العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة القصص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 11:58 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة القصص [ من الآية (51) إلى الآية (56) ]

{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وصّلنا} [القصص: 51] : «بيّنّاه وأتممناه»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وصلنا بيناه وأتمناه هو قول أبي عبيدة أيضا وأخرج بن أبي حاتمٍ من طريق السّدّيّ في قوله ولقد وصلنا لهم القول قال بيّنّا لهم القول وقيل المعنى أتبعنا بعضه بعضًا فاتّصل وهذا قول الفرّاء). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وصّلنا: بيّنّاه وأتممناه
أشار به إلى قوله تعالى: {ولقد وصلنا لهم القول لعلّهم يتذكرون} (القصص: 51) وفسّر: وصلناه بقوله: (بيناه) وعن السّديّ كذلك، وعن الفراء: أتبعنا بعضه بعضًا فاتصل. قوله: (وأتممناه) ، الضّمير المنسوب فيه في بيناه يرجع إلى القول، المعنى: بينا لكفار مكّة في القرآن من خبر الأمم الماضية كيف عذبوا بتكذيبهم). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وصلنا}) {لهم القول}) أي (بيناه وأتممناه) قاله ابن عباس وقيل أتبعنا بعضه بعضًا فاتصل، وقال ابن زيد وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا، وقال الزجاج: أي فصلناه بأن وصلنا ذكر الأنبياء وأقاصيص من مضى بعضها ببعض). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون (51) الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: ولقد وصّلنا يا محمّد لقومك من قريشٍ ولليهود من بني إسرائيل القول بأخبار الماضين والنّبأ عمّا أحللنا بهم من بأسنا، إذ كذّبوا رسلنا، وعمّا نحن فاعلون بمن اقتفى آثارهم، واحتذى في الكفر باللّه وتكذيب رسله مثالهم، ليتذكّروا فيعتبروا ويتّعظوا. وأصله من: وصل الحبال بعضها ببعضٍ؛ ومنه قول الشّاعر:
فقل لبني مروان ما بال = ذمّةٍ وحبلٍ ضعيفٍ ما يزال يوصّل
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل وإن اختلفت ألفاظهم ببيانهم عن تأويله، فقال بعضهم: معناه بيّنّا. وقال بعضهم: معناه: فصّلنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قوله {ولقد وصّلنا لهم القول} قال: فصّلنا لهم القول.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولقد وصّلنا لهم القول} قال: وصّل اللّه لهم القول في هذا القرآن، يخبرهم كيف صنع بمن مضى، وكيف هو صانعٌ {لعلّهم يتذكّرون}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى أبو جعفرٍ، عن سفيان بن عيينة: وصّلنا: بيّنّا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولقد وصّلنا لهم} قال: وصّلنا لهم الخبر؛ خبر الدّنيا بخبر الآخرة، حتّى كأنّهم عاينوا الآخرة، وشهدوها في الدّنيا، بما نريهم من الآيات في الدّنيا وأشباهها. وقرأ {إنّ في ذلك لآيةً لمن خاف عذاب الآخرة} وقال: إنّا سوف ننجز ما وعدناهم في الآخرة، كما أنجزنا للأنبياء ما وعدناهم، نقضي بينهم وبين قومهم.
- واختلف أهل التّأويل، فيمن عنى بالهاء والميم من قوله {ولقد وصّلنا لهم} فقال بعضهم: عنى بهما قريشًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولقد وصّلنا لهم القول} قال: قريشٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {ولقد وصّلنا لهم القول} قال: لقريشٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون} قال: يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: عني بهما اليهود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني بشر بن آدم، قال: حدّثنا عفّان بن مسلمٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: حدّثنا عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة القرظيّ، قال: نزلت هذه الآية في عشرةٍ أنا أحدهم {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون}.
- حدّثنا ابن سنانٍ، قال: حدّثنا حيّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عمرٍو، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة القرظيّ، قال: نزلت هذه الآية {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون} حتّى بلغ {إنّا كنّا من قبله مسلمين} في عشرةٍ أنا أحدهم.
فكأنّ ابن عبّاسٍ أراد بقوله: يعني محمّدًا: لعلّهم يتذكّرون عهد اللّه في محمّدٍ إليهم، فيقرّون بنبوّته ويصدّقونه). [جامع البيان: 18/273-276]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولقد وصّلنا
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ولقد وصّلنا لهم القول قال: بيّنّا لهم القول.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عبد اللّه بن نميرٍ وأبو بكرٍ وعثمان أنبأ أبي شيبة قالوا:، ثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن ليثٍ عن مجاهدٍ ولقد وصّلنا لهم القول قال: فصّلنا لهم القول.
قوله تعالى: لهم
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا يزيد بن هارون بن حمّادٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة القرظيّ قال: نزلت. ولقد وصّلنا لهم القول في عشرةٍ أنا أحدهم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ولقد وصّلنا لهم القول قريشٌ.
قوله تعالى: لهم القول
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ولقد وصّلنا لهم القول قال: وصّل اللّه لهم القول في هذا القرآن ما يخبرهم كيف صنع بمن مضى، وكيف هو صانعٌ لعلّهم يتذكّرون
قوله تعالى: لعلّهم يتذكّرون
تقدّم تفسيره.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثنا أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ لعلّهم يتذكّرون يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2987-2988]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولقد وصلنا لهم القول يعني لقريش يقول تابعنا عليهم الموعظة). [تفسير مجاهد: 487]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولقد وصّلنا لهم القول} [القصص: 51].
- عن رفاعة القرظيّ قال: نزلت هذه الآية في عشرة رهطٍ أنا أحدهم {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 51].
رواه الطّبرانيّ بإسنادين أحدهما متّصلٌ ورجاله ثقاتٌ وهو هذا، والآخر منقطع الإسناد). [مجمع الزوائد: 7/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون * الذين آتيناهم الكتاب من قبلهم هم به يؤمنون * وإذايتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو القاسم البغوي في معجمه والباوردي، وابن قانع الثلاثة في معاجم الصحابة والطبراني، وابن مردويه بسند جيد عن رفاعة القرظي رضي الله عنه قال: نزلت {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون} إلى قوله {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} في عشرة رهط: انا أحدهم). [الدر المنثور: 11/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ولقد وصلنا لهم} قال: لقريش {القول} ). [الدر المنثور: 11/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {ولقد وصلنا لهم القول} قال: بينا). [الدر المنثور: 11/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ولقد وصلنا لهم القول} قال: وصل الله لهم القول في هذا القرآن يخبرهم كيف يصنع بمن مضى وكيف صنعوا وكيف هو صانع). [الدر المنثور: 11/479-480]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} يعني بذلك تعالى ذكره قومًا من أهل الكتاب آمنوا برسوله وصدّقوه، فقال الّذين آتيناهم الكتاب من قبل هذا القرآن، هم بهذا القرآن يؤمنون، فيقرّون أنّه حقٌّ من عند اللّه، ويكذّب جهلة الأمّيّين، الّذين لم يأتهم من اللّه كتابٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله تعالى {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} قال: يعني من آمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به} إلى قوله {لا نبتغي الجاهلين} في مسلمة أهل الكتاب.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله} إلى قوله {الجاهلين} قال: هم مسلمة أهل الكتاب.
- قال ابن جريجٍ: أخبرني عمرو بن دينارٍ: أنّ يحيى بن جعدة أخبره عن عليّ بن رفاعة، قال: خرج عشرة رهطٍ من أهل الكتاب، منهم أبو رفاعة، يعني أباه، إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فآمنوا، فأوذوا، فنزلت: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله} قبل القرآن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} قال: كنّا نحدّث أنّها نزلت في أناسٍ من أهل الكتاب كانوا على شريعةٍ من الحقّ، يأخذون بها، وينتهون إليها، حتّى بعث اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، فآمنوا به، وصدّقوا به، فأعطاهم اللّه أجرهم مرّتين بصبرهم على الكتاب الأوّل، واتّباعهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وصبرهم على ذلك، وذكر أنّ منهم سلمان، وعبد اللّه بن سلامٍ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} إلى قوله {من قبله مسلمين}: ناسٌ من أهل الكتاب آمنوا بالتّوراة والإنجيل ثمّ أدركوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، فآمنوا به، فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين بما صبروا: بإيمانهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن يبعث، وباتّباعهم إيّاه حين بعث، فذلك قولهم: {إنّا كنّا من قبله مسلمين} ). [جامع البيان: 18/276-278]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون (52)
قوله تعالى: الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون
- حدّثنا الحسين بن السّكن البصريّ، ثنا أبو زيدٍ النّحويّ أنبأ قيسٌ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانًا وأنّهم لا يستكبرون قال: هم النّجاشيّ الّذي أرسل بإسلامه وإسلام قومه كانوا سبعين رجلا اختارهم من قومه الخيّر من الخيّر في الفقه والسّنن، فلمّا أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدخلوا عليه فقرأ عليهم: يس والقرآن الحكيم حتّى أتى على آخرها فبكوا حين سمعوا القرآن وعرفوا أنّه الحقّ فنزل عليهم ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانًا إلى قوله: تفيض من الدّمع ونزل فيهم أيضًا الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله: أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا إلى آخر الآيات.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثنا أبي حدّثنا عمّي حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون قال: يعني: من آمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ يعني قوله: الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون قال: نزلت في عبد اللّه بن سلامٍ لمّا أسلم أحبّ أن يخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعظمته في اليهود ومنزلته فيهم، وقد ستر بينه وبينهم سترًا فكلّمهم ودعاهم فأبوا فقال: أخبروني، عن عبد اللّه بن سلامٍ كيف هو فيكم؟ قالوا ذلك سيّدنا وأعلمنا قال: أرأيتم إن آمن بي وصدّقني أتؤمنون بي وتصدّقوني؟ قالوا: لا يفعل ذلك، هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتّبعك قال: أرأيتم إن فعل، قالوا: لا يفعل. قال: أرأيتم إن فعل قالوا: إذًا انفعل، قال: اخرج يا عبد اللّه بن سلامٍ، فخرج فقال: ابسط يدك، أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنّك رسول اللّه فبايعه، فوقعوا به وشتموه وقالوا: واللّه ما فينا أحدٌ أقلّ علمًا منه ولا أجهل بكتاب اللّه منه، قال: ألم تثنوا عليه آنفًا؟ قالوا: إنا استحينا أن تقول: اغتبتم صاحبكم من خلفه فجعلوا يشتمونه فقام إليه أمين بن يامين فقال: أشهد أنّ عبد اللّه بن سلامٍ صادقٌ فابسط يدك فبايعه فأنزل اللّه: الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2988-2978]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين في مسلمي أهل الكتاب). [تفسير مجاهد: 488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن أبي رفاعة رضي الله عنه قال: خرج عشرة رهط من أهل الكتاب - منهم أبو رفاعة - إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فآمنوا فاوذوا فنزلت {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} ). [الدر المنثور: 11/480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {الذين آتيناهم الكتاب} إلى قوله {لا نبتغي الجاهلين} قال: في مسلمة أهل الكتاب). [الدر المنثور: 11/480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} قال: كنا نحدث انها أنزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق ياخذون بها وينتهون اليها حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وصبرهم على ذلك قال: وذكر لنا ان منهم سلمان وعبد الله بن سلام). [الدر المنثور: 11/480-481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} قال: يعني من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب). [الدر المنثور: 11/481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: تداولتني الموالي حتى وقعت بيثرب فلما يكن في الأرض قوم أحب الي من النصارى ولا دين أحب الي من النصرانية لما رأيت من اجتهادهم فبينا أنا كذلك اذ قالوا: قد بعث في العرب نبي ثم قالوا: قدم المدينة فاتيته فجعلت أسأله عن النصارى قال: لا خير في النصارى ولا أحب النصارى قال: فاخبرته ان صاحبي قال: لو أدركته فأمرني ان أقع النار لوقعتها قال: وكنت قد استهترت بحب النصارى فحدثت نفسي بالهرب وقد جرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فأتاني آت فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقلت: اذهب حتى أجيء وأنا أحدث نفسي بالهرب قال لي: لن افارقك حتى أذهب بك اليه فانطلقت به فلما رآني قال: يا سلمان قد أنزل الله عذرك {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} ). [الدر المنثور: 11/481-482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: انا رجل من أهل رام هرمز كنا قوما مجوسا فاتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة فنزل فينا واتخذ فينا ديرا وكنت في كتاب في الفارسية وكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروبا يبكي قد ضربه أبواه، فقلت له يوما: ما يبكيك قال: يضربني أبواي قلت: ولم يضربانك قال: آتي صاحب هذا الدير فاذا علما ذلك ضرباني وأنت لو أتيته سمعت منه حديثا عجيبا قلت: فاذهب بي معك فاتيناه فحدثنا عن بدء الخلق وعن بدء مغلق السموات والارض وعن الجنة والنار، فحدثنا باحاديث عجب وكنت أختلف اليه معه ففطن لنا غلمان من الكتاب فجعلوا يجيؤن معنا، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا: يا هذا انك قد جاورتنا فلم نر من جوارك إلا الحسن وإننا لنا غلماننا يختلفون اليك ونحن نخاف ان تفسدهم علينا أخرج عنا قال: نعم، فقال لذلك الغلام كان يأتيه: اخرج معي، قال: لا أستطيع ذلك قد علمت شدة أبوي علي قلت: لكنني أخرج معك وكنت يتيما لا أب لي فخرجت معه فاخذنا جبل رام هرمز فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة فقدمنا نصيبين فقال لي صاحبي: يا سلمان ان ههنا قوما عباد الأرض وأنا أحب ان ألقاهم، فجئنا اليهم يوم الاحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به وقالوا: أين كان غيبتك قال كنت في إخوان لي من قبل فارس فتحدثنا ما تحدثنا ثم قال لي صاحبي: قم يا سلمان انطلق قلت: لا دعني مع هؤلاء قال: انك لا تطيق ما يطيق هؤلاء يصومون الاحد إلى الاحد ولا ينامون هذا الليل فاذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة فكنت فيهم حتى أمسينا فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي يكون فيه فلما أمسينا قال ذاك الذي من أبناء الملوك هذا الغلام ما تصنعونه ليأخذه رجل منكم فقالوا: خذه أنت، فقال لي: قم يا سلمان فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه فقال لي: يا سلمان هذا خبز وهذا أدم فكل اذ غرثت وصم اذا نشطت وصل ما بدا لك ونم اذا كسلت ثم قام في صلاته فلم يكلمني ولم ينظر الي فأخذني الغم تلك السبعة الايام لا يكلمني أحد حتى كان الاحد فانصرف الي فهبت إلى مكانها الي كانوا يجتمعون وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه فيلقى بعضهم بعضا فيسلم بعضهم على بعض ثم لا يلتقون إلى مثله، فرجعت إلى منزلنا فقال لي: مثل ما قال لي أول مرة: هذا خبز وخذا أدم فكل منه اذا غرثت وصم اذا نشطت وصل ما بدا لك ونم اذا كسلت ثم دخل في صلاته فلم يلتفت الي ولم يكلمني إلى الاحد الآخر فاخذني غم وحدثت نفسي بالفرار فقلت: اصبر أحدين أو ثلاثة فلما كان الاحد رجعنا اليهم فافطروا واجتمعوا فقال لهم: اني أريد بيت المقدس، فقالوا له: وما تريد إلى ذاك قال: لا عهد به قالوا: انا نخاف ان يحدث بك حدث فيليك غيرنا وكنا نحب ان نليك قال: لا عهد به.
فلما سمعته يذكر ذاك فرحت قلت: نسافر ونلقى الناس فيذهب عني الغم الذي كنت أجد فخرجت أنا وهو وكان يصوم من الاحد إلى الاحد ويصلي الليل كله ويمشي بالنهار فاذا نزلنا قام يصلي، فلم يزل ذاك دأبه حتى نزلنا بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس فقال: اعطني، فقال: ما معي شيء فدخلنا بيت المقدس فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا به واستبشروا به فقال لهم: غلامي هذا فاستوصوا به فانطلقوا بي فاطعموني خبزا ولحما ودخل في الصلاة فلم ينصرف الي حتى كان يوم الاحد الآخر ثم انصرف فقال لي: يا سلمان اني أريد أن أضع رأسي فاذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني، فبلغ الظل الذي قال فلم أوقظه رحمة له مما رأيت من اجتهاده ونصبه فاستيقظ مذعورا فقال: يا سلمان ألم أكن قلت لك اذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني قلت: بلى، ولكن انما منعني رحمة لك لما رأيت من دأبك قال: ويحك يا سلمان، اني أكره ان يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيرا، ثم قال لي: يا سلمان أعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية، قلت: ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية كلمة ألقيت على لساني، قال: نعم، يوشك ان يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فاذا أدركته فاتبعه وصدقة قلت: وان أمرني ان أدع النصرانية قال: نعم، فانه نبي الله لا يأمر إلا بالحق ولا يقول إلا حقا والله لو أدركته ثم أمرني ان أقع في النار لوقعتها، ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد فقال له: دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فاعطني، فالتفت فلم ير حوله أحدا قال: فاعطني يدك فاخذ بيده فقال: قم باذن الله، فقام صحيحا سويا فتوجه نحو أهله فاتبعته بصري تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي فأسرع المشي وتبعته فتلقاني رفقة من كلب اعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقا فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الانصار فجعلني في حائط له من نخل فكنت فيه ومن ثم تعلمت الخوص أشترى خوصا بدرهم فاعلمه فابيعه بدرهمين فارد درهما إلى الخوص واستنفق درهما أحب ان آكل من عمل يدي فبلغنا ونحن بالمدينة ان رجلا خرج بمكة يزعم ان الله أرسله فمكثنا ما شاء الله أن نمكث فهاجر الينا وقدم علينا فقلت: والله لاجربنه إلى السوق فاشتريت لحم جزور ثم طحنته فجعلت قصعة من ثريد فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال: ما هذه، أصدقة ام هدية قلت: بل صدقة فقال لاصحابه: كلوا بسم الله، وأمسك ولم يأكل فمكث أيام ثم اشتريت لحما أيضا بدرهم فاصنع مثلها فاحتملها حتى أتيته بها فوضعتها بين يديه فقال: ما هذه، صدقة أم هدية فقلت: بل هدية، فقال لاصحابه: كلوا بسم الله وأكل معهم، قلت: هذا - والله - يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة فاسلمت، فقلت له ذات يوم: يا رسول الله أي قوم النصارى قال: لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم قلت في نفسي: أنا - والله - أحبهم، قال: وذاك حين بعث السرايا وجرد السيف، فسرية تخرج وسرية تدخل والسيف يقطر قلت: يحدث بي الآن اني أحبهم فيبعث الي فيضرب عنقي فقعدت في البيت فجاءني الرسول ذات يوم فقال: يا سلمان أجب رسول الله قلت: هذا - والله - الذي كنت أحذر قلت: نعم، اذهب حتى ألحقك قال: لا والله حتى تجيء وأنا أحدث نفسي ان لو ذهب فافر، فانطلق بي حتى انتهيت اليه فلما رآني تبسم وقال لي: يا سلمان ابشر فقد فرج الله عنك ثم تلا على هؤلاء الآيات {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} إلى قوله {لا نبتغي الجاهلين} قلت: يا رسول الله - والذي بعثك بالحق - سمعته يقول: لو أدركته فامرني ان أقع في النار لوقعتها انه نبي لا يقول إلا حقا ولا يأمر إلا بالحق). [الدر المنثور: 11/482-487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} قال: نزلت في عبد الله بن سلام لما أسلم احب ان يخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعظمته في اليهود ومنزلته فيهم وقد ستر بينه وبينهم سترا فكلمهم ودعاهم فابوا فقال: أخبروني عن عبد الله بن سلام كيف هو فيكم قالوا: ذاك سيدنا وأعلمنا قال: أرأيتم ان آمن بي وصدقني أتؤمنون بي وتصدقوني قالوا: لا يفعل ذاك، هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتبعك قال أرأيتم ان فعل قالوا: لا يفعل قال: أرأيتم ان افعل قالوا اذا نفعل،، قال: أخرج يا عبد الله بن سلام فخرج فقال: أبسط يدك أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله فبايعه فوقعوا به وشتموه وقالوا: والله ما فينا أحد أقل علما منه ولا أجهل بكتاب الله منه قال: ألم تثنوا عليه آنفا قالوا: انا استحينا أن تقول اغتبتم صاحبكم من خلفه، فجعلوه يشتمونه فقام اليه أمين بن يامين فقال: أشهد ان عبد الله بن سلام صادق فابسط يدك فبايعه فانزل الله فيهم {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين} يعني إبراهيم واسمعيل وموسى وعيسى وتلك الامم وكانوا على دين محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/487-488]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين}.
يقول تعالى ذكره: وإذا يتلى هذا القرآن على الّذين آتيناهم الكتاب من قبل نزول هذا القرآن {قالوا آمنّا به} يقول: يقولون صدّقتا به {إنّه الحقّ من ربّنا} يعني من عند ربّنا نزل، إنّا كنّا من قبل نزول هذا القرآن مسلمين، وذلك أنّهم كانوا مؤمنين بما جاء به الأنبياء قبل مجيء نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وعليهم من الكتب، وفي كتبهم صفة محمّدٍ ونعته، فكانوا به وبمبعثه وبكتابه مصدّقين قبل نزول القرآن، فلذلك قالوا: {إنّا كنّا من قبله مسلمين} ). [جامع البيان: 18/278]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين (53)
قوله تعالى: وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إلى قوله: مسلمين
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين يعني إبراهيم وإسماعيل وموسى وتلك الأمم يقول: كانوا على دين محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، قوله: مسلمين: موحّدين..
تقدّم إسناده.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: مسلمين موحّدين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2989]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب أن الآية التي في سورة المائدة: {فإن جاءوك فاحكم بينهم}، كانت في شأن الرجم، وأن الآية التي في طسم: {أولئك يؤتون أجرهم مرتين}، كان فيهم أسلم من أهل الكتاب). [الجامع في علوم القرآن: 1/15] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين وصفت صفتهم، يؤتون ثواب عملهم مرّتين بما صبروا.
واختلف أهل التّأويل في معنى الصّبر الّذي وعد اللّه ما وعد عليه، فقال بعضهم: وعدهم ما وعد جلّ ثناؤه، بصبرهم على الكتاب الأوّل، واتّباعهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وصبرهم على ذلك. وذلك قول قتادة، وقد ذكرناه قبل.
وقال آخرون: بل وعدهم بصبرهم بإيمانهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن يبعث، وباتّباعهم إيّاه حين بعث. وذلك قول الضّحّاك بن مزاحمٍ، وقد ذكرناه أيضًا قبل، وممّن وافق قتادة على قوله عبد الرّحمن بن زيدٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّا كنّا من قبله مسلمين} على دين عيسى، فلمّا جاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أسلموا، فكان لهم أجرهم مرّتين: بما صبروا أوّل مرّةٍ، ودخلوا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الإسلام.

وقال قومٌ في ذلك بما:
- حدّثنا به ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: إنّ قومًا كانوا مشركين أسلموا، فكان قومهم يؤذونهم، فنزلت {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا}.
وقوله {ويدرءون بالحسنة السّيّئة} يقول: ويدفعون بحسنات أفعالهم الّتي يفعلونها سيّئاتهم {وممّا رزقناهم} من الأموال {ينفقون} في طاعة اللّه، إمّا في جهادٍ في سبيل اللّه، وإمّا في صدقةٍ على محتاجٍ، أو في صلة رحمٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا، إنّا كنّا من قبله مسلمين} قال اللّه: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا} وأحسن اللّه عليهم الثّناء كما تسمعون، فقال: {ويدرءون بالحسنة السّيّئة} ). [جامع البيان: 18/279-280]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً أخبرني شعيبٌ أخبرني سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة في قول اللّه: أولئك يؤتون أجرهم مرّتين عبد اللّه بن سلامٍ وتميمٌ الدّاريّ والجارود العبديّ وسلمان الفارسيّ إنّ هذه الآيات أنزلت فيهم فقال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قد أوتوا أجرهم مرّتين بإيمانهم بالكتاب الأوّل وبالكتاب الآخر، فأنزل اللّه: يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته فقال أهل الكتاب: قد أعطوا كما أعطينا فأنزل اللّه: لئلا يعلم أهل الكتاب حتّى ختم الآية.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد الأعلى بن حمّادٍ، ثنا يعقوب بن عبد اللّه الأشعريّ، ثنا ليثٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: لمّا نزلت هذه الآية أولئك يؤتون أجرهم مرّتين فخرجت اليهود على المسلمين فقالت : من آمن منّا بكتابكم وكتابنا فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجرٌ كأجوركم، فأنزل اللّه تبارك وتعالى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم فزادهم النّور والمغفرة لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون إلى آخر الآية.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ أخبرني اللّيث بن سعدٍ، عن عقيل بن خالدٍ، عن شهابٍ أنّ الآية الّتي في طسم... أولئك يؤتون أجرهم مرّتين قال: كانت فيمن أسلم من أهل الكتاب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس، ثنا يزيد، عن سعدٍ، عن قتادة قوله: الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون قال: كنّا نحدّث أنّها نزلت في أناسٌ من أهل الكتاب كانوا على شريعةٍ من الحقّ فيأخذون بها وينتهون إليها حتّى بعث اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فآمنوا به وصدّقوه فأعطاهم اللّه أجرهم مرّتين بصبرهم على الكتاب الأوّل واتّباعهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وصبرهم على، ذلك ذكر لنا أنّ منهم سلمان وعبد اللّه بن سلامٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع في قوله: أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا قال:
كان قومٌاً كانوا في زمان الفترة متمسّكين بالإسلام مقيمين عليه صابرين على ما أوذوا، حتّى أدرك رجالٌ منهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فلحقوا به، وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، فمن كان على الحق متمسكا به في زمانك هذا الّذي أنت فيه فهو غريبٌ من الغرباء في سنّة القوم الّذين كانوا على الإسلام في زمان الفترة فصبروا على ما أوذوا.
قوله تعالى: بما صبروا
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ الأزرق، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: بما صبروا قال: صبروا على طاعة اللّه وصبروا، عن معصيته ومحارمه.
قوله تعالى: ويدرؤن
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو خالدٍ عن جويبر عن الضحاك ويدرؤن بالحسنة السّيّئة قال: يدفعون بالحسنة السّيّئة.
قوله تعالى: بالحسنة السّيّئة
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثنا عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: بالحسنة السّيّئة يعني: يردون معروفا على من يسيء إليهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول الله: ويدرؤن بالحسنة السّيّئة قال: يدفعون الشّرّ بالخير لا يكافئون الشّرّ بالشّرّ، ولكن يدفعونه بالخير، وقال في موضعٍ آخر: ويدرؤن بالحسنة السّيّئة لا يكافئون بالسّيّئة السّيّئة، ولكن يدرءون بالحسنة السّيّئة.
قوله تعالى: وممّا رزقناهم ينفقون
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٌ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: يقول اللّه سبحانه وتعالى: وممّا رزقناهم ينفقون يؤتون الزّكاة احتسابًا لها، تقدّم تفسيره في سورة البقرة والزيادة عليه.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن منصورٍ ، عن جعفرٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قال لمّا أتى جعفرٌ وأصحابه النّجاشيّ، أنزلهم وأحسن إليهم، فلمّا أرادوا أن يرجعوا قال من آمن من أهل مملكته: ائذن لنا فلنحذف هؤلاء في البحر ونأتي هذا النّبيّ فنحدث به عهدًا، قال: فانطلقوا فقدموا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فشهدوا معه أحدًا، وحنينًا، وخيبر، قال: ولم يصب أحدٌ منهم، فقالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ائذن لنا فلنأت أرضنا، فإنّ لنا أموالا فنجيء بها فننفقها على المهاجرين فإنّا نرى بهم جهدًا قال: فأذن لهم فانطلقوا، فجاؤا بأموالهم فأنفقوها على المهاجرين فأنزل اللّه فيهم الآية أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2989-2992]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن المنذر عن علي بن رفاعة رضي الله عنه قال: كان أبي من الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب وكانوا عشرة فلما جاؤا جعل الناس يستهزئون بهم ويضحكون منهم فانزل الله {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} ). [الدر المنثور: 11/480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنيس رضي الله عنه في قوله {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} قال: هؤلاء قوم كانوا في زمان الفترة متمسكين بالاسلام مقيمين عليه صابرين على ما اوذوا حتى أدرك رجال منهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/489]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: لما أتى جعفر وأصحابه النجاشي أنزلهم واحسن اليهم فلما ارادوا ان يرجعوا قال من آمن من أهل مملكته: ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر ونأتي هذا النّبيّ فنحدث به عهدا فانطلقوا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا وخيبر ولم يصب أحد منهم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائذن لنا فلنأت أرضنا فان لنا أموالا فنجيء بها فنفقها على المهاجرين فإنا نرى بهم جهدا فأذن لهم فانطلقوا فجاؤا بأموالهم فأنفقوها على المهاجرين فانزلت فيهم الآية {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون} ). [الدر المنثور: 11/489]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ابن أبي شيبه، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال: ان قوما من المشركين أسلموا فكانوا يؤذونهم فنزلت هذه الآية فيهم {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} ). [الدر المنثور: 11/489]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين}.
يقول تعالى ذكره: وإذا سمع هؤلاء القوم الّذين آتيناهم الكتاب {اللّغو}، وهو الباطل من القول.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلامٌ عليكم، لا نبتغي الجاهلين} لا يحاورون أهل الجهل والباطل في باطلهم، أتاهم من أمر اللّه ما وقذهم عن ذلك.
وقال آخرون: عني باللّغو في هذا الموضع ما كان أهل الكتاب ألحقوه في كتاب اللّه، ممّا ليس هو منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا سمعوا اللّغو، أعرضوا عنه وقالوا} إلى آخر الآية. قال: هذه لأهل الكتاب إذا سمعوا اللّغو الّذي كتب القوم بأيديهم مع كتاب اللّه، وقالوا: هو من عند اللّه، إذا سمعه الّذين أسلموا، ومرّوا به يتلونه، أعرضوا عنه، وكأنّهم لم يسمعوا ذلك قبل أن يؤمنوا بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّهم كانوا مسلمين على دين عيسى، ألا ترى أنّهم يقولون: {إنّا كنّا من قبله مسلمين}.
وقال آخرون في ذلك بما:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه، وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلامٌ عليكم} قال: نزلت في قومٍ كانوا مشركين فأسلموا، فكان قومهم يؤذونهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قوله {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} قال: كان ناسٌ من أهل الكتاب أسلموا، فكان المشركون يؤذونهم، فكانوا يصفحون عنهم، يقولون: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين}.
وقوله: {أعرضوا عنه} يقول: لم يصغوا إليه ولم يستمعوه {وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} وهذا يدلّ على أنّ اللّغو الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع، إنّما هو ما قاله مجاهدٌ، من أنّه سماع القوم ممّن يؤذيهم بالقول ما يكرهون منه في أنفسهم، وأنّهم أجابوهم بالجميل من القول {لنا أعمالنا} قد رضينا بها لأنفسنا، {ولكم أعمالكم} قد رضيتم بها لأنفسكم.
وقوله: {سلامٌ عليكم} يقول: أمنةٌ لكم منّا أن نسابّكم، أو تسمعوا منّا ما لا تحبّون {لا نبتغي الجاهلين} يقول: لا نريد محاورة أهل الجهل ومسابّتهم). [جامع البيان: 18/280-282]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين (55)
قوله تعالى: وإذا سمعوا اللّغو
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ إسرائيل، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ في قوله: وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا، عنه إلى قوله: سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين قال: أناسٌ من اليهود أسلموا، وكان أناسٌ من اليهود إذا مرّوا عليهم سبّوهم فأنزل اللّه تبارك وتعالى فيهم هذه الآيات.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا، عنه إلى آخر الآية، قال: هؤلاء أهل الكتاب إذا سمعوا اللّغو الّذي كتبت القوم بأيديهم مع كتاب اللّه فقالوا: هو من، عند اللّه، إذا سمعوا الّذين أسلموا ومرّوا به وهم يتلونه أعرضوا، عنه، وكانوا يصنعون ذلك قبل أن يؤمنوا بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّهم كانوا مسلمين على دين عيسى، ألا ترى أنّهم يقولون: إنّا كنّا من قبله مسلمين وكانوا متمسّكين به فلمّا جاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- أسلموا وكان لهم أجرهم مرّتين بما صبروا أوّل مرّةٍ ودخلوا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الإسلام.
قوله تعالى: اللّغو
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا، عنه قال: الشرك. وروي، عن مكحولٍ مثل ذلك.
قوله تعالى: أعرضوا عنه
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه لا يجارون أهل الجهل وأهل الباطل في باطلهم، أتاهم من اللّه ما وقذهم، عن ذلك.
قوله تعالى: وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة أنبأ جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ في قوله: وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا، عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم قال: كان ناسٌ من أهل الكتاب أسلموا، فكان المشركون يؤذونهم، فكانوا يصفحون، عنهم يقولون: سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين.
قوله تعالى: سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين في مسلمة أهل الكتاب.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر ابن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: نزلت في عبد اللّه بن سلامٍ لمّا أسلم أحبّ أن يخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعظمته في اليهود فقال: يا رسول اللّه، ابعث إلى قومي فاسألهم عنّي فدعاهم فقال: أخبروني عن عبد الله بن سلام، قالوا: ذاك سيّدنا وأعلمنا قال: أرأيتم إن آمن بي وصدّقني أتؤمنون بي وتصدّقوني؟ قالوا: لا يفعل ذلك هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتّبعك قال: اخرج يا عبد اللّه بن سلامٍ، فخرج فقال: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنّك رسول اللّه، فبايعه فوقعوا فيه فجعلوا يشتمونه وهو يقول: سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2992-2993]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} قال: أناس من أهل الكتاب أسلموا فكان أناس من اليهود اذا مروا عليهم سبوهم فأنزل الله هذه الآية فيهم). [الدر المنثور: 11/489]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} قال: لا يجاورون أهل الجهل والباطل في باطلهم أتاهم من الله ما وقذهم عن ذلك). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن مردويه والبيهقي عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بالكتاب الاول والكتاب الآخر، ورجل كانت له أمة فادبها وأحسن تاديبها ثم أعتقها وتزوجها، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين). [الدر المنثور: 11/490]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [القصص: 56]
- حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيبٌ، عن الزّهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب، عن أبيه، قال: لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة، جاءه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فوجد عنده أبا جهلٍ، وعبد اللّه بن أبي أميّة بن المغيرة، فقال: " أي عمّ قل: لا إله إلّا اللّه كلمةً أحاجّ لك بها عند اللّه " فقال أبو جهلٍ، وعبد اللّه بن أبي أميّة: أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فلم يزل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يعرضها عليه، ويعيدانه بتلك المقالة، حتّى قال أبو طالبٍ آخر ما كلّمهم: على ملّة عبد المطّلب، وأبى أن يقول: لا إله إلّا اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «واللّه لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك» فأنزل اللّه: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113] وأنزل اللّه في أبي طالبٍ، فقال لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [القصص: 56] ). [صحيح البخاري: 6/112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء)
لم تختلف النّقلة في أنّها نزلت في أبي طالبٍ واختلفوا في المراد بمتعلّق أحببت فقيل المراد أحببت هدايته وقيل أحببته هو لقرابته منك
- قوله عن أبيه هو المسيّب بن حزنٍ بفتح المهملة وسكون الزّاي بعدها نونٌ وقد تقدّم بعض شرح الحديث في الجنائز قوله لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة قال الكرمانيّ المراد حضرت علامات الوفاة وإلّا فلو كان انتهى إلى المعاينة لم ينفعه الإيمان لو آمن ويدلّ على الأوّل ما وقع من المراجعة بينه وبينهم انتهى ويحتمل أن يكون انتهى إلى تلك الحالة لكن رجا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه إذا أقرّ بالتّوحيد ولو في تلك الحالة أنّ ذلك ينفعه بخصوصه وتسوغ شفاعته صلّى اللّه عليه وسلّم لمكانه منه ولهذا قال أجادل لك بها وأشفع لك وسيأتي بيانه ويؤيّد الخصوصيّة أنّه بعد أن امتنع من الإقرار بالتّوحيد وقال هو على ملّة عبد المطّلب ومات على ذلك أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يترك الشّفاعة له بل شفع له حتّى خفّف عنه العذاب بالنّسبة لغيره وكان ذلك من الخصائص في حقّه وقد تقدّمت الرّواية بذلك في السّيرة النّبويّة قوله جاءه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فوجد عنده أبا جهلٍ وعبد اللّه بن أبي أميّة يحتمل أن يكون المسيّب حضر هذه القصّة فإنّ المذكورين من بني مخزومٍ وهو من بني مخزومٍ أيضًا وكان الثّلاثة يومئذٍ كفّارًا فمات أبو جهلٍ على كفره وأسلم الآخران وأمّا قول بعض الشّرّاح هذا الحديث من مراسيل الصّحابة فمردودٌ لأنّه استدلّ بأنّ المسيّب على قول مصعبٍ من مسلمة الفتح وعلى قول العسكريّ ممّن بايع تحت الشّجرة قال فأيًّا ما كان فلم يشهد وفاة أبي طالبٍ لأنّه توفّي هو وخديجة في أيّامٍ متقاربةٍ في عامٍ واحدٍ والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يومئذٍ نحو الخمسين انتهى ووجه الرّدّ أنّه لا يلزم من كون المسيّب تأخّر إسلامه أن لا يشهد وفاة أبي طالبٍ كما شهدها عبد اللّه بن أبي أميّة وهو يومئذٍ كافرٌ ثمّ أسلم بعد ذلك وعجبٌ من هذا القائل كيف يعزو كون المسيّب كان ممّن بايع تحت الشّجرة إلى العسكريّ ويغفل عن كون ذلك ثابتًا في هذا الصّحيح الّذي شرحه كما مرّ في المغازي واضحًا قوله أي عمّ أمّا أي فهو بالتّخفيف حرف نداءٍ وأمّا عمّ فهو منادى مضافٌ ويجوز فيه إثبات الياء وحذفها قوله كلمةً بالنّصب على البدل من لا إله إلّا اللّه أو الاختصاص ويجوز الرّفع على أنّه خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ قوله أحاجّ بتشديد الجيم من المحاجّة وهي مفاعلةٌ من الحجّة والجيم مفتوحةٌ على الجزم جواب الأمر والتّقدير إن تقل أحاجّ ويجوز الرّفع على أنّه خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ ووقع في رواية معمرٍ عن الزّهريّ بهذا الإسناد في الجنائز أشهد بدل أحاجّ وفي رواية مجاهدٍ عند الطّبريّ أجادل عنك بها زاد الطّبريّ من طريق سفيان بن حسينٍ عن الزّهريّ قال أي عمّ إنّك أعظم النّاس عليّ حقًّا وأحسنهم عندي يدًا فقل كلمةً تجب لي بها الشّفاعة فيك يوم القيامة قوله فلم يزل يعرضها بفتح أوّله وكسر الرّاء وفي رواية الشّعبيّ عند الطّبريّ فقال له ذلك مرارًا قوله ويعيد أنه بتلك المقالة أي ويعيدانه إلى الكفر بتلك المقالة كأنّه قال كان قارب أن يقولها فيردّانه ووقع في رواية معمرٍ فيعودان له بتلك المقالة وهي أوضح ووقع عند مسلمٍ فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعرضها عليه ويقول له تلك المقالة قال القرطبيّ في المفهم كذا في الأصول وعند أكثر الشّيوخ والمعنى أنّه عرض عليه الشّهادة وكرّرها عليه ووقع في بعض النّسخ ويعيدان له بتلك المقالة والمراد قول أبي جهلٍ ورفيقه له ترغب عن ملّة عبد المطّلب قوله آخر ما كلّمهم على ملّة عبد المطّلب خبر مبتدأٍ محذوفٍ أي هو على ملّة وفي رواية معمرٍ هو على ملّة عبد المطّلب وأراد بذلك نفسه ويحتمل أن يكون قال أنا فغيّرها الرّاوي أنفةً أن يحكي كلام أبي طالبٍ استقباحًا للّفظ المذكور وهي من التّصرّفات الحسنة ووقع في رواية مجاهد قال يا بن أخي ملّة الأشياخ ووقع في حديث أبي حازمٍ عن أبي هريرة عند مسلمٍ والتّرمذيّ والطّبريّ قال لولا أن تعيّرني قريشٌ يقولون ما حمله عليه إلّا جزع الموت لأقررت بها عينك وفي رواية الشّعبيّ عند الطّبرانيّ قال لولا أن يكون عليك عارٌ لم أبال أن أفعل وضبط جزع بالجيم والزّاي ولبعض رواة مسلمٍ بالخاء المعجمة والرّاء قوله وأبى أن يقول لا إله إلّا اللّه هو تأكيدٌ من الرّاوي في نفي وقوع ذلك من أبي طالبٍ وكأنّه استند في ذلك إلى عدم سماعه ذلك منه في تلك الحال وهذا القدر هو الّذي يمكن إطلاعه عليه ويحتمل أن يكون أطلعه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك قوله واللّه لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك قال الزّين بن المنير ليس المراد طلب المغفرة العامّة والمسامحة بذنب الشّرك وإنّما المراد تخفيف العذاب عنه كما جاء مبيّنًا في حديثٍ آخر قلت وهي غفلةٌ شديدةٌ منه فإنّ الشّفاعة لأبي طالبٍ في تخفيف العذاب لم ترد وطلبها لم ينه عنه وإنّما وقع النّهي عن طلب المغفرة العامّة وإنّما ساغ ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اقتداءً بإبراهيم في ذلك ثمّ ورد نسخ ذلك كما سيأتي بيانه واضحًا قوله فأنزل اللّه ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين أي ما ينبغي لهم ذلك وهو خبرٌ بمعنى النّهي هكذا وقع في هذه الرّواية وروى الطّبريّ من طريق شبلٍ عن عمرو بن دينارٍ قال قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشركٌ فلا أزال أستغفر لأبي طالبٍ حتّى ينهاني عنه ربّي فقال أصحابه لنستغفرنّ لآبائنا كما استغفر نبيّنا لعمّه فنزلت وهذا فيه إشكالٌ لأنّ وفاة أبي طالبٍ كانت بمكّة قبل الهجرة اتّفاقًا وقد ثبت أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أتى قبر أمّه لمّا اعتمر فاستأذن ربّه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية والأصل عدم تكرّر النّزول وقد أخرج الحاكم وبن أبي حاتمٍ من طريق أيّوب بن هانئٍ عن مسروق عن بن مسعودٍ قال خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا إلى المقابر فاتّبعناه فجاء حتّى جلس إلى قبرٍ منها فناجاه طويلًا ثمّ بكى فبكينا لبكائه فقال إنّ القبر الّذي جلست عنده قبر أمّي واستأذنت ربّي في الدّعاء لها فلم يأذن لي فأنزل عليّ ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين وأخرج أحمد من حديث بن بريدة عن أبيه نحوه وفيه نزل بنا ونحن معه قريبٌ من ألف راكبٍ ولم يذكر نزول الآية وفي رواية الطّبريّ من هذا الوجه لمّا قدم مكّة أتى رسم قبرٍ ومن طريق فضيل بن مرزوقٍ عن عطيّة لمّا قدم مكّة وقف على قبر أمّه حتّى سخنت عليه الشّمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت وللطّبرانيّ من طريق عبد اللّه بن كيسان عن عكرمة عن بن عبّاس نحو حديث بن مسعودٍ وفيه لمّا هبط من ثنيّة عسفان وفيه نزول الآية في ذلك فهذه طرقٌ يعضّد بعضها بعضًا وفيها دلالةٌ على تأخير نزول الآية عن وفاة أبي طالبٍ ويؤيّده أيضًا أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال يوم أحدٍ بعد أن شجّ وجهه ربّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون لكن يحتمل في هذا أن يكون الاستغفار خاصًّا بالأحياء وليس البحث فيه ويحتمل أن يكون نزول الآية تأخّر وإن كان سببها تقدّم ويكون لنزولها سببان متقدّمٌ وهو أمر أبي طالبٍ ومتأخّرٌ وهو أمر آمنة ويؤيّد تأخير النّزول ما تقدّم في تفسير براءةٌ من استغفاره صلّى اللّه عليه وسلّم للمنافقين حتّى نزل النّهي عن ذلك فإنّ ذلك يقتضي تأخير النّزول وإن تقدّم السّبب ويشير إلى ذلك أيضًا قوله في حديث الباب وأنزل اللّه في أبي طالبٍ إنّك لا تهدي من أحببت لأنّه يشعر بأنّ الآية الأولى نزلت في أبي طالبٍ وفي غيره والثّانية نزلت فيه وحده ويؤيّد تعدّد السّبب ما أخرج أحمد من طريق أبي إسحاق عن أبي الخليل عن عليٍّ قال سمعت رجلًا يستغفر لوالديه وهما مشركان فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأنزل اللّه ما كان للنّبيّ الآية وروى الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال وقال المؤمنون ألا نستغفر لأبائنا كما استغفر إبراهيم لأبيه فنزلت ومن طريق قتادة قال ذكرنا له أنّ رجالًا فذكر نحوه وفي الحديث أنّ من لم يعمل خيرًا قطّ إذا ختم عمره بشهادة أن لا إله إلّا اللّه حكم بإسلامه وأجريت عليه أحكام المسلمين فإن قارن نطق لسانه عقد قلبه نفعه ذلك عند اللّه تعالى بشرط أن لا يكون وصل إلى حدّ انقطاع الأمل من الحياة وعجز عن فهم الخطاب وردّ الجواب وهو وقت المعاينة وإليه الإشارة بقوله تعالى وليست التّوبة للّذين يعملون السّيّئات حتّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/506-508]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولاكنّ الله يهدي من يشاء} (القصص: 56)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {إنّك لا تهدى} ... الآية. قوله: (لا تهدي) ، خطاب للنّبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (من أحببت) ، هدايته، وقيل: لقرابته.
- حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيبٌ عن الزّهريّ قال أخبرني سعيد بن المسيّب عن أبيه قال لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهلٍ وعبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة فقال أي عمّ قل لا إله إلاّ الله كلمةً أحاجّ لك بها عند الله فقال أبو جهلٍ وعبد الله بن أبي أميّة أترغب عن ملّة عبد المطّلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتّى قال أبو طالبٍ آخر ما كلّمهم على ملّة عبد المطّلب وأبي أن يقول لا إل ه إلاّ الله قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك فأنزل الله: {ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} (التّوبة: 113) وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنّك لا تهدي من أحببت ولاكنّ الله يهدي من يشاء} (القصص: 56) ..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأبو اليمان الحكم بن نافع، وشعيب بن أبي حمزة. والحديث مر في كتاب الجنائز في: باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إل هـ إلاّ الله. قال الكرماني: قيل: هذا الإسناد ليس على شرط البخاريّ إذ لم يرو عن المسيب إلاّ ابنه، وقال صاحب (التّلويح) : وتبعه صاحب (التّوضيح) : هذا الحديث من مراسيل الصّحابة لأن المسيب من مسلمة الفتح على قول مصعب، وعلى قول العسكري ممّن بايع تحت الشّجرة، فأياماً كان فلم يشهد وفاة أبي طالب لأنّه توفّي هو وخديجة، رضي الله عنها. في أيّام متقاربة في عام واحد للنّبي صلى الله عليه وسلم، نحو الخمسين، ورد عليهما بعضهم بأنّه لا يلزم من كون المسيب متأخّرًا إسلامه أن لا يشهد وفاة أبي طالب كما شهدها عبد الله بن أبي أميّة وهو يومئذٍ كافر ثمّ أسلم بعد ذلك. انتهى. قلت: حضور عبد الله بن أبي أميّة وفاة أبي طالب وهو كافر ثبت في: (الصّحيح) ولم يثبت حضور المسيب وفاة أبي طالب وهو كافر لا في: (الصّحيح) ولا في غيره، وبالاحتمال لا يرد على كلام بغير احتمال، فافهم). [عمدة القاري: 19/104-105]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء}
(قوله: {إنك}) أي يا محمد ولأبي ذر عن الهروي باب قوله: إنك ({لا تهدي من أحببت}) [القصص: 56] هدايته أو أحببته لقرابته وقد أجمع المفسرون كما قاله الزجاج أنها نزلت في أبي طالب ({ولكن الله يهدي من يشاء}) ولا تنافي بين هذه وبين قوله في الآية الأخرى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} لأن الذي أثبته وأضافه إليه الدعوة والذي نفى عنه هداية التوفيق وشرح الصدر وهو نور يقذف في القلب فيحيا به.
- حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيبٌ عن الزّهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب عن أبيه قال: لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة جاءه رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فوجد عنده أبا جهلٍ، وعبد اللّه بن أبي أميّة بن المغيرة فقال: «أي عمّ، قل لا إله إلاّ اللّه كلمةً أحاجّ لك بها عند اللّه». فقال أبو جهلٍ وعبد اللّه بن أبي أميّة أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فلم يزل رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتّى قال أبو طالبٍ آخر ما كلّمهم: على ملّة عبد المطّلب، وأبى أن يقول لا إله إلاّ اللّه. قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «واللّه لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك». فأنزل اللّه: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} وأنزل اللّه في أبي طالبٍ فقال لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} قال ابن عبّاسٍ: {أولي القوّة}: لا يرفعها العصبة من الرّجال {لتنوء}: لتثقل. {فارغًا}: إلاّ من ذكر موسى.
{الفرحين}: المرحين. {قصّيه}: اتّبعي أثره، وقد يكون أن يقصّ الكلام. {نحن نقصّ عليك} عن جنبٍ: عن بعدٍ، عن جنابةٍ واحدٌ، وعن اجتنابٍ أيضًا. يبطش ويبطش، {يأتمرون}: يتشاورون. العدوان والعداء والتّعدّي واحدٌ. {آنس}: أبصر. {الجذوة}: قطعةٌ غليظةٌ من الخشب ليس فيها لهبٌ، والشّهاب فيه لهبٌ. والحيّات أجناسٌ: الجانّ والأفاعي والأساود. {ردءًا}: معينًا. قال ابن عبّاسٍ: يصدّقني. وقال غيره {سنشدّ}: سنعينك، كلّما عزّزت شيئًا فقد جعلت له عضدًا. {مقبوحين}: مهلكين. {وصّلنا}: بيّنّاه وأتممناه. {يجبى}: يجلب. {بطرت}: أشرت. {في أمّها رسولًا}: أمّ القرى مكّة وما حولها. {تكنّ}: تخفي أكننت الشّيء أخفيته، وكننته أخفيته وأظهرته. {ويكأنّ اللّه}: مثل. {ألم تر أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر}: يوسّع عليه، ويضيّق عليه.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب عن أبيه) المسيب بن حزن له ولأبي صحبة عاش إلى خلافة عثمان أنه (قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة) أي علامتها بعد المعاينة وعدم الانتفاع بالإيمان لو آمن (جاء رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فوجد عنده أبا جهل) هو ابن هشام (وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة) أخا أم سلمة أسلم عام الفتح كالمسيب فلم يشهد وفاة أبي طالب، فالحديث مرسل صحابي كذا قرره الكرماني، وردّه الحافظ ابن حجر بأنه لا يلزم من تأخر إسلامه عدم حضوره وفاة أبي طالب كما شهدها عبد الله بن أبي أمية وهو كافر ثم أسلم، وتعقبه العيني بأن حضور عبد الله بن أبي أمية ثبت في الصحيح ولم يثبت حضور المسيب لا في الصحيح ولا في غيره وبالاحتمال لا يرد على كلام بغير احتمال.
وأجاب في انتقاض الاعتراض فقال: هذا كلام عجيب إنما يتوجه الرد على من قال جازمًا إن المسيب لم يحضرها ولم يذكر مستندًا إلا أنه كان كافرًا لا يمتنع أن يشهد وفاة كافر فتوجه الرد على الجزم، ويؤيده أن عنعنة الصحابي محمولة على السماع إلا إذا أدرك قصة ما أدركها كحديث عائشة عن قصة المبعث النبوي فتلك الرواية تسمى مرسل صحابي، وأما لو أخبر عن قصة أدركها ولم يصرح فيها بالسماع ولا المشاهدة فإنها محمولة على السماع وهذا شأن حديث المسيب فهذا الذي يمشي على الاصطلاح الحديثي وأما الدفع بالصدر فلا يعجز عنه أحد لكنه لا يجدي شيئًا انتهى.
(فقال): -صلّى اللّه عليه وسلّم- لأبي طالب (أي عم قل لا إله إلا الله كلمة) بالنصب على البدل ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف (أحاجّ لك بها عند الله) بضم الهمزة وفتح الحاء المهملة وبعد الألف جيم مشدّدة مضمومة في الفرع خبر مبتدأ محذوف، وفي بعض النسخ فتح الجيم على الجزم جواب الأمر، والتقدير أن تقل أحاج وهو من المحاججة مفاعلة من الحجة. وعند الطبري من طريق سفيان بن حسين عن الزهري قال: أي عم إنك أعظم الناس عليّ حقًّا وأحسنهم عندي يدًا فقل كلمة تجب لي بها الشفاعة فيك يوم القيامة.
(فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية): لأبي طالب (أترغب عن ملة عبد المطلب؟) يقال رغب عن الشيء إذا لم يرده ورغب فيه إذا أراده (فلم يزل رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- يعرضها) أي كلمة الإخلاص (عليه) على أبي طالب (ويعيدانه) بضم أوله والضمير المنصوب لأبي طالب (بتلك المقالة) وهي قولهما: أتركب وكأنه كان قد قارب أن يقولها فيردانه. وقال البرماوي كالزركشي: صوابه ويعيدان له تلك المقالة، وتعقبه في المصابيح فقال: ضاق عطنه يعني الزركشي عن توجيه اللفظ على الصحة فجزم بخطئه، ويمكن أن يكون ضمير النصب من قوله: ويعيدانه ليس عائدًا على أبي طالب وإنما هو عائد على الكلام بتلك المقالة، ويكون بتلك المقالة ظرفًا مستقرًّا منصوب المحل على الحال من ضمير النصب العائد على الكلام والباء للمصاحبة أي يعيدان الكلام في حالة كونه متلبسًا بتلك المقالة وإن بنينا على جواز إعمال ضمير المصدر كما ذهب إليه بعضهم في مثل مروري بزبد حسن وهو بعمرو قبيح فالأمر واضح، وذلك بأن يجعل ضمير الغيبة عائدًا على التكلم المفهوم من السياق والباء متعلقة بنفس الضمير العائد عليه أي ويعيدان التكلم بتلك المقالة.
(حتى قال أبو طالب آخر) نصب على الظرفية (ما كلمهم على ملّة عبد المطلب) وفي الجنائز: هو على ملة عبد المطلب وأراد نفسه أو قال: أنا على ملة عبد المطلب فغيرها الراوي أنفة أن يحكى كلامه استقباحًا للتلفظ به. (وأبى) امتنع (أن يقول لا إله إلا الله) قال في الفتح: هو تأكيد من الراوي في نفي وقوع ذلك من أبي طالب.
(قال) المسيب: (فقال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: والله لأستغفرن لك) كما استغفر الخليل لأبيه (ما لم أنه عنك) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (فأنزل الله) تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا} أي ما ينبغي لهم {أن يستغفروا للمشركين} زاد في نسخة (ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113] الآية خبر بمعنى النهي.
واستشكل هذا بأن وفاة أبي طالب وقعت قبل الهجرة بمكة بغير خلاف، وقد ثبت أن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية. رواه الحاكم وابن أبي حاتم عن ابن مسعود والطبراني عن ابن عباس، وفي ذلك دلالة على تأخر نزول الآية عن وفاة أبي طالب، والأصل عدم تكرار النزول. وأجيب: باحتمال تأخر نزول الآية وإن كان سببها تقدّم ويكون لنزولها سببان متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة، ويؤيد تأخر النزول ما في سورة براءة من استغفاره عليه الصلاة والسلام للمنافقين حتى نزل النهي عنه قاله في الفتح قال: ويرشد إلى ذلك قوله: (وأنزل الله) تعالى: {في أبي طالب فقال لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}) [القصص: 56] ففيه إشعار بأن الآية الأولى نزلت في أبي طالب وغيره والثانية نزلت فيه وحده.
وقد مرّ الحديث في كتاب الجنائز). [إرشاد الساري: 7/281-283]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}
قوله: (مثل ألم تر أن الله)أي: في كونه للاستفهام التقريري). [حاشية السندي على البخاري: 3/63]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن يزيد بن كيسان قال: حدّثني أبو حازمٍ الأشجعيّ، هو كوفيٌّ اسمه: سلمان مولى عزّة الأشجعيّة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم لعمّه: قل لا إله إلاّ اللّه أشهد لك بها يوم القيامة فقال: لولا أن تعيّرني بها قريشٌ أنّ ما يحمله عليه الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء}.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلاّ من حديث يزيد بن كيسان). [سنن الترمذي: 5/194]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّك لا تهدي من أحببت}
- أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا محمّد يعني ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبيه، قال: لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة دخل عليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعنده أبو جهلٍ وعبد الله بن أبي أميّة، فقال: " أي عمّ، قل: لا إله إلّا الله، كلمةً أحاجّ لك بها عند الله "، فقال له أبو جهلٍ وعبد الله بن أبي أميّة: يا أبا طالبٍ، أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟، فلم يزالا يكلّمانه، حتّى قال آخر شيءٍ كلّمهم: على ملّة عبد المطّلب، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك»، فنزلت {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113]، ونزلت {إنّك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56]
- أخبرنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عمرو بن دينارٍ، عن أبي سعيد بن رافعٍ، أنّه قال لابن عمر: " أفي أبي طالبٍ نزلت {إنّك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56] ؟، قال: نعم "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/210]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {إنّك} يا محمّد {لا تهدي من أحببت} هدايته، {ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان به وبرسوله. ولو قيل: معناه: إنّك لا تهدي من أحببته، لقرابته منك، ولكنّ اللّه يهدي من يشاء، كان مذهبًا {وهو أعلم بالمهتدين} يقول جلّ ثناؤه: واللّه أعلم من سبق له في علمه أنّه يهتدي للرّشاد، ذلك الّذي يهديه اللّه فيسدّده ويوفّقه.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أجل امتناع أبي طالبٍ عمّه من إجابته، إذ دعاه إلى الإيمان باللّه، إلى ما دعاه إليه من ذلك.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، والحسين بن عليٍّ الصّدائيّ، قالا: حدّثنا الوليد بن القاسم، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعمّه عند الموت: قل لا إله إلاّ اللّه أشهد لك بها يوم القيامة قال: لولا أن تعيّرني قريشٌ لأقررت عينك، فأنزل اللّه: {إنّك لا تهدي من أحببت} الآية.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن يزيد بن كيسان، قال: حدّثني أبو حازمٍ الأشجعيّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعمّه: قل لا إله إلاّ اللّه ثمّ ذكر مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن يزيد بن كيسان، سمع أبا حازمٍ الأشجعيّ، يذكر عن أبي هريرة قال: لمّا حضرت وفاة أبي طالبٍ، أتاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا عمّاه، قل لا إله إلاّ اللّه فذكر مثله، إلاّ أنّه قال: لولا أن تعيّرني قريشٌ، يقولون: ما حمله عليه إلاّ جزع الموت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر نحو حديث أبي كريبٍ الصّدائيّ.
- حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن وهبٍ، قال: حدّثني عمّي عبد اللّه بن وهبٍ، قال: حدّثني يونس، عن الزّهريّ، قال: حدّثني سعيد بن المسيّب، عن أبيه، قال: لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة، جاءه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فوجد عنده أبا جهل بن هشامٍ، وعبد اللّه بن أبي أميّة بن المغيرة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا عمّ قل لا إله إلاّ اللّه كلمةً أشهد لك بها عند اللّه، فقال أبو جهلٍ وعبد اللّه بن أبي أميّة: يا أبا طالبٍ: أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعرضها عليه، ويعيد له تلك المقالة، حتّى قال أبو طالبٍ آخر ما كلّمهم: هو على ملّة عبد المطّلب، وأبى أن يقول: لا إله إلاّ اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أما واللّه لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك، فأنزل اللّه {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} وأنزل اللّه في أبي طالبٍ، فقال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي}الآية.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبيه، بنحوه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن أبي سعيد بن رافعٍ، قال: قلت لابن عمر: {إنّك لا تهدي من أحببت} نزلت في أبي طالبٍ؟ قال: نعم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إنّك لا تهدي من أحببت} قال: قول محمّدٍ لأبي طالبٍ: قل كلمة الإخلاص أجادل عنك بها يوم القيامة. قال محمّد بن عمرٍو في حديثه: قال: يا ابن أخي، ملّة الأشياخ، أو سنّة الأشياخ. وقال الحارث في حديثه: قال يا ابن أخي، ملّة الأشياخ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {إنّك لا تهدي من أحببت} قال: قال محمّدٌ لأبي طالبٍ: اشهد بكلمة الإخلاص أجادل عنك بها يوم القيامة، قال: أي ابن أخي، ملّة الأشياخ، فأنزل اللّه {إنّك لا تهدي من أحببت} قال: نزلت هذه الآية في أبي طالبٍ
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {إنّك لا تهدي من أحببت} ذكر لنا أنّها نزلت في أبي طالبٍ، قال الأصه عند موته يقول لا إله إلاّ اللّه لكيما تحلّ له بها الشّفاعة، فأبى عليه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن عامرٍ: لمّا حضر أبا طالبٍ الموت، قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا عمّاه قل لا إله إلاّ اللّه أشهد لك بها يوم القيامة، فقال له: يا ابن أخي، إنّه لولا أن يكون عليك عارٌ لم أبال أن أفعل؛ فقال له ذلك مرارًا. فلمّا مات اشتدّ ذلك على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقالوا: ما تنفع قرابة أبي طالبٍ منك، فقال: بلى والّذي نفسي بيده، إنّه السّاعة لفي ضحضاحٍ من النّار عليه نعلان من نارٍ تغلي منهما أمّ رأسه، وما من أهل النّار من إنسانٍ هو أهون عذابًا منه، وهو الّذي أنزل اللّه فيه {إنّك لا تهدي من أحببت، ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}.
وقوله: {وهو أعلم بالمهتدين} يقول: وهو أعلم بمن قضى له الهدى.
- كالّذي حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {وهو أعلم بالمهتدين} قال بمن قدّر له الهدى والضّلالة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 18/282-286]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين (56)
قوله تعالى: إنّك لا تهدي من أحببت
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا محمّد بن عبيدٍ، ثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعمّه: قل: لا إله إلا اللّه أشهد لك بها، عند اللّه يوم القيامة، فقال: لولا أن تعيروني قريشٌ لأقررت عينك بها فأنزل اللّه: إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء الآية.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إنّك لا تهدي من أحببت قول محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي طالبٍ: قل: كلمة الإخلاص أجادل بها، عنك يوم القيامة، قال: ابن أخي! ملّة الأشياخ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد بن زيرعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة إنّك لا تهدي من أحببت قال: ذكر لنا أنّها أنزلت في أبي طالبٍ، عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال، عند موته: أن يقول لا إله إلا اللّه كيما تحلّ له الشّفاعة، فأبى عليه.
- حدّثنا أبي ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ بن سلمة، ثنا عبد اللّه بن عثمان بن خيثمٍ، عن سعيد بن راشدٍ قال: كان رسول قيصر جارًا لي، قال: كتب معي قيصر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كتابًا، فأتيته فدفعت الكتاب إليه فوضعه في حجره، ثمّ قال ممّن الرّجل؟ قلت: من تنوخ، فقال: هل لك في دين أبيك إبراهيم الحنفيّة؟ قلت: إنّي رسول قومٍ وعلى دينهم حتّى أرجع إليهم، فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونظر إلى أصحابه فقال: إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء.
قوله تعالى: ولكنّ اللّه يهدي من يشاء
- ذكر، عن عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا خلفٌ، ثنا عصام بن طليقٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة إنّك لا تهدي من أحببت يعني: أبا طالبٍ ولكنّ اللّه يهدي من يشاء يعني: العبّاس.
قوله تعالى: وهو أعلم بالمهتدين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وهو أعلم بالمهتدين بمن قدّر له الهدى والضّلالة). [تفسير القرآن العظيم: 9/2994-2995]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب قل كلمة الإخلاص أجادل بها عنك يوم القيامة قال يا ابن أخ ملة الأشياخ فأنزل الله عز وجل إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين يعني لمن قدر له الهدى والضلالة). [تفسير مجاهد: 488]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: {إنّك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56] نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يراود عمّه أبا طالبٍ على الإسلام. أخرجه مسلم، والترمذي.
[شرح الغريب]
(يراود) المراودة: المراجعة في طلب الحاجة والغرض). [جامع الأصول: 2/296]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين.
أخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليها إلا جزعة من الموت لأقررت بها عينك فأنزل الله عليك {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} ). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي عن ابن المسيب نحوه وتقدم في سورة براءة). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنك لا تهدي من أحببت} قال: نزلت هذه الآية في أبي طالب). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد وأبو داود في القدر والنسائي، وابن المنذر، وابن مردويه عن أبي سعيد بن رافع قال: قلت لابن عمر {إنك لا تهدي من أحببت} أفي أبي طالب نزلت قال: نعم). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد بن رافع قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما {إنك لا تهدي من أحببت} أفي أبي جهل وأبي طالب قال: نعم). [الدر المنثور: 11/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنك لا تهدي من أحببت} قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: قل كلمة الاخلاص أجادل عنك بها يوم القيامة قال: يا ابن أخي ملة الاشياخ {وهو أعلم بالمهتدين} قال: ممن قدر الهدى والضلالة). [الدر المنثور: 11/491]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {إنك لا تهدي من أحببت} قال: ذكر لنا انها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التمس منه عند موته أن يقول لا إله إلا الله كيما تحل له الشفاعة فابى عليه). [الدر المنثور: 11/491]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه انك {لا تهدي من أحببت} يعني أبا طالب {ولكن الله يهدي من يشاء} قال: العباس). [الدر المنثور: 11/491]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجند يسابوري في الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} قال: نزلت في أبي طالب، ألح عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يسلم فأبى، فانزل الله {إنك لا تهدي من أحببت} أي لا تقدر تلزمه الهدى وهو كاره له انما أنت نذير {ولكن الله يهدي من يشاء} للايمان). [الدر المنثور: 11/491-492]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أيضا من طريق عبد القدوس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {إنك لا تهدي من أحببت} قال: نزلت في أبي طالب عند موته والنبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه وهو يقول: يا عم قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة، قال أبو طالب: لا، يعيرني نساء قريش بعدي اني جزعت عند موتي فانزل الله {إنك لا تهدي من أحببت} يعني لا تقدر ان تلزمه الهدى وهو يهوى الشرك ولا تقدر تدخله لفعل وليس بفاعل حتى يكون ذلك منه، فاخبر الله بقدرته وهو كقوله {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} الشعراء الآية 3 فاخبر بقدرته أنه لا يعجزه شيء). [الدر المنثور: 11/492]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج العقيلي، وابن عدي، وابن مردويه والديلمي، وابن عساكر وابن النجار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت داعيا ومبلغا وليس الي من الهدى شيء وخلق ابليس مزينا وليس اليه من الضلالة شيء). [الدر المنثور: 11/492-493]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:10 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد وصّلنا لهم القول} [القصص: 51] أخبرناهم به، بما أهلكنا الأمم السّالفة، قوم نوحٍ، وعادًا وثمود، ومن بعدهم بتكذيبهم رسلهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قال: {لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 51] لكي يتذكّروا فيحذروا لا ينزل بهم ما نزل بهم فيؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولقد وصّلنا لهم القول...}

يقول: أنزلنا عليهم القرآن يتبع بعضه بعضاً.). [معاني القرآن: 2/307]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولقد وصّلنا لهم القول }: أي: أتمناه، قال:
= جعلت عمامتي صلةً لحبلى
وقال الأخطل:
فقل لبني مروان ما بال ذمة= وحبلٍ ضعيفٍ لا يزال يوصّل.).
[مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وصلنا له القول}: أتممناه). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد وصّلنا لهم القول} أي: اتبعنا بعضه بعضا، فأتّصل عندهم, يعني: القرآن). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون }
أي : فصّلناه بأن فصّلنا ذكر الأنبياء وأقاصيصهم، وأقاصيص من مضى، بعضها ببعض.
{لعلّهم يتذكرون}: أي : لعلهم يعتبرون). [معاني القرآن: 4/148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون}
أي: أتبعنا بعضه بعضاً.
قال مجاهد :يعني : لقريش , وقرأ الحسن : صلنا مخففاً.
ومعنى :{إنا كنا من قبله مسلمين }: أنهم وجدوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم من قبل أن يبعث , فآمنوا به , ثم آمنوا به بعد ما بعث.). [معاني القرآن: 5/185-186]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {وَصَّلْنَا}: تممنا.). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله} [القصص: 52] من قبل القرآن.
{هم به} [القصص: 52] بالقرآن.
{يؤمنون} [القصص: 52]، يعني: من آمن من أهل الكتابين، يعني: من كان مستمسكًا بدين موسى وعيسى ثمّ آمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة القرظيّ قال: نزلت هذه الآية في عشرةٍ من اليهود، أنا أحدهم: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} [القصص: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}

جاء في التفسير : أن هؤلاء طائفة من أهل الكتاب كانوا يأخذون به , وينتهون إليه , ويقفون عنده.
كانوا يحكمون بحكم اللّه، بالكتاب الذي أنزل قبل القرآن.
فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم , وتلا عليهم القرآن , قالوا :{آمنا به إنه الحق من ربّنا}.
وذلك أنّ ذكر محمد صلى الله عليه وسلم كان مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فلم يعانده هؤلاء , وآمنوا, وصدقوا، فأثنى اللّه عليهم خيرا وقال: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون}). [معاني القرآن: 4/148]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا يتلى عليهم} [القصص: 53] القرآن.
{قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله} [القصص: 53] من قبل القرآن.
{مسلمين} [القصص: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال الكلبيّ: هم أناسٌ من أهل الكتاب لم يكونوا يهودًا ولا نصارى، وكانوا على دين أنبياء اللّه ورسله , وكرهوا ما عليه اليهود والنّصارى، وأخذوا بأمر اللّه، فكانوا ينتظرون النّبيّ عليه السّلام، فلمّا سمعوا به وهو بمكّة أتوه، فلمّا رأوه عرفوه بنعته وسألوه أن يقرأ عليهم القرآن، فلمّا سمعوه {قالوا آمنّا به} [القصص: 53] بالقرآن {إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين} [القصص: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/600]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّا كنّا من قبله مسلمين...}

يقال: كيف أسلموا قبل القرآن , وقبل محمدٍ صلى الله عليه وسلم؟, وذلك أنهم كانوا يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم , صّدّقوا به, فذلك إسلامهم.
و{من قبله} هذه الهاء للنبي عليه السّلام, ولو كانت الهاء كناية عن القرآن , كان صواباً، لأنهم قد قالوا: إنه الحقّ من ربنّا، فالهاء ها هنا أيضاً تكون للقرآن ولمحمد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/307]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذا يتلى عليهم}:أي: يقرأ عليهم). [مجاز القرآن: 2/108]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا} [القصص: 54] على دينهم.
{ويدرءون بالحسنة السّيّئة} [القصص: 54] يعفون عن السّيّئة ويأخذون بالحسنة.
والسّيّئة هاهنا: الجهل، والعفو: الحلم، وإذا حلم فعفا عن السّيّئة فهو حسنةٌ.
وقال السّدّيّ: يقول: ويدفعون بالقول المعروف، والعفو الأذى والأمر القبيح.
قال: {وممّا رزقناهم ينفقون} [القصص: 54] الزّكاة الواجبة). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ ذكره: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا} [القصص: 54] يقول بأخذهم الكتاب الأوّل، وإيمانهم بالكتاب الآخر.
- حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة أنّ رسول اللّه قال: " ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين: من آمن بالكتاب الأوّل والكتاب الآخر، والعبد إذا أطاع اللّه وأطاع سيّده، والرّجل إذا أعتق أمته ثمّ تزوّجها "). [تفسير القرآن العظيم: 2/600]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ويدرءون بالحسنة السّيّئة}: مجازه: يدفعون السيء بالحسن).
[مجاز القرآن: 2/108]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون}
أي : يؤتون أجرهم بإيمانهم بالكتاب الذي من قبل محمد صلى الله عليه وسلم .
و{يؤتون أجرهم مرّتين}: بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم , والقرآن.
{ويدرءون بالحسنة السّيّئة}: معنى {ويدرءون} : يدفعون - بما يعلمون من الحسنات - ما تقدم لهم من السيّئات.
{وممّا رزقناهم ينفقون}:أي : يتصدقون.). [معاني القرآن: 4/149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال الله جل وعز: {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا}
يجوز أن يكون المعنى : من قبل النبي صلى الله عليه وسلم , وأن يكون من قبل القرآن .
ومعنى قوله تعالى: {ويدرءون بالحسنة السيئة} : أي : يدفعون بعملهم الحسنات السيئات التي عملوها). [معاني القرآن: 5/186]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وإذا سمعوا اللّغو} [القصص: 55] الباطل، الشّرك.
وقال بعضهم: الشّتم والأذى من كفّار قومهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/599]
{أعرضوا عنه} [القصص: 55]، يعني: عن اللّغو فلم يردّوا عليهم.
{وقالوا} للمشركين.
{لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم} [القصص: 55] كلمة حلمٍ عن المشركين وتحيّةً بين المؤمنين.
{لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55] لا نكون من الجاهلين هذا تفسير الحسن.
وقال بعضهم: هم مسلمو أهل الإنجيل). [تفسير القرآن العظيم: 2/600]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال الكلبيّ: {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} [القصص: 55] قال أبو جهلٍ وأصحابٌ له لهؤلاء الرّهط الّذين أسلموا من أهل الكتاب: أفٍّ لكم من قومٍ منظورٍ إليكم تبعتم غلامًا قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/600]
فقالوا لهم: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55] وقال السّدّيّ: وقالوا: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55]، يعني: ردّوا خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال السّدّيّ: وقالوا: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55]، يعني: ردّوا خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه} مجازه هاهنا : الفحش ,والقبيح).
[مجاز القرآن: 2/108]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}: أي : إذا سمعوا ما لا يجوز ,
وينبغي أن يلغى , لم يلتفتوا إليه.
{وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}: ليس يريدون بقولهم ههنا سلام عليكم التحيّة.
المعنى فيه : أعرضوا عنه , وقالوا سلام عليكم، أي : بيننا وبينكم المتاركة والتسلم, وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال ). [معاني القرآن: 4/149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه}
أي : ما لا يجوز , وما ينبغي أن يلغى .
قال مجاهد : هؤلاء قوم من أهل الكتاب أسلموا , فكان المشركون يؤذونهم .
ومعنى :{سلام عليكم }: قد تاركناكم , وليس من التحية في شيء , وهذا كلام متعارف عند العرب). [معاني القرآن: 5/186-187]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} [القصص: 56] نزلت في أبي طالبٍ حيث أراده النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على أن يقول: لا إله إلا اللّه، فأبى.
- وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «قل كلمة الإخلاص، وهي التّوحيد، أجادل بها عنك يوم القيامة» فقال: يابن أخي، ملّة الأشياخ.
وقال مجاهدٌ في قوله: {وهو أعلم بالمهتدين} [القصص: 56] قال: من قدّر له الهدى والضّلالة). [تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّك لا تهدي من أحببت...}

يكون الحبّ على جهتين ها هنا:
إحداهما: إنك لا تهدي من تحبّه للقرابة.
والوجه الآخر يريد: إنك لا تهدي من أحببت أن يهتدي؛ كقولك: إنك لا تهدي من تريد، كما تراه كثيراً في التنزيل.
{ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} أن يهديه). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}
أجمع المفسرون : أنها نزلت في أبي طالب، وجائز أن يكون ابتداء نزولها في أبي طالب, وهي عامّة، لأنه لا يهدي إلا اللّه، ولا يرشد , ولا يوفق إلا هو، وكذلك هو يضلّ من يشاء.). [معاني القرآن: 4/149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}
روى الزهري , عن سعيد بن المسيب , عن أبيه قال : جاء أبو جهل بن هشام, وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة إلى أبي طالب في العلة التي مات فيها , وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال :(( يا عم , قل : لا إله إلا الله , كلمة أحاج لك بها عند الله جل وعز.)).
فقال له أبو جهل : يا أبا طالب , أترغب عن دين عبد المطلب , فكان آخر ما قال لهما : هو على ملة عبد المطلب .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا أدع الاستغفار لك )).
فأنزل الله جل وعز: {إنك لا تهدي من أحببت} , ونزل فيه :{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى }
قال أبو جعفر : يجوز أن يكون معنى : من أحببت أن تهدي
ويجوز أن يكون المعنى : من أحببت لقرابته.
ثم قال جل وعز: {ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}: أي: الله أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية , ولله الحكمة التامة.). [معاني القرآن: 5/187-189]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:13 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
جديرون أن لا يحبسوا مجتديهم = للحمٍ وأن لا يدرؤا قدح رادف
الرادف الذي يجيء بعد ما قسم الجزور، ويدرؤن: يدفعون يقال درأته أدرؤه درءًا). [شرح المفضليات: 477] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}
الذين وصل إليهم القول قريش، قاله مجاهد وغيره، وقال أبو رفاعة القرظي: نزلت في اليهود في عشرة أنا أحدهم، ذكره الطبري.
وقال الجمهور: معناه واصلنا لهم في القرآن وتابعناه موصولا بعضه ببعض في المواعظ والزجر والدعاء إلى الإسلام، قال الحسن: وفي ذكر الأمم المهلكة، وصلت لهم قصة بقصة، حسب مرور الأيام. وذهب مجاهد أن معنى "وصلنا": فصلنا، أي: جعلناه أوصالا من حيث كان أنواعا من القول في معان مختلفة، ومعنى اتصال بعضه ببعض حاصل من جهة أخرى، لكن إنما عدد عليهم ها هنا تقسيمه في أنواع من القول. وذهب الجمهور إلى أن هذا التوصل الذي وصل لهم القول معناه: وصل المعاني من الوعظ والزجر، والأجر وغير ذلك، وذهبت فرقة إلى أن الإشارة بتوصيل القول إنما هي إلى الألفاظ، أي الإعجاز، فالمعنى: ولقد وصلنا لهم قولا معجزا على نبوتك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمعنى الأول تقديره: ولقد وصلنا لهم قولا تضمن معاني من اهتدى. وقرأ الحسن: "ولقد وصلنا" بتخفيف الصاد. وقوله: {لعلهم يتذكرون} أي: يتعظون بالقرآن عن عبادة الأصنام، أو يتذكرون محمدا فيؤمنوا به). [المحرر الوجيز: 6/ 597-598]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى القوم الذين آمنوا من أهل الكتاب مباهيا بهم قريشا، واختلف، إلى من الإشارة؟ فقيل: إلى جماعة من اليهود أسلمت وكانت تلقى من الكفار أذى، وقيل: إلى بحيرى الراهب، وقال الزهراوي: إلى النجاشي، وقيل: إلى سلمان، وابن سلام وأسند الطبري عن علي بن أبي رفاعة قال: خرج عشرة رهط من أهل الكتاب، فيهم أبو رفاعة -يعني أباه- فأسلموا، فأوذوا، فنزلت فيهم هذه الآية. والضمير في "قبله" يحتمل أن يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يعود على القرآن، وما بعد يؤيد هذا، وهو قوله: {وإذا يتلى عليهم}. وقوله: {إنا كنا من قبله مسلمين} يريدون الإسلام المتحصل لهم من شريعة موسى وعيسى عليهما السلام). [المحرر الوجيز: 6/ 598]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وإيتاء أجرهم مرتين معناه: على ملتين، ولإيمانهم بشريعتين، وهذا المعنى هو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يؤتيهم الله أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي، والعبد الناصح في عبادة ربه وخدمة سيده، ورجل كانت له أمة فأدبها وعلمها ثم أعتقها وتزوجها.
وقوله تعالى: {بما صبروا} عام في صبرهم على ملتهم ثم على هذه وعلى الأذى الذي يلقونه من الكفار وغير ذلك. وقوله تعالى: {ويدرءون} معناه: يدفعون، وهذا وصف لمكارم الأخلاق، أي: يتعاونون، ومن قال لهم سوءا لاينوه وقابلوه من القول الحسن بما يدفعه، وهذه آية مهادنة، وهي في صدر الإسلام، وهي مما نسخته آية السيف، وبقي حكمها فيما دون الكفر تتعاطاه أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، وقوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} مدح لهم بالنفقة في الطاعات، وعلى رسم الشرع، وفي ذلك حض على الصدقات ونحوها). [المحرر الوجيز: 6/ 598-599]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "اللغو" لغو القول، واليمين لغو، حسب الخلاف فيهما، وكلام مستمع الخطبة لغو، والمراد من هذا -في هذه الآية- ما كان سبا وأذى ونحوه، فأدب أهل الإسلام الإعراض عنه، والقول -على جهة التبري- لنا أعمالنا ولكم أعمالكم. وقال ابن زيد: اللغو ها هنا ما كان بنو إسرائيل كتبوه في التوراة مما ليس من عند الله تبارك وتعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه المهادنة هي لبني إسرائيل، الكفار منهم، وسلام عليكم في هذا الموضع ليس المقصود بها التحية، لكنه لفظ التحية قصد به المتاركة، وهو لفظ مؤنس مستنزل لسامعه; إذ هو في عرف استعماله تحية، قال الزجاج: وهذا قبل الأمر بالقتال، ولا نبتغي الجاهلين معناه: لا نطلبهم للجدال والمراجعة والمسابة).[المحرر الوجيز: 6/ 599]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين}
أجمع جل المفسرين على أن قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت} إنما نزلت في شأن أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة، وابن المسيب، وغيرهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه وهو يجود بنفسه، فقال له: أي عم؟، قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله، وكان بحضرته عبد الله بن أمية، وأبو جهل لعنهما الله تعالى، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب يا أبا طالب؟ فقال له: يا محمد، لولا أني أخاف أن يعير بها ولدي من بعدي لأقررت بها عينك، ثم قال أبو طالب: أنا على ملة عبد المطلب والأشياخ، فتفجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عنه، فمات أبو طالب على كفره، فنزلت هذه الآية: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} إشارة إلى أبي طالب). [المحرر الوجيز: 6/ 600]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولقد وصّلنا لهم القول} قال مجاهدٌ: فصّلنا لهم القول. وقال السّدّيّ: بيّنّا لهم القول.
وقال قتادة: يقول تعالى: أخبرهم كيف صنع بمن مضى وكيف هو صانعٌ، {لعلّهم يتذكّرون}.
قال مجاهدٌ وغيره: {وصّلنا لهم} يعني: قريشًا. وهذا هو الظّاهر، لكن قال حمّاد بن سلمة، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة -رفاعة هذا هو ابن قرظة القرظيّ، وجعله ابن منده: رفاعة بن سموألٍ، خال صفيّة بنت حييٍّ، وهو الّذي طلّق تميمة بنت وهبٍ الّتي تزوّجها بعده عبد الرّحمن بن الزّبير بن باطا، كذا ذكره ابن الأثير -قال: نزلت {ولقد وصّلنا لهم القول} في عشرةٍ أنا أحدهم. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ من حديثه). [تفسير ابن كثير: 6/ 243]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون (52) وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين (53) أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون (54) وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين (55)}.
يخبر تعالى عن العلماء الأولياء من أهل الكتاب أنّهم يؤمنون بالقرآن، كما قال تعالى: {الّذين آتيناهم الكتاب يتلونه حقّ تلاوته أولئك يؤمنون به} [البقرة: 121]، وقال: {وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن باللّه وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين للّه} [آل عمران: 199]، وقال: {إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدًا * ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا} [الإسراء: 107، 108]، وقال: {ولتجدنّ أقربهم مودّةً للّذين آمنوا الّذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانًا وأنّهم لا يستكبرون. وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرّسول ترى أعينهم تفيض من الدّمع ممّا عرفوا من الحقّ يقولون ربّنا آمنّا فاكتبنا مع الشّاهدين} [المائدة: 82، 83].
قال سعيد بن جبيرٍ: نزلت في سبعين من القسّيسين بعثهم النّجاشيّ، فلمّا قدموا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ عليهم: {يس. والقرآن الحكيم} حتّى ختمها، فجعلوا يبكون وأسلموا، ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون. وإذا يتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين} يعني: من قبل هذا القرآن كنّا مسلمين، أي: موحّدين مخلصين للّه مستجيبين له). [تفسير ابن كثير: 6/ 243-244]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا} أي: هؤلاء المتّصفون بهذه الصّفة الّذين آمنوا بالكتاب الأوّل ثمّ بالثّاني [يؤتون أجرهم مرّتين بإيمانهم بالرّسول الأوّل ثمّ بالثّاني] ؛ ولهذا قال: {بما صبروا} أي: على اتّباع الحقّ؛ فإنّ تجشّم مثل هذا شديدٌ على النّفوس. وقد ورد في الصّحيحين من حديث عامرٍ الشّعبيّ، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين: رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيّه ثمّ آمن بي، وعبدٌ مملوكٌ أدّى حقّ اللّه وحقّ مواليه، ورجل كانت له أمة فأدّبها فأحسن تأديبها ثمّ أعتقها فتزوّجها".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن إسحاق السّيلحيني، حدّثنا ابن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرّحمن، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: إنّي لتحت راحلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الفتح، فقال قولًا حسنًا جميلًا وقال فيما قال: "من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرّتين، وله ما لنا وعليه ما علينا، [ومن أسلم من المشركين، فله أجره، وله ما لنا وعليه ما علينا]".
وقوله {ويدرؤون بالحسنة السّيّئة} أي: لا يقابلون السّيّئ بمثله، ولكن يعفون ويصفحون. {وممّا رزقناهم ينفقون} أي: ومن الّذي رزقهم من الحلال ينفقون على خلق اللّه في النّفقات الواجبة لأهلهم وأقاربهم، والزّكاة المفروضة والمستحبّة من التّطوّعات، وصدقات النّفل والقربات).[تفسير ابن كثير: 6/ 244]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه} أي: لا يخالطون أهله ولا يعاشرونهم، بل كما قال تعالى: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} [0الفرقان: 72].
{وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} أي: إذا سفه عليهم سفيه، وكلّمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه، أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح، ولا يصدر عنهم إلّا كلامٌ طيّبٌ. ولهذا قال عنهم: إنّهم قالوا: {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} أي: لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبّها.
قال محمّد بن إسحاق في السّيرة: ثمّ قدم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو بمكّة عشرون رجلًا أو قريبٌ من ذلك، من النّصارى، حين بلغهم خبره من الحبشة. فوجدوه في المسجد، فجلسوا إليه وكلّموه وساءلوه -ورجالٌ من قريشٍ في أنديتهم حول الكعبة -فلمّا فرغوا من مساءلة رسول اللّه عمّا أرادوا، دعاهم إلى اللّه وتلا عليهم القرآن، فلمّا سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدّمع، ثمّ استجابوا للّه وآمنوا به وصدّقوه، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره. فلمّا قاموا عنه اعترضهم أبو جهل بن هشامٍ في نفرٍ من قريشٍ، فقالوا لهم: خيّبكم اللّه من ركبٍ. بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرّجل، فلم تطمئنّ مجالسكم عنده حتّى فارقتم دينكم وصدّقتموه فيما قال؛ ما نعلم ركبًا أحمق منكم. أو كما قالوا لهم. فقالوا [لهم] سلامٌ عليكم، لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيرًا.
قال: ويقال: إنّ النّفر النّصارى من أهل نجران، فاللّه أعلم أيّ ذلك كان.
قال: ويقال -واللّه أعلم- إنّ فيهم نزلت هذه الآيات: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} إلى قوله: {لا نبتغي الجاهلين}.
قال: وقد سألت الزّهريّ عن هذه الآيات فيمن أنزلن، قال: ما زلت أسمع من علمائنا أنهن أنزلهن في النّجاشيّ وأصحابه، رضي اللّه عنهم، والآيات الّتي في سورة المائدة: {ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانًا} إلى قوله: {فاكتبنا مع الشّاهدين} [المائدة: 82، 83]). [تفسير ابن كثير: 6/ 245]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين (56) وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (57)}.
يقول تعالى لرسوله، صلوات اللّه وسلامه عليه: إنّك يا محمّد {إنّك لا تهدي من أحببت} أي: ليس إليك ذلك، إنّما عليك البلاغ، واللّه يهدي من يشاء، وله الحكمة البالغة والحجّة الدّامغة، كما قال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [البقرة: 272]، وقال: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين} [يوسف: 103].
وهذه الآية أخصّ من هذا كلّه؛ فإنّه قال: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} أي: هو أعلم بمن يستحقّ الهداية بمن يستحقّ الغواية، وقد ثبت في الصّحيحين أنّها نزلت في أبي طالبٍ عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد كان يحوطه وينصره، ويقوم في صفّه ويحبّه حبًّا [شديدًا] طبعيًّا لا شرعيًّا، فلمّا حضرته الوفاة وحان أجله، دعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الإيمان والدّخول في الإسلام، فسبق القدر فيه، واختطف من يده، فاستمرّ على ما كان عليه من الكفر، وللّه الحكمة التّامّة.
قال الزّهريّ: حدّثني سعيد بن المسيّب، عن أبيه -وهو المسيّب بن حزن المخزوميّ، رضي اللّه عنه- قال: لـمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة جاءه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فوجد عنده أبا جهل بن هشامٍ، وعبد اللّه بن أبي أميّة بن المغيرة. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا عمّ، قل: لا إله إلّا اللّه، كلمةٌ أشهد لك بها عند اللّه". فقال أبو جهلٍ وعبد اللّه بن أبي أميّة: يا أبا طالبٍ، أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعرضها عليه، ويعودان له بتلك المقالة، حتّى قال آخر ما قال: هو على ملّة عبد المطّلب. وأبى أن يقول: لا إله إلّا اللّه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أما لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك". فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113]، بوأنزل في أبي طالبٍ: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء}.
أخرجاه من حديث الزّهريّ. وهكذا رواه مسلمٌ في صحيحه، والتّرمذيّ، من حديث يزيد بن كيسان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة قال: لمّا حضرت وفاة أبي طالبٍ أتاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "يا عمّاه، قل: لا إله إلّا اللّه، أشهد لك بها يوم القيامة". فقال: لولا أن تعيّرني بها قريشٌ، يقولون: ما حمله عليه إلّا جزع الموت، لأقررت بها عينك، لا أقولها إلّا لأقرّ بها عينك. فأنزل اللّه: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}. وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من حديث يزيد بن كيسان.
ورواه الإمام أحمد، عن يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن يزيد بن كيسان، حدّثني أبو حازمٍ، عن أبي هريرة، فذكره بنحوه.
وهكذا قال ابن عبّاسٍ، وابن عمر، ومجاهدٌ، والشّعبيّ، وقتادة: إنّها نزلت في أبي طالبٍ حين عرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول: "لا إله إلّا اللّه" فأبى عليه ذلك، وقال: أي ابن أخي، ملة الأشياخ. وكان آخر ما قال: هو على ملّة عبد المطّلب.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو سلمة، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن أبي راشدٍ قال: كان رسول قيصر جاء إليّ قال: كتب معي قيصر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كتابًا، فأتيته فدفعت الكتاب، فوضعه في حجره، ثمّ قال:"ممّن الرّجل؟ " قلت: من تنوخ. قال: "هل لك في دين أبيك إبراهيم الحنيفيّة؟ " قلت: إنّي رسول قومٍ، وعلى دينهم حتّى أرجع إليهم. فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونظر إلى أصحابه وقال: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء}).[تفسير ابن كثير: 6/ 245-247]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة