تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تطيعوا أمر المسرفين (151) الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون (152) قالوا إنّما أنت من المسحّرين}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل صالحٍ لقومه من ثمود: لا تطيعوا أيّها القوم أمر المسرفين على أنفسهم في تماديهم في معصية اللّه، واجترائهم على سخطه). [جامع البيان: 17/624-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فاتّقوا اللّه وأطيعون (150) ولا تطيعوا أمر المسرفين
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة أمر المسرفين أي المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {ولا تطيعوا أمر المسرفين} قال: هم المشركون وفي قوله {إنما أنت من المسحرين} قال: هم الساحرون). [الدر المنثور: 11/287]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وهم الرّهط التّسعة الّذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون من ثمود الّذين وصفهم اللّه جلّ ثناؤه بقوله: {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون} يقول: الّذين يسعون في أرض اللّه بمعاصيه، ولا يصلحون، يقول: ولا يصلحون أنفسهم بالعمل بطاعة اللّه). [جامع البيان: 17/625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة قال: ثنا محمّد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنّه حدّثه أنّهم نظروا إلى الهضبة حين دعا اللّه صالحٌ عليه السّلام بما دعا به تمخّض بالنّاقة تمخّض النتوج بولدها فتحرّكت الهضبة، ثمّ انتفضت فانصدعت، عن ناقةٍ كما وصفوا جوفاء وبراء نتوجًا ما بين جنبيها مالا يعلمه إلا اللّه عظمًا، فآمن به جندع بن عمرو بن لبيدٍ والحباب صاحب أوثانهم، ورباب بن صمعان بن جلهس وكان كاهنهم، فكانوا من أشراف ثمود فردّوا ثمود وأشرافها، عن الإسلام والدّخول فيما دعاهم إليه صالحٌ من الرّحمة والنّجاة، وكان لجندعٍ ابن عمٍّ له يقال له: شهاب ابن خلف بن محلاة بن لبيد ابن جوّاسٍ، فأراد أن يسلم فنهاه أولئك الرّهط، عن ذلك فأطاعهم وكان من أشراف ثمود وأفاضلها). [تفسير القرآن العظيم: 9/2803]
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى المسحرين قال الساحرين). [تفسير عبد الرزاق: 2/75]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّما أنت من المسحّرين} اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهمٍ: معناه إنّما أنت من المسحورين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إنّما أنت من المسحّرين} قال: من المسحورين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {إنّما أنت من المسحّرين} قال: إنّما أنت من المسحورين.
وقال آخرون: معناه: من المخلوقين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثنا موسى بن عميرٍ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إنّما أنت من المسحّرين} قال: من المخلوقين.
واختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك، فكان بعض أهل البصرة يقول: كلّ من أكل من إنسٍ أو دابّةٍ فهو مسحّرٌ، وذلك لأنّ له سحرًا يقري ما أكل فيه، واستشهد على ذلك بقول لبيدٍ:
فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا = عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقال بعض نحويّي الكوفيّين نحو هذا، غير أنّه قال: أخذ من قولك: انتفخ سحرك: أي أنّك تأكل الطّعام والشّراب، فتسحّر به وتعلّل. وقال: معنى قول لبيدٍ: من هذا الأنام المسحّر: من هذا الأنام المعلّل المخدوع. قال: ويروى أنّ السّحر من ذلك، لأنّه كالخديعة.
والصّواب من القول في ذلك عندي: القول الّذي ذكرته عن ابن عبّاسٍ، أنّ معناه: إنّما أنت من المخلوقين الّذين يعلّلون بالطّعام والشّراب مثلنا، ولست ربًّا ولا ملكًا فنطيعك ونعلم أنّك صادقٌ فيما تقول. والمسحّر: المفعّل من السّحرة، وهو الّذي له سحرةٌ). [جامع البيان: 17/625-626]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا إنّما أنت من المسحّرين (153)
قوله تعالى: إنّما أنت من المسحّرين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من المسحّرين قال: المسحورين. وروي، عن قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن أبي أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من المسحّرين قال: المسحورين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2804]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إنما أنت من المسحرين يعني من المسحورين أي سحرت). [تفسير مجاهد: 464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {ولا تطيعوا أمر المسرفين} قال: هم المشركون وفي قوله {إنما أنت من المسحرين} قال: هم الساحرون). [الدر المنثور: 11/287] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {إنما أنت من المسحرين} قال: المسحورين). [الدر المنثور: 11/287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والخطيب، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس في قوله {إنما أنت من المسحرين} قال: من المخلوقين ثم أنشد قول لبيد بن ربيعة:
إن تسألينا فيم نحن فاننا * عصافير من هذا الانام المسحر). [الدر المنثور: 11/288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الانباري في الوقف والابتداء عن أبي صالح ومجاهد في قوله {من المسحرين} قالا: من المخدوعين). [الدر المنثور: 11/288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ {إنما أنت من المسحرين} مثقلة وقال: المسحر: السوقة الذي ليس بملك). [الدر المنثور: 11/288]
تفسير قوله تعالى: (مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أنت إلاّ بشرٌ مثلنا، فأت بآيةٍ إن كنت من الصّادقين (154) قال هذه ناقةٌ لها شربٌ ولكم شرب يومٍ معلومٍ (155) ولا تمسّوها بسوءٍ فيأخذكم عذاب يومٍ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل ثمود لنبيّها صالحٍ: {ما أنت} يا صالح {إلاّ بشرٌ مثلنا} من بني آدم، تأكل ما نأكل، وتشرب ما نشرب، ولست بربٍّ ولا ملكٍ، فعلام نتّبعك؟ فإن كنت صادقًا في قيلك وأنّ اللّه أرسلك إلينا {فأت بآيةٍ} يعني: بدلالةٍ وحجّةٍ على أنّك محقٌ فيما تقول، إن كنت ممّن صدقنا في دعواه أنّ اللّه أرسله إلينا.
- وقد: حدّثني أحمد بن عمرٍو البصريّ، قال: حدّثنا عمرو بن عاصمٍ الكلابيّ، قال: حدّثنا داود بن أبي الفرات، قال: حدّثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أنّ صالحًا النّبيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم بعثه اللّه إلى قومه، فآمنوا به واتّبعوه، فمات صالحٌ، فرجعوا عن الإسلام، فأتاهم صالحٌ فقال لهم: أنا صالحٌ، قالوا: إن كنت صادقًا فأتنا بآيةٍ، فأتاهم بالنّاقة، فكذّبوه وعقروها، فعذّبهم اللّه). [جامع البيان: 17/627]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ما أنت إلا بشرٌ مثلنا فأت بآيةٍ إن كنت من الصّادقين
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو اليمان أنبأ إسماعيل بن عيّاشٍ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ قال: لمّا نزلنا الحجر مغزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبوكًا قال لنا: أيّها النّاس لا تسألوا نبيّكم، عن الآيات، هؤلاء قوم صالحٍ سألوا نبيّهم أن يبعث اللّه لهم آيةً فبعث اللّه لهم النّاقة.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق أنبأ إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيعٍ عن أبي الطّفيل قال ثمود لصالحٍ: ائتنا بآيةٍ إن كنت من الصّادقين قال: فقال لهم صالحٌ: اخرجوا إلى هضبةٍ من الأرض، فخرجوا فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل، ثمّ أنّها تفجّرت فخرجت من وسطها النّاقة فقال لهم صالحٌ: هذه ناقة اللّه لكم آيةً فذروها تأكل في أرض اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن محمّدٍ بن عليّ بن نفيلٍ، ثنا زهيرٌ، ثنا الحسن قال: رأيت قوم صالحٍ فرأيتهم مخضّبةً لحاهم بالحنّاء). [تفسير القرآن العظيم: 8/2804]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، ان صالحا بعثه الله إلى قومه فآمنوا به ثم انه لما مات كفر قومه ورجعوا عن الإسلام فاحيا الله لهم صالحا وبعثه إليهم فقال: أنا صالح فقالوا: قد مات صالح ان كنت صالحا {فأت بآية إن كنت من الصادقين} فبعث الله الناقة فعقروها وكفروا فاهلكوا وعاقرها رجل نساج يقال له قدار بن سالف). [الدر المنثور: 11/288]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال هذه ناقةٌ لها شربٌ ولكم شرب يومٍ معلومٍ} يقول تعالى ذكره: قال صالحٌ لثمود لمّا سألوه آيةً يعلمون بها صدقه، فأتاهم بناقةٍ أخرجها من صخرةٍ أو هضبةٍ: هذه ناقةٌ يا قوم، لها شربٌ ولكم مثله شرب يومٍ آخر معلومٍ، ما لكم من الشّرب، ليس لكم في يوم وردها أن تشربوا من شربها شيئًا، ولا لها أن تشرب في يومكم ممّا لكم شيئًا.
ويعني بالشّرب: الحظّ والنّصيب من الماء، يقول: لها حظٌّ من الماء، ولكم مثله، والشّرب والشّرب والشّرب مصادر كلّها بالضّمّ والفتح والكسر. وقد حكي عن العرب سماعًا: آخرها أقلّها شربًا وشربًا). [جامع البيان: 17/627-628]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: هذه ناقةٌ لها شربٌ ولكم شرب يومٍ معلومٍ
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو يمانٍ، ثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فبعث اللّه لهم النّاقة وكانت ترد من ذلك الفجّ تشرب ماءهم يوم وردها، ويحتلبون منها مثل الّذي كانوا يشربون منها يوم غبّها وتصدر من ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن شهر ابن حوشبٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إذا كان يومها أصدرتهم لبنًا ما شاءوا.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن أبي الخليل أنّها كانت ترد في شعبٍ قد رأيته قال: قلت: كم هو؟ قال: سبعةٌ وثلاثون ذراعًا قد ذرّعته قال: وكانت تصدر في شعبٍ آخر، قال قلت: كم هو؟ قال: علوّه ونصفٌ وحدّث أنّها كانت إذا صدرت أثّر في الجبل أضلاعها). [تفسير القرآن العظيم: 8/2804-2805]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن عبد العزيز ابن رفيع عن أبي الطفيل قال: قالت ثمود لنبي الله صالح فأت بآية إن كنت من الصادقين فقال لهم صالح اخرجوا فخرج بهم إلى هضبة من الأرض فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل فانفرجت فخرجت الناقة من وسطها فقال لهم صالح هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم قال فلما ملوها عقروها قال عبد العزيز بن رفيع فحدثني رجل قال فقال صالح لهم آية العذاب أن يصبحوا غدا خضرا واليوم الثاني صفرا واليوم الثالث سودا). [تفسير مجاهد: 464-465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة قال {هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} قال: كانت إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله فإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم وأرضهم). [الدر المنثور: 11/288-289]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إذا كان يومها أصدرتهم لبنا ما شاؤا). [الدر المنثور: 11/289]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولا تمسّوها بسوءٍ} يقول: لا تمسّوها بما يؤذيها من عقرٍ وقتلٍ ونحو ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {ولا تمسّوها بسوءٍ} لا تعقروها.
وقوله: {فيأخذكم عذاب يومٍ عظيمٍ} يقول: فيحلّ بكم من اللّه عذاب يومٍ عظيمٌ عذابه). [جامع البيان: 17/628]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا تمسّوها بسوءٍ فيأخذكم عذاب يومٍ عظيمٍ (156)
قوله تعالى: ولا تمسّوها بسوءٍ
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن الفضل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فسألوا يعني صالحًا أن يأتيهم بآيةٍ فجاءهم بالنّاقة لها شربٌ ولهم شرب يومٍ معلومٌ، وقال: فذروها تأكل في أرض اللّه ولا تمسّوها بسوءٍ فأقرّوا بها جميعًا فذلك قوله: فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى فكانوا قد أقرّوا بها على وجه النّفاق.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فمكثت النّاقة الّتي أخرج اللّه لهم معها سقبها في أرض ثمود ترعى الشّجر وتشرب الماء، فقال لهم صالحٌ: هذه ناقة اللّه لكم آيةً فذروها تأكل في أرض اللّه... ولا تمسّوها بسوءٍ فيأخذكم عذاب يومٍ عظيمٍ
قوله تعالى: فيأخذكم عذاب يومٍ عظيمٍ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر، أنبأ سعيد، عن قتادة، ثنا شهر بن حوشبٍ أنّه رأى مكانهم وأنّه لا يذكر منهم إلا موضع المسلّة صاروا رمادًا، قال اللّه عزّ وجلّ: إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2805]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن عبد العزيز ابن رفيع عن أبي الطفيل قال: قالت ثمود لنبي الله صالح فأت بآية إن كنت من الصادقين فقال لهم صالح اخرجوا فخرج بهم إلى هضبة من الأرض فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل فانفرجت فخرجت الناقة من وسطها فقال لهم صالح هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم قال فلما ملوها عقروها قال عبد العزيز بن رفيع فحدثني رجل قال فقال صالح لهم آية العذاب أن يصبحوا غدا خضرا واليوم الثاني صفرا واليوم الثالث سودا). [تفسير مجاهد: 464-465] (م)
تفسير قوله تعالى: (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فعقروها فأصبحوا نادمين (157) فأخذهم العذاب، إنّ في ذلك لآيةً، وما كان أكثرهم مؤمنين (158) وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم}.
يقول تعالى ذكره، فخالفت ثمود أمر نبيّها صالحٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فعقروا النّاقة الّتي قال لهم صالحٌ: لا تمسّوها بسوءٍ، فأصبحوا نادمين على عقرها، فلم ينفعهم ندمهم). [جامع البيان: 17/628]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فعقروها فأصبحوا نادمين
- حدّثنا هارون بن إسحاق الهمدانيّ، ثنا عبدة بن سليمان الكلابيّ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللّه بن زمعة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يذكر النّاقة والّذي عقرها فقال: إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجلٌ عارمٌ عزيزٌ في رهطه منيعٌ مثل أبي زمعة.
- حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن محمّد بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان الثّوريّ، عن أبي سنانٍ، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل قال: لمّا عقرت النّاقة صعد بكرها فوق جبلٍ، فرغا فما سمعه شيءٌ إلا همد.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا الوليد، ثنا خليد بن دعلجٍ، عن قتادة: أنّ ثمود لمّا عقروا النّاقة تغامزوا وقالوا: عليكم الفصل فصعد القارة جبل كان حتّى إذا كان يومًا استقبل القبلة وقال: يا ربّ: أمتّي، يا ربّ: أمتّي، يا ربّ: أمتّي، قال: فأرسلت عليهم الصّيحة عند ذلك. وروي، عن الحسن نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فرصدوا النّاقة حتّى صدرت، عن الماء وقد كمن لها قدارٌ في أصل الصّخرة على طريقها، وكمن لها مصدعٌ في أصل أخرى، فمرّت على مصدعٍ فرماها بسهمٍ فانتظم به عضلة ساقها، قال: فشدّ يعني قدارٌ على النّاقة بالسّيف فكشف عرقوبها فخرّت ورغت رغاةً واحدةً تحذّر سقبها ثمّ طعن في لبّتها فنحرها وانطلق.
حتّى أتى جبلا منيفًا ثمّ أتى صخرةً في رأس الجبل فرغا ثمّ لاذ بها وأتاهم صالحٌ فلمّا رأى النّاقة قد عقرت بكا ثمّ قال: انتهكتم حرمة اللّه فأبشروا بعذاب اللّه ونقمته). [تفسير القرآن العظيم: 8/2805-2806]
تفسير قوله تعالى: (فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأخذهم عذاب اللّه الّذي كان صالحٌ توعّدهم به فأهلكهم.
{إنّ في ذلك لآيةً} يقول: إنّ في إهلاك ثمود بما فعلت من عقرها ناقة اللّه وخلافها أمر نبيّ اللّه صالحٍ لعبرةً لمن اعتبر به يا محمّد من قومك. {وما كان أكثرهم مؤمنين} يقول: ولن يؤمن أكثرهم في سابق علم اللّه). [جامع البيان: 17/628-629]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأخذهم العذاب إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (158)
قوله تعالى: فأخذهم العذاب
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو اليمان، ثنا ابن عيّاشٍ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ، عن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: فعتوا، عن أمر ربّهم يعني قوم صالحٍ فعقروها فوعدهم اللّه أن يمتعوا في دارهم ثلاثة أيّامٍ فكان أمر اللّه وعدٌ غير مكذوبٌ فجاءتهم الصّيحة فأهلك الّذين كانوا منه تحت مشارق الأرض ومغاربها، إلا رجلٌ كان في حرم اللّه فمنعه حرم اللّه من عذاب اللّه.
فقيل يا رسول اللّه: من هو؟ فقال: أبو رغالٍ. قال: ومن أبو رغالٍ؟ قال: أبو ثقيفٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن يونس، ثنا ضمرة، عن ابن عطاءٍ، عن أبيه قال: لمّا قتل قوم صالحٍ النّاقة قال لهم صالحٌ: إنّ العذاب آتيكم قالوا له: وما علامة ذلك؟ قال: أن تصبح وجوهكم أوّل يومٍ محمرّةً، وفي اليوم الثّاني مصفرّةً، وفي اليوم الثّالث مسودّةً، فلمّا أصبحوا أوّل يومٍ جعل بعضهم ينظر في وجوه بعضٍ فيقول يا فلان: ما لوجهك أحمر؟ فيقول الآخر يا فلان: ما لوجهك أحمر؟ فلمّا كان اليوم الثّاني: اصفرّت وجوههم فجعل بعضهم يلقى بعضًا ويقول يا فلان: ما لوجهك أسود؟
حتّى أيقنوا بالعذاب، تحنّطوا، وتكفّنوا وأقاموا في بيتهم، قال: فصاح بهم جبريل صيحةً فذهبت أرواحهم.
قال عيسى: بلغني أنّ حنوطهم كان المرّ لأنّه يبقى.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فأتاهم صالحٌ فلمّا رأى النّاقة قد عقرت بكى وقال: انتهكتم حرمة اللّه فأبشروا بعذاب اللّه ونقمته قال وهم يهزئون به: ومتى ذلك يا صالح؟
وما آية ذلك؟ وكانوا يسمون الأيّام فيهم الأحد: أوّلٌ والاثنين: أهون والثّلاثاء: دبارٌ والأربعاء: جبارٌ والخميس: مؤنسٌ والجمعة: العروبة: والسّبت: شيار وكانوا عقروا النّاقة يوم الأربعاء، فقال لهم صالحٌ حين قالوا ذلك: تصبحون غداة مؤنسٍ يوم الخميس وجوهكم مصفرّةٌ، وتصبحون يوم العروبة يعني يوم الجمعة وجوهكم محمرّةً، ثمّ تصبحون يوم شيار يعني يوم السّبت وجوهكم مسودّةً، ثمّ يصبّحكم العذاب في أوّل يومٍ يعني يوم الأحد.
قوله تعالى: إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (158) وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم
تقدّم تفسيره.
- حدّثنا أبي، ثنا العبّاس بن الوليد بن صبحٍ الدّمشقيّ، ثنا مروان بن محمّدٍ، ثنا خالد بن زيد بن صبيحٍ، عن يونس بن ميسرة بن جلبس، عن أبي إدريس الخولانيّ قال: سمعت أبا الدّرداء رضي اللّه عنه يقول: إنّ عادًا ملئوا ما بين عدن إلى عمان خيلا ورجالا وسوامًا فعصوا اللّه فأهلكهم، فمن يشتري تراثهم بنعليّ هاتين؟ ألا إنّ ثموداً ملئوا ما بين الشّجر والحجر خيلا ورجالا وسوّامًا عصوا اللّه فأهلكهم فمن يشتري منّي تراثهم بنعليّ هاتين؟ ثمّ يقول لنفسه: فلا أحد). [تفسير القرآن العظيم: 8/2806-2807]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن عبد العزيز ابن رفيع عن أبي الطفيل قال: قالت ثمود لنبي الله صالح فأت بآية إن كنت من الصادقين فقال لهم صالح اخرجوا فخرج بهم إلى هضبة من الأرض فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل فانفرجت فخرجت الناقة من وسطها فقال لهم صالح هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم قال فلما ملوها عقروها قال عبد العزيز بن رفيع فحدثني رجل قال فقال صالح لهم آية العذاب أن يصبحوا غدا خضرا واليوم الثاني صفرا واليوم الثالث سودا). [تفسير مجاهد: 464-465] (م)
تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وإنّ ربّك} يا محمّد {لهو العزيز} في انتقامه من أعدائه {الرّحيم} بمن آمن به من خلقه). [جامع البيان: 17/629]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (158) وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم
تقدّم تفسيره.
- حدّثنا أبي، ثنا العبّاس بن الوليد بن صبحٍ الدّمشقيّ، ثنا مروان بن محمّدٍ، ثنا خالد بن زيد بن صبيحٍ، عن يونس بن ميسرة بن جلبس، عن أبي إدريس الخولانيّ قال: سمعت أبا الدّرداء رضي اللّه عنه يقول: إنّ عادًا ملئوا ما بين عدن إلى عمان خيلا ورجالا وسوامًا فعصوا اللّه فأهلكهم، فمن يشتري تراثهم بنعليّ هاتين؟ ألا إنّ ثموداً ملئوا ما بين الشّجر والحجر خيلا ورجالا وسوّامًا عصوا اللّه فأهلكهم فمن يشتري منّي تراثهم بنعليّ هاتين؟ ثمّ يقول لنفسه: فلا أحد). [تفسير القرآن العظيم: 8/2806-2807] (م)