت أيضاً لغيرك, كان لداود , ولسليمان من النساء ما قد ذكرناه، فضّلا به، كذلك أنت.). [معاني القرآن: 2/344] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض الله له سنّة اللّه في الذّين خلوا من قبل }: سنة الله منصوبة لأنها في موضع مصدر من غير لفظها ؛ من حرج , أي: من ضيق وإثم، خلوا , أي: مضوا).). [مجاز القرآن: 2/138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له}: أي : أحلّ اللّه له.
{سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل}: أنه لا حرج على أحد فيما لم يحرم عليه.). [تفسير غريب القرآن: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}.
قال المفسرون: فيما أحل الله له.
وقد يجوز في اللغة أن يكون: ما أوجب له من النكاح، يعني: نكاح أكثر من أربع). [تأويل مشكل القرآن: 476]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ما كان على النّبيّ من حرج فيما فرض اللّه له سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل وكان أمر اللّه قدرا مقدورا (38)}
(سنّة) منصوب على المصدر، لأن معناه :ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله سنّ الله سنّة حسنة , واسعة , لا حرج فيها.
أي: لا ضيق فيها , والسّنّة الطريقة، والسنن : من ذا كلّه.
وقوله عزّ وجلّ:{في الّذين خلوا من قبل} معناه: في النبيين الذين قبل محمد صلى الله عليهم وسلم .
أي : سنّة الله في التّوسعة على محمد صلى الله عليه وسلم , فيما فرض اللّه له كسنّته في الأنبياء الماضين.). [معاني القرآن: 4/230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له}
قال قتادة : (أي: فيما أحل الله له).
قال أبو جعفر : وفيه معنى المدح , كما قال جل وعز: {ما على المحسنين من سبيل}, ثم قال جل وعز: {سنة الله في الذين خلوا من قبل}
أي: لا يؤاخذون بما لم يحرم عليهم.). [معاني القرآن: 5/354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}: أي: أحل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 194]
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الّذين يبلّغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون أحدًا إلا اللّه وكفى باللّه حسيبًا} [الأحزاب: 39] حفيظًا لأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/723]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (ثم قال: {الّذين يبلّغون رسالات اللّه...}
فضّلناهم بذلك، يعني : الأنباء, و(الذين) في موضع خفضٍ إن رددته على قوله: {سنّة الله في الذين خلوا من قبل}, إن شئت رفعت على الاستئناف, ونصب السنّة على القطع، كقولك: فعل ذلك سنة, ومثله كثير في القرآن, وفي قراءة عبد الله: {الّذين بلّغوا رسالات اللّه ويخشونه} هذا مثل قوله: {إنّ الذين كفروا ويصدّون} يردّ يفعل على فعل، وفعل على يفعل, وكلّ صواب.) [معاني القرآن: 2/344] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى:{الّذين يبلّغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون أحدا إلّا اللّه وكفى باللّه حسيبا (39)}
" الذين " : في موضع خفض نعت لقوله :{في الّذين خلوا من قبل}, ويجوز أن يكون رفعا على المدح على هم {الّذين يبلّغون رسالات اللّه}
ويجوز : أن يكون نصبا على معنى , أعني : الذين يبلّغون.). [معاني القرآن: 4/230]
تفسير قوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما كان محمّد أبا أحدٍ من رجالكم} [الأحزاب: 40] يقول: إنّ محمّدًا لم يكن بأبي زيدٍ وإنّما كان زيدٌ دعيًّا له.
قال: {ولكن رسول اللّه وخاتم النّبيّين} [الأحزاب: 40]
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن محمّد بن سيرين، عن عائشة قالت: لا تقولوا: لا نبيّ بعد محمّدٍ، وقولوا: خاتم النّبيّين، فإنّه ينزل عيسى ابن مريم حكمًا عدلا وإمامًا مقسطًا، فيقتل الدّجّال، ويكسر الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، وتضع الحرب أوزارها.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تقوم السّاعة حتّى يخرج دجّالون كذّابون قريبٌ من ثلاثين كلّهم يزعم أنّه نبيٌّ ولا نبيّ بعدي وأنا خاتم النّبيّين».
- وحدّثني قرة بن خالدٍ، عن معاوية بن قرّة المزنيّ، عن أبيه قال:
[تفسير القرآن العظيم: 2/723]
أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فاستأذنته أن أدخل يدي فأمسّ الخاتم فأذن لي.
فأدخلت يدي في جربّان قميصه، وإنّه ليدعو لي فما منعه وأنا ألمسه أن دعا لي، قال: فوجدت على نغض كتفه مثل السّلعة.
قال: {وكان اللّه بكلّ شيءٍ عليمًا} [الأحزاب: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/724]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّا كان محمّدٌ أبا أحدٍ مّن رّجالكم...}: دليل على أمر تزوّج زينب .
{ولكن رّسول اللّه} , معناه: ولكن كان رسول الله, ولو رفعت على: ولكن هو رسول الله , كان صواباً , وقد قرئ به, والوجه النصب. وقوله: {وخاتم النّبيّين} : كسرها الأعمش , وأهل الحجاز، ونصبها - يعني التاء - عاصم , والحسن .
وهي في قراءة عبد الله: {ولكن نبيّاً ختم النبيّين}نبيّاً ختم النبيّين}, فهذه حجّةٌ لمن قال {خاتم} بالكسر، ومن قال {خاتم}: أرد هو آخر النبيّين، كما قرأ علقمة فيما ذكر عنه:{خاتمه مسكٌ}: أي: آخره مسك...
- حدثنا أبو الأحوص سلاّم ابن سليم , عن الأشعث بن أبي الشعثاء المحاربيّ قال: (كان علقمة يقرأ : {خاتمه مسكٌ}, ويقول: أما سمعت المرأة تقول للعطّار: اجعل لي خاتمه مسكاً , أي: آخره)). [معاني القرآن: 2/344]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا كان محمّدٌ أبا أحدٍ مّن رّجالكم ولكن رّسول اللّه وخاتم النّبيّين وكان اللّه بكلّ شيءٍ عليماً}
وقال: {ولكن رّسول اللّه وخاتم النّبيّين}: أي: ولكن كان رسول الله , وخاتم النبيين.). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النّبيّين وكان اللّه بكلّ شيء عليما (40)}
أي: لم يكن زيد ابن محمد صلى الله عليه وسلم لم يلده، وقد ولد لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذكور : إبراهيم , والطيب والقاسم , والمطهّر، وإنما تأويله: ما كان يحرم عليه ممن تبنى به ما يحرم على الوالد.
والنبي صلى الله عليه وسلم أبو المؤمنين في التبجيل , والتعظيم.
وقرئت: {وخاتم النبيين} , {وخاتم النبيين}.
فمن كسر التاء , فمعناه: ختم النبيين، ومن قرأ : وخاتم النبيين , بفتح التاء , فمعناه : آخر النبيين، لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم .
ويجوز: ولكن رسول الله , وخاتم النبيين.
فمن نصب , فالمعنى : ولكن كان رسول اللّه , وكان خاتم النبيين, ومن رفع , فالمعنى : ولكن هو خاتم النبيين.). [معاني القرآن: 4/229-230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكفى بالله حسيبا}
يجوز : أن يكون بمعنى محاسب كما تقول أكيل , وشريب .
ويجوز أن يكون بمعنى محسب , أي : كاف, يقال: أحسبني الشيء : كفاني .
وقوله جل وعز: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم}
قال علي بن الحسين عليه السلام : (نزلت في زيد بن حارثة) .
قال أبو جعفر : أي ليس هو أباهم بالولادة , وإن كان كذلك في التبجيل , والتعظيم .
ثم قال جل وعز: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين}
قال قتادة: (أي: آخرهم) .
قال أبو جعفر : من قرأ :{خاتم }بفتح التاء , فمعناه : عنده آخرهم , ومن قرأ بالكسر {خاتم }, فمعناه : عندهم أنه ختمهم .
قال قتادة :{وسبحوه بكرة وأصيلا }: (صلاة الصبح , والعصر)). [معاني القرآن: 5/355-356]