التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ظهر الفساد في البرّ والبحر} [الروم: 41]، يعني: قحط المطر وقلّة النّبات.
{في البرّ} [الروم: 41]، يعني: في البادية، {والبحر} [الروم: 41]، يعني به العمران والرّيف، وهذا تفسير السّدّيّ.
قال: {بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون} [الروم: 41] الفساد، الهلاك، يعني: من أهلك من الأمم السّابقة بتكذيبهم رسلهم كقوله: {وكلًّا تبّرنا تتبيرًا} [الفرقان: 39]، أي: أفسدنا فسادًا {لعلّهم يرجعون} [الروم: 41]، يعني: لعلّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/662]
من بعدهم أن يرجعوا عن شركهم إلى الإيمان ويتّعظون بهم وقوله: {في البرّ والبحر} [الروم: 41].
حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أهلكهم اللّه تبارك وتعالى بذنوبهم في برّ الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة.
{لعلّهم يرجعون} [الروم: 41] قال: يرجع من كان بعدهم ويتّعظون بهم.
قال يحيى، كقوله: {فكلًّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} [العنكبوت: 40]، يعني: قوم لوطٍ الّذين كانوا خارجًا من المدينة وأهل السّفر منهم {ومنهم من أخذته الصّيحة} [العنكبوت: 40] ثمود {ومنهم من خسفنا به الأرض} [العنكبوت: 40] قوم لوطٍ، أصاب مدينتهم الخسف، وقارون {ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40] قوم نوحٍ، وفرعون وقومه.
وقال مجاهدٌ: {ظهر الفساد في البرّ} [الروم: 41] قتل ابن آدم أخاه {والبحر} [الروم: 41] أخذ الملك السّفن غصبًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم...} يقول: أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوبهم، وكان ذلك ليذاقوا الشدّة بذنوبهم في العاجل.). [معاني القرآن: 2/325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ظهر الفساد في البرّ والبحر} : أي : أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوب الناس.). [تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون (41)} ويقرأ بالياء أيضا ِ{ليذيقهم}, أي : ليذيقهم ثواب بعض أعمالهم. ومعناه: ظهر الجدب في البر والقحط في البحر، أي: في مدن البحر. أي : في المدن التي على الأنهار، وكل ذي ماء , فهو بحر.). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}
قال مجاهد : (في البر : قتل ابن آدم أخاه , والبحر : أخذ السفينة غصبا) .
وقال عكرمة , وقتادة : (البر : البوادي , والبحر : القرى) .
قال قتادة : (والفساد : الشرك) .
قال أبو جعفر : والتقدير على هذا , وفي مواضع البحر, أي: التي على البحر .
وأحسن ما قيل في هذه الآية , والله أعلم قول ابن عباس : حدثنا بكر بن سهل , قال : حدثنا عبد الله بن صالح , عن معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس :{ظهر الفساد في البر والبحر }, يقول : (نقصان البركة بأعمال العباد ؛ كي يتوبوا . والمعنى على هذا ظهر الجدب في البر والبحر بذنوب الناس)). [معاني القرآن: 5/265-266]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر}: أي: أجدب البر، وانقطعت مادة البحر , بذنوب الناس.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ظَهَرَ الْفَسَادُ}: الحدث). [العمدة في غريب القرآن: 239]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبل} [الروم: 42] كان عاقبتهم أن دمّر اللّه عليهم ثمّ صيّرهم إلى النّار.
وقوله: {كان أكثرهم مشركين} [الروم: 42]، أي: فأهلكهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]
تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فأقم وجهك} [الروم: 43]، أي: وجهتك.
{للدّين القيّم} [الروم: 43] وهو الإسلام.
وقال السّدّيّ: التّوحيد وهو واحدٌ.
{من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه} [الروم: 43]، يعني: يوم القيامة.
{يومئذٍ يصّدّعون} [الروم: 43]، يعني: يتفرّقون فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يصّدّعون...}:يتفرقون. قال: وسمعت العرب تقول: صدعت غنمي صدعتين؛ كقولك: فرقتها فرقتين). [معاني القرآن: 2/325]قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يومئذ يّصّدّعون }:أي: يتفرقون , ويتخاذلون). [مجاز القرآن: 2/123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يومئذ يصدعون}: يتفرقون). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فأقم وجهك للدّين القيّم من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من اللّه يومئذ يصّدّعون (43)} معنى {فأقم وجهك}: أقم قصدك , واجعل جهتك اتباع الدين القيّم من قبل أن تأتي الساعة , وتقوم القيامة , فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا. ومعنى: {يومئذ يصّدّعون}:يتفرقون , فيصيرون : فريقا في الجنة , وفريقا في السّعير.). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون} أي: اجعل قصدك إلى الدين القيم من قبل أن يأتي يوم القيامة , فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل . ومعنى :{يصدعون }: يتفرقون: فريقا في الجنة , وفريقا في السعير.). [معاني القرآن: 5/267]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {يومئذ يصدعون}, أي: يتفرقون.). [ياقوتة الصراط: 403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصَّدَّعُونَ}: يتفرقون.). [العمدة في غريب القرآن: 239]
تفسير قوله تعالى:{مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {من كفر فعليه كفره} [الروم: 44] يثاب عليه النّار.
[تفسير القرآن العظيم: 2/663]
{ومن عمل صالحًا فلأنفسهم يمهدون} [الروم: 44] يوطّئون في الدّنيا القرار في الآخرة بالعمل الصّالح.
عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا قال: يسوّون المضجع.
- ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعمت المطيّة الدّنيا فارتحلوا تبلغكم الآخرة».
وحدّثني الخليل بن مرّة، ذكره بإسنادٍ قال: يقول اللّه تبارك وتعالى: «ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم»). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]
قالَ أَبُو عُبَيْدةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ من عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون}, من يقع على الواحد والاثنين , والجميع من المذكر والمؤنث , ومجازها هاهنا مجاز الجميع , { ويمهد }: أي : يكتسب , ويعمل, ويستعد , قال سليمان بن يزيد العدوي:
أمهد لنفسك حان السقم والتلف.= ولا تضعينّ نفساً مالها خلف). [مجاز القرآن: 2/124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فلأنفسهم يمهدون}: أي : يعملون , ويوطّئون, و«المهاد»: الفراش.).[تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون (44)} {فلأنفسهم يمهدون}: أي: لأنفسهم يوطئون. وقوله عزّ وجلّ:{ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصراً}
أي : فرأوا النبت قد اصفر وجفّ. {لظلّوا من بعده يكفرون}:ومعناه : ليظلّنّ، لأن معنى الكلام الشرط, والجزاء, فهم يستبشرون بالغيث , ويكفرون إذا انقطع عنهم الغيث , وجفّ النبات.). [معاني القرآن: 4/188-189]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون} روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : {فلأنفسهم يمهدون} في القبر
قال أبو جعفر : معنى يمهدون في اللغة : يوطئون لأنفسهم بعمل الخير من المهاد , وهو الفراش.). [معاني القرآن: 5/267-268]
تفسير قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من فضله} [الروم: 45] فبفضله يدخلهم الجنّة.
قال: {إنّه لا يحبّ الكافرين} [الروم: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]
تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 46] بالمطر، تفسير مجاهدٍ وغيره.
{وليذيقكم من رحمته} [الروم: 46] وهو المطر.
{ولتجري الفلك} [الروم: 46] السّفن.
{بأمره ولتبتغوا من فضله} [الروم: 46] قال مجاهدٌ: طلب التّجارة في البحر، وهذا تبعٌ للكلام الأوّل في قوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 46] وما ذكر من المطر والسّفر وطلب الفضل.
قال: {ولعلّكم تشكرون} [الروم: 46]، أي: لكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]