التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا موسى الكتاب} [السجدة: 23]، يعني: التّوراة.
{فلا تكن} يا محمّد.
{في مريةٍ} في شكٍّ.
{من لقائه} تفسير الكلبيّ، يعني: ليلة أسري به، فلقيه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في السّماء السّادسة ليلة أسري به، وقد فسّرنا ذلك في حديث المعراج.
وتفسير الحسن: {فلا تكن في مريةٍ من لقائه} [السجدة: 23] من أن تلقى من قومك من الأذى ما لقي موسى من قومه من الأذى.
وقال مجاهدٌ: {فلا تكن في مريةٍ من لقائه} [السجدة: 23] من لقاء موسى وكتبه.
قال: {وجعلناه هدًى لبني إسرائيل} [السجدة: 23]
[تفسير القرآن العظيم: 2/693]
تفسير الحسن: وجعلنا موسى هدًى لبني إسرائيل.
وقال السّدّيّ: {وجعلناه هدًى لبني إسرائيل} [السجدة: 23]، يعني: التّوراة). [تفسير القرآن العظيم: 2/694]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل (23)}
جاء في التفسير : لا تكن في شك من لقاء موسى عليه السلام.
ودليل هذا القول في التفسير قوله: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا}, فالمعنى : لا تكن يا محمد في مرية من لقائه.
والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الخطاب له , ولأمّته في هذا الموضع، أي : فلا تكونوا في شك من لقاء النبي عليه السلام بموسى.
وقيل :{فلا تكن في مرية من لقائه}: أي : من لقاء موسى الكتاب، ويكون الهاء للكتاب، ويكون في لقائه ذكر موسى، ويجوز أن يكون الهاء لموسي، والكتاب محذوف؛ لأن ذكر الكتاب قد جرى كما جرى ذكر موسى, وهذا , واللّه أعلم أشبه بالتفسير.). [معاني القرآن: 4/208-209]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه}
قيل الهاء للكتاب , واسم موسى صلى الله عليه وسلم مضمر , والمعنى : الهاء لموسى , وحذف الكتاب ؛ لأنه تقدم ذكره , وهذا أولى .
والمعنى : فلا تكن في شك من تلقي موسى الكتاب بالقبول , ومخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لجميع الناس .
ويجوز أن يكون المعنى : قل لهذا الشاك .
ويجوز أن يكون المعنى : فلا تكن في شك من تلقي هذا الخبر بالقبول .
قال قتادة : معنى ذلك : (فلا تكن في شك من أنك لقيته , أو تلقاه ليلة أسري به).
واختار هذا القول بعض أهل العلم ؛ لأن ابن عباس روى , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :((أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران, رجلا آدم , طوالا جعدا ؛ أنه من رجال شنوءة )) , الحديث .
فالتقدير على هذا: فلا تكن في مرية من لقائه, أنه قد رأى موسى ليلة أسري به.
وتأول وجعلناه : بمعنى : وجعلنا موسى هدى , أي : رشادا لبني إسرائيل يرشدون باتباعه , ويصيبون الحق بالاقتداء به .
وقد روى سعيد , عن قتادة : {وجعلناه هدى لبني إسرائيل }, قال : (جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل)). [معاني القرآن: 5/310-311]
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وجعلنا منهم أئمّةً} [السجدة: 24] أنبياء يهتدى بهم.
{يهدون بأمرنا} [السجدة: 24]، يعني: يدعون بأمرنا.
{لمّا صبروا} [السجدة: 24]، يعني: بما صبروا، تفسير السّدّيّ.
قال: ومن قرأها: لمّا صبروا مثقّلةً فإنّه، يعني: حين صبروا.
{وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة: 24] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/694]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا...}
القراء جميعاً على {لمّا صبروا} بتشديد الميم , ونصب اللام, وهي في قراءة عبد الله : {بما صبروا} , وقرأها الكسائيّ وحمزة {لما صبروا} على ذلك, وموضع (ما) خفض إذا كسرت اللام, وإذا فتحت , وشدّدت فلا موضع لها , إنما هي أداة.). [معاني القرآن: 2/332]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يهدون بأمرنا}: أي: بما تقويهم, وبقوتنا). [مجاز القرآن: 2/133]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (24)}
أكثر البصرئين لا يجيزون (أئمّة) بهمزتين، وابن أبي إسحاق وحده يجيز اجتماع همزتين، وسيبويه والخليل , وجميع البصريين - إلا ابن إسحاق - يقولون: {أيمة} - بهمزة وياء - , وإذا كان الهمزتان في كلمة واحدة لم يجيزوا إلا إبدال الثانية في نحو أيمة وآدم، ومن قرأ : {أئمة} لزمه أن يقول في " آدم " أأدم " لأنه أفعل من الأدمة، وأئمة أفعلة، ولا ينبغي أن تقرأ ألا أيمّة؛ لأن من حقق الهمزة فيما يجوز فيه تخفيف الهمز أجاز التخفيف فكذلك هو يجيز التخفيف في أيمة، فتصير قراءة أيمّة إجماعا.
وقوله: {لمّا صبروا}, و{لما صبروا}, والقراءة بالتشديد , والتخفيف في " لمّا "، فالتخفيف معناه : جعلناهم أئمة , لصبرهم، ومن قرأ " لمّا، صبروا فالمعنى معنى حكاية المجازاة: لمّا صبروا جعلناهم أئمة، وأصل الجزاء في هذا كأنه قيل إن صبرتم , جعلناكم أئمة، فلما صبروا جعلوا أئمة.). [معاني القرآن: 4/210]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ ربّك هو يفصل بينهم يوم القيامة} [السجدة: 25] يقضي بينهم يوم القيامة.
{فيما كانوا فيه يختلفون} [السجدة: 25] يفصل بين المؤمنين والمشركين فيما اختلفوا فيه من الإيمان والكفر، فيدخل المؤمنين الجنّة ويدخل المشركين النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/694]
تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم نهد لهم}، أي: أولم نبيّن لهم، وهو تفسير السّدّيّ، وهي تقرأ على وجهٍ آخر، بالياء: {أولم يهد لهم} [السجدة: 26]، أي: أو لم يبيّن اللّه لهم.
{كم أهلكنا من قبلهم من القرون} [السجدة: 26]، يعني: ما قصّ ممّا أهلك به الأمم السّالفة حين كذّبوا رسلهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/694]
قال: {يمشون في مساكنهم} [السجدة: 26]، يعني: يمرّون فيها كقوله: {وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين} [الصافات: 137] نهارًا وليلا، يعني: في مساكنهم الّتي كانوا فيها، منها ما يرى ومنها ما لا يرى، كقوله: {منها قائمٌ} [هود: 100] تراه {وحصيدٌ} [هود: 100] لا تراه.
وقال السّدّيّ: يقول: قد مرّ أهل مكّة على قراهـ.. ). [تفسير القرآن العظيم: 2/695]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أولم يهد لهم كم أهلكنا...}
(كم) في موضع رفع بـ (يهد) , كأنك قلت: أولم تهدهم القرون الهالكة, وفي قراءة عبد الله في سورة طه :{أولم يهد لهم من أهلكنا}.
وقد يكون (كم) في موضع نصب بأهلكنا , وفيه تأويل الرفع , فيكون بمنزلة قولك: سواء عليّ أزيداً ضربت أم عمراً، فترفع (سواء) بالتأويل.
وتقول: قد تبيّن لي أقام زيد , أم عمرو، فتكون الجملة مرفوعة في المعنى؛ كأنك قلت: تبيّن لي ذاك.). [معاني القرآن: 2/333]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أو لم يهد لهم }: الواو مفتوحة لأنها واو الموالاة , وليست بواو " أو " فتكون ساكنة , ولا الألف التي قبلها خرجت مخرج ألف الاستفهام , وهي في موضع التقرير , ومجاز " يهد لهم " يبين لهم , وهو من الهدى.). [مجاز القرآن: 2/133]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم مّن القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ أفلا يسمعون}
قال: {أولم يهد لهم} بالياء , يعني "ألم يبيّن؟!" , وقال بعضهم :{أو لم نهد}: أي: أو لم نبيّن لهم.). [معاني القرآن: 3/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أولم يهد لهم}: يتبين لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 300]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولم يهد لهم}: أي: يبيّن لهم.). [تفسير غريب القرآن: 346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا} [السجدة: 26]، أي أولم يبيّن لهم). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآيات أفلا يسمعون (26)}, وقرئت بالنون : {أولم نهد لهم}
وزعم بعض النحويين أن (كم) في موضع رفع بـ (يهد) والمعنى عنده أولم نبيّن لهم القرون التي أهلكنا من قبلهم.
وهذا عندنا - أعني عند البصريين - لا يجوز؛ لأنه لا يعمل ما قبل (كم) في (كم)، لا يجوز في قولك : كم رجل جاءنني؟,وأنت مخبر أن تقول : جاءني كم رجل؛ لأن (كم) لا تزال عن الابتداء, ولذلك جاز أن يفصل بينها , وبين ما عملت فيه إذا نصبت بما في الخبر , والاستفهام تقول في الخبر:كم بجود مقرفا نال الغنى
فصلت بين (كم) وبين قولك مقرفا بقولك (بجود)، فيكون الفصل فيها بين (كم) , وما عملت فيه عوضا من تصرفها، ألا ترى أنه لا يجوز : عشرون عندي درهما، ويجوز في الخبر : كم عندي درهما جيّدا.
وحقيقة هذا أن (كم) في موضع نصب بـ (أهلكنا)., وفاعل " يهد " ما دل عليه المعنى مما سلف من الكلام.
ويكون (كم) أيضا دليلا على الفاعل في يهدي، ويدل على هذا قراءة من قرأ : أو لم نهد - بالنون - , أي: ألم نبين لهم؟!.
ويجوز أيضا على " يهد " بالياء - أن يكون الفعل لله - عزّ وجلّ - , يدل عليه قراءة من قرأ : {أولم نهد} .). [معاني القرآن: 4/210-211]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أو لم نهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون} : أي: أولم نبين لهم؟!.). [معاني القرآن: 5/312]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَهْدِ لَهُمْ}: يبين لهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 191]
تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ}، أي: للمؤمنين.
{أفلا يسمعون}، يعني: المشركين.
قوله: {أولم يروا}، يعني: المشركين.
{أنّا نسوق الماء} [السجدة: 27]، يعني: المطر، تساق السّحاب الّتي فيها الماء.
كقوله: {سقناه لبلدٍ ميّتٍ} [الأعراف: 57] قال: {إلى الأرض الجرز} [السجدة: 27] اليابسة الّتي ليس فيها نباتٌ.
{فنخرج به زرعًا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون} [السجدة: 27]، يعني: المشركين.
أي فالّذي أحيا هذه الأرض بعد موتها قادرٌ على أن يحييهم بعد موتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/695]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إلى الأرض الجرز...}
والجرز: التي لا نبات فيها: ويقال للناقة: إنها لجراز إذا كانت تأكل كلّ شيء، وللإنسان: إنه لجروز إذا كان أكولاً، وسيف جراز إذا كان لا يبقى شيئاً إلاّ قطعه, ويقال: أرض جرز وجرز، وأرض جرز وجرز لبني تميم، كلّ لو قرئ به لكان حسناً, وهو مثل البخل والبخل , والبخل والبخل , والرغب والرهب , والشغل فيه أربع مثل ذلك.). [معاني القرآن: 2/333]
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إلى الأرض الجرز}: أي : الغليظة اليابسة التي لم يصبها مطر.). [مجاز القرآن: 2/133]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الجرز}: اليابسة). [غريب القرآن وتفسيره: 300]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الأرض الجرز}: الغليظة اليابسة التي لا نبت فيها, وجمعها: «أجراز». ويقال: سنون أجراز، إذا كانت سني جدب.). [تفسير غريب القرآن: 347]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون (27)}
يقرأ : {الجرز}, ويجوز: الجرز , والجرز , والجرز, كل ذلك قد حكي في : {الجرز}.
جاء في التفسير : أنها أرض اليمن، والجرز عند أهل اللغة : الأرض التي لا تنبت, وكان أصلها أنها تأكل نباتتها.
يقال امرأة جزوز إذا كانت أكولا، ويقال: سيف جراز إذا كان مستأصلا.
فمن قال: جرز , فهو تخفيف جرز، ومن قال: جرز , وجرز , فهما لغتان.
ويجوز أن يكون جرز مصدرا وصف به كأنّه أرض ذات جرز , أعني : بإسكان الراء، أي : ذات أكل للنبات.
وقوله: {يمشون في مساكنهم}, ويجوز في : {يمشون في مساكنهم}: تمشون). [معاني القرآن: 4/211]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز}
قال مجاهد : (هي الأرض التي لا تنبت) .
قال الضحاك : (هي الأرض التي لا نبات بها).
قال أبو جعفر : الجرز في اللغة الأرض اليابسة المحتاجة إلى الماء التي ليس فيها نبات , كأنها أكلت ما فيها , ومنه قيل رجل جروز إذا كان أكولا.). [معاني القرآن: 5/312]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْجُرُزِ}: الأرض الشديدة التي لا ينبت فيها شيء.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 191]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْجُرُزِ}: لا نبت فيها.). [العمدة في غريب القرآن: 241]
تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويقولون}، يعني: المشركين.
{متى هذا الفتح} [السجدة: 28] متى هذا القضاء، وهو تفسير السّدّيّ.
{إن كنتم صادقين} والفتح، القضاء بعذابهم، قالوا ذلك استهزاءً وتكذيبًا بأنّه لا يكون.
وقال بعضهم: يعني: يوم بدرٍ.
وقال عاصم بن حكيمٍ إنّ مجاهدًا قال: يوم القيامة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/695]
وقال الحسن: لم يبعث اللّه نبيًّا إلا هو يحذّر قومه عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/696]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ويقولون متى هذا الفتح }: مجازه هذا الحكم , والثواب , والعقاب.).
[مجاز القرآن: 2/133]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({متى هذا الفتح}: الحكم والفتاح الحاكم والمعنى أنهم كانوا يسألون العذاب). [غريب القرآن وتفسيره: 301]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {متى هذا الفتح}: يعني: فتح مكة.). [تفسير غريب القرآن: 347]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى:{ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين (28)} جاء في التفسير: أن أصحاب النبي عليه السلام قالوا: يوشك أن يكون لنا يوم نستريح فيه، فقال المشركون: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين؟, فأعلم الله عز وجل: أن الراحة في الجنة في الآخرة. وجاء أيضا في الفتح : متى هذا الحكم إن كنتم صادقين، ومتى هذا الفصل, فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم, ولا هم ينظرون.
أي : أنّهم ما داموا في الدنيا , فالتوبة معروضة لهم , ولا توبة في الآخرة.). [معاني القرآن: 4/211-212]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين}
قال مجاهد : (هو يوم القيامة).
وقال قتادة : (الفتح : القضاء) .
وقال الفراء , والقتبي : (فتح مكة).
قال أبو جعفر : والقول الأول أولى , لقوله تعالى: {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم}
وسمي فتحا ؛ لأن الله جل وعز يفتح فيه على المؤمنين , أو لأن القضاء فيه كما قال تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} أي : اقض). [معاني القرآن: 5/313-314]
تفسير قوله تعالى:{قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل يوم الفتح} [السجدة: 29]، يعني: يوم القضاء.
{لا ينفع الّذين كفروا إيمانهم} [السجدة: 29] ليس أحدٌ من المشركين يرى العذاب إلا آمن , ولا يقبل منهم عند ذلك.
قال: {ولا هم ينظرون} [السجدة: 29] فما يؤخّرون بالعذاب إذا جاء الوقت). [تفسير القرآن العظيم: 2/696]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {قل يوم الفتح...}
يعني : فتح مكة .
{لا ينفع الّذين كفروا إيمانهم} : فذكر ذلك لمن قتله خالد بن الوليد من بني كنانة يومئذٍ، قالوا: قد أسلمنا، فقال خالد: (إن كنتم أسلمتم فضعوا السّلاح ففعلوا، فلمّا وضعوه أثخن فيهم؛ لأنهم كانوا قتلوا عوفاً أبا عبد الرحمن بن عوف وجدّاً لخالدٍ قبل ذلك: المغيرة).
ولو رفع {يوم الفتح} على أوّل الكلام؛ لأن قوله: {متى هذا الفتح} : {متى} في موضع رفع , ووجه الكلام أن يكون {متى} في موضع نصب , وهو أكثر.). [معاني القرآن: 2/333]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قل يوم الفتح لا ينفع الّذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون}, يقال: أراد : قتل خالد بن الوليد - يوم فتح مكة - من قل, واللّه أعلم.). [تفسير غريب القرآن: 347]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتح: أن يفتح المغلق...، والفتح: القضاء؛ لأن القضاء فصل للأمور، وفتح لما أشكل منها، قال الله جل ذكره: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} [السجدة: 28، 29] يعني يوم القيامة؛ لأنه يقضي الله فيه بين عباده.
ويقال: أراد فتح مكة لا ينفع الذين كفروا إيمانهم من خوف السيف، فلم ينفعهم ذلك وقتلهم خالد بن الوليد). [تأويل مشكل القرآن: 492]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين}
قال مجاهد : (هو يوم القيامة) .
وقال قتادة : (الفتح : لقضاء).
وقال الفراء , والقتبي : (فتح مكة) .
قال أبو جعفر , والقول الأول أولى , لقوله تعالى: {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم} .
وسمي فتحا لأن الله جل وعز يفتح فيه على المؤمنين, أو لأن القضاء فيه كما قال تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} :أي :اقض.). [معاني القرآن: 5/313-314] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْفَتْحِ}: الحكم.). [العمدة في غريب القرآن: 241]
تفسير قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأعرض عنهم وانتظر} [السجدة: 30] بهم العذاب.
{إنّهم منتظرون} [السجدة: 30] قال يحيى: سمعت سعيدًا يذكر عن قتادة أنّها نزلت قبل أن يؤمر بقتالهم، فنسخها القتال في سورة براءةٍ في قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]). [تفسير القرآن العظيم: 2/696]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وانتظر إنّهم منتظرون }: هي مكية , وكل آية أمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالمكث , والانتظار , والصفح والعفو فهي مكية إلى أن أمر بالهجرة , فلما قدم المدينة أمر بالبسط , والحرب, فكل آية أمر فيها بالبسط فهي مدنية , ومدنية أيضاً , أو غير ذلك , وليست بمكية.). [مجاز القرآن: 2/133]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فأعرض عنهم وانتظر إنّهم منتظرون (30)}
وقرئت:{وانتظر إنّهم منتظرون}, و {منتظرون}). [معاني القرآن: 4/212]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون} : ثم نسخ هذا بالأمر بالقتال). [معاني القرآن: 5/314]