العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المؤمنون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:51 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة المؤمنون [من الآية (84) إلى الآية (92) ]

{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:52 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون (84) سيقولون للّه قل أفلا تذكّرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المكذّبين بالآخرة من قومك: لمن ملك الأرض ومن فيها من الخلق إن كنتم تعلمون من مالكها؟). [جامع البيان: 17/97-98]

تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ أعلمه أنّهم سيقرّون بأنّها للّه ملكًا، دون سائر الأشياء غيره. {قل أفلا تذكّرون} يقول: فقل لهم إذا أجابوك بذلك كذلك: أفلا تذكّرون فتعلمون أنّ من قدر على خلق ذلك ابتداءً، فهو قادرٌ على إحيائهم بعد مماتهم وإعادتهم خلقًا سويًّا بعد فنائهم؟). [جامع البيان: 17/98]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون * بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون * ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى الله عما يشركون * قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين * وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون.
أخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن هرون قال: في مصحف أبي بن كعب {سيقولون لله} كلهن بغير ألف). [الدر المنثور: 10/596]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن عاصم الجحدري قال: في الإمام مصحف عثمان بن عفان، قال: الذي كتب للناس لله لله كلهن بغير ألف). [الدر المنثور: 10/596-597]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن زيد قال: في مصحف عثمان بن عفان {سيقولون لله} ثلاثتهن بغير ألف). [الدر المنثور: 10/597]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن الحميد عن يحيى بن عتيق قال: رأيت في مصحف الحسن لله لله بغير ألف في ثلاثة مواضع). [الدر المنثور: 10/597]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم أنه قرأ {لله} بغير ألف كلهن). [الدر المنثور: 10/597]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل من ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم (86) سيقولون للّه قل أفلا تتّقون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم يا محمّد: من ربّ السّماوات السّبع، وربّ العرش المحيط بذلك؟ سيقولون: ذلك كلّه للّه، وهو ربّه. فقل لهم: أفلا تتّقون عقابه على كفركم به، وتكذيبكم خبره وخبر رسوله؟
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {سيقولون للّه} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والعراق والشّام: {سيقولون للّه}، سوى أبي عمرٍو، فإنّه خالفهم فقرأه: (سيقولون اللّه) في هذا الموضع، وفي الآخر الّذي بعده، اتّباعًا لخطّ المصحف، فإنّ ذلك كذلك في مصاحف الأمصار إلاّ في مصحف أهل البصرة، فإنّه في الموضعين بالألف، فقرءوا بالألف كلّها اتّباعًا لخطّ مصحفهم. فأمّا الّذين قرءوه بالألف فلا مؤنة في قراءتهم ذلك كذلك، لأنّهم أجروا الجواب على الابتداء، وردّوا مرفوعًا على مرفوعٍ.
وذلك أنّ معنى الكلام على قراءتهم: قل: من ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم؟ سيقولون: ربّ ذلك اللّه. فلا مؤنة في قراءة ذلك كذلك. وأمّا الّذين قرءوا ذلك في هذا والّذي يليه بغير ألفٍ، فإنّهم قالوا: معنى قوله {قل من ربّ السّموات} لمن السّموات؟ لمن ملك ذلك؟ فجعل الجواب على المعنى، فقيل: للّه؛ لأنّ المسألة عن ملك ذلك لمن هو؟ قالوا: وذلك نظير قول قائلٍ لرجلٍ: من مولاك؟ فيجيب المجيب عن معنى ما سئل، فيقول: أنا لفلانٍ؛ لأنّه مفهومٌ بذلك من الجواب ما هو مفهومٌ بقوله: مولاي فلانٌ. وكان بعضهم يذكر أنّ بعض بني عامرٍ أنشده:
وأعلم أنّني سأكون رمسًا = إذا سار النّواعج لا يسير
فقال السّائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فأجاب المخفوض بمرفوعٍ، لأنّ معنى الكلام: فقال السّائلون: من الميّت؟ فقال المخبرون: الميّت وزيرٌ؛ فأجابوا عن المعنى دون اللّفظ.
والصّواب من القراءة في ذلك أنّهما قراءتان قد قرأ بهما علماءٌ من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. غير أنّي مع ذلك أختار قراءة جميع ذلك بغير ألفٍ، لإجماع خطوط مصاحف الأمصار على ذلك سوى خطّ مصحف أهل البصرة). [جامع البيان: 17/98-99]

تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل من ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم (86) سيقولون للّه قل أفلا تتّقون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم يا محمّد: من ربّ السّماوات السّبع، وربّ العرش المحيط بذلك؟ سيقولون: ذلك كلّه للّه، وهو ربّه. فقل لهم: أفلا تتّقون عقابه على كفركم به، وتكذيبكم خبره وخبر رسوله؟
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {سيقولون للّه} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والعراق والشّام: {سيقولون للّه}، سوى أبي عمرٍو، فإنّه خالفهم فقرأه: (سيقولون اللّه) في هذا الموضع، وفي الآخر الّذي بعده، اتّباعًا لخطّ المصحف، فإنّ ذلك كذلك في مصاحف الأمصار إلاّ في مصحف أهل البصرة، فإنّه في الموضعين بالألف، فقرءوا بالألف كلّها اتّباعًا لخطّ مصحفهم. فأمّا الّذين قرءوه بالألف فلا مؤنة في قراءتهم ذلك كذلك، لأنّهم أجروا الجواب على الابتداء، وردّوا مرفوعًا على مرفوعٍ.
وذلك أنّ معنى الكلام على قراءتهم: قل: من ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم؟ سيقولون: ربّ ذلك اللّه. فلا مؤنة في قراءة ذلك كذلك. وأمّا الّذين قرءوا ذلك في هذا والّذي يليه بغير ألفٍ، فإنّهم قالوا: معنى قوله {قل من ربّ السّموات} لمن السّموات؟ لمن ملك ذلك؟ فجعل الجواب على المعنى، فقيل: للّه؛ لأنّ المسألة عن ملك ذلك لمن هو؟ قالوا: وذلك نظير قول قائلٍ لرجلٍ: من مولاك؟ فيجيب المجيب عن معنى ما سئل، فيقول: أنا لفلانٍ؛ لأنّه مفهومٌ بذلك من الجواب ما هو مفهومٌ بقوله: مولاي فلانٌ. وكان بعضهم يذكر أنّ بعض بني عامرٍ أنشده:
وأعلم أنّني سأكون رمسًا = إذا سار النّواعج لا يسير
فقال السّائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فأجاب المخفوض بمرفوعٍ، لأنّ معنى الكلام: فقال السّائلون: من الميّت؟ فقال المخبرون: الميّت وزيرٌ؛ فأجابوا عن المعنى دون اللّفظ.
والصّواب من القراءة في ذلك أنّهما قراءتان قد قرأ بهما علماءٌ من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. غير أنّي مع ذلك أختار قراءة جميع ذلك بغير ألفٍ، لإجماع خطوط مصاحف الأمصار على ذلك سوى خطّ مصحف أهل البصرة). [جامع البيان: 17/98-99] (م)

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون (88) سيقولون للّه قل فأنّى تسحرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد: من بيده خزائن كلّ شيءٍ؟.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ملكوت كلّ شيءٍ} قال: خزائن كلّ شيءٍ.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن مجاهدٍ، عن ابن جريجٍ، في قول اللّه: {قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ} قال: خزائن كلّ شيءٍ.
وقوله: {وهو يجير} يقول: وهو يجير من أراد ممّن قصده بسوءٍ، {ولا يجار عليه} يقول: ولا أحد يمتنع ممّن أراده هو بسوءٍ فيدفع عنه عذابه وعقابه {إن كنتم تعلمون} من ذلك صفته، فإنّهم يقولون: إنّ ملكوت كلّ شيءٍ، والقدرة على الأشياء كلّها للّه). [جامع البيان: 17/99-100]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قل من بيده ملكوت كل شيء يعني خزائن كل شيء). [تفسير مجاهد: 434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من بيده ملكوت كل شيء} قال: خزائن كل شيء). [الدر المنثور: 10/597]

تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({تسحرون} [المؤمنون: 89] : «تعمون من السّحر»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تسحرون تعمون من السحر). [فتح الباري: 8/446]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (تسحرون) أي فكيف (تعمون من السحر) حتى يخيل لكم الحق باطلًا مع ظهور الأمر وتظاهر الأدلة وثبت من قوله تجأرون إلى هنا في رواية النسفيّ وسقط لغيره كما نبه عليه في الفتح). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فقل لهم يا محمّد: {فأنّى تسحرون} يقول: فمن أيّ وجهٍ تصرفون عن التّصديق بآيات اللّه، والإقرار بأخباره، وأخبار رسوله، والإيمان بأنّ اللّه القادر على كلّ ما يشاء وعلى بعثكم أحياءً بعد مماتكم، مع علمكم بما تقولون من عظيم سلطانه وقدرته؟.
وكان ابن عبّاسٍ فيما ذكر عنه يقول في معنى قوله {تسحرون} ما:
- حدّثني به عليّ قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فأنّى تسحرون} يقول: تكذّبون.
وقد بيّنت فيما مضى السّحر: أنّه تخييل الشّيء إلى النّاظر أنّه على خلاف ما هو به من هيئته، فذلك معنى قوله: {فأنّى تسحرون} إنّما معناه: فمن أيّ وجهٍ يخيّل إليكم الكذب حقًّا، والفاسد صحيحًا، فتصرفون عن الإقرار بالحقّ الّذي يدعوكم إليه رسولنا محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 17/100-101]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل أتيناهم بالحقّ وإنّهم لكاذبون (90) ما اتّخذ اللّه من ولدٍ وما كان معه من إلهٍ إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق ولعلا بعضهم على بعضٍ سبحان اللّه عمّا يصفون (91) عالم الغيب والشّهادة فتعالى عمّا يشركون}.
يقول: ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون باللّه من أنّ الملائكة بنات اللّه وأنّ الآلهة والأصنام آلهةٌ دون اللّه. {بل أتيناهم بالحقّ} اليقين، وهو الدّين الّذي ابتعث اللّه به نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وذلك الإسلام، ولا يعبد شيءٌ سوى اللّه لأنّه لا إله غيره. {وإنّهم لكاذبون} يقول: وإنّ المشركين لكاذبون فيما يضيفون إلى اللّه وينحلونه من الولد والشّريك). [جامع البيان: 17/101]

تفسير قوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ما اتّخذ اللّه من ولدٍ} يقول تعالى ذكره: ما للّه من ولدٍ، ولا كان معه في القديم، ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته، ولو كان معه في القديم، أو عند خلقه الأشياء من تصلح عبادته {من إلهٍ إذًا لذهب} يقول: إذًا لاعتزل كلّ إلهٍ منهم {بما خلق} من شيءٍ، فانفرد به، ولتغالبوا، فلعلا بعضهم على بعضٍ، وغلب القويّ منهم الضّعيف؛ لأنّ القويّ لا يرضى أن يعلوه ضعيفٌ، والضّعيف لا يصلح أن يكون إلهًا. فسبحان اللّه ما أبلغها من حجّةٍ وأوجزها لمن عقل وتدبّر.
وقوله: {إذًا لذهب} جوابٌ لمحذوفٍ، وهو: لو كان معه إلهٌ إذن لذهب كلّ إلهٍ بما خلق؛ اجتزئ بدلالة ما ذكر عليه عنه
وقوله: {سبحان اللّه عمّا يصفون} يقول تعالى ذكره: تنزيهًا للّه عمّا يصفه به هؤلاء المشركون من أنّ له ولدًا، وعمّا قالوه من أنّ له شريكًا، أو أنّ معه في القدم إلهًا يعبد، تبارك وتعالى). [جامع البيان: 17/101-102]

تفسير قوله تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {عالم الغيب والشّهادة} يقول تعالى ذكره: هو عالم ما غاب عن خلقه من الأشياء، فلم يروه ولم يشاهدوه، وما رأوه وشاهدوه. إنّما هذا من اللّه خبرٌ عن هؤلاء الّذين قالوا من المشركين: اتّخذ اللّه ولدًا، وعبدوا من دونه آلهةً، أنّهم فيما يقولون ويفعلون مبطلون مخطئون، فإنّهم يقولون ما يقولون من قولٍ في ذلك عن غير علمٍ، بل عن جهلٍ منهم به؛ وإنّ العالم بقديم الأمور، وبحديثها، وشاهدها وغائبها عنهم، اللّه الّذي لا يخفى عليه شيءٌ، فخبره هو الحقّ دون خبرهم.
وقال: {عالم الغيب} فرفع على الابتداء، بمعنى: هو عالم الغيب، ولذلك دخلت الفاء في قوله: {فتعالى} كما يقال: مررت بأخيك المحسن فأحسنت إليه، فترفع المحسن إذا جعلت فأحسنت إليه بالفاء، لأنّ معنى الكلام إذا كان كذلك: مررت بأخيك هو المحسن، فأحسنت إليه. ولو جعل الكلام بالواو فقيل: وأحسنت إليه، لم يكن وجه الكلام في المحسن إلاّ الخفض على النّعت للأخ، ولذلك لو جاء فتعالى بالواو كان وجه الكلام في عالم الغيب الخفض على الإتباع لإعراب اسم اللّه، وكان يكون معنى الكلام: سبحان اللّه عالم الغيب والشّهادة وتعالى فيكون قوله: وتعالى، حينئذٍ معطوفًا على {سبحان اللّه}.
وقد يجوز الخفض مع الفاء، لأنّ العرب قد تبدأ الكلام بالفاء، كابتدائها بالواو. وبالخفض كان يقرأ: {عالم الغيب} في هذا الموضع أبو عمرٍو، وعلى خلافه في ذلك قرأة الأمصار.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا: الرّفع، لمعنيين: أحدهما: إجماع الحجّة من القرّاء عليه، والثّاني: صحّته في العربيّة.
وقوله: {فتعالى عمّا يشركون} يقول تعالى ذكره: فارتفع اللّه وعلا عن شرك هؤلاء المشركين، ووصفهم إيّاه بما يصفون). [جامع البيان: 17/102-103]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:53 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فأمر اللّه نبيّه أن يقول لهم: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون {84} سيقولون للّه} [المؤمنون: 84-85] أي: فإذا قالوا ذلك فـ {قل أفلا تذكّرون} [المؤمنون: 85] فتؤمنوا وأنتم تقرّون أنّ الأرض ومن فيها للّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قل لّمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون...}

{سيقولون للّه...}
هذه لا مسألة فيها؛ لأنه قد استفهم بلام فرجعت في خبر المستفهم. وأمّا الأخريان فإنّ أهل المدينة وعامّة أهل الكوفة يقرءونها (لله)، (لله) وهما في قرءة أبيّ كذلك (لله) (لله) (لله) ثلاثهنّ. وأهل البصرة يقرءون الأخريين (الله)، (الله) وهو في العربيّة أبين؛ لأنه مردود مرفوع؛ ألا ترى [أن] قوله: {قل من ربّ السّموات} مرفوع لا خفض فيه، فجرى جوابه على مبتدأ به. وكذلك هي في قراءة عبد الله (لله) (الله). والعلّة في إدخال اللام في الأخريين في قول أبيّ وأصحابه أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟ فقال: أنا لفلانٍ، كفاك من أن يقول: مولاي فلان. فلمّا كان المعنيان واحداً أجرى ذلك في كلامهم. أنشدني بعض بني عامر:
وأعلم أنني سأكون رمساً =إذا سار النواجع لا يسير
(يعني الرمس)
فقال السّائلون لمن حفرتم =فقال المخبرون لهم: وزير
فرفع أراد: الميت وزير). [معاني القرآن: 2/241-240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله}
هذه الآية لا اختلاف فيها واللتان بعدها يقرؤهما أبو عمرو سيقولون الله
وأكثر القراء يقرءون سيقولون لله
فمن قرأ (سيقولون الله) جاء بالجواب على اللفظ
ومن قرأ {سيقولون لله} جاء به على المعنى كما يقال لمن هذه الدار فيقول لزيد على اللفظ وصاحبها زيد على المعنى
ومن صاحب هذه الدار فيقول زيد على اللفظ ولزيد فيجزئك عن ذلك
ويجوز في الأولى {سيقولون الله} في العربية). [معاني القرآن: 4/482-481]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فأمر اللّه نبيّه أن يقول لهم: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون {84} سيقولون للّه} [المؤمنون: 84-85] أي: فإذا قالوا ذلك فـ {قل أفلا تذكّرون} [المؤمنون: 85] فتؤمنوا وأنتم تقرّون أنّ الأرض ومن فيها للّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/413] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون للّه قل أفلا تذكّرون}

هذه (للّه) لا اختلاف بين القرّاء فيها، ولو قرئت اللّه لكان جيدا.
فأما اللّتان بعدها فالقراءة فيهما سيقولون (اللّه) و (للّه).
فمن قرأ (سيقولون اللّه) فهو على جواب السؤال، إذا قال: (من رب السّماوات السبع)، فالجواب اللّه، وهي قراءة أهل البصرة، ومن قرأ (للّه) فجيد أيضا، لو قيل من صاحب هذه الدار فأجيب زيد لكان هذا جوابا على لفظ السؤال.
ولو قلت في جواب من صاحب هذه الدار: لزيد، جاز.
لأن معنى " من صاحب هذه الدار " - لمن هذه الدار). [معاني القرآن: 4/20]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86)}

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل من ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم {86} سيقولون للّه} [المؤمنون: 86-87] فإذا قالوا ذلك فـ {قل أفلا تتّقون} [المؤمنون: 87] وأنتم تقرّون أنّ اللّه خالق هذه الأشياء وربّها.
وقد كان مشركو العرب يقرّون بهذا). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ} [المؤمنون: 88] أي ملك كلّ شيءٍ.
قال ابن مجاهدٍ عن أبيه: خزائن كلّ شيءٍ.
{وهو يجير} [المؤمنون: 88] من يشاء فيمنعه فلا يوصل إليه.
{ولا يجار عليه} [المؤمنون: 88] أي من أراد أن يعذّبه لم يستطع أحدٌ منعه). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون}

أي هو يجير من عذابه ولا يجير عليه أحد من عذابه.
وكذلك هو يجير من خلقه ولا يجير عليه أحد). [معاني القرآن: 4/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وهو يجير ولا يجار عليه} أي وهو يجير من عذابه ومن خلقه ولا يجير عليه أحد من خلقه).
[معاني القرآن: 4/482]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إن كنتم تعلمون {88} سيقولون للّه} [المؤمنون: 88-89] فإذا قالوا ذلك فـ {قل فأنّى
[تفسير القرآن العظيم: 1/413]
تسحرون} [المؤمنون: 89] عقولكم.
فشبّههم بقومٍ مسحورين، ذاهبةً عقولهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأنّى تسحرون...}:

تصرفون. ومثله تؤفكون. أفك وسحر وصرف سواء). [معاني القرآن: 2/241]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قل فأنّى تسحرون}أي فكيف تعمون عن هذا وتصدون عنه وتراه من قوله: سحرت أعيينا عنه فلم ينصره). [مجاز القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأنّى تسحرون} أي تخدعون وتصرفون عن هذا). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سيقولون للّه قل فأنّى تسحرون}
معنى تسحرون، وتؤفكون: تصرفون عن القصد والحق). [معاني القرآن: 4/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل فأنى تسحرون} معنى فأنى تسحرون فأنى تصرفون عن الحق). [معاني القرآن: 4/482]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}: أي تخدعون وتصرفون عن الحق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {بل أتيناهم بالحقّ} [المؤمنون: 90] : القرآن.
أنزله اللّه على النّبيّ.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: {بل أتيناهم} يا محمّد {بالحقّ}: بالقرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]

تفسير قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وإنّهم لكاذبون {90} ما اتّخذ اللّه من ولدٍ} [المؤمنون: 90-91] وذلك لقول المشركين: إنّ الملائكة بنات اللّه.
{وما كان معه من إلهٍ} [المؤمنون: 91] وذلك لما عبدوا من الأوثان، اتّخذوا مع اللّه آلهةً.
قال: {إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق} [المؤمنون: 91] يقول: لو كان معه آلهةٌ: {إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق} [المؤمنون: 91] {ولعلا بعضهم على بعضٍ} [المؤمنون: 91] لطلب بعضهم ملك بعضٍ حتّى يعلو عليه، كما يفعل ملوك الدّنيا.
{سبحان اللّه عمّا يصفون} [المؤمنون: 91] ينزّه نفسه عمّا يكذبون). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما كان معه من إلهٍ إذاً لّذهب كلّ اله...}

إذاً جواب لكلام مضمر. أي لو كانت معه آلهة {إذاً لّذهب كلّ اله بما خلق} يقول: لاعتزل كلّ إله بخلقه، {ولعلا بعضهم} يقول: لبغي بعضهم على بعض ولغلب بعضهم بعضاً).
[معاني القرآن: 2/241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :(وقوله تعالى:(ما اتّخذ اللّه من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان اللّه عمّا يصفون}
{إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} أي طلب بعضهم مغالبة بعض.
{سبحان اللّه} معناه تنزيه اللّه وتبرئته من السوء، ومن أن يكون إله غيره تعالى عن ذلك علوا كبيرا). [معاني القرآن: 4/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من أله إذا لذهب كل إله بما خلق}
في الكلام حذف أي لو كانت معه آلهة لانفرد كل إله بخلقه.
{ولعلا بعضهم على بعض} أي لغالب بعضهم بعضا). [معاني القرآن: 4/483-482]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {عالم الغيب} [المؤمنون: 92] الغيب هاهنا في تفسير الحسن: ما لم يجئ من غيب الآخرة.
{والشّهادة} [المؤمنون: 92] : ما أعلم العباد.
{فتعالى} [المؤمنون: 92] ارتفع اللّه.
{عمّا يشركون} [المؤمنون: 92] يرفع نفسه عمّا قالوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {عالم الغيب والشّهادة...}

وجه الكلام الرفع على الاستئناف. الدليل على ذلك دخول الفاء في قوله: {فتعالى} ولو خفضت لكان وجه الكلام أن يكون (وتعالى) بالواو؛ لأنه إذا خفض إنما أراد: سبحان الله عالم الغيب والشهادة وتعالى. فدلّ دخول الفاء أنه أراد: هو عالم الغيب والشهادة فتعالى؛ ألا ترى أنك تقول: مررت بعبد الله المحسن وأحسنت إليه. ولو رفعت (المحسن) لم يكن بالواو؛ لانك تريد: هو المحسن فأحسنت إليه. وقد يكون الخفض في (عالم) تتبعه ما قبله وإن كان بالفاء؛ لأنّ العرب قد تستأنف بالفاء كما يستأنفون بالواو). [معاني القرآن: 2/241]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:55 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) }

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) }

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) }

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
أرانا موضعين لحتم غيب = ونسحر بالطعام وبالشراب
...
نُسحَر؛ أي نعلل ونلهو بالطعام والشراب. يقول: هذا الطعام والشراب الذي نعلل به يأخذ بأعيننا، وقال لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا = عصافير من هذا الأنام المسحر
وقال الله عز وجل: {فأنى تسحرون} أي فأنى تصرفون). [شرح ديوان امرئ القيس: 540]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) }

تفسير قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) }

تفسير قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 06:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 06:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 06:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون}
[المحرر الوجيز: 6/315]
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتوقيفهم على هذه الأشياء التي لا يمكنهم إلا الإقرار بها، ويلزم من الإقرار بها أن يؤمنوا ببارئها ويذعنوا لشرعه ورسالة رسوله). [المحرر الوجيز: 6/316]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجميع في الأول: "لله" بلا خلاف، واختلف في الثاني والثالث، فقرأ أبو عمرو: "لله" جوابا على اللفظ، وقرأ باقي السبعة: "لله" جوابا على المعنى، كأنه قال في السؤال: لمن ملك السماوات السبع؟ إذ قولك: لمن هذه الدار؟ وقولك: من مالك هذه الدار؟ واحد في المعنى). [المحرر الوجيز: 6/316]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم جعل التوبيخ مدرجا بحسب وضوح الحجة شيئا شيئا، فوقف على الأرض ومن فيها وجعل بإزاء ذلك التذكر). [المحرر الوجيز: 6/316]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن محيصن: "العظيم" برفع الميم، و"ملكوت" مصدر في بناء مبالغة). [المحرر الوجيز: 6/316]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقف على السماوات السبع والعرش وجعل بإزاء ذلك التقية وهي أبلغ من التذكر، وهذا بحسب وضوح الحجة). [المحرر الوجيز: 6/316]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وفي قوله: {أفلا تتقون} وعيد). [المحرر الوجيز: 6/316]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقف على ملكوت كل شيء، وفي الإقرار بهذا التزام كل ما تقع به الغلبة في الاحتجاج، فوقع التوبيخ بعد في غاية البلاغة بقوله: {فأنى تسحرون} ). [المحرر الوجيز: 6/316]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الإجارة": المنع من الإنسان، والمعنى أن الله تبارك وتعالى إذا منع أحدا فلا يقدر عليه، وإذا أراد أحدا فلا مانع له، وكذلك في سائر قدرته وما نفذ من قضائه، لا يعارض ذلك شيء ولا يحيله عن مجراه). [المحرر الوجيز: 6/316]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ومعنى "أنى": كيف؟ ومن أين؟، وفي هذا تقرير سحرهم، وهو سؤال عن الهيئة التي سحروا بها، والسحر هنا مستعار لهم، وهو تشبيه لما وقع منهم من التخليط ووضع الأفعال والأقوال غير مواضعها بما يقع من المسحور، عبر عنهم بذلك. وقالت فرقة: "تسحرون" معناه: تمنعون، وحكى بعضهم ذلك لغة). [المحرر الوجيز: 6/316]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}
المعنى: ليس الأمر كما يقولون من نسبتهم إلى الله تعالى ما لا يليق به، بل أتيناهم. وقرأ ابن أبي إسحاق: "آتيناهم" على الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، و"لكاذبون" يراد به: فيما ذكروا الله تعالى به من الصاحبة والولد والشريك). [المحرر الوجيز: 6/317]

تفسير قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وفي قوله تعالى: {وما كان معه من إله} دليل التمانع، وهذا هو الفساد الذي تضمنه قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، والجزء المخترع محال أن يتعلق به قدرتان فصاعدا، ولو اختلف إلهان في إرادة فمحال نفوذهما ومحال عجزهما، فإذا انفردت إرادة الواحد فهو العالي والآخر ليس بإله، فإن قيل: نقدرهما لا يختلفان في إرادة قيل: ذلك يعرض فإذا جوزه الكفار قامت الحجة عليهم فإن ما التزم جوازه جار في الحجة مجرى ما التزم وقوعه.
وقوله تعالى: "إذا" جواب لمحذوف تقديره: لو كان معه إله إذا لذهب كل إله). [المحرر الوجيز: 6/317]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير: وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: "عالم الغيب" بكسر الميم اتباعا للمكتوبة في قوله: "سبحان الله"، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: "عالم الغيب" بالرفع، والمعنى: هو عالم، قال الأخفش: الجر أجود ليكون الكلام من وجه واحد، قال أبو علي: ووجه الرفع أن الكلام قد انقطع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والابتداء عندي أبرع.
[المحرر الوجيز: 6/317]
والفاء في قوله تعالى: "فتعالى" عاطفة بالمعنى، كأنه قال: "عالم الغيب والشهادة فتعالى"، وهذا كما تقول: زيد شجاع فعظمت منزلته، أي: شجع فعظمت، ويحتمل أن يكون المعنى: فأقول تعالى عما يشركون على إخبار مؤتنف، و"الغيب": ما غاب عن الناس، و"الشهادة": ما شهدوه). [المحرر الوجيز: 6/318]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:55 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:59 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون (84) سيقولون للّه قل أفلا تذكّرون (85) قل من ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم (86) سيقولون للّه قل أفلا تتّقون (87) قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون (88) سيقولون للّه قل فأنّى تسحرون (89) بل أتيناهم بالحقّ وإنّهم لكاذبون (90)}.
يقرّر تعالى وحدانيّته، واستقلاله بالخلق والتّصرّف والملك، ليرشد إلى أنّه الّذي لا إله إلّا هو، ولا تنبغي العبادة إلّا له وحده لا شريك له؛ ولهذا قال لرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره، المعترفين له بالرّبوبيّة، وأنّه لا شريك له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهيّة، فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أنّ الّذين عبدوهم لا يخلقون شيئًا، ولا يملكون شيئًا، ولا يستبدّون بشيءٍ، بل اعتقدوا أنّهم يقرّبونهم إليه زلفى: {ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} [الزّمر: 3]، فقال: {قل لمن الأرض ومن فيها} أي: من مالكها الّذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنّباتات والثّمرات، وسائر صنوف المخلوقات {إن كنتم تعلمون}).[تفسير ابن كثير: 5/ 488-489]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ({سيقولون للّه} أي: فيعترفون لك بأنّ ذلك للّه وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك {قل أفلا تذكّرون} [أي: لا تذكّرون] أنّه لا تنبغي العبادة إلّا للخالق الرّازق لا لغيره). [تفسير ابن كثير: 5/ 489]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): {قل من ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم} أي: من هو خالق العالم العلوي بما فيه من الكواكب النّيّرات، والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومن هو ربّ العرش العظيم، يعني: الّذي هو سقف المخلوقات، كما جاء في الحديث الّذي رواه أبو داود، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "شأن اللّه أعظم من ذلك، إنّ عرشه على سمواته هكذا" وأشار بيده مثل القبّة.
وفي الحديث الآخر: "ما السموات السّبع والأرضون السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ في الكرسيّ إلّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرض فلاةٍ، وإنّ الكرسيّ بما فيه بالنّسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة".
ولهذا قال بعض السّلف: إنّ مسافة ما بين قطري العرش من جانبٍ إلى جانبٍ مسيرة خمسين ألف سنةٍ، [وارتفاعه عن الأرض السّابعة مسيرة خمسين ألف سنةٍ].
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: إنّما سمّي عرشًا لارتفاعه.
وقال الأعمش عن كعب الأحبار: إن السموات والأرض في العرش، كالقنديل المعلّق بين السّماء والأرض.
وقال مجاهد: ما السموات والأرض في العرش إلّا كحلقةٍ في أرض فلاة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا العلاء بن سالمٍ، حدّثنا وكيع، حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن عمّارٍ الدّهني، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس قال: العرش لا يقدر أحدٌ قدره. وفي روايةٍ: إلّا اللّه عزّ وجلّ.
وقال بعض السّلف: العرش من ياقوتةٍ حمراء.
ولهذا قال هاهنا: {وربّ العرش العظيم} يعني: الكبير: وقال في آخر السورة: {ربّ العرش الكريم} أي: الحسن البهيّ. فقد جمع العرش بين العظمة في الاتّساع والعلوّ، والحسن الباهر؛ ولهذا قال من قال: إنّه من ياقوتةٍ حمراء.
وقال ابن مسعودٍ: إنّ ربّكم ليس عنده ليلٌ ولا نهارٌ، نور العرش من نور وجهه). [تفسير ابن كثير: 5/ 489-490]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {سيقولون للّه قل أفلا تتّقون} أي: إذا كنتم تعترفون بأنه رب السموات وربّ العرش العظيم، أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه، في عبادتكم معه غيره وإشراككم به؟
قال أبو بكرٍ عبد اللّه بن محمّد بن أبي الدّنيا القرشيّ في كتاب "التّفكّر والاعتبار": حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد اللّه بن جعفرٍ، أخبرني عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كثيرًا ما يحدّث عن امرأةٍ كانت في الجاهليّة على رأس جبلٍ، معها ابنٌ لها يرعى غنمًا، فقال لها ابنها: يا أمّاه، من خلقك؟ قالت: اللّه. قال: فمن خلق أبي؟ قالت: اللّه. قال: فمن خلقني؟ قالت: اللّه. قال: فمن خلق السّماء؟ قالت: اللّه. قال: فمن خلق الأرض؟ قالت: اللّه. قال: فمن خلق الجبل؟ قالت: اللّه. قال: فمن خلق هذه الغنم؟ قالت: اللّه. قال: فإنّي أسمع للّه شأنًا ثمّ ألقى نفسه من الجبل فتقطّع.
قال ابن عمر: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كثيرًا ما يحدّثنا هذا الحديث.
قال عبد اللّه بن دينارٍ: كان ابن عمر كثيرًا ما يحدّثنا بهذا الحديث.
قلت: في إسناده عبد اللّه بن جعفرٍ المدينيّ، والد الإمام عليّ بن المدينيّ، وقد تكلّموا فيه، فاللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 490]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ({قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ} أي: بيده الملك، {ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها} [هودٍ: 56]، أي: متصرّفٌ فيها. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا والّذي نفسي بيده"، وكان إذا اجتهد في اليمين قال: " لا ومقلّب القلوب"، فهو سبحانه الخالق المالك المتصرّف، {وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون} كانت العرب إذا كان السّيّد فيهم فأجار أحدًا، لا يخفر في جواره، وليس لمن دونه أن يجير عليه، لئلّا يفتات عليه، ولهذا قال اللّه: {وهو يجير ولا يجار عليه} أي: وهو السّيّد العظيم الّذي لا أعظم منه، الّذي له الخلق والأمر، ولا معقّب لحكمه، الّذي لا يمانع ولا يخالف، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وقال اللّه: {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23]، أي: لا يسئل عمّا يفعل؛ لعظمته وكبريائه، وقهره وغلبته، وعزته وحكمته، والخلق كلهم يسألون عن أعمالهم، كما قال تعالى: {فوربّك لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون} [الحجر: 92، 93]). [تفسير ابن كثير: 5/ 490-491]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {سيقولون للّه} أي: سيعترفون أنّ السّيّد العظيم الّذي يجير ولا يجار عليه، هو اللّه تعالى، وحده لا شريك له {قل فأنّى تسحرون} أي: فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك). [تفسير ابن كثير: 5/ 491]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (ثمّ قال تعالى: {بل أتيناهم بالحقّ}، وهو الإعلام بأنّه لا إله إلّا اللّه، وأقمنا الأدلّة الصّحيحة الواضحة القاطعة على ذلك، {وإنّهم لكاذبون} أي: في عبادتهم مع اللّه غيره، ولا دليل لهم على ذلك، كما قال في آخر السّورة: {ومن يدع مع اللّه إلهًا آخر لا برهان له به فإنّما حسابه عند ربّه إنّه لا يفلح الكافرون}، فالمشركون لا يفعلون ذلك [عن دليلٍ قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضّلال، وإنّما يفعلون ذلك] اتّباعًا لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهّال، كما قالوا: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون} [الزّخرف: 23]). [تفسير ابن كثير: 5/ 491]

تفسير قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما اتّخذ اللّه من ولدٍ وما كان معه من إلهٍ إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق ولعلا بعضهم على بعضٍ سبحان اللّه عمّا يصفون (91) عالم الغيب والشّهادة فتعالى عمّا يشركون (92)}.
ينزّه تعالى نفسه عن أن يكون له ولدٌ أو شريكٌ في الملك، فقال: {ما اتّخذ اللّه من ولدٍ وما كان معه من إلهٍ إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق ولعلا بعضهم على بعضٍ} أي: لو قدّر تعدّد الآلهة، لانفرد كلٌّ منهم بما يخلق، فما كان ينتظم الوجود. والمشاهد أنّ الوجود منتظمٌ متّسقٌ، كلٌّ من العالم العلويّ والسّفليّ مرتبطٌ بعضه ببعضٍ، في غاية الكمال، {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ} [الملك: 3] ثمّ لكان كلٌّ منهم يطلب قهر الآخر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعضٍ. والمتكلّمون ذكروا هذا المعنى وعبّروا عنه بدليل التّمانع، وهو أنّه لو فرض صانعان فصاعدًا، فأراد واحدٌ تحريك جسمٍ وأراد الآخر سكونه، فإن لم يحصل مراد كلّ واحدٍ منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزًا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتّضادّ. وما جاء هذا المحال إلّا من فرض التّعدّد، فيكون محالًا فأمّا إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنًا؛ لأنّه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورًا؛ ولهذا قال: {ولعلا بعضهم على بعضٍ سبحان اللّه عمّا يصفون} أي: عمّا يقول الظّالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشّريك علوًّا كبيرًا). [تفسير ابن كثير: 5/ 491]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({عالم الغيب والشّهادة} أي: يعلم ما يغيب عن المخلوقات وما يشاهدونه، {فتعالى عمّا يشركون} أي: تقدّس وتنزّه وتعالى وعزّ وجلّ [عمّا يقول الظّالمون والجاحدون]). [تفسير ابن كثير: 5/ 491]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة