التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {الم (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم} قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {ألم} ). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الم أحسب النّاس}: ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {الم (1)}
{الم}: تفسيرها : أنا اللّه أعلم, وقد فسرنا كل شيء قيل في هذا في أول سورة البقرة.). [معاني القرآن: 4/159]
تفسير قوله تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] يعني وهم لا يبتلون في إيمانهم، في تفسير السّدّيّ.
عمّارٌ، عن المبارك، عن الحسن، قال: {وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] لا يبتلون). [تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {أحسب النّاس أن يتركوا...}
{يتركوا} يقع فيها لام الخفض، فإذا نزعتها منها كانت منصوبةً. وقلّما يقولون: تركتك أن تذهب، إنما يقولون: تركتك تذهب. ولكنها جعلت مكتفية بوقوعها على الناس وحدهم, وإن جعلت {حسب} مكرورة عليها , كان صواباً؛ كأنّ المعنى: {أحسب النّاس أن يتركوا}, أحسبوا {أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} ). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وهم لا يفتنون }مجازه: وهم لا يبتلون، ومن بلوته , أي: خبرته.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يفتنون}: يختبرون). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وهم لا يفتنون} , أي: لا يقتلون , ولا يعذّبون.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون (2)}
اللفظ لفظ استخبار , والمعنى معنى تقرير وتوبيخ، ومعناه : أحسبوا أن نقنع منهم أن يقولوا " إنّا مؤمنون " فقط , ولا يمتحنون بما يتبين به حقيقة إيمانهم.
وجاء في التفسير في قوله - جلّ وعزّ -: {وهم لا يفتنون}: لا يختبرون بما يعلم به صدق إيمانهم من كذبه.
وقيل:{لا يفتنون}: لا يبتلون في أنفسهم , وأموالهم، فيعلم بالصبر على البلاء الصادق الإيمان من غيره.
وموضع " أن " الأولى : نصب اسم حسب , وخبره, وموضع " أن " الثانية نصب من جهتين:
أجودهما : أن تكون منصوبة بـ (يتركوا) , فيكون المعنى : حسب الناس أن يتركوا لأن يقولوا، وبأن يقولوا.
فلما حذف حرف الخفض وصل بـ (يتركوا) إلى أن فنصب، ويجوز أن تكون الثانية العامل فيها " أحسب "، كان المعنى على هذا - والله أعلم – : أحسب الناس أن يقولوا آمنا , وهم لا يفتنون, والأولى أجود.). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
هذا استفهام فيه معنى التقرير والتوبيخ , أي : أحسب الناس أن يقنع منهم بأن يقولوا آمنا فقط , ولا يختبروا حتى يعرف حقيقة إيمانهم وصبرهم وصدقهم , وكذبهم ويظهر ذلك منهم فيجازوا عليه , وأما الغيب , فقد علمه الله جل وعز منهم .
ثم قال: أن يقولوا آمنا , أي : عللى أن يقولوا , ولأن يقولوا , وبأن يقولوا آمنا , وهم لا يفتنون
قال مجاهد , وقتادة : (أي : لا يبتلون)). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُفْتَنُونَ}: يقتلون ويعذبون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُفْتَنُونَ}: يختبرون). [العمدة في غريب القرآن: 237]
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولقد فتنّا} [العنكبوت: 3]، يعني: ولقد ابتلينا، وهو تفسير السّدّيّ، أي: وهم لا يبتلون بالجهاد في سبيل اللّه، وذلك أنّ قومًا كانوا بمكّة ممّن أسلم كان
[تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قد وضع عنهم الجهاد والنّبيّ عليه السّلام بالمدينة بعد ما افترض الجهاد، وقبل منهم أن يقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة ولا يجاهدوا، ثمّ أذن لهم في القتال حين أخرجهم أهل مكّة، فقال: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم
ظلموا} [الحج: 39] فلمّا أمروا بالجهاد كره قومٌ القتال، فقال اللّه تبارك وتعالى: {ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديكم وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فلمّا كتب عليهم القتال إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً وقالوا ربّنا لم كتبت علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجلٍ قريبٍ} [النساء: 77] وأنزل في هذه السّورة {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] لا يبتلون بالجهاد في سبيل اللّه.
وقال السّدّيّ: يبتلون في إيمانهم.
{ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} [العنكبوت: 3]، يعني: ابتلينا الّذين من قبلهم.
{فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا} [العنكبوت: 3] بما أظهروا من الإيمان.
{وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] الّذين أظهروا الإيمان وقلوبهم على الكفر، وهم المنافقون، وهذا علم الفعال.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: واللّه ما قال عبدٌ في هذا الدّين من قولٍ إلا وعلى قوله دليلٌ من عمله يصدّقه أو يكذّبه). [تفسير القرآن العظيم: 2/616]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فليعلمنّ الله الّذين صدّقوا }: مجازه: فليميزن الله ؛ لأن الله قد علم ذلك من قبل.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} :أي : ابتليناهم.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتنة: الاختبار، يقال: فتنت الذهب في النّار: إذا أدخلته إليها لتعلم جودته من رداءته.
وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. أي: اختبرناهم.
وقال لموسى عليه السلام: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}.
ومنه قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي: جوابهم، لأنهم حين سئلوا اختبر ما عندهم بالسؤال، فلم يكن الجواب عن ذلك الاختبار إلا هذا القول). [تأويل مشكل القرآن: 472]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (3)}
أي: اختبرنا , وابتلينا.
وقوله:{فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين}
المعنى : وليعلمنّ صدق الصادق بوقوع صدقه منه، وكذب الكاذب بوقوع كذبه منه، وهو الذي يجازي عليه، واللّه قد علم الصادق من الكاذب قبل أن يخلقهما, ولكنّ القصد : قصد وقوع العلم بما يجازى عليه.).[معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولقد فتنا الذين من قبلهم}: أي : ابتليناهم.). [معاني القرآن: 5/212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَنَّا الذين من قبلهم}: أي: ابتليناهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]
تفسير قوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات} [العنكبوت: 4] والسّيّئات هاهنا الشّرك.
{أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم، أي: قد حسبوا ذلك وليس كما ظنّوا.
قال: {ساء ما} [العنكبوت: 4] بئس ما.
{يحكمون} [العنكبوت: 4] أن يظنّوا أنّ اللّه خلقهم ثمّ لا يبعثهم فيجزيهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/616]
بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون (4)}
أي: يحسبون أنهم يفوتوننا، أي: ليس يعجزوننا.
{ساء ما يحكمون}: على معنى : ساء حكما يحكمون، كما تقول : نعم رجلا زيد , ويجوز أن تكون رفعا، على معنى : ساء الحكم حكمهم.). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا}
قال مجاهد: (أي: أن يعجزونا)). [معاني القرآن: 5/212]
تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآتٍ} [العنكبوت: 5] يقول: من كان يخشى البعث، وهو المؤمن.
{فإنّ أجل اللّه لآتٍ} [العنكبوت: 5] فإنّ القيامة آتيةٌ، يعني: البعث.
{وهو السّميع العليم} [العنكبوت: 5] لا أسمع منه ولا أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({من كان يرجو لقاء الله }:مجازه: من كان يخاف بعث الله، قال أبو ذؤيب:
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها= وحالفها في بيت نوبٍ عوامل
أي : لم يجف.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({من كان يرجو لقاء اللّه}: أي: يخافه.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآت وهو السّميع العليم (5)}
معناه : واللّه أعلم من كان يرجو ثواب لقاء اللّه،، فأمّا من قال: إن معناه الخوف، فالخوف ضدّ الرجاء، وليس في الكلام ضد, وقد بيّنّا ذلك في كتاب الأضداد.
وقوله: {فإنّ أجل اللّه لآت}
{من} في معنى الشرط، يرتفع بالابتداء، وخبرها: كان, وجواب الجزاء: {فإنّ أجل اللّه لآت} .). [معاني القرآن: 4/160-161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت}
قال أبو إسحاق : المعنى : من كان يرجو لقاء ثواب الله جل وعز.). [معاني القرآن: 5/212]
تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه} [العنكبوت: 6] تفسير السّدّيّ: {ومن جاهد} [العنكبوت: 6]، يعني: ومن عمل الخير {فإنّما يجاهد لنفسه} [العنكبوت: 6] فإنّما يعمل لنفسه، إنّما نفع ذلك له.
قال يحيى: يعطيه اللّه ثواب ذلك في الجنّة.
{إنّ اللّه لغنيٌّ عن العالمين} [العنكبوت: 6] عن عبادتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنكفّرنّ عنهم سيّئاتهم ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون} [العنكبوت: 7] يجزيهم به الجنّة.
- أبو الأشهب، والرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفّاراتٌ لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]