التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولوطًا}، أي: وأرسلنا لوطًا.
قال: {إذ قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة} [العنكبوت: 28] والفاحشة المعصية.
وهي إتيان الرّجال في أدبارهم، وهو تفسير السّدّيّ.
{ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين {28}). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى:{ولوطاً إذ قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (28)}
المعنى : أنه لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}
يروى: أنهم أول من نزا على الرجال.). [معاني القرآن: 5/221]
تفسير قوله تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أئنّكم لتأتون الرّجال} [العنكبوت: 29] في أدبارهم، وهذا على الاستفهام، أي: أنّكم تفعلون ذلك.
قال: {وتقطعون السّبيل} [العنكبوت: 29] على الغرباء، فتأتونهم في أدبارهم، وكانوا لا يفعلون ذلك إلا بالغرباء، وكانوا يتعرّضون الطّرق، ويأخذون الغرباء ولا يفعله بعضهم ببعضٍ.
قال: {وتأتون في ناديكم المنكر} [العنكبوت: 29] في مجمعكم والمنكر الفاحشة، يعني: فعلهم ذلك.
{فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين} [العنكبوت: 29] وذلك لما كان يعدهم به من العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتقطعون السّبيل...} قطعه: أنهم كانوا يعترضون الناس من الطرق بعملهم الخبيث، يعني : اللواط, ويقال: وتقطعون السّبيل: تقطعون سبيل الولد بتعطيلكم النساء .
وقوله: {وتأتون في ناديكم المنكر} في مجالسكم., والمنكر منه الخذف، والصفير، ومضغ العلك، وحلّ أزرار الأقبية والقمص، والرمي بالبندق. ويقال: هي ثماني عشرة خصلةً من قول الكلبيّ لا أحفظها.
وقال غيره: هي عشر.). [معاني القرآن: 2/316-317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وتأتون في ناديكم المنكر}, و«النادي»: المجلس, و«المنكر» : جمع الفواحش من القول , والفعل, وقد اختلف في ذلك المنكر.). [تفسير غريب القرآن: 338] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{أئنّكم لتأتون الرّجال وتقطعون السّبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين (29)} اللفظ : لفظ استفهام، والمعنى : معنى التقرير والتوبيخ.
{وتقطعون السّبيل}: جاء في التفسير : ويقطعون سبيل الولد، وقيل: يعترضون الناس في الطرق لطلب الفاحشة.
{وتأتون في ناديكم المنكر}: أي: تأتون في مجالسكم المنكر، قيل : إنهم كانوا يخذفون الناس في مجالسهم , ويسخرون منهم، فأعلم اللّه جلّ وعرأن هذا من المنكر، وأنه لا ينبغي أن تتعاشر الناس عليه، ولا يجتمعوا إلا فيما قرّب إلى اللّه , وباعد من سخطه، وألّا يجتمعوا على الهزء , والتلهّي.
وقيل : {وتأتون في ناديكم المنكر}: أنهم كانوا يفسقون في مجالسهم.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل}
استفهام فيه معنى التوبيخ والتقرير
وقوله جل وعز: {وتقطعون السبيل} قيل : كانوا يتلقون الناس من الطرق للفساد , وقيل: أي: تقطعون سبيل الولد .
ثم قال جل وعز: {وتأتون في ناديكم المنكر}
قال مجاهد : (النادي : المجلس , والمنكر فعلهم بالرجال) .
قال أبو جعفر : المنكر في اللغة : يقع على القول الفاحش , وعلى الفعل .
حدثنا محمد بن إدريس بن الأسود , قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق, قال : حدثنا عبد الله بن بكر , قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة , عن سماك , عن أبي صالح مولى أم هانئ ابنة أبي طالب رضي الله عنها : (أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: قلت : يا رسول الله, أرأيت قول الله عز وجل: {وتأتون في ناديكم المنكر}, ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتونه في ناديهم ؟.
قال: ((كانوا يضحكون بأهل الطريق , ويحذفونهم .))).
قال أبو جعفر : فسمى الله جل وعز هذا منكرا لأنه لا ينبغي للناس أن يتعاشروا به .
وحدثنا أسامة بن أحمد , قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم , عن يزيد بن بكير , عن القاسم بن محمد في قوله تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر}, قال: (كانوا يتفاعلون في مجالسهم يفعل بعضهم على بعض).
قال أبو جعفر : قالها الشيخ بالضاد , والطاء.). [معاني القرآن: 5/221-223]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}: أي: في مجلسكم.). [ياقوتة الصراط: 401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (النادي): المجلس.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال لوطٌ.
{ربّ انصرني على القوم المفسدين} [العنكبوت: 30] المشركين وهو أعظم الفساد، والمعاصي كلّها من الفساد، وأعظمها الشّرك، وكانوا على الشّرك، جاحدين نبيّهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ولمّا جاءت رسلنا} [العنكبوت: 31]، يعني: الملائكة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/627]
{إبراهيم بالبشرى} [العنكبوت: 31] بإسحاق، وذلك أنّ الملائكة، لمّا بعثت إلى قوم لوطٍ بعذابهم مرّوا بإبراهيم، فسألوه الضّيافة، فلمّا أخبروه أنّهم أرسلوا بعذاب قوم لوطٍ بعد ما بشّروه بإسحاق {قالوا إنّا مهلكو أهل هذه القرية} [العنكبوت: 31]، يعني: قوم لوطٍ.
{إنّ أهلها كانوا ظالمين} [العنكبوت: 31]، يعني: مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]
تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} إبراهيم لهم.
{إنّ فيها لوطًا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجّينّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} [العنكبوت: 32] الباقين في عذاب اللّه، وقال في آيةٍ أخرى: {إلا امرأته قدّرنا إنّها لمن الغابرين} [الحجر: 60] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله عز وجل: {قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها}
روى أبو نصر , عن عبد الرحمن بن سمرة قال: (قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم للملائكة:إن كان فيهم مائة يكرهون هذا , أتهلكونهم ؟.
قالوا : لا .
قال : فإن كان فيهم تسعون ؟. قالوا : لا .
إلى أن بلغ عشرين , قال : {إن فيها لوطاً} .
قالت الملائكة صلى الله عليهم :{نحن أعلم بمن فيها }) قال عبد الرحمن : (وكانوا أربعمائة ألف)). [معاني القرآن: 5/225]
تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِن الْغَابِرِينَ (33)}َ
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولمّا أن جاءت رسلنا} [العنكبوت: 33]، يعني: الملائكة.
{لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا} [العنكبوت: 33] سيء بقومه الظّنّ بما كانوا يأتون الرّجال في أدبارهم تخوّفًا على أضيافه، وهو يظنّ أنّهم آدميّون.
قال: {وضاق بهم ذرعًا} [العنكبوت: 33] ضاق بأضيافه الذّرع لما يتخوّف عليهم منهم.
وقالوا الملائكة قالته للوطٍ.
{لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين }, أي: من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت، قال العجاج:
فما ونى محمدٌ مذ أن غفر= له الإله ما مضى وما غبر
وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال , كقولك: عجوزاً من الغابرين، وقوله: { كانت من القانتين} {سيء بهم }, مجازه: فعل بهم من سؤت بنا.). [مجاز القرآن: 2/115]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولمّا أن جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً وقالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلاّ امرأتك كانت من الغابرين} وقال: {إنّا منجّوك وأهلك إلاّ امرأتك} ؛ لأنّ الأول كان في معنى التنوين ؛ لأنه لم يقع , فلذلك انتصب الثانني.). [معاني القرآن: 3/26] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا}
قال قتادة : (أي: ساء ظنه بقومه , وضاق ذرعه بضيفه) .
قال أبو جعفر : يقال : ضقت به ذرعا , أي : لم أطقه مشتق من الذراع ؛لأن القوة فيه.). [معاني القرآن: 5/224-225]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزًا من السّماء} [العنكبوت: 34] يعنون قرية قوم لوطٍ {رجزًا} [العنكبوت: 34] عذابًا.
{بما كانوا يفسقون} [العنكبوت: 34] يشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]
تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ولقد تركنا منها آيةً} [العنكبوت: 35]، أي: عبرةً لقومٍ: تفسير مجاهدٍ والسّدّيّ.
قال: {بيّنةً لقومٍ يعقلون} [العنكبوت: 35] وهم المؤمنون، عقلوا عن اللّه ما أنزل عليهم، فأخبرهم أنّه جعل عاليها سافلها، خسف بهم وأمطر عليهم الحجارة). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ تركنا منها آيةً }, مجازه: أبقينا منها علامة.)
[مجاز القرآن: 2/115]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون}
قال مجاهد : (آية بينة , أي: عبرة) .
وقال قتادة : (هي الحجارة التي أبقيت).
وقال غيره : يرجم بها قوم من هذه الأمة.). [معاني القرآن: 5/225]