العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المؤمنون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:42 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة المؤمنون [من الآية (31) إلى الآية (41) ]

{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}


- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:53 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ أنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين (31) فأرسلنا فيهم رسولاً منهم أن اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ أحدثنا من بعد مهلك قوم نوحٍ قرنًا آخرين فأوجدناهم). [جامع البيان: 17/39]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {قرنا} قال: أمة). [الدر المنثور: 10/570]

تفسير قوله تعالى: (فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فأرسلنا فيهم رسولاً منهم} داعيًا لهم، {أن اعبدوا اللّه} يا قوم، وأطيعوه دون الآلهة والأصنام، فإنّ العبادة لا تنبغي إلاّ له. {ما لكم من إلهٍ غيره} يقول: ما لكم من معبودٍ يصلح أن تعبدوا سواه. {أفلا تتّقون} أفلا تخافون عقاب اللّه بعبادتكم شيئًا دونه، وهو الإله الّذي لا إله لكم سواه). [جامع البيان: 17/39]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أترفناهم} [المؤمنون: 33] : «وسّعناهم»). [صحيح البخاري: 6/98]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أترفناهم وسّعناهم كذا وقع هنا عندهم وهذه الكلمة من السّورة الّتي تليها وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى وأترفناهم في الحياة الدّنيا مجازه وسّعنا عليهم وأترفوا بغوا وكفروا). [فتح الباري: 8/443]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أترافناهم وسّعناهم
هذه من السّورة الّتي تليها، وهو قوله تعالى: {وقال الملأ من قومه الّذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدّنيا} (المؤمنون: 33) ولم يكن موضعه هنا). [عمدة القاري: 19/69]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الملأ من قومه الّذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدّنيا ما هذا إلاّ بشرٌ مثلكم يأكل ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون}.
يقول تعالى ذكره: وقالت الأشراف من قوم الرّسول الّذي أرسلنا بعد نوحٍ. وعني بالرّسول في هذا الموضع: صالحًا، وبقومه: ثمود. {الّذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة} يقول: الّذين جحدوا توحيد اللّه. {وكذّبوا بلقاء الآخرة} يعني: كذّبوا بلقاء اللّه في الآخرة.
وقوله: {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} يقول: ونعّمناهم في حياتهم الدّنيا بما وسّعنا عليهم من المعاش وبسطنا لهم من الرّزق، حتّى بطروا وعتوا على ربّهم وكفروا؛ ومنه قول الرّاجز:
وقد أراني بالدّيار مترفا
وقوله: ما هذا إلاّ بشرٌ مثلكم يقول: قالوا: بعث اللّه صالحًا إلينا رسولاً من بيننا، وخصّه بالرّسالة دوننا، وهو إنسانٌ مثلنا يأكل ممّا نأكل منه من الطّعام ويشرب ممّا نشرب، وكيف لم يرسل ملكًا من عنده يبلّغنا رسالته؟
قال: {ويشرب ممّا تشربون} معناه: ممّا تشربون منه، فحذف من الكلام (منه)، لأنّ معنى الكلام: ويشرب من شرابكم، وذلك أنّ العرب تقول: شربت من شرابك). [جامع البيان: 17/39-40]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن أطعتم بشرًا مثلكم إنّكم إذًا لخاسرون (34) أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الملأ من قوم صالحٍ لقومهم: {ولئن أطعتم بشرًا مثلكم} فاتّبعتموه وقبلتم ما يقول وصدّقتموه. {إنّكم} أيّها القوم {إذًا لخاسرون} يقول: قالوا: إنّكم إذن لمغبونون حظوظكم من الشّرف والرّفعة في الدّنيا، باتّباعكم إيّاه). [جامع البيان: 17/40]

تفسير قوله تعالى: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا} الآية يقول تعالى ذكره: قالوا لهم: أيعدكم صالحٌ أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا في قبوركم وعظامًا قد ذهبت لحوم أجسادكم، وبقيت عظامها، أنّكم مخرجون من قبوركم أحياءً كما كنتم قبل مماتكم؟
وأعيدت {أنّكم} مرّتين، والمعنى: أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا مخرجون مرّةً واحدةً، لمّا فرّق بين {أنّكم} الأولى وبين خبرها بـ (إذا)، وكذلك تفعل العرب بكلّ اسمٍ أوقعت عليه الظّنّ وأخواته، ثمّ اعترضت بالجزاء دون خبره، فتكرّر اسمه مرّةً، وتحذفه أخرى، فتقول: أظنّ أنّك إن جالستنا أنّك محسنٌ، فإن حذفت (أنّك) الأولى أو الثّانية صلح، وإن أثبتّهما صلح، وإن لم تعترض بينهما بشيءٍ لم يجز، خطأٌ أن يقال: أظنّ أنّك أنّك جالسٌ. وذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: أيعدكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون). [جامع البيان: 17/41]

تفسير قوله تعالى: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى هيهات هيهات لما توعدون قال يعني البعث). [تفسير عبد الرزاق: 2/45]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(قال ابن عبّاسٍ: {هيهات هيهات} [المؤمنون: 36] : «بعيدٌ بعيدٌ»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال بن عبّاسٍ هيهات هيهات بعيدٍ بعيدٍ وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ مثله وروى عبد بن حميدٍ عن سعيدٍ عن قتادة قال تباعد ذلك في أنفسهم وقال الفراء إنّما دخلت اللّام في لمّا توعدون لأنّ هيهات أداةً ليست بمأخوذةٍ من فعلٍ بمنزلة قريبٍ وبعيدٍ كما تقول هلمّ لك فإذا قلت أقبل لم تقل لك). [فتح الباري: 8/445]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 36 المؤمنون {هيهات هيهات} قال بعيد بعيد
وبه في قوله 113 المؤمنون {فاسأل العادين} قال الملائكة وفي قوله 74 المؤمنون {لناكبون} قال لعادلون
وبه في قوله 104 المؤمنون {كالحون} قال عابسون). [تغليق التعليق: 4/263]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن عبّاسٍ هيهات هيهات بعيدٌ بعيدٌ
فسر ابن عبّاس قوله تعالى: {هيهات هيهات لما توعدون} (المؤمنون: 36) بقوله: (بعيد بعيد) ورواه هكذا الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، قرأ السّبعة بفتح التّاء فيهما في الوصل وبإسكانها في الوقف، ويقال: من وقف على هيهات وقف بالهاء). [عمدة القاري: 19/71]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال) ولأبي ذر وقال: (ابن عباس) فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة (هيهات هيهات) بالفتح من غير تنوين لغة الحجازين بني لوقوعه أي (بعيد بعيد).
قال في المصابيح: المعروف عند النحاة أنها اسم فعل أي سمي بها الفعل الذي هو بعد وهذا تحقيق لكونه اسمًا مع أن مدلوله وقوع البعد في الزمن الماضي والمعنى أن دلالته على معنى بعد ليست من حيث إنه موضوع لذلك المعنى ليكون فعلًا بل من حيث إنه موضوع لفعل دال على بعد يقترن بالزمان الماضي وهو بعد كوضع سائر الأسماء لمدلولاتها. اهـ.
وفسره الزجاج في ظاهر عبارته بالمصدر فقال: البعد لما توعدون أو بعد لما توعدون فظاهرها أنه مصدر بدليل عطف الفعل عليه ويمكن أن يكون فسر المعنى فقط وجمهور القرّاء على فتح التاء من غير تنوين فيهما وهي لغة الحجازيين وإنما بنوه لشبهه بالحرف وفيه لغات تزيد على الأربعين وكرر للتوكيد وليست المسألة من التنازع قال جرير:
فهيهات هيهات العقيق وأهله = وهيهات خل بالعقيق نواصله). [إرشاد الساري: 7/248]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هيهات هيهات لما توعدون (36) إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن قول الملأ من ثمود أنّهم قالوا: {هيهات هيهات} أي بعيدٌ ما توعدون أيّها القوم، من أنّكم بعد موتكم ومصيركم ترابًا وعظامًا مخرجون أحياءً من قبوركم، يقولون: ذلك غير كائنٍ.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: هيهات هيهات يقول: بعيدٌ بعيدٌ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {هيهات هيهات لما توعدون} قال: يعني البعث.
والعرب تدخل اللاّم مع (هيهات) في الاسم الّذي يصحبها، وتنزعها منه، تقول: هيهات لك هيهات، وهيهات ما تبتغي هيهات؛ وإذا أسقطت اللاّم رفعت الاسم، بمعنى هيهات، كأنّه قال: بعيدٌ ما ينبغي لك؛ كما قال جريرٌ:
فهيهات هيهات العقيق ومن به = وأيهات وصلٌ بالعقيق نواصله
كأنّه قال: العقيق وأهله.
وإنّما دخلت اللاّم مع هيهات في الاسم لأنّهم قالوا: (هيهات) أداةٌ غير مأخوذةٍ من فعلٍ، فأدخلوا معها في الاسم اللاّم. كما أدخلوها مع هلمّ لك. إذ لم تكن مأخوذةً من فعلٍ. فإذا قالوا أقبل. لم يقولوا لك. لاحتمال الفعل ضمير الاسم.
واختلف أهل العربيّة في كيفيّة الوقف على هيهات، فكان الكسائيّ يختار الوقوف فيها بالهاء. لأنّها منصوبةٌ، وكان الفرّاء يختار الوقوف عليها بالتّاء. ويقول: من العرب من يخفض التّاء، فدلّ على أنّها ليست بهاء التّأنيث. فصارت بمنزلة: دراك، ونظار؛ وأمّا نصب التّاء فيهما. فلأنّهما أداتان. فصارتا بمنزلة خمسة عشر. وكان الفرّاء يقول: إن قيل: إنّ كلّ واحدةٍ مستغنيةٌ بنفسها يجوز الوقوف عليها. وإنّ نصبها كنصب قوله: ثمّت جلست؛ وبمنزلة قول الشّاعر:
ماويّ يا ربّتما غارةٍ = شعواء كاللّذعة بالميسم
قال: فنصب (هيهات) بمنزلة هذه الهاء الّتي في (ربّت) لأنّها دخلت على حرفٍ، على (ربّ) وعلى (ثمّ)، وكانا أداتين، فلم تغيّرها عن أداتهما فنصبا.
واختلف القرّاء في قراءة ذلك. فقرأته قرّاء الأمصار غير أبي جعفرٍ: {هيهات هيهات} بفتح التّاء فيهما. وقرأ ذلك أبو جعفرٍ: (هيهات هيهات) بكسر التّاء فيهما. والفتح فيهما هو القراءة عندنا، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه). [جامع البيان: 17/41-44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {هيهات هيهات} قال: بعيد بعيد). [الدر المنثور: 10/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {هيهات لما توعدون} قال: تباعد ذلك في أنفسهم يعني، البعث بعد الموت). [الدر المنثور: 10/570]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا} يقول: ما حياةٌ إلاّ حياتنا الدّنيا الّتي نحن فيها {نموت ونحيا} يقول: تموت الأحياء منّا، فلا تحيا، ويحدث آخرون منّا فيولدون أحياءً. {وما نحن بمبعوثين} يقول: قالوا: وما نحن بمبعوثين بعد الممات.
- كما حدّثني يونس، قال: أحبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين قال: يقول: ليس آخرةٌ ولا بعثٌ، يكفرون بالبعث، يقولون: إنّما هي حياتنا هذه، ثمّ نموت ولا نحيا، يموت هؤلاء، ويحيا هؤلاء، يقولون: إنّما النّاس كالزّرع، يحصد هذا، وينبت هذا: يقولون: يموت هؤلاء، ويأتي آخرون. وقرأ: {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ}، وقرأ: {لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم} ). [جامع البيان: 17/44]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن هو إلاّ رجلٌ افترى على اللّه كذبًا وما نحن له بمؤمنين (38) قال ربّ انصرني بما كذّبون (39) قال عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين}
يقول تعالى ذكره: قالوا ما صالحٌ إلاّ رجلٌ اختلق على اللّه كذبًا في قوله ما لكم من إلهٍ غير اللّه، وفي وعده إيّاكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون.
وقوله: {هو} من ذكر الرّسول، وهو صالحٌ {وما نحن له بمؤمنين} فيما يقول أنّه لا إله لنا غير اللّه، وفيما يعدنا من البعث بعد الممات). [جامع البيان: 17/45]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال ربّ انصرني بما كذّبون} يقول: قال صالحٌ لمّا أيس من إيمان قومه باللّه ومن تصديقهم إيّاه بقولهم {وما نحن له بمؤمنين} ربّ انصرني على هؤلاء {بما كذّبون} يقول: بتكذيبهم إيّاي فيما دعوتهم إليه من الحقّ. فاستغاث صلوات اللّه عليه بربّه من أذاهم إيّاه، وتكذيبهم له). [جامع البيان: 17/45]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فقال اللّه له مجيبًا في مسألته إيّاه ما سأل: عن قليلٍ يا صالح ليصبحنّ مكذّبوك من قومك على تكذيبهم إيّاك نادمين، وذلك حين تنزل بهم نقمتنا فلا ينفعهم النّدم). [جامع البيان: 17/45]

تفسير قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فجعلناهم غثاء قال الشيء البالي). [تفسير عبد الرزاق: 2/45]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(والغثاء الزّبد، وما ارتفع عن الماء، وما لا ينتفع به»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والغثاء الزّبد وما ارتفع عن الماء وما لا ينتفع به قال أبو عبيدة في قوله تعالى فجعلناهم غثاء الغثاء الزّبد وما ارتفع على الماء من الجيف ممّا لا ينتفع به وفي روايةٍ عنه وما أشبه ذلك ممّا لا ينتفع به في شيءٍ وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله غثاءً قال هو الشّيء البالي). [فتح الباري: 8/446]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والغثاء الزّبد وما ارتفع عن الماء ينتفع به
أشار به إلى قوله عز وجل: {فجعلناهم غثاء} (المؤمنون: 41) وفسره بقوله: (الزّبد)
إلى آخره، وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة. قال: الغثاء الشّيء البالي). [عمدة القاري: 19/71]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (والغثاء) في قوله: {فجعلناهم غثاء} هو (الزبد وما ارتفع عن الماء وما لا ينتفع به) وهو من غثا الوادي يغثو غثوًا بالواو وأما غثت نفسه تغثي غثيانًا أي خبثت فهو قريب من معناه ولكنه من مادّة الياء). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأخذتهم الصّيحة بالحقّ فجعلناهم غثاءً فبعدًا للقوم الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: فانتقمنا منهم، فأرسلنا عليهم الصّيحة فأخذتهم بالحقّ؛ وذلك أنّ اللّه عاقبهم باستحقاقهم العقاب منه بكفرهم به، وتكذيبهم رسوله. {فجعلناهم غثاءً} يقول: فصيّرناهم بمنزلة الغثاء، وهو ما ارتفع على السّيل ونحوه، كما لا ينتفع به في شيءٍ. فإنّما هذا مثلٌ، والمعنى: فأهلكناهم فجعلناهم كالشّيء الّذي لا منفعة فيه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {فجعلناهم غثاءً فبعدًا للقوم الظّالمين} يقول: جعلوا كالشّيء الميّت البالي من الشّجر.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {غثاءً} كالرّميم الهامد، الّذي يحتمل السّيل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فجعلناهم غثاءً} قال: كالرّميم الهامد الّذي يحتمل السّيل.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {فجعلناهم غثاءً} قال: هو الشّيء البالي.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فجعلناهم غثاءً} قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه.
وقوله: {فبعدًا للقوم الظّالمين} يقول: فأبعد اللّه القوم الكافرين بهلاكهم، إذ كفروا بربّهم، وعصوا رسله، وظلموا أنفسهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: أولئك ثمود، يعني قوله: {فجعلناهم غثاءً فبعدًا للقوم الظّالمين} ). [جامع البيان: 17/45-47]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فجعلناهم غثاء يعني كالرميم الهامد الذي يحمله السيل يعني به ثمود). [تفسير مجاهد: 431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين * ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين * ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فجعلناهم غثاء} قال: جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر). [الدر المنثور: 10/570-571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {فجعلناهم غثاء} قال: هو الشيء البالي). [الدر المنثور: 10/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فجعلناهم غثاء} قال: كالرميم الهامد الذي يحتمل السيل ثمود احتملوا كذلك). [الدر المنثور: 10/571]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:56 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ أنشأنا من بعدهم} [المؤمنون: 31] من بعد نوحٍ.
{قرنًا آخرين} [المؤمنون: 31] يعني عادًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فأرسلنا فيهم رسولا منهم} [المؤمنون: 32] يعني هودًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أن اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون {32} وقال الملأ من قومه الّذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدّنيا} [المؤمنون: 32-33] وسّعنا الدّنيا عليهم، أي في الرّزق). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويشرب ممّا تشربون...}

المعنى ممّا تشربون منه. وجاز حذف (منه) لأنك تقول: شربت من مائك. فصارت (ما تشربون) بمنزلة شرابكم. ولوحذفت (من) (تأكلون) "منه" كان صواباً). [معاني القرآن: 2/234]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} مجازه وسعنا عليهم فأترفوا فيها وبغوا ونظروا فكفروا وأعجبوا قال العجاج:

وقد أراني بالديار مترفا). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أترفناهم}: وسعنا عليهم معايشهم). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} وسّعنا عليهم حتى أترفوا، والتّرفه [منه]، ونحوها: التّحفة، كأن المترف هو الذي يتحف). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأترفناهم في الحياة الدنيا} [معاني القرآن: 4/454]
معناه وسعنا عليهم حتى صاروا يؤتون بالترفه وهي مثل التحفة). [معاني القرآن: 4/455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَتْرَفْنَاهُمْ}: أي وسع عليهم حتى أترفوا والمترف: المنعم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَتْرَفْنَـاهم}: نعّمناهم). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون {33} ولئن أطعتم بشرًا مثلكم} [المؤمنون: 33-34] فيما يدعوكم إليه.
{إنّكم إذًا لخاسرون} [المؤمنون: 34] يعني لعجزةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أيعدكم} [المؤمنون: 35] يقوله بعضهم لبعضٍ على الاستفهام.
{أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون} [المؤمنون: 35] مبعوثون.
أي قد وعدكم ذلك، تكذّبون بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أيعدكم أنّكم إذا متٌّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مّخرجون...}
أعيدت (أنكم) مرّتين ومعناهما واحد. إلاّ أن ذلك حسن لمّا فرقت بين (أنكم) وبين خبرها بإذا. وهي في قراءة عبد الله {أيعدكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} وكذلك تفعل بكل اسمٍ أوقعت عليه (أن) بالظنّ وأخوات الظنّ، ثم اعترض عله الجزاء دون خبره. فإن شئت كرّرت اسمه، وإن شئت حذفته أوّلا وآخراً. فتقول: أظنّ أنك إن خرجت أنك نادم. فإن حذفت (أنك) الأولى أو الثانية صلح. وإن ثبتتا صلح. وإن لم تعرض بينهما بشيء لم يجز. فخطأٌ أن تقول أظن أنك أنك نادم إلاّ أن تكرّر كالتوكيد). [معاني القرآن: 2/235-234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنّكم مخرجون* هيهات هيهات لما توعدون}
وهذا جواب الملأ من قوم ثمود.
فأمّا " أنّكم " الأولى، فموضعها نصب على معنى أيعدكم بأنكم إذا متم، وموضع " أنّ " الثانية عند قوم كموضع الأولى، وإنما ذكرت توكيدا.
فالمعنى على هذا القول: أيعدكم أنكم تخرجون إذا متم، فلما بعد ما بين أن الأولى والثانية بقوله: {إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما} أعيد ذكر " أنّ "،
كما قال عزّ وجلّ: {ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم} المعنى فله نار جهنم.
هذا على مذهب سيبويه، وفيها قولان آخران أجودهما أن تكون أن الثانية وما عملت فيه في موضع رفع ويكون المعنى أيعدكم أنكم إخراجكم إذا متم.
فيكون أنكم مخرجون في معنى إخراجكم، كأنّه قيل: أيعدكم أنكم إخراجكم وقت موتكم وبعد موتكم، ويكون العامل في " إذا " إخراجكم، على أن " إذا " ظرف،
والمعنى أنكم يكون إخراجكم إذا متم.
الثالث أن يكون إذا العامل فيها " متم "، فيكون المعنى إنكم متى متم يقع إخراجكم، فيكون خبر إنّ مضمرا، والقولان الأولان جيدان.
ويجوز : أيعدكم أنكم إذا متّم أنكم مخرجون، ولم يقرأ بها فلا تقرأنّ بها. ويكون المعنى في يعدكم يقول لكم ولكنها لا تجوز في القراءة لأنّ القراءة سنة). [معاني القرآن: 4/12-11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
قال سيبويه وهما جاء مبدلا من هذا الباب قوله تعالى: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
يذهب إلى أن أن الثانية مبدلة من الأولى وأن المعنى عنده أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم
قال سيبويه وكذلك أريد بها وجئ ب أن الأولى لتدل على وقت الإخراج
والفراء والجرمي وأبو العباس يذهبون إلى أن الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام كان تكريرها حسنا
والأخفش يذهب إلى أن الثانية في موضع رفع بفعل مضمر دل عليه إذا والمعنى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما يحدث إخراجكم كما تقول اليوم القتال والمعنى عنده اليوم يحدث القتال ويقع القتال
قال الفراء وفي قراءة ابن مسعود أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون
قال أبو إسحاق ويجوز أيعدكم إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون لأن معنى أيعدكم أيقول لكم). [معاني القرآن: 4/456-455]
تفسير قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {هيهات هيهات لما توعدون} [المؤمنون: 36] سعيدٌ عن قتادة قال: تباعد البعث في أنفس القوم، أي لا يبعثون.
يقوله بعضهم لبعضٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {هيهات هيهات لما توعدون...}

لو لم تكن في (ما) اللام كان صوباً. ودخول اللام عربيّ. ومثله في الكلام هيهات لك، وهيهات أنت منّا، وهيهات لأرضك. قال الشاعر:
فأيهات أيهات العقيق ومن به=وأيهات وصل بالعقيق نواصله

فمن يدخل اللام رفع الاسم. ومعنى هيهات بعيد كأنه قال: بعيد (ما توعدون) وبعيد العقيق وأهله. ومن أدخل اللام قال هيهات أداة ليست بمأخوذة من فعلٍ بمنزلة بعيد وقريب، فأدخلت لها اللام كما يقال: هلمّ لك إذ لم تكن مأخوذة من فعلٍ. فإذا قالوا: أقبل لم يقولوا: أقبل لك؛ لأنه يحتمل ضمير الاسم.
فإذا وقفت على هيهات وقفت بالتاء في كلتيهما لأنّ من العرب من يخفض التاء، فدلّ ذلك على أنها ليست بهاء التأنيث فصارت بمنزلة دراك ونظار. ومنهم من يقف على الهاء لأنّ من شأنه نصبها فيجعلها كالهاء. والنصب الذي فيهما أنهما أداتان جمعتا فصارتا بمنزلة خمسة عشر. وإن قلت إنّ كل واحدة مستغنية بنفسها يجوز الوقوف عليها فإن نصبها كنصب قوله: (قمت ثمّت جلست)، وبمنزلة قول الشاعر:
ما ويّ بل ربّتما غارةٍ=شعواء كاللذعة بالميسم

فنصب هيهات بمنزلة هذه الهاء التي في ربّت؛ لأنها دخلت على ربّ وعلى ثمّ. وكانا أداتين، فلم يغيّرهما عن أداتهما فنصبا. ... واختار الكسائي الهاء، وأنا أقف على التاء).
[معاني القرآن: 2/235-236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هيهات هيهات لما توعدون}
يقرأ بفتح التاء وبكسر التاء، ويجوز هيهات هيهات - بالتنوين – ويجوز هيهاتا هيهاتا، فأما الفتح والكسر بغير تنوين فكثيرتان في القراءة، وذكرهما القراء والنحويون، وقد قرئت بالكسر والتنوين، فأما التنوين والفتح فلا أعلم أحدا قرأ بهما، فلا تقرأنّ بها.
فأمّا الفتح فالوقف فيه بالهاء. تقول هيهاه هيهاه - إذا فتحت ووقفت بعد الفتح، فإذا فتحت وقفت على التاء سواء عليك كنت تنوّن في الأصل أو كنت ممن لا ينوّن.
فمن فتحها - وموضعها الرفع وتأويلها البعد لما توعدون - فلأنها بمنزلة الأصوات، وليست مشتقة من فعل فبنيت هيهاه كما بنيت ذيّه وذيّه.
فإذا كسرت جعلتها جمعا وبنيتها على الكسر.
قال سيبويه: هي بمنزلة علقاه.
يعني في تأنيثها.
ومن جعلها جمعا فهي بمنزلة قول العرب: استأصل اللّه عرقاتهم وعرقاتهم. فالذي يقول: عرقاتهم - بالكسر، جعلها جمعا، وواحدها كأنّه عرقة وعرق، وواحد هيهات على هذا اللفظ، وأن لم يكن حاله واحدا: هيهة.
فإن هذا تقديره - وإن لم ننطق به.
وأما عرقات فقد تكلم بواحدها.
يقال عرق وعرقاة وعرقة وعرقان.
وإنما كسر في الجمع لأنّ تاء الفتح في الجمع كسر تقول: مررت بالهندات، وكذلك رأيت الهندات.
ويقال أيهات في معنى هيهات. ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت، فمن قال هيهات ما قلت فمعناه البعد ما قلت، ومن قال: هيهات لما قلت فمعناه البعد لقولك،
وأنشدوا:
فأيهات أيهات العقيق ومن به=وأيهات خل بالعقيق نواصله
فأمّا من نوّن هيهات فجعلها نكرة، ويكون المعنى: بعد لما توعدون). [معاني القرآن: 4/13-12]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هيهات هيهات لما توعدون}
قال قتادة أي للبعث
قال أبو جعفر العرب تقول هيهات هيهات لما قلت وهيهات ما قلت فمن قال هيهات لما قلت فتقديره البعد لما قلت ومن قال هيهات ما قلت فتقديره البعيد ما قلت
وفي هيهات لغات ليس هذا موضع ذكرها). [معاني القرآن: 4/456-457]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (هيهات هيهات لما توعدون) أي: بعيدا بعيدا). [ياقوتة الصراط: 373]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إن هي إلا حياتنا الدّنيا نموت ونحيا} [المؤمنون: 37] أي نموت ونولد). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( ثم قال جل وعز: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا}

يقال كيف قالوا نموت ونحيا وهم لا يقرون بالبعث
ففي هذا أجوبة
أ-منها في الآية تقديم وتأخير والمعنى ما هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت كما قال تعالى: {واسجدي واركعي}
ب-ومنها أن المعنى نموت ويحيا أولادنا
ج-وجواب ثالث وهو أن يكون المعنى نكون مواتا أي نطفا ثم نحيا في الدنيا). [معاني القرآن: 4/458-457]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وما نحن بمبعوثين {37} إن هو إلا رجلٌ} [المؤمنون: 37-38] يعنون هودًا.
{افترى على اللّه كذبًا} [المؤمنون: 38] يزعم أنّ اللّه أرسله.
[تفسير القرآن العظيم: 1/400]
{وما نحن له بمؤمنين} [المؤمنون: 38] أي: بمصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال ربّ انصرني بما كذّبون {39} قال} [المؤمنون: 39-40] اللّه.
{عمّا قليلٍ} [المؤمنون: 40] أي: عن قليلٍ.
والميم والألف صلة في الكلام.
وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {ليصبحنّ نادمين} [المؤمنون: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {عمّا قليلٍ} مجازه عن قليل وما من حروف الزوائد فلذلك جروه ،

وفي آية أخرى {إنّ الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها} والعرب قد تفعل ذلك،
قال النابغة:
قالت ألا ليت ما هذا الحمام لنا=إلى حمامتنا ونصفه فقد
ويقال في المثل: ليت ما من العشب خوصة). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(ما) قد تزاد، كقوله: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}
و{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}). [تأويل مشكل القرآن: 252]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: (قال عمّا قليل ليصبحنّ نادمين)
معناه عن قليل، و " ما " زائدة بمعنى التوكيد، كأنّ معناه: عن قليل ليصبحن نادمين حقّا). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال عما قليل ليصبحن نادمين}
والمعنى عن قليل وما زائدة للتوكيد). [معاني القرآن: 4/458]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأخذتهم الصّيحة بالحقّ} [المؤمنون: 41] تفسير الحسن: الصّيحة: العذاب.
{فجعلناهم غثاءً} [المؤمنون: 41] كالشّيء البالي في تفسير المعلّى عن أبي يحيى عن مجاهدٍ.
وقال بعضهم: مثل النّبات إذا صار غثاءً، فتهشّم بعد إذ كان أخضر.
قال: {فبعدًا للقوم الظّالمين} [المؤمنون: 41] المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فجعلناهم غثاء...}

كغثاء الوادي يبّساً بالعذاب). [معاني القرآن: 2/236]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فجعلناهم غثاءً} وهو ما أشبه الزبد وما ارتفع على السيل وما أشبه ذلك مما لا ينتفع به في شيء). [مجاز القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فجعلناهم غثاءً} أي هلكى كالغثاء، وهو ما علا السّيل من الزّبد [والقمش] لأنه يذهب ويتفرق).
[تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فأخذتهم الصّيحة بالحقّ فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظّالمين * ثمّ أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين}
الغثاء الهالك والبالي من ورق الشجر الذي إذا جرى السيل رأيته مخالطا زبده). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فجعلناهم غثاء}
والمعنى فأهلكناهم وفرقناهم
والغثاء ما علا الماء من ورق الشجر والقمش لأنه يتفرق ولا ينتفع به). [معاني القرآن: 4/458]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غُثَاء}: أي كغثاء السيل وهو الزبد الذي يذهب ويضمحل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:59 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) }

تفسير قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا بابٌ تكون فيه أن بدلا من شيءٍ ليس بالآخر
من ذلك: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم} فأن مبدلة من إحدى الطائفتين موضوعةٌ في مكانها كأنك قلت وإذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم كما أنك إذا قلت رأيت متاعك بعضه فوق بعض فقد أبدلت الآخر من الأول وكأنك قلت رأيت بعض متاعك فوق بعض وإنما نصبت بعضاً لأنك أردت معنى رأيت بعض متاعك فوق بعض كما جاء الأول على معنى وإذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم.
ومن ذلك قوله عز وجل: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} فالمعنى والله أعلم ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم إليهم لا يرجعون.
ومما جاء مبدلاً من هذا الباب: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون} فكأنه على أيعدكم أنكم مخرجون
إذا متم وذلك أريد بها ولكنه إنما قدمت أن الأولى ليعلم بعد أي شيء الإخراج.
ومثل ذلك قولهم زعم أنه إذا أتاك أنه سيفعل وقد علمت أنه إذا فعل أنه سيمضي.
ولا يستقيم أن تبتدئ إن هاهنا كما تبتدئ الأسماء أو الفعل إذا قلت قد علمت زيداً أبوه خيرٌ منك وقد رأيت زيداً يقول أبوه ذاك لأن إن لا تبتدأ في كل موضع وهذا من تلك المواضع.
وزعم الخليل أن مثل ذلك قوله تبارك وتعالى: {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم} ولو قال فإن كانت عربيه جيدة.
وسمعناهم يقولون في قول ابن مقبلٍ

وعلمي بأسدام المياه فلم تزل = قلائص تخدى في طريقٍ طلائح
وأنّي إذا ملّت ركابي مناخها = فإنّي على حظّي من الأمر جامح
وإن جاء في الشعر قد علمت أنك إذا فعلت إنك سوف تغتبط به تريد معنى الفاء جاز والوجه والحد ما قلت لك أول مرة.
وبلغنا أن الأعرج قرأ: (أنه من عمل منكم سوأ بجهالةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفورٌ رحيم) ونظيره ذا البيت الذي أنشدتك). [الكتاب: 3/132-134] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب من أبواب أن مكررةً
وذلك قولك: قد علمت أن زيداً إذا أتاك أنه سيكرمك، وذلك أنك قد أردت: قد علمت أن زيداً إذا أتاك سيكرمك، فكررت الثانية توكيداً، ولست تريد بها إلا ما أردت بالأولى. فمن ذلك قوله عز وجل: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} فهذا أحسن الأقاويل عندي في هذه الآية، وقد قيل فيها غير هذا. ونحن ذاكروه في آخر الباب إن شاء الله.
ونظير تكرير أن هاهنا قوله تبارك وتعالى: {وهم بالآخرة هم كافرون} وقوله عز وجل: {فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها}. وكذلك قوله عز وجل: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها}.
ومن هذا الباب عندنا وهو قول أبي عمر الجرمي {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم}. فالتقدير: والله أعلم فله نار جهنم، وردت أن توكيداً. وإن كسرها كاسر جعلها مبتدأة بعد الفاء؛ لأن ما بعد فاء المجازاة ابتداء، كقوله عز وجل: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} فـ إن في هذا الموضع يجوز أن تكون الأولى التي وقعت بعد الحكاية كررت، ويجوز أن تكون وقعت مبتدأة بعد الفاء، كقولك: من يأتني فإني سأكرمه.
وأما أبو الحسن الأخفش فقال في قوله تبارك وتعالى: {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم} قال: المعنى: فوجوب النار له، ثم وضع أن في موضع المصدر.
فهذا قول ليس بالقوي، لأنه يفتحها مبتدأة، ويضمر الخبر.
وكذلك قال في قوله: {كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفورٌ رحيمٌ}، أي فوجوب الرحمة له.
والقول فيه عندنا التكرير على ما ذكرت لك.
فأما ما قيل في الآية التي ذكرنا قبل سوى القول الذي اخترناه وهي {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} فأن يكون {أنكم مخرجون} مرتفعاً بالظرف. كأنه في التقدير: أيعدكم أنكم إذا متم إخراجكم. فهذا قول حسن جميل.
وأما سيبويه فكان يقول: المعنى: أن يعد وقعت على أن الثانية وذكر أن الأولى ليعلم بعد أي شيءٍ يكون الإخراج?.
وهذا قول ليس بالقوي). [المقتضب: 2/354-357]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب من أبواب أن مكررةً
وذلك قولك: قد علمت أن زيداً إذا أتاك أنه سيكرمك، وذلك أنك قد أردت: قد علمت أن زيداً إذا أتاك سيكرمك، فكررت الثانية توكيداً، ولست تريد بها إلا ما أردت بالأولى. فمن ذلك قوله عز وجل: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} فهذا أحسن الأقاويل عندي في هذه الآية، وقد قيل فيها غير هذا. ونحن ذاكروه في آخر الباب إن شاء الله.
ونظير تكرير أن هاهنا قوله تبارك وتعالى: {وهم بالآخرة هم كافرون} وقوله عز وجل: {فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها}. وكذلك قوله عز وجل: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها}.
ومن هذا الباب عندنا وهو قول أبي عمر الجرمي {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم}. فالتقدير: والله أعلم فله نار جهنم، وردت أن توكيداً. وإن كسرها كاسر جعلها مبتدأة بعد الفاء؛ لأن ما بعد فاء المجازاة ابتداء، كقوله عز وجل: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} فـ إن في هذا الموضع يجوز أن تكون الأولى التي وقعت بعد الحكاية كررت، ويجوز أن تكون وقعت مبتدأة بعد الفاء، كقولك: من يأتني فإني سأكرمه.
وأما أبو الحسن الأخفش فقال في قوله تبارك وتعالى: {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم} قال: المعنى: فوجوب النار له، ثم وضع أن في موضع المصدر.
فهذا قول ليس بالقوي، لأنه يفتحها مبتدأة، ويضمر الخبر.
وكذلك قال في قوله: {كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفورٌ رحيمٌ}، أي فوجوب الرحمة له.
والقول فيه عندنا التكرير على ما ذكرت لك.
فأما ما قيل في الآية التي ذكرنا قبل سوى القول الذي اخترناه وهي {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} فأن يكون {أنكم مخرجون} مرتفعاً بالظرف. كأنه في التقدير: أيعدكم أنكم إذا متم إخراجكم. فهذا قول حسن جميل.
وأما سيبويه فكان يقول: المعنى: أن يعد وقعت على أن الثانية وذكر أن الأولى ليعلم بعد أي شيءٍ يكون الإخراج?.
وهذا قول ليس بالقوي). [المقتضب: 2/354-357] (م)

تفسير قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال زهير بن مسعود:
...
...
وهيهات ظرف كأنه قال: في البعد منك محلها. ويقال هيت به تهييتا إذا ناده من مكان بعيد. وهيهات تكون واحدة وجمعا. وهي على هذه الرواية واحدة، وتقديرها هيهاة. كقولك سعلاة وإنما لم تنون لأنها مؤنثة معرفة، ألا ترى أنك لا تقول الهيهاة، كما لا تقول السعلاة. فكأنه قال في البعد الذي تعلم). [النوادر في اللغة: 221-223]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وزعم سيبويه مع التفسير الذي فسرناه أن العرب إذا ضمت عربياً إلى عربيٍّ مما يلزمه البناء ألزمته أخف الحركات، وهي الفتحة، فقالوا: خمسة عشر يا فتى، وهو جاري بيت يا فتى، ولقيته كفة كفة، و{يا ابن أم لا تأخذ} وإذا بنوا أعجمياً مع ما قبله حطوه عن ذلك، فألزموه الكسر،وهذا مطرد في كلامهم. فأما هيهات فتأويلها: في البعد، وهي ظرف غير متمكن؛ لإبهامها، ولأنها بمنزلة الأصوات. فمنهم من يجعلها واحدا كقولك: علقاة فيقول: {هيهات هيهات لما توعدون} فمن قال ذلك فالوقف عنده هيهاه وترك التنوين للبناء. ومنهم من يجعلها جمعاً كبيضات فيقول: {هيهات هيهات لما توعدون} وإذا وقف على هذا القول وقف بالتاء، والكسرة إذا أردت الجمع للبناء كالفتحة إذا أردت الواحد). [المقتضب: 3/182] (م)


تفسير قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون}
قال الطبري -رحمه الله-: إن هذا القرن هم ثمود). [المحرر الوجيز: 6/292]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ورسولهم صالح -عليه السلام- وفي الروايات ما يقتضي أن قوم عاد أقدم إلا أنهم لم يهلكوا بصيحة، وفي هذا احتمالات كثيرة، والله أعلم). [المحرر الوجيز: 6/292]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"أترفناهم" معناه: نعمناهم وبسطنا لهم الآمال والأرزاق، ومقالة هؤلاء أيضا تقتضي استبعاد بعثة البشر، وهذه الطائفة وقوم نوح لم يذكر في هذه الآيات أن المعجزة ظهرت لهم وأنهم كذبوا بعد وضوحها، ولكن ذلك مقدر معلوم وإن لم يعين لنا المعجزة، والعقاب لا يتعلق بأحد إلا بعد تركه الواجب عليه، ووجوب الاتباع إنما هو
[المحرر الوجيز: 6/292]
قيام الحجة على المرء أو على من هو المقصد والجمهور، كالعرب في معجزة القرآن، والأطباء لعيسى، والسحرة لموسى، فبقيام الحجة على هؤلاء قامت على جميع من ورائهم). [المحرر الوجيز: 6/293]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)}

تفسير قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال رب انصرني بما كذبون}
قوله تعالى: "أيعدكم" استفهام بمعنى التوقيف، على جهة الاستبعاد، وبمعنى الهزء بهذا الوعد، و"أنكم" الثانية بدل من الأولى عند سيبويه، وفيها معنى تأكيد الأول، وكررت لطول الكلام، وإن كان المبرد أبى عبارة البدل لكونه من غير مستقل إذ لم يذكر خبر "أن" الأولى، والخبر عند سيبويه محذوف وتقديره: "أنكم تبعثون إذا متم". وهذا المقدر هو العامل في "إذا"، وفي قراءة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون" بحذف "أنكم" الأولى، ويعنون بالإخراج النشور من القبور). [المحرر الوجيز: 6/293]

تفسير قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقولهم: هيهات هيهات استبعاد، وهذه كلمة لها معنى الفعل، التقدير: بعد كذا، فطورا يليها الفاعل دون لام، تقول: هيهات مجيء زيد، أي: بعد ذلك، ومنه قول جرير:
فهيهات هيهات العقيق ومن به وهيهات خل بالعقيق نواصله
وأحيانا يكون الفاعل محذوفا، وذلك عند اللام كهذه الآية، والتقدير: بعد الوجود
[المحرر الوجيز: 6/293]
لما توعدون، ومن حيث كانت هذه اللفظة بمعنى الفعل أشبهت الحروف مثل "مه" وغيرها، فلذلك بنيت على الفتح، وهذه قراءة الجماعة بفتح التاء، وهي مفرد سمي به الفعل في الخبر، أي: بعد، كما أن "شتان" اسم "افترق"، وعرف تسمية الفعل أن يكون في الأمر كصه وهس.
وقرأ أبو جعفر: "هيهات هيهات" بكسر التاء غير منونة. وقرأها عيسى بن عمر، وأبو حيوة -بخلاف عنه- "هيهات هيهات" منونة، وهي على هاتين القراءتين عند سيبويه جمع "هيهات"، وكان حقها أن تكون "هيهات" إلا أن ضعفها لم يقتض إظهار الياء، فقال سيبويه رحمه الله: هي مثل "بيضات"، أراد: "في أنها جمع"، وظن بعض النحاة أنه أراد: "في اتفاق المفرد" فقال: واحد "هيهات": "هيهه"، وليس كما قال، وتنوين عيسى على إرادة التنكير، وترك أبو جعفر التنوين على إرادة التعريف. وقرأ عيسى الهمداني: "هيهات هيهات" بتاء ساكنة، وهي -على هذا- جماعة لا مفرد، وقرأها كذلك الأعرج، ورويت عن أبي عمرو، وقرأ أبو حيوة: "هيهات" بتاء مرفوعة منونة، وهذا على أنه اسم معرب مستقل وخبره لما توعدون، أي: البعد لوعدكم، كما تقول: النجم لسعيكم، وروي عن أبي حيوة "هيهات" بالرفع دون تنوين، وقرأ خالد بن إلياس: "هيهاتا هيهاتا" بالنصب والتنوين. والوقف على "هيهات" من حيث هي مبنية بالهاء، ومن قرأ بكسر التاء وقف بالتاء، وفي اللفظة لغات: هيها، وهيهات،
[المحرر الوجيز: 6/294]
وهيهان، وأيهات، وهيهات، وهيهات، وهيهاه، "قال رؤبة:
هيهاه من منخرق هيهاؤه
وقرأ ابن أبي عبلة: "هيهات هيهات ما توعدون" بغير لام). [المحرر الوجيز: 6/295]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقولهم: {إن هي إلا حياتنا الدنيا} أرادوا أنه لا وجود لنا غير هذا الوجود، وإنما تموت منا طائفة فتذهب وتجيء طائفة جديدة، وهذا كفر الدهرية). [المحرر الوجيز: 6/295]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"بمؤمنين" معناه: بمصدقين). [المحرر الوجيز: 6/295]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم دعا عليهم نبيهم وطلب عقوبتهم على تكذيبهم). [المحرر الوجيز: 6/295]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال عما قليل ليصبحن نادمين فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون}
المعنى: قال الله -تعالى- لهذا النبي الداعي: عما قليل يندم قومك على كفرهم حين لا ينفعهم الندم). [المحرر الوجيز: 6/295]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ومن ذكر الصيحة ذهب الطبري إلى أنهم قوم ثمود، وقوله: "بالحق" معناه: بما استحقوا من أفعالهم وبما حق منا في عقوبتهم. و"الغثاء": ما يحمله
[المحرر الوجيز: 6/295]
السيل من زبده ومعتاده الذي لا ينتفع به، فيشبه كل هامد وتالف بذلك، و"بعدا" منصوب بفعل مضمر متروك إظهاره). [المحرر الوجيز: 6/296]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ أنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين (31) فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون (32) وقال الملأ من قومه الّذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدّنيا ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون (33) ولئن أطعتم بشرًا مثلكم إنّكم إذًا لخاسرون (34) أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون (35) هيهات هيهات لما توعدون (36) إن هي إلا حياتنا الدّنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين (37) إن هو إلا رجلٌ افترى على اللّه كذبًا وما نحن له بمؤمنين (38) قال ربّ انصرني بما كذّبون (39) قال عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين (40) فأخذتهم الصّيحة بالحقّ فجعلناهم غثاءً فبعدًا للقوم الظّالمين (41)}.
يخبر تعالى أنّه أنشأ بعد قوم نوحٍ قرنًا آخرين -قيل: المراد بهم عادٌ، فإنّهم كانوا مستخلفين بعدهم. وقيل: المراد بهؤلاء ثمود؛ لقوله: {فأخذتهم الصّيحة بالحقّ} -وأنّه تعالى أرسل فيهم رسولًا منهم، فدعاهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له. فكذّبوه وخالفوه، وأبوا من اتّباعه لكونه بشرًا مثلهم، واستنكفوا عن اتّباع رسولٍ بشريٍّ، فكذّبوا بلقاء اللّه في القيامة، وأنكروا المعاد الجثمانيّ، وقالوا {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون. هيهات هيهات لما توعدون} أي: بعيدٌ بعيدٌ ذلك). [تفسير ابن كثير: 5/ 474]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إن هو إلا رجلٌ افترى على اللّه كذبًا} أي: فيما جاءكم به من الرّسالة والنّذارة والإخبار بالمعاد. {وما نحن له بمؤمنين}). [تفسير ابن كثير: 5/ 474]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ انصرني بما كذّبون} أي: استفتح عليهم الرّسول واستنصر ربّه عليهم، فأجاب دعاءه، {قال عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين} أي: بمخالفتك وعنادك فيما جئتهم به).[تفسير ابن كثير: 5/ 474]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأخذتهم الصّيحة بالحقّ} أي: وكانوا يستحقّون ذلك من اللّه لكفرهم وطغيانهم.
والظّاهر أنّه اجتمع عليهم صيحةٌ مع الرّيح الصّرصر العاصف القويّ الباردة، {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} [الأحقاف: 25].
وقوله: {فجعلناهم غثاءً} أي: صرعى هلكى كغثاء السّيل، وهو الشّيء الحقير التافه الهالك الذي لا ينتفع بشيءٍ منه. {فبعدًا للقوم الظّالمين}، كقوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين} [الزّخرف:76] أي: بكفرهم وعنادهم ومخالفة رسول اللّه، فليحذر السّامعون أن يكذّبوا رسولهم). [تفسير ابن كثير: 5/ 474-475]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة