العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:23 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (32) إلى الآية (33) ]

تفسير سورة النور [ من الآية (32) إلى الآية (33) ]

{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)

وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 05:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) )

قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن يحيى بن سعيدٍ عن سعيد بن المسيّب قال: نسختها هذه الآية {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم} [الآية: 32]). [تفسير الثوري: 221]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليم}.
يقول تعالى ذكره: وزوّجوا أيّها المؤمنون من لا زوج له من أحرار رجالكم ونسائكم، ومن أهل الصّلاح من عبيدكم ومماليككم. والأيامى: جمع أيّمٍ، وإنّما جمع أيامى، لأنّها فعيلةٌ في المعنى، فجمعت كذلك كما جمعت اليتيمة: يتامى؛ ومنه قول جميلٍ:
أحبّ الأيامى إذ بثينة أيّمٌ = وأحببت لمّا أن غنيت الغوانيا
ولو جمعت أيائم كان صوابًا. والأيّم يوصف به الذّكر والأنثى، يقال: رجلٌ أيّمٌ، وامرأةٌ أيّمٌ وأيّمةٌ: إذا لم يكن لها زوجٌ؛ ومنه قول الشّاعر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي = وإن كنت أفتى منكم أتأيّم
{إن يكونوا فقراء} يقول: إن يكن هؤلاء الّذين تنكحونهم من أيامى رجالكم ونسائكم وعبيدكم وإمائكم أهل فاقةٍ وفقرٍ، فإنّ اللّه يغنيهم من فضله، فلا يمنعنّكم فقرهم من إنكاحهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم} قال: أمر اللّه سبحانه بالنّكاح، ورغّبهم فيه، وأمرهم أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا حسنٌ أبو الحسن، وكان إسماعيل بن صبيحٍ مولى هذا قال: سمعت القاسم بن الوليد، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: التمسوا الغنى في النّكاح، يقول اللّه: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} قال: أيامى النّساء: اللاّتي ليس لهنّ أزواجٌ.
وقوله: {واللّه واسعٌ عليمٌ} يقول جلّ ثناؤه: واللّه واسع الفضل، جوادٌ بعطاياه، فزوّجوا إياماكم، فإنّ اللّه واسعٌ يوسّع عليهم من فضله إن كانوا فقراء. {عليمٌ} يقول: هو ذو علمٍ بالفقير منهم والغنيّ، لا يخفى عليه حال خلقه في شيءٍ وتدبيرهم). [جامع البيان: 17/274-275]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ (32)
قوله: وأنكحوا الأيامى منكم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: وأنكحوا الأيامى قال: أمر اللّه سبحانه بالنّكاح ورغّبهم فيه.
قوله: الأيامى منكم.
- به عن ابن عبّاسٍ: وأنكحوا الأيامى منكم قال أمر اللّه سبحانه وتعالى أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم في ذلك الغنى فقال: إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: وأنكحوا الأيامى منكم يعنى الأيامى من الرّجال والنّساء من الأحرار.
- حدّثنا أبي، ثنا عصام بن روّادٍ، ثنا أبي، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب في قول اللّه: وأنكحوا الأيامى منكم قال: نسخت هذه الآية الّتي في النّور الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً.
قوله: والصّالحين من عبادكم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم قال: أمر اللّه سبحانه بالنّكاح ورغّبهم فيه، وأمرهم أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم، وروي عن السّدّيّ، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: وإمائكم.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: وإمائكم يعنى العبيد والإماء، وروي عن السّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والصّالحين من عبادكم وإمائكم قد أمركم اللّه كما تسمعون أن تنكحوهنّ فإنّه أغضّ لأبصارهنّ وأحفظ لفروجهنّ.
قوله: إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قال: أمر اللّه سبحانه بالنّكاح ورغّبهم، ووعدهم في ذلك الغنى فقال: إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن خالد الأرق، ثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد بن عبد العزيز، قال بلغني أنّ أبا بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه قال: أطيعوا اللّه فيما أمركم به من النّكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله.

قوله: والله واسع عليم
تقدّم تفسيره واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2581-2582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأنكحوا الأيامى منك والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة {وأنكحوا الأيامى منكم} قال: قد أمركم الله - كما تسمعون - ان تنكحوهن فانه أغض لابصارهم واحفظ لفروجهم). [الدر المنثور: 11/41]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن انه قال: وانكحوا الصالحين من عبيدكم وامائكم). [الدر المنثور: 11/41]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انكحوا الصالحين والصالحات فما تبعهم بعد ذلك فهو حسن). [الدر المنثور: 11/41]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وأنكحوا الأيامى منكم} الآية، قال: أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه وأمرهم ان يتزوجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم في ذلك الغنى فقال {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} ). [الدر المنثور: 11/41-42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} ). [الدر المنثور: 11/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وعبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا ان عمر بن الخطاب قال: ما رأيت كرجل لم يلتمس الغنى في الباءة وقد وعده الله فيها ما وعده فقال {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} ). [الدر المنثور: 11/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة معا في المصنف عن عمر بن الخطاب قال: ابتغوا الغنى في الباءة، وفي لفظ اطلبوا الفضل في الباءة وتلا {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} ). [الدر المنثور: 11/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} ). [الدر المنثور: 11/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي عن ابن عباس ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: التمسوا الرزق بالنكاح). [الدر المنثور: 11/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه والديلمي من طريق عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكحوا النساء فانهن يأتينكم بالمال وأخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود في مراسيله عن عروة مرفوعا مرسلا). [الدر المنثور: 11/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأحمد والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حق على الله عونهم الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الاداء والغازي في سبيل الله). [الدر المنثور: 11/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه، عن جابر قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يشكو إليه الفاقة فأمره ان يتزوج). [الدر المنثور: 11/44]

تفسير قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني إسماعيل بن عياش عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء بن أبي رباح بذلك؛ قال لي ابن عياش: وزاد فيه غير الحجاج: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}، فإن شاء كاتب، وإن شاء لم يكاتب؛
وقال لي الليث بن سعد مثله). [الجامع في علوم القرآن: 1/12]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه في قول الله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}، قال: الخير القوة على ذلك قال: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}، قال: ذلك في الزكاة على الولاة يعطونهم من الزكاة لقول الله: {وفي الرقاب}). [الجامع في علوم القرآن: 1/53]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن زيد بن أسلم، عن أبيه أن عبد الله بن أبي بن السلول كانت له جاريتان قائنتان، وكان القوم في الجاهلية إذا شربوا أرسلوا إليهما، فغنتا وأصابوهما، ثم كسوهما وأعطوهما النفقة، فكان نصيب فيهما؛ فلما كان الأسارى، أسارى بدر، جلسوا ليلة يشربون فأرسلوا إليهما فغنتاهم فأرادوا أن يصيبوهما فأبتا وكانتا قد أسلمتا، فأرسلوا إلى عبد الله بن أبي بن السلول فأكرههما، فنزل القرآن: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا}، إلى آخر الآية، يقول: لهن المغفرة حين يكرههن). [الجامع في علوم القرآن: 1/129]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في قول الله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرٌ}، قال: حزماً). [الجامع في علوم القرآن: 2/159]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة في قوله فكاتبوهم إن علمتم فيهن خيرا قال إن علمتم أن عندهم أمانة). [تفسير عبد الرزاق: 2/58]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن رجل من أهل الشام أنه وجد في خزانة حمص كتابا من عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد الأنصاري وكان عاملا له فإذا فيه أما بعد فانه من قبلك أن يفادوا أرقاءهم على مسألة الناس). [تفسير عبد الرزاق: 2/58]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وكان قتادة يكره إذا كان العبد ليست له حرفة ولا وجه في شيء أن يكاتبه الرجل لا يكاتبه إلا ليسأل الناس). [تفسير عبد الرزاق: 2/58]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا قال في قوله وآتوهم من مال الله الذي آتاكم أن عليا قال يترك للمكاتب الربع.
أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يترك له من طائفة من كتابته). [تفسير عبد الرزاق: 2/59]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي إنما يعني بهذا الناس آتوا المكاتب من مال الله الذي آتاكم يحضهم بذلك على الصدقة). [تفسير عبد الرزاق: 2/59]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الزهري أن رجلا من قريش أسر يوم بدر وكان عند عبد الله بن أبي سلول أسيرا وكانت لعبد الله بن أبي جارية يقال لها معاذة فكان القرشي الأسير يريدها على نفسها وكانت مسلمة فكانت تمتنع منه لإسلامها وكان ابن أبي يكرهها ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي فيطلب فداء ولده فقال الله تعالى ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء إن أردن تحصنا قال الزهري ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم قال غفر لهن ما أكرهن عليه). [تفسير عبد الرزاق: 2/59]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال كان لعبد الله بن أبي جارية يقال لها مسيكة يكرهها على الزنا فقالت إن كان هذا خيرا لقد استكثرت منه وإن كان ذلك سوآ لقد أنى لي أدعه قال فنزلت ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء). [تفسير عبد الرزاق: 2/59-60]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن زكريا عن الشعبي أن عبد الله بن أبي كانت عنده معاذة ومسيكة فأرسل إحداهما تفجر فجاءت ببرد فأرادها على آخر فأبت فنزلت لهما التوبة دونه). [تفسير عبد الرزاق: 2/60]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري في قوله تعالى فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم قال غفر لهن ما أكرهن عليه). [تفسير عبد الرزاق: 2/60]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
- أخبرنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو الزّبير، أنّه سمع جابرًا، يقول: " جاءت مسيكة - أمةٌ لبعض الأنصار - فقالت: إنّ سيّدي يكرهني على البغاء، فأنزل الله عزّ وجلّ {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/203]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم}.
يقول تعالى ذكره: {وليستعفف الّذين لا يجدون} ما ينكحون به النّساء عن إتيان ما حرّم اللّه عليهم من الفواحش، {حتّى يغنيهم اللّه من} سعة {فضله} ويوسّع عليهم من رزقه.
وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم} يقول جلّ ثناؤه: والّذين يلتمسون المكاتبة منكم من مماليككم، {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا}.
واختلف أهل العلم في وجه مكاتبة الرّجل عبده الّذي قد علم فيه خيرًا، وهل قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} على وجه الفرض، أم هو على وجه النّدب؟ فقال بعضهم: فرض على الرّجل أن يكاتب عبده الّذي قد علم فيه خيرًا إذا سأله العبد ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: أواجبٌ عليّ إذا علمت مالاً أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلاّ واجبًا. وقالها عمرو بن دينارٍ قال: قلت لعطاءٍ: أتأثره عن أحدٍ؟ قال: لا.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، أنّ سيرين، أراد أن يكاتبه فتلكّأ عليه فقال له عمر: لتكاتبنّه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: لا ينبغي لرجلٍ إذا كان عنده المملوك الصّالح الّذي له المال يريد أن يكاتب ألاّ يكاتبه.
وقال آخرون: ذلك غير واجبٍ على السّيّد، وإنّما قوله: {فكاتبوهم} ندبٌ من اللّه سادة العبيد إلى كتابة من علم فيه منهم خيرٌ، لا إيجابٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال مالك بن أنسٍ: الأمر عندنا أن ليس على سيّد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع بأحدٍ من الأئمّة أكره أحدًا على أن يكاتب عبده. وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له: إنّ اللّه تبارك وتعالى يقول في كتابه: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} يتلو هاتين الآيتين {وإذا حللتم فاصطادوا}، {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه}، قال مالكٌ: فإنّما ذلك أمرٌ أذن اللّه فيه للنّاس، وليس بواجبٍ على النّاس ولا يلزم أحدًا.
- وقال الثّوريّ: إذا أراد العبد من سيّده أن يكاتبه، فإن شاء السّيّد أن يكاتبه كاتبه، ولا يجبر السّيّد على ذلك. حدّثني بذلك، عليّ، عن زيدٍ، عنه.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: ليس بواجبٍ عليه أن يكاتبه، إنّما هذا أمرٌ أذن اللّه فيه ودليلٌ.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: واجبٌ على سيّد العبد أن يكاتبه إذا علم فيه خيرًا، وسأله العبد الكتابة؛ وذلك أنّ ظاهر قوله: {فكاتبوهم} ظاهر أمرٍ، وأمر اللّه فرضٌ الانتهاء إليه، ما لم يكن دليلٌ من كتابٍ أو سنّةٍ على أنّه ندبٌ، لما قد بيّنّا من العلّة في كتابنا المسمّى: البيان عن أصول الأحكام.
وأمّا الخير الّذي أمر اللّه تعالى ذكره عباده بكتابة عبيدهم إذا علموه فيهم، فهو القدرة على الاحتراف والكسب لأداء ما كوتبوا عليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّه كره أن يكاتب، مملوكه إذا لم تكن له حرفةٌ، قال: تطعمني أوساخ النّاس؟.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} يقول: إن علمتم لهم حيلةً، ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا أشهب، قال: سئل مالك بن أنسٍ، عن قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} فقال: إنّه ليقال: الخير القوّة على الأداء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني ابن زيدٍ، عن أبيه، قول اللّه: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: الخير: القوّة على ذلك.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن علمتم فيهم صدقًا ووفاءً وأداءً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، في قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: صدقًا ووفاءً وأداءً وأمانةً.
- قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وطاوسٍ، أنّهما قالا في قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قالا: مالاً وأمانةً.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: أداءً وأمانةً.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن المغيرة، قال: كان إبراهيم يقول في هذه الآية: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: صدقًا ووفاءً، أو أحدهما.
- حدّثنا أبو بكرٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ، في قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: أداءً ومالاً.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: قال: عمرو بن دينارٍ: أحسبه كلّ ذلك: المال والصّلاح.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا زيدٌ، قال: حدّثنا سفيان: {إن علمتم فيهم خيرًا} يعني: صدقًا ووفاءً وأمانةً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إن علمتم فيهم خيرًا} قال: إن علمت فيه خيرًا لنفسك، يؤدّي إليك، ويصدقك ما حدّثك، فكاتبه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن علمتم لهم مالاً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} يقول: إن علمتم لهم مالاً.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {إن علمتم فيهم خيرًا} قال: مالاً.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وابن المثنّى، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: مالاً.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {إن علمتم فيهم خيرًا} قال: لهم مالاً، فكاتبوهم.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: إن علمتم لهم مالاً، كائنةً أخلاقهم وأديانهم ما كان.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن عطاء بن أبي رباحٍ: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: مالاً.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ قال: إن علمتم عندهم مالاً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني محمّد بن عمرٍو اليافعيّ، عن ابن جريجٍ، أنّ عطاء بن أبي رباحٍ، كان يقول: ما نراه إلاّ المال، يعني قوله: {إن علمتم فيهم خيرًا} قال: ثمّ تلا: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا}.
وأولى هذه الأقوال في معنى ذلك عندي قول من قال: معناه فكاتبوهم إن علمتم فيهم قوّةً على الاحتراف والاكتساب، ووفاءً بما أوجب على نفسه وألزمها، وصدق لهجةٍ وذلك أنّ هذه المعاني هي الأسباب الّتي بمولى العبد الحاجة إليها إذا كاتب عبده ممّا يكون في العبد؛ فأمّا المال وإن كان من الخير، فإنّه لا يكون في العبد، وإنّما يكون عنده أو له، لا فيه، واللّه إنّما أوجب علينا مكاتبة العبد إذا علمنا فيه خيرًا، لا إذا علمنا عنده أو له، فلذلك لم نقل: إنّ الخير في هذا الموضع معنيّ به المال.
وقوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} يقول تعالى ذكره: وأعطوهم من مال اللّه الّذي أعطاكم.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في المأمور بإعطائه من مال اللّه الّذي أعطاه من هو؟ وفي المال: أيّ الأموال هو؟ فقال: بعضهم: الّذي أمر اللّه بإعطاء المكاتب من مال اللّه هو مولى العبد المكاتب، ومال اللّه الّذي أمر بإعطائه منه هو مال الكتابة، والقدر الّذي أمر أن يعطيه منه: الرّبع.
وقال آخرون: بل ما شاء من ذلك المولى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، قال: حدّثنا عطاء بن السّائب، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ، في قول اللّه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: ربع المكاتبة.
- حدّثنا الحسن بن عرفة قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن عطاء بن السّائب، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ، في قول اللّه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: ربع الكتابة يحطّها عنه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، في قول اللّه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: الرّبع من أوّل نجومه.
- قال: أخبرنا ابن عليّة قال: حدّثنا عطاء بن السّائب، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ، في قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: الرّبع من مكاتبته.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثني عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الملك بن أعين، قال: كاتب أبو عبد الرّحمن غلامًا في أربعة آلاف درهمٍ، ثمّ وضع له الرّبع، ثمّ قال: لولا أنّي رأيت عليًّا رضوان اللّه عليه كاتب غلامًا له، ثمّ وضع له الرّبع، ما وضعت لك شيئًا.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ: أنّه كاتب غلامًا له على ألفٍ ومئتين، فترك الرّبع، وأشهدني، فقال لي: كان صديقك يفعل هذا، يعني عليًّا رضوان اللّه عليه، يقول: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الملك، قال: حدّثني فضالة بن أبي أميّة، عن أبيه، قال: كاتبني عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، فاستقرض لي من حفصة مئتي درهمٍ. قلت: ألا تجعلها في مكاتبتي؟ قال: إنّي لا أدري: أدرك ذاك أم لا؟.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، بلغني أنّه كاتبه على مائة أوقيّةٍ: قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الملك قال: ذكرت ذلك لعكرمة، فقال: هو قول اللّه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم}.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} يقول: ضعوا عنهم من مكاتبتهم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} يقول: ضعوا عنهم ممّا قاطعتموهم عليه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ، في قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: ممّا أخرج اللّه لكم منهم.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: آتهم ممّا في يديك.
- حدّثني الحسين بن عمرٍو العنقزيّ، قال: حدّثني أبي، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبيه، قال: كاتبتني زينب بنت قيس بن مخرمة من بني المطّلب بن عبد منافٍ على عشرة آلافٍ، فتركت لي ألفًا؛ وكانت زينب قد صلّت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم القبلتين جميعًا.
- حدّثنا مجاهد بن موسى، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا ابن مسعودٍ الجريريّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ، مولى أبي أسيدٍ قال: كاتبني أبو أسيدٍ، على ثنتي عشرة مائةٍ، فجئته بها، فأخذ منها ألفًا، وردّ عليّ مئتين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئًا من أوّل نجومه مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته، ولكنّه إذا كان في آخر مكاتبته وضع عنه ما أحبّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه، عن نافعٍ، قال: كاتب عبد اللّه بن عمر غلامًا له يقال له شرفٌ على خمسةٍ وثلاثين ألف درهمٍ، فوضع من آخر كتابته خمسة آلافٍ. ولم يذكر نافعٌ أنّه أعطاه شيئًا غير الّذي وضع له.
- قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال مالكٌ: سمعت بعض، أهل العلم يقول: إنّ ذلك أن يكاتب الرّجل غلامه، ثمّ يضع عنه من آخر كتابته شيئًا مسمًّى. قال مالكٌ: وذلك أحسن ما سمعت، وعلى ذلك أهل العلم وعمل النّاس عندنا.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا زيدٌ، قال: حدّثنا سفيان: أحبّ إليّ أن يعطيه الرّبع، أو أقلّ منه شيئًا، وليس بواجبٍ؛ وأن يفعل ذلك حسنٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن عبد اللّه بن حبيبٍ أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: هو ربع المكاتبة.
وقال آخرون: بل ذلك حضٌّ من اللّه أهل الأموال على أن يعطوهم سهمهم الّذي جعله لهم من الصّدقات المفروضة لهم في أموالهم بقوله: {إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرّقاب}، قال: فالرّقاب الّتي جعل فيها أحد سهمان الصّدقة الثّمانية هم المكاتبون، قال: وإيّاه عنى جلّ ثناؤه بقوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} أي سهمهم من الصّدقة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثني يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن ابن بريدة، عن أبيه، قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: يحثّ اللّه عليه، يعطونه.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثني ابن عليّة قال: أخبرنا يونس، عن الحسن: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: حثّ النّاس عليه؛ مولاه وغيره.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، في قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: يعطي مكاتبه وغيره، حثّ النّاس عليه.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، أنّه قال في قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: أمر مولاه والنّاس جميعًا أن يعينوه.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: أمر المسلمين أن يعطوهم ممّا آتاهم اللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني ابن زيدٍ، عن أبيه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: ذلك في الزّكاة على الولاة يعطونهم من الزّكاة، يقول اللّه {وفي الرّقاب}.
- قال: حدّثني ابن زيدٍ، عن أبيه: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: الفيء والصّدقات. وقرأ قول اللّه: {إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين}، وقرأ حتّى بلغ: {وفي الرّقاب} فأمر اللّه أن يوفّوهم منه، فليس ذلك من الكتابة. قال: وكان أبي يقول: ماله وللكتابة؟ هو من مال اللّه الّذي فرض له فيه نصيبًا.
وأولى القولين بالصّواب في ذلك عندي القول الثّاني، وهو قول من قال: عنى به إيتاءهم سهمهم من الصّدقة المفروضة.
وإنّما قلنا ذلك أولى القولين؛ لأنّ قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} أمرٌ من اللّه تعالى ذكره بإيتاء المكاتبين من ماله الّذي آتى أهل الأموال، وأمر اللّه فرضٌ على عباده الانتهاء إليه، ما لم يخبرهم أنّ مراده النّدب، لما قد بيّنّا في غير موضعٍ من كتابنا. فإذ كان ذلك كذلك، ولم يكن أخبرنا في كتابه ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه ندبٌ، ففرضٌ واجبٌ. وإذ كان ذلك كذلك، وكانت الحجّة قد قامت أن لا حقّ لأحدٍ في مال أحدٍ غيره من المسلمين إلاّ ما أوجبه اللّه لأهل سهمان الصّدقة في أموال الأغنياء منهم، وكانت الكتابة الّتي يقتضيها سيّد المكاتب من مكاتبه مالاً من مال سيّد المكاتب؛ فيفاد أنّ الحقّ الّذي أوجب اللّه له على المؤمنين أن يؤتوه من أموالهم هو ما فرض على الأغنياء في أموالهم له من الصّدقة المفروضة، إذ كان لا حقّ في أموالهم لأحدٍ سواها.

القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: زوّجوا الصّالحين من عبادكم وإمائكم، ولا تكرهوا إماءكم على البغاء، وهو الزّنا؛ {إن أردن تحصّنًا} يقول: إن أردن تعفّفًا عن الزّنا. {لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} يقول: لتلتمسوا بإكراهكم إيّاهنّ على الزّنا {عرض الحياة الدّنيا}، وذلك ما تعرض لهم إليه الحاجة من رياشها وزينتها، وأموالها. {ومن يكرههنّ} يقول: ومن يكره فتياته على البغاء، فإنّ اللّه من بعد إكراهه إيّاهنّ على ذلك، لهم {غفورٌ رحيمٌ} ووزر ما كان من ذلك عليهم دونهنّ.
وذكر أنّ هذه الآية أنزلت في عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول حين أكره أمته مسيكة على الزّنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن الصّبّاح، قال: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو الزّبير، أنّه سمع جابر بن عبد اللّه، يقول: جاءت مسيكة لبعض الأنصار فقالت: إنّ سيّدي يكرهني على الزّنا فنزلت في ذلك: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، قال: كانت جاريةٌ لعبد اللّه بن أبيّ ابن سلول يقال لها مسيكة، فآجرها أو أكرهها الطّبريّ شكّ فأتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فشكت ذلك إليه، فأنزل اللّه: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} يعني بهنّ.
- حدّثنا أبو حصينٍ عبد اللّه بن أحمد بن يونس، قال: حدّثنا عبثرٌ، قال: حدّثنا حصينٌ، عن الشّعبيّ، في قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال: رجلٌ كانت له جاريةٌ تفجر، فلمّا أسلمت نزلت هذه.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: أخبرني أبو الزّبير، عن جابرٍ قال: جاءت جاريةٌ لبعض الأنصار، فقالت: إنّ سيّدي أكرهني على البغاء فأنزل اللّه في ذلك: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، قال: أمةٌ لعبد اللّه بن أبيٍّ، أمرها فزنت، فجاءت ببردٍ، فقال لها: ارجعي فازني قالت: واللّه لا أفعل، إن يك هذا خيرًا فقد استكثرت منه، وإن يك شرًّا فقد آن لي أن أدعه.
- قال ابن جريجٍ: وقال مجاهدٌ نحو ذلك، وزاد قال: البغاء الزّنا والله {غفورٌ رحيمٌ} قال: للمكرهات على الزّنا، وفيها نزلت هذه الآية.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ: أنّ رجلاً، من قريشٍ أسر يوم بدرٍ. وكان عبد اللّه بن أبيٍّ أسره، وكان لعبد اللّه جاريةٌ يقال: لها معاذة، فكان القرشيّ الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمةً، فكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان ابن أبيٍّ يكرهها على ذلك، ويضربها رجاء أن تحمل للقرشيّ، فيطلب فداء ولده، فقال اللّه: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا} قال الزّهريّ: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} يقول: غفورٌ لهنّ ما أكرهن عليه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقرأ: (فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيمٌ).
- حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا} يقول: ولا تكرهوا إماءكم على الزّنا، فإن فعلتم فإنّ اللّه سبحانه لهنّ غفورٌ رحيمٌ، وإثمهنّ على من أكرههنّ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}. إلى آخر الآية، قال: كانوا في الجاهليّة يكرهون إماءهم على الزّنا، يأخذون أجورهنّ، فقال اللّه: لا تكرهوهنّ على الزّنا من أجل المنالة في الدّنيا، ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ لهنّ؛ يعني: إذا أكرهن.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} على الزّنا. قال: عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول أمر أمةً له بالزّنا، فجاءته بدينارٍ أو ببردٍ شكّ أبو عاصمٍ فأعطته، فقال: ارجعي فازني بآخر فقالت: واللّه ما أنا براجعةٍ، فاللّه غفورٌ رحيمٌ للمكرهات على الزّنا ففي هذا أنزلت هذه الآية.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، نحوه، إلاّ أنّه قال في حديثه: أمر أمةً له بالزّنا، فزنت، فجاءته ببردٍ فأعطته. فلم يشكّ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} يقول: على الزّنا. {فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} يقول: غفورٌ لهنّ، للمكرهات على الزّنا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} قال: غفورٌ رحيمٌ لهنّ حين أكرهن وقسرن على ذلك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: كانوا يأمرون ولائدهم يباغين، يفعلن ذلك، فيصبن، فيأتينهم بكسبهنّ، فكانت لعبد اللّه بن أبيّ ابن سلول جاريةٌ، فكانت تباغي، فكرهت، وحلفت أن لا تفعله، فأكرهها أهلها، فانطلقت، فباغت ببردٍ أخضر، فأتتهم به، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} الآية). [جامع البيان: 17/275-294]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرهّنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ (33)
قوله تعالى: وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر الغدني، ثنا الحكم ابن أبان عن عكرمة في قوله: وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا قال: هو الرّجل يرى المرأة فكأنّه يشتهي، فإن كانت له امرأةٌ فليذهب إليها فليقض حاجته منها، وإن لم يكن له امرأةٌ فلينظر في ملكوت السّموات والأرض حتّى يغنيه اللّه من فضله.
قوله: حتّى يغنيهم اللّه من فضله.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سعيد بن عبد اللّه الطّلاس، ثنا شيخٌ عن أبي روقٍ وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله يقول: عمّا حرّم اللّه عليهم حتّى يرزقهم اللّه.
قوله تعالى: والّذين يبتغون الكتاب.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: والّذين يبتغون الكتاب يعنى: الّذين يطلبون المكاتبة.
قوله: ممّا ملكت أيمانكم.
- به عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ممّا ملكت أيمانكم يعنى: من المملوكين.
قوله: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان عن جابرٍ عن عامرٍ قوله: فكاتبوهم قال: إن شاء كاتب عبده، وإن شاء لم يكاتبه.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني إسماعيل بن عيّاشٍ، أخبرني رجلٌ، عن عطاء بن أبي رباحٍ فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا فإن شاء كاتب وإن شاء لم يكاتب.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: فكاتبوهم هذا تعليم رخصةٍ وليست بفريضة.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان عن جابرٍ عن عامرٍ قوله: فكاتبوهم قال: إن شاء كاتب عبده، وإن شاء لم يكاتبه.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني إسماعيل بن عيّاشٍ، أخبرني رجلٌ، عن عطاء بن أبي رباحٍ فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا فإن شاء كاتب وإن شاء لم يكاتب.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: فكاتبوهم هذا تعليم رخصةٍ وليست بفريضةٍ.
قوله: إن علمتم فيهم خيرا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا يقول: إن علمتم لهم حيلةً، ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن ابن عونٍ، عن ابن سيرين، عن عبيدة فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا قال: إن صلّى، وروى عن ابن سيرين مثل ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو سفيان المعمري محمد ابن حميدٍ، حدّثني معمرٌ عن أيّوب عن ابن سيرين. عن عبيدة فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا قال: أمانةً وصلاحًا.
الوجه الرّابع
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وطاوسٍ فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا قالا: مالًا وأمانةً.
والوجه الخامس:
- قرئ على أبي عبيد اللّه بن أخي بن وهبٍ، ثنا عمّي، أنبأ محمّد بن عمرٍو اليافعيّ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: إن علمتم فيهم خيرًا قال: المال.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن حجّاجٍ، عن القاسم، عن مجاهدٍ فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا قال: المال والوفاء والصّدق، وروى عن عطاءٍ في بعض الرّوايات مثل ذلك، وروى عن إبراهيم النّخعيّ أنّه قال: صدقًا.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ هشام بن حسّان، عن الحسن إن علمتم فيهم خيرًا قال: عندهم مالا، وروى عن سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان، وقتادة أنّهم قالوا: مالا.
والوجه السّادس:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يعلى، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ، فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا قال: أداء الأمانة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل، ثنا مسعود بن سعدٍ، عن عبد الملك، عن عطاءٍ إن علمتم فيهم خيرًا قال: خيرًا، أداءً وأمانةً، وروى عن عطيّة العوفيّ مثل ذلك.
والوجه السّابع:
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: إن علمتم فيهم خيرًا يقول: إن علمتم أنّ في كتابتهم لكم خيرًا فكاتبوهم.
والوجه الثّامن:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو سفيان عن معمرٍ، عن قتادة إن علمتم فيهم خيرًا قال: يعنى له مالا أو حرفةً.
- حدّثنا أبي، ثنا هدبة بن خالدٍ، ثنا أيّوب بن واقدٍ عن الزّبرقان، عن أبي رزينٍ في قوله: إن علمتم فيهم خيرا قال: إن علمتم عندهم كسب يستطيعون أن يؤدّوا إليكم.
والوجه التّاسع:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، قال: وحدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه في قول اللّه: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا قال: الخير القوّة على ذلك، وروى عن خصيفٍ عن عكرمة: إنّه القوّة.
والوجه العاشر
- ذكر عن أبو الطّاهر، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني اللّيث في قول اللّه: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا قال: حزما.
- ذكر عن سلم الرازي، وحزر ابن المبارك قالا:، ثنا بشر بن السّريّ، ثنا حمّاد بن سلمة، عن ابن أبي نجيحٍ: إن علمتم فيهم خيرًا قال عقلا.
قوله تعالى: وآتوهم من مال الله.
[الوجه الأول]
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة في قوله: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم يقول أعطوهم من مال اللّه.
- حدّثنا أحمد بن منصورٍ الرّماديّ، ثنا يزيد بن حبابٍ، ثنا الحسين بن واقدٍ، حدّثني عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه في قوله: وآتوهم من مال اللّه حثّ النّاس عليه.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمس، ثنا وكيعٌ، عن سفيان عن مغيرة، عن إبراهيم قوله: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: حث الناس عليه مولاة غيره، وروى عن الناس نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء، عن سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ في قوله: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم أمر اللّه المؤمنين أن يعينوا في الرّقاب.
- وقال عليّ بن أبي طالبٍ: أمر اللّه السّيّد أن يدع للمكاتب الرّبع من ثمنه، وهذا تعليمٌ من اللّه ليس بفريضةٍ ولكن فيه أجرٌ.
والوجه الثّالث:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ قال: وحدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قول اللّه: وآتوهم من مال الله الّذي آتاكم قال: ذلك في الزّكاة على الولاة يعطونهم من الزّكاة، يقول اللّه عزّ وجلّ: وفي الرّقاب.
قوله: من مال اللّه الذي آتاكم.
[الوجه الأول]
- أخبرنا الفضل بن شاذان المقرئ، أنبأ إبراهيم بن موسى، أنبأ هشام بن يوسف، عن ابن جريجٍ، أخبرني عطاء بن السّائب، أنّ عبد اللّه بن جندبٍ أخبره عن عليٍّ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ربع المكاتبة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن حجّاجٍ عن عبد الأعلى، عن عبد الرّحمن، عن عليٍّ في قوله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: يحطّ عنه الرّبع.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل، ثنا وكيعٌ، عن أبي شبيبٍ عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ عن عمر أنّه كاتب عبدًا له يكنى أبا أميّة، فجاء بنجمه حين حلّ فقال: يا أبا أميّة اذهب فاستعن به على مكاتبتك، قال: يا أمير المؤمنين لو تركته حتّى يكون في آخر نجمٍ، قال: أخاف أن لا أدرك ذلك، ثمّ قرأ فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال عكرمة: وكان أوّل نجمٍ أدّي في الإسلام.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم يعنى: ضعوا عنهم من مكاتبتهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: من مال المكاتب.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن حجّاجٍ عن القاسم ابن أبي بزّة وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: يوضع عنه، وروي عن عطاءٍ مثل ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا قرّة بن حبيبٍ القشيريّ، ثنا الحكم بن عطيّة، قال: سئل محمّد بن سيرين عن قول اللّه: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: كان يعجبهم أن يدع الرّجل لمكاتبه طائفةً من مكاتبته.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ، ثنا عبيد اللّه بن عمر، قال سألت عبد الكريم عن قول اللّه وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم يعنى بذلك أن يضع عنه نصف ما عليه أو من سوى ذلك، قال: ليس يضع له ممّا عليه، ولكن تعطيه ممّا عندك من نجمه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن حمزة بن إسماعيل، ثنا أبي، ثنا أبو سنانٍ في قوله: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: هو المكاتب إذا أدّى إليك مكاتبته فأعطه منه شيئًا، فإن لم تفعل فقد ظلمته.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: كان ابن عمر يضع عن المكاتبين الرّبع، وكان غيره يضع العشر.
والوجه الثّاني:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، قال: وحدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قول اللّه: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: ذلك في الزّكاة على الولاة يعطونهم من الزّكاة لقول اللّه: وفي الرّقاب.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قول اللّه: آتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: الفيء والصّدقات. وقرأ قول اللّه: إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين حتّى بلغ وفي الرّقاب فأمرهم اللّه أن يوفّوهم منه، وليس ذلك من الكتابة قال: وكان أبي يقول: ماله وللكتابة وهو من مال اللّه فرض له فيها نصيبًا.
قوله تعالى: الّذي آتاكم.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى، عن عبد الملك ابن أبي سليمان، عن عطاءٍ في قوله: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم قال: بما أخرج اللّه لك.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم يعنى الّذي أعطاكم.
قوله تعالى: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا محمّد بن أبي نعيمٍ، ثنا شريكٌ، عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابرٍ في هذه الآية: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا قال: نزلت في أمةٍ لعبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول يقال لها: مسيكة، كان يكرهها على الفجور، وكانت لا بأس بها وتأبى، فأنزل اللّه عزّ وجلّ ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ لهنّ.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود عن سليمان بن معاذٍ، عن سماكٍ عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أنّ جاريةً لعبد اللّه بن أبيٍّ كانت تزني في الجاهليّة فولدت أولادًا من الزّنا، فقال لها: مالك لا تزنين؟ قالت: لا واللّه لا أزني، فضربها فأنزل اللّه عزّ وجلّ: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء يقول: لا تكرهوا إمائكم على الزّنا.
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم ابن أبان، عن عكرمة في قوله: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء الآية. قال: كانت جاريةٌ لعبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول يقال لها معاذة، تؤدّي الخراج فأنزل اللّه تحريم ذلك، فقالت لأهلها إن كان خيرًا فقد كان وإن كان شرًّا فقد جاء النّبيّ فأستغفر اللّه، ولا أعود إن شاء اللّه، ثمّ كلّفها أهلها الخراج، فأنزل اللّه هذه الآية.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فتياتكم على البغاء إمائكم على الزّنا، وذلك أنّ عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، أمر أمةً له بالزّنا فزنت فجاءته ببردةٍ وأعطته فقال: ارجعي فازني على آخر، قالت: واللّه ما أنا براجعةٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن الزّهريّ: أنّ رجلا من قريشٍ أسر يوم بدرٍ. وكان عند عبد اللّه بن أبيٍّ، أسيرًا وكانت لعبد اللّه بن أبيٍّ جاريةٌ يقال لها معاذة فكان القرشيّ الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمةً فكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان عبد اللّه بن أبيٍّ يكرهها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل للقرشيّ فيطلب فداء ولده فقال اللّه: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء قال: أنزلت في عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول رأس المنافقين، كانت له جاريةٌ تدعى معاذة، فكان إذا نزل به ضيفٌ أرسلها إليه ليواقعها إرادة الثّوب منه والكرامة له، فأقبلت الجارية إلى أبي بكرٍ، فشكت ذلك إليه، فذكره أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمره بقبضها، فصاح عبد اللّه بن أبيٍّ: من يعذرنا من محمّدٍ يغلبنا على مملوكينا فأنزل اللّه فيهم هذا.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء قال: لا تكرهوهنّ على الزّنا، بلغنا واللّه أعلم: أنّها نزلت في رجلين يكرهان أمتين لهما على الزّنا، تسمّى إحداهنّ مسيكة وكانت للأنصار، وكانت أميمة أم مسكة لعبد اللّه بن أبيٍّ، وكانت معاذة وأروى بتلك المنزلة، فأتت مسيكة وأمّها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكرتا ذلك له، فأنزل اللّه تعالى في ذلك: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء يعنى الزّنا.
قوله تعالى: إن أردن تحصّنًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: إن أردن تحصّنًا أي عفّةً وأخلاقًا.
- حدّثنا محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان: إن أردن تحصّنًا يستعففن عن الزّنا.
قوله تعالى: لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا.
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، أنبأ حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا يعني الخراج.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا يعنى كسبهنّ وأولادهنّ من الزّنا، وروي عن مقاتل بن حيّان مثل ذلك.
قوله: ومن يكرههنّ.
- به عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: ومن يكرههنّ يعنى: ومن يكره وليدته على الزّنا.
قوله: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ.
- حدثنا أبي، ثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيدٍ عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابرٍ في قول اللّه: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء الآية كلّها قال: كانت أمةٌ لعبد اللّه ابن أبيٍّ ابن سلول يقال لها: مسيكة فكان يكرهها على الزّنا فأنزل اللّه: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيمٌ وهكذا كان يقرؤها.
- حدثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ قال: في قراءة ابن مسعود: لهنّ غفورٌ رحيمٌ وليس عليهنّ إثمٌ.
قوله: غفورٌ رحيمٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ يقول: لا تكرهوا إمائكم على الزّنا، فإن فعلتم فإنّ اللّه سبحانه لهنّ غفورٌ رحيمٌ، وإثمهنّ على من أكرههنّ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ قال: للمكرهات على الزّنا ففي هذا نزلت هذه الآية.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور حدّثني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه عطاءٍ الخراسانيّ يعنى قوله: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ وعد اللّه المكرهات المغفرة إن تبن وأصلحن.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ قال: سمعت الأعمش في قوله: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء قال كان لعبد اللّه بن أبيٍّ جاريةٌ فكان يأمرها أن تبغي، وكانت تكره ذلك، فأنزل اللّه: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إلى قوله غفورٌ رحيمٌ قال: فكانت التّوبة لها.
- حدّثني محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيمٌ وليست لهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2582-2592]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن مغيرة عن إبراهيم في قوله فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا قال وفاء وصدقا). [تفسير مجاهد: 441]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يقول كاتبوهم كائنة أخلاقهم ودينهم ما كان). [تفسير مجاهد: 441]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا المبارك عن الحسن قال أداء وفاء أمانة). [تفسير مجاهد: 441]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه في قوله الله عز وجل وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال هو الربع). [تفسير مجاهد: 441]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا تكرهوا فتياتكم يعني إماءكم على البغاء يعني على الزناء وذلك أن عبد الله بن أبي بن سلول أمر أمة له بالزنا فزنت فجاءته ببرد فأعطته فقال لها ارجعي فازني على آخر فقالت والله لا أرجع فقال الله عز وجل فإن الله من بعد إكراههن يعني للمكرهات على الزنا غفور رحيم). [تفسير مجاهد: 442]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ ابن جريجٍ، حدّثني عطاء بن السّائب، أنّ عبد اللّه بن حبيبٍ، أخبره، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] قال: «يترك للمكاتب الرّبع» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه «وعبد اللّه بن حبيبٍ هو أبو عبد الرّحمن السّلميّ وقد أوقفه أبو عبد الرّحمن عن عليٍّ في روايةٍ أخرى»). [المستدرك: 2/431]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا محمّد بن إسحاق الصّغانيّ، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، أخبرني أبو الزّبير، أنّه سمع جابرًا، يقول: " كانت مسيكة لبعض الأنصار فقالت: إنّ سيّدي يكرهني على البغاء، فنزلت: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا} [النور: 33] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/432]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: كان عبد الله بن أبيّ بن سلول يقول لجاريةٍ له: اذهبي فابغينا شيئاً، قال: فأنزل الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّناً لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههّنّ فإن اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ - غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33].
وفي أخرى: أنّ جارية لعبد الله بن أبّيٍ يقال لها: مسيكة، وأخرى يقال لها أميمة، كان يريدهما على الزّنا، فشكتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء - إلى قوله - غفورٌ رحيمٌ} أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود قال: جاءت مسيكة لبعض الأنصار، فقالت: إنّ سيدي يكرهني على البغاء، فنزل في ذلك: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
قال أبو داود: وروى معتمرٌ عن أبيه: {ومن يكرههّنّ فإن اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} قال: قال سعيد بن أبي الحسن: غفورٌ لهنّ: المكرهات.
[شرح الغريب]
(البغاء): الزنا وهو في الأصل: الطلب). [جامع الأصول: 2/281-282]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33].
- عن ابن عبّاسٍ قال: كانت لعبد اللّه بن أبيٍّ جاريةٌ تزني في الجاهليّة، فلمّا حرّم الزّنا [قال: ألا تزنين] قالت: لا واللّه لا أزني أبدًا. فنزلت {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33].
رواه الطّبرانيّ والبزّار بنحوه، ورجال الطّبرانيّ رجال الصّحيح.
- وعن أنسٍ قال: كانت جاريةٌ لعبد اللّه بن أبيٍّ يقال لها معاذة يكرهها على الزّنا، فلمّا جاء الإسلام نزلت {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] إلى قوله {فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33].
رواه البزّار، وفيه محمّد بن الحجّاج اللّخميّ وهو كذّابٌ). [مجمع الزوائد: 7/82-83]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا إسحاق بن شاهين الواسطيّ، ثنا خالد بن عبد اللّه، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] قال: نزلت في عبد اللّه بن أبيٍّ، كانت عنده جاريةٌ، وكان يكرهها على الزّنا فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33] ). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/61]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا أحمد بن داود الواسطيّ، ثنا أبو عمرٍو اللّخميّ - يعني: محمّد بن الحجّاج -، ثنا محمّد بن إسحاق، عن الزّهريّ، عن أنسٍ قال: كانت جاريةٌ لعبد اللّه بن أبيٍّ يقال لها: معاذة، يكرهها على الزّنا، فلمّا جاء الإسلام نزلت: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] إلى قوله: {فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33].
قال البزّار: لا نعلمه عن الزّهريّ، عن أنسٍ، إلا من هذا الوجه). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين بيتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وأتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدني ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا} قال: هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي فإن كانت له امرأة فليذهب اليها فليقض حاجته منها وان لم تكن له امرأة فلينظر في ملكوت السموات والارض حتى يغنيه الله من فضله). [الدر المنثور: 11/44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق {وليستعفف} يقول: عما حرم الله عليهم حتى يرزقهم الله). [الدر المنثور: 11/44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا} الآية قال: ليتزوج من لا يجد فان الله سيغنيه). [الدر المنثور: 11/44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال: كنت مملوكا لحويطب بن عبد العزى، فسألته الكتاب فأبى فنزلت {والذين يبتغون الكتاب} ). [الدر المنثور: 11/44-45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يبتغون الكتاب} يعني الذين يطلبون المكاتبة من المملوكين). [الدر المنثور: 11/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {فكاتبوهم} قال: هذا تعليم ورخصة وليست بعزيمة). [الدر المنثور: 11/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن عامر الشعبي {فكاتبوهم} قال: ان شاء كاتب وان شاء لم يكاتب). [الدر المنثور: 11/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن أنس بن مالك قال: سألني سيرين المكاتبة فأبيت عليه فأتى عمر بن الخطاب فأقبل علي بالدرة وقال: كاتبه وتلا {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فكاتبته). [الدر المنثور: 11/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي في "سننه" عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} قال: ان علمتم فيهم حرفة ولا ترسلوهم كلا على الناس). [الدر المنثور: 11/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال: المال.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن مجاهد مثله). [الدر المنثور: 11/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال: أمانة ووفاء). [الدر المنثور: 11/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} ان علمت ان مكاتبك يقضيك). [الدر المنثور: 11/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي عن ابن جريج قال: قلت لعطاء ما قوله {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} الخير المال أم الصلاح أم كل ذلك قال ما أراه إلا المال كقوله: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا} الخير، المال). [الدر المنثور: 11/46-47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني {إن علمتم فيهم خيرا} قال: ان علمتم عندهم أمانة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وابراهيم وأبي صالح، مثله). [الدر المنثور: 11/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر والبيهقي عن نافع قال: كان ابن عمر يكره ان يكاتب عبده إذا لم يكن له حرفة ويقول: يطعمني من أوساخ الناس). [الدر المنثور: 11/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد وطاوس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال: مالا وأمانة.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن الحسن مثله). [الدر المنثور: 11/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال: ان علمتم لهم حيلة ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} يعني ضعوا عنهم من مكاتبتهم). [الدر المنثور: 11/47-48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والروياني في مسنده والضياء المقدسي في المختارة عن بريدة {وآتوهم من مال الله} قال: حث الناس عليه أن يعطوه). [الدر المنثور: 11/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {وآتوهم من مال الله} قال: حث الناس عليه مولى وغيره). [الدر المنثور: 11/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال: يترك للمكاتب طائفة من كتابته، وعبد بن الحميد ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس {وآتوهم من مال الله} أمر الله المؤمنين ان يعينوا في الرقاب قال علي بن أبي طالب: أمر الله السيد أن يدع للمكاتب الربع من ثمنه وهذا تعليم من الله ليس بفريضة ولكن فيه أجر). [الدر المنثور: 11/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي ان علي بن أبي طالب قال في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال: مالا، {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال: يترك للمكاتب الربع). [الدر المنثور: 11/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والديلمي، وابن المنذر والبيهقي، وابن مردويه من طرق عن عبد الله بن حبيب عن علي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال: يترك للمكاتب الربع.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة قال: يترك له العشر من كتابته). [الدر المنثور: 11/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر أنه كاتب عبدا له يكنى أبا أمية فجاء بنجمه حين حل قال: يا أبا أمية اذهب فاستعن به في مكاتبتك قال: يا أمير المؤمنين لو تركت حتى يكون من آخر نجم قال: أخاف ان لا أدرك ذلك ثم قرأ {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} ). [الدر المنثور: 11/49-50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عمر إذا كان له مكاتب لم يضع عنه شيئا من أول نجومه مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته ولكنه إذا كان في آخر مكاتبته وضع عنه ما أحب). [الدر المنثور: 11/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {وآتوهم من مال الله} قال: ذلك على الولاة، يعطوهم من الزكاة يقول الله {وفي الرقاب} التوبة الآية 60). [الدر المنثور: 11/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وسعيد بن منصور والبزار والدار قطني، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: كان عبد الله بن أبي يقول لجارية له: اذهبي فابغينا شيئا وكانت كارهة فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} هكذا كان يقرأها). [الدر المنثور: 11/50-51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم من هذا الطريق، عن جابر: ان جارية لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة، وأخرى يقال لها أميمة، فكان يريدهما على الزنا فشكيا ذلك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم} ). [الدر المنثور: 11/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي والحاكم وصححه، وابن جرير، وابن مردويه من طريق أبي الزبير، عن جابر قال: كانت مسيكة لبعض الأنصار فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ان سيدي يكرهني على البغاء فنزلت {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ). [الدر المنثور: 11/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه عن أنس قال: كانت جارية لعبد الله بن أبي يقال لها معاذة، يكرهها على الزنا فلما جاء الإسلام نزلت {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة، مثله). [الدر المنثور: 11/51-52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال: كان أهل الجاهلية يبغين اماؤهم فنهوا عن ذلك في الإسلام). [الدر المنثور: 11/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كانوا في الجاهلية يكرهون اماءهم على الزنا يأخذون أجورهم فنزلت الآية). [الدر المنثور: 11/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي والبزار، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس ان جارية لعبد الله بن أبي كانت تزني في الجاهليه فولدت له أولاد من الزنا فلما حرم الله الزنا قال لها: ما لك لا تزنين قالت: لا والله لا أزني أبدا فضربها فأنزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ). [الدر المنثور: 11/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن عكرمة ان عبد الله بن أبي كانت له أمتان، مسيكة ومعاذة وكان يكرههما على الزنا فقالت احداهما: ان كان خيرا فقد استكثرت منه وان كان غير ذلك فانه ينبغي ان أدعه، فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ). [الدر المنثور: 11/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن أبي مالك في قوله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال: نزلت في عبد الله بن أبي وكانت له جارية تكسب عليه فأسلمت وحسن إسلامها فارادها ان تفعل كما كانت تفعل فأبت عليه). [الدر المنثور: 11/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كان لعبد الله بن أبي جارية تدعى معاذة فكان إذا نزل به ضيف أرسلها إليه ليواقعها ارادة الثواب منه والكرامة له فاقبلت الجارية إلى أبي بكر فشكت ذلك إليه فذكره أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره بقبضها فصاح عبد الله بن أبي: من يعذرنا من محمد يغلبنا على مماليكنا فنزلت الآية). [الدر المنثور: 11/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الزهري ان رجلا من قريش أسر يوم بدر وكان عند عبد الله بن أبي أسيرا وكانت لعبد الله بن أبي جارية يقال لها معاذة وكان القرشي الأسير يريدها على نفسها وكانت مسلمة فكانت تمتنع منه لإسلامها وكان عبد الله بن أبي يكرهها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي فيطلب فداء ولد فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ). [الدر المنثور: 11/53-54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في رواة مالك من طريق مالك عن ابن شهاب ان عمر بن ثابت أخا بني الحرث بن الخزرج حدثه: ان هذه الآية في سورة النور {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
نزلت في معاذة جارية عبد الله بن أبي بن سلول وذلك أن عباس بن عبد المطلب كان عندهم أسيرا فكان عبد الله بن أبي يضربها على أن تمكن عباسا من نفسها رجاء ان تحمل منه فيأخذ ولده فداء فكانت تأبى عليه وقال: ذلك الغرض الذي كان ابن أبي يبتغي). [الدر المنثور: 11/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كانوا يأمرون ولائدهم ان يباغوا فكن يفعلن ذلك ويصبن فيأتين بكسبهن قال: وكان لعبد الله بن أبي جارية فكانت تباغي وكرهت ذلك وحلفت ان لا بفعله فأكرهها فانزل الله الآية). [الدر المنثور: 11/54-55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: بلغنا - والله أعلم - أن هذه الآية نزلت في رجلين كانا يكرهان أمتين لهما إحداهما اسمها مسيكة وكانت للأنصاري والأخرى أميمة أم مسيكة لعبد الله بن أبي وكانت معاذة وأروى بتلك المنزلة فاتت مسيكة وامها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرتا ذلك له فانزل الله في ذلك {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} يعني الزنا). [الدر المنثور: 11/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن رافع بن خديج أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: كسب الحجام خبيث ومهر البغي خبيث). [الدر المنثور: 11/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغي.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مسعود وأبي هريرة، مثله). [الدر المنثور: 11/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال: لا تكرهوا اماءكم على الزنا فان فعلتم فان الله لهن غفور رحيم واثمهن على من يكرههن). [الدر المنثور: 11/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: في قراءة ابن مسعود (فان الله من بعد اكراههن لهن غفور رحيم) قال: للمكرهات على الزنا). [الدر المنثور: 11/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {إن أردن تحصنا} أي عفة واسلاما). [الدر المنثور: 11/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} يعني كسبهن وألادهن من الزنا). [الدر المنثور: 11/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} قال: للمكرهات على الزنا). [الدر المنثور: 11/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} قال: لهن وليست لهم). [الدر المنثور: 11/56]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:48 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32] يعني: كلّ امرأةٍ ليس لها زوجٌ.
قال الحسن: هذه فريضةٌ.
قال: ونا عثمان، عن محمّد بن المنكدر، عن سليمان بن يسارٍ أنّ قومًا
[تفسير القرآن العظيم: 1/444]
نزلوا منزلا ثمّ ارتحلوا، وبغت امرأةٌ منهم فرفعت إلى عمر بن الخطّاب فجلدها عمر الحدّ وقال: استوصوا بها خيرًا وزوّجوها فإنّها من الأيامى.
- وحدّثني الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينهى عن التّبتّل نهيًا شديدًا ويقول: «تزوّجوا الولود الودود فإنّي مكاثرٌ بكم البشر يوم القيامة».
- وحدّثني خالدٌ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تزوّج فقد استكمل نصف الدّين، فليتّق اللّه في النّصف الباقي».
قوله: {والصّالحين من عبادكم} [النور: 32] أي: وأنكحوا الصّالحين من عبادكم، يعني المملوكين المسلمين.
{وإمائكم} [النور: 32] أي: وأنكحوا الصّالحين من إمائكم المسلمات.
وهذه رخصةٌ.
وليس على الرّجل بواجبٍ أن يزوّج أمته وعبده.
قوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32] حدّثنا عبد العزيز بن أبي الرّوّاد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " اطلبوا الغنى في هذه الآية: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32] ".
- حدّثنا سعيدٌ عن قتادة أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول: ما رأيت مثل رجلٍ لم يلتمس الغنى في الباءة واللّه يقول: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32].
[تفسير القرآن العظيم: 1/445]
قال: {واللّه واسعٌ عليمٌ} [النور: 32] واسعٌ لخلقه عليمٌ بهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/446]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم...}

يعني الحرائر. والأيامى القرابات؛ نحو البنت والأخت وأشباههما. ثم قال {والصّالحين من عبادكم وإمائكم} يقول: من عبيدكم وإمائكم ولو كانت (وإماءكم) تردّه على الصّالحين لجاز.
وقوله: {إن يكونوا فقراء} للأحرار خاصة من الرجال والنساء). [معاني القرآن: 2/251]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" الأيامي " من الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم ولهن، ويقال: رجل أيم وامرأة أيمة وأيم أيضاً، قال الشاعر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي=وإن كنت أفتى منكم أتأيّم).
[مجاز القرآن: 2/65]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ}
وقال: {من عبادكم} يريد "من عبيدكم" كما تقول: "هم عباد الله" و"عبيد الله"). [معاني القرآن: 3/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأيامى}: من النساء والرجال الذين لا أزواج لهم. واحدهم أيم). [غريب القرآن وتفسيره: 271]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأنكحوا الأيامى منكم} والأيامي من الرجال والنساء: هم الذين لا أزواج لهم. يقال: رجل أيّم، وامرأة أيّم، ورجل أرمل، وامرأة أرملة، ورجل بكر، وامرأة بكر: إذا لم يتزوجا. ورجل ثيب، وامرأة ثيب: إذا كانا قد تزوّجا.
{والصّالحين من عبادكم} أي من عبيدكم. يقال: عبد وعباد وعبيد. كما يقال: كلب وكلاب وكليب). [تفسير غريب القرآن: 304]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسع عليم}
قرئت من عبيدكم، وكلاهما جائز، وهذا لازم في الأيامى، والمعنى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن أردن تحصّنا). [معاني القرآن: 4/40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}
قال الضحاك هن اللواتي لا أزواج لهن يقال رجل أيم وامرأة أيم وقد آمت تئيم
وقرأ الحسن والصالحين من عبيدكم يقال عبد وعباد وعبيد
وقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}
وكذا قوله: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته} أي بالنكاح لأنه لم يجعل كل زوج مقصورا على زوج أبدا
والفقر الحاجة إلى الشيء المذكور بعقبه ومثله إنما الصدقات للفقراء أي للفقراء إلى الصدقات وقد يكون الرجل فقيرا إلى الشيء وليس بمسكين). [معاني القرآن: 4/528-527]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَيَامـى}: من الرجال والنساء). [العمدة في غريب القرآن: 219]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله} [النور: 33] حتّى يجدوا ما يتزوّجون.
قوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] وليست بفريضةٍ إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه.
وقوله: {إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] قال السّدّيّ: مالا.
نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن قال: إن علمتم عندهم مالا.
وقال قتادة: إن علمتم منهم صدقًا ووفاءً وأمانةً.
نا المعلّى، عن الأشعث، عن محمّد بن سيرين قال: إذا صلّوا وأقاموا الصّلاة.
قال يحيى: كان سفيان يكره أن يكاتب المملوك وليس له حيلةٌ، يكون عيالا على النّاس.
قال يحيى: نكره أن نكاتبه وليست له حرفةٌ ولا عملٌ إلا على مسألة النّاس.
فإن كانت له حرفةٌ أو عملٌ ثمّ تصدّق عليه من الفريضة أو التّطوّع فلا بأس على سيّده في ذلك.
فإن عجز فلم يؤدّ المكاتبة على نجومها كما اشترط سيّده فهو رقيقٌ إلا إن شاء سيّده أن يؤخّره.
فإن رجع مملوكًا وقد تصدّق عليه جعل سيّده ما أخذ منه من الصّدقة في المكاتبين.
وإذا كاتبه وعنده مالٌ لم يعلم به سيّده ثمّ أدّى مكاتبته فذلك المال للسّيّد.
وكلّ مالٍ أصابه في كتابته فهو له إذا أدّى كتابته وولاؤه لسيّده الّذي كاتبه.
وإن كانت مملوكته فولدت في مكاتبتها فأولادها بمنزلتها، إذا أدّت خرجوا أحرارًا معها، وإن عجزت فرجعت مملوكةً رجعوا مملوكين معها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/446]
- حدّثنا سعيدٌ وحمّادٌ عن قتادة أنّ ابن عمر وجابر بن عبد اللّه قالا: لمواليه شروطهم، فإن عجز ردّ في الرّقّ.
به يأخذ يحيى.
- وحدّثني بحر بن كنيزٍ، عن الزّهريّ قال: قضى عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وزيد بن ثابتٍ وعائشة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز أنّه عبدٌ قنٌّ ما بقي عليه درهمٌ حياته وموته.
قال: ولو ترك مالا فهو عبدٌ أبدًا حتّى يؤدّى، لو لم يبق عليه إلا درهمٌ واحدٌ حتّى يوفّيه.
- وحدّثنا سعيدٌ، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم أنّ ابن مسعودٍ قال: إذا أدّى الثّلث أوقف رقبته فهو غريمٌ.
قال يحيى: يعني بالوقوف الثّمن.
وحدّثنا المسعوديّ، عن الحكم بن عتيبة قال: المكاتب تجرى فيه العتاقة في أوّل نجمٍ يؤدّى.
- وحدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن خلاسٍ أنّ عليًّا قال: إذا عجز استسعى سنتين فإن أدّى وإلا ردّ في الرّقّ.
لا يأخذ به يحيى.
- قال: وحدّثني عبد اللّه بن عمر العمريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّ مكاتبًا له جاءه فقال: إنّي قد عجزت.
فقال له ابن عمر: لا تفعل فإنّي رادّك في الرّقّ.
فقال: إنّي قد عجزت.
فردّه في الرّقّ ثمّ أعتقه بعد ذلك.
قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: أمروا أن يدع طائفةً من مكاتبيه أو يساغ له.
قال يحيى: وبلغني أنّ عليًّا قال: يدع له الرّبع.
- قال: وحدّثنا المبارك بن فضالة، عن عبيد اللّه بن عمر، عن فضالة أبي المبارك، عن أبيه قال: سألت عمر بن الخطّاب المكاتبة على أربعين ومائة وقيّةٍ، ففعل ولم يستزدني.
ثمّ أرسل إلى حفصة فقال: إنّي كاتبت غلامي، وإنّه ليس عندي اليوم شيءٌ، فابعثي لي بمائتي درهمٍ حتّى يأتيني شيءٌ، أو قال: يخرج عطائي.
فبعثت إليه بمائتي درهمٍ، فأخذها في يده ثمّ تلا هذه الآية: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] ثمّ قال: هاك
[تفسير القرآن العظيم: 1/447]
بارك اللّه لك.
فدفعها إليّ من قبل أن أؤدّي شيئًا.
فبارك اللّه لي حتّى أدّيت مكاتبتي، وعتقت، وفعلت.
قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] يعني الزّنا.
{إن أردن تحصّنًا} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: عفّةً وإسلامًا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: كان الرّجل يكره مملوكته على البغاء فيكثر ولدها.
قال يحيى: بلغني عن الزّهريّ قال: نزلت في أمةٍ لعبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ كان يكرهها على رجلٍ من قريشٍ رجاء أن تلد منه، فيفدي ولده، فذلك العرض الّذي كان ابن أبيٍّ يبتغي.
قوله: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيمٌ وليست لهم.
وكذلك هي في حرف ابن مسعودٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/448]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب...}

يعني المكاتبة. و(الذين) في موضع رفع كما قال {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما} والنصب جائز. وقوله: {إن علمتم فيهم خيراً} يقول إذا رجوتم عندهم وفاء وتأدية للمكاتبة {وآتوهم مّن مّال اللّه الّذي آتاكم} حثّ الناس على إعطاء المكاتبين. ... حدثنا حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن عليّ بن أبي طالب قال: يعطيه ثلث مكاتبته. يعني المولى يهب له ثلث مكاتبته.
وقوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} البغاء: الزنى. كان أهل الجاهلية يكرهون الإماء ويلتمسون منهنّ الغلّة فيفجرن، فنهى أهل الإسلام عن ذلك {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ} لهنّ {غفورٌ رّحيمٌ} ). [معاني القرآن: 2/251]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):({ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}مجازها إمائكم والفتى في موضعها العبد أيضاً والبغاء مصدر: البغي وهو الزناء).[مجاز القرآن: 2/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فتياتكم}: إمائكم والفتى العبد.
{والبغاء}: الزنا). [غريب القرآن وتفسيره: 271]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذين يبتغون الكتاب} أي يريدون المكاتبة من العبيد والإماء، على أنفسهم.
{فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} عفافا وأمانة {وآتوهم من مال اللّه} أي أعطوهم، أوضعوا عنهم شيئا مما يلزمهم.
{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} أي لا تكرهوا الإماء على الزنا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} أي لتأخذوا من أجورهم على ذلك.
{ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} يقال: للإماء). [تفسير غريب القرآن: 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً}، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}). [تأويل مشكل القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفور رحيم}
ومعنى {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا} أي: لا تكرهوهن على البغاء ألبتّة، وليس المعنى: لا تكرهوهن إن أردن تحصنا. وإن لم يردن فليس لنا أن نكرههنّ.
وقوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} فحث اللّه - عزّ وجلّ - على النكاح وأعلم أنه سبب لنفي الفقر.
ويروى عن عمر رحمه اللّه أنه قال: عجت لامرئ كيف لا يرغب في الباءة واللّه يقول {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}.
معنى {إن علمتم فيهم خيرا} قيل إن علمتم أداء ما يفارق عليه، أي علمتم أنهم يكتبون ما يؤدّونه.
ومعنى المكاتبة أن يكاتب الرجل عبده أو أمته
على أن يفارقه، أنه إذا أدّى إليه كذا وكذا من المال في كذا وكذا من النجوم فالعبد حر إذا أدّى جميع ما عليه، وولاؤه لمولاه الذي كاتبه، لأن مولاه جاد عليه بالكسب الذي هو في الأصل لمولاه.
وقوله: (وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم) هذا - عند أكثر الفقهاء - على الندب، للمولى أن يعطيه شيئا مما يفارقه عليه، أو من ماله ما يستعين به على قضاء نجومه، وله ألّا يفعل، وكذلك له أن يكاتبه إذا طلب المكاتبة وله ألّا يكاتبه.
ومخرج هذا الأمر مخرج الإباحة، كما قال: {وإذا حللتم فاصطادوا} لأنه حرّم عليهم الصيد ما داموا حرما.
وكذلك قوله: {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه} هذا بعد أن حظر عليهم البيع في وقت النداء إلى الصلاة، فهذا أباحه
فيه لأن العبد المملوك لا مال له، ولا يقدر على شيء، فأباح اللّه لهم أن يقدروه.
ويروى عن عمر أنه كاتب عبدا له يكنى أبا أميّة، وهو أول عبد كوتب في الإسلام، فأتاه بأول نجم فدفعه إليه عمر، وقال له: استعن به على مكاتبتك، فقال: لو أخرته إلى آخر نجم، فقال أخاف ألّا أدرك ذلك.
وقوله: {أو نسائهنّ ..} وذلك أنه لا يحل أن ترى المشركات ما يحل أن تراه المؤمنات من المؤمنات، يعنى بنسائهن نساء المؤمنات، (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض).
وقوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة).
" غير " صفة للتابعين دليل على قوله: {أو ما ملكت أيمانهنّ}، معناه أيضا غير أولي الإربة من الرجال.
والمعنى لا يبدين زينتهن لمماليكهنّ ولا لتباعهنّ إلا أن يكونوا غير أولي إربة. والإربة الحاجة، ومعناه ههنا غير ذوي الحاجات
إلى النساء فأمّا خفض " غير " فصفة للتابعين، وإن كانت " غير " توصف بها النكرة، فإنّ التابعين ههنا ليس بمقصود إلى قوم بأعيانهم، إنما معناه لكل تابع غير أولي إربة.
ويجوز " غير " بنصب " غير " على ضربين:
أحدهما الاستثناء، المعنى لا يبدين زينتهن إلا للتابعين إلا أولي الإربة فلا يبدين زينتهن لهم، ويجوز أن يكون منصوبا على الحال، فيكون المعنى، والتابعين لا مريدين النساء أي في هذه الحال.
وقوله عزّ وجلّ: {أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء}.
ويقرأ " عورات " - بالفتح الواو - لأن فعلة يجمع على فعلات – بفتح العين - نحو قولك جفنة وجفنات، وصحفة وصحفات، فإذا كان نحو قولك لوزة وجوزة وعورة،
فالأكثر أن تسكن، وكذلك قوله بيضات، لثقل الحركة مع الواو والياء، ومن العرب من يلزم الأصل والقياس في هذا فيقول جوازات وبيضات.
وعلى هذا قرئ عورات. ومعنى لم يظهروا على عورات النساء، لم يبلغوا أن يطيقوا النساء، كما تقول: قد ظهر فلان على فلان إذا قوي عليه.
ويجوز أن يكون {لم يظهروا على عورات النساء}لم يدروا ما قباحة عورات النساء من غيرها). [معاني القرآن: 4/42-40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}
قيل هذا على الحض والندب لا على الحتم والوجوب ولولا الإذن لما علمنا أن ذلك يجوز وكتاب ومكاتبة بمعنى واحد كما يقال قتال ومقاتلة
ثم قال جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا}
قال أبو جعفر في هذا اختلاف
قال الحسن أي دينا وأمانة
وقال إبراهيم النخعي أي صدقا ووفاء
وقال عبيدة إن أقاموا الصلاة
وقال سعيد بن جبير إن علمتم أنهم يريدون بذلك الخير
قال أبو جعفر وأجمعها قول سعيد بن جبير لأنه إذا أراد بذلك الخير استعمل الوفاء كما يستعمل أهل الدين، والوفاء والصدق والأمانة ومن يقيم الصلاة ويرى لها حقا
وفي الآية قول آخر
قال مجاهد وعطاء الخير ههنا المال وهذا بعيد جدا لأنه كان يجب على هذا أن يقول إن علمتم لهم خيرا
وأيضا فإن العبد مال لمولاه فكيف يقال إن علمتم لهم مالا
وقال أشهب سئل مالك عن قوله جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا} فقال إنه ليقال الخير القوة والأداء
قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي قوة على الاحتراف والاكتساب ووفاء بما أوجب نفسه وصدق لهجة فأما المال وإن كان من الخير فليس هو في العبد وإنما يكون عنده أو له).
[معاني القرآن: 4/530-528]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}
قال أبو جعفر في هذا ثلاثة أقوال:
أحدهما أن يكون على الحض والندب
كما روى ابن بريدة عن أبيه قال حثهم على هذا
ويروى هذا عن عمر وعثمان والزبير وعن إبراهيم النخعي ويكون المعنى وأعطوهم ما يستعينون به على قضاء الكتابة بدفع إليهم أو بإسقاط عنهم
والقول الثاني أن يسقط المكاتب عن مكاتبه شيئا محدودا
روي عن علي بن أبي طلب قال الربع وكذا قال مجاهد
وعن ابن مسعود قال الثلث
والقول الثالث قال سعيد بن جبير قال يضع عنه شيئا من كتابته ولم يحدوه
قال أبو جعفر قيل أولاها القول الأول لجلالة من قال به وأيضا فإن قوله تعالى: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} معطوف على قوله: {فكاتبوهم} فيجب في العربية أن يكون مثله على الحض والندب وأيضا فإن قول علي عليه السلام الربع وقول عبد الله الثلث لا يوجب أن يكون ذلك حتما واجبا ويحتمل أن يكون على الندب
وقوله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
قال مجاهد نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول أمر أمته أن تزني فجاءته ببرد فأمرها أن تعود إلى الزنى فأبت فأنزل الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
وروى أبو سفيان عن جابر وعكرمة عن ابن عباس قال نزلت في عبد الله بن أبي أكره أمته على الزنى فأنزل الله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
ويسأل عن قوله جل وعز: {إن أردن تحصنا}
فالجواب أن المعنى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء البتة
وقوله جل وعز: {إن أردن تحصنا} متعلق بقوله سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصنا}
ومعنى قوله: {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} لتبتغوا أجورهن مما يكسبن
وقوله تعالى: {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}
قال مجاهد فإن الله للمكرهات من بعد إكراههن غفور رحيم). [معاني القرآن: 4/534-530]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}: ذلك للإماء المكرهات على الزنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 168]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَيَاتكم}: الإِمَـاء.
{البَغَـاءِ}: الزنـا). [العمدة في غريب القرآن: 219]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:54 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (قالَ غيرُه: الأَيِّمُ: التي لا زَوجَ لها). [شرح لامية العرب: --]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
ولا تتركوا أثآركم ونساؤكم = أيامى تنادي كلما طلع الفجر
قوله نساؤكم أيامى يعني بلا أزواج). [نقائض جرير والفرزدق: 925]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال فلانة أيم إذا لم يكن لها زوج بكرا كانت أو ثيبا والجميع أيامى والأصل أيائم فقلبت ورجل أيم لا امرأة له وقد آمت المرأة من زوجها تئيم أيمة وأيما وقد تأيمت المرأة زمانا ويأيم الرجل زمانا إذا مكث زمانا لا يتزوج قال وسمعت العلاء بن أسلم يقول حدثني رجل قال سمعت رجلا من العرب يقول أي يكونن على الأيم نصيبي يقول ما يقع بيدي بعد ترك التزويج أي امرأة صالحة أو غير ذلك ولقد إمتها أئيمها ويقال الحرب مأيمة أي تقتل الرجال فتدع النساء بلا أزواج). [إصلاح المنطق: 341]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (حضر المأمون إملاكًا وهو أمير، فسأله بعض من حضر أن يخطب، فقال: المحمود اللّه والمصطفى رسول اللّه، وخير ما عمل به كتاب اللّه؛ قال اللّه تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم} ولم يكن في المناكحة آيةٌ منزلّة ولا سنةٌ متبّعةٌ إلا ما جعل اللّه في ذلك من تألف البعيد وبرّ القريب، وليسرع إليها الموّفق ويبادر إليها العاقل اللّبيب وفلانٌ من قد عرفتموه في نسب لم تجهلوه خطب إليكم فلانة فتاتكم وقد بذل لها من الصّداق كذا، فشفّعوا شافعنا وأنكحوا خاطبنا، وقولوا خيرًا تحمدوا عليه وتؤجروا؛ أقول قولي هذا، وأستغفر اللّه لي ولكم). [عيون الأخبار: 10/75]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومن الأضداد أيضا الأيم؛ يقال: امرأة أيم، إذا كانت بكرا لم تزوج، وامرأة أيم، إذا مات عنها زوجها، قال الله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}، فالأيامى جمع الأيم: يقال: هن الحرائر، ويقال: هن القرابات، نحو البنت والأخت، وقول جميل:
أحب الأيامى إذ بثينة أيم
يدل على أن (الأيم) البكر التي ما زوجت، لقوله:
وأحببت لما أن غنيت الغوانيا
ويقال: قد آمت المرأة إذا مات عنها زوجها، ورجل أيمان وأيم، والمرأة أيمة، وأيمى، قال الشاعر:
فأبنا وقد آمت نساء كثيرة = ونسوان سعد ليس فيهن أيم
وقال جميل:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذا لسعيد
وهل ألقين سعدى به وهي أيم = وما رث من حبل الوصال جديد
وقال الآخر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي = يد الدهر ما لم تنكحي أتأيم
وحدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا نصر، قال: خبرنا الأصمعي، عن أبي الأشهب، قال: قال الأحنف: لا أناة عندي في ثلاث: الصلاة إذا حضرت حتى أقضيها، وحميم إذا مات حتى أواريه، وأيم إذا خطبها كفؤها حتى أنكحها.
ويقال في دعاء للعرب: ماله آم وعام، فمعنى (آم) ماتت امرأته، و(عام) اشتدت شهوته للبن لعدمه إياه. وإنما لم يدخلوا الهاء في (أيم)، وهو وصف للمرأة لأن النساء يوصفن
بهذا أكثر من الرجال، فكن أغلب عليه، فأجري مجرى حائض، وطالق، وطامث؛ وما أشبههن، مما لا يحتاج فيه إلى إدخال علامة تدل على التأنيث). [كتاب الأضداد: 331-333]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كسب الزمارة.
حدثنيه حجاج عن حماد بن سلمة عن هشام بن حسان وحبيب بن الشهيد عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الحجاج: الزمارة: الزانية.
فمعناه مثل قوله إنه نهى عن مهر البغي، والتفسير في الحديث.
ولم أسمع هذا الحرف إلا فيه، ولا أدري من أي شيء أخذ.
وقال بعضهم: الرمازة، وهذا عندي خطأ في هذا الموضع.
إنما الرمازة في حديث آخر، وذلك أن معناها مأخوذ من الرمز، وهي التي تومئ بشفتيها أو بعينيها فأي كسب لها ههنا ينهى عنه، ولا وجه للحرف إلا ما قال الحجاج: زمارة، وهو عندنا أثبت ممن خالفه، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الزانية، وبه نزل القرآن في قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} فهذا العرض
هو الكسب، وهو مهر البغي وهو الذي جاء فيه النهي وهو كسب الأمة، كانوا يكرهون فتياتهم على البغاء ويأكلون كسبهن حتى أنزل الله تبارك وتعالى في ذلك النهى.
حدثني يحيى بن سعيد عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: كانت أمة لعبد الله بن أبي وكان يكرهها على الزنا فنزلت: {ولا تكرهوا فتياتكم على
البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}.
المغفرة لهن لا للمولى، وحدثني إسحاق الأزرق عن عوف عن الحسن في هذه الآية قال: لهن والله، لهن والله، لهن والله). [غريب الحديث: 3/355-359]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (
قال أبو علي: قال الأصمعي: البغيّ: الأمة، وجمعه بغايا، وفي الحديث: قامت على رءوسهم البغايا وقال الأعشى:
والبغايا يركضن أكسية الإضريج والشرعبى ذا الأذيال
وقال آخر:
فخر البغي بحدج ربتها = إذا ما الناس شلّوا
أي طردوا، والبغيّ أيضًا: الفاجرة، يقال: بغت تبغي إذا فجرت، والبغاء: الفجور في الإماء خاصةً قال الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] والبغيّة: الربيئة، قال الشاعر:
وكان وراء القوم منهم بغيّةٌ = فأوفى يفاعًا من بعيدٍ فبشّرا
وجمعها بغايا، وقال طفيل الغنويّ:
فألوت بغاياهم بنا وتباشرت = إلى عرض جيشٍ غير أن لم يكتّب).
[الأمالي: 2/275]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:18 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:19 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:23 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {
وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى}، هذه المخاطبة لكل من تصور أن ينكح في نازلة ما، فهم المأمورون بتزويج من لا زوج له ومن لا زوجة له، وظاهر الآية أن المرأة لا تتزوج إلا بولي، و"الأيم" يقال للرجل وللمرأة، ومنه قول الشاعر:
لله در بني علـ ـي أيم منهم وناكح
[المحرر الوجيز: 6/379]
ولعموم هذا اللفظ قالت فرقة: إن هذه الآية ناسخة لحكم قوله تعالى: {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}، وقوله: {والصالحين من عبادكم} يريد: للنكاح. وقرأ الحسن بن أبي الحسن: (من عبيدكم)، والجمهور على "من عبادكم"، والمعنى واحد، إلا أن قرينة الترفيع بالنكاح تؤيد قراءة الجمهور.
وهذا الأمر بالنكاح يختلف بحسب شخص شخص، ففي نازلة يتصور وجوبه، وفي نازلة الندب، وغير ذلك، وهذا بحسب ما قيل في النكاح.
ثم وعد الله تبارك وتعالى بإغناء الفقراء المتزوجين طلبا لرضى الله عنهم واعتصاما من معاصيه، وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: التمسوا الغنى في النكاح، وقال عمر رضي الله عنه: عجبي ممن لا يطلب الغنى بالنكاح، وقد قال الله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}. قال النقاش: هذه الآية حجة على من قال إن القاضي يفرق بين الزوجين إذا كان الزوج فقيرا لا يقدر على النفقة؛ لأن الله قال: يغنهم الله ولم يقل: "يفرق بينهما".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا انتزاع ضعيف، وليست هذه الآية حكما فيمن عجز عن النفقة، وإنما هي وعد بالإغناء، كما وعد به تعالى مع التفرق في قوله: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته}، ونفحات رحمة الله تعالى مأمولة في كل حال، موعود بها.
[المحرر الوجيز: 6/380]
وقوله تعالى: {واسع عليم} صفتان نحو المعنى الذي فيه القول، أي واسع الفضل، عليم بمستحق التوسعة والإغناء). [المحرر الوجيز: 6/381]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}
"استعف" وزنه استفعل، ومعناه: طلب أن يكون عفيفا، فأمر الله تعالى في هذه الآية كل من يتعذر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعف، ثم لما كان أغلب الموانع على النكاح عدم المال وعد بالإغناء من فضله، فعلى هذا التأويل يعم الأمر بالاستعفاف كل من تعذر عليه النكاح بأي وجه تعذر.
وقالت جماعة من المفسرين: النكاح في هذه الآية اسم ما يمهر وينفق في الزواج كاللحاف واللباس لما يلتحف به ولما يلبس، وحملهم على هذا قوله تعالى: {حتى يغنيهم الله من فضله}، فظنوا أن المأمور بالاستعفاف إنما هو من عدم المال الذي يتزوج به، وفي هذا القول تخصيص المأمورين بالاستعفاف، وذلك ضعيف.
ثم أمر الله تعالى المؤمنين كافة أن يكاتب منهم كل من له مملوك وطلب المملوك الكتابة وعلم سيده منه خيرا، قال النقاش: سببها أن غلاما لحويطب بن عبد العزى سأل مولاه الكتابة فأبى عليه، وقال مكي: هو صبيح القبطي غلام حاطب بن أبي بلتعة، ولفظ "الكتاب" في الآية مصدر كالقتال والجلاد ونحوه من مصادر فاعل، و"الكتابة" فعالة من حيث هذا يكتب على نفسه، وهذا على نفسه.
واختلف الناس، هل هذا الأمر بالكتابة على الوجوب أو على الندب، على قولين: فمذهب مالك رحمه الله أن ذلك على الندب، وقال عطاء: ذلك واجب، وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه رضي الله عنه لأنس بن مالك رضي الله عنه في سيرين، حين سأل سيرين الكتابة فتلكأ أنس، فقال له عمر: كاتبه أو لأضربنك بالدرة، وهو قول عمرو بن دينار والضحاك.
[المحرر الوجيز: 6/381]
واختلف الناس في المراد بالخير، فقالت فرقة: هو المال، ولم تر على سيد عبد أن يكاتب إلا إذا علم أن له مالا يؤدي منه أو من التجر فيه، وروي عن ابن عمر وسلمان أنهما أبيا من كتابة عبدين رغبا في الكتابة ووعدا باسترفاق الناس، فقال كل واحد منهما لعبده: أتريد أن تطعمني أوساخ الناس؟ وقال مالك: إنه ليقال: يراد بالخير القوة والأداء، وقال الحسن بن أبي الحسن: الخير هو صدق الموعد، وقلة الكذب، والوفاء، وإن لم يكن للعبد مال، وقال عبيدة السلماني: الخير هو الصلاح في الدين، وهذا في زمنه القول الذي قبله.
والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم، وحرمة العتق إنما يتلبس بها بعد الأداء، هذا قول جمهور الأمة، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا أدى ثلث الكتابة فهو عتيق غريم، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: العتاقة تجري فيه بأول نجم يؤديه.
وقوله تعالى: {وآتوهم من مال الله}، قال المفسرون: هو أمر لكل مكاتب أن يضع للعبد من مال كتابته، واستحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يكون ذلك ربع الكتابة، قال الزهراوي: وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستحسن الحسن بن أبي الحسن، وابن مسعود ثلثها، وقال قتادة: عشرها، ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون ذلك من أول نجومه مبادرة إلى الخير وخوفا ألا يدرك آخرها، ورأى مالك رحمه الله، وغيره أن يكون الوضع في آخر نجم، وعلة ذلك أنه إذا وضع من أول نجم ربما عجز العبد فرجع هو وماله إلى السيد، فعادت إليه وضيعته، وهي شبه الصدقة، وهذا قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ورأى مالك رحمه الله هذا الأمر على الندب، ولم ير لقدر الوضعية حدا، ورأى الشافعي رحمه الله وغيره الوضيعة
[المحرر الوجيز: 6/382]
واجبة يحكم بها الحاكم على المكاتب وعلى ورثته، وقال الحسن، والنخعي، وبريدة: إنما الخطاب بقوله تعالى: {وآتوهم من مال الله} للناس أجمعين في أن يتصدقوا على المكاتبين، وأن يعينوهم في فكاك رقابهم، وقال زيد بن أسلم: إنما الخطاب لولاة الأمور بأن يعطوا المكاتبين من مال الصدقة حظهم، وهو الذي تضمنه قوله تعالى: " وفي الرقاب ".
قوله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم * ولقد أنـزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين}
روي أن سبب هذه الآية هو أن عبد الله بن أبي ابن سلول كانت له أمة تسمى مسيكة، وقيل: معاذة، فكان يأمرها بالزنا والكسب به، فشكت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية فيه وفيمن فعل فعله من المنافقين.
وقوله تعالى: {إن أردن تحصنا} راجع إلى "الفتيات"، وذلك أن الفتاة إذا أرادت التحصن فحينئذ يمكن ويتصور أن يكون السيد مكرها، ويمكن أن ينهى عن الإكراه، وإذا كانت الفتاة لا تريد التحصن فلا يتصور أن يقال للسيد: لا تكرهها؛ لأن الإكراه لا يتصور فيها وهي مريدة للزنى، فهذا أمر في [سادة وفتيات] حالهم هذه، وذهب هذا النظر عن كثير من المفسرين، فقال بعضهم: قوله تعالى: {إن أردن تحصنا} راجع إلى [الأيامى] في قوله سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم}، وقال بعضهم: هذا الشرط في قوله تعالى: "إن أردن" ملغى، ونحو هذا مما ضعف، والله الموفق للصواب برحمته.
و "عرض الحياة الدنيا" في هذه الآية: الشيء الذي تكتسبه الأمة بفرجها، ومعنى
[المحرر الوجيز: 6/383]
باقي الآية: فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم بهن، وقد يتصور الغفران والرحمة بالمكرهين بعد أن تقع التوبة من ذلك، فالمعنى: غفور لمن تاب، وقرأ ابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وابن جبير: "لهن غفور رحيم" بزيادة "لهن"). [المحرر الوجيز: 6/384]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ (32) وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرهّنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ (33) ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتّقين (34)}
اشتملت هذه الآيات الكريمات المبينة على جملٍ من الأحكام المحكمة، والأوامر المبرمة، فقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم}: هذا أمرٌ بالتّزويج. وقد ذهب طائفةٌ من العلماء إلى وجوبه، على كلّ من قدر عليه. واحتجّوا بظاهر قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا معشر الشّباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاءٌ". أخرجاه من حديث ابن مسعودٍ.
وجاء في السّنن -من غير وجهٍ -أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "تزوّجوا، توالدوا، تناسلوا، فإنّي مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة" وفي روايةٍ: "حتّى بالسّقط".
الأيامى: جمع أيّم، ويقال ذلك للمرأة الّتي لا زوج لها، وللرّجل الّذي لا زوجة له. وسواءٌ كان قد تزوّج ثمّ فارق، أو لم يتزوّج واحدٌ منهما، حكاه الجوهريّ عن أهل اللّغة، يقال: رجلٌ أيّمٌ وامرأةٌ أيّمٌ أيضًا.
وقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ}، قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: رغّبهم اللّه في التّزويج، وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى، فقال: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمود بن خالدٍ الأزرق، حدّثنا عمر بن عبد الواحد، عن سعيدٍ -يعني: ابن عبد العزيز -قال: بلغني أنّ أبا بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه، قال: أطيعوا اللّه فيما أمركم به من النّكاح، ينجز [لكم] ما وعدكم من الغنى، قال: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
وعن ابن مسعودٍ: التمسوا الغنى في النّكاح، يقول اللّه تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} رواه ابن جريرٍ، وذكر البغويّ عن عمر بنحوه.
وعن اللّيث، عن محمّد بن عجلان، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثلاثةٌ حقٌّ على اللّه عونهم: النّاكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل اللّه". رواه الإمام أحمد، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن ماجه
وقد زوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك الرّجل الّذي لم يجد إلّا إزاره، ولم يقدر على خاتمٍ من حديدٍ، ومع هذا فزوّجه بتلك المرأة، وجعل صداقها عليه أن يعلّمها ما يحفظه من القرآن.
والمعهود من كرم اللّه تعالى ولطفه أن يرزقه [وإيّاها] ما فيه كفايةٌ له ولها. فأمّا ما يورده كثيرٌ من النّاس على أنّه حديث: "تزوّجوا فقراء يغنكم اللّه"، فلا أصل له، ولم أره بإسنادٍ قويٍّ ولا ضعيفٍ إلى الآن، وفي القرآن غنيّةٌ عنه، وكذا هذا الحديث الّذي أوردناه. وللّه الحمد). [تفسير ابن كثير: 6/ 51-52]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله}. هذا أمرٌ من اللّه تعالى لمن لا يجد تزويجًا [بالتّعفّف] عن الحرام، كما قال -عليه الصّلاة والسّلام -: "يا معشر الشّباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء".
وهذه الآية مطلقةٌ، والّتي في سورة النّساء أخصّ منها، وهي قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات}، إلى أن قال: {ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم} [النّساء: 25] أي صبركم عن تزويج الإماء خيرٌ؛ لأنّ الولد يجيء رقيقًا، {واللّه غفورٌ رحيمٌ}.
قال عكرمة في قوله: {وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا} قال: هو الرّجل يرى المرأة فكأنّه يشتهي، فإن كانت له امرأةٌ فليذهب إليها وليقض حاجته منها، وإن لم يكن له امرأة فلينظر في ملكوت السموات [والأرض] حتّى يغنيه اللّه.
وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} هذا أمرٌ من اللّه تعالى للسّادة إذا طلب منهم عبيدهم الكتابة أن يكاتبوا، بشرط أن يكون للعبد حيلةٌ وكسبٌ يؤدّي إلى سيّده المال الّذي شارطه على أدائه. وقد ذهب كثيرٌ من العلماء إلى أنّ هذا الأمر أمر إرشادٍ واستحبابٍ، لا أمر تحتّمٍ وإيجابٍ، بل السّيّد مخيّرٌ، إذا طلب منه عبده الكتابة إن شاء كاتبه، وإن شاء لم يكاتبه.
وقال الثّوريّ، عن جابرٍ، عن الشّعبيّ: إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه.
وقال ابن وهبٍ، عن إسماعيل بن عيّاشٍ، عن رجلٍ، عن عطاء بن أبي رباح: إن يشأ يكاتبه وإن لم يشأ لم يكاتبه، وكذا قال مقاتل بن حيّان، والحسن البصريّ.
وذهب آخرون إلى أنّه يجب على السّيّد إذا طلب منه عبده ذلك، أن يجيبه إلى ما طلب؛ أخذًا بظاهر هذا الأمر:
قال البخاريّ: وقال روحٌ، عن ابن جريج قلت لعطاءٍ: [أواجبٌ عليّ إذا علمت له مالًا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلّا واجبًا. وقال عمرو بن دينارٍ: قلت لعطاءٍ]، أتأثره عن أحدٍ؟ قال: لا. ثمّ أخبرني أنّ موسى بن أنسٍ أخبره، أنّ سيرين سأل أنسًا المكاتبة -وكان كثير المال، فأبى.
فانطلق إلى عمر بن الخطّاب فقال: كاتبه. فأبى، فضربه بالدّرّة، ويتلو عمر، رضي اللّه عنه: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا}، فكاتبه
هكذا ذكره البخاريّ تعليقًا. ورواه عبد الرّزّاق: أخبرنا ابن جريجٍ قال: قلت لعطاءٍ: أواجبٌ عليّ إذا علمت له مالًا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلّا واجبًا. وقال عمرو بن دينارٍ، قال: قلت لعطاءٍ: أتأثره عن أحدٍ؟ قال: لا
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا محمّد بن بكرٍ، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ: أنّ سيرين أراد أن يكاتبه، فتلكّأ عليه، فقال له عمر: لتكاتبنّه. إسنادٌ صحيحٌ.
وقال سعيد بن منصورٍ: حدّثنا هشيم بن جويبر، عن الضّحّاك قال: هي عزمة.
وهذا هو القول القديم من قولي الشّافعيّ، رحمه اللّه، وذهب في الجديد إلى أنّه لا يجب؛ لقوله عليه الصّلاة والسّلام: لا يحلّ مال امرئٍ مسلمٍ إلّا بطيبٍ من نفسه".
وقال ابن وهبٍ: قال مالكٌ: الأمر عندنا أن ليس على سيّد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أحدًا من الأئمّة أكره أحدًا على أن يكاتب عبده. قال مالكٌ: وإنّما ذلك أمرٌ من اللّه، وإذنٌ منه للنّاس، وليس بواجبٍ.
وكذا قال الثّوريّ، وأبو حنيفة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم. واختار ابن جريرٍ قول الوجوب لظاهر الآية.
وقوله: {إن علمتم فيهم خيرًا}، قال بعضهم: أمانةً. وقال بعضهم: صدقًا. [وقال بعضهم: مالًا] وقال بعضهم: حيلةً وكسبًا.
وروى أبو داود في كتاب المراسيل، عن يحيى بن أبي كثيرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} قال: "إن علمتم فيهم حرفةً، ولا ترسلوهم كلا على النّاس".
وقوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} اختلف المفسّرون فيه، فقال قائلون: معناه اطرحوا لهم من الكتابة بعضها، ثمّ قال بعضهم: مقدار الرّبع. وقيل: الثّلث. وقيل: النّصف. وقيل: جزءٌ من الكتابة من غير واحدٍ.
وقال آخرون: بل المراد من قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} هو النّصيب الّذي فرض اللّه لهم من أموال الزّكوات. وهذا قول الحسن، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وأبيه، ومقاتل بن حيّان. واختاره ابن جريرٍ.
وقال إبراهيم النّخعيّ في قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: حثّ النّاس عليه مولاه وغيره. وكذلك قال بريدة بن الحصيب الأسلميّ، وقتادة.
وقال ابن عبّاسٍ: أمر اللّه المؤمنين أن يعينوا في الرّقاب. وقد تقدّم في الحديث، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "ثلاثةٌ حقٌّ على اللّه عونهم": فذكر منهم المكاتب يريد الأداء، والقول الأوّل أشهر.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، حدّثنا وكيع، عن ابن شبيب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، عن عمر؛ أنّه كاتب عبدًا له، يكنّى أبا أميّة، فجاء بنجمه حين حلّ، فقال: يا أبا أميّة، اذهب فاستعن به في مكاتبتك. قال: يا أمير المؤمنين، لو تركته حتّى يكون من آخر نجمٍ؟ قال: أخاف ألّا أدرك ذلك. ثمّ قرأ: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال عكرمة: كان أوّل نجمٍ أدّي في الإسلام.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئًا من أوّل نجومه، مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته. ولكنّه إذا كان في آخر مكاتبته، وضع عنه ما أحبّ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} قال: يعني: ضعوا عنهم من مكاتبتهم. وكذلك قال مجاهدٌ، وعطاءٌ، والقاسم بن أبي بزّة، وعبد الكريم بن مالكٍ الجزريّ، والسّدّيّ.
وقال محمّد بن سيرين في قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم}: كان يعجبهم أن يدع الرّجل لمكاتبه طائفةً من مكاتبته.
وقال ابن أبي حاتمٍ: أخبرنا الفضل بن شاذان المقرئ، أخبرنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، أخبرني عطاء بن السّائب: أنّ عبد اللّه بن جندبٍ أخبره، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ربع الكتابة".
وهذا حديثٌ غريبٌ، ورفعه منكرٌ، والأشبه أنّه موقوفٌ على عليٍّ، رضي اللّه عنه، كما رواه عنه أبو عبد الرّحمن السّلميّ، رحمه اللّه.
وقوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} الآية: كان أهل الجاهليّة إذا كان لأحدهم أمةٌ، أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبةً يأخذها منها كلّ وقتٍ. فلمّا جاء الإسلام، نهى اللّه المسلمين عن ذلك.
وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة -فيما ذكره غير واحدٍ من المفسّرين، من السّلف والخلف -في شأن عبد اللّه بن أبيّ بن سلولٍ [المنافق] فإنّه كان له إماءٌ، فكان يكرههنّ على البغاء طلبًا لخراجهن، ورغبةً في أولادهنّ، ورئاسةً منه فيما يزعم [قبحه الله ولعنه]
[ذكر الآثار الواردة في ذلك]
قال الحافظ أبو بكرٍ أحمد بن عمرٍو بن عبد الخالق البزّار، رحمه اللّه، في مسنده: حدّثنا أحمد بن داود الواسطيّ، حدّثنا أبو عمرٍو اللّخميّ -يعني: محمّد بن الحجّاج -حدّثنا محمّد ابن إسحاق، عن الزّهريّ قال: كانت جاريةٌ لعبد الله بن أبي ابن سلولٍ، يقال لها: معاذة، يكرهها على الزّنى، فلمّا جاء الإسلام نزلت: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} إلى قوله: {فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ}
وقال الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ في هذه الآية: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال: نزلت في أمةٍ لعبد اللّه بن أبيّ بن سلولٍ يقال لها: مسيكة، كان يكرهها على الفجور -وكانت لا بأس بها -فتأبى. فأنزل اللّه، عزّ وجلّ، هذه الآية إلى قوله {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ}.
وروى النّسائيّ، من حديث ابن جريج، عن أبي الزّبير، عن جابر نحوه
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عليّ بن سعيدٍ، حدّثنا الأعمش، حدّثني أبو سفيان، عن جابرٍ قال: كان لعبد الله بن أبيٍّ ابن سلول جاريةٌ يقال لها: مسيكة، وكان يكرهها على البغاء، فأنزل اللّه: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}، إلى قوله: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ}.
صرّح الأعمش بالسّماع من أبي سفيان طلحة بن نافعٍ، فدلّ على بطلان قول من قال: "لم يسمع منه، إنّما هو صحيفةٌ" حكاه البزّار.
قال أبو داود الطّيالسيّ، عن سليمان بن معاذٍ، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ جاريةً لعبد اللّه بن أبيٍّ كانت تزني في الجاهليّة، فولدت أولادًا من الزّنى، فقال لها: ما لك لا تزنين؟ قالت لا واللّه لا أزني. فضربها، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا}
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن الزّهريّ: أنّ رجلًا من قريشٍ أسر يوم بدرٍ، وكان عند عبد اللّه بن أبيّ أسيرًا، وكانت لعبد اللّه بن أبيّ جاريةٌ يقال لها: معاذة، وكان القرشيّ الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمةً. وكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان عبد اللّه بن أبيٍّ يكرهها على ذلك ويضربها، رجاء أن تحمل للقرشيّ، فيطلب فداء ولده، فقال تبارك وتعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا}
وقال السّدّيّ: أنزلت هذه الآية الكريمة في عبد اللّه بن أبيّ بن سلولٍ رأس المنافقين، وكانت له جاريةٌ تدعى معاذة، وكان إذا نزل به ضيفٌ أرسلها إليه ليواقعها، إرادة الثّواب منه والكرامة له. فأقبلت الجارية إلى أبي بكرٍ، رضي اللّه عنه فشكت إليه ذلك، فذكره أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمره بقبضها. فصاح عبد اللّه بن أبيٍّ: من يعذرني من محمّدٍ، يغلبنا على مملوكتنا؟ فأنزل اللّه فيهم هذا.
وقال مقاتل بن حيّان: بلغنا -واللّه أعلم -أنّ هذه الآية نزلت في رجلين كانا يكرهان أمتين لهما، إحداهما اسمها مسيكة، وكانت للأنصاريّ، وكانت أميمة أمّ مسيكة لعبد اللّه بن أبيٍّ، وكانت معاذة وأروى بتلك المنزلة، فأتت مسيكة وأمّها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكرتا ذلك له، فأنزل اللّه في ذلك {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} يعني: الزّنى.
وقوله: {إن أردن تحصّنًا} هذا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له. وقوله: {لتبتغوا عرض [الحياة] الدّنيا} أي: من خراجهن ومهورهنّ وأولادهنّ. وقد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن كسب الحجّام، ومهر البغيّ وحلوان الكاهن -وفي روايةٍ: "مهر البغيّ خبيثٌ، وكسب الحجّام خبيثٌ، وثمن الكلب خبيثٌ"
وقوله: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [أي: لهنّ، كما تقدّم في الحديث عن جابرٍ.
وقال ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: فإن فعلتم فإنّ اللّه لهن غفور رحيم] وإثمهن على من أكرههن: وكذا قال مجاهدٌ، وعطاءٌ الخراسانيّ، والأعمش، وقتادة.
وقال أبو عبيدٍ: حدّثني إسحاق الأزرق، عن عوف، عن الحسن في هذه الآية: {فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} قال: لهنّ واللّه. لهنّ واللّه.
وعن الزّهريّ قال: غفورٌ لهنّ ما أكرهن عليه.
وعن زيد بن أسلم قال: غفورٌ رحيمٌ للمكرهات.
حكاهنّ ابن المنذر في تفسيره بأسانيده.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبير قال: في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ: "فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رّحيمٌ" وإثمهنّ على من أكرههنّ.
وفي الحديث المرفوع، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: "رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان، وما استكرهوا عليه"). [تفسير ابن كثير: 6/ 52-56]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة