العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:23 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (38) إلى الآية (41) ]

{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (39)
- الوقف والابتداء



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:24 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه يدافع عن الّذين آمنوا إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوانٍ كفورٍ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه يدفع غائلة المشركين عن الّذين آمنوا باللّه وبرسوله، إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوانٍ، يخون اللّه فيخالف أمره ونهيه، ويعصيه، ويطيع الشّيطان؛ {كفورٍ} يقول: جحودٍ لنعمه عنده، لا يعرف لمنعمها حقّه فيشكره عليها.
وقيل: إنّه عنى بذلك دفع اللّه كفّار قريشٍ عمّن كان بين أظهرهم من المؤمنين قبل هجرتهم). [جامع البيان: 16/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور). [الدر المنثور: 10/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد عز عاصم أنه قرأ {إن الله يدافع} بالألف ورفع الياء). [الدر المنثور: 10/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} قال: والله ما يضيع الله رجلا قط حفظ له دينه). [الدر المنثور: 10/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: إن الله لا يحب، قال: لا يقرب). [الدر المنثور: 10/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كل شيء في القرآن كفور يعني به الكفار). [الدر المنثور: 10/497]

تفسير قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة أذن للذين يقاتلون قال هي أول آية نزلت في القتال وأذن لهم أن يقاتلوا). [تفسير عبد الرزاق: 2/39]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان يقرأ أذن للذين يقتلون قال وهي أول آية نزلت في القتال). [تفسير عبد الرزاق: 2/39]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش في قوله: {أذن للذين يقاتلون} قال: هي أوّل آيةٍ نزلت في القتال [الآية: 39]). [تفسير الثوري: 214]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وإسحاق بن يوسف الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أخرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة، قال أبو بكرٍ: أخرجوا نبيّهم ليهلكنّ فأنزل اللّه تعالى {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} الآية فقال أبو بكرٍ: لقد علمت أنّه سيكون قتالٌ.
هذا حديثٌ حسنٌ.
وقد رواه غير واحدٍ عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ مرسلاً، وليس فيه عن ابن عبّاسٍ.
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: لمّا أخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم من مكّة قال رجلٌ: أخرجوا نبيّهم، فنزلت: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا، وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ (39) الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ} النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
- قال بشار: وهذان النصان ليسا من "سنن الترمذي"، إذ لم نجدهما في النسخ، أو الشروح، التي بين أيدينا، كما لم يذكرهما المزي في "تحفة الأشراف"، ولا استدركهما عليه المستدركون كالحافظين: العراقي، وابن حجر). [سنن الترمذي: 5/177]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}
- أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّد بن سلامٍ، حدّثنا إسحاق الأزرق، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " خرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من مكّة، قال أبو بكرٍ: أخرجوا نبيّهم، إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، لنهلكنّ، فنزلت {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ الله على نصرهم لقديرٌ} [الحج: 39]، فعرفت أنّه سيكون قتالٌ "، قال: قال ابن عبّاسٍ: فهي أوّل آيةٍ نزلت في القتال
- أخبرني زكريّا بن يحيى، حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، حدّثنا سلمويه أبو صالحٍ، أخبرنا عبد الله، عن يونس، عن الزّهريّ، قال: فكان أوّل آيةٍ نزلت في القتال كما أخبرني عروة، عن عائشة: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ الله على نصرهم لقديرٌ} [الحج: 39] إلى قوله {إنّ الله لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 40] ثمّ أذن بالقتال في آيٍ كثيرٍ من القرآن). [السنن الكبرى للنسائي: 10/191-192]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ}.
يقول تعالى ذكره: أذن اللّه للمؤمنين الّذين يقاتلون المشركين في سبيله بأنّ المشركين ظلموهم بقتالهم.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة، " أذن " بضمّ الألف، يقاتلون بفتح التّاء بترك تسمية الفاعل في {أذن} و{يقاتلون} جميعًا.
وقرأ ذلك بعض الكوفيّين، وعامّة قرّاء البصرة: ( أذن ) بترك تسمية الفاعل، و( يقاتلون ) بكسر التّاء، بمعنى يقاتل المأذون لهم في القتال المشركين.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين، وبعض المكّيّين: ( أذن ) بفتح الألف، بمعنى: أذن اللّه، و( يقاتلون ) بكسر التّاء، بمعنى: إنّ الّذين أذن اللّه لهم بالقتال يقاتلون المشركين.
وهذه القراءات الثّلاث متقاربات المعنى؛ لأنّ الّذين قرءوا {أذن} على وجه ما لم يسمّ فاعله، يرجع معناه في التّأويل إلى معنى قراءة من قرأه على وجه ما سمّي فاعله. وإنّ من قرأ {يقاتلون}، و( يقاتلون ) بالكسر، أو الفتح، فقريبٌ معنى أحدهما من معنى الآخر، وذلك أنّ من قاتل إنسانًا، فالّذي قاتله له مقاتلٌ، وكلّ واحدٍ منهما مقاتلٌ.
فإذ كان ذلك كذلك، فبأيّة هذه القراءات قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب. غير أنّ أحبّ ذلك إليّ أن أقرأ به: ( أذن ) بفتح الألف، بمعنى: أذن اللّه، لقرب ذلك من قوله: {إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوانٍ كفورٍ} إذن اللّه في الّذين لا يحبّهم للّذين يقاتلونهم بقتالهم، فيردّ ( أذن ) على قوله: {إنّ اللّه لا يحبّ} وكذلك أحبّ القراءات إليّ في ( يقاتلون ) كسر التّاء، بمعنى: الّذين يقاتلون من قد أخبر اللّه عنهم أنّه لا يحبّهم، فيكون الكلام متّصلاً معنى بعضه ببعضٍ.
وقد اختلف في الّذين عنوا بالإذن لهم بهذه الآية في القتال، فقال بعضهم: عني به: نبيّ اللّه وأصحابه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} " يعني محمّدًا وأصحابه إذ أخرجوا من مكّة إلى المدينة؛ يقول اللّه: {وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} وقد فعل ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: " لمّا خرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة قال رجلٌ: أخرجوا نبيّهم فنزلت: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} الآية، {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ} النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه ".
- حدّثنا يحيى بن داود الواسطيّ، قال: حدّثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا خرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة قال أبو بكرٍ: أخرجوا نبيّهم، إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ليهلكنّ قال ابن عبّاسٍ: فأنزل اللّه: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} قال أبو بكرٍ: فعرفت أنّه سيكون قتالٌ. وهي أوّل آيةٍ نزلت " قال ابن داود: قال ابن إسحاق: كانوا يقرءون: {" أذن "} ونحن نقرأ: " أذن ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا إسحاق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا خرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ ذكر نحوه، إلاّ أنّه قال: فقال أبو بكرٍ: قد علمت أنّه يكون قتالٌ. وإلى هذا الموضع انتهى حديثه، ولم يزد عليه ".
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ قال: حدّثنا محمّد بن يوسف قال: حدّثنا قيس بن الرّبيع، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: " لمّا خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة قال أبو بكرٍ: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، أخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، واللّه ليهلكنّ جميعًا فلمّا نزلت: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}. إلى قوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ} عرف أبو بكرٍ أنّه سيكون قتالٌ ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} قال: " أذن لهم في قتالهم بعد ما عفا عنهم عشر سنين. وقرأ: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ} وقال: هؤلاء المؤمنون ".
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ}.
وقال آخرون: بل عني بهذه الآية قومٌ بأعيانهم كانوا خرجوا من دار الحرب يريدون الهجرة، فمنعوا من ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} قال: " ناسٌ مؤمنون خرجوا مهاجرين من مكّة إلى المدينة، فكانوا يمنعون، فأذن اللّه للمؤمنين بقتال الكفّار، فقاتلوهم ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} قال: " ناسٌ من المؤمنين خرجوا مهاجرين من مكّة إلى المدينة، وكانوا يمنعون، فأدركهم الكفّار، فأذن للمؤمنين بقتال الكفّار، فقاتلوهم. قال ابن جريجٍ: يقول: أوّل قتالٍ أذن اللّه به للمؤمنين ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: " في حرف ابن مسعودٍ: (أذن للّذين يقاتلون في سبيل اللّه) قال قتادة: وهي أوّل آيةٍ نزلت في القتال، فأذن لهم أن يقاتلوا ".
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} قال: " هي أوّل آيةٍ أنزلت في القتال، فأذن لهم أن يقاتلوا ".
وقد كان بعضهم يزعم أنّ اللّه إنّما قال: أذن للّذين يقاتلون بالقتال من أجل أنّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كانوا استأذنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قتل الكفّار إذ آذوهم واشتدّوا عليهم بمكّة قبل الهجرة غيلةً سرًّا؛ فأنزل اللّه في ذلك: {إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوانٍ كفورٍ} فلمّا هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة، أطلق لهم قتلهم وقتالهم، فقال: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}. وهذا قولٌ ذكر عن الضّحّاك بن مزاحمٍ من وجه غير ثبتٍ.
وقوله: {وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} يقول جلّ ثناؤه: وإنّ اللّه على نصر المؤمنين الّذين يقاتلون في سبيل اللّه لقادرٌ، وقد نصرهم فأعزّهم، ورفعهم، وأهلك عدوّهم، وأذلّهم بأيديهم). [جامع البيان: 16/571-577]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أذن للذين يقاتلون قال خرج ناس مؤمنون مهاجرون من مكة إلى المدينة فاتبعهم كفار قريش فأذن الله لهم في قتالهم فأنزل الله عز وجل أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا فقاتلوهم). [تفسير مجاهد: 426]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه كان يقرؤها: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} [الحج: 39] قال: «هي أوّل آيةٍ نزلت في القتال» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/422]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لمّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكّة، قال أبو بكر: آذوا نبيّهم حتى خرج، ليهلكنّ فأنزل الله تعالى {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} [الحج: 39] فقال أبو بكرٍ: لقد علمت أنه سيكون قتالٌ. هذه رواية الترمذي.
وفي رواية النسائي قال: لمّا أخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيّهم، إنّا لله وإنا إليه راجعون، فنزلت {أذن للّذين يقاتلون... } الآية. فعرفت أنه سيكون قتالٌ. قال ابن عباسٍ: هي أوّل آيةٍ نزلت في القتال). [جامع الأصول: 2/243-244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير.
أخرج عبد الرزاق وأحمد، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي، وابن ماجة والبزار، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: لما خرج النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن القوم فنزلت {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية، وكان ابن عباس يقرأها {آذن} قال أبو بكر: فعملت أنه سيكون قتال، قال ابن عباس: وهي أول آية نزلت في القتال). [الدر المنثور: 10/497-498]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال: خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة إلى المدينة فاتبعهم كفار قريش فأذن لهم في قتالهم فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية، فقاتلوهم). [الدر المنثور: 10/498]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أن أول آية أنزلت في القتال حين ابتلى المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم ليفتنوهم عن الإسلام وأخرجوهم من ديارهم وتظاهروا عليهم فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية، وذلك حين أذن الله لرسوله بالخروج وأذن لهم بالقتال). [الدر المنثور: 10/498]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن أبي هريرة قال: كانت أول آية نزلت في القتال {أذن للذين يقاتلون} ). [الدر المنثور: 10/498]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أذن للذين يقاتلون} قال: أذن لهم في قتالهم بعدما عفى عنهم عشر سنين). [الدر المنثور: 10/498]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أذن للذين يقاتلون} قال النّبيّ: صلى الله عليه وسلم - وأصحابه {بأنهم ظلموا} يعني ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم من ديارهم). [الدر المنثور: 10/498-499]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال: أشرف عليهم عثمان من القصر فقال: ائتوني برجل قارئ كتاب الله فأتوه بصعصعة بن صوحان فتكلم بكلام فقال: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} فقال له عثمان: كذبت ليست لك ولا لأصحابك ولكنها لي ولأصحابي). [الدر المنثور: 10/499]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله لهدمت صوامع قال هي للصابئين وبيع للنصارى وصلوات قال كنائس اليهود والمساجد مساجد المسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرا). [تفسير عبد الرزاق: 2/39]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وإسحاق بن يوسف الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أخرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة، قال أبو بكرٍ: أخرجوا نبيّهم ليهلكنّ فأنزل اللّه تعالى {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} الآية فقال أبو بكرٍ: لقد علمت أنّه سيكون قتالٌ.
هذا حديثٌ حسنٌ.
وقد رواه غير واحدٍ عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ مرسلاً، وليس فيه عن ابن عبّاسٍ.
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: لمّا أخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم من مكّة قال رجلٌ: أخرجوا نبيّهم، فنزلت: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا، وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ (39) الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ} النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
- قال بشار: وهذان النصان ليسا من "سنن الترمذي"، إذ لم نجدهما في النسخ، أو الشروح، التي بين أيدينا، كما لم يذكرهما المزي في "تحفة الأشراف"، ولا استدركهما عليه المستدركون كالحافظين: العراقي، وابن حجر). [سنن الترمذي: 5/177] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلاّ أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لّهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ}.
يقول تعالى ذكره: أذن للّذين يقاتلون {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ} فـ ( الّذين ) الثّانية ردٌّ على ( الّذين ) الأولى. وعنى بالمخرجين من دورهم: المؤمنين الّذين أخرجهم كفّار قريشٍ من مكّة. وكان إخراجهم إيّاهم من دورهم وتعذيبهم بعضهم على الإيمان باللّه ورسوله، وسبّهم بعضهم بألسنتهم، ووعيدهم إيّاهم، حتّى اضطرّوهم إلى الخروج عنهم. وكان فعلهم ذلك بهم غير حقٍّ؛ لأنّهم كانوا على باطلٍ، والمؤمنون على الحقّ، فلذلك قال جلّ ثناؤه: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ}.
وقوله: {إلاّ أن يقولوا ربّنا اللّه} يقول تعالى ذكره: لم يخرجوا من ديارهم إلاّ بقولهم: ربّنا اللّه وحده لا شريك له فـ ( أن ) في موضع خفضٍ ردًّا على الباء في قوله: {بغير حقٍّ} وقد يجوز أن تكون في موضع نصبٍ على وجه الاستثناء.
وقوله: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولولا دفع اللّه المشركين بالمسلمين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} " دفع المشركين بالمسلمين ".
وقال آخرون: معنى ذلك: ولولا القتال والجهاد في سبيل اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} قال " لولا القتال والجهاد ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولولا دفع اللّه بأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عمّن بعدهم من التّابعين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا إبراهيم بن سعيدٍ، قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، عن سيف بن عمرٍ، عن أبي روقٍ، عن ثابت بن عوسجة الحضرميّ، قال: حدّثني سبعةٌ وعشرون من أصحاب عليٍّ، وعبد اللّه، منهم لاحق بن الأقمر، والعيزار بن جرولٍ، وعطيّة القرظيّ، أنّ عليًّا رضي اللّه عنه قال: " إنّما أنزلت هذه الآية في أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} لولا دفاع اللّه بأصحاب محمّدٍ عن التّابعين {لهدّمت صوامع وبيعٌ} ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لولا أنّ اللّه يدفع بمن أوجب قبول شهادته في الحقوق تكون لبعض النّاس على بعضٍ عمّن لا يجوز قبول شهادته وغيره، فأحيا بذلك مال هذا، ويوقى بسبب ذلك هذا إراقة دم هذا، وتركوا المظالم من أجله، لتظالم النّاس فهدّمت صوامع.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} يقول: " دفع بعضهم بعضًا في الشّهادة، وفي الحقّ، وفيما يكون من قبل هذا. يقول: لولاهم لأهلكت هذه الصّوامع وما ذكر معها ".
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر أنّه لولا دفاعه النّاس بعضهم ببعضٍ، لهدّم ما ذكر، من دفعه تعالى ذكره بعضهم ببعضٍ، وكفّه المشركين بالمسلمين عن ذلك؛ ومنه كفّه ببعضهم التّظالم، كالسّلطان الّذي كفّ به رعيّته عن التّظالم بينهم؛ ومنه كفّه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم عن الذّهاب بحقّ من له قبله حقٌّ، ونحو ذلك. وكلّ ذلك دفعٌ منه النّاس بعضهم عن بعضٍ، ولولا ذلك لتظالموا، فهدّم القاهرون صوامع المقهورين، وبيعهم، وما سمّى جلّ ثناؤه. ولم يضع اللّه تعالى دلالةً في عقلٍ على أنّه عنى من ذلك بعضًا دون بعضٍ، ولا جاء بأنّ ذلك كذلك خبرٌ يجب التّسليم له، فذلك على الظّاهر والعموم، على ما قد بيّنته قبل، لعموم ظاهر ذلك جميع ما ذكرنا.
وقوله: {لهدّمت صوامع} اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بالصّوامع، فقال بعضهم: عني بها صوامع الرّهبان.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن رفيعٍ، في هذه الآية: {لهدّمت صوامع} قال: " صوامع الرّهبان ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لهدّمت صوامع} قال: " صوامع الرّهبان ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {لهدّمت صوامع} قال: " صوامع الرّهبان ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لهدّمت صوامع} قال: " صوامع الرّهبان ".
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: في قوله: {لهدّمت صوامع} " وهي صوامع الصّغار، يبنونها ".
وقال آخرون: بل هي صوامع الصّابئين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {صوامع} قال: " هي للصّابئين ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {لهدّمت}. فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة: ( لهدمت ) خفيفةً.
وقرأته عامّة قرّاء أهل الكوفة والبصرة: {لهدّمت} بالتّشديد، بمعنى تكرير الهدم فيها مرّةً بعد مرّةٍ.
والتّشديد في ذلك أعجب القراءتين إليّ. لأنّ ذلك من أفعال أهل الكفر كذلك.
وأمّا قوله {وبيعٌ} فإنّه يعني بها: بيع النّصارى.
وقد اختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم مثل الّذي قلنا في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن رفيعٍ: {وبيعٌ} قال: " بيع النّصارى ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وبيعٌ} " للنّصارى ".
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: " البيع: بيع النّصارى ".
وقال آخرون: عني بالبيع في هذا الموضع: كنائس اليهود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث،. قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: {وبيعٌ} قال: " وكنائس ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وبيعٌ} قال: " البيع للكنائس ".
قوله: {وصلواتٌ} اختلف أهل التّأويل في معناه، فقال بعضهم: عني بالصّلوات الكنائس.
ذكر من قال ذلك:
- وحدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وصلواتٌ} قال: " يعني بالصّلوات: الكنائس ".
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وصلواتٌ "} كنائس اليهود، ويسمّون الكنيسة صلوتا ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: " {وصلواتٌ} كنائس اليهود ".
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: عنى بالصّلوات مساجد الصّابئين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، قال: سألت أبا العالية عن الصّلوات،، قال: " هي مساجد الصّابئين ".
- قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن رفيعٍ، نحوه.
وقال آخرون: هي مساجد للمسلمين، ولأهل الكتاب بالطّرق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وصلواتٌ} قال: " مساجد لأهل الكتاب، ولأهل الإسلام بالطّرق ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وصلواتٌ} قال: " الصّلوات صلوات أهل الإسلام، تنقطع إذا دخل العدوّ عليهم، انقطعت العبادة، والمساجد تهدّم، كما صنع بختنصّر ".
وقوله: {ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} اختلف في المساجد الّتي أريدت بهذا القول، فقال بعضهم: أريد بذلك مساجد المسلمين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن رفيعٍ، قوله: {ومساجد} قال: " مساجد المسلمين ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} قال: " المساجد: مساجد المسلمين، يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، نحوه.
وقال آخرون: عني بقوله: {ومساجد} الصوامع والبيع والصّلوات.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {ومساجد} " يقول في كلّ هذا يذكر اسم اللّه كثيرًا، ولم يخصّ المساجد ".
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: الصّلوات لا تهدّم، ولكن حمله على فعلٍ آخر، كأنّه قال: وتركت صلواتٌ.
وقال بعضهم: إنّما يعني: مواضع الصّلوات.
وقال بعضهم: إنّما هي صلواتٌ، وهي كنائس اليهود، تدعى بالعبرانيّة: صلوتا.
وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: لهدّمت صوامع الرّهبان، وبيع النّصارى، وصلوات اليهود، وهي كنائسهم، ومساجد المسلمين الّتي يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا.
وإنّما قلنا هذا القول أولى بتأويل ذلك؛ لأنّ ذلك هو المعروف في كلام العرب المستفيض فيهم، وما خالفه من القول وإن كان له وجهٌ فغير مستعملٍ فيما وجّهه إليه من وجّهه إليه.
وقوله: {ولينصرنّ اللّه من ينصره} يقول تعالى ذكره: وليعيننّ اللّه من يقاتل في سبيله، لتكون كلمته العليا على عدوّه؛ فنصر اللّه عبده: معونته إيّاه، ونصر العبد ربّه: جهاده في سبيله، لتكون كلمته العليا.
وقوله: {إنّ اللّه لقويّ عزيزٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه لقويّ على نصر من جاهد في سبيله من أهل ولايته وطاعته، عزيزٌ في ملكه، يقول: منيعٌ في سلطانه، لا يقهره قاهرٌ، ولا يغلبه غالبٌ). [جامع البيان: 16/577-587]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض يقول يدفع بعضهم بعضا في الشهادة وفي الحق وفي مثل هذا يقول لولا هذا لأهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها). [تفسير مجاهد: 426-427]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الصوامع صوامع الرهبان والبيع والكنائس والصلوات والمساجد لأهل الكتاب وأهل الإسلام بالطريق). [تفسير مجاهد: 427]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور * وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {الذين أخرجوا من ديارهم} أي من مكة إلى المدينة {بغير حق} يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه). [الدر المنثور: 10/499]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عثمان بن عفان قال: فينا نزلت هذه الآية {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} والآية بعدها أخرجنا من ديارنا {بغير حق} ثم مكنا في الأرض فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر فهي لي ولأصحابي). [الدر المنثور: 10/499]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ثابت بن عوسجة الخضيري قال: حدثني سبعة وعشرون من أصحاب علي وعبد الله منهم لاحق بن الأقمر والعيزار بن جرول وعطية القرظي أن عليا قال: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب محمد {ولولا دفع الله الناس} قال: لولا دفع الله بأصحاب محمد عن التابعين لهدمت صوامع). [الدر المنثور: 10/499-500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {ولولا دفع الله الناس} بغير الألف). [الدر المنثور: 10/500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {ولولا دفع الله الناس}، قال: لولا القتال والجهاد). [الدر المنثور: 10/500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية، قال: دفع المشركون بالمسلمين). [الدر المنثور: 10/500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق وفيما يكون مثل هذا يقول: لولا هذا لهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها). [الدر المنثور: 10/500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لهدمت صوامع}، قال: الصوامع التي تكون فيها الرهبان والبيع مساجد اليهود وصلوات كنائس النصارى والمساجد مساجد المسلمين). [الدر المنثور: 10/500-501]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس قال: البيع بيع النصارى وصلوات كنائس اليهود). [الدر المنثور: 10/501]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: صلوات كنائس اليهود يسمون الكنيسة صلاة). [الدر المنثور: 10/501]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري أنه قرأ {وصلوات} قال: الصلوات دون الصوامع، قال: وكيف تهدم الصلاة). [الدر المنثور: 10/501]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال: البيع بيع النصارى والصلوات: بيع صغار للنصارى). [الدر المنثور: 10/501]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال: صوامع الرهبان وبيع النصارى وصلوات مساجد الصابئين: يسمونها بصلوات). [الدر المنثور: 10/501]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {صوامع} قال: هي للصابئين وبيع للنصارى وصلوات كنائس اليهود ومساجد للمسلمين). [الدر المنثور: 10/501-502]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية، قال: الصوامع صوامع الرهبان وبيع كنائس وصلوات ومساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطرق). [الدر المنثور: 10/502]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: وصلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدو، تنقطع العبادة من المساجد). [الدر المنثور: 10/502]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {يذكر فيها اسم الله كثيرا} يعني في كل مما ذكر من الصوامع، والصلوات والمساجد يقول: في كل هذا يذكر اسم الله ولم يخص المساجد). [الدر المنثور: 10/502]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة الآية قال هذه الأمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/38]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور}.
يقول تعالى ذكره: أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا، الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة. و{الّذين} هاهنا ردٌّ على {الّذين يقاتلون}
ويعني بقوله: {إن مكّنّاهم في الأرض} إن وطّأنّا لهم في البلاد، فقهروا المشركين، وغلبوهم عليها، وهم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. يقول: إن نصرناهم على أعدائهم، وقهروا مشركي مكّة، أطاعوا اللّه، فأقاموا الصّلاة بحدودها. {وآتوا الزّكاة} يقول: وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها اللّه له. {وأمروا بالمعروف} يقول: ودعوا النّاس إلى توحيد اللّه والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان باللّه {ونهوا عن المنكر} يقول: ونهوا عن الشّرك باللّه والعمل بمعاصيه، الّذي ينكره أهل الحقّ والإيمان باللّه. {وللّه عاقبة الأمور} يقول: وللّه آخر أمور الخلق، يعني: أنّ إليه مصيرها في الثّواب عليها، والعقاب في الدّار الآخرة.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسين الأشيب، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ عيسى بن ماهان الّذي يقال له الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، في قوله: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر} قال: " كان أمرهم بالمعروف أنّهم دعوا إلى الإخلاص للّه وحده لا شريك له؛ ونهيهم عن المنكر أنّهم نهوا عن عبادة الأوثان، وعبادة الشّيطان " قال: " فمن دعا إلى اللّه من النّاس كلّهم فقد أمر بالمعروف، ومن نهى عن عبادة الأوثان، وعبادة الشّيطان، فقد نهى عن المنكر "). [جامع البيان: 16/587-588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 10/502]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: هم الولاة). [الدر المنثور: 10/502]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله: {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: أرض المدينة {أقاموا الصلاة} قال: المكتوبة، {وآتوا الزكاة} قال: المفروضة {وأمروا بالمعروف} بلا اله إلا الله {ونهوا عن المنكر} قال: الشرك بالله {ولله عاقبة الأمور} قال: وعند الله ثواب ما صنعوا). [الدر المنثور: 10/502-503]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية، قال: كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الله وحده وعبادته لا شريك له وكان نهيهم أنهم نهوا عن عبادة الشيطان، وعبادة الأوثان). [الدر المنثور: 10/503]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: هذا شرط الله على هذه الأمة والله أعلم). [الدر المنثور: 10/503]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:26 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ اللّه يدافع عن الّذين آمنوا} [الحج: 38] تفسير الحسن يدافع عنهم فيعصمهم من الشّيطان في دينهم.
سعيدٌ عن قتادة قال: واللّه ما ضيّع اللّه رجلًا بشيءٍ حفظ له دينه.
قوله: {إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوّانٍ كفورٍ} [الحج: 38]
أبو الأشهب عن الحسن في قوله: {إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلومًا جهولا {72} ليعذّب اللّه المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} [الأحزاب: 72-73] قال: هما اللّذان ظلماها، هما اللّذان خاناها: المنافق والمشرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/380]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ اللّه يدافع...}

و(يدفع) وأكثر القراء على (يدافع) وبه أقرأ. وقرأ أبو عبد الرحمن السّلمي (يدافع)، (ولولا دفاع الله) وكلّ صواب). [معاني القرآن: 2/227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ اللّه يدافع عن الّذين آمنوا إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوّان كفور}
ويدفع عن الذين آمنوا.
هذا يدل على النصر من عنده، أي فإذا دفعتم، أي فإذا فعلتم هذا، وخالفتم الجاهلية فيما تفعلونه في نحرهم.
وإشراكهم بالله، فإنّ اللّه يدفع عن حزبه.
وقوله: {كلّ خوّان كفور}.
(خوّان) فعّال من الخيانة، أي من ذكر اسم غير الله وتقرّب إلى الأصنام بذبيحته فهو خوّان كفور.
والبدن قيل إنها الإبل خاصّة، وقيل إنها الإبل والبقر، ولا أعلم أحدا قال: إن الشاء داخلة فيها، فأمّا من قال إنها الإبل والبقر فهم أكبر فقهاء الأمصار، ولكن الاستعمال في السّياقة إلى البيت الإبل فلذلك قال من قال إنها - الإبل). [معاني القرآن: 3/429]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}
وعدهم جل وعز النصر ثم أخبرهم أنه لا يحب من ذكر غير اسمه على الذبيحة فقال إن الله لا يحب كل خوان كفور
و{خوان} فعال من الخيانة). [معاني القرآن: 4/415]

تفسير قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} [الحج: 39] وهي قراءة أبيّ بن كعبٍ: أذن للّذين يقاتلون في سبيل اللّه بأنّهم ظلموا، ظلمهم المشركون وأخرجوهم من ديارهم، يعني من مكّة في تفسير مجاهدٍ.
خرجوا من مكّة إلى المدينة مهاجرين وكانوا يمنعون من الخروج إلى المدينة، فأدركهم المشركون فأذن للمؤمنين بقتالهم فقاتلوهم.
قال يحيى: وكان من كان يومئذٍ بمكّة من المسلمين قد وضع اللّه عنهم القتال فهو قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} [الحج: 39].
وهذا تفسير قتادة.
قال قتادة: أذن لهم بالقتال بعد ما أخرجهم المشركون وشرّدوا حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة). [تفسير القرآن العظيم: 1/380]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله:
{أذن للّذين يقاتلون...}

{يقاتلون} ومعناه: أذن الله للذين يقاتلون أن يقاتلوا هذا إذ أنزلت {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقرئت {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} والمعنى إذن لهم أن يقاتلوا وكلٌّ صواب). [معاني القرآن: 2/227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقدير}
ويقرأ (أذن للّذين يقاتلون)، ويقرأ (أذن للّذين يقاتلون) ويقاتلون.
والمعنى أذن للذين يقاتلون أن يقاتلوا.
ويروى أنّها أول آية نزلت في القتال.
{بأنّهم ظلموا} أي أذن لهم أن يقاتلوا بسبب ما ظلموا
وقوله: {وإنّ اللّه على نصرهم لقدير}.
وعدهم الله النصر، ولا يجوز أن يقرأ و " أنّ " اللّه - بفتح أنّ، ولا بين أهل اللغة خلاف في أن هذا لا يجوز لأن " أنّ " إذا كانت معها اللام لم تفتح أبدا). [معاني القرآن: 3/430]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}
في الكلام حذف والمعنى أذن للذين يقاتلون أن يقاتلوا
وروى الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه قرأ أذن بفتح الهمزة يقاتلون بكسر التاء وقال هي أول آية نزلت في القتال لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة).
[معاني القرآن: 4/416]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلا أن يقولوا ربّنا اللّه} [الحج: 40] قال قتادة: لمّا قال المسلمون: لا إله إلا اللّه، أنكرها المشركون وضاقها إبليس وجنوده.
وقال الحسن: ما سفكوا لهم من دمٍ، ولا أخذوا لهم من مالٍ، ولا قطعوا لهم من رحمٍ وإنّما أخرجوهم لأنّهم قالوا: ربّنا اللّه كقوله: {وما نقموا منهم إلا أن
[تفسير القرآن العظيم: 1/380]
يؤمنوا باللّه العزيز الحميد} [البروج: 8] قوله: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} [الحج: 40] يدفع عن المؤمنين بدينهم ويدفع عن الكافرين بالمؤمنين.
وقال قتادة: يبتلى المؤمن بالكافر، ويعافى الكافر بالمؤمن.
قال: {لهدّمت صوامع} [الحج: 40] قال مجاهدٌ: صوامع للرّهبان.
وقال قتادة: الصّوامع للصّابئين.
{وبيعٌ} [الحج: 40] للنّصارى، يعني كنائس النّصارى.
{وصلواتٌ} [الحج: 40] الصّلوات لليهود يعني كنائسهم.
{ومساجد} [الحج: 40] فيها مساجد المسلمين.
قوله: {يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} [الحج: 40] يعني المساجد.
قوله: {ولينصرنّ اللّه من ينصره} [الحج: 40] يعني من ينصر دينه.
النّصر في الدّنيا والحجّة في الآخرة.
{إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 40] في نقمته). [تفسير القرآن العظيم: 1/381]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ...}

يقول لم يخرجوا إلاّ بقولهم: لا إله إلا الله. فإن شئت جعلت قوله: {لاّ أن يقولوا ربّنا اللّه} في موضع خفضٍ تردّه على الباء في (بغير حقٍّ) وإن شئت جعلت (أن) مستثناةً؛ كما قال {إلاّ ابتغاء وجه ربّه الأعلى}.
وقوله: {لّهدّمت صوامع وبيعٌ} وهي مصلّى النصارى والصوامع للرهبان وأما الصلوات فهي كنائس اليهود والمساجد (مساجد الإسلام) ومعنى التهديم أن الله قال قبل ذلك {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} يدفع بأمره وأتباعه عن دين كل نبيّ؛ إلى أن بعث الله محمّد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/227]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلاّ أن يقولوا ربّنا الله} مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك:
إلا أنهم يقولون الحق). [مجاز القرآن: 2/52]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ} مجازها مصليات). [مجاز القرآن: 2/52]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلاّ أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لّهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيراً ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ}
وقال: {لّهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد} فالصّلوات لا تهدم ولكن حمله على فعل آخر كأنه قال "وتركت صلواتٌ" وقال بعضهم: "إنّما يعني مواضع الصلوات" وقال رجل من رواة الحسن {صلوتٌ} وقال: "هي كنائس اليهود تدعى بالعبرانية "صلوثا" فهذا معنى الصلوات فيما فسروا".
