التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا موسى الكتاب} [القصص: 43] التّوراة.
{من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 43]، يعني: يتفكّروا فكانت التّوراة أوّل كتابٍ نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام.
وقوله: {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} [القصص: 43] قرنًا من بعد قرنٍ كقوله على مقرإ هذا الحرف: {وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ} [هود: 102] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/595]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدى ورحمة لعلّهم يتذكّرون}
فكان خاتمة إهلاك القرون بالعذاب في الدّنيا : أن جعل المكذبين بموسى الذين عدوا في السبت قردة خاسئين عند تكذيبهم بموسى عليه السلام.
وقوله: {بصائر للنّاس} أي : مبينا للناس، المعنى: ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر للناس , أي : هذه حال إيتائنا إياه الكتاب مبيناً، نبينه للناس.
{وهدى ورحمة) عطف على {بصائر}، ولو قرئت بالرفع على معنى : فهو هدى ورحمة , جاز والنصب أجود, ولا أعلم أحدا قرأ بالرفع , فلا تقرأنّ بها). [معاني القرآن: 4/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر}
أي: بيانا). [معاني القرآن: 5/181]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت} [القصص: 44] يا محمّد.
{بجانب الغربيّ} [القصص: 44] غربيّ الجبل.
{إذ قضينا إلى موسى الأمر} [القصص: 44] الرّسالة.
وقال السّدّيّ: يعني: عهدنا إلى موسى، فأوصيناه إلى فرعون وقومه.
{وما كنت من الشّاهدين} [القصص: 44]، أي: لم تكن شاهدًا يومئذٍ لذلك.
وقال السّدّيّ: يعني: {من الشّاهدين} [القصص: 44]، يعني: من الحاضرين). [تفسير القرآن العظيم: 2/595]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بجانب الغربيّ}: وهو حيث تغرب الشمس , والنجوم , والقمر.). [مجاز القرآن: 2/106]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين} أي : وما كنت بجانب الجبل الغربي.).
[معاني القرآن: 4/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر}
قال قتادة : هو جبل). [معاني القرآن: 5/181]
تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولكنّا أنشأنا} [القصص: 45] خلقنا.
{قرونًا فتطاول عليهم العمر} [القصص: 45] كان بين عيسى ومحمّدٍ عليهما السّلام خمس مائة سنةٍ.
قال: وقال قتادة: ستّ مائة سنةٍ.
قال: {وما كنت ثاويًا} [القصص: 45] ساكنًا.
{في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا} [القصص: 45] وقال السّدّيّ: لم تكن يا محمّد مقيمًا بمدين، فتعلم كيف كان أمرهم، فتخبر أهل مكّة بشأنهم وأمرهم.
قال: {ولكنّا كنّا مرسلين} [القصص: 45] كقوله: {أمرًا من عندنا إنّا كنّا مرسلين} [الدخان: 5] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/596]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولكنّا أنشأنا قروناً }: أي: خلقنا قروناً، أي : أمماً.
{ العمر }, العمر واحد , وهما لغتان , وهما مثل :و الضعف والضعف , والمكث والمكث.
{ثاوياً في أهل مدين }:أي : مقيماً، قال الأعشى:
أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا= فمضت وأخلف من قتيلة موعدا
ويروى أثوى الثوى الصيف، قال العجاج:
فبات حتى يدخل الثّوى= مجرمزاً وليله قسيّ).
[مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ثاويا}: مقيما). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما كنت ثاوياً في أهل مدين} :أي :مقيماً, يقال: ثوبت بالمكان، إذا أقمت به, ومنه قيل للضيف: الثّويّ).
[تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولكنّا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا مرسلين}
أي: ما كنت مقيما ًفي أهل مدين.). [معاني القرآن: 4/146-147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله: {وما كنت ثاويا} أي: مقيما}). [معاني القرآن: 5/181]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({ثاويًا} أي: مقيماً.). [ياقوتة الصراط: 400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثَاوِيًا} أي: مقيماً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {ثَاوِيًا}: مقيماً.). [العمدة في غريب القرآن: 234]
تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما كنت بجانب الطّور} [القصص: 46] الجبل.
{إذ نادينا} [القصص: 46] أبو عبد اللّه الشّاميّ قال: وأخبرنيه محرزٌ، عن الأعمش، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ البجليّ قال: نودي: يا أمّة محمّدٍ، أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني.
قال: {ولكن رحمةً من ربّك لتنذر قومًا} [القصص: 46]، يعني: قريشا، تفسير السّدّيّ.
{ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 46]، أي: لكي يتذكّروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/596]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رّحمةً مّن رّبّك لتنذر قوماً مّا أتاهم مّن نّذيرٍ مّن قبلك لعلّهم يتذكّرون}
وقال: {ولكن رّحمةً مّن رّبّك}, فنصب {رحمةً} على: "ولكن رحمك ربّك رحمةً".). [معاني القرآن: 3/23-24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمة من ربّك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلّهم يتذكّرون}يعني : نادينا موسى.
{ولكن رحمة من ربّك}المعنى : إنك لم تشاهد قصص الأنبياء، ولا تليت عليك، ولكن أوحيناها إليك، وقصصناها عليك، رحمةً من ربّك لتنذر قوما، أي : لتعرفهم قصص من أهلك بالعذاب، ومن فاز بالثواب.
ولو قرئت {ولكن رحمة}: لكان جائزا على معنى : ولكن فعل ذلك رحمة من ربك، والنصب على معنى : فعلنا ذلك للرحمة، كما تقول: فعلت ذلك ابتغاء الخير، أي : فعلته لابتغاء الخير، فهو مفعول له.). [معاني القرآن: 4/147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا}
روى عبد الرزاق , عن الثوري , عن الأعمش , عن علي بن مدرك , عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير رفع الحديث في قوله جل وعز: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} .
قال : نودوا: يا أمة محمد , أجبتكم قبل أن تدعوني , وأعطيتكم قبل أن تسألوني , فذلك قوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} .
وقوله جل وعز: {ولكن رحمة من ربك}
أي : لم تشهد قصص الأنبياء , ولا تليت عليك , ولكنا بعثناك , وأوحيناها إليك للرحمة لتنذر قوماً، فتعرفهم هلاك من هلك، وفوز من فاز، لعلهم يتذكرون). [معاني القرآن: 5/182]