التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون} [لقمان: 25] أنّهم مبعوثون). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]
تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {للّه ما في السّموات والأرض إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} [لقمان: 26]، {الغنيّ} عن خلقه {الحميد} [لقمان: 26] المستحمد إلى خلقه، استوجب عليهم أن يحمدوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]
تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} [لقمان: 27] يقول: لو أنّها أقلامٌ.
{والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} [لقمان: 27] وبعضهم يقرأها بالنّصب: والبحر
[تفسير القرآن العظيم: 2/679]
يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ، أي: ولو أنّ البحر، تبعٌ للكلام الأوّل يقول: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} [لقمان: 27] ليكتب بها علم اللّه، علمه بما خلق {والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} [لقمان: 27] يستمدّ منه الأقلام ليكتب بها علم ذلك.
{ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27]، يعني: لانكسرت الأقلام، ونفد ماء البحر، ولمات الكتّاب وما نفدت كلمات اللّه، علمه بما خلق.
وقال السّدّيّ: {ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27]، يعني: علم اللّه وعجائبه.
- قال يحيى: وحدّثني خداشٌ، عن عوافٍ، عن أبي المغيرة، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ تحت بحركم هذا بحرًا من نارٍ، وتحته بحرٌ من ماءٍ، وتحته بحرٌ من نارٍ، وتحته بحرٌ من ماءٍ، وتحته بحرٌ من نارٍ حتّى عدّ سبعة أبحرٍ من ماءٍ، وسبعة أبحرٍ من نارٍ.
سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرٍو نحوه.
قال: {إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} [لقمان: 27] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/680]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه...}
ترفع {البحر} , ولو نصبته كان صواباً؛ كما قرأت القراء : {وإذا قيل إنّ وعد الله حقٌّ والسّاعة لا ريب فيها} ,, و{الساعة} وفي قراءة عبد الله : (وبحر يمدّه سبعة أبحرٍ) .
يقول: يكون مداداً كالمداد المكتوب به, وقول عبد الله يقوّي الرفع, والشيء إذا مدّ الشيء , فزاد فكان زيادةً فيه فهو يمدّه؛ تقول دجلة تمدّ بئارنا, وأنهارنا، والله يمدّنا بها, وتقول: قد أمددتك بألفٍ فمدّوك، يقاس على هذا كلّ ما ورد.). [معاني القرآن: 2/329]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ مّا نفدت كلمات الله }: مجاز البحر هاهنا : الماء العذب , يقال: ركبنا هذا البحر , وكنا في ناحية هذا البحر , أي : في الريف لأن الملح في البحر لا ينبت القلام؛ يمده من بعده , أي : من خلفه , أي : يسيل فيه سبعة أبحر, ومجازه : مجاز المختصر الذي فيه ضمير، سبيله: فكتب كتاب الله بهذه الأقلام , وبهذه البحور : ما نفد كتاب الله.). [مجاز القرآن: 2/128]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ مّا نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
وقال: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه}: رفع على الابتداء , ونصب على القطع, ورفع الأقلام على خبر "أنّ".). [معاني القرآن: 3/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({والبحر يمده}: يزيد فيه. يقال مد قدرك أي زد في مائها ومثله مد قلمك أيضا). [غريب القرآن وتفسيره: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيز حكيم (27)}
{والبحر}: و يقرأ " والبحر " بالرفع.
فأما النصب , فعطف على (ما) , والمعنى : ولو أن ما في الأرض , ولو أن البحر، والرفع حسن على وجهين:
على معنى: والبحر هذه حاله.
ويجوز أن يكون معطوفا على موضع إن مع ما بعدها ؛ لأن معنى لو أن ما في الأرض لو وقع ما في الأرض؛ لأن (لو) تطلب الأفعال , فإذا جاءت معها (إنّ) , لم تذكر معها الأفعال؛ لأنه تذكر معها الأسماء والأفعال.
وقوله عزّ وجلّ: {ما نفدت كلمات اللّه}: معناه : ما انقطعت، ويروى أن المشركين قالوا في القرآن: إن هذا كلام سينفد، وسيقطع، فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن كلماته , وحكمته لا تنفد.). [معاني القرآن: 4/199-200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}
في رواية أبي عمرو بن العلاء , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : (قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: بلغنا أنك تقول {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} , فهذا لنا , أو لغيرنا .
فقال صلى الله عليه وسلم : ((للجميع)) .
فقالوا : أما علمت أن الله أعطى موسى التوراة , وخلفها فينا ومعنا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((التوراة وما فيها من الأنباء في علم الله جل وعز قليل)) , فأنزل الله: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} , إلى تمام ثلاث آيات) .
قال أبو جعفر : فقد تبين أن الكلمات ههنا يراد بها العلم , وحقائق الأشياء ؛ لأنه علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السموات والأرض من شيء , وعلم ما فيه من مثاقيل الذر , وعلم الأجناس كلها , وما فيها من شعرة وعضو , وما في الشجرة من ورقة , وما فيها من ضروب الخلق , وما يتصرف فيه من ضروب الطعم واللون , فلو سمى كل دابة وحدها , وسمى أجزائها على ما يعلم من قليلها وكثيرها , وما تحولت عليه في الأحوال , وما زاد فيها في كل زمان , وبين كل شجرة وحدها , وما تفرعت عليه , وقدر ما ييبس من ذلك في كل زمان , ثم كتب البيان عن كل واحد منها على ما أحاط الله عز وجل منها , ثم كان البحر مدادا لذلك البيان الذي بين الله عز وجل تلك الأشياء , يمده من بعده سبعة أبحر , لكان البيان عن تلك الأشياء أكثر.). [معاني القرآن: 5/291-292]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَمُدُّهُ}: يزيد فيه.). [العمدة في غريب القرآن: 240]
تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28] وذلك أنّ المشركين قالوا: يا محمّد، خلقنا اللّه أطوارًا، نطفًا، ثمّ علقًا، ثمّ مضغًا، ثمّ عظامًا، ثمّ لحمًا، ثمّ أنشأنا خلقًا آخر كما تزعم، وتزعم أنّا نبعث في ساعةٍ واحدةٍ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى جوابًا لقولهم: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28]، أي: إنّما
يقول له: كن فيكون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/680]
قال: {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} [لقمان: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّا خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ...}
إلا كبعث نفس واحدة, أضمر البعث لأنه فعل؛ كما قال: {تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت} , المعنى - والله أعلم -: كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت، فأضمر الدوران , والعين جميعاً.). [معاني القرآن: 2/329]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفسٍ واحدةٍ}: مجازه مجاز قولك إلا كخلق نفس واحدة , وإلا كبعث نفسٍ واحدة , أي : كإحياء نفس لأنه إذا قدر على ذلك من بعض يقدر على بعث أكثر من ذلك , إنما يقول لها: كوني فتكون , ذا قدر على أن يخلق نفساً يقدر على خلق أكثر من ذلك.). [مجاز القرآن: 2/128]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفس واحدة إنّ اللّه سميع بصير (28)}
تأويله إلا كخلق نفس واحدة، وكبعث نفس واحدة، أي: قدرة اللّه على بعث الخلق أجمعين , وعلى خلق الخلق أجمعين كقدرته على خلق نفس واحدة , وبعث نفس واحدة.). [معاني القرآن: 4/200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير}
قال مجاهد : إنما يقول : كن فيكون القليل , والكثير.). [معاني القرآن: 5/292]
تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلونَ خَبِيرٌ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار} [لقمان: 29] يدخل اللّيل في النّهار.
{ويولج النّهار في اللّيل} [لقمان: 29] ويدخل النّهار في اللّيل، وهو أخذٌ كلّ واحدٍ منهما من صاحبه.
قال: {وسخّر} لكم.
{الشّمس والقمر} يجريان.
قال: {كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} [لقمان: 29] لا يقصر دونه ولا يزيد عليه إلى الوقت الّذي يكوّر فيه فيذهب ضوءه.
وقال: {وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ} [لقمان: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلّ يجري إلى أجل مسمّى وأنّ اللّه بما تعملون خبير (29)}
{يولج اللّيل في النّهار}: معناه : يدخل الليل في النهار، ليل الصيف في نهاره.
{ويولج النّهار في اللّيل}: يدخل نهار الشتاء في ليله.). [معاني القرآن: 4/200]
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} [لقمان: 30] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
{وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} [لقمان: 30]، يعني: أوثانهم.
{وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [لقمان: 30] لا أعلى منه، {الكبير} [لقمان: 30] ولا أكبر منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ وأنّ ما تدعون من دونه الباطل }: أي : تجعلون معه , قال:
ألا ربّ من تدعو صديقاً وغيبه= لك الدهر قدماً غير منشرح الصدر). [مجاز القرآن: 2/128]
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمت اللّه} [لقمان: 31] أنعم بها على خلقه.
{ليريكم من آياته} [لقمان: 31]، يعني: جري السّفن من آياته.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} [لقمان: 31] وهو المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بنعمة اللّه...}
وقد قرئت : {بنعمات الله} , وقلّما تفعل العرب ذلك بفعلةٍ: أن تجمع على التاء إنّما يجمعونها على فعلٍ؛ مثل سدرة , وسدر، وخرقة وخرق. وإنّما كرهوا جمعه بالتاء ؛ لأنهم يلزمون أنفسهم كسر ثانية إذا جمع؛ كما جمعوا ظلمة ظلمات , فرفعوا ثانيها إتباعاً لرفعة أوّلها، وكما قالوا: حسراتٌ فأتبعوا ثانيها أولها, فلمّا لزمهم أن يقولوا: بنعمات , استثقلوا أن تتوالى كسرتان في كلامهم؛ لأنا لم نجد ذلك إلاّ في الإبل وحدها, وقد احتمله بعض العرب فقال: نعماتٌ , وسدراتٌ.). [معاني القرآن: 2/329-330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [لقمان: 31]. ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن. والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني المؤمنين.
ومثله قوله تعالى في قصة سبإ: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. وهذا كما تقول: أن في ذلك لآية لكل موحّد مصلّ، ولكلّ فاصل تقيّ. وإنما تريد المسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 75]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمت اللّه ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور (31)}
ويقرأ :{بنعمات اللّه}, ويجوز :{بنعمات اللّه}, ويجوز :{بنعمات اللّه } بفتح العين , ففيها ثلاثة أوجه إذا جمعت، وأكثر القراءة بنعمة اللّه على الواحدة، وأما الكسر فعلى مذهب من جمع كسرة على كسرات.
ومن أسكن , وهو أجود أوجهه , فعلى من جمع كسرات؛ لأن كسرات بقل مثله في كلام العرب، إنما جاء في أصول الأبنية ما توالت فيه كسرتان نحو إبل وإطل فقط، ومن قرأ : بنعمات الله ؛ فلأن الفتح أخف الحركات.
قال الشاعر:
ولما رأونا باديا ركباتنا= على موطن لا نخلط الجدّ بالهزل
والأكثر : ركبات، وركبات أجود لثقل الضّمّة، ولكنه أكثر من الكلام : من نعمات، وكسرات.
وقوله عزّ وجلّ: {لكلّ صبّار شكور}
روى قتادة : (أن أحبّ العباد إلى الله : من إذا أعطي شكر , وإذا ابتلي صبر).
فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن المعتبر المتفكر في خلق السّماوات والأرض , هو الصبّار الشّكور.). [معاني القرآن: 4/200-201]
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل} [لقمان: 32] كالجبال، وقال في آيةٍ أخرى: {وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال} [هود: 42] وقال في آيةٍ أخرى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ} [الأعراف: 171].
[تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قال: {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [لقمان: 32]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ.
{فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ} [لقمان: 32] وهو المؤمن، وإمّا الكافر فعاد في كفره.
قال مجاهدٌ: {فمنهم مقتصدٌ} [لقمان: 32] في القول وهو كافرٌ.
وقال: {وما يجحد بآياتنا إلا كلّ ختّارٍ كفورٍ} [لقمان: 32] غدّارٍ، في تفسير مجاهدٍ.
كفورٍ أخلص للّه في البحر للمخافة من الغرق، ثمّ غدر فأشرك كقوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون} [العنكبوت: 65] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/682]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {كلّ ختّارٍ...}
الختّار: الغدّار وقوله: {موجٌ كالظلل}, فشبّهه بالظلل , والموج واحد لأن الموج يركب بعضه بعضاً، ويأتي شيء بعد شيء , فقال : {كالظلل} , يعني : السحاب.) . [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وإذا غشيهم مّوجٌ كالظلل }, واحدتها ظلة, ومجازه: من شدة سواد كثرة الماء , ومعظمه.
قال النابغة الجعدي , وهو يصف البحر:
يماشيهنّ أخضر ذو ظلالٍ= على حافاته فلق الدّنان
ويروى " يعارضهن ".
{كلٌّ ختّارٍ كفورٍ }: الختر أقبح الغدر , قال الأعشى:
بالأبلق الفرد من تيماء منزله= حصنٌ حصين وجارٌ غير ختّار
وقال عمرو بن معد يكرب:
وإنك لو رأيت أبا عمير= ملأت يديك من غدر وختر). [مجاز القرآن: 2/128-129]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ختار كفور}: غادر بعهده). [غريب القرآن وتفسيره: 299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل}: جمع «ظلة», يريد: أنّ بعضه فوق بعض، فله سواد من كثرته, والبحر ذو ظلال لأمواجه, قال الجعديّ:
يعارضهن أخضر ذو ظلال = على حافاته فلق الدّنان
يعني: البحر.
و(الختّار): الغدّار,
و«الختر»: أقبح الغدر، وأشدّه.). [تفسير غريب القرآن: 344-345]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {وإذا غشيهم موج كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلّا كلّ ختّار كفور (32)}
قال في الموج: " كالظّلل" لأن موج البحر يعظم حتى يصير كأنّه ظلل. وقوله:{ختّار كفور} , الختر: أقبح الغدر.). [معاني القرآن: 4/201]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد}
قال مجاهد :{فمنهم مقتصد }, في القول . وهو كافر .
وقيل : مقتصد , أي : مقتصد في فعله , خبر أن منهم من لا يشرك.
وقوله جل وعز: {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور}
قال مجاهد وقتادة : (الختار : الغدور) .
قال أبو جعفر : الختر في كلام العرب : أقبح الغدر.). [معاني القرآن: 5/292-293]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا كل ختار}: أي: غدار). [ياقوتة الصراط: 406]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَتَّارٍ}: أي : غدار , وهو أشده.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 190]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَتَّارٍ}: غدار.). [العمدة في غريب القرآن: 240]