تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(قال ابن عيينة: {سبع طرائق} [المؤمنون: 17] : «سبع سمواتٍ»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال بن عيينة سبع طرائق سبع سماوات هو في تفسير بن عيينة من رواية سعد بن عبد الرّحمن المخزومي عنه وأخرجه الطّبريّ من طريق بن زيد بن أسلم مثله). [فتح الباري: 8/445]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
قال ابن عيينة {سبع طرائق} سبع سموات {لها سابقون} سبقت لهم السّعادة {وقلوبهم وجلة} خائفين وقال ابن عبّاس {هيهات هيهات} بعيد بعيد {فاسأل العادين} الملائكة {لناكبون} لعادلون
{كالحون} عابسون وقال غيره {من سلالة} الولد
أما قول ابن عيينة فقال سعيد بن عبد الرّحمن المخزومي في التّفسير ثنا سفيان يعني ابن عيينة في قوله 17 المؤمنون {سبع طرائق} قال سبع سموات). [تغليق التعليق: 4/262-263]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب)
ليس في كثير من النّسخ لفظ: باب قال ابن عيينة سبع طرائق سبع سماواتٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} (المؤمنون: 17) وفسره سفيان بن عيينة بقوله: (سبع سموات) ، وقال الثّعلبيّ: إنّما قيل لها طرائق لأن بعضهنّ فوق بعض فكل سماء منهنّ طريقة، والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة، وقيل: لأنّها طرائق الملائكة). [عمدة القاري: 19/70]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال ابن عيينة) سفيان مما وصله في تفسيره من رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه في قوله تعالى: {ولقد خلقنا فوقكم} ({سبع طرائق}) [المؤمنون: 17] أي (سبع سماوات) سميت طرائق لتطارقها وهو أن بعضها فوق بعض يقال طارق النعل إذا أطبق نعلًا على نعل وطارق بين الثوبين إذا لبس ثوبًا على ثوب قاله الخليل والزجاج والفراء أو لأنها طرق الملائكة في العروج والهبوط قاله علي بن عيسى، وقيل لأنها طرق الكواكب في مسيرها والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه جعلها موضعًا لأرزاقنا بإنزال الماء منها وجعلها مقرًا للملائكة ولأنها موضع الثواب ومكان إرسال الأنبياء ونزول الوحي). [إرشاد الساري: 7/248]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنّا عن الخلق غافلين}.
يقول تعالى ذكره: ولقد خلقنا فوقكم أيّها النّاس سبع سماواتٍ بعضهنّ فوق بعضٍ؛ والعرب تسمّي كلّ شيءٍ فوق شيءٍ طريقةً. وإنّما قيل للسّماوات السّبع سبع طرائق، لأنّ بعضهنّ فوق بعضٍ، فكلّ سماءٍ منهنّ طريقةٌ.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} قال: الطّرائق: السّماوات.
وقوله: {وما كنّا عن الخلق غافلين} يقول: وما كنّا في خلقنا السّماوات السّبع فوقكم عن خلقنا الّذي تحتها غافلين، بل كنّا لهم حافظين من أن تسقط عليهم فتهلكهم). [جامع البيان: 17/26-27]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق يعني سبع سموات). [تفسير مجاهد: 430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} قال: السموات السبع). [الدر المنثور: 10/564-565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنا عن الخلق غافلين} قال: لو كان الله مغفلا شيئا أغفل ما تسفي الرياح من هذه الآثار يعني الخطا). [الدر المنثور: 10/565]
تفسير قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنزلنا من السّماء ماءً بقدرٍ فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهابٍ به لقادرون}.
يقول تعالى ذكره: وأنزلنا من السّماء ما في الأرض من ماءٍ، فأسكنّاه فيها.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وأنزلنا من السّماء ماءً بقدرٍ فأسكنّاه في الأرض} ماءٌ هو من السّماء.
وقوله: {وإنّا على ذهابٍ به لقادرون} يقول جلّ ثناؤه: وإنّا على الماء الّذي أسكنّاه في الأرض لقادرون أن نذهب به فتهلكوا أيّها النّاس عطشًا، وتخرب أرضوكم، فلا تنبت زرعًا ولا غرسًا، وتهلك مواشيكم، يقول: فمن نعمتي عليكم تركي ذلك لكم في الأرض جاريًا). [جامع البيان: 17/27]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون * فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون.
أخرج ابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار، سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض} فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل فيرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر من ركن البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الأنهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله {وإنا على ذهاب به لقادرون} فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة). [الدر المنثور: 10/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عطاف قال: إن الله أنزل أربعة أنهار دجلة والفرات وسيحون وجيجون وهو الماء الذي قال الله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر} الآية). [الدر المنثور: 10/566]
تفسير قوله تعالى: (فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأنشأنا لكم به جنّاتٍ من نخيل وأعنابٍ لكم فيها فواكه كثيرةٌ ومنها تأكلون}.
يقول تعالى ذكره: فأحدثنا لكم بالماء الّذي أنزلناه من السّماء، بساتين من نخيل وأعنابٍ {لكم فيها} يقول: لكم في الجنّات فواكه كثيرةٌ. {ومنها تأكلون} يقول: ومن الفواكه تأكلون.
وقد يجوز أن تكون الهاء والألف من ذكر الجنّات، ويحتمل أن تكون من ذكر النّخيل والأعناب.
وخصّ جلّ ثناؤه الجنّات الّتي ذكرها في هذا الموضع، فوصفها بأنّها من نخيل وأعنابٍ دون وصفها بسائر ثمار الأرض؛ لأنّ هذين النّوعين من الثّمار كانا هما أعظم ثمار الحجاز وما قرب منها، فكانت النّخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطّائف، فذكّر القوم بما يعرفون من نعمة اللّه عليهم، بما أنعم به عليهم من ثمارها). [جامع البيان: 17/27-28]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {فأنشأنا لكم به جنات} قال: هي البساتين). [الدر المنثور: 10/566]
تفسير قوله تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى طور سيناء قال جبل حسن قال عمر وقال الكلبي جبل ذو شجر). [تفسير عبد الرزاق: 2/45]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن قال الزيتون). [تفسير عبد الرزاق: 2/45]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينارٍ، قال: حدّثني من رأى عامر بن عبد قيسٍ دعا بزيتٍ فصبّه في يده كذا وصف جعفرٌ، ومسح إحداهما على الأخرى، ثمّ قال: {وشجرةً تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغٍ للآكلين} قال: فدهن رأسه ولحيته). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 343-344]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {طور سيناء} قال: الجبل الّذي نودي فيه موسى). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وشجرةً تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغٍ للآكلين}.
يقول تعالى ذكره: وأنشأنا لكم أيضًا شجرةً تخرج من طور سيناء.
و{شجرةً} منصوبةٌ عطفًا على {الجنّات}، ويعني بها: شجرة الزّيتون.
وقوله: {تخرج من طور سيناء} يقول: تخرج من جبلٍ ينبت الأشجار.
وقد بيّنت معنى الطّور فيما مضى بشواهده، واختلاف المختلفين، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأمّا قوله: {سيناء} فإنّ القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: (سيناء) بكسر السّين. وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {سيناء} بفتح السّين، وهما جميعًا مجمعون على مدّها.
والصّواب من القول في ذلك: أنّهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
واختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: المبارك، كأنّ معنى الكلام عنده: وشجرةٌ تخرج من جبلٍ مباركٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {طور سيناء} قال: المبارك.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وشجرةً تخرج من طور سيناء} قال: هو جبلٌ بالشّام مباركٌ.
وقال آخرون: معناه: حسنٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {طور سيناء} قال: هو جبلٌ حسنٌ.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {من طور سيناء} الطّور: الجبل بالنّبطيّة، وسيناء: حسنةٌ بالنّبطيّة.
وقال آخرون: هو اسم جبلٍ معروفٍ
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {من طور سيناء} قال: الجبل الّذي نودي منه موسى صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {طور سيناء} قال: هو جبل الطّور الّذي بالشّام، جبلٌ ببيت المقدس قال: ممدودٌ، هو بين مصر وبين أيلة.
وقال آخرون: معناه: أنّه جبلٌ ذو شجرٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عمّن قاله.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ سيناء اسمٌ أضيف إليه الطّور يعرف به، كما قيل جبلا طيّئٍ، فأضيفا إلى طيّئٍ، ولو كان القول في ذلك كما قال من قال معناه جبلٌ مباركٌ، أو كما قال من قال معناه حسنٌ، لكان الطّور منوّنًا، وكان قوله {سيناء} من نعته. على أنّ سيناء بمعنى: مباركٌ وحسنٌ، غير معروفٍ في كلام العرب فيجعل ذلك من نعت الجبل، ولكنّ القول في ذلك إن شاء اللّه كما قال ابن عبّاسٍ، من أنّه جبلٌ عرف بذلك، وأنّه الجبل الّذي نودي منه موسى صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو مع ذلك مباركٌ، لا أنّ معنى سيناء معنى مباركٍ
وقوله: {تنبت بالدّهن} اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {تنبت} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: {تنبت} بفتح التّاء، بمعنى: تنبت هذه الشّجرة بثمر الدّهن.
وقرأه يعضّ قرّاء البصرة: (تنبت) بضمّ التّاء، بمعنى: تنبت الدّهن: تخرجه. وذكر أنّها في قراءة عبد اللّه: (تخرج الدّهن) وقالوا: الباء في هذا الموضع زائدةٌ، كما قيل: أخذت ثوبه وأخذت بثوبه؛ وكما قال الرّاجز:
نحن بنو جعدة أرباب الفلج = نضرب بالبيض ونرجو بالفرج
بمعنى: ونرجو الفرج.
والقول عندي في ذلك أنّهما لغتان: نبت، وأنبت؛ ومن أنبت قول زهيرٍ:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم = قطينًا لهم حتّى إذا أنبت البقل
ويروى: نبت، وهو كقوله: {فأسر بأهلك}، و(فاسر). غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، فإنّ القراءة الّتي لا أختار غيرها في ذلك قراءة من قرأ: {تنبت} بفتح التّاء، لإجماع الحجّة من القرّاء عليها. ومعنى ذلك: تنبت هذه الشّجرة بثمر الدّهن.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {تنبت بالدّهن} قال: بثمره.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، مثله.
والدّهن الّذي هو من ثمره الزّيت.
- كما حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {تنبت بالدّهن} يقول: هو الزّيت يؤكل ويدهن به.
وقوله: {وصبغٍ للآكلين} يقول: تنبت بالدّهن وبصبغٍ للآكلين، يصطبغ بالزّيت الّذين يأكلونه.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وصبغٍ للآكلين} قال: هذا الزّيتون صبغٌ للآكلين، يأتدمون به ويصطبغون به.
قال أبو جعفرٍ: فالصّبغ عطفٌ على الدّهن). [جامع البيان: 17/28-33]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد تخرج من طور سيناء قال الطور الجبل وسيناء يعني المبارك). [تفسير مجاهد: 430]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تنبت بالدهن قال يعني تثمر). [تفسير مجاهد: 430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من طور سيناء} قال: هو الجبل الذي نودي منه موسى). [الدر المنثور: 10/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وشجرة تخرج} قال: هي الزيتون من طور سيناء قال: جبل حسن {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال: جعل الله فيها دهنا وأدما). [الدر المنثور: 10/566-567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {من طور سيناء} قال: المبارك {تنبت بالدهن} قال: تثمر الزيت). [الدر المنثور: 10/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس {وشجرة تخرج من طور سيناء} قال: هي الزيتون). [الدر المنثور: 10/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وشجرة} قال: هي شجرة الزيتون تنبت بالزيت فهو دهن يدهن به وهو صبغ للآكلين يأكله الناس). [الدر المنثور: 10/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال: سيناء اسم الأرض). [الدر المنثور: 10/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: الطور الجبل وسينا الحجارة وفي لفظ وسينا الشجر). [الدر المنثور: 10/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن الكلبي {طور سيناء} قال: جبل ذو شجر). [الدر المنثور: 10/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تنبت بالدهن} قال: هو الزيت يؤكل ويدهن به). [الدر المنثور: 10/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال: يتادمون به ويصبغون به). [الدر المنثور: 10/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (من طور سيناء) بنصب السين ممدودة مهموزة الألف (تنبت) بنصب التاء ورفع الباء). [الدر المنثور: 10/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ {تنبت بالدهن} بنصب التاء ورفع الباء). [الدر المنثور: 10/568]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونها ولكم فيها منافع كثيرةٌ ومنها تأكلون (21) وعليها وعلى الفلك تحملون}.
يقول تعالى ذكره: {وإنّ لكم} أيّها النّاس، {في الأنعام لعبرةً} تعتبرون بها، فتعرفون بها أيادي اللّه عندكم، وقدرته على ما يشاء، وأنّه الّذي لا يمتنع عليه شيءٌ أراده ولا يعجزه شيءٌ شاءه {نسقيكم ممّا في بطونها} من اللّبن الخارج من بين الفرث والدّم. {ولكم} مع ذلك {فيها} يعني: في الأنعام، {منافع كثيرةٌ} وذلك كالإبل الّتي يحمل عليها، ويركب ظهرها، ويشرب درّها. {ومنها تأكلون} يعني: من لحومها تأكلون). [جامع البيان: 17/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون * وعليها وعلى الفلك تحملون * ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين * قال رب انصرني بما كذبون.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإن لكم في الأنعام} قال: الإبل والبقر والضأن والمعز {ولكم فيها منافع} قال: ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم). [الدر المنثور: 10/568]
تفسير قوله تعالى: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وعليها وعلى الفلك تحملون} يقول: وعلى الأنعام وعلى السّفن تحملون، على هذه في البرّ، وعلى هذه في البحر). [جامع البيان: 17/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {وعلى الفلك} قال: السفن). [الدر المنثور: 10/569]