وقال: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} لأنّ {بعضهم} بدل من {الناس} ). [معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد}: قالوا الصلوات في هذا الموضع مصلى الراهب). [غريب القرآن وتفسيره: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لهدّمت صوامع} للصّابئين.
{وبيعٌ} للنّصاري.
{وصلواتٌ} يريد بيوت صلوات، يعني كنائس اليهود.
{ومساجد} للمسلمين. هذا قول قتادة وقال: الأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن، فالصابئون: قوم يعبدون الملائكة، ويصلون للقبلة ويقرأون الزّبور. والمجوس: يعبدون الشمس والقمر، والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. واليهود، والنصارى). [تفسير غريب القرآن: 294-293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} فالصلوات لا تهدّم، وإنما أراد بيوت الصلوات.
قال المفسرون: الصوامع للصّابئين، والبيع للنّصارى، والصلوات: كنائس اليهود، والمساجد للمسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلّا أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويّ عزيز }
(الذين) في موضع جر، المعنى " أذن للذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا اللّه "
" أن " في موضع جر، المعنى أخرجوا بلا حقّ، إلّا بقولهم ربّنا اللّه أي لم يخرجوا إلا بأن وحدوا اللّه، فأخرجتهم عبدة الأوثان لتوحيدهم.
وقوله.: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع}.
المعنى: ولولا أن دفع اللّه بعض الناس ببعض لهدّمت صوامع.
وتقرأ (لهدمت) وهي صوامع الرهبان.
{وبيع وصلوات ومساجد}.
والبيع بيع النصارى، والصّلوات كنائس اليهود، وهي بالعبرانية صلوتا،
وقرئت صلاة ومساجد، وقيل إنها موضع صلوات الصّابئين.
وتأويل هذا: لولا أن الله - عزّ وجل - دفع بعض الناس ببعض لهدّم في شريعة كلّ نبيّ المكان الّذي كان يصلّي فيه، فكان لولا الدفع لهدم في زمن موسى عليه السلام الكنائس التي كان يصلي فيها في شريعته، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع، وفي زمن محمد - صلى الله عليه وسلم - المساجد.
وقوله.: {ولينصرنّ اللّه من ينصره} أي من أقام شريعة من شرائعه، نصر على إقامة ذلك، إلا أنّه لا يقام في شريعة نبيّ إلّا ما أتي به ذلك النبي وينتهى عما نهى عنه).
[معاني القرآن: 3/431-430]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق}
روى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو النبي صلى الله عليه وسلم ومن خرج معه من مكة
ثم قال جل وعز: {إلا أن يقولوا ربنا الله}
هذا عند سيبويه استثناء ليس من الأول
وقال غيره المعنى إلا بأن يقولوا ربنا الله على البدل). [معاني القرآن: 4/417-416]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا}
حدثنا سعيد بن موسى بـ «قرقيسياء» قال حدثنا مخلد بن مالك عن محمد بن سلمة عن خصيف قال
أما الصوامع فصوامع الرهبان
وأما البيع فكنائس النصارى
وأما الصلوات فكنائس اليهود
وأما المساجد فمساجد المسلمين
قال أبو جعفر والمعنى على هذا لولا أن الله جل وعز يدفع بعض الناس ببعض لهدم في وقت كل نبي المصليات التي يصلي فيها
وقيل يذكر فيها اسم الله كثيرا راجع إلى المساجد خاصة هذا قول قتادة
فأما قوله: {وصلوات} والصلوات لا تهدم ففيه ثلاثة أقوال :
قال الحسن هدمها تركها
قال الأخفش هو على إضمار أي وتركت صلوات
وقال أبو حاتم هو إن شاء الله بمعنى موضع صلوات
وروي عن عاصم الجحدري أنه قرأ وصلوب بالباء المعجمة من تحت
وروي عنه أنه قرأ وصلوت بضم الصاد والتاء معجمة بنقطتين وقال هي للنصارى
وروي عن الضحاك أنه قرأ وصلوث بالثأء معجمة ولا أدري أفتح الصاد أم ضمها
إلا أن الحسن قال وصلوات هم كنائس اليهود وهي بالعبرانية صلوثا). [معاني القرآن: 4/419-417]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَوَامِعُ}: للصابئين. {وبِيَعٌ}: للنصارى، {وصَلَوَاتٌ}: أي: بيوت صلوات
يعني كنائس اليهود، {ومَسَاجِدُ}: للمسلمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَلَـوَات}: مصلى الراهب). [العمدة في غريب القرآن: 213]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض} [الحج: 41] يعني أصحاب النّبيّ.
{أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف} [الحج: 41] بعبادة اللّه.
{ونهوا عن المنكر} [الحج: 41] عن عبادة الأوثان.
{وللّه عاقبة الأمور} [الحج: 41] إليه تصير الأمور كقوله: {إنّا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون} [مريم: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(وكقوله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: مكنّا لهم.

والعرب تقول: عددتك مائة، أي عددت لك، وأستغفر الله ذنبي.
قال الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لستُ محصيَهُ = ربَّ العبادِ إليهِ الوجهُ والعملُ
وشبعت خبزا ولحما، وشربت ورويت ماء ولبنا وتعرّضت معروفك، ونزلتك ونأيتك، وبتّ القوم، وغاليت السلعة، وثويت البصرة وسرقتك مالا، وسعيت القوم، واستجبتك.
قال الشاعر:
وداعٍ دعا يا من يجيب إلى النَّدى = فلم يستجبْهُ عند ذاكَ مجيبُ
وقوله جل وعزّ: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. أي: مسؤولا عنه.
قال أبو عبيدة: يقال: (لتسألنّ عهدي) أي عن عهدي). [تأويل مشكل القرآن: 229-230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور}
(الذين) في موضع نصب على تفسير من، المعنى ولينصرن اللّه من ينصره ثم بين صفة ناصريه فقال:
{الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}.
فصفة حزب اللّه الذين يوحدونه، إقامة الصلاة، وإيتاء الزّكاة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهما واجبان كوجوب الصلاة والزكاة أعني الأمر بالمعروف والّنهي عن المنكر).
[معاني القرآن: 3/431]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة}
قال الحسن هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وقال ابن أبي نجيح هم الولاة
قال أبو جعفر الذين بدل من من والمعنى ولينصرن الله الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة). [معاني القرآن: 4/420-419]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:27 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) }

تفسير قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وروى أبو سوقة التميمي عن أبيه عن جدّه عن أبي الأغرّ التميمي قال: بينا أنا واقف بصفّين مر بي العباس بن ربيعة مكفّرًا بالسلاح وعيناه تبصّان من تحت المغفر كأنهما عينا أرقم وبيده صفيحة له وهو على فرس له صعب يمنعه ويليّن من عريكته إذ هتف به هم تف من أهل الشأم يقال له عرار بن أدهم: يا عباس هلمّ إلى البراز. قال العباس: فالنزول إذًا فإنه إياسٌ من القفول. فنزل الشأمي وهو يقول:
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا = أو تنزلون فإنّا معشر نزل
وثنى العباس وركه فنزل وهو يقول:

وتصدّ عنك مخيلة الرجل الـ = عرّيض موضحةٌ عن العظم
بحسام سيفك أو لسانك وال = كلم الأصيل كأرغب الكلم
ثم غضن فضلات درعه في حجزته ودفع قوسه إلى غلام له أسود يقال له: أسلم، كأني أنظر إلى فلائل شعره، ثم دلف كلّ واحد منهما إلى صاحبه فذكرت بهما قول أبي ذؤيب:
فتنازلا وتواقفت خيلاهما = وكلاهما بطل اللقاء مخدّع
وكف الناس أعنّة خيولهم ينتظرون ما يكون من الرجلين فتكنافحا بينهما مليًّا من نهم رهما لا يصل واحد منهما إلى صاحبه لكمال لأمته إلى أن لحظ العباس وهيًا في درع الشأميّ فأهوى إليه بيده فهتكنه إلى ثندوته ثم عاد لمجاولته وقد أصحر له مفتّق الدرع فضربه العباس ضربة انتظم بهم جوانح صدره وخرّ الشامي لوجهه وكبّر الناس تكبيرة ارتجت لهم الأرض من تحتهم وانشام العباس في الناس " وانساع أمره " وإذا قائل يقول من ورائي {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليّمٌ حكيمٌ} فالتفتّ وإذا أمير المؤمنين رضي اللّه عنه عليّ بن أبي طالب، فقال: يا أبا الأغر، من المنازل لعدوّنا؟ فقلت: هذا ابن أخيكم، هذا العباس بن ربيعة. فقال: إنه لهو، يا عباس ألم أنهك وابن عباس أن تخلاّ بمركزكما أو تباشرا حربًا؟ قال: إن ذلك. يعني نعم. قال: فما عدا مما بدا؟ قال: فأدعى إلى البراز فلا أجيب؟ قال: نعم، طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوّك. ثم تغيظ واستشاط حتى قلت: الساعة الساعة. ثم تطأمن وسكن ورفع يديه مبتهلاً فقال: اللهم اشكر للعباس مقامه واغفر له ذنبه، اللهم إني قد غفرت له فاغفر له. قال: وتأسّف معاوية على عرار وقال: متى ينطف فحلٌ بمثله! أيطلّ دمه! لا هم اللّه ذا. ألا اللّه رجل يشري نفسه يطلب بدم عرار؟ فانتدب له رجلان من لخم. فقال: اذهبا فأيّكما قتل العباس برازًا فله كذا. فأتياه ودعواه إلى البراز فقال: إن لي سيدًا أريد أن أؤامره. فأتى عليًّا فأخبره الخبر، فقال عليّ: واللّه لودّ معاوية أنه ما بقي من هم شم نافخ ضرمةٍ إلا طعن في نيطه إطفاءً لنور اللّه ويأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون، أما واللّه ليملكنهم منا رجال، ورجال يسومونهم الخسف حتى يحفروا الآبار ويتكفّفوا الناس. ثم قال: يا عباس ناقلني سلاحك بسلاحي، فناقله ووثب على فرس العباس وقصد اللخميين. فلم يشكّا أنه العباس فقالا له: أذن لك صاحبك؟ فحرج أن يقول نعم، فقال: {أذن للّذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} فبرز له أحدهما فضربه ضربة فكأنما أخطأه، ثم برز له الآخر فألحقه بالأوّل، ثم أقبل وهو يقول: {الشّهر الحرام بالشّهر الحرام والحرمات قصاصٌ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} ثم قال: يا عباس خذ سلاحك وهات سلاحي، فإن عاد لك أحد فعد إليّ. ونمي الخبر إلى معاوية فقال: قبح اللّه اللّجاج إنه لقعود ما ركبته قط إلا خذلت. فقال عمرو بن العاص: المخذول واللّه اللخميان لا أنت. قال معاوية: اسكت أيهم الرجل فليس هذه من ساعتكن. قال: وإن لم تكن، رحم اللّه اللخميين وما أراه يفعل. قال: ذاك واللّه أخسر لصفقتكن وأضيق لحجرك. قال: قد علمت ذلك ولولا مصر لركبت المنجاة منهم. قال: هي أعمتكن ولولا هي لألفيت بصيرا). [عيون الأخبار: 2/179-181]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومن هذا الباب ألزمت الناس بعضهم بعضاً وخوّفت الناس ضعيفهم قويّهم فهذا معناه في الحديث المعنى الذي في قولك خاف الناس ضعيفهم قويهم ولزم الناس بعضهم بعضاً فلمّا قلت ألزمت وخوّفت صار مفعولا وأجريت الثاني على ما جرى عليه الأوّل وهو فاعلٌ فصار فعلا تعدّى إلى مفعولين.
وعلى ذلك دفعت الناس بعضهم ببعضٍ على قولك دفع الناس بعضهم بعضاً. ودخول الباء ههنا بمنزلة قولك ألزمت كأنّك قلت في التمثيل أدفعت كما أنك تقول ذهبت به من عندنا وأذهبته من عندنا وأخرجته معك وخرجت به معك. وكذلك ميّزت متاعك بعضه من بعضٍ وأوصلت القوم بعضهم إلى بعضٍ فجعلته مفعولا على حدّ ما جعلت الذي قبله وصار قوله إلى بعض ومن بعض في موضع مفعولٍ منصوبٍ.
ومن ذلك فضّلت متاعك أسفله على أعلاه فإنّما جعله مفعولا من قوله خرج متاعك أسفله على أعلاه كأنه قال في التمثيل فضل متاعك أسفله على أعلاه فعلى أعلاه في موضع نصب.
ومثل ذلك صككت الحجرين أحدهما بالآخر على أنّه مفعول من أصطكّ الحجران أحدهما بالآخر ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: (ولولا دفاع
الله النّاس بعضهم ببعضٍ).
وهذا ما يجرى منه مجرورا كما يجرى منصوبا وذلك قولك عجبت من دفع الناس بعضهم ببعضٍ إذا جعلت الناس مفعولين كان بمنزلة قولك عجبت من إذهاب الناس بعضهم بعضاً لأنّك إذا قلت أفعلت استغنيت عن الباء وإذا قلت فعلت احتجت إليها وجرى في الجرّ على قولك دفعت الناس بعضهم ببعضٍ. وإن جعلت الناس فاعلين قلت عجبت من دفع الناس بعضهم بعضاً جرى في الجر على حد مجراه في الرفع كما جرى في الأوّل على مجراه في النّصب وهو قولك: دفع الناس بعضهم بعضاً). [الكتاب: 1/153-154]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما لا يكون إلا على معنى ولكن
فمن ذلك قوله تعالى: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} أي ولكن من رحم. وقوله عز وجل: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا} أي ولكن قوم يونس لما آمنوا. وقوله عز وجل: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيّةٍ ينهون عن الفساد في الأرض إلاّ قليلاً ممّن أنجينا منهم} أي ولكن قليلا ممن أنجينا منهم. وقوله عز وجل: {أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله} أي ولكنهم يقولون ربنا الله.
وهذا الضرب في القرآن كثير). [الكتاب: 2/325] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الجمع المزيد فيه وغير المزيد
أما ما كان من الجمع على مثال مفاعل، ومفاعيل؛ نحو: مصاحف، ومحاريب، وما كان على هذا الوزن؛ نحو: فعالل، وفواعل، وأفاعل، وأفاعيل وكل ما كان مما لم نذكره على سكون هذا وحركته وعدده، فغير منصرف في معرفة ولا نكرة. وإنما امتنع من الصرف فيهما؛ لأنه على مثال لا يكون عليه الواحد، والواحد هو الأصل، فلما باينه هذه المباينة، وتباعد هذا التباعد في النكرة، امتنع من الصرف فيها، وإذا امتنع من الصرف فيها فهو من الصرف في المعرفة أبعد، ويدلك على ذلك قول الله عز وجل: {من محاريب وتماثيل} وقوله: {لهدمت صوامع وبيع وصلواتٌ ومساجد} ). [المقتضب: 3/327] (م)

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:54 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:55 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 09:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}
روي أن هذه الآية نزلت بسبب المؤمنين، لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويغتال ويغدر ويحتال، فنزلت هذه الآية إلى قوله تعالى: "كفور"، ووعد فيها بالمدافعة، ونهى أفصح نهي عن الخيانة والغدر. وقرأ نافع، والحسن، وأبو جعفر: "يدافع" "ولولا دفاع"، وقرأ أبو عمرو، وابن كثير: "يدفع"، "ولولا دفع"، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: "يدافع"، "ولولا دفع"، قال أبو علي: أجريت "دافع" في هذه القراءة مجرى "دفع"، كعاقبت اللص وطارقت النعل، فجاء المصدر دفعا، قال أبو الحسن والأخفش: أكثر الكلام أن الله يدفع، ويقولون: دافع الله عنك إلا أن دفع أكثر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يحسن في الآية "يدافع" لأنه قد عن للمؤمنين من يدفعهم ويؤذيهم فتجيء معارضته ودفعه مدافعة عنهم، وحكى الزهراوي أن "دفاعا" مصدر "دفع"، كحسبت حسابا). [المحرر الوجيز: 6/252]

تفسير قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أذن الله تعالى في قتال المؤمنين لمن قاتلهم من الكفار بقوله: "أذن"، وصورة الإذن مختلفة بحسب القراءات، فبعضها أقوى من بعض، فقرأ نافع، وحفص عن عاصم: "أذن" بضم الألف "يقاتلون" بفتح التاء، أي: في أن يقاتلهم، فالإذن في هذه القراءة ظاهر أنه في مجازاة، وقرأ أبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم، والحسن، والزهري: "أذن" بضم الألف "يقاتلون" بكسر التاء، فالإذن في هذه القراءة في ابتداء القتال، وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: "أذن" بفتح الألف "يقاتلون" بكسر التاء، وقرأ ابن عامر بفتح الألف والتاء جميعا، وهي في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه:
[المحرر الوجيز: 6/252]
"أذن للذين يقاتلون في سبيل الله" بكسر التاء، وفي مصحف أبي "أذن" بضم الهمزة "للذين قاتلوا"، وذلك قرأ طلحة والأعمش إلا أنهما فتحا همزة "أذن".
وقوله تعالى: {بأنهم ظلموا} معناه: كان الإذن بسبب أنهم ظلموا، قال ابن جريج: وهذه الآية أول ما نقض الموادعة. قال ابن عباس، وابن جبير: نزلت عند هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لما سمعت علمت أنه سيكون قتال، وقال مجاهد: الآية في مؤمنين بمكة أرادوا الهجرة إلى المدينة فمنعوا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وما بعد هذا في الآية يرد هذا القول؛ لأن هؤلاء منعوا الخروج لا أخرجوا. ثم وعد تعالى بالنصر في قوله سبحانه: {وإن الله على نصرهم لقدير} ). [المحرر الوجيز: 6/253]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} يريد كل من نبت به مكة وآذاه أهلها حتى أخرجوه بإذايتهم، طائفة إلى الحبشة وطائفة إلى المدينة، ونسب الإخراج إلى الكفار لأن الكلام في معرض تقرير الذنب وإلزامه. وقوله تعالى: {إلا أن يقولوا ربنا الله} استثناء منقطع ليس من الأول، هذا قول سيبويه، ولا يجوز عنده فيه البدل، وجوزه أبو إسحق، والأول أصوب.
[المحرر الوجيز: 6/253]
وقوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس} الآية تقوية للأمر بالقتال، وذكر الحجة بالمصلحة فيه، وذكر أنه متقدم في الأمم، وبه صلحت الشرائع واجتمعت المتعبدات، فكأنه قال: أذن في القتال فليقاتل المؤمنون، ولولا القتال والجهاد لتغلب على الحق في كل أمة. هذا أصوب تأويلات الآية. ثم ما قيل بعد من مثل الدفاع تبع للجهاد، وقال مجاهد: ولولا دفع الله ظلم قوم لشهادة العدول ونحو هذا، وقالت فرقة: ولولا دفع الله ظلم الظلمة بعدل الولاة، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ولولا دفع الله بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الكفار عن التابعين فمن بعدهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله فيه دفع قوم بقوم إلا أن معنى القتال أليق بما تقدم من الآية. وقالت فرقة: ولولا دفع الله العذاب بدعاء الفضلاء والأخيار ونحوه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا وما شاكله مفسد لمعنى الآية، وذلك أن الآية تقتضي ولا بد مدفوعا من الناس ومدفوعا عنه، فتأمله.
وقرأ نافع، وابن كثير: "لهدمت" مخففة الدال، وقرأ الباقون: "لهدمت" مشددة الدال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه تحسن من حيث هي صوامع كثيرة ففي هدمها تكرار وكثرة، كما قال تعالى: {في بروج مشيدة} فثقل الياء، وقال: " قصر مشيد " فخفف لكونه فردا، ومنه وغلقت الأبواب، ومفتحة لهم الأبواب.
[المحرر الوجيز: 6/254]
و "الصومعة": موضع العبادة، وزنها فوعلة، وهي بناء مرتفع منفرد حديد الأعلى، والصومع من الرجال: الحديد القلب، وكانت قبل الإسلام مختصة بالرهبان النصارى وبعباد الصابئين -قاله قتادة - ثم استعمل في مئذنة المسلمين.
و "البيع": كنائس النصارى، واحدتها بيعة، قال الطبري: وقيل: هي كنائس اليهود.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ثم أدخل عن مجاهد ما لا يقتضي ذلك.
و "الصلوات" مشتركة لكل ملة، واستعير الهدم للصلوات من حيث تعطل، أو أراد: موضع صلوات، وذهبت فرقة إلى أن "الصلوات" اسم لكنائس اليهود، وأن اللفظة عبرانية عربت، وليست بجمع صلاة. وقال أبو العالية: الصلوات مساجد الصابئين. واختلفت القراءة فيها فقرأ جمهور الناس: "صلوات" بفتح الصاد واللام وبالتاء بنقطتين، وذلك إما بتقدير: مواضع صلوات، وإما على أن تعطيل الصلاة هدمها، وقرأ جعفر بن محمد: "صلوات" بفتح الصاد وسكون اللام، وقرأت فرقة: "صلوات" بكسر الصاد وسكون اللام، حكاها ابن جني، وقرأ الجحدري -فيما روي عنه-: "وصلوات" بنقطتين من فوق وبضم الصاد واللام، على وزن فعول، قال: وهي مساجد النصارى، وقرأ الجحدري، والحجاج بن يوسف: "وصلوب" بضم الصاد واللام وبالباء، على أنه جمع صليب، وقرأ الضحاك والكلبي: "وصلوث" بضم الصاد واللام وبالثاء منقوطة ثلاثا، قالوا: وهي مساجد اليهود، وقرأت فرقة: "صلوت" بفتح الصاد وسكون اللام، وقرأت فرقة: "وصلوات" بضم الصاد واللام، حكاها ابن جني، وقرأت فرقة: "صلوتي" بضم الصاد واللام وقصر الألف بعد التاء، وحكى ابن جني أن خارج باب الموصل بيوت تدفن فيها النصارى يقال لها: صلوات، وقرأ عكرمة، ومجاهد: "صلوتي" بكسر الصاد وسكون اللام وكسر الواو وقصر الألف بعد التاء.
[المحرر الوجيز: 6/255]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وذهب خصيف إلى أن هذه الأسماء قصدها تقسيم متعبدات الأمم، فالصوامع للرهبان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقيل: للصابئين، والبيع للنصارى، والصلوات لليهود، والمساجد للمسلمين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والأظهر أنها قصد بها المبالغة في ذكر المتعبدات، وهذه الأسماء تشترك الأمم في مسمياتها إلا البيعة فإنها مختصة بالنصارى في عرف لغة العرب، ومعاني هذه الأسماء هي في الأمم التي لها كتاب على قديم الدهر، ولم يذكر في هذه المجوس ولا أهل الاشتراك لأن هؤلاء ليس لهم ما تجب حمايته، ولا يوجد ذكر الله تعالى إلا عند أهل الشرائع.
وقوله تعالى: {يذكر فيها اسم الله كثيرا} الضمير عائد على جميع ما تقدم. ثم وعد الله تبارك وتعالى بنصره ونصر دينه وشرعه، وفي ذلك حض على القتال والجد فيه، ثم الآية تعم كل من نصر حقا إلى يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 6/256]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير}
قالت فرقة: هذه الآية في الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم.
[المحرر الوجيز: 6/256]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومعنى هذا التخصيص أن هؤلاء خاصة مكنوا في الأرض من جملة الذين يقاتلون المذكورين في صدر الآية، والعموم في هذا كله أبين، ويتجه الأمر في جميع الناس، وإنما الآية آخذة عهدا على كل من مكنه الله تعالى، كل على قدر ما مكن، فأما الصلاة والزكاة فكل مأخوذ بإقامتها، وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكل بحسب قوته، والآية أمكن ما هي في الملوك، والمعروف والمنكر يعمان الإيمان والكفر فما دونهما.
وقالت فرقة: نزلت هذه الآية في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة من الناس، وهذا على أن "الذين" بدل من قوله تبارك وتعالى: "يقاتلون".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
أو على أن "الذين" تابع لـ "من" في قوله تعالى: "من ينصره". وقوله تعالى: {ولله عاقبة الأمور} توعد للمخالف عن هذه الأوامر التي تقتضيها الآية لمن مكن). [المحرر الوجيز: 6/257]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ اللّه يدافع عن الّذين آمنوا إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوّانٍ كفورٍ (38)}.
يخبر تعالى أنّه يدفع عن عباده الّذين توكّلوا عليه وأنابوا إليه شرّ الأشرار وكيد الفجّار، ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم، كما قال تعالى: {أليس اللّه بكافٍ عبده} [الزّمر: 36] وقال: {ومن يتوكّل على اللّه فهو حسبه إنّ اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكلّ شيءٍ قدرًا} [الطّلاق: 3].
وقوله: {إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوّانٍ كفورٍ} أي: لا يحبّ من عباده من اتّصف بهذا، وهو الخيانة في العهود والمواثيق، لا يفي بما قال. والكفر: الجحد للنّعم، فلا يعترف بها). [تفسير ابن كثير: 5/ 433]

تفسير قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ (39) الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلا أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ (40)}.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: نزلت في محمّدٍ وأصحابه حين أخرجوا من مكّة.
وقال غير واحدٍ من السّلف هذه أوّل آيةٍ نزلت في الجهاد، واستدلّ بهذه الآية بعضهم على أنّ السّورة مدنيّةٌ، وقاله مجاهدٌ، والضّحّاك، وقتادة، وغير واحدٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يحيى بن داود الواسطيّ: حدّثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ -هو البطين-عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: لـمّا أخرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة قال أبو بكرٍ: أخرجوا نبيّهم. إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ليهلكن. قال ابن عبّاسٍ: فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ}، قال أبو بكرٍ، رضي اللّه تعالى عنه: فعرفت أنه سيكون قتال.
ورواه الإمام أحمد، عن إسحاق بن يوسف الأزرق، به وزاد: قال ابن عبّاسٍ: وهي أوّل آيةٍ نزلت في القتال.
ورواه التّرمذيّ، والنّسائيّ في التّفسير من سننيهما، وابن أبي حاتمٍ من حديث إسحاق بن يوسف -زاد التّرمذيّ: ووكيع، كلاهما عن سفيان الثّوريّ، به. وقال التّرمذيّ: حديثٌ حسنٌ، وقد رواه غير واحدٍ، عن الثّوريّ، وليس فيه ابن عبّاسٍ.
وقوله: {وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} أي: هو قادرٌ على نصر عباده المؤمنين من غير قتالٍ، ولكن هو يريد من عباده أن يبلوا جهدهم في طاعته، كما قال: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً حتّى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء اللّه لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعضٍ والّذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضلّ أعمالهم. سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم} [محمّدٍ: 4 -6]، وقال تعالى: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين. ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ} [التّوبة: 14، 15]، وقال: {أم حسبتم أن تتركوا ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم ولم يتّخذوا من دون اللّه ولا رسوله ولا المؤمنين وليجةً واللّه خبيرٌ بما تعملون} [التّوبة: 16]، {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم [اللّه] الّذين جاهدوا منكم ويعلم الصّابرين} [آل عمران: 142]، وقال: {ولنبلونّكم حتّى نعلم المجاهدين منكم والصّابرين ونبلو أخباركم} [محمّدٍ: 31].
والآيات في هذا كثيرةٌ؛ ولهذا قال ابن عبّاسٍ في قوله: {وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} وقد فعل.
وإنّما شرع [اللّه] تعالى الجهاد في الوقت الأليق به؛ لأنّهم لـمّا كانوا بمكّة كان المشركون أكثر عددًا، فلو أمر المسلمين، وهم أقلّ من العشر، بقتال الباقين لشقّ عليهم؛ ولهذا لمّا بايع أهل يثرب ليلة العقبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكانوا نيّفًا وثمانين، قالوا: يا رسول اللّه، ألا نميل على أهل الوادي -يعنون أهل منى-ليالي منى فنقتلهم؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "إني لم أومر بهذا". فلمّا بغى المشركون، وأخرجوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من بين أظهرهم، وهمّوا بقتله، وشرّدوا أصحابه شذر مذر، فذهب منهم طائفةٌ إلى الحبشة، وآخرون إلى المدينة. فلمّا استقرّوا بالمدينة، ووافاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، واجتمعوا عليه، وقاموا بنصره وصارت لهم دار إسلام ومعقلا يلجؤون إليه -شرع اللّه جهاد الأعداء، فكانت هذه الآية أوّل ما نزل في ذلك، فقال تعالى: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ. الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ}).[تفسير ابن كثير: 5/ 433-434]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ} قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: أخرجوا من مكّة إلى المدينة بغير حقٍّ، يعني: محمّدًا وأصحابه.
{إلا أن يقولوا ربّنا اللّه} أي: ما كان لهم إلى قومهم إساءةٌ، ولا كان لهم ذنبٌ إلّا أنّهم عبدوا اللّه وحده لا شريك له. وهذا استثناءٌ منقطعٌ بالنّسبة إلى ما في نفس الأمر، وأمّا عند المشركين فهو أكبر الذّنوب، كما قال تعالى: {يخرجون الرّسول وإيّاكم أن تؤمنوا باللّه ربّكم} [الممتحنة: 1]، وقال تعالى في قصّة أصحاب الأخدود: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد} [البروج: 8]. ولهذا لـمّا كان المسلمون يرتجزون في بناء الخندق، ويقولون:
لا همّ لولا أنت ما اهتدينا = ولا تصدّقنا ولا صلّينا...
فأنزلن سكينةً علينا = وثبّت الأقدام إن لاقينا...
إنّ الألى قد بغوا علينا = إذا أرادوا فتنةً أبينا
فيوافقهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ويقول معهم آخر كلّ قافيةٍ، فإذا قالوا: "إذا أرادوا فتنةً أبينا"، يقول: "أبينا"، يمدّ بها صوته.
ثمّ قال تعالى: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} أي: لولا أنّه يدفع عن قومٍ بقومٍ، ويكشف شرّ أناسٍ عن غيرهم، بما يخلقه ويقدّره من الأسباب، لفسدت الأرض، وأهلك القويّ الضّعيف.
{لهدّمت صوامع} وهي المعابد الصّغار للرّهبان، قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وأبو العالية، وعكرمة، والضّحّاك، وغيرهم.
وقال قتادة: هي معابد الصّابئين. وفي روايةٍ عنه: صوامع المجوس.
وقال مقاتل بن حيّان: هي البيوت الّتي على الطّرق.
{وبيعٌ}: وهي أوسع منها، وأكثر عابدين فيها. وهي للنّصارى أيضًا. قاله أبو العالية، وقتادة، والضّحّاك، وابن صخرٍ، ومقاتل بن حيّان، وخصيف، وغيرهم.
وحكى ابن جبيرٍ عن مجاهدٍ وغيره: أنّها كنائس اليهود. وحكى السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: أنّها كنائس اليهود، ومجاهدٌ إنّما قال: هي الكنائس، واللّه أعلم.
وقوله: {وصلواتٌ}: قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: الصّلوات: الكنائس. وكذا قال عكرمة، والضّحّاك، وقتادة: إنّها كنائس اليهود. وهم يسمّونها صلوتا.
وحكى السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: أنّها كنائس النصارى.
وقال أبو العالية، وغيره: الصّلوات: معابد الصّابئين.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: الصّلوات: مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطّرق. وأمّا المساجد فهي للمسلمين.
وقوله: {يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} فقد قيل: الضّمير في قوله: {يذكر فيها} عائدٌ إلى المساجد؛ لأنّها أقرب المذكورات.
وقال الضّحّاك: الجميع يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا.
وقال ابن جريرٍ: الصواب: لهدّمت صوامع الرّهبان وبيع النّصارى وصلوات اليهود، وهي كنائسهم، ومساجد المسلمين الّتي يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا؛ لأنّ هذا هو المستعمل المعروف في كلام العرب.
وقال بعض العلماء: هذا ترقٍّ من الأقلّ إلى الأكثر إلى أن ينتهي إلى المساجد، وهي أكثر عمّارا وأكثر عبّادًا، وهم ذوو القصد الصّحيح.
وقوله: {ولينصرنّ اللّه من ينصره} كقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم. والّذين كفروا فتعسًا لهم وأضلّ أعمالهم} [محمّدٍ: 7، 8].
وقوله: {إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} وصف نفسه بالقوّة والعزّة، فبقوّته خلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا، وبعزّته لا يقهره قاهرٌ، ولا يغلبه غالبٌ، بل كلّ شيءٍ ذليلٌ لديه، فقيرٌ إليه. ومن كان القويّ العزيز ناصره فهو المنصور، وعدوّه هو المقهور، قال اللّه تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنّهم لهم المنصورون. وإنّ جندنا لهم الغالبون} [الصّافّات: 171 -173] وقال [اللّه] تعالى: {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ} [المجادلة: 21] ). [تفسير ابن كثير: 5/ 434-436]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور (41)}.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو الرّبيع الزّهراني، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب وهشامٍ، عن محمّدٍ قال: قال عثمان بن عفّان: فينا نