تفسير قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: السّعير مذكّرٌ، والتّسعّر والاضطرام التّوقّد الشّديد). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره السّعير مذكّرٌ قال أبو عبيدة في قوله وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ثمّ قال بعده إذا رأتهم والسّعير مذكّرٌ وهو ما يسعّر به النّار ثمّ أعاد الضّمير للنّار والعرب تفعل ذلك تظهر مذكّرًا من سبب مؤنّثٍ ثمّ يؤنّثون ما بعد المذكّر قوله والتّسعير والاضطرام التّوقّد الشّديد هو قول أبي عبيدة أيضًا). [فتح الباري: 8/491]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره السّعير مذكّرٌ والتّسعّر والاضطرام التّوقد الشّديد
أي: قال غير ابن عبّاس: وهو أبو عبيدة في قوله تعالى: {وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً} (الفرقان: 11) وقال: السعير مذكّر لأنّه ما يسعر به النّار، وإنّما حكم بتذكيره إمّا من حيث أنه فعيل فيصدق عليه أنه مذكّر، وإنّه مؤنث، وقيل: المشهور أن السعير مؤنث، وقال تعالى: {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً} (الفرقان: 11) ويمكن أن يقال: إن الضّمير يحتمل أن يعود إلى الزّبانية، أشار إليه الزّمخشريّ. قوله: (والتسعر) إلى آخره يريد به أن معنى التسعر ومعنى الاضطرام (التوقد الشّديد) ). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) غير ابن عباس مفسرًا لقوله تعالى: {وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرًا} [الفرقان: 11] (السعير مذكر) لفظًا أو من حيث إن فعيلًا يطلق على المذكر والمؤنث (والتسعر والاضطرار) معناهما (التوقد الشديد) وعن الحسن السعير اسم من أسماء جهنم). [إرشاد الساري: 7/272]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (مذكر) أي: لفظاً، وإلا فهو يؤنث في المعنى موافقة للنار). [حاشية السندي على البخاري: 3/62]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل كذّبوا بالسّاعة وأعتدنا لمن كذّب بالسّاعة سعيرًا (11) إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا}.
يقول تعالى ذكره: ما كذّب هؤلاء المشركون باللّه، وأنكروا ما جئتهم به يا محمّد من الحقّ، من أجل أنّك تأكل الطّعام، وتمشي في الأسواق، ولكن من أجل أنّهم لا يوقنون بالمعاد، ولا يصدّقون بالثّواب والعقاب، تكذيبًا منهم بالقيامة وبعث اللّه الأموات أحياءً لحشر القيامة. {وأعتدنا} يقول: وأعددنا لمن كذّب ببعث اللّه الأموات أحياءً بعد فنائهم لقيام السّاعة، نارًا تسعّر عليهم وتتّقد). [جامع البيان: 17/408]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (بل كذّبوا بالسّاعة وأعتدنا لمن كذّب بالسّاعة سعيرًا (11)
قوله تعالى: بل كذّبوا بالسّاعة وإعتدنا لمن كذّب بالسّاعة سعيرًا
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن عبد الحميد، عن يحيى بن يمانٍ، عن سلمة بن كهيلٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: السّعير قال وادٍ من فيحٍ في جهنّم : إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2667]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الحاكم أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحافظ إملاءً في رجبٍ سنة أربع مائةٍ
- أخبرنا عبد الرّحمن بن حمدان الجلّاب، بهمدان، ثنا أبو حاتمٍ الرّازيّ، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن ميسرة بن حبيبٍ، عن المنهال بن عمرٍو، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه قال: " لا ينتصف النّهار من يوم القيامة حتّى يقيل هؤلاء وهؤلاء، ثمّ قرأ {إنّ مرجعهم لإلى الجحيم} [الصافات: 68] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/436]
تفسير قوله تعالى: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني العطاف بن خالد في قول الله: {وجيء يومئذٍ بجهنم}، قال: يقال: يؤتى بجهنم يوم القيامة، يأكل بعضها بعضا يقودها سبعون ألف ملك، فإذا رأت الناس، فذلك قول الله: {إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيظا وزفيرا}، قال: فإذا رأيتم زفرت زفرة فلا يبقى نبيٌ ولا صديقٌ إلا برك لركبتيه، يقول: يا رب، نفسي، نفسي، ويقول رسول الله: يا رب، أمتي، أمتي). [الجامع في علوم القرآن: 2/48] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير الليثي في قوله تعالى {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} إن جهنم تزفر زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا خر ترعد فرائصه حتى إن إبراهيم ليجثو على ركبتيه فيقول أي رب إني لا أسالك اليوم إلا نفسي). [تفسير عبد الرزاق: 2/67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ} يقول: إذا رأت هذه النّار الّتي أعتدناها لهؤلاء المكذّبين أشخاصهم من مكانٍ بعيدٍ، تغيّظت عليهم؛ وذلك أن تغلي وتفور. يقال: فلانٌ تغيّظ على فلانٍ، وذلك إذا غضب عليه فغلى صدره من الغضب، عليه وتبيّن في كلامه. وزفيرًا، وهو صوتها.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {سمعوا لها تغيّظًا} والتّغيّظ: لا يسمع؟
قيل: معنى ذلك: سمعوا لها صوت التّغيّظ، من التّلهّب والتّوقّد.
- حدّثني محمود بن خداشٍ، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، قال: حدّثنا أصبع بن زيدٍ الورّاق، عن خالد بن كثيرٍ، عن فديكٍ، عن رجلٍ، من أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من يقول عليّ ما لم أقل فليتبوّأ بين عيني جهنّم مقعدًا قالوا: يا رسول اللّه، وهل لها من عينٍ؟ قال: ألم تسمعوا إلى قول اللّه: {إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ} الآية.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، في قوله: سمعوا لها، تغيّظًا وزفيرًا قال: أخبرني المنصور بن المعتمر، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ، قال: إنّ جهنّم لتزفر زفرةً لا يبقى ملكٌ ولا نبيّ إلاّ خرّ ترعد فرائصه؛ حتّى إنّ إبراهيم ليجثو على ركبتيه، فيقول: يا ربّ لا أسألك اليوم إلاّ نفسي.
- حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: إنّ الرّجل ليجرّ إلى النّار، فتنزوي وينقبض بعضها إلى بعضٍ، فيقول لها الرّحمن: ما لك؟ فتقول: إنّه ليستجير منّي فيقول: أرسلوا عبدي وإنّ الرّجل ليجرّ إلى النّار، فيقول: يا ربّ ما كان هذا الظّنّ بك فيقول: فما كان ظنّك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك قال: فيقول أرسلوا عبدي وإنّ الرّجل ليجرّ إلى النّار فتشهق إليه النّار شهوق البغلة إلى الشّعير، وتزفر زفرةً لا يبقى أحدٌ إلاّ خاف). [جامع البيان: 17/408-410]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ
- حدّثنا إدريس بن حاتم بن الأحنف الواسطيّ أنّه سمع محمّد بن الحسن الواسطيّ، عن أصبغ بن زيدٍ، عن خالد بن كثيرٍ، عن خالد بن دريكٍ، عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من يقل عليّ ما لم أقل وادّعى إلى غير والديه وانتمى إلى غير مواليه فيتبوّأ بين عيني جهنّم مقعدًا قيل: يا رسول اللّه وهل لها من عينين؟ قال: أما سمعتم اللّه يقول: إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ الآية.
قوله تعالى: من مكانٍ بعيدٍ
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: من مكانٍ بعيدٍ قال: من مسيرة مائة عامٍ.
قوله تعالى: سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عيسى بن سليمٍ، عن أبي وائلٍ قال: خرجنا مع عبد اللّه ومعنا ربيع بن خيثم فمرّوا على حدّادٍ فقام عبد اللّه ينظر إلى حديدةٍ في النّار ونظر الرّبيع بن خيثم إليها فتمايل ليسقط فمرّ عبد اللّه على أتّونٍ على شاطئ الفرات فلمّا رآه عبد اللّه والنّار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا الآية صعق فحملوه إلى أهله ورابطه عبد اللّه إلى الظّهر فلم يفق). [تفسير القرآن العظيم: 8/2667]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12)
قوله تعالى: إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ
- حدّثنا إدريس بن حاتم بن الأحنف الواسطيّ أنّه سمع محمّد بن الحسن الواسطيّ، عن أصبغ بن زيدٍ، عن خالد بن كثيرٍ، عن خالد بن دريكٍ، عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من يقل عليّ ما لم أقل وادّعى إلى غير والديه وانتمى إلى غير مواليه فيتبوّأ بين عيني جهنّم مقعدًا قيل: يا رسول اللّه وهل لها من عينين؟ قال: أما سمعتم اللّه يقول: إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ الآية.
قوله تعالى: من مكانٍ بعيدٍ
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: من مكانٍ بعيدٍ قال: من مسيرة مائة عامٍ.
قوله تعالى: سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عيسى بن سليمٍ، عن أبي وائلٍ قال: خرجنا مع عبد اللّه ومعنا ربيع بن خيثم فمرّوا على حدّادٍ فقام عبد اللّه ينظر إلى حديدةٍ في النّار ونظر الرّبيع بن خيثم إليها فتمايل ليسقط فمرّ عبد اللّه على أتّونٍ على شاطئ الفرات فلمّا رآه عبد اللّه والنّار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا الآية صعق فحملوه إلى أهله ورابطه عبد اللّه إلى الظّهر فلم يفق.
قوله تعالى: زفيرا
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، ثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ العبد ليجرّ إلى النّار فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشّعير ثمّ تزفر زفرةً لا يبقى أحدٌ إلا خاف.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ في قوله: سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا قال إنّ جهنّم تزفر زفرةً لا يبقى ملكٌ ولا نبيٌّ إلا خرّ ترتعد فرائصه حتّى إنّ إبراهيم ليجثوا على ركبتيه فيقول: ربّ لا أسألك اليوم إلا نفسي.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا قال: الزّفير الصّوت تغيّظًا عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2667-2668]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( قوله تعالى: إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا ونفيرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إذا رأتهم من مكان بعيد} قال: من مسيرة مائة عام). [الدر المنثور: 11/140]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه من طريق مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعدا من بين عيني جهنم قالوا: يا رسول الله وهل لجهنم من عين قال: نعم، أما سمعتم الله يقول {إذا رأتهم من مكان بعيد} فهل تراهم إلا بعينين). [الدر المنثور: 11/140-141]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق خالد بن دريك عن رجل من الصحابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقل علي ما لم أقل أو ادعى إلى غير والديه أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا، قيل: يا رسول الله وهل لها من عينين قال: نعم، أما سمعتم الله يقول {إذا رأتهم من مكان بعيد} ). [الدر المنثور: 11/141]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس قال: إن العبد ليجر الى النار فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف وإن الرجل من أهل النار ما بين شحمة أذنيه وبين منكبيه مسيرة سبعين سنة وإن فيها لأودية من قيح تكال ثم تصب في فيه). [الدر المنثور: 11/141]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير في قوله {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} قال: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا ترعد فرائصه حتى إن إبراهيم عليه السلام ليجثوا على ركبتيه ويقول: يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي). [الدر المنثور: 11/141-142]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن وهب في الأهوال عن العطاف بن خالد قال: يؤتى بجهنم يومئذ يأكل بعضها بعضا يقودها سبعون ألف ملك فإذا رأت الناس فذلك قوله {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا} زفرت زفرة لا يبقى نبي ولا صديق إلا برك لركبتيه ويقول: يا رب نفسي نفسي ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمتي، أمتي). [الدر المنثور: 11/142]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مغيث بن سمي قال: ما خلق الله من شيء إلا وهو يسمع زفير جهنم غدوة وعشية إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب). [الدر المنثور: 11/142]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج آدم بن أبي اياس في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إذا رأتهم من مكان بعيد} قال: من مسيرة مائة عام وذلك إذا أتي بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام يشد بكل زمام سبعون ألف ملك لو تركت لأتت على كل بر وفاجر {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} تزفر زفرة لا يبقى قطرة من دمع إلا بدرت ثم تزفر الثانية فتقطع القلوب من أماكنها وتبلغ القلوب الحناجر). [الدر المنثور: 11/142]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن كعب قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة صفوفا فيقول الله لجبريل: ائت بجهنم فيأتي بها تقاد بسبعين ألف زمام حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق ثم تزفر زفرة ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى لركبتيه ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهل العقول فيفزع كل امرئ إلى عمله حتى إن إبراهيم عليه السلام يقول: بخلتي لا أسألك إلا نفسي، ويقول موسى: بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي، ويقول عيسى: بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني، ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول: أمتي، أمتي، لا أسألك اليوم نفسي، فيجيبه الجليل جل جلاله ألا إن أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فوعزتي لا قرن عينك في أمتك ثم تقف الملائكة بين يدي الله تعالى ينتظرون ما يؤمرون). [الدر المنثور: 11/143]
تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا محمد بن يسار، عن قتادة: {وإذا ألقوا منها مكانًا ضيقًا مقرنين} [سورة الفرقان: 13]، قال: ذكر لنا أن عبد الله كان يقول: إن جهنم لتضيق على الكافر كتضييق الزج على الرمح). [الزهد لابن المبارك: 2/581]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني نافع بن يزيد، عن يحيى بن أبي أسيدٍ يرفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه سئل عن قول اللّه: {وإذا ألقوا منها مكانًا ضيقاً مقرنين}، قال: والّذي نفسي بيده، إنّهم ليستكرهون في النّار كما يستكره الوتد في الحائط). [الجامع في علوم القرآن: 1/118-119]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا إسحاق بن منصورٍ الأسديّ، عن عقبة بن إسحاق، عن أبي شرّاعة، عن يحيى بن الجزّار {إذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا} قال: كضيق الزّجّ في الرّمح). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 489]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {ثبورًا} [الفرقان: 13] : ويلًا). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاس ثبورا ويلا وصله بن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ وثبت هذا لأبي ذرٍّ والنّسفيّ فقط وقال أبو عبيدة في قوله دعوا هنالك ثبورا أي هلكةً). [فتح الباري: 8/491]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية ابن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله 13 الفرقان {ثبورا} يقول ويلا). [تغليق التعليق: 4/271]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ ثبوراً ويلاً
أي: قال ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: {دعوا هنالك ثبوراً} (الفرقان: 13) أي: ويلاً وأسنده ابن المنذر عنه من حديث عليّ بن أبي طلحة عنه). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) فيما وصله ابن المنذر مفسرًا (ثبورًا) في قوله: {دعوا هنالك ثبورًا} [الفرقان: 13] أي يقولون (ويلا) بواو مفتوحة فتحتية ساكنة وقال الضحاك هلاكًا فيقولون واثبوراه تعال فهذا حينك فيقال لهم لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا أي هلاككم أكثر من أن تدعوا مرة واحدة فادعوا أدعية كثيرة فإن عذابكم أنواع كثيرة كل نوع منها ثبور لشدته أو لأنه يتجدد لقوله تعالى: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب} [النساء: 56] أو لأنه لا ينقطع فهو في كل وقت ثبور). [إرشاد الساري: 7/272]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {دعوا هنالك ثبورًا} قال: هلاكاً). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 56]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين دعوا هنالك ثبورًا (13) لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا}.
يقول تعالى ذكره: وإذا ألقي هؤلاء المكذّبون بالسّاعة من النّار مكانًا ضيّقًا، قد قرّنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال؛ {دعوا هنالك ثبورًا}.
واختلف أهل التّأويل في معنى الثّبور، فقال بعضهم: هو الويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ،. في قوله: {وادعوا ثبورًا كثيرًا} يقول: ويلاً.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا} يقول: لا تدعوا اليوم ويلاً واحدًا، وادعوا ويلاً كثيرًا.
وقال آخرون: الثّبور الهلاك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا} الثّبور: الهلاك.
قال أبو جعفرٍ: والثّبور في كلام العرب أصله انصراف الرّجل عن الشّيء، يقال منه: ما ثبرك عن هذا الأمر؟ أي: ما صرفك عنه. وهو في هذا الموضع دعاء هؤلاء القوم بالنّدم على انصرافهم عن طاعة اللّه في الدّنيا، والإيمان بما جاءهم به نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى استوجبوا العقوبة منه، كما يقول القائل: واندامتاه، واحسرتاه على ما فرّطت في جنب اللّه.
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول في قوله: {دعوا هنالك ثبورًا} أي هلكةً، ويقول: هو مصدرٌ من ثبر الرّجل: أي أهلك، ويستشهد لقيله في ذلك ببيت ابن الزّبعرى:
إذ أجاري الشّيطان في سنن الغـ = ـيّ ومن مال ميله مثبور). [جامع البيان: 17/410-412]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين دعوا هنالك ثبورًا (13)
قوله تعالى: وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ أخبرني نافع بن يزيد، عن يحيى بن أبي أسيدٍ يرفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه سئل، عن قول اللّه عزّ وجلّ: وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين قال: والّذي نفسي بيده إنّهم ليستكرهون في النّار كما يستكره الوتد في الحائط.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان أنبأ ابن المبارك أنبأ محمّد بن يسارٍ، عن قتادة في قوله: وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين قال: ذكر لنا أنّ عبد اللّه بن عمرٍو كان يقول: إنّ جهنّم لتضيق على الكفّار كتضيّق الزّجّ على الرّمح. قال أبو محمّدٍ: لم يروه عنه إلا ابن المبارك.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن غيلان، ثنا مؤمّلٌ، عن يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرو: إذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا قال: مثل الزّجّ في الرّمح- وروى عن يحيى بن الجزّار، عن مجاهدٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: مقرّنين
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن المصفّى، ثنا معاوية بن حفصٍ، عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ في قوله: مقرّنين قال: مكتّفين.
قوله تعالى: دعوا هنالك ثبورًا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ثبورًا يقول: ويلا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: دعوا هنالك ثبورًا قال: دعوا بالهلاك فقالوا: وا هلاكا. وا هلكتاه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2668-2669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا * لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا.
أخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين} قال والذي نفسي بيده أنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط). [الدر المنثور: 11/143]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طرق عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمر {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا} قال: مثل الزج في الرمح). [الدر المنثور: 11/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق قتادة في الآية قال ذكر لنا أن عبد الله كان يقول: إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج على الرمح). [الدر المنثور: 11/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {مقرنين} قال: مكتفين). [الدر المنثور: 11/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {دعوا هنالك ثبورا} قال: دعوا بالهلاك فقالوا: واهلاكاه، واهلكتاه، فقيل لهم: لا تدعوا اليوم بهلاك واحد ولكن ادعوا بهلاك كثير). [الدر المنثور: 11/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في البعث بسند صحيح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده وهو ينادي: يا ثبوراه ويقولون: يا ثبورهم حتى يقف على النار فيقول: يا ثبوراه، ويقولون: واثبورهم فيقال لهم {لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا} ). [الدر المنثور: 11/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {دعوا هنالك ثبورا} قال: ويلا وهلاكا). [الدر المنثور: 11/145]
تفسير قوله تعالى: (لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا} يقول: لا تدعوا اليوم ويلاً واحدًا، وادعوا ويلاً كثيرًا.
وقال آخرون: الثّبور الهلاك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا} الثّبور: الهلاك). [جامع البيان: 17/410-412] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا} يقول: لا تدعوا اليوم أيّها المشركون ندمًا واحدًا: أي مرّةً واحدةً، ولكن ادعوا ذلك كثيرًا.
وإنّما قيل: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا} لأنّ الثّبور مصدرٌ، والمصادر لا تجمع، وإنّما توصف بامتداد وقتها وكثرتها، كما يقال: قعد قعودًا طويلاً، وأكل أكلاً كثيرًا.
- حدّثنا محمّد بن مرزوقٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: حدّثنا عليّ بن زيدٍ، عن أنس بن مالكٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أوّل من يكسى حلّةً من النّار إبليس، فيضعها على حاجبيه، ويسحبها من خلفه، وذرّيّته من خلفه، وهو يقول: يا ثبوراه وهم ينادون: يا ثبورهم حتّى يقفوا على النّار، وهو يقول: يا ثبوراه وهم ينادون: يا ثبورهم فيقال: {لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا} ). [جامع البيان: 17/412]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا (14)
قوله تعالى: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عفّان، ثنا حمّاد بن سلمة أنبأ عليّ بن زيدٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ أوّل من يكسى حلّةً من النّار إبليس فيضعها على حاجبه ويسحبها خلفه وهو ينادي وا ثبوراه وذرّيّته خلفه ينادون يا ثبورهم فيقال: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا فقيل لهم: لا تدعوا بهلاكٍ واحدٍ.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا يقول: لا تدعوا اليوم ويلا واحدًا.
قوله تعالى: وادعوا ثبورًا كثيرًا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: وادعوا ثبورًا كثيرًا قال: ولكن ادعوا بهلاكٍ كثيرٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا أي ويلا كثيرا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في البعث بسند صحيح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده وهو ينادي: يا ثبوراه ويقولون: يا ثبورهم حتى يقف على النار فيقول: يا ثبوراه، ويقولون: واثبورهم فيقال لهم {لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا} ). [الدر المنثور: 11/144] (م)
تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل أذلك خيرٌ أم جنّة الخلد الّتي وعد المتّقون كانت لهم جزاءً ومصيرًا (15) لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربّك وعدًا مسئولاً}.
يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهؤلاء المكذّبين بالسّاعة: أهذه النّار الّتي وصف لكم ربّكم صفتها وصفة أهلها خيرٌ، أم بستان الخلد الّذي يدوم نعيمه ولا يبيد، الّذي وعد من اتّقاه في الدّنيا بطاعته فيما أمره ونهاه؟.
وقوله: {كانت لهم جزاءً ومصيرًا} يقول: كانت جنّة الخلد للمتّقين جزاء أعمالهم للّه في الدّنيا بطاعته، وثواب تقواهم إيّاه، ومصيرًا لهم، يقول: ومصيرًا للمتّقين، يصيرون إليها في الآخرة). [جامع البيان: 17/413]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل أذلك خيرٌ أم جنّة الخلد الّتي وعد المتّقون كانت لهم جزاءً ومصيرًا (15)
قوله تعالى: قل أذلك خيرٌ أم جنّة الخلد التي وعد المتقون
قد تقدّم تفسير المتّقين: لا يكون الرّجل من المتّقين الحديث. غير مرّةٍ.
قوله تعالى: كانت لهم جزاءً ومصيرًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: كانت لهم جزاءً أي: جزاءً من اللّه بأعمالهم: ومصيرًا أي: منزلا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2670]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا * لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كانت لهم جزاء} أي من الله {ومصيرا} أي منزلا). [الدر المنثور: 11/145]
تفسير قوله تعالى: (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال أنه سمع القرظي يقول في قول الله: {كان على ربك وعدا مسئولا}، إن الملائكة تسأل لهم في قولهم ذلك وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم). [الجامع في علوم القرآن: 1/85]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال سعيد: وسمعت أبا حازم يقول: إذا كان يوم القيامة قال المؤمنون: ربنا، عملنا لك بالذي أمرتنا، فأنجز لنا ما وعدتنا، قال: فذاك قوله: {وعدا مسئولا}). [الجامع في علوم القرآن: 1/85]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لهم فيها ما يشاءون} يقول: لهؤلاء المتّقين في جنّة الخلد الّتي وعدهموها اللّه، ما يشاءون ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين. خالدين فيها، يقول: لابثين فيها، ماكثين أبدًا، لا يزولون عنها، ولا يزول عنهم نعيمها.
وقوله: {كان على ربّك وعدًا مسئولاً} وذلك أنّ المؤمنين سألوا ربّهم ذلك في الدّنيا حين قالوا: {آتنا ما وعدتنا على رسلك}، يقول اللّه تبارك وتعالى: كان إعطاء اللّه المؤمنين جنّة الخلد الّتي وصف صفتها في الآخرة، وعدًا وعدهم اللّه على طاعتهم إيّاه في الدّنيا، ومسألتهم إيّاه ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {كان على ربّك وعدًا مسئولاً} قال: فسألوا الّذي وعدكم وتنجّزوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كان على ربّك وعدًا مسئولاً} قال: سألوه إيّاه في الدّنيا، طلبوا ذلك فأعطاهم وعدهم، إذ سألوه أن يعطيهم فأعطاهم، فكان ذلك وعدًا مسئولاً، كما وقّت أرزاق العباد في الأرض قبل أن يخلقهم، فجعلها أقواتًا للسّائلين، وقّت ذلك على مسألتهم. وقرأ: {وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّامٍ سواءً للسّائلين}.
وقد كان بعض أهل العربيّة يوجّه معنى قوله: {وعدًا مسئولاً} إلى أنّه معنيّ به: وعدًا واجبًا، وذلك أنّ المسئول واجبٌ، وإن لم يسأل كالدّين، ويقول: ذلك نظير قول العرب: لأعطينّك ألفًا وعدًا مسئولاً، بمعنى: أنًّه واجبٌ لك فتسأله). [جامع البيان: 17/413-414]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: لهم فيها ما يشاؤن
- حدّثنا أبي حدّثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث حدّثني اللّيث بن سعدٍ حدّثني عبيد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن كعب الأحبار قال: من مات وهو يشرب الخمر لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنّة فقال عطاءٌ يا أبا إسحاق فإنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: لهم فيها ما يشاؤن قال كعبٌ: إنّه ينساها فلا يذكرها.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن رافعٍ، ثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أخسّ أهل الجنّة منزلا له سبعون ألف خادمٍ مع كلّ خادمٍ صحفةٌ من ذهبٍ لو نزل به جميع أهل الأرض أو أجلهم لا يستعين عليهم بشيءٍ من عند غيره وذلك في قول اللّه عزّ وجلّ: لهم فيها ما يشاؤن.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن منصورٍ قال: سئل ابن عبّاسٍ في الجنّة ولدٌ؟ قال: إن شاءوا.
قوله تعالى: خالدين
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: خالدين يخبرهم أنّ الثّواب بالخير والشّرّ مقيمٌ على أهله أبدًا لا انقطاع له.
قوله تعالى: كان على ربك وعدا مسؤلا
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأ هشام بن يوسف، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ: كان على ربّك وعدا مسؤلا يقول: سلوا الّذي واعدتكم أو قال: واعدناكم تنجزوه.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهبٍ أخبرني عمرو بن الحارث حدّثني سعيد بن أبي هلالٍ أنّه سمع القرظيّ يقول: في قول اللّه عزّ وجلّ: كان على ربك وعدا مسؤلا إنّ الملائكة تسأل لهم في قولهم ذلك: وأدخلهم جنّات عدنٍ الّتي وعدتهم قال سعيدٌ: وسمعت أبا حازمٍ يقول: إذا كان يوم القيامة قال المؤمنون: ربّنا عملنا لك بالّذي أمرتنا فأنجز لنا ما وعدتنا فذلك قوله: وعدا مسؤلا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ، قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: كان على ربك وعدا مسؤلا قال سألوه إيّاها في الدّنيا طلبوا ذلك فأعطاهم وعدهم إذا سألوه ووقّت أرزاق العباد في الأرض قبل أن يخلقهم فجعلها أقواتًا للسّائلين ووقّت ذلك على مسائلهم وقرأ فيها قال: قدر فيها أقواتها في أربعة أيّامٍ سواءً للسّائلين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2670-2671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار قال: قال كعب الاحبار: من مات وهو يشرب الخمر لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنة قال عطاء: فقلت له: فإن الله تعالى يقول {لهم فيها ما يشاؤون} قال كعب: أنه ينساها فلا يذكرها). [الدر المنثور: 11/145-146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كان على ربك وعدا مسؤولا} يقول: سلوا الذي وعدتكم تنجزوه). [الدر المنثور: 11/146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن هلال عن محمد بن كعب القرظي في قوله {كان على ربك وعدا مسؤولا} قال: إن الملائكة تسأل لهم ذلك في قولهم {وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم} غافر الآية 8 قال سعيد: وسمعت أبا حازم يقول: إذا كان يوم القيامة قال المؤمنون ربنا عملنا لك بالذين أمرتنا فانجز لنا ما وعدتنا، فذلك قوله {وعدا مسؤولا} ). [الدر المنثور: 11/146]