تفسير قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ إبراهيم (69) إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون (70) قالوا نعبد أصنامًا فنظلّ لها عاكفين}.
يقول تعالى ذكره: واقصص على قومك من المشركين يا محمّد خبر إبراهيم حين قال لأبيه وقومه: أيّ شيءٍ تعبدون؟). [جامع البيان: 17/589]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: واتل عليهم نبأ إبراهيم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ إنّ أوّل ملكٍ ملك في الأرض شرقها وغربها نمرود بن كنعان بن كوشن بن سام بن نوحٍ وكانت الملوك الّذين ملكوا الأرض أربعةً نمرود وسليمان بن داود وذو القرنين وبخت نصّر مسلمين وكافرين، وإنّه اطّلع كوكبٌ على نمرود ذهب بضوء الشّمس والقمر ففزع من ذلك فدعا السّحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم، عن ذلك فقالوا يخرج من ملكك رجلٌ يكون على وجهه هلاكك وهلاك ملكك، وكان مسكنه ببابل الكوفة فخرج من قريته إلى قريةٍ أخرى وأخرج الرّجال وترك النّساء وأمر ألا يولد مولودٌ ذكرٌ إلا ذبحه فذبح أولادهم، ثمّ إنّه بدت له حاجةٌ في المدينة لم يأمن عليها إلا آزر أبو إبراهيم فدعاه فأرسله فقال له: انظر لا تواقع أهلك فقال له آزر أنا أضنّ بديني من ذلك فلمّا دخل القرية نظر إلى أهله فلم يملك نفسه أن وقع عليها ففرّ بها إلى قريةٍ بين الكوفة والبصرة يقال لها أور فجعلها في سربٍ فكان يتعاهدها بالطّعام وممّا يصلحها وإنّ الملك لمّا طال عليه الأمر قال: قول سحرةٍ كذّابين ارجعوا إلى بلدكم، فرجعوا وولد إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام فكان في كلّ يومٍ يمرّ به كأنّه جمعةٌ والجمعة كالشّهر من سرعة نمائه، نسّي الملك ذلك، وكبر إبراهيم ولا يدري أحدٌ من الخلق غيره وغير أبيه وأمّه فقال آزر لأصحابه: إنّ لي ابنا وقد خبّأته فتخافون عليه الملك إن أنا جئت به، قالوا: لا فأت به فانطلق فأخرجه، فلمّا خرج الغلام من السّرب نظر إلى الدّوابّ والبهائم والخلق فجعل يسأل أباه فيقول: ما هذا فيخبره، عن البعير أنّه بعيرٌ وعن البقرة أنّها بقرةٌ وعن الشّاة أنّها شاةٌ فقال: ما لهؤلاء الخلق بدٌّ من أن يكون لهم ربٌّ.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة بن الفضل قال، ثنا محمّد بن إسحاق كان من حديث إبراهيم أنّ آزر كان رجلا من أهل كوثى من أهل قريةٍ بالسّواد سواد الكوفة وكان إذ ذاك ملك المشرق لنمرود الخابط وكان يقال له العاصي وكان ملكه فيما يزعمون قد أحاط بمشارق الأرض ومغاربها وكان ببابل، وكان ملك قومه بالمشرق وقيل ملك فارس ويقال لم يجتمع ملك الأرض ولم يجتمع النّاس على ملكٍ واحدٍ إلّا على ثلاثة ملوكٍ نمرود بن راعو وذو القرنين وسليمان ابن داود فلمّا أراد اللّه أن يبعث إبراهيم حجّةً على قومه ورسولا إلى عباده ولم يكن فيما بين نوحٍ وإبراهيم نبيٌّ قبله إلّا هودٌ وصالحٌ فلمّا تقارب زمان إبراهيم الّذي أراد اللّه فيه ما أراد أتى أصحاب النّجوم نمرود فقالوا له إنّا نجد في علمنا أنّ غلامًا يولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم يفارق دينكم ويكسر أوثانكم في شهر كذا وكذا فكان ممّا أجاز عندي هذا الحديث وصدّقت به أنّ للمرسل نجومًا يولدون بها يعرفها أصحاب العلم من أهل العلم بها.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن، ثنا سلمة قال ابن إسحاق: فلمّا دخلت السّنة الّتي وصف أصحاب النّجوم لنمرود بعث نمرود إلى كلّ امرأةٍ بحبلها وذلك أنها كانت جادة حديثه فيما يذكرون لم يعزف الحبل في بطنها ولمّا أراد اللّه أن يبلغ بولدها أراد أن يقتل كلّ غلامٍ ولد في ذلك الشّهر من تلك السّنة حذرا على ملكه فجعل لا تلد امرأةٌ غلامًا في ذلك الشّهر من تلك السّنة إلا أمر به فذبح فلمّا وجدت أمّ إبراهيم الطّلق خرجت ليلا إلى مغارةٍ كانت قريبًا منها فولدت فيها إبراهيم وأصلحت من شأنه ما يصنع بالمولود ثمّ سدّت عليه المغارة ثمّ رجعت إلى بيتها ثمّ كانت تطالعه في المغارة لتنظر ما فعل فتجده حيًّا يمصّ إبهامه- واللّه أعلم فيما يزعمون- إنّ اللّه عزّ وجلّ جعل رزق إبراهيم فيها وما يجيئه من مصّةٍ، وكان آزر فيما يزعمون سأل أمّ إبراهيم، عن حملها ما فعل فقالت: ولدت غلامًا فمات فصدّقها وسكت عنها فكان اليوم فيما يذكرون على إبراهيم في الشّباب كالشّهر والشّهر كالسّنة فلم يمكث إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم في المغارة فيما يذكرون إلا خمسة عشر شهرًا حتّى قال لأمّه أخرجيني فأخرجته عشاءً فنظر فتفكّر في خلق السماوات والأرض وقال: إنّ الّذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربي مالي إلهٌ غيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/2776-2778]
تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ إبراهيم (69) إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون (70) قالوا نعبد أصنامًا فنظلّ لها عاكفين}.
يقول تعالى ذكره: واقصص على قومك من المشركين يا محمّد خبر إبراهيم حين قال لأبيه وقومه: أيّ شيءٍ تعبدون؟). [جامع البيان: 17/589] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون (70)
قوله عزّ وجلّ: إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فجعل إبراهيم يدعوا قومه وينذرهم فكان أبوه يصنع الأصنام فيعطيها ولده فيبيعونها وكان يعطيه فينادي: من يشتري ما يضرّه ولا ينفعه فرجع إخوته وقد باعوا أصنامهم ويرجع إبراهيم بأصنامه كما هي). [تفسير القرآن العظيم: 8/2778]
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({قالوا} له: {نعبد أصنامًا فنظلّ لها عاكفين} يقول: فنظلّ لها خدمًا مقيمين على عبادتها وخدمتها.
وقد بيّنّا معنى العكوف بشواهده فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وكان ابن عبّاسٍ فيما روي عنه يقول في معنى ذلك ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، قوله: {قالوا نعبد أصنامًا فنظلّ لها عاكفين} قال: الصّلاة لأصنامهم). [جامع البيان: 17/589]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: قالوا نعبد أصنامًا فنظلّ لها عاكفين
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: لها عاكفين عابدين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2778]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فنظل لها عاكفين} قال: عابدين {قال هل يسمعونكم إذ تدعون} يقول: هل تجيبكم آلهتكم إذا دعوتموهم). [الدر المنثور: 11/269]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال هل يسمعونكم إذ تدعون (72) أو ينفعونكم أو يضرّون (73) قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون}.
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لهم: هل تسمع دعاءكم هؤلاء الآلهة إذ تدعونهم.
واختلف أهل العربيّة في معنى ذلك: فقال بعض نحويّي البصرة معناه: هل يسمعون منكم أو هل يسمعون دعاءكم، فحذف الدّعاء، كما قال زهيرٌ:
القائد الخيل منكوبًا دوابرها = قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا
وقال: يريد أحكمت حكمات الأبق، فألقى الحكمات وأقام الأبق مقامها.
وقال بعض من أنكر ذلك من قوله من أهل العربيّة: الفصيح من الكلام في ذلك هو ما جاء في القرآن، لأنّ العرب تقول: سمعت زيدًا متكلّمًا، يريدون: سمعت كلام زيدٍ، ثمّ تعلم أنّ السّمع لا يقع على الأناسيّ. إنّما يقع على كلامهم ثمّ يقولون: سمعت زيدًا: أي سمعت كلامه. قال: ولو لم يقدّم في بيت زهيرٍ حكمات القدّ لم يجز أن يسبق بالأبق عليها، لأنّه لا يقال: رأيت الأبق، وهو يريد الحكمة). [جامع البيان: 17/589-590]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى قال هل يسمعونكم إذ تدعون (72) أو ينفعونكم أو يضرون
- وبه عن قتادة قال: هل يسمعونكم إذ تدعون؟ هل تجيبكم آلهتكم إذا دعوتموهم؟.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق قال رجع إبراهيم إلى أبيه آزر وقد استقامت وجهته وعرف رده وبرئ من دين قومه إلا أنّه لم يباديهم بذلك أخبره أنّه ابنه وأخبرته أمّ إبراهيم أنّه ابنه وأخبرته بما كانت صنعت في حقّه فسرّ بذلك آزر وفرح به فرحًا شديدًا وكان آزر يصنع أصنام قومه الّتي يعبدون ثمّ يعطيها إبراهيم يبيعها له فيذهب بها فيما يذكرون فيقول من يشتري ما يضر ولا ينفعه فلا يشتريها منه أحدٌ فإذا بارت عليه ذهب بها إلى نهرٍ لهم فصوب فيه رؤسها وقال: اشربي استهزاءً بقومه وبما هم عليه من ضلالةٍ حتّى فشا عيبه إيّاها واستهزاؤه بها في قومه وأهل قريته من غير أن يكون ذلك بلغ نمرود الملك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2778-2779]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فنظل لها عاكفين} قال: عابدين {قال هل يسمعونكم إذ تدعون} يقول: هل تجيبكم آلهتكم إذا دعوتموهم). [الدر المنثور: 11/269] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {هل يسمعونكم} قال: هل يسمعون أصواتكم). [الدر المنثور: 11/269]
تفسير قوله تعالى: (أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أو ينفعونكم أو يضرّون} يقول: أو تنفعكم هذه الأصنام، فيرزقونكم شيئًا على عبادتكموها، أو يضرّونكم فيعاقبونكم على ترككم عبادتها بأن يسلبوكم أموالكم، أو يهلكوكم إذا هلكتم وأولادكم). [جامع البيان: 17/590]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى قال هل يسمعونكم إذ تدعون (72) أو ينفعونكم أو يضرون
- وبه عن قتادة قال: هل يسمعونكم إذ تدعون؟ هل تجيبكم آلهتكم إذا دعوتموهم؟.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق قال رجع إبراهيم إلى أبيه آزر وقد استقامت وجهته وعرف رده وبرئ من دين قومه إلا أنّه لم يباديهم بذلك أخبره أنّه ابنه وأخبرته أمّ إبراهيم أنّه ابنه وأخبرته بما كانت صنعت في حقّه فسرّ بذلك آزر وفرح به فرحًا شديدًا وكان آزر يصنع أصنام قومه الّتي يعبدون ثمّ يعطيها إبراهيم يبيعها له فيذهب بها فيما يذكرون فيقول من يشتري ما يضر ولا ينفعه فلا يشتريها منه أحدٌ فإذا بارت عليه ذهب بها إلى نهرٍ لهم فصوب فيه رؤسها وقال: اشربي استهزاءً بقومه وبما هم عليه من ضلالةٍ حتّى فشا عيبه إيّاها واستهزاؤه بها في قومه وأهل قريته من غير أن يكون ذلك بلغ نمرود الملك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2778-2779] (م)
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون}. وفي الكلام متروكٌ استغنى بدلالة ما ذكر عمّا ترك، وذلك جوابهم إبراهيم عن مسألته إيّاهم: {هل يسمعونكم إذ تدعون، أو ينفعونكم أو يضرّون} فكان جوابهم إيّاه: لا، ما يسمعوننا إذا دعوناهم، ولا ينفعوننا ولا يضرّون، يدلّ على أنّهم بذلك أجابوه. قولهم: {بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} وذلك أنّ (بل) رجوعٌ عن مجحودٍ، كقول القائل: ما كان كذا بل كذا وكذا.
ومعنى قولهم: {وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} وجدنا من قبلنا، ولا يضرّون، يدلّ على أنّهم بذلك أجابوه قولهم من آبائنا يعبدونها ويعكفون عليها لخدمتها وعبادتها، فنحن نفعل ذلك اقتداءً بهم، واتّباعًا لمنهاجهم). [جامع البيان: 17/590]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون (74)
قوله: قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون
- حدّثنا أبي، ثنا بندارٌ، ثنا يحيى بن سعيدٍ، ثنا كهمس بن الحسن، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه أنّه رأى قومًا يمرّ بعضهم على بعضٍ فقال: يوشك هؤلاء أن يقولوا إنّا رأينا آباءنا كذلك يفعلون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة يعنى قوله: بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون يعنى على دينٍ وإنّا متّبعوهم على ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2779]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون (76) فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربّ العالمين}.
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لقومه: {أفرأيتم} أيّها القوم {ما كنتم تعبدون} من هذه الأصنام). [جامع البيان: 17/591]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون
بياضٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2779]
تفسير قوله تعالى: (أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أنتم وآباؤكم الأقدمون}، يعني بالأقدمين: الأقدمين من الّذين كان إبراهيم يخاطبهم، وهم الأوّلون قبلهم ممّن كان على مثل ما كان عليه الّذين كلّمهم إبراهيم من عبادة الأصنام). [جامع البيان: 17/591]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون
بياضٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2779] (م)
تفسير قوله تعالى: (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربّ العالمين}.
يقول قائلٌ: وكيف يوصف الخشب والحديد والنّحاس بعداوة ابن آدم؟ فإنّ معنى ذلك: فإنّهم عدوٌّ لي لو عبدتهم يوم القيامة، كما قال جلّ ثناؤه {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا. كلاّ، سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًا}.
وقوله: {إلاّ ربّ العالمين} نصبًا على الاستثناء.
و(العدوّ) بمعنى الجمع، ووحّد لأنّه أخرج مخرج المصدر، مثل القعود والجلوس. ومعنى الكلام: أفرأيتم كلّ معبودٍ لكم ولآبائكم، فإنّي منه بريءٌ لا أعبده، إلاّ ربّ العالمين). [جامع البيان: 17/591]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فإنّهم عدوٌّ لي إلا ربّ العالمين
- حدثنا علي حربٍ الموصليّ، ثنا زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقدٍ، عن مطرٍ الورّاق، عن قتادة في قول اللّه: ربّ العالمين قال: وما صف من خلقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2779]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذي خلقني فهو يهدين (78) والّذي هو يطعمني ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين}.
يقول: فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربّ العالمين {الّذي خلقني فهو يهدين} للصّواب من القول والعمل، ويسدّدني للرّشاد). [جامع البيان: 17/591-592]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله عزّ وجلّ: الّذي خلقني فهو يهدين
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن حمزة فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة في قوله: الّذي خلقني فهو يهدين قال: كان يقال أوّل نعمة اللّه على عبده حين خلقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2779]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان يقال أول نعمة الله على عبده حين خلقه). [الدر المنثور: 11/269]
تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({والّذي هو يطعمني ويسقين} يقول: والّذي يغذوني بالطّعام والشّراب ويرزقني الأرزاق). [جامع البيان: 17/592]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: والّذي هو يطعمني ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق، فلمّا وجدت أمّ إبراهيم الطّلق خرجت ليلا إلى مغارةٍ فذكر القصّة كما كتب قبل هذه الورقة وقال إنّ الّذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربّي ما لي إلهٌ غيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/2779-2780]
تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وإذا مرضت فهو يشفين} يقول: وإذا سقم جسمي واعتلّ، فهو يبرئه ويعافيه). [جامع البيان: 17/592]
تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذي يميتني ثمّ يحيين (81) والّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين}.
يقول: والّذي يميتني إذا شاء ثمّ يحييني إذا أراد بعد مماتي). [جامع البيان: 17/592]
تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({والّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين} فربّي هذا الّذي بيده نفعي وضرّي، وله القدرة والسّلطان، وله الدّنيا والآخرة، لا الّذي لا يسمع إذا دعي، ولا ينفع ولا يضرّ. وإنّما كان هذا الكلام من إبراهيم احتجاجًا على قومه، في أنّه لا تصلح الألوهة، ولا ينبغي أن تكون العبودة إلاّ لمن يفعل هذه الأفعال، لا لمن لا يطيق نفعًا ولا ضرًّا.
وقيل: إنّ إبراهيم صلوات اللّه عليه، عني بقوله: {والّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين} والّذي أرجو أن يغفر لي قولي: {إنّي سقيمٌ} وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} وقولي لسارة إنّها أختي.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين} قال: قوله: {إنّي سقيمٌ} وقوله {فعله كبيرهم هذا} وقوله لسارة: إنّها أختي، حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين} قال: قوله {إنّي سقيمٌ} وقوله {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله لسارة: إنّها أختي.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن عكرمة ومجاهدٍ، نحوه.
ويعني بقوله {يوم الدّين} يوم الحساب يوم المجازاة. وقد بيّنّا ذلك بشواهده فيما مضى). [جامع البيان: 17/592-593]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: والّذي يميتني ثمّ يحيين (81) والّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ يغفر لي خطيئتي يوم الدّين قوله: إني سقيم وقوله: بل فعله كبيرهم هذا وقوله: لسارة إنّها أختي حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها.
- حدّثنا يحيى بن حبيب بن إسماعيل بن عبد اللّه بن حبيب بن أبي ثابتٍ حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة أن ّرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال إنّ إبراهيم لم يكذب غير ثلاثٍ اثنتين في ذات اللّه قوله: إني سقيم وقوله: بل فعله كبيرهم هذا قال وبينا هو يسر في أرض جبّارٍ من الجبابرة ومعه سارة الحديث بتمامه كتب في سورة الأنبياء
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين قال: قال: خليل اللّه ما تسمعون ليس كما قال أهل الفرى والكذب فلانٌ في النّار وفلانٌ في الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2780]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله يوم الدّين
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيدٍ الزّيّات، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: يوم الدّين يوم حساب الخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ إلا من عفي عنه
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن غيلان، ثنا سفينان بن عيينة، عن حميدٍ الأعرج في قول الله يوم الدين قال: يوم الجزاء). [تفسير القرآن العظيم: 8/2780]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين قال هو قوله إني سقيم
وقوله فعله كبيرهم هذا وقوله لسارة أنها أختي حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها). [تفسير مجاهد: 462-463]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب بن خالدٍ، ثنا أبو واقدٍ، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّها قالت: يا رسول اللّه، إنّ عبد اللّه بن جدعان كان يقري الضّيف، ويصل الرّحم ويفعل ويفعل أينفعه ذلك؟ قال: " لا، إنّه لم يقل يومًا قطّ: ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدّين «صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} قال: قوله {إني سقيم} الصافات الآية 29 وقوله {بل فعله كبيرهم هذا} الأنبياء الآية 63 وقوله لسارة: انها أختي، حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها). [الدر المنثور: 11/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر، وابن مردويه من طريق الحسن عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ العبد لصلاة مكتوبة فاسبغ الوضوء ثم خرج من باب داره يريد المسجد فقال حين يخرج: بسم الله الذي خلقني فهو يهدين، هداه الله للصواب - ولفظ ابن مردويه: لصواب الاعمال - والذي هو يطعمني ويسقين، أطعمه الله من طعام الجنة وسقاه من شراب الجنة واذا مرضت فهو يشفين، شفاه الله وجعل مرضه كفارة لذنوبه والذي يميتني ثم يحيين، أحياه الله حياة السعداء وأماته ميتة الشهداء والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين، غفر الله خطاياه كلها وان كانت أكثر من زبد البحر رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين، وهب الله له حكما وألحقه بصالح من مضى وصالح من بقي واجعل لي لسان صدق في الآخرين، كتب في ورقة بيضاء ان فلان بن فلان من الصادقين ثم وفقه الله بعد ذلك للصدق واجعلني من ورثة جنة النعيم، جعل الله له القصور والمنازل في الجنة وكان الحسن يزيد فيه - واغفر لوالدي كما ربياني صغيرا). [الدر المنثور: 11/270-271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عائشة انها قالت: يا رسول الله أن ابن جدعان كان يقري الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل، أينفعه ذلك قال: لا، انه لم يقل يوما قط: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين). [الدر المنثور: 11/271]