تفسير قوله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولكل أمة جعلنا منسكا قال ذبحا وحجا
قال فلا ينازعنك في الأمر فلا يعالجنك). [تفسير عبد الرزاق: 2/41] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} يقول: لكلّ جماعة قومٍ نبى خلا من قبلك، جعلنا مألفًا يألفونه، ومكانًا يعتادونه لعبادتي فيه، وقضاء فرائضي، وعملاً يلزمونه.
وأصل المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد الّذي يعتاده الرّجل ويألفه لخيرٍ أو شرٍّ؛ يقال: إنّ لفلانٍ منسكًا يعتاده: يراد مكانًا يغشاه ويألفه لخيرٍ أو شرٍّ. وإنّما سمّيت مناسك الحجّ بذلك، لتردّد النّاس إلى الأماكن الّتي تعمل فيها أعمال الحجّ والعمرة.
وفيه لغتان: ( منسكٌ ): بكسر السّين وفتح الميم، وذلك من لغة أهل الحجاز، و: ( منسكٌ ): بفتح الميم والسّين جميعًا، وذلك من لغة أسدٍ وقد قرئ باللّغتين جميعًا.
وقد اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} أيّ المناسك عني به؟ فقال بعضهم: عني به: عيدهم الّذي يعتادونه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، " قوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه} يقول: عيدًا ".
وقال آخرون: عني به ذبحٌ يذبحونه، ودمٌ يهريقونه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه} قال: " إراقة الدّم بمكّة ".
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هم ناسكوه} قال: " إهراق دماء الهدي ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {منسكًا} قال: " ذبحًا وحجًّا ".
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عني بذلك إراقة الدّم أيّام النّحر بمنًى؛ لأنّ المناسك الّتي كان المشركون جادلوا فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كانت إراقة الدّم في هذه الأيّام، على أنّهم قد كانوا جادلوه في إراقة الدّماء الّتي هي دماء ذبائح الأنعام، بما قد أخبر اللّه عنهم في سورة الأنعام. غير أنّ تلك لم تكن مناسك، فأمّا الّتي هي مناسك فإنّما هي هدايا أو ضحايا؛ ولذلك قلنا: عني بالمنسك في هذا الموضع الذّبح، الّذي هو بالصّفة الّتي وصفنا.
وقوله: {فلا ينازعنّك في الأمر} يقول تعالى ذكره: فلا ينازعنّك هؤلاء المشركون باللّه يا محمّد في ذبحك ومنسكك بقولهم: أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون الميتة الّتي قتلها اللّه؟ فإنّك أولى بالحقّ منهم، لأنّك محقٌّ وهم مبطلون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: " {فلا ينازعنّك في الأمر} قال: الذّبح ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: " {فلا ينازعنّك في الأمر} فلا تتحام لحمك ".
وقوله: {وادع إلى ربّك} يقول تعالى ذكره: وادع يا محمّد منازعيك من المشركين باللّه في نسكك وذبحك إلى اتّباع أمر ربّك في ذلك بأن لا يأكلوا إلاّ ما ذبحوه بعد اتّباعك، وبعد التّصديق بما جئتهم به من عند اللّه، وتجنّبوا الذّبح للآلهة والأوثان، وتبرّوا منها، إنّك لعلى طريقٍ مستقيمٍ غير زائلٍ عن محجّة الحقّ، والصّواب في نسكك الّذي جعله لك ولأمّتك ربّك، وهم الضّلاّل على قصد السّبيل، لمخالفتهم أمر اللّه في ذبائحهم ومطاعمهم وعبادتهم الآلهة). [جامع البيان: 16/625-628]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد منسكا هم ناسكوه قال يعني به الدماء دماء الهدي). [تفسير مجاهد: 428]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن يونس الضّبّيّ، ثنا أبو عامرٍ العقديّ، ثنا زهير بن محمّدٍ العنبريّ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل بن أبي طالبٍ، عن عليّ بن الحسين رضي اللّه عنهما، {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه} [الحج: 67] قال: ذبحٌ هم ذابحوه). [المستدرك: 2/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم * وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال: الأمة ما بين الأربعين إلى المائة فصاعدا). [الدر المنثور: 10/521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن الحسين {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال: ذبحا هم ذابحوه، حدثني أبو رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ضحى: اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فإذا خطب وصلى ذبح احدهما ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ ثم أتى بالآخر فذبحه وقال: اللهم هذا عن محمد وآل محمد ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله منهما، فمكثنا سنتين قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد من بني هاشم يضحي). [الدر المنثور: 10/521-522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {هم ناسكوه} يعني هم ذابحوه {فلا ينازعنك في الأمر} يعني في أمر الذبائح). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال ذبحا هم ذابحوه). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {منسكا هم ناسكوه} قال: إهراقه دم الهدي). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا} قال: ذبحا وحجا). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فلا ينازعنك في الأمر} قول أهل الشرك، أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال: إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال: دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح). [الدر المنثور: 10/523]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون (68) اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإن جادلك يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه في نسكك، فقل: اللّه أعلم بما تعملون ونعمل.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وإن جادلوك} قال: " قول أهل الشّرك: أمّا ما ذبح اللّه للميتة فلا تأكلون منه، وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلالا. {فقل اللّه أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم). [جامع البيان: 16/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال: إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال: دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح). [الدر المنثور: 10/523] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن جريج {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم). [الدر المنثور: 10/523]
تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} يقول تعالى ذكره: واللّه يقضي بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه من أمر دينكم تختلفون، فتعلمون حينئذٍ أيّها المشركون المحقّ من المبطل). [جامع البيان: 16/629]
تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ألم تعلم يا محمّد أنّ اللّه يعلم كلّ ما في السّماوات السّبع والأرضين السّبع، لا يخفى عليه من ذلك شيءٌ، وهو حاكمٌ بين خلقه يوم القيامة، على علمٍ منه بجميع ما عملوه في الدّنيا، فمجاز المحسن منهم بإحسانه، والمسيء بإساءته. {إنّ ذلك في كتابٍ} يقول تعالى ذكره: إنّ علمه بذلك في كتابٍ، وهو أمّ الكتاب الّذي كتب فيه ربّنا جلّ ثناؤه قبل أن يخلق خلقه ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا مبشّر بن إسماعيل الحلبيّ، عن الأوزاعيّ، عن عبدة بن أبي لبابة، قال: " علم اللّه ما هو خالقٌ وما الخلق عاملون، ثمّ كتبه، ثمّ قال لنبيّه: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني مبشرٌ، عن أرطأة بن المنذر، قال: سمعت ضمرة بن حبيبٍ، يقول: " إنّ اللّه كان على عرشه على الماء، وخلق السّماوات والأرض بالحقّ، وخلق القلم فكتب به ما هو كائنٌ من خلقه، ثمّ إنّ ذلك الكتاب سبّح اللّه ومجّده ألف عامٍ، قبل أن يبدى شيئًا من الخلق ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سيّارٍ، عن ابن عبّاسٍ، " أنّه سأل كعب الأحبار عن أمّ الكتاب، فقال: علم اللّه ما هو خالقٌ وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتابًا ".
وكان ابن جريجٍ يقول في قوله: {إنّ ذلك في كتابٍ} ما؛
- حدّثنا به القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: " {إنّ ذلك في كتابٍ} قال: قوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} ".
وإنّما اخترنا القول الّذي قلنا في ذلك، لأنّ قوله: {إنّ ذلك} إلى قوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} أقرب منه إلى قوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} فكان إلحاق ذلك بما هو أقرب إليه أولى منه بما بعد.
وقوله: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} اختلف في ذلك، فقال بعضهم: معناه: إنّ الحكم بين المختلفين في الدّنيا يوم القيامة على اللّه يسيرٌ.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} قال: " حكمه يوم القيامة، ثمّ قال بين ذلك: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ} ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنّ كتاب القلم الّذي أمره اللّه أن يكتب في اللّوح المحفوظ ما هو كائنٌ على اللّه يسيرٌ، يعني: هيّنٌ.
وهذا القول الثّاني أولى بتأويل ذلك، وذلك أنّ قوله: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}. إلى قوله: {إنّ ذلك في كتابٍ} أقرب وهو له مجاورٌ من قوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة} متباعدٌ مع دخول قوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} بينهما؛ فإلحاقه بما هو أقرب أولى ما وجد للكلام، وهو كذلك مخرّجٌ في التّأويل صحيحٌ). [جامع البيان: 16/629-631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام وقال: للقلم - قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش - اكتب قال: ما أكتب قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع {إن ذلك} العلم {في كتاب} يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل أن يخلق السموات والأرضين {إن ذلك على الله يسير} يعني هين). [الدر المنثور: 10/523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سيفتح الله على أمتي بابا من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء ويكفيكم من ذلك أن تقولوا: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}.
وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعا مثله مرسلا). [الدر المنثور: 10/523-524]