العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المؤمنون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:38 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة المؤمنون [من الآية (57) إلى الآية (61) ]

{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:40 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال ذكر الله الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين والذين ثم قال للكفار بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمل من دون ذلك هم لها عاملون قال من دون الأعمال التي سمى الله قوله الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين والذين). [تفسير عبد الرزاق: 2/47]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون (57) والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون (58) والّذين هم بربّهم لا يشركون}.
يعني تعالى ذكره: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} إنّ الّذين هم من خشيتهم وخوفهم من عذاب اللّه مشفقون، فهم من خشيتهم من ذلك دائبون في طاعته، جادّون في طلب مرضاته). [جامع البيان: 17/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون * ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة وان المنافق جمع إساءة وأمنا ثم تلا {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله {أنهم إلى ربهم راجعون} وقال المنافق {إنما أوتيته على علم عندي} القصص الآية 71). [الدر المنثور: 10/583]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون} يقول: والّذين هم بآيات كتابه وحججه مصدّقون). [جامع البيان: 17/66]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({والّذين هم بربّهم لا يشركون} يقول: والّذين يخلصون لربّهم عبادتهم، فلا يجعلون له فيها لغيره شركًا لوثنٍ ولا لصنمٍ، ولا يراءون بها أحدًا من خلقه، ولكنّهم يجعلون أعمالهم لوجهه خالصًا، وإيّاه يقصدون بالطّاعة والعبادة دون كلّ شيءٍ سواه). [جامع البيان: 17/66]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا جعفر بن حيان، عن الحسن في قوله: {والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة} [سورة المؤمنون: 60] قال: يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة}، قال: يعملون من أعمال البر، وهم يخشون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم). [الزهد لابن المبارك: 2/ 11]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا شريك، عن سالم، عن سعيد، في قوله: {يؤتون ما آتوا} قال: يعطون ما أعطوا، {وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} [سورة المؤمنون: 60] قال: يخشون الموقف، يعلمون ما بين أيديهم من الحساب). [الزهد لابن المبارك: 2/ 273]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل بن حاتم، عن أبي الأشهب، عن الحسن: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون}، قال: يعملون ما عملوا من أعمال الخير وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله). [الجامع في علوم القرآن: 1/134-135]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني طلحة بن عمرٍو عن أبي خالدٍ قال: دخلت أنا وعبيد بن عميرٍ على عائشة زوج النّبيّ عليه السّلام، فقلت لها: يا أمتاه، كيف تقرئين هذا الحرف: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ}. قالت: ما كنا نقرأها إلا: الذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلةٌ). [الجامع في علوم القرآن: 3/47]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قال يعطون ما أعطوا ويعملون ما عملوا من خير وقلوبهم وجلة يقول خائفة). [تفسير عبد الرزاق: 2/46]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى يؤتون ما آتوا قال يعطون ما أعطوا). [تفسير عبد الرزاق: 2/46]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({قلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] : «خائفين»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله قلوبهم وجلة خائفين وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس في قوله وقلوبهم وجلة قال يعملون خائفين وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله وقلوبهم وجلةٌ قال خائفةٌ وللطّبري من طريق يزيد النّحويّ عن عكرمة مثله وفي الباب عن عائشة قالت يا رسول اللّه في قوله تعالى وقلوبهم وجلة أهو الرّجل يزني ويسرق وهو مع ذلك يخاف اللّه قال لا بل هو الرّجل يصوم ويصلّي وهو مع ذلك يخاف اللّه أخرجه التّرمذيّ وأحمد وبن ماجة وصححه الحاكم). [فتح الباري: 8/445]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قلوبهم وجلة خائفين
أشار به إلى قوله تعالى: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} (المؤمنون: 60) وفسّر: (وجلة) بقوله: (خائفين) ، وروى ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، فيه قال: يعملون خائفين، أي: أن لا يتقبّل منهم ما عملوه، وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله، في قوله تعالى: {قلوبهم وجلة} (المؤمنون: 60) هو الرجل يزني ويسرق وهو مع ذلك يخاف الله؟ قال: لا بل هو الرجل يصوم ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله، وأخرجه التّرمذيّ وأحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم). [عمدة القاري: 19/70-71]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({قلوبهم وجلة}) [المؤمنون: 60] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم أي (خائفين) أن لا يقبل منهم ما آتوا من الصدقات وهذا ثابت لأبي ذر عن المستملي). [إرشاد الساري: 7/248]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا مالك بن مغولٍ، عن عبد الرّحمن بن سعيد بن وهبٍ الهمدانيّ، أنّ عائشة، زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: سألت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم عن هذه الآية: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قالت عائشة: أهم الّذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصّدّيق، ولكنّهم الّذين يصومون ويصلّون ويتصدّقون، وهم يخافون أن لا تقبل منهم {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}.
وروي هذا الحديث عن عبد الرّحمن بن سعيدٍ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحو هذا). [سنن الترمذي: 5/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون (60) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا} والّذين يعطون أهل سهمان الصّدقة ما فرض اللّه لهم في أموالهم.
{ما آتوا} يعني: ما أعطوهم إيّاه من صدقةٍ، ويؤدّون حقوق اللّه عليهم في أموالهم إلى أهلها. {وقلوبهم وجلةٌ} يقول: خائفةٌ من أنّهم إلى ربّهم راجعون، فلا ينجّيهم ما فعلوا من ذلك من عذاب اللّه، فهم خائفون من المرجع إلى اللّه لذلك، كما قال الحسن: إنّ المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبجر، عن رجلٍ، عن ابن عمر: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: الزّكاة.
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {وقلوبهم وجلةٌ} قال: المؤمن ينفق ماله وقلبه وجلٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي الأشهب، عن الحسن، قال: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: يعملون ما عملوا من أعمال البرّ، وهم يخافون ألاّ ينجّيهم ذلك من عذاب ربّهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: المؤمن ينفق ماله ويتصدّق، وقلبه وجلٌ أنّه إلى ربّه راجعٌ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، عن الحسن، أنّه كان يقول: إنّ المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً، وإنّ المنافق جمع إساءةً وأمنًا. ثمّ تلا الحسن: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} إلى: {وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون} وقال المنافق: {إنّما أوتيته على علمٍ عندي}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد، عن عكرمة: {يؤتون ما آتوا} قال: يعطون ما أعطوا. {وقلوبهم وجلةٌ} يقول: خائفةٌ.
- حدّثنا خلاّد بن أسلم قال: حدّثنا النّضر بن شميلٍ، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا سالمٌ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: يفعلون ما يفعلون، وهم يعلمون أنّهم صائرون إلى الموت؛ وهي من المبشّرات.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: يعطون ما أعطوا ويعملون ما عملوا من خيرٍ، وقلوبهم وجلةٌ خائفةٌ.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال، حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} يقول: يعملون خائفين.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} يقول: خائفةٌ {أنّهم إلى ربّهم راجعون} قال: هو المؤمن يتصدّق وينفق ويعلم أنّه راجعٌ إلى ربّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {والّذين يؤتون ما آتوا} قال: يعطون ما أعطوا فرقًا من اللّه ووجلاً من اللّه.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يؤتون ما آتوا} ينفقون ما أنفقوا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: يعطون ما أعطوا وينفقون ما أنفقوا، ويتصدّقون بما تصدّقوا، وقلوبهم وجلةٌ، اتّقاءً لسخط اللّه والنّار.
وعلى هذه القراءة، أعني على {والّذين يؤتون ما آتوا} قراءة الأمصار، وبه رسوم مصاحفهم وبه نقرأ، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه، ووفاقه خطّ مصاحف المسلمين.
وروي عن عائشة رضي اللّه عنها في ذلك ما:
- حدّثناه أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا عليّ بن ثابتٍ، عن طلحة بن عمر، عن أبي خلفٍ، قال: دخلت مع عبيد بن عميرٍ على عائشة فسألها عبيدٌ: كيف نقرأ هذا الحرف {والّذين يؤتون ما آتوا} فقالت: يأتون ما أتوا.
وكأنّها تأوّلت في ذلك: والّذين يفعلون ما يفعلون من الخيرات، وهم وجلون من اللّه.
- كالّذي حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرو بن قيسٍ، عن عبد الرّحمن بن سعيد بن وهبٍ الهمدانيّ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قالت عائشة: يا رسول اللّه {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} هو الّذي يذنب الذّنب وهو وجلٌ منه؟ فقال: لا، ولكن من يصوم ويصلّي ويتصدّق وهو وجلٌ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن مالك بن مغولٍ، عن عبد الرّحمن بن سعيد بن وهبٍ، أنّ عائشة، قالت: قلت: يا رسول اللّه {الّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} أهم الّذين يذنبون وهم مشفقون ويصومون وهم مشفقون؟.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال، حدّثنا ابن إدريس قال: حدّثنا ليثٌ، عن مغيثٍ، عن رجلٍ من أهل مكّة، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول اللّه: {الّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} قال: فذكر مثل هذا.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ قال، حدّثنا أبي، عن مالك بن مغولٍ، عن عبد الرّحمن بن سعيدٍ، عن عائشة أنّها قالت: يا رسول اللّه {الّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} أهو الرّجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: لا يا ابنة أبي بكرٍ أو يا ابنة الصّدّيق ولكنّه الرّجل يصوم ويصلّي ويتصدّق، ويخاف أن لا يقبل منه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني جريرٌ، عن ليث بن أبي سليمٍ، وهشيمٍ، عن العوّام بن حوشبٍ، جميعًا، عن عائشة، أنّها قالت: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ويا ابنة أبي بكرٍ أو يا ابنة الصّدّيق هم الّذين يصلّون ويفرقون أن لا يتقبّل منهم.
و(أنّ) من قوله: {أنّهم إلى ربّهم راجعون}. في موضع نصبٍ، لأنّ معنى الكلام: {وقلوبهم وجلةٌ} من أنّهم، فلمّا حذفت (من) اتّصل الكلام قبلها، فنصبت.
وكان بعضهم يقول: هو في موضع خفضٍ، وإن لم يكن الخافض ظاهرًا). [جامع البيان: 17/66-71]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا هشيم عن العوام بن حوشب قال ثنا أبو جعفر الأشجعي عن عائشة أم المؤمنين في قول الله عز وجل وقلوبهم وجلة قالت هم الذين يخشون الله ويطيعونه). [تفسير مجاهد: 432]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد الأصبهانيّ، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا مالك بن مغولٍ، عن عبد الرّحمن بن سعيد بن وهبٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: قلت: يا رسول اللّه، قول اللّه عزّ وجلّ: {الّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] أهو الرّجل يزني ويسرق ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف اللّه عزّ وجلّ؟ قال: «لا، ولكنّه الرّجل يصوم ويصلّي ويتصدّق وهو مع ذلك يخاف اللّه عزّ وجلّ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/427]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قلت: يا رسول الله، {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: «لا، يا بنت الصّدّيق، ولكن هم الذي يصومون [ويصلّون] ويتصدّقون، ويخافون أن لا يتقبّل منهم {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61]».
أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/244-245]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {والّذين يؤتون ما آتوا} [المؤمنون: 60].
- «عن أبي خلفٍ مولى بني جمعٍ أنّه دخل مع عبيد بن عميرٍ على عائشة أمّ المؤمنين في سقيفة زمزم، وليس في المسجد ظلٌّ غيرها، فقالت: مرحبًا وأهلًا بأبي عاصمٍ - يعني عبيد بن عميرٍ - ما يمنعك أن تزورنا أو تلمّ بنا؟ قال: أخشى أن أملّك، قالت: ما كنت لتفعل، قال: جئت أريد أن أسألك عن آيةٍ في كتاب اللّه - عزّ وجلّ - كيف كان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقرؤها؟ قالت: أيّة آيةٍ؟ قال: {الّذين يؤتون ما آتوا} [المؤمنون: 60] أو الّذين يأتون ما أتوا؟ قالت: أيّهما أحبّ إليك؟ فقلت: والّذي نفسي بيده، لأحدهما أحبّ إليّ من الدّنيا جميعًا أو الدّنيا وما فيها. قالت: أيّتهما؟ قال: الّذين يأتون ما أتوا قالت: أشهد أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت. أو قالت: لكذلك أنزلت، وكذلك كان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقرؤها، ولكنّ الهجاء حرفٌ».
رواه أحمد، وفيه إسماعيل بن مسلمٍ المكّيّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/72-73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون * ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة وان المنافق جمع إساءة وأمنا ثم تلا {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله {أنهم إلى ربهم راجعون} وقال المنافق {إنما أوتيته على علم عندي} القصص الآية 71). [الدر المنثور: 10/583] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وأحمد، وعبد بن حميد والترمذي، وابن ماجة، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، قول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله قال: لا ولكن الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه). [الدر المنثور: 10/583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي وفي لفظ: هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه قال: لا ولكن هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وقلوبهم وجلة). [الدر المنثور: 10/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا} قال: يعطون ما أعطوا). [الدر المنثور: 10/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال: يعطون ما أعطوا). [الدر المنثور: 10/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال: يعملون خائفين). [الدر المنثور: 10/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير عن ابن عمر في قوله {والذين يؤتون ما آتوا} قال: الزكاة). [الدر المنثور: 10/584-585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عائشة {والذين يؤتون ما آتوا} قالت: هم الذين يخشون الله ويطيعونه). [الدر المنثور: 10/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يؤتون ما آتوا} قال: يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال: مما يخافون مما بين أيديهم من الموقف وسوء الحساب). [الدر المنثور: 10/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {والذين يؤتون ما آتوا} قال: يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال: المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل). [الدر المنثور: 10/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن وقتادة أنهما كانا يقرأان {يؤتون ما آتوا} قال: يعملون ما عملوا من الخيرات ويعطون ما أعطوا على خوف من الله عز وجل). [الدر المنثور: 10/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في الزهد بن حميد، وابن جرير عن الحسن {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال: كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله). [الدر المنثور: 10/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: لأن تكون هذه الآية كما اقرأ أحب إلي من حمر النعم، فقال لها ابن عباس: ما هي قالت: {والذين يؤتون ما آتوا} ). [الدر المنثور: 10/585-586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن مردويه عن عائشة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {والذين يؤتون ما آتوا} مقصور من المجيء). [الدر المنثور: 10/586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن اشته، وابن الانباري معا في المصاحف والدار قطني في الأفراد والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا} أو {والذين يؤتون ما آتوا} فقال: أيتهما أحب إليك قلت: والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا، قالت: أيهما قلت {والذين يؤتون ما آتوا} فقالت: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرأها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف). [الدر المنثور: 10/586]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({لها سابقون} [المؤمنون: 61] : «سبقت لهم السّعادة»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سابقون سبقت لهم السّعادة ثبتت لغير أبي ذرٍّ وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس). [فتح الباري: 8/445]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (لها سابقون سبقت لهم السّعادة
أشار به إلى قوله تعالى: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} (المؤمنون: 61) قوله: لها، بمعنى: إليها، وكان ابن عبّاس يقول: سبقت لهم من الله السّعادة فلذلك سارعوا في الخيرات، وهذا ثبت لغير أبي ذر). [عمدة القاري: 19/70]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لها سابقون}) في قوله تعالى: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61] أي (سبقت لهم السعادة) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة وضمير لها يرجع إلى الخيرات لتقدمها في اللفظ واللام قيل بمعنى إلى يقال سبقت له وإليه بمعنى ومفعول سابقون محذوف تقديره سابقون الناس إليها وقيل اللام للتعليل أي سابقون الناس لأجلها وسقط هذا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/248]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أولئك يسارعون في الخيرات} يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين هذه الصّفات صفاتهم، يبادرون في الأعمال الصّالحة، ويطلبون الزّلفة عند اللّه بطاعته.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أولئك يسارعون في الخيرات}.
وقوله: {وهم لها سابقون} كان بعضهم يقول: معناه: سبقت لهم من اللّه السّعادة، فذلك سبوقهم الخيرات الّتي يعملونها
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال، حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وهم لها سابقون} يقول: سبقت لهم السّعادة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهم لها سابقون} فتلك الخيرات.
وكان بعضهم يتأوّل ذلك بمعنى: وهم إليها سابقون.
وتأوّله آخرون: وهم من أجلها سابقون.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب القول الّذي قاله ابن عبّاسٍ، من أنّه سبقت لهم من اللّه السّعادة قبل مسارعتهم في الخيرات، ولمّا سبق لهم من ذلك سارعوا فيها.
وإنّما قلت ذلك أولى التّأويلين بالكلام؛ لأنّ ذلك أظهر معنييه، وأنّه لا حاجة بنا إذا وجّهنا تأويل الكلام إلى ذلك، إلى تحويل معنى اللاّم الّتي في قوله: {وهم لها} إلى غير معناها الأغلب عليها). [جامع البيان: 17/72-73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
قال: سبقت لهم السعادة من الله). [الدر المنثور: 10/586-587]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:41 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} [المؤمنون: 57] خائفون). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والّذين هم بآيات ربّهم} [المؤمنون: 58] القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يؤمنون {58} والّذين هم بربّهم لا يشركون {59} والّذين يؤتون ما آتوا} [المؤمنون: 58-60] ممدّدةٌ.
{وقلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] خائفةٌ.
{أنّهم إلى ربّهم راجعون} [المؤمنون: 60] حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: كانوا يعملون ما عملوا من أعمال البرّ ويخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربّهم.
نا سعيدٌ عن قتادة قال:.....
على خوفٍ من اللّه جلّ وعزّ ويعلمون أنّهم راجعون إلى ربّهم.
وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: يعملون ما عملوا من الخير وهم يخافون ألا يقبل منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/406]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: وحدّثني عبد الرّحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة القرشيّ المكّيّ ابن أخي عبد اللّه بن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ وعائشة أنّهما كانا يقرآن هذا الحرف: والّذين يؤتون ما أتوا، خفيفةً بغير مدٍّ، أي: يعملون ما عملوا ممّا نهوا عنه {وقلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] خائفةٌ أن يؤخذوا به). [تفسير القرآن العظيم: 1/406]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا...}

الفرّاء على رفع الياء ومدّ الألف في (آتوا) ... حدثني مندل قال حدثني عبد الملك عن عطاء عن عائشة أنها قرأت أو قالت ما كنا نقرأ إلاّ {يأتون ما أتوا} وكانوا أعلم بالله من أن توجل قلوبهم. ... يعني به الزكاة تقول: فكانوا أتقى لله من أن يؤتوا زكاتهم وقلوبهم وجلة.
وقوله: {وّقلوبهم وجلةٌ أنّهم}: وجلة من أنهّم. فإذا ألقيت (من) نصبت. وكل شيء في القرآن حذفت منه خافضًا فإن الكسائيّ كان يقول: هو خفض على حاله.
وقد فسّرنا أنه نصب إذا فقد الخافض). [معاني القرآن: 2/238]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يؤتون ما أتوا}: يعطون ما أعطوا). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنّهم إلى ربّهم راجعون}
ويقرأ يأتون ما أتوا - بالقصر - وكلاهما جيّد بالغ، فمن قرأ (يؤتون ما آتوا) فإن معناه يعطون ما أعطوا وهم يخافون ألا يتقبل منهم. قلوبهم خائفة لأنهم إلى ربّهم راجعون،
أي لأنهم يوقنون بأنهم راجعون إلى اللّه - عز وجل -.
ومن قرأ (يأتون ما أتوا) أي يعملون من الخيرات ما يعملون وقلوبهم خائفة.
يخافون أن يكونوا مع اجتهادهم مقصرين). [معاني القرآن: 4/17-16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله جل وعز: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة}
قال عبد الرحمن بن سعيد الهمذاني عن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهو الرجل يزني،
أو يسرق أو يشرب الخمر فقال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ألا يتقبل منه
وروى ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله جل وعز: {والذين يؤتون ما آتوا} قال يعطون ما أعطوا
قال أبو جعفر هكذا روي هذا وهكذا معنى يؤتون يعطون ولكن المعروف من قراءة ابن عباس والذين يأتون ما أتوا وهي القراءة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عائشة
ومعناها يعملون ما عملوا كما روي في الحديث). [معاني القرآن: 4/469-468]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أنهم إلى ربهم راجعون}
قال الفراء المعنى من أنهم
وقال أبو حاتم المعنى لأنهم إلى ربهم راجعون). [معاني القرآن: 4/470-469]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يؤتـون}: يعطـون). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أولئك يسارعون في الخيرات} [المؤمنون: 61] في الأعمال الصّالحة.
وقال الحسن: أي فيما افترض اللّه عليهم، يعني: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون {57} والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون {58} والّذين هم بربّهم لا يشركون {59} والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون {60}} [المؤمنون: 57-60]، قوله: {وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61]، {وهم لها} [المؤمنون: 61] للخيرات، مدركون في تفسير الحسن.
وقال بعضهم: {لها سابقون} [المؤمنون: 61] بها سابقون أي بالخيرات). [تفسير القرآن العظيم: 1/406]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أولئك يسارعون في الخيرات...}

يبادرون بالأعمال {وهم لها سابقون} يقول: إليها سابقون. وقد يقال {وهم لها سابقون} أي سبقت لهم السّعادة). [معاني القرآن: 2/238]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
وقال: {هم لها سابقون} يقول: من أجلها). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
وجائز يسرعون في الخيرات، ومعناه معنى يسارعون.
يقال أسرعت، وسارعت في معنى واحد، إلا أن سارعت أبلغ من أسرعت.
وقوله: (وهم لها سابقون).
فيه وجهان أحدهما معناه إليها سابقون، كما قال: (بأنّ ربّك أوحى لها)
أي أوحى إليها.
ويجوز: (وهم لها سابقون) أي من أجل اكتسابها، كما تقول: أنا أكرم فلانا لك، أي من أجلك). [معاني القرآن: 4/17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {أولئك يسارعون في الخيرات}
قال أبو جعفر سارع وأسرع بمعنى واحد
ثم قال جل وعز: {وهم لها سابقون}
فيه ثلاثة أقوال :
1 - المعنى وهم إليها سابقون كما قال بأن ربك أوحى لها أي أوحى إليها وأنشد سيبويه:
تجانف عن جو اليمامة ناقتي = وما قصدت من أهلها لسوائكا

2 - وقيل معنى وهم لها، من أجلها؛ أي من أجل اكتسابها كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك
3 - وقيل لما قال وهم لها سابقون دل على السبق كأنه قال سبقهم لها). [معاني القرآن: 4/471-470]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (وهم لها سابقون) أي: إليها سابقون). [ياقوتة الصراط: 374]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:43 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 11:15 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 11:15 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 11:20 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
لما فرغ ذكر الكفرة وتوعدهم عقب ذلك ذكر المؤمنين ووعدهم، وذكر ذلك بأبلغ صفاتهم. و"الإشفاق" أبلغ التوقع والخوف، و"من" في قوله تعالى: {من خشية} لبيان جنس الإشفاق، والإشفاق إنما هو من عذاب الله -تعالى- و"من" في قولنا: "من عذاب الله" هي لابتداء غاية). [المحرر الوجيز: 6/302]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الآية" تعم القرآن وتعم العبر والمصنوعات التي لله تعالى وغير ذلك مما فيه نظر واعتبار.
وفي كل شيء له آية = ... .... .... ....). [المحرر الوجيز: 6/302]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكرهم -تعالى- من الطرف الآخر وهو نفي الإشراك؛ لأن لكفار قريش أن يقولوا: ونحن نؤمن بآيات ربنا، ونريد أن نصدق بأنه المخترع الخالق، فذكر تعالى نفي الإشراك الذي لا حظ لهم فيه بسبب أصنامهم). [المحرر الوجيز: 6/303]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا} على قراءة الجمهور معناه: يعطون ما أعطوا، وقال الطبري: يريد الزكاة المفروضة وسائر الصدقة، وروي نحوه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- ومجاهد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإنما ضمهم إلى هذا التخصيص أن العطاء مستعمل في المال على الأغلب، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وابن جبير: هو عام في جميع أعمال البر، وهذا أحسن، كأنه قال: والذين يعطون من أنفسهم في طاعة الله ما بلغه جهدهم.
وقرأت عائشة أم المؤمنين، وابن عباس، وقتادة، والأعمش: "يأتون ما أتوا"، ومعناه: يفعلون ما فعلوا، ورويت هذه القراءة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذهبت فرقة إلى أن معناه: من
[المحرر الوجيز: 6/303]
المعاصي، وذهبت فرقة إلى أن ذلك في جميع الأعمال طاعتها ومعصيتها، وهذا أمدح، وأسند الطبري عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: قلت: يا رسول الله، قوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا} الذي يزني ويسرق؟ قال: لا يا بنت أبي بكر، بل هي في الرجل يصوم ويتصدق وقلبه وجل يخاف ألا يتقبل منه.
[المحرر الوجيز: 6/304]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا نظر مع الحديث.
و"الوجل" نحو الإشفاق والخوف، وصورة هذا الوجل. أما المخلط فينبغي أن يكون أبدا تحت خوف من أن يكون ينفذ عليه الوعيد بتخليطه، وأما التقي والتائب فخوفه من الخاتمة وما يطلع عليه بعد الموت، وفي قوله سبحانه: {أنهم إلى ربهم راجعون} تنبيه على الخاتمة. وقال الحسن: معناه: الذين يفعلون ما يفعلون من البر ويخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه عبارة حسنة.
وروي عن الحسن أيضا أنه قال: المؤمن يجمع إحسانا وشفقة، والمنافق يجمع إساءة وأمنا.
وقرأ الجمهور: "أنهم" بفتح الألف، والتقدير: بأنهم أو لأنهم أو من أجل أنهم، ويحتمل أن يكون قوله: "وجلة" عاملة في "أن" من حيث إنها بمعنى: خائفة. وقرأ الأعمش: "إنهم" بالكسر على إخبار مقطوع في ضمنه تخويف). [المحرر الوجيز: 6/305]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر -تعالى- عنهم أنهم يبادرون إلى فعل الخيرات، وقرأ الجمهور: "يسارعون"، وقرأ الحر النحوي: "يسرعون" و"أنهم إليها سابقون"، وهذا قول بعضهم في قوله تعالى: "لها"، وقالت فرقة: معناه: من أجلها سابقون، فالسابق -على هذا التأويل- هو إلى رضوان الله، وعلى الأول هو إلى الخيرات، وقال الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: المعنى: سبقت لهم السعادة في الأزل فهم لها، ورجحه الطبري بأن اللام متمكنة في المعنى). [المحرر الوجيز: 6/305]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون (57) والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون (58) والّذين هم بربّهم لا يشركون (59) والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون (60) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (61)}.
يقول تعالى: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} أي: هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصّالح، مشفقون من اللّه خائفون منه، وجلون من مكره بهم، كما قال الحسن البصريّ: إنّ المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً، وإنّ المنافق جمع إساءةً وأمنًا). [تفسير ابن كثير: 5/ 480]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون} أي: يؤمنون بآياته الكونيّة والشّرعيّة، كقوله تعالى إخبارًا عن مريم، عليها السّلام: {وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه} [التّحريم: 12]، أي: أيقنت أنّ ما كان فإنّما هو عن قدر اللّه وقضائه، وما شرعه اللّه فهو إن كان أمرًا فممّا يحبّه ويرضاه، وإن كان نهيًا فهو ممّا يكرهه ويأباه، وإن كان خيرًا فهو حقٌّ، كما قال اللّه تعالى: {والّذين هم بربّهم لا يشركون} أي: لا يعبدون معه غيره، بل يوحّدونه ويعلمون أنّه لا إله إلّا اللّه أحدًا صمدًا، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولدًا، وأنّه لا نظير له ولا كفء له).[تفسير ابن كثير: 5/ 480]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون} أي: يعطون العطاء وهم خائفون ألّا يتقبّل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصّروا في القيام بشروط الإعطاء. وهذا من باب الإشفاق والاحتياط، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا مالك بن مغول، حدّثنا عبد الرّحمن بن سعيد بن وهبٍ، عن عائشة؛ أنّها قالت: يا رسول اللّه، {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ}، هو الّذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف اللّه عزّ وجلّ؟ قال: "لا يا بنت أبي بكرٍ، يا بنت الصّدّيق، ولكنّه الّذي يصلّي ويصوم ويتصدّق، وهو يخاف اللّه عزّ وجلّ".
وهكذا رواه التّرمذيّ وابن أبي حاتمٍ، من حديث مالك بن مغول، به بنحوه. وقال: "لا يا بنت الصّدّيق، ولكنّهم الّذين يصلّون ويصومون ويتصدّقون، وهم يخافون ألّا يقبل منهم، {أولئك يسارعون في الخيرات} قال التّرمذيّ: وروي هذا الحديث من حديث عبد الرحمن بن سعيد، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحو هذا.
وهكذا قال ابن عبّاسٍ، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، والحسن البصريّ في تفسير هذه الآية.
وقد قرأ آخرون هذه الآية: "والّذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلةٌ" أي: يفعلون ما يفعلون وهم خائفون، وروي هذا مرفوعًا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قرأ كذلك.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا صخر بن جويرية، حدّثنا إسماعيل المكّيّ، حدّثني أبو خلفٍ مولى بني جمح: أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة، رضي اللّه عنها، فقالت: مرحبًا بأبي عاصمٍ، ما يمنعك أن تزورنا -أو: تلمّ بنا؟ -فقال: أخشى أن أملّك. فقالت: ما كنت لتفعل؟ قال: جئت لأسأل عن آيةٍ في كتاب اللّه عزّ وجلّ، كيف كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرؤها؟ قالت: أيّة آيةٍ؟ فقال: {الّذين يأتون ما أتوا} أو {الّذين يؤتون ما آتوا}؟ فقالت: أيّتهما أحبّ إليك؟ فقلت: والّذي نفسي بيده، لإحداهما أحبّ إليّ من الدّنيا جميعًا -أو: الدّنيا وما فيها-قالت: وما هي؟ فقلت: {الّذين يأتون ما أتوا} فقالت: أشهد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كذلك كان يقرؤها، وكذلك أنزلت، ولكنّ الهجاء حرفٌ.
إسماعيل بن مسلمٍ المكّيّ، وهو ضعيفٌ.
والمعنى على القراءة الأولى -وهي قراءة الجمهور: السّبعة وغيرهم-أظهر؛ لأنّه قال: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}، فجعلهم من السّابقين. ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك ألّا يكونوا من السّابقين، بل من المقتصدين أو المقصّرين، واللّه تعالى أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 480-481]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة