التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29] حدّثني أشعث، عن عطاء بن السّائب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قضى أوفاهما وأبرّهما، العشر.
وقال السّدّيّ: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29]، يعني: أتمّ موسى شرطه.
قوله عزّ وجلّ: {وسار بأهله} [القصص: 29] أخبرني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله} [القصص: 29] قضى العشر السّنين ثمّ أقام بعد ذلك عشر سنين، فخرج بعد عشرين سنةً.
{آنس من جانب الطّور} [القصص: 29] والطّور الجبل.
{نارًا} [القصص: 29] وقال قتادة: أحسّ، أي: رأى نارًا، وإنّما كان نورًا، وكانت عند موسى نارًا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/589]
وقال السّدّيّ: {آنس من جانب الطّور نارًا} [القصص: 29] رأى من جانب الطّور نارًا {قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بخبرٍ} [القصص: 29] الطّريق، وكان على غير طريقٍ.
{أو جذوةٍ من النّار} [القصص: 29] قال قتادة: وهي أصل شجرةٍ.
{لعلّكم تصطلون} [القصص: 29] لكي تصطلوا وكان شاتيًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو جذوةٍ مّن النّار...}
قرأها عاصم : {أو جذوة} بالفتح , والقراءة بكسر الجيم , أو برفعها, وهي مثل : أوطأتك عشوةً وعشوةً وعشوة , والرّغوة والرّغوة والرّغوة, ومنه : ربوةً وربوة وربوة.).
[معاني القرآن: 2/305-306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ آنس من جانب الطّور ناراً }: أي: أبصر، قال:
آنس خربان فضاءٍ فانكدر= دانى جناحيه من الطور فمرّ
الطور: الجبل.
{ أو جذوةٍ من النّار }: أي : قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهبٌ , وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة , جماعها الجذاء، قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها= جزل الجذا غير خوّارٍ ولا دعر).
[مجاز القرآن: 2/102-103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {جذوة من النار}: قطعة من الخشب ليس فيها لهب). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أو جذوةٍ من النّار} : أي قطعة منها, ومثلها الجذمة, وفي التفسير: «الجذوة عود قد احترق».). [تفسير غريب القرآن: 332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارا قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارا لعلّي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النّار لعلّكم تصطلون}
يروى : أنه قضى أتم الأجلين، وهو عشر سنين.
وقوله:{آنس من جانب الطور ناراً}
آنس : علم وأبصر، يقال: قد آنست ذلك الشخص , أي: أبصرته.
{قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارا لعلّي آتيكم منها بخبر}: أي : لعلي أعلم لم أوقدت.
{أو جذوة من النّار}: الجذوة : القطعة الغليظة من الحطب, ويقرأ: أو جذوة بالضم، ويقال: جذوة بالفتح.
, فيها ثلاث لغات.). [ معاني القرآن: 4/142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :(وقوله جل وعز: {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله}
روى الحكم بن أبان , عن عكرمة , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( سألت جبريل , أي الأجلين قضى موسى ؟.
فقال : أتمهما وأكملهما .)).
ومعنى :{لعلي آتيكم منها بخبر }: لعلي أعلم لم أوقدت .
{أو جذوة من النار }: قال قتادة : الجذوة : أصل الشجرة فيها نار.
قال أبو جعفر : وكذلك الجذوة بضم الجيم , وكسرها , وفتحها , والجذوة : القطعة من الخشب الكبيرة فيها نار , ليس فيها لهب.). [معاني القرآن: 5/177]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {جذوة}: أي: شعلة.).. [ياقوتة الصراط: 399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {جذْوَةٍ}: قطعة.). [العمدة في غريب القرآن: 234]
تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {فلمّا أتاها} [القصص: 30] أتى موسى النّار عند نفسه.
{نودي من شاطئ الوادي الأيمن} [القصص: 30] تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: عن يمين موسى.
{في البقعة المباركة من الشّجرة} [القصص: 30] وقال قتادة: نودي عن يمين الشّجرة، أي: الأيمن من الشّجرة.
وفيهما تقديمٌ: نودي من شاطئ الوادي الأيمن من الشّجرة من البقعة المباركة.
{أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين {30}). [تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({شاطئ الوادي الأيمن}: شط الوادي , وهو ضفة الوادي , وعدوته , وعدوتا وعدوتاه، ومنه شط السنام , لنصفه).
[مجاز القرآن: 2/103]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلمّا أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}
وقال: {من شاطئ الوادي الأيمن} : جماعة "الشّاطئ" , "الشواطئ" , وقال بعضهم "شطّ" , والجماعة "شطوطٌ".). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الشاطئ}: والشط واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}
[معاني القرآن: 4/142]
سميت مباركة : لأن اللّه كلم موسى فيها، وبعثه نبيّا، ويقال بقعة , وبقعة بالضم والفتح.
وقد قرئ بهما جميعا، فمن جمع بقاعا، فهي جمع بقعة بالفتح، مثل : قصعة وقصاع، ومن قال بقعة بالضم فأجود، الجمع بقع مثل: غرفة وغرف،
وقد يجوز في بقعة: بقاع، مثل حفرة وحفار.
وقوله:{أن يا موسى}: (أن) في موضع نصب, المعنى : نودي بأنه يا موسى , وكذلك: {وأن ألق عصاك}: عطف عليها.). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقال جل وعز: {في البقعة المباركة من الشجرة} , لأنه جل وعز كلمه فيها ,
وقوله جل وعز: {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} معنى {اسلك }:أدخل ). [معاني القرآن: 5/178]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({الشَاطِئِ}: جانب الوادي ). [العمدة في غريب القرآن: 234]
تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأن ألق عصاك} [القصص: 31] فألقاها.
{فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ} [القصص: 31] كأنّها حيّةٌ.
{ولّى مدبرًا} [القصص: 31] هاربًا منها.
{ولم يعقّب} [القصص: 31]
[تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قال قتادة: أي: ولم يلتفت من الفرق.
وقال مجاهدٌ: ولم يرجع.
فقال اللّه: {يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/591]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):({ تهتزّ كأنّها جانٌّ }, وفي آية أخرى:{فإذا هي حيّةٌ تسعى }, فالحيات أجناس فيها الجان , وغير ذلك , والأفعى , والحفاث , ومجازها : كأنها جان من الحيات , ومجاز الأخرى : فإذا هي حية من الجان.
{ولم يعقّب}: أي : لم يرجع , يقال: عقب على ما كان فرده, أي: رجع عليه.). [مجاز القرآن: 2/103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولم يعقب}: يرجع. يقال عقب على الأمر إذا رجع). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}
{فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب}: معناه : لم يلتفت.
وقوله: {أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}: أي : قد آمنت من أن ينالك منها مكروه , وهي حيّة.). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({يُعَقِّبْ}: يرجع). [العمدة في غريب القرآن: 234]
تفسير قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({اسلك يدك} [القصص: 32]، أي: أدخل يدك.
{في جيبك} [القصص: 32] قال قتادة: أي: في جيب قميصك.
{تخرج بيضاء من غير سوءٍ} [القصص: 32]، أي: من غير برصٍ، وهو تفسير السّدّيّ.
قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أخرجها واللّه كأنّها مصباحٌ، فعلم موسى أن قد لقي ربّه.
قال: {واضمم إليك جناحك} [القصص: 32]، أي: يديك.
{من الرّهب} [القصص: 32] قال قتادة: أي: من الرّعب، إلى صدرك يذهب ما في صدرك من الرّعب، وكان قد دخله فزعٌ وفرقٌ من آل فرعون، فأذهب اللّه ذلك.
قال: {فذانك برهانان من ربّك} [القصص: 32]، أي: بيانان من ربّك، يعني: العصا واليد في قول مجاهدٍ.
وقال قتادة: {برهانان} [القصص: 32]، أي: بيّنتان {من ربّك} [القصص: 32] والبرهان في قول الحسن الحجّة، أي: حجّتان من ربّك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/591]
وقال السّدّيّ: فذانك برهانان من ربّك، يعني: آيتين من ربّك.
{إلى فرعون وملئه} [القصص: 32]، أي: وقومه.
{إنّهم كانوا قومًا فاسقين} [القصص: 32] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واضمم إليك جناحك من الرّهب...}
و{الرّهب} , قرأها أهل المدينة : {الرّهب}, وعاصم والأعمش :{الرّهب}
وقوله: {فذانك برهانان} اجتمع القراء على تخفيف النون من (ذانك) وكثير من العرب يقول (فذانّك) و(وهذانّ) قائمان
{واللذانّ يأتيانها منكم} فيشدّدون النون.
وقوله: {واضمم إليك جناحك} :يريد عصاه في هذا الموضع , والجناح في الموضع الآخر: ما بين أسفل العضد إلى الرّفغ , وهو الإبط). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اسلك يدك في جيبك }: مجازه: أدخل , وهما لغتان : سلكته , وأسلكته , وقد فسرناه فوق هذا.
{بيضاء من غير سوء}: أي : من غير برص.
{واضمم إليك جناحك }:أي: يدك, و { الرّهب} مثل الرهبة , ومعناهما الخوف , والفرق.
{ فذانّك برهانان }: واحدهما برهان, وهو البيان يقال: هات على ما تقول ببرهان ونون , قوله : {فذانّك } مشددة لأنها أشد مبالغة منه إذا خففتها , وقد يخفف في الكلام ).
[مجاز القرآن: 2/103-104]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من رّبّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قوماً فاسقين}
وقال: {فذانك برهانان} , ثقلّ بعضهم , وهم الذين قالوا : {ذلك} أدخلوا التثقيل للتأكيد , كما أدخلوا اللام في "ذلك " ). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الرهب}: والرهبة واحد.[غريب القرآن وتفسيره: 291]
(برهنان): تبيانان ومنه جيء على ما تقول ببرهان). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({اسلك يدك في جيبك} :أي : أدخل يدك يقال: سلكت يدي , وأسلكتها.
{الجناح}: الإبط, والجناح: اليد أيضاً.
{الرّهب} : والرّهب , والرّهب, والرّهبة واحد.
{برهانان} : أي : حجّتان.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملأه إنّهم كانوا قوما فاسقين} أي: من غير برص.
{واضمم إليك جناحك من الرّهب}: والرّهب جميعاً, ومعناهما واحد، مثل الرّشد , والرّشد.
والمعنى : في جناحك ههنا , هو العضد، ويقال : اليد , كلها جناح.
وقوله:{فذانك برهانان}: تقرأ بتخفيف النون وتشديدها - فذانّك - , فكأن فذانّك تثنية ذلك , وذانك تثنية ذاك , جعل بدل اللام في ذلك تشديد النون في ذانك،
وبرهانان: آيتان بيّنتان.
{إلى فرعون وملئه}: أي : أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين.). [معاني القرآن: 4/143-144]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {واضمم إليك جناحك من الرهب}
قال الفراء : الجناح ههنا العصا، ولم يقل هذا أحد من أهل التفسير، ولا من المتقدمين علمته، وحكى أكثر أهل اللغة أن الجناح من أسفل العضد إلى آخر الإبط، وربما قيل لليد جناح، ولهذا قال أبو عبيدة :{جناحك }أي : يدك .
قال مجاهد :{من الرهب }: من الفرق.
وقوله جل وعز: {فذانك برهانان من ربك}
قال مجاهد : يعني : اليد، والعصا .
والبرهان : الحجة .
قال ابن عباس : جناحك : يدك.
وقال أبو زيد : العضد : هو الجناح .
حدثني محمد بن أيوب، قال : أنبأنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا محمد بن عامر، عن أبيه، عن بشر بن الحصين، عن الزبير بن عدي، عن الضحاك، عن ابن عباس :{واضمم إليك جناحك من الرهب}: أي: أدخل يدك , فضعها على صدرك حتى يذهب عنك الرعب.
قال : فقال ابن عباس : ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى، ثم يدخل يده، فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب .
وقوله جل وعز: {فأرسله معي ردءا يصدقني} الردء : العون، وقد أردأه وردأه، أي: أعانه ). [معاني القرآن: 5/178-180]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {الرَّهْبِ}: الرهبة، {بُرْهَانَانِ}: تبيانان ). [العمدة في غريب القرآن: 234]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [القصص: 33] موسى: {ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا} [القصص: 33]، يعني: القبطيّ.
{فأخاف أن يقتلون {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
تفسير قوله تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا} [القصص: 34]، يعني: العقدة الّتي كانت في لسانه.
{فأرسله معي ردءًا} [القصص: 34]، أي: عونًا.
{يصدّقني} [القصص: 34] في تفسير الحسن، وابن مجاهدٍ، عن مجاهدٍ.
وقال الكلبيّ: {معي ردءًا يصدّقني} [القصص: 34] كيما يصدّقني، ويصدّقني يكون معي في الرّسالة.
{إنّي أخاف أن يكذّبون {34}). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ردءاً يصدّقني...}
تقرأ جزماً رفعاًمن رفعها جعلها صلة للردء , ومن جزم فعلى الشرط, و الرّدء: العون, تقول: أردأت الرجل: أعنته, وأهل المدينة يقولون : {رداً يصّدّقني} بغير همزٍ , والجزم على الشرط: أرسله معي يصدّقني مثل {يرثني ويرث} ). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (وقوله: {هو أفصح منّي لساناً }:لأن موسى كانت في لسانه عقدة، ويقال للفرس والبعير إذا كان صافي الصهيل،
وصافي الهدير: إنه لفصيح الصهيل، وإنه لفصيح الهدير.
{ردءًا }أي: معيناً، ويقال: قد أردأت فلاناً على عدوه، وعلى ضيعته, أي: أكنفته , وأعنته , أي :صرت له كنفاً ). [مجاز القرآن: 2/104]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً فأرسله معي ردءاً يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}
وقال: {ردءاً يصدّقني} أي: عوناً، فيمنعني، ويكون في هذا الوجه:{ردأته}:أعنته. و {يصدّقني} جزم إذا جعلته شرطاً, و{يصدّقني} إذا جعلته من صفة الردء.). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ردءًا}: عونا. يقال أرأدته على عدوه وأرديته بمعنى واحد أعنته. وقرئت {ردا}: بغير همز). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فأرسله معي ردءاً} :أي :معيناً, يقال: أردأته على كذا، أي: أعنته.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانا فأرسله معي ردءا يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}
{فأرسله معي ردءا يصدّقني}:ويصدّقني - بالرفع والجزم - قرئ بهما جميعا، فمن قرأ :{يصدّقني } بضم القاف، فهو صفة قوله: {ردءاً}، والردء العون، تقول ردأته أردؤه ردءا،
إذا أعنته، والردء المعين.
ومن جزم {يصدّقني}، فعلى جواب المسألة، أرسله يصدقني، ومن رفع :يصدقني، فالمعنى : ردءا ًمصدّقاً لي ). [معاني القرآن: 4/144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رِدْءًا}: أي :معيناً، ومن يهمز احتمل معنى الهمز، وروي عن نافع -رحمه الله- أنه قال في {رِدْاً}: بغير همز: إن معناه: الزيادة ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 181-182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({رِدْءًا}: عوناً). [العمدة في غريب القرآن: 234]
تفسير قوله تعالى:{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [القصص: 35] اللّه تعالى: {سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانًا} [القصص: 35] حجّةً.
{فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} [القصص: 35] فانطلق موسى نحو فرعون، وأوحى اللّه إلى هارون أن يستقبل أخاه، فاستقبله، فأتيا باب فرعون، فقالا للبوّاب: اذهب فأخبر فرعون أنّ بالباب رسول ربّ العالمين.
فدخل عليه البوّاب فقال: إنّ بالباب رجلا مجنونًا يزعم أنّه رسول ربّ العالمين.
فقال له فرعون: أتعرفه؟ قال: لا، ولكن معه هارون، وكان هارون عندهم معروفًا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/592]
وكان موسى قد غاب عنهم زمانًا من الدّهر، قال فرعون: اذهب فأدخله، فدخل عليه، فعرفه، في تفسير الحسن.
وقال بعضهم: كأنّه عرف وجهه ولم يثبت من هو، فقال: من أنت؟ فقال: أنا رسول ربّ العالمين، فقال: ليس عن هذا أسألك ولكن من أنت، وابن من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران، وقد كان ربّاه، وكان في حجره حتّى صار رجلا.
فقال له فرعون: {ألم نربّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين} [الشعراء: 18] وأنت لا تدّعي هذه النّبوّة {وفعلت فعلتك الّتي فعلت وأنت من الكافرين} [الشعراء: 19] بي أنّي إلهٌ، في تفسير الحسن.
وبعضهم يقول: من الكافرين لنعمتنا، أي: فيما ربّيناك). [تفسير القرآن العظيم: 2/593]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({سنشدّ عضدك بأخيك }:أي:سنقويك به , ونعينك به , يقال: إذا أعز رجل رجلاً , ومنعه: قد شد فلان على عضد فلان، وهو من عاضدته على أمره، أي : عاونته، وآزرته عليه.
قال ابن مقبل:
عاضدتها بعنودٍ غير معتلثٍ= كأنه وقف عاجٍ بات مكنونا
معتلث يعني القدح، العنود: السهم، والمعتلث: تكون السهام من قنا فيكون فيها السهم من غير قنأ، فذاك المعتلث وكذاك الخشب، وقف عاج: موقف فيه طرائق من حسنه والمعتلث يقال: امتلث وافتلث , واسم علاثة مشتق منه، وفلان يأكل العليث؛ إذا أكل خبز الشعير والحنطة، وافتلث واعتلث واحد , وهو المختلط , يعني: قوساً ؛ أنه عاضدها بسهم ).
[مجاز القرآن: 2/104-105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونجعل لكما سلطاناً}: أي : حجة). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{قال سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون}
أي : سنعينك بأخيك، ولفظ العضد على جهة المثل، لأن اليد قوامها عضدها، فكل معين عضد, وتقول: قد عاضدني فلان على الأمر , أي: عاونني.
وقوله: {ونجعل لكما سلطاناً} أي : حجة نيرة بينة، وإنما قيل للزيت السليط ؛ لأنه يستضاء به, فالسلطان أبين الحجج.
وقوله: {فلا يصلون إليكما بآياتنا} أي : بسلطاننا , وحجتنا.
فـ {بآياتنا} صلة {يصلون}؛ كأنه قال: لا يصلون إليكما، تمتنعان منهم بآياتنا.
وجائز أن يكون { بآياتنا } متصل، بـ {نجعل لكما سلطانا بآياتنا}، أي : حجة تدلّ على النّبوة بآياتنا، أي : بالعصا، واليد، وسائر الآيات التي أعطي موسى صلى الله عليه وسلم .
ويجوز أن يكون بآياتنا مبينا ًعن قوله:{أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} أي : تغلبون بآياتنا.). [معاني القرآن: 4/144-145]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {سنشد عضدك}
أي: سنعينك , ونقويك , وهو تمثيل ؛ لأن قوة اليد بالعضد .
{ونجعل لكما سلطاناً}: قال سعيد بن جبير :أي: حجة .
{فلا يصلون إليكما بآياتنا}: أي :تمنعان بآياتنا .
ويجوز أن يكون المعنى :{ونجعل لكما سلطانا بآياتنا }:أي: بالعصا , واليد ,وما أشبههما ). [معاني القرآن: 5/180]