العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة القصص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 11:59 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة القصص [ من الآية (57) إلى الآية (61) ]

{ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى حرما آمنا قال كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فإذا خرج أحدهم قال أنا من أهل الحرم فلم يعرض له وكان غيرهم من الناس إذا خرج أحدهم قتل أو سلب). [تفسير عبد الرزاق: 2/92]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يجبى} [القصص: 57] : «يجلب»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يجبى يجلب هو بسكون الجيم وفتح اللّام ثمّ موحّدةٌ وقال أبو عبيدة في قوله يجبي إليه ثمرات كل شيء أي يجمع كما يجمع الماء في الجابية فيجمع للوارد). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يجبى: يجلب
أشار به إلى قوله تعالى: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} (القصص: 57) وفسّر: يجبى بقوله: (يجلب) وقرأ نافع: تجبى، بالتّاء المثنّاة من فوق والباقون بالياء. قوله: (إليه) أي: إلى الحرم، والمعنى: يجلب ويحمل من النواحي ثمرات كل شيء رزقا من لدنا أي: من عندنا). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يجبى}) في قوله: {أو لم نمكّن لهم حرفًا آمنًا يجبى} [القصص: 57] أي (يجلب) إليه ثمرات كل شيء). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا}
- أخبرنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، قال: قال عمرو بن شعيبٍ، عن ابن عبّاسٍ، ولم يسمعه منه، أنّ الحارث بن عامر بن نوفلٍ الّذي قال: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} [القصص: 57]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/210]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا، ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: وقالت كفّار قريشٍ: إن نتّبع الحقّ الّذي جئتنا به معك، ونتبرّأ من الأنداد والآلهة، يتخطّفنا النّاس من أرضنا بإجماع جميعهم على خلافنا وحربنا، يقول اللّه لنبيّه: فقل {أولم نمكّن لهم حرمًا} يقول: أو لم نوطّئ لهم بلدًا حرّمنا على النّاس سفك الدّماء فيه، ومنعناهم من أن يتناولوا سكّانه فيه بسوءٍ، وأمّنّا على أهله من أن يصيبهم بها غارةٌ، أو قتلٌ، أو سباءٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ الحارث بن نوفلٍ الّذي، قال: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} وزعموا أنّهم قالوا: قد علمنا أنّك رسول اللّه، ولكنّا نخاف أن نتخطّف من أرضنا، {أو لم نمكّن لهم} الآية.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} قال: هم أناسٌ من قريشٍ قالوا لمحمّدٍ: إن نتّبعك يتخطّفنا النّاس، فقال اللّه {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ويتخطّف النّاس من حولهم}: قال: كان يغير بعضهم على بعضٍ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} قال اللّه {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} يقول: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه ولا يخافون، يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، {أو م نمكّن لهم حرمًا آمنًا} قال: كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا، إذا خرج أحدهم فقال: إنّي من أهل الحرم لم يعرض له، وكان غيرهم من النّاس إذا خرج أحدهم قتل.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا} قال: آمنّاكم به، قال: هي مكّة، وهم قريشٌ.
وقوله: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} يقول: يجمع إليه، وهو من قولهم: جبيت الماء في الحوض: إذا جمعته فيه، وإنّما أريد بذلك: يحمل إليه ثمرات كلّ بلدٍ.
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال حدّثنا ابن عطيّة، عن شريكٍ، عن عثمان بن أبي زرعة، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} قال: ثمرات الأرض.
وقوله: {رزقًا من لدنّا} يقول: ورزقًا رزقناهم من لدنّا، يعني: من عندنا. {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} يقول تعالى ذكره: ولكنّ أكثر هؤلاء المشركين القائلين لرسول اللّه: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} لا يعلمون أنّا نحن الّذين مكّنّا لهم حرمًا آمنًا، ورزقناهم فيه، وجعلنا الثّمرات من كلّ أرضٍ تجبى إليهم، فهم بجهلهم بمن فعل ذلك بهم يكفرون، لا يشكرون من أنعم عليهم بذلك). [جامع البيان: 18/286-289]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (57)
قوله تعالى: وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: إنّ نتّبع الهدى معك نتخطف من أرضنا هذا قول المشركين من أهل مكّة.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثنا أبي حدّثنا عمّي حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا قال: هم أناسٌ من قريشٍ قالوا لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إن نتّبعك يتخطّفنا النّاس، فقال اللّه: أولم نمكّن لهم حرمًا آمنّا الآية.
قوله تعالى: نتخطّف من أرضنا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: نتخطّف من أرضنا قال: كان يغير بعضهم على بعضٍ.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ أنبأ أبو الجماهر حدّثني سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: إنّ نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا قال: ذكر لنا أنّ ناسًا من أهل مكّة قالوا: إنّا نعلم أنّك رسول اللّه، وأنّ الّذي تقول حقٌّ، ولكنّا لا نستطيع ترك أوطاننا، فأنزل اللّه هذه الآية.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: أولم نمكّن لهم حرما آمنا يقول: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزو ولا يخافون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن في قول اللّه: حرمًا آمنّا قال: أمّنّاكم به، قال: هي مكّة وهم قريشٌ، فقال: ويتخطّف النّاس من حولهم قال: كان يغير بعضهم على بعضٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: حرمًا آمنّا قال: كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا، فإذا خرج أحدهم قال: إنّي من أهل الحرم لم يعرض له، وكان غيرهم من النّاس إذا خرج أحدهم قتل أو سلب.
