تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون اللّه فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلّوا السّبيل}.
يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المكذّبين بالسّاعة العابدين الأوثان، وما يعبدون من دون اللّه من الملائكة والإنس والجنّ.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون اللّه} فيقول: {أأنتم أضللتم} عبادي هؤلاء قال: عيسى وعزيرٌ والملائكة.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه أبو جعفرٍ القارئ، وعبد اللّه بن كثيرٍ: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون اللّه فيقول} بالياء جميعًا، بمعنى: ويوم يحشرهم ربّك، ويحشر ما يعبدون من دونه فيقول.
وقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: (نحشرهم) بالنّون، فنقول وكذلك قرأه نافعٌ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء} يقول: فيقول اللّه للّذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون اللّه: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء؟ يقول: أنتم أزلتموهم عن طريق الهدى، ودعوتموهم إلى الغيّ والضّلالة حتّى تاهوا وهلكوا، أم هم ضلّوا السّبيل؟ يقول: أم عبادي هم الّذين ضلّوا سبيل الرّشد والحقّ، وسلكوا العطب). [جامع البيان: 17/414-415]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون اللّه فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلّوا السّبيل (17)
قوله تعالى: ويوم نحشرهم
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: يوم قال: يوم القيامة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا ابن نميرٍ، عن حنظلة القاصّ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: يحشر كلّ شيءٍ حتّى إنّ الذّباب ليحشر.
- حدّثنا عمرٌو الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون، عن مجاهد: يوم نحشرهم قال: حشر الموت.
قوله تعالى: وما يعبدون من دون اللّه
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون اللّه هؤلاء عيسى وعزيرٌ والملائكة.
قوله تعالى: فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلّوا السّبيل
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكيرٌ، عن مقاتل بن حبان يعنى قوله: أم هم ضلّوا السّبيل يقول: قد أخطأ قصد السّبيل). [تفسير القرآن العظيم: 8/2671-2672]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء يعني أنه يقول لعيسى وعزير والملائكة أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء). [تفسير مجاهد: 448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا * فقد كذبوا بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا.
أخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي} قال: عيسى وعزير والملائكة). [الدر المنثور: 11/146]
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى وكانوا قوما بورا قال هم الذين لا خير فيهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء ولكن متّعتهم وآباءهم حتّى نسوا الذّكر وكانوا قومًا بورًا}.
يقول تعالى ذكره: قالت الملائكة الّذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون اللّه وعيسى: تنزيهًا لك يا ربّنا، وتبرئةً ممّا أضاف إليك هؤلاء المشركون، ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء نواليهم، أنت وليّنا من دونهم، ولكن متّعتهم بالمال يا ربّنا في الدّنيا والصّحّة حتّى نسوا الذّكر، وكانوا قومًا هلكى، قد غلب عليهم الشّقاء والخذلان.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولكن متّعتهم وآباءهم حتّى نسوا الذّكر وكانوا قومًا بورًا} يقول: قومٌ قد ذهبت أعمالهم وهم في الدّنيا، ولم تكن لهم أعمالٌ صالحةٌ.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكانوا قومًا بورًا} يقول: هلكى.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وكانوا قومًا بورًا} يقول: هلكى.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن: {وكانوا قومًا بورًا} قال: هم الّذين لا خير فيهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وكانوا قومًا بورًا} قال: يقول: ليس من الخير في شيءٍ. البور: الّذي ليس فيه من الخير شيءٌ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الأمصار: {" نتّخذ.} بفتح النّون؛ سوى الحسن ويزيد بن القعقاع، فإنّهما قرآه: (أن نتّخذ) بضمّ النّون. فذهب الّذين فتحوها إلى المعنى الّذي بيّنّاه في تأويله، من أنّ الملائكة وعيسى ومن عبد من دون اللّه من المؤمنين هم الّذين تبرّءوا أن يكون كان لهم وليّ غير اللّه تعالى ذكره.
وأمّا الّذين قرءوا ذلك بضمّ النّون، فإنّهم وجّهوا معنى الكلام إلى أنّ المعبودين في الدّنيا إنّما تبرّءوا إلى اللّه أن يكون كان لهم أن يعبدوا من دون اللّه جلّ ثناؤه، كما أخبر اللّه عن عيسى أنّه قال إذ قيل له: {أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍّ}، {ما قلت لهم إلاّ ما أمرتني به أن اعبدوا اللّه ربّي وربّكم}.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصّواب قراءة من قرأه بفتح النّون، لعللٍ ثلاثٍ: إحداهنّ إجماعٌ من القرّاء عليها. والثّانية: أنّ اللّه جلّ ثناؤه ذكر نظير هذه القصّة في سورة سبأٍ، فقال: {ويوم يحشرهم جميعًا ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم}، فأخبر عن الملائكة، أنّهم إذا سئلوا عن عبادة من عبدهم تبرّءوا إلى اللّه من ولايتهم، فقالوا لربّهم: {أنت وليّنا من دونهم}، فذلك يوضّح عن صحّة قراءة من قرأ ذلك: {ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء} بمعنى: ما كان ينبغي لنا أن نتّخذهم من دونك أولياء. والثّالثة: أنّ العرب لا تدخل (من) هذه الّتي تدخل في الجحد إلاّ في الأسماء، ولا تدخلها في الأخبار، لا يقولون: ما رأيت أخاك من رجلٍ، وإنّما يقولون: ما رأيت من أحدٍ، وما عندي من رجلٍ؛ وقد دخلت هاهنا في الأولياء وهي في موضع الخبر، ولو لم تكن فيها (من)، كان وجهًا حسنًا.
وأمّا البور: فمصدرٌ واحدٌ، وجمعٌ للبائر، يقال: أصبحت منازلهم بورًا: أي خاليةً لا شيء فيها، ومنه قولهم: بارت السّوق وبار الطّعام: إذا خلا من الطّلاّب، والمشتري، فلم يكن له طالبٌ، فصار كالشّيء الهالك؛ ومنه قول ابن الزّبعرى:
يا رسول المليك إنّ لساني = راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
وقد قيل: إنّ بور: مصدرٌ، كالعدل والزّور والقطع، لا يثنّى، ولا يجمع، ولا يؤنّث.
وإنّما أريد بالبور في هذا الموضع أنّ أعمال هؤلاء الكفّار كانت باطلةً لأنّها لم تكن للّه، كما ذكرنا عن ابن عبّاسٍ). [جامع البيان: 17/416-419]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء ولكن متّعتهم وآباءهم حتّى نسوا الذّكر وكانوا قومًا بورًا (18)
قوله تعالى: قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء هذا قول الآلهة.
قوله تعالى: من أولياء
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن الفضل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: من أولياء قال: أمّا الوليّ فالّذي يتولاه اللّه ويقرّ له بالرّبوبية.
قوله تعالى: ولكن متّعتهم وآباءهم
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولكن متّعتهم وآباءهم حتّى نسوا الذّكر يقول: قومٌ قد ذهبت أعمالهم في الدّنيا ولم يكن لهم أعمالٌ صالحةٌ.
قوله تعالى: حتّى نسوا الذّكر
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ قال: سألت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن قول اللّه: الذّكر قال: القرآن.
قوله تعالى: وكانوا قومًا بورًا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: بورًا يقول: هلكى.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو ربيعة زيد بن عونٍ، ثنا عوف بن موسى، ثنا فرقدٌ السّبخيّ، عن شهر بن حوشبٍ في قوله: وكانوا قومًا بورًا قال: معناه فسدتم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة: وكانوا قومًا بورًا قال: هو الفساد.
- حدّثنا أبي أنبأ أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ حدّثني سويدٌ، عن قتادة البور بكلام عمان.
- حدثنا محمد بن يحي أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وكانوا قومًا بورًا والبور: الفاسد وإنّه واللّه ما نسي قومٌ قطّ ذكر اللّه إلا باروا وفسدوا.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن الحسن في قوله: كنتم قومًا بورًا قال: هم الّذين لا خير فيهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2672-2673]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وكانوا قوما بورا يعني هالكين). [تفسير مجاهد: 448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم، وابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن غنم قال: سألت معاذ بن جبل عن قول الله {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} أو نتخذ فقال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {أن نتخذ} بنصب النون فسألته عن {الم غلبت الروم} الروم الآيتان 1 - 2 أو غلبت قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {غلبت الروم} ). [الدر المنثور: 11/147]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن الضحاك قال: قرأ رجل عند علقمة {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك} برفع النون ونصب الخاء فقال علقمة {أن نتخذ} بنصب النون وخفض الخاء). [الدر المنثور: 11/147]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه كان يقرؤها {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك} برفع النون ونصب الخاء). [الدر المنثور: 11/147]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} قال: هذا قول الالهة {ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا} قال: البور: الفاسد، وإنه ما نسي الذكر قوم قط إلا باروا وفسدوا). [الدر المنثور: 11/147-148]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قوما بورا} قال: هلكى). [الدر المنثور: 11/148]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له أخبرني عن قوله عز وجل {قوما بورا} قال: هلكى بلغة عمان وهم من اليمن قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكم * وكافوا به فالكفر بور لصانعه). [الدر المنثور: 11/148]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: البور: بكلام عمان). [الدر المنثور: 11/148]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {بورا} قال قاسين لا خير فيهم). [الدر المنثور: 11/148]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قوما بورا} قال: هالكين {فقد كذبوكم بما تقولون} يقول الله للذين كانوا يعبدون عيسى وعزيرا والملائكة حين قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم فقد كذبوكم بما تقولون عيسى وعزيرا والملائكة حين يكذبون المشركين بقولهم {فما تستطيعون صرفا ولا نصرا} قال: المشركون لا يستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم). [الدر المنثور: 11/148-149]
تفسير قوله تعالى: (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى ومن يظلم منكم قال هو الشرك). [تفسير عبد الرزاق: 2/67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فقد كذّبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عمّا هو قائلٌ للمشركين عند تبرّي من كانوا يعبدونه في الدّنيا من دون اللّه منهم: قد كذّبوكم أيّها الكافرون من زعمتم أنّهم أضلّوكم، ودعوكم إلى عبادتهم {بما تقولون} يعني بقولكم، يقول: كذّبوكم بكذبكم.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى،؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فقد كذّبوكم بما تقولون} يقول اللّه للّذين كانوا يعبدون عيسى وعزيرًا والملائكة، يكذّبون المشركين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فقد كذّبوكم بما تقولون} قال: عيسى وعزيرٌ والملائكة، يكذّبون المشركين بقولهم.
وكان ابن زيدٍ يقول في تأويل ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فقد كذّبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا} قال: كذّبوكم بما تقولون بما جاء من عند اللّه جاءت به الأنبياء، والمؤمنون آمنوا به وكذّب هؤلاء.
فوجّه ابن زيدٍ تأويل قوله: {فقد كذّبوكم} إلى: فقد كذّبوكم أيّها المؤمنون المكذّبون بما جاءهم به محمّدٌ من عند اللّه بما تقولون من الحقّ، وهو أن يكون خبرًا عن الّذين كذّبوا الكافرين في زعمهم أنّهم دعوهم إلى الضّلالة، وأمروهم بها، على ما قاله مجاهدٌ من القول الّذي ذكرنا عنه، أشبه وأولى؛ لأنّه في سياق الخبر عنهم.
والقراءة في ذلك عندنا: {فقد كذّبوكم بما تقولون} بالتّاء، على التّأويل الّذي ذكرناه، لإجماع الحجّة من قرّاء الأمصار عليه. وقد حكي عن بعضهم أنّه قرأه: (فقد كذّبوكم بما يقولون) بالياء، بمعنى: فقد كذّبوكم بقولهم.
وقوله جلّ ثناؤه: {فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا} يقول: فما يستطيع هؤلاء الكفّار صرف عذاب اللّه حين نزل بهم عن أنفسهم، ولا نصرها من اللّه حين عذّبها وعاقبها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا} قال: المشركون لا يستطيعونه.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا} قال: المشركون.
قال ابن جريجٍ: لا يستطيعون صرف العذاب عنهم، ولا نصر أنفسهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا} قال: لا يستطيعون يصرفون عنهم العذاب الّذي نزل بهم حين كذّبوا، ولا أن ينتصروا. قال: وينادي منادٍ يوم القيامة حين يجتمع الخلائق: ما لكم لا تناصرون؟ قال: من عبد من دون اللّه لا ينصر اليوم من عبده، وقال العابدون من دون اللّه لا ينصره اليوم إلهه الّذي يعبد من دون اللّه، فقال اللّه تبارك وتعالى: {بل هم اليوم مستسلمون} وقرأ قول اللّه جلّ ثناؤه: {فإن كان لكم كيدٌ فكيدون}.
وروي عن ابن مسعودٍ، في ذلك ما:
- حدّثنا به، أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: هي في حرف عبد اللّه بن مسعودٍ: فما يستطيعون لك صرفًا.
فإن تكن هذه الرّواية عنه صحيحةً، صحّ التّأويل الّذي تأوّله ابن زيدٍ في قوله: {فقد كذّبوكم بما تقولون} ويصير قوله: {فقد كذّبوكم} خبرًا عن المشركين أنّهم كذّبوا المؤمنين، ويكون تأويل قوله حينئذٍ: {فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا} فما يستطيع يا محمّد هؤلاء الكفّار لك صرفًا عن الحقّ الّذي هداك اللّه له، ولا نصر أنفسهم، ممّا بهم من البلاء الّذي هم فيه، بتكذيبهم إيّاك.
القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: {ومن يظلم منكم} أيّها المؤمنون يعني بقوله: {ومن يظلم} ومن يشرك باللّه فيظلم نفسه فذلك نذقه عذابًا كبيرًا، كالّذي ذكرنا أن نذيقه الّذين كذّبوا بالسّاعة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثني الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {ومن يظلم منكم} قال: يشرك؛ {نذقه عذابًا كبيرًا}.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {ومن يظلم منكم} قال: هو الشّرك). [جامع البيان: 17/419-422]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فقد كذّبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا (19)
قوله تعالى: فقد كذّبوكم بما تقولون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فقد كذّبوكم بما تقولون يقول اللّه: للّذين كانوا يعبدون عيسى وعزير والملائكة حيث قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم، يقول اللّه: فقد كذّبوكم بما تقولون عيس وعزيرٌ والملائكة حيث يعذّبون أو قال: حين يكذّبون المشركين.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ، قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: فقد كذّبوكم بما تقولون قال: كذّبوكم بما جاء من عند اللّه جاءت به الأنبياء المؤمنون آمنوا به وكذّبوا هؤلاء.
قوله تعالى: فما يستطيعون صرفًا ولا نصرًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فما يستطيعون صرفًا ولا نصرًا المشركون لا يستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: فما يستطيعون صرفا ولا نصرا فما يستطيعون أن يصدقوا العذاب عنهم الّذي نزل بهم حين كذّبوا ولا أن ينصروا قال: وينادي منادٍ يوم القيامة حيث يجمع اللّه الخلائق: ما لكم لا تناصرون قال: من عبد من دون اللّه، لا ينصر اليوم من عبده وما للعابدين دون الله لا ينصروا اليوم إلهه الّذي يعبد من دون اللّه فقال اللّه: بل هم اليوم مستسلمون وقرأ قول اللّه: فإن كان لكم كيدٌ فكيدون.
قوله تعالى: ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: كلّ شيءٍ نسبه إلى غير الإسلام من اسمٍ مثل مسرفٍ وظالمٍ ومجرمٍ وفاسقٍ وخاسرٍ فإنّما يعنى به الكفر، وما نسبه إلى الإسلام فإنّما يعنى به الذّنب قال: ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا يقول: ومن يكفر منكم قال: وأعتدنا للظّالمين يقول: للكافرين.
- أخبرنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم حدّثني عبد الصّمد أنّه سمع وهبًا يقول: قرأت اثنين وسبعين كتابًا نزلت من السّماء ما سمعت: كتابًا أكثر تكريرًا فيه الظّلم ومعاتبةً عليه من القرآن وذلك لأنّ اللّه علم أنّ فتنة هذه الأمّة تكون في الظلم وما الآخرين من الأمم فإنّه أكثر معاتبة إيّاهم في الشّرك وعبادة الأوثان وإنّه ذكر معاتبة هذه الأمّة بالظّلم فقال: ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا: وأن لعنة اللّه على الظالمين ونزع بأشباه هذا من القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 8/2673-2674]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فقد كذبوكم بما تقولون قال يقول الله عز وجل للمشركين الذين عبدوا عيسى وعزير والملائكة حين قال عيسى وعزير والملائكة أنت ولينا من دونهم فقال الله عز وجل للذين عبدوهم فقد كذبوكم بما تقولون يقول كذبكم عيسى وعزير والملائكة حين يكذبون المشركين فما يستطيعون صرفا يقول المشركون لا يستطيعون صرفا ولا نصرا). [تفسير مجاهد: 2/448-449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قوما بورا} قال: هالكين {فقد كذبوكم بما تقولون} يقول الله للذين كانوا يعبدون عيسى وعزيرا والملائكة حين قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم فقد كذبوكم بما تقولون عيسى وعزيرا والملائكة حين يكذبون المشركين بقولهم {فما تستطيعون صرفا ولا نصرا} قال: المشركون لا يستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم). [الدر المنثور: 11/148-149] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى {ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: قرأت اثنين وسبعين كتابا كلها نزلت من السماء ما سمعت كتابا أكثر تكريرا فيه الظلم معاتبة عليه من القرآن، وذلك أن الله علم أن فتنة هذه الأمة تكون في الظلم وأما الاخر فإن أكثر معاتبته اياهم في الشرك وعبادة الاوثان). [الدر المنثور: 11/149]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن الحسن في قوله {ومن يظلم منكم} قال هو الشرك). [الدر المنثور: 11/149]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {ومن يظلم منكم} قال: يشرك). [الدر المنثور: 11/149]
تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ إنّهم ليأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيرًا}.
وهذا احتجاجٌ من اللّه تعالى ذكره لنبيّه على مشركي قومه الّذين قالوا: {ما لهذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق} وجوابٌ لهم عنه، يقول لهم جلّ ثناؤه: وما أنكر يا محمّد هؤلاء القائلون: ما لهذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق، من أكلك الطّعام، ومشيك في الأسواق، وأنت للّه رسولٌ؛ فقد علموا أنّا ما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ إنّهم ليأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق كالّذي تأكل أنت وتمشي، فليس لهم عليك بما قالوا من ذلك حجّةٌ.
فإن قال قائلٌ: فإنّ من ليست في التّلاوة، فكيف قلت معنى الكلام: إلاّ من إنّهم ليأكلون الطّعام؟
قيل: قلنا في ذلك معناه: أنّ الهاء والميم في قوله: {إنّهم}، كنايةٌ أسماءٍ لم تذكر، ولا بدّ لها من أن تعود على من كنّي عنه بها، وإنّما ترك ذكر من وإظهاره في الكلام اكتفاءً بدلالة قوله: {من المرسلين} عليه، كما اكتفى في قوله: {وما منّا إلاّ له مقامٌ معلومٌ}، من إظهار من ولا شكّ أنّ معنى ذلك: وما منّا إلاّ من له مقامٌ معلومٌ، كما قيل: {وإن منكم إلاّ واردها}، ومعناه: وإن منكم إلاّ من هو واردها؛ فقوله: {إنّهم ليأكلون الطّعام} صلةٌ لـ من المتروك، كما يقال في الكلام: ما أرسلت إليك من النّاس إلاّ من إنّه ليبلّغك الرّسالة، فإنّه (ليبلّغك الرّسالة) صلةٌ لـ (من).
وقوله: {وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً} يقول تعالى ذكره: وامتحنّا أيّها النّاس بعضكم ببعضٍ، جعلنا هذا نبيًّا، وخصصناه بالرّسالة، وهذا ملكًا، وخصصناه بالدّنيا، وهذا فقيرًا وحرمناه الدّنيا، لنختبر الفقير بصبره على ما حرم ممّا أعطيه الغنيّ، والملك بصبره على ما أعطيه الرّسول من الكرامة، وكيف رضي كلّ إنسانٍ منهم بما أعطي وقسم له، وطاعته ربّه مع ما حرم ممّا أعطي غيره. يقول: فمن أجل ذلك لم أعط محمّدًا الدّنيا، وجعلته يطلب المعاش في الأسواق، ولأبتليكم أيّها النّاس، وأختبر طاعتكم ربّكم، وإجابتكم رسوله إلى ما دعاكم إليه، بغير عرضٍ من الدّنيا ترجونه من محمّدٍ أن يعطيكم على اتّباعكم إيّاه؛ لأنّي لو أعطيته الدّنيا، لسارع كثيرٌ منكم إلى اتّباعه طمعًا في دنياه أن ينال منها.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: حدّثني عبد القدّوس، عن الحسن، في قوله: {وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً}. الآية، يقول هذا الأعمى: لو شاء اللّه لجعلني بصيرًا مثل فلانٍ، ويقول هذا الفقير: لو شاء اللّه لجعلني غنيًّا مثل فلانٍ، ويقول هذا السّقيم: لو شاء اللّه لجعلني صحيحًا مثل فلانٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون} قال: يمسك عن هذا، ويوسّع على هذا، فيقول: لم يعطني مثل ما أعطى فلانًا، ويبتلى بالوجع كذلك، فيقول: لم يجعلني ربّي صحيحًا مثل فلانٍ؛ في أشباه ذلك من البلاء، ليعلم من يصبر ممّن يجزع.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، فيما يرى الطّبريّ، عن عكرمة، أو عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: وأنزل عليه في ذلك من قولهم: {ما لهذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق} الآية: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ إنّهم ليأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون} أي جعلت بعضكم لبعضٍ بلاءً، لتصبروا على ما تسمعون منهم، وترون من خلافهم، وتتّبعوا الهدى بغير أن أعطيهم عليه الدّنيا؛ ولو شئت أن أجعل الدّنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلت، ولكنّي قد أردت أن أبتلي العباد بكم، وأبتليكم بهم.
وقوله: {وكان ربّك بصيرًا} يقول: وربّك يا محمّد بصيرٌ بمن يجزع ومن يصبر على ما امتحن به من المحن.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وكان ربّك بصيرًا} إنّ ربّك لبصيرٌ بمن يجزع ومن يصبر). [جامع البيان: 17/423-426]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلّا إنّهم ليأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيرًا (20)
قوله تعالى: وما أرسلنا قبلك من المرسلين
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنّهم ليأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق أي إنّ الرّسل قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم كانوا بهذه المنزلة يأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق.
قوله تعالى: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة
[الوجه الأول]
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا عبد اللّه بن وهبٍ أخبرني مخرمة، عن أبيه، عن عبيد اللّه بن رفاعة، عن أبي رافعٍ الزّرقيّ قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه كيف ترى رقيقنا؟ قومٌ مسلمون يصلّون صلاتنا ويصومون صيامنا نضربهم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: توزن ذنوبهم وعقوبتكم إيّاهم فإن كان عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم. قالوا: أفرأيت سبّنا إيّاهم؟ قال: توزن ذنوبهم وأذاكم إيّاهم فإن كان أذاكم إيّاهم أكثر أعطوا منكم قال الرّجل: ما أسمع عدوًّا أعرب إليّ منهم. فتلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيرًا قال الرّجل: أرأيت يا رسول اللّه ولدي أضربهم؟ قال:
إنّك لا تتّهم في ولدك. ولا تطيب نفسك تشبع ويجوعوا، ولا تكتس ويعروا.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ حدّثني عبد القدّوس، عن الحسن: وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيرًا قال: يقول هذا الفقير: لو شاء اللّه جعلني غنيًّا مثل فلانٍ ويقول هذا السّقيم لو شاء اللّه جعلني صحيحًا مثل فلانٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا جعفر بن مسافرٍ، ثنا يحيى بن حسّان، ثنا رشيد بن سعدٍ، عن الحسن بن ثوبان، عن عكرمة في قوله: وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون قال: هو التّفاضل في الدّنيا والقدرة وقهر بعضكم لبعضٍ فهي الفتنة الّتي قال اللّه: وكان ربّك بصيرا.
- حدثنا علي بن الحسين، ثنا بن أبي حمّادٍ، ثنا الحكم بن بشيرٍ، عن عمرو بن قيسٍ في قوله: وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أن يحسن المليك إلى مملوكه.
قوله تعالى: أتصبرون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق: وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيرًا أي جعلت بعضكم لبعضٍ بلاءً لتصبروا على ما تسمعون منهم وترون من خلافهم وتتّبعوا الهدى بغير أن أعطيهم عليه الدّنيا ولو شئت أن أجعل الدّنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلت ولكنّي قد أردت أن أبتلي العباد بكم وأبتليكم بهم.
قوله تعالى: وكان ربّك بصيرًا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا عون بن معمرٍ، عن إبراهيم الصّائغ، عن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ في قوله: وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيرًا قال: يعنى النّاس عامّةً). [تفسير القرآن العظيم: 8/2675-2676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس، أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحارث وأبا البختري والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف والعاصي بن وائل ونبيه بن الحجاج، اجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك قال: فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا محمد انا بعثنا إليك لنعذر منك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا وإن كنت تطلب الشرف فنحن نسودك وإن كنت تريد ملكا ملكناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالي مما تقولن: ما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم، قالوا: يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضنا عليك قالوا: فإذا لم تقبل هذا فسل لنفسك وسل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله أن يجعل لك جنانا وقصورا من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي - فانك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش، كما نلتمسه - حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فأنزل الله في قولهم ذلك {وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام} إلى قوله {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسولي فلا تخالفوه لفعلت). [الدر المنثور: 11/136-137] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الواحدي، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة قالوا {ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق} حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فنزل جبريل فقال: إن ربك يقرئك السلام ويقول {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} ثم أتاه رضوان خازن الجنان ومعه سفط من نور يتلألأ فقال: هذه مفاتيح خزائن الدنيا فنظر النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير له فضرب جبريل إلى الأرض أن تواضع فقال: يا رضوان لا حاجة لي فيها فنودي: أن أرفع بصرك فرفع فإذا السموات فتحت أبوابها إلى العرش وبدت جنات عدن فرأى منازل الأنبياء وعرفهم وإذا منازله فوق منازل الأنبياء فقال: رضيت، ويرون أن هذه الآية أنزلها رضوان {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} ). [الدر المنثور: 11/138-139] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنه أتصبرون وكان ربك بصيرا.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} يقول: إن الرسل قبل محمد كانوا بهذه المنزلة {ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال: بلاء). [الدر المنثور: 11/150]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن الحسن {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال: يقول الفقير: لو شاء الله لجعلني غنيا مثل فلان، ويقول السقيم: لو شاء الله لجعلني صحيحا مثلا فلان، ويقول الاعمى: لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان). [الدر المنثور: 11/150]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال: هو التفاضل في الدنيا والقدرة والقهر). [الدر المنثور: 11/150]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال: يمسك على هذا ويوسع على هذا فيقول: لم يعطني ربي ما أعطى فلانا، ويبتلي بالوجع فيقول: لم يجعلني ربي صحيحا مثل فلان، في أشباه ذلك من البلاء ليعلم من يصبر ممن يجزع {وكان ربك بصيرا} بمن يصبر ومن يجزع). [الدر المنثور: 11/150-151]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لو شاء الله لجعلكم أغنياء كلكم لا فقير فيكم، ولو شاء الله لجعلكم فقراء كلكم لا غني فيكم، ولكن ابتلى بعضكم ببعض). [الدر المنثور: 11/151]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: قال رجل: يا رسول الله كيف ترى في رقيقنا، أقوام مسلمين يصلون صلاتنا ويصومون صومنا نضربهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم توزن ذنوبهم وعقوبتكم اياهم فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم قال: أفرأيت سبا اياهم قال، يوزن ذنبهم وإذا كم اياهم فإن كان إذا كم أكثر أعطوا منكم قال الرجل: ما أسمع عدوا أقرب إلي منهم فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} فقال الرجل: أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم قال: انك لا تتهم في ولدك فلا تطيب نفسا تشبع ويجوع ولا تكتسي ويعروا). [الدر المنثور: 11/151]