تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقولون آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (47) وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون}.
يقول تعالى ذكره: ويقول المنافقون: صدّقنا باللّه وبالرّسول وأطعنا اللّه وأطعنا الرّسول. {ثمّ يتولّى فريقٌ منهم} يقول: ثمّ تدبر كلّ طائفةٍ منهم من بعد ما قالوا هذا القول عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتدعو إلى المحاكمة إلى غيره خصمها. {وما أولئك بالمؤمنين} يقول: وليس قائلو هذه المقالة، يعني قوله: {آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا} بالمؤمنين، لتركهم الاحتكام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وإعراضهم عنه إذا دعوا إليه). [جامع البيان: 17/341]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ويقولون آمنّا باللّه.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قوله: ويقولون آمنّا باللّه قال: هؤلاء المنافقين.
قوله: بالله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثنا عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: آمنّا باللّه يعنى يصدّقون بتوحيد اللّه.
قوله: وأطعنا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكر بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قول اللّه وأطعنا قال أقرّوا للّه أن يطيعوه في أمره ونهيه.
قوله: ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك قال أناسٌ من المنافقين أظهروا الإيمان والطّاعة وهم في ذلك يصدّون عن سبيل اللّه وطاعته وجهادٍ في سبيله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: بالمؤمنين يعنى بالمصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2621-2622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون * أنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين} قال: أناس من المنافقين أظهروا الايمان والطاعة وهم في ذلك يصدون عن سبيل الله وطاعته وجهاد مع رسوله). [الدر المنثور: 11/94]
تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله} يقول: وإذا دعي هؤلاء المنافقون إلى كتاب اللّه وإلى رسوله {ليحكم بينهم} فيما اختصموا فيه بحكم اللّه، {إذا فريقٌ منهم معرضون} عن قبول الحقّ والرّضا بحكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 17/341]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون (48)
قوله: وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قال: وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمكم إلى كعب بن الأشرف.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، ثنا الحسن، قال: كان الرّجل إذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أعرض وقال:
انطلق إلى فلانٍ فأنزل اللّه: وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إلى قوله الظّالمون.
قوله: إذا فريقٌ منهم معرضون.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء ابن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: فريقٌ منهم يعنى طائفةً
قوله: معرضون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: معرضون قال: عن كتاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال: انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/95]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {مذعنين} [النور: 49] : «يقال للمستخذي مذعنٌ»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مذعنين يقال للمستخذي مذعنٌ قال أبو عبيدة في قوله يأتوا إليه مذعنين أي مستخذين وهو بالخاء والذّال المعجمتين وروى الطّبريّ من طريق مجاهدٍ في قوله مذعنين قال سراعًا وقال الزّجّاج الإذعان الإسراع في الطّاعة). [فتح الباري: 8/446-447]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مذعنين يقال للمستخذي مذعنٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} (النّور: 49) وأشار بقوله: (يقال) : ... إلى آخره: أن معنى: مذعنين، مستخذين من استخذى بالخاء والذال المعجمتين أي: خضع، قاله الكرماني، وقال الجوهري: يقال خذت النّاقة تخذي أسرعت مثل وخذت وخوذت كله بمعنى واحد، وقال أيضا: خذا الشّيء يخذو وخذواً: استرخي، وخذي بالكسر مثله، وأما المذعن فمن الإذعان وهو الإسراع، قال الزّجاج: يقال أذعن لي بحقي أي: طاوعني لما كنت ألتمس منه وصار يسرع إليه). [عمدة القاري: 19/72]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (مذعنين) في قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} [النور: 49] (يقال للمستخذي) بالخاء والذال المعجمتين اسم فاعل من استخذى أي خضع (مذعن) بالذال المعجمة أي منقاد يريد إن كان لهم الحكم لا عليهم يأتوا إليه منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين (49) أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون}.
يقول تعالى ذكره: وإن يكن الحقّ لهؤلاء الّذين يدعون إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم، فيأبون ويعرضون عن الإجابة إلى ذلك، قبل الّذين يدعونهم إلى اللّه ورسوله، يأتوا إلى رسول اللّه مذعنين، يقول {مذعنين} منقادين لحكمه، مقرّين به، طائعين غير مكرهين؛ يقال منه: قد أذعن فلانٌ بحقّه، إذا أقرّ به طائعًا غير مستكرهٍ، وانقاد له وسلّم.
وكان مجاهدٌ فيما ذكر عنه يقول في ذلك ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يأتوا إليه مذعنين} قال: سرّعًا). [جامع البيان: 17/341-342]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، ثنا الحسن قال: كان الرّجل إذا كان بينه وبين الرّجل منازعةٌ فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو محقٌ أذعن وعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سيقضي له بالحقّ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين قال: يسرعون إليه.
- ذكر عن محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران عن المبارك بن فضالة عن الحسن وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين يقول مطيعين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2622-2623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال: انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/94] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/95] (م)
تفسير قوله تعالى: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أفي قلوبهم مرضٌ} يقول تعالى ذكره: أفي قلوب هؤلاء الّذين يعرضون إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم، شكٌّ في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه للّه رسولٌ، فهم يمتنعون من الإجابة إلى حكمه والرّضا به؟. {أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله} إذا احتكموا إلى حكم كتاب اللّه وحكم رسوله؟ وقال: {أن يحيف اللّه عليهم ورسوله} والمعنى: أن يحيف رسول اللّه عليهم، فبدأ باللّه تعالى ذكره تعظيمًا للّه، كما يقال: ما شاء اللّه ثمّ شئت، بمعنى شئت. وممّا يدلّ على أنّ معنى ذلك كذلك قوله: {وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم} فأفرد الرّسول بالحكم، ولم يقل: ليحكما.
وقوله: {بل أولئك هم الظّالمون} يقول: ما حاف هؤلاء المعرضون عن حكم اللّه وحكم رسوله، إذ أعرضوا عن الإجابة إلى ذلك، ممّا دعوا إليه، أن يحيف عليهم رسول اللّه، فيجور في حكمه عليهم؛ ولكنّهم قومٌ أهل ظلمٍ لأنفسهم بخلافهم أمر ربّهم، ومعصيتهم اللّه فيما أمرهم من الرّضا بحكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أحبّوا وكرهوا، والتّسليم له). [جامع البيان: 17/342]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون (50)
قوله تعالى: أفي قلوبهم مرضٌ إلى قوله ورسوله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ أفي قلوبهم مرضٌ قال: المرض النّفاق تقدّم تفسيره.
قوله: بل أولئك هم الظّالمون.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، عن الحسن قوله: بل أولئك هم الظّالمون قال: كان الرّجل إذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أعرض وقال: انطلق إلى فلانٍ فأنزل اللّه: بل أولئك هم الظّالمون فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من كان بينه وبين أخيه شيءٌ يدعى إلى حكمٍ من حكّام المسلمين فأبى أن يجيب فهو ظالمٌ لا حقّ له). [تفسير القرآن العظيم: 8/2623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال: انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/94] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/95] (م)
تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون}.
يقول تعالى ذكره: إنّما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين إذا دعوا إلى حكم اللّه وإلى حكم رسوله، {ليحكم بينهم} وبين خصومهم، {أن يقولوا سمعنا} ما قيل لنا، {وأطعنا} من دعانا إلى ذلك.
ولم يعن بكان في هذا الموضع الخبر عن أمرٍ قد مضى فيقضى، ولكنّه تأنيبٌ من اللّه الّذين أنزلت هذه الآية بسببهم، وتأديبٌ منه آخرين غيرهم.
وقوله: {وأولئك هم المفلحون} يقول تعالى ذكره: والّذين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم وبين خصومهم، أن يقولوا: سمعنا وأطعنا. {المفلحون} يقول: هم المنجحون المدركون طلباتهم، بفعلهم ذلك، المخلّدون في جنّات اللّه). [جامع البيان: 17/343]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال اللّه جلّ وعزّ: إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون.
وقد ذكر لنا أنّ عبادة بن الصّامت كان عقيبا بدريًّا أحد نقباء الأنصار، وذكر لنا أنّه بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن لا يخاف في اللّه لومة لائمٍ وأنّه لمّا حضره الموت دعى ابن أخته جنادة بن أبي أميّة فقال: ألا أنبّئك ماذا عليك وماذا لك؟ قال: بلى، قال: فإنّ عليك السّمع والطّاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةٍ عليك، وعليك أن تقيم لسانك بالعدل، وأن لا تنازع الأمر أهله إلا أن يأمروك بمعصية اللّه بواحًا، فما أمرت به من شيءٍ يخالف كتاب اللّه فاتّبع كتاب اللّه، وذكر لنا أنّ أبا الدّرداء قال: لا إسلام إلا بطاعة اللّه ولا خير إلا في جماعةٍ، والنّصيحة للّه ولرسوله وللخليفة وللمؤمنين عامّةً. قال: وقد ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول: عروة الإسلام شهادة أن لا إله إلا اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة والطّاعة لمن ولاه اللّه أمر المسلمين.
قوله تعالى: أن يقولوا سمعنا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قول اللّه: سمعنا وأطعنا قال: سمعنا للقرآن الّذي جاء من عند اللّه وأطعنا أقرّوا للّه أن يطيعوه في أمره ونهيه.
قوله: وأولئك هم المفلحون
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/2623-2624]
تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه فأولئك هم الفائزون}.
يقول تعالى ذكره: ومن يطع اللّه ورسوله فيما أمره ونهاه، ويسلّم لحكمهما له وعليه، ويخف عاقبة معصية اللّه، ويحذره، ويتّق عذاب اللّه بطاعته إيّاه في أمره ونهيه؛ {فأولئك} يقول: فالّذين يفعلون ذلك هم الفائزون برضا اللّه عنهم يوم القيامة، وأمّنهم من عذابه). [جامع البيان: 17/343]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه فأولئك هم الفائزون (52)
قوله: ومن يطع اللّه ورسوله إلى الفائزون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان، عن رجلٍ، عن قتادة: ومن يطع اللّه ورسوله قال: من يطع اللّه فيما أمر به ورسوله قال فيما أمر به، ويخش اللّه قال: فيما مضى من ذنوبه ويتّقه قال: يخشاه فيما يستقبل.
قوله: الفائزون.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن الفضل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: فأولئك هم الفائزون إلى نعيمٍ مقيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2624]
تفسير قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون}.
يقول تعالى ذكره: وحلف هؤلاء المعرضون عن حكم اللّه وحكم رسوله إذ دعوا إليه {باللّه جهد أيمانهم} يقول: أغلظ أيمانهم وأشدّها: {لئن أمرتهم} يا محمّد بالخروج إلى جهاد عدوّك وعدوّ المؤمنين {ليخرجنّ قل لا تقسموا}؛ لا تحلفوا، فإنّ هذه {طاعةٌ معروفةٌ} منكم، فيها التّكذيب.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ} قال: قد عرفت طاعتكم إليّ أنّكم تكذبون.
{إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون} يقول: إنّ اللّه ذو خبرةٍ بما تعملون من طاعتكم اللّه ورسوله، أو خلافكم أمرهما أو غير ذلك من أموركم، لا يخفى عليه من ذلك شيءٌ، وهو مجازيكم بكلّ ذلك). [جامع البيان: 17/344]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، وأنبأ ابن وهبٍ، أخبرني سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قول اللّه: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم قال: هي يمينٌ.
- حدّثنا أبو بجيرٍ المحاربيّ، ثنا عبد الرّحيم بن عبد الرّحمن، عن زائدة قال: قرأ سليمان الأعمش وزعم أنّ يحيى بن وثّابٍ قرأ: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم هو الحلف.
قوله: لئن أمرتهم ليخرجنّ.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ وذلك في شأن الجهاد أقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم بالخروج معك إلى الجهاد ليخرجنّ معك، وفي قوله: قل لا تقسموا قال: يأمرهم أن لا يحلفوا على شيءٍ وفي قوله: قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ قال: أمرهم أن تكون منهم طائفة معروفةٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من غير أن يقسموا.
قوله تعالى: إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: خبيرٌ قال خبيرٌ بخلقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2624-2625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أتى قوم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله لو أمرتنا ان نخرج من أموالنا لخرجنا فانزل الله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} ). [الدر المنثور: 11/95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن} قال: ذلك من شأن الجهاد {قل لا تقسموا} قال: يأمرهم ان لا يحلفوا على شيء {طاعة معروفة} قال: أمرهم ان يكون منهم طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يقسموا). [الدر المنثور: 11/95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {طاعة معروفة} يقول قد عرفت طاعتكم أي أنكم تكذبون به). [الدر المنثور: 11/95]