قوله تعالى: يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن شريكٍ، عن عثمان بن أبي زرعة، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ قال: ثمرات الأرض.
قوله تعالى: رزقًا من لدنّا
- حدّثنا أبي، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد قوله: من لدنّا يعني: من، عندنا.
قوله تعالى: ولكنّ أكثرهم لا يعلمون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء أبو كريبٍ، ثنا عثمان الزّيّات أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ لا يعلمون يقول: لا يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2995-2996]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون * وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين * وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون * وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: ان ناسا من قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ان نتبعك يتخطفنا الناس فأنزل الله تعالى {وقالوا إن نتبع الهدى معك} الآية). [الدر المنثور: 11/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما: ان الحارث بن عامر بن نوفل الذي قال: {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} ). [الدر المنثور: 11/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أو لم نمكن لهم حرما آمنا} قال: كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فاذا خرج أحدهم قال: أنا من أهل الحرم لم يعرض له أحد وكان غيرهم من الناس اذا خرج أحدهم قتل وسلب). [الدر المنثور: 11/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أو لم نمكن لهم حرما آمنا} قال: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه ولا يخافون). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {نتخطف} قال: كان بعضهم يغير على بعض). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يجبى إليه ثمرات كل شيء} قال: ثمرات الأرض). [الدر المنثور: 11/494]

تفسير قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بطرت} [القصص: 58] : «أشرت»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بطرت أشرت قال أبو عبيدة في قوله وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها أي أشرت وطغت وبغت والمعنى بطرت في معيشتها فانتصب بنزع الخافض وقال الفرّاء المعنى أبطرتها معيشتها). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بطرت: أشرت
أشار به إلى قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} (القصص: 58) وفسّر قوله: (بطرت) ، بقوله: (أشرت) ، أي: طغت وبغت، وقال ابن فارس: البطر تجاوز الحد في المرح، وقيل: هو الطغيان بالنعمة). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بطرت}) في قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قرية بطرت} [القصص: 58] (أشرت) وزنًا ومعنى أي وكم من أهل قرية كانت حالهم كحالكم في الأمن وخفض العيش حتى أشروا فدمر الله عليهم وخرب ديارم قال في الأنوار). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً وكنّا نحن الوارثين}.
يقول تعالى ذكره: وكم أهلكنا من قريةٍ أبطرتها معيشتها، فبطرت، وأشرت، وطغت، فكفرت ربّها، وقيل: بطرت معيشتها، فجعل الفعل للقرية، وهو في الأصل للمعيشة، كما يقال: أسفهك رأيك فسفهته، وأبطرك مالك فبطرته، والمعيشة منصوبةٌ على التّفسير.
وقد بيّنّا نظائر ذلك في غير موضعٍ من كتابنا هذا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها} قال: البطر: الأشر أهل الغفلة وأهل الباطل والرّكوب لمعاصي اللّه، وقال: ذلك البطر في النّعمة.
{فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً} يقول: فتلك دور القوم الّذين أهلكناهم بكفرهم بربّهم ومنازلهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً، يقول: خربت من بعدهم، فلم يعمر منها إلاّ أقلّها، وأكثرها خرابٌ.
ولفظ الكلام وإن كان خارجًا على أنّ مساكنهم قد سكنت قليلاً، فإنّ معناه: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً منها، كما يقال: قضيت حقّك إلاّ قليلاً منه.
وقوله: {وكنّا نحن الوارثين} يقول: ولم يكن لما خرّبنا من مساكنهم منهم وارثٌ، وعادت كما كانت قبل سكناهم فيها، لا مالك لها إلاّ اللّه، الّذي له ميراث السّموات والأرض). [جامع البيان: 18/289-290]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلّا قليلًا وكنّا نحن الوارثين (58)
قوله تعالى: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها قال: البطر الأشر عصوا وخالفوا أمر اللّه وبطروا، وقرأ قول اللّه: ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ وبما كنتم تمرحون ادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وقال: هذا البطر. وقرأ: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها البطر الأشر والغفلة وأهل الباطل والرّكوب لمعاصي اللّه، قال: ذلك هو البطر في المعيشة.
قوله تعالى: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلى قوله: الوارثين
- ذكر، عن مالك بن سليمان، ثنا إسرائيل بن يونس، عن أبي صادقٍ، عن عبد الرّحمن، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: كنت، عند عمر بن الخطّاب فدخل علينا كعب الأحبار، فقال: يا أمير المؤمنين ألا أخبرك بأغرب شيءٍ قرأت في كتب الأنبياء، إنّ هامّةً جاءت إلى سليمان بن داود فقالت: السّلام عليك يا نبيّ، اللّه فقال سليمان: وعليك السّلام يا هامّ أخبريني كيف لا تأكلين الزّرع؟ فقالت: يا نبيّ اللّه، لأنّ آدم عصى ربّه في سببه، لذلك لا آكله. فقال لها سليمان: كيف لا تشربين الماء؟
قالت: يا نبيّ اللّه، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أغرق بالماء قوم نوحٍ، من أجل ذلك تركت شربها. قال لها سليمان: فكيف تركت العمران وسكنت الخراب؟ قالت: لأنّ الخراب ميراث اللّه، وأنا أسكن في ميراث اللّه، وقد ذكر اللّه في كتابه عزّ وجلّ: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنّا نحن الوارثين الدّنيا كلّها ميراث اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2996-2997]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({في أمّها رسولًا} [القصص: 59] : " أمّ القرى: مكّة وما حولها "). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله في أمّها رسولًا أمّ القرى مكّة وما حولها قال أبو عبيدة أمّ القرى مكّة في قول العرب وفي روايةٍ أخرى لتنذر أمّ القرى ومن حولها ولابن أبي حاتمٍ من طريق قتادة نحوه ومن وجهٍ آخر عن قتادة عن الحسن في قوله في أمّها قال في أوائلها). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (في أمّها رسولا أمّ القرى مكّة وما حولها
أشار به إلى قوله تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتّى يبعث في أمها رسولا} (القصص: 59) ، الآية. وذكر أن المراد بأم القرى مكّة وما حولها، سميت بذلك لأن الأرض دحيت من تحتها). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({في أمّها رسولًا}) في قوله تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولًا} [القصص: 59] (أم القرى مكة) لأن الأرض دحيت من تحتها (وما حولها) ومراده أن الضمير في أمها للقرى ومكة وما حولها تفسير للأم لكن في إدخال ما حولها في ذلك نظر على ما لا يخفى). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولاً يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون}.
يقول تعالى ذكره: {وما كان ربّك} يا محمّد {مهلك القرى} الّتي حوالي مكّة في زمانك وعصرك {حتّى يبعث في أمّها رسولاً} يقول: حتّى يبعث في مكّة رسولاً، وهي أمّ القرى، يتلو عليهم آيات كتابنا، والرّسول: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {حتّى يبعث في أمّها رسولاً} وأمّ القرى مكّة، وبعث اللّه إليهم رسولاً: محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {وما كنّا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون} يقول: ولم نكن لنهلك قريةً وهي باللّه مؤمنةٌ إنّما نهلكها بظلمها أنفسها بكفرها باللّه، وإنّما أهلكنا أهل مكّة بكفرهم بربّهم وظلمهم أنفسهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما كنّا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون} قال اللّه: لم يهلك قريةً بإيمانٍ، ولكنّه يهلك القرى بظلمٍ إذا ظلم أهلها، ولو كانت قريةٌ آمنت لم يهلكوا مع من هلك، ولكنّهم كذّبوا وظلموا، فبذلك أهلكوا). [جامع البيان: 18/291-292]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولًا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلّا وأهلها ظالمون (59)
قوله تعالى: وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمها رسولا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن الحسن في قول اللّه: وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولًا في أوائلها.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولا وأمّ القرى، مكّة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المتوكّل، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا ابن جريجٍ قال مجاهدٌ وعطاء بن أبي رباحٍ البيت: أمّ القرى.
قوله تعالى: رسولا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: حتّى يبعث في أمّها رسولا بعث اللّه إليهم رسولا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: يتلوا عليهم آياتنا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: آياتنا يعني: القرآن.
قوله تعالى: وما كنّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وما كنّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون قال: اللّه لم يهلك قريةً بإيمانٍ، ولكنّه أهلك القرى بظلمٍ إذا ظلم أهلها، ولو كانت مكّة آمنت لم يهلكوا مع من هلك، ولكنّهم كذّبوا وظلموا فبذلك هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2997-2998]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قال: في أوائلها). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قال: أم القرى: مكة، بعث الله اليهم رسولا محمدا صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} قال: قال الله لم نهلك قرية بايمان ولكنه أهلك القرى بظلم اذا ظلم أهلها ولو كانت مكة آمنوا لم يهلكوا مع من هلك ولكنهم كذبوا وظلموا فبذلك هلكوا). [الدر المنثور: 11/494-495]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون}.
يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيّها النّاس من شيءٍ من الأموال والأولاد، فإنّما هو متاعٌ تتمتّعون به في هذه الحياة الدّنيا، وهو من زينتها الّتي يتزيّن به فيها، لا يغني عنكم عند اللّه شيئًا، ولا ينفعكم شيءٌ منه في معادكم، وما عند اللّه لأهل طاعته وولايته خيرٌ ممّا أوتيتموه أنتم في هذه الدّنيا من متاعها وزينتها وأبقى، يقول: وأبقى لأهله، لأنّه دائمٌ لا نفاد له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، في قوله {وما عند اللّه خيرٌ وأبقى} قال: خيرٌ ثوابًا، وأبقى عندنا.
{أفلا تعقلون} يقول تعالى ذكره: أفلا عقول لكم أيّها القوم تتدبّرون بها فتعرفون بها الخير من الشّرّ، وتختارون لأنفسكم خير المنزلتين على شرّهما، وتؤثرون الدّائم الّذي لا نفاد له من النّعيم، على الفاني الّذي لا بقاء له). [جامع البيان: 18/292-293]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون (60)
قوله تعالى: وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها
- حدّثنا أبي ثنا عبد الرّحمن بن خالدٍ القطّان الرّقّيّ، ثنا معاوية يعني ابن هشامٍ قال: سمعت سفيان، يقول: إنّما سمّيت الدّنيا، لأنّها دنت.
قوله تعالى: وما عند اللّه خيرٌ وأبقى
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا يعلى بن عبيدٍ الطّنافسيّ، ثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الأشعث، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه قال: قال عبد اللّه: من استطاع منكم أن يضع كنزه حيث لا يأكله السّوس ولا يناله السّرق فليفعل.
- ذكر، عن إبراهيم بن يوسف البلخيّ، ثنا النّضر بن شميلٍ قطنٍ أبي الهيثم، عن عقبة بن عبد الغافر، عن كعبٍ قال: مكتوبٌ في التّوراة: ابن آدم ضع كنزك، عندي، فلا غرق ولا حرق أدفعه إليك أفقر ما تكون إليه يوم القيامة.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: لا تنسى أن تقدّم من دنياك لآخرتك فإنّما تجد في آخرتك ما قدّمت من الدّنيا ممّا رزقك اللّه.
- وبه، عن ابن زيدٍ في قوله: أفلا تعقلون قال: أفلا تتفكّرون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2998]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قال: لمّا قدم من السّلسلة أتاه أهل الكوفة، وأتاه ناسٌ من التّجّار، فجعلوا يثنون عليه ويقولون: جزاك اللّه خيرًا ما كان أعفّك عن أموالنا، فقرأ هذه الآية: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 275]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}.

يقول تعالى ذكره: أفمن وعدناه من خلقنا على طاعته إيّانا الجنّة، فآمن بما وعدناه وصدّق وأطاعنا، فاستحقّ بطاعته إيّانا أن ننجز له ما وعدنا، فهو لاقٍ ما وعد، وصائرٌ إليه كمن متّعناه في الحياة الدّنيا متاعها، فتمتّع به، ونسي العمل بما وعدنا أهل الطّاعة، وترك طلبه، وآثر لذّةً عاجلةً على آجلةٍ، ثمّ هو يوم القيامة إذا ورد على اللّه من المحضرين، يعني من المشهدين عذاب اللّه، وأليم عقابه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه} قال: هو المؤمن، سمع كتاب اللّه فصدّق به، وآمن بما وعد اللّه فيه {كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا} وهو هذا الكافر، ليس واللّه كالمؤمن {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}: أي في عذاب اللّه.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال ابن عمرو في حديثه: قوله {من المحضرين} قال: أحضروها. وقال الحارث في حديثه {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} أهل النّار، أحضروها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال: أهل النّار، أحضروها.
واختلف أهل التّأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية، فقال بعضهم: نزلت في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي أبي جهل بن هشامٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو النّعمان الحكم بن عبد اللّه العجليّ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال نزلت في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي أبي جهل بن هشامٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه} قال: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: نزلت في حمزة وعليٍّ رضي اللّه عنهما، وأبي جهلٍ لعنه اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا بدل بن المحبّر التميميّ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال: نزلت في حمزة وعليّ بن أبي طالبٍ، وأبي جهلٍ.
- حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، قال: نزلت في حمزة وأبي جهلٍ). [جامع البيان: 18/293-295]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا شعبة قال: سمعت السّدّيّ يقول: أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه قال: حمزة بن عبد المطّلب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه قال: هذا المؤمن سمع كتاب اللّه فصدّق به، وآمن بما وعد اللّه فيه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الرّحمن الجعفي أن مسروقا قرأ: أفمن وعدناه منا نعمة فهو لاقيها
قوله تعالى: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا شعبة قال: سمعت السّدّيّ يقول: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا قال: أبو جهل بن هشامٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا فهو هذا الكافر ليس واللّه كالمؤمن.
قوله تعالى: ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين
- وبه، عن قتادة قوله: ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين أي في عذاب اللّه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من المحضرين أهل النار أحضروها.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا أحمد بن إسحاق الحضرميّ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن في قوله: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين قال: بئس المتاع متاعٌ انقطع بصاحبه إلى النّار). [تفسير القرآن العظيم: 9/2998-2999]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ثم هو يوم القيامة من المحضرين يعني بمحضر النار). [تفسير مجاهد: 488]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين.
أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال: نزلت في النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل). [الدر المنثور: 11/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه} الآية، قال: نزلت في حمزة وأبي جهل). [الدر المنثور: 11/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} قال: حمزة بن عبد المطلب {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال: أبو جهل بن هشام). [الدر المنثور: 11/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} قال: هو المؤمن، سمع كتاب الله فصدق بهن وآمن بما وعد فيه من الخير والجنة {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال: هو الكافر، ليس كالمؤمن {ثم هو يوم القيامة من المحضرين} قال: من المحضرين في عذاب الله). [الدر المنثور: 11/495-496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه انه قرأ هذه الآية (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيها) ). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من المحضرين} قال: أهل النار أحضروها). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه عن عطاء بن السائب قال: كان ميمون بن مهران اذا قدم ينزل على سالم البراد فقدم قدمة فلم يلقه فقالت له امرأته: ان أخاك قرأ {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه} قالت: فشغل). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من استطاع منكم ان يضع كنزه حيث لا يأكله السوس فليفعل). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه قال: مكتوب في التوراة، ابن آدم ضع كنزك عندي فلا غرق ولا حرق أدفعه اليك افقر ما تكون اليه يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل يا ابن آدم مرضت فلم تعدني فيقول: رب كيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول: أما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده ويقول: يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول: أي رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول تبارك وتعالى: اما علمت ان عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه أما علمت انك لو سقيته لوجدت ذلك عندي، قال: ويقول: يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني: فيقول: أي رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول: أما علمت ان عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي). [الدر المنثور: 11/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال: يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأعطش ما كانوا وأعرى ما كانوا فمن أطعم لله عز وجل أطعمه الله ومن كسا لله عز وجل كساه الله ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ومن كان في رضا الله كان الله على رضاه أقدر). [الدر المنثور: 11/497-498]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:11 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك} [القصص: 57]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قوله: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} [القصص: 57] لقلّتنا في كثرة العرب وإنّما ننفي الحرب عنّا أنّا على دينهم، فإن آمنّا بك واتّبعناك خشينا أن يتخطّفنا النّاس.
قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا} [القصص: 57] {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 57]، أي: قد كانوا في حرمي يأكلون رزقي ويعبدون غيري وهم آمنون أفيخافون إن آمنوا أن أسلّط عليهم من يقتلهم ويسبيهم ما كنت لأفعل.
قوله عزّ وجلّ: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} [القصص: 57] كقوله: {يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكانٍ}.
سعيدٌ عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ سيلا أتى على المقام فاقتلعه، فإذا في أسفله كتابٌ، فدعوا له رجلا من حمير فزبره لهم في جريدةٍ ثمّ قرأه عليهم، فإذا فيه: هذا بيت اللّه المحرّم جعل رزق أهله من معبره يأتيهم من ثلاثة سبلٍ، مباركٌ لأهله في الماء واللّحم، وأوّل من يحلّه أهله.
أشعث، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: وجد عند المقام كتابٌ فيه: أنّي أنا اللّه ذو بكّة، صغتها يوم خلقت الشّمس والقمر، وحرّمتها يوم خلقت السّموات والأرض، وحففتها بسبعة أملاكٍ حنفاء، يأتيها رزقها من ثلاثة سبلٍ، مباركٌ لأهلها في الماء واللّحم، أوّل من يحلّها أهلها.
قال: {رزقًا من لدنّا} [القصص: 57] من عندنا.
{ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 57]، يعني: جماعتهم لا يعلمون، يعني: من لا يؤمن منهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/602]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أولم نمكّن لّهم حرماً آمناً...}

قالت قريش: يا محمد , ما يمنعنا أن نؤمن بك ونصدّقك إلاّ أن العرب على ديننا، فنخاف أن نصطلم إذا آمنّا بك, فأنزل الله {أولم نمكّن لّهم} : نسكنهم {حرماً آمناً}, لا يخاف من دخله أن يقام عليه حدّ ولا قصاص , فكيف يخافون أن تستحلّ العرب قتالهم فيه؟!.
وقوله: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} و{تجبى}:ذكّرت يجبى، وإن كانت الثمرات مؤنثة ؛ لأنك فرقت بينهما بإليه، كما قال الشاعر:
إنّ امرءًا غرّه منكنّ واحدةٌ = بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
وقال آخر:
لقد ولد الأخيطل أمّ سوء = على قمع استها صلب وشام).
[معاني القرآن: 2/308]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ }: مجازه يجمع كما يجئ الماء في الجابية , فيجمع للواردة.). [مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولم نمكّن لهم حرماً آمناً} : أي : ألم نسكنهم إيّاه ونجعله مكانا لهم؟!). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كلّ شيء رزقا من لدنّا ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}
كانوا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا نعلم أن ما أتيت به حق، ولكنا نكره إن آمنّا بك أن نقصد , ونتخطّف من أرضنا , فأعلمهم الله أنه قد تفضّل عليهم بأن آمنهم بمكة، فأعلمهم أن قد آمنهم بحرمة البيت، ومنع منهم العدو, أي : فلو آمنوا , لكان أولى بالتمكن, والأمن ,والسّلامة.). [معاني القرآن: 4/149-150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا}
قال الضحاك : هذا قول المشركين الذين بمكة .
وقال غيره : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : نحن نعلم أن ما جئت به حق , ولكنا نكره أن نتبعك , فتُقْصَدَ، ونتخطف لمخالفتنا الناس .
قال الله جل وعز: {أو لم نمكن لهم حرما آمنا}
أي : قد كانوا آمنين قبل الإسلام, فلو أسلموا, لكانوا أوكد .
قال قتادة : كان أهل الحرم آمنين , يخرج أحدهم , فإذا عرض له , قال: أنا من أهل الحرم , فيترك , وغيرهم يقتل ويسلب .
قال مجاهد , عن ابن عباس: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} : أي : ثمرات الأرضين.). [معاني القرآن: 5/189-190]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها} [القصص: 58] كقوله: {فكفرت بأنعم اللّه} [النحل: 112].
قال: فأهلكتهم: يعني: من أهلك من القرون الأولى.
{فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنّا نحن الوارثين} [القصص: 58] كقوله: {إنّا نحن نرث الأرض ومن عليها} [مريم: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/603]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها...}

بطرتها: كفرتها, وخسرتها , ونصبك المعيشة من جهة قوله: {إلاّ من سفه نفسه}, إنما المعنى والله أعلم : أبطرتها معيشتها؛ كما تقول: أبطرك مالك ,وبطرته، وأسفهك رأيك, فسفهته. فذكرت المعيشة ؛ لأن الفعل كان لها في الأصل، فحوّل إلى ما أضيفت إليه, وكأنّ نصبه كنصب قوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً} : ألا ترى أن الطيب كان للنفس , فلمّا حوّلته إلى صاحب النفس , خرجت النفس منصوبة لتفسّر معنى الطيب.
وكذلك {ضقنا به ذرعاً} : إنما كان المعنى: ضاق به ذرعنا.
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لم تسكن مّن بعدهم إلاّ قليلاً}, معناه: خربت من بعدهم فلم يعمر منها إلاّ القليل، وسائرها خراب, وأنت ترى اللفظ كأنها سكنت قليلاً , ثم تركت، والمعنى على ما أنبأتك به , مثله: ما أعطيتك دراهمك إلاّ قليلاً، إنما تريد: إلاّ قليلاً منها.). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بطرت معيشتها} , مجازها : أنها أشرت, وطغت, وبغت.). [مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بطرت معيشتها}: أي: أشرت, وكأن المعنى: أبطرتها معيشتها كما تقول: أبطرك مالك، فبطرت.). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها}
{معيشتها}: منصوبة بإسقاط في , وعمل الفعل.
وتأويله: بطرت في معيشتها , والبطر الطغيان بالنعمة.). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها}
البطر : الطغيان بالنعمة
قال أبو إسحاق : المعنى : بطرت في معيشتها .
قال الفراء : أبطرتها معيشتها .
ثم قال جل وعز: {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا}
قال الفراء : والمعنى : أنها خربت فلم يسكن منها إلا القليل , والباقي خراب.). [معاني القرآن: 5/190]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَطِرَتْ}: أي: أشرت , وطغت. والبطر: الأشر, وقيل: البطر: الاستعانة بنعم الله على معاصيه.
وأكثر المفسرين يقول: الأشر: البطر, والأشر: المرح.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: قال: {وما كان ربّك مهلك القرى} [القصص: 59]، يعني: معذّب القرى، يعني: هذه الأمّة.
{حتّى يبعث في أمّها} [القصص: 59]، يعني: مكّة.
{رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى} [القصص: 59] تفسير السّدّيّ: يعني: لم يكن يهلك، يعني: يعذّب القرى.
{إلا وأهلها ظالمون} [القصص: 59] مشركون، وأمّها مكّة، وهي أمّ القرى، والرّسول محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال في آيةٍ أخرى مدنيّةٍ في النّحل بعد هذه الآية: {وضرب اللّه مثلا قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا} [النحل: 112] والرّغد لا يحاسبها أحدٌ بما رزقها اللّه، قال: {من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه} [النحل: 112]، يعني: كفر أهلها، وهي مكّيّةٌ{فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون {112} ولقد جاءهم رسولٌ منهم} [النحل: 112-113] محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم{فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} [النحل: 113] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/603]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {حتّى يبعث في أمّها...}

أمّ القرى : مكة, وإنما سمّيت أمّ القرى ؛ لأن الأرض - فيما ذكروا- دحيت من تحتها.). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولاً }: أم القرى : مكة , وأم الأرضين في قول العرب , وفي آية أخرى: {لتنذر أمّ القرى ومن حولها } ). [مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يبعث في أمها رسولا}: يعني أم القرى وهي مكة). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {في أمّها رسولًا} : أي : في أعظمها.
{ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}: أي: محضري النار.). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلّا وأهلها ظالمون}
يعني بأمّها : مكة، ولم يكن ليهلكها إلا بظلم أهلها.). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا}
أي : في أعظمها , وأم القرى : مكة.). [معاني القرآن: 5/191]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {في أُمِّهَا}: مكة). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى} [القصص: 60] الجنّة.
{أفلا تعقلون} [القصص: 60] يقوله للمشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/603]

تفسير قوله تعالى:{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال على الاستفهام: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا} [القصص: 61]، يعني: الجنّة.
وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {فهو لاقيه} [القصص: 61] داخلٌ الجنّة.
{كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} [القصص: 61] في النّار، أي: أنّهما لا يستويان، لا يستوي من يدخل الجنّة ومن يدخل النّار، وبعضهم يقول: نزلت في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وفي أبي جهل بن هشامٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/604]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {من المحضرين}: أي من المشهدين.).
[مجاز القرآن: 2/109]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الّذين حقّ عليهم القول}، أي : وجبت عليهم الحجة , فوجب العذاب). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}
يعني : المؤمن والكافر، فالمؤمن من آمن باللّه ورسوله , وأطاعه , ووقف عند أمره , فلقيه جزاء ذلك، وهو الجنّة، والذي متّع متاع الحياة الدنيا كافر, لم يؤمن باللّه , ثم أحضر يوم القيامة العذاب , وذلك قوله عز وجل:{ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}
وجاء في التفسير : أن هذه الآية نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم , وأبي جهل ابن هشام , فالنبي صلى الله عليه وسلم وعد وعداًَ حسناً, فهو لاقيه في الدنيا , بأنه نصر على عدوّه في الدنيا، وهو في الآخرة في أعلى المراتب من الجنة، وأبو جهل من المحضرين). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا}
يعني به : المؤمن , والكافر.
وقيل : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم , وأبي جهل .
وقوله تعالى: {ثم هو يوم القيامة من المحضرين}
قال مجاهد: أي: أهل النار أحضروا.). [معاني القرآن: 5/191]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من الْمُحْضَرِينَ}: أي : من محضري النار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:14 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، كان عظيم القدر في الجاهليَّة، قتل يوم بدر كافرا، وهو الذي قال: {إنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرضِنَا} [سورة القصص: 57]. وكان في الذين سرقوا غزال الكعبة). [حَذْفٍ مِنْ نَسَبِ قُرَيْشٍ: 43]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في قوله: وقالوا لقريش، قال ابن مسعود: والمتكلم بذلك منهم الحارث بن نوفل، وقصد الإخبار بأن العرب تنكر عليهم رفض الأوثان وفراق حكم الجاهلية بتخطفهم من أرضهم. وقوله: {الهدى} معناه: على زعمك، وحكى الثعلبي عنه أنه قال: إنا لنعلم أن الذي تقول حق، ولكن إن اتبعناك يتخطفنا العرب، فقطعهم الله تعالى بالحجة، أي: أليس كون الحرم لكم مما يسرناه وكففنا عنكم الأيدي فيه؟ فكيف بكم لو أسلمتم واتبعتم شرعي وديني؟ وروي عن أبي عمرو: "نتخطف" بضم الفاء، و"أمن الحرم" هو ألا يغزى ولا يؤذى فيه أحد. وقوله تعالى: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} أي: يجمع ويجلب، وقرأ نافع وحده: "تجبى" بالتاء من فوق، وقرأ الباقون: "يجبى" أي: يجمع، بياء من تحت، ورويت التاء من فوق عن أبي عمرو، وأبي جعفر، وشيبة بن نصاح. وقوله تعالى: {كل شيء} يريد مما به صلاح حالهم وقوام أمرهم، وليس العموم فيه على الإطلاق. وقرأ أبان بن تغلب: "ثمرات" بضم الثاء والميم.
ثم توعد تعالى قريشا بضرب المثل بالقرى المهلكة، أي: فلا تغتروا بالحرم والأمن والثمرات التي تجبى، فإن الله تعالى مهلك الكفرة على ما سلف في الأمم. و"بطرت" معناه: سفهت وأشرت وطغت، قاله ابن زيد وغيره، و"معيشتها" نصبت على التفسير، مثل قوله: {سفه نفسه}، وقال الأخفش: هو على إسقاط حرف الجر، أي: بطرت في معيشتها، ثم أحالهم على الاعتبار في خراب ديار الأمم المهلكة كحجر ثمود وغيره، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/ 600-601]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين}
إن كانت الإبادة للقرى بالإطلاق في كل زمن فأمها في هذا الموضع عظيمها وأفضلها التي هي بمثابة مكة في عصر محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كانت مكة أم القرى كلها أيضا من حيث هي أول ما خلق من الأرض، ومن حيث فيها البيت، ومعنى الآية أن الله تبارك وتعالى يقيم الحجة على عباده بالرسل، فلا يعذب إلا بعد نذارة، وبعد أن يتمادى أهل القرى في ظلم وطغيان. والظلم: -هنا- يجمع الكفر والمعاصي والتقصير في الجهاد، وبالجملة وضع الباطل موضع الحق). [المحرر الوجيز: 6/ 601]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم خاطب تعالى قريشا محقرا لما كانوا يفخرون به من مال وبنين وغير ذلك من قوة لم تكن عند محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند من آمن به، فأخبر الله تعالى قريشا أن ذلك متاع الدنيا الفاني، وأن الآخرة وما فيها من النعم التي أعدها الله لهؤلاء المؤمنين خير وأبقى. ثم وبخهم بقوله تعالى: {أفلا تعقلون}، وقرأ الجمهور: "يعقلون" بالياء، وقرأ أبو عمرو وحده: "تعقلون" بالتاء من فوق، وهي قراءة الأعرج، والحسن، وعيسى). [المحرر الوجيز: 6/ 602]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم زادهم توبيخا بقوله: {أفمن وعدناه} الآية. وقوله: {أفمن وعدناه} يعم معناها جميع العالم، لكن اختلف الناس فيمن نزلت، فقال مجاهد: الذي وعد الحسن هو محمد صلى الله عليه وسلم، وضده أبو جهل لعنه الله، وقال مجاهد: نزلت في حمزة رضي الله تعالى عنه وأبي جهل، وقال قتادة: نزلت في المؤمن والكافر، كما أن معناها عام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ونزولها عام بين الاتساق بما قبله من توبيخ قريش.
و من المحضرين معناه: في عذاب الله تعالى، قاله مجاهد وقتادة، ولفظة "محضرين" مشيرة إلى سوق وجر. وقرأ طلحة: "أمن وعدناه" بغير فاء، وقرأ مسروق: "أفمن وعدناه نعمة منا فهو لاقيه").[المحرر الوجيز: 6/ 602]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا}: [يقول تعالى مخبرًا عن اعتذار بعض الكفّار في عدم اتّباع الهدى حيث قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا}] أي: نخشى إن اتّبعنا ما جئت به من الهدى، وخالفنا من حولنا من أحياء العرب المشركين، أن يقصدونا بالأذى والمحاربة، ويتخطّفونا أينما كنّا، فقال اللّه تعالى مجيبًا لهم: {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا} يعني: هذا الّذي اعتذروا به كذبٌ وباطلٌ؛ لأنّ اللّه جعلهم في بلدٍ أمينٍ، وحرم معظّمٍ آمنٍ منذ وضع، فكيف يكون هذا الحرم آمنًا في حال كفرهم وشركهم، ولا يكون آمنًا لهم وقد أسلموا وتابعوا الحقّ؟.
وقوله: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} أي: من سائر الثّمار ممّا حوله من الطّائف وغيره، وكذلك المتاجر والأمتعة {رزقًا من لدنّا} أي: من عندنا {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} فلهذا قالوا ما قالوا.
وقد قال النّسائيّ: أنبأنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا الحجّاج، عن ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة قال: قال عمرو بن شعيبٍ، عن ابن عبّاسٍ -ولم يسمعه منه -: أنّ الحارث بن عامر بن نوفلٍ الّذي قال: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا}). [تفسير ابن كثير: 6/ 247]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنّا نحن الوارثين (58) وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون (59)}.
يقول تعالى معرّضًا بأهل مكّة في قوله: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها} أي: طغت وأشرت وكفرت نعمة اللّه، فيما أنعم به عليهم من الأرزاق، كما قال في الآية الأخرى: {وضرب اللّه مثلا قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. ولقد جاءهم رسولٌ منهم فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} [النّحل 112، 113] ولهذا قال: {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا} أي: دثرت ديارهم فلا ترى إلّا مساكنهم.
وقوله: {وكنّا نحن الوارثين} أي: رجعت خرابًا ليس فيها أحدٌ.
وقد ذكر ابن أبي حاتمٍ [هاهنا] عن ابن مسعودٍ أنّه سمع كعبًا يقول لعمر: إنّ سليمان عليه السّلام قال للهامّة -يعني البومة -ما لك لا تأكلين الزّرع؟ قالت: لأنّه أخرج آدم بسببه من الجنّة. قال: فما لك لا تشربين الماء؟ قالت: لأنّ اللّه أغرق قوم نوحٍ به. قال: فما لك لا تأوين إلّا إلى الخراب؟ قالت: لأنّه ميراث اللّه عزّ وجلّ، ثمّ تلا {وكنّا نحن الوارثين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 247-248]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال اللّه مخبرًا عن عدله، وأنّه لا يهلك أحدًا ظالـمًا له، وإنّما يهلك من أهلك بعد قيام الحجّة عليهم، ولهذا قال: {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها} وهي مكّة {رسولا يتلو عليهم آياتنا}. فيه دلالةٌ على أنّ النّبيّ الأمّيّ، وهو محمّدٌ، صلوات اللّه وسلامه عليه، المبعوث من أمّ القرى، رسولٌ إلى جميع القرى، من عربٍ وأعجامٍ، كما قال تعالى: {لتنذر أمّ القرى ومن حولها} [الشّورى: 7]، وقال تعالى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا} [الأعراف: 158]، وقال: {لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام: 19]، وقال: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هودٍ: 17]. وتمام الدّليل [قوله] {وإن من قريةٍ إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذّبوها عذابًا شديدًا كان ذلك في الكتاب مسطورًا} [الإسراء: 58]. فأخبر أنّه سيهلك كلّ قريةٍ قبل يوم القيامة، وقد قال: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء: 15]. فجعل تعالى بعثة النّبيّ الأمّيّ شاملةً لجميع القرى؛ لأنّه مبعوثٌ إلى أمّها وأصلها الّتي ترجع إليها. وثبت في الصّحيحين عنه، صلوات اللّه وسلامه عليه، أنّه قال: "بعثت إلى الأحمر والأسود". ولهذا ختم به الرّسالة والنّبوّة، فلا نبيّ بعده ولا رسول، بل شرعه باقٍ بقاء اللّيل والنّهار إلى يوم القيامة.
وقيل: المراد بقوله: {حتّى يبعث في أمّها} أي: أصلها وعظيمتها، كأمّهات الرّساتيق والأقاليم. حكاه الزّمخشريّ وابن الجوزيّ، وغيرهما، وليس ببعيد). [تفسير ابن كثير: 6/ 248]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون (60) أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين (61)}.
يقول تعالى مخبرًا عن حقارة الدّنيا، وما فيها من الزّينة الدّنيئة والزّهرة الفانية بالنّسبة إلى ما أعدّه اللّه لعباده الصّالحين في الدّار الآخرة من النّعيم العظيم المقيم، كما قال: {ما عندكم ينفد وما عند اللّه باقٍ} [النّحل: 96]، وقال: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} [آل عمران: 198]، وقال: {وما الحياة الدّنيا في الآخرة إلا متاعٌ} [الرّعد: 26]، وقال: {بل تؤثرون الحياة الدّنيا والآخرة خيرٌ وأبقى} [الأعلى: 16، 17]، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "واللّه ما الدّنيا في الآخرة، إلّا كما يغمس أحدكم إصبعه في اليمّ، فلينظر ماذا يرجع إليه".
[وقوله]: {أفلا يعقلون} أي: أفلا يعقل من يقدّم الدّنيا على الآخرة؟). [تفسير ابن كثير: 6/ 249]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}: يقول: أفمن هو مؤمنٌ مصدّقٌ بما وعده اللّه على صالح أعماله من الثّواب الّذي هو صائرٌ إليه لا محالة، كمن هو كافرٌ مكذّبٌ بلقاء اللّه ووعده ووعيده، فهو ممتّعٌ في الحياة الدّنيا أيّامًا قلائل، {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال مجاهدٌ، وقتادة: من المعذّبين.
ثمّ قد قيل: إنّها نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفي أبي جهلٍ. وقيل: في حمزة وعليٍّ وأبي جهلٍ، وكلاهما عن مجاهدٍ. والظّاهر أنّها عامّةٌ، وهذا كقوله تعالى إخبارًا عن ذلك المؤمن حين أشرف على صاحبه، وهو في الدّرجات وذاك في الدّركات: {ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين} [الصّافّات: 57]، وقال تعالى: {ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون} [الصّافّات: 158] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 249]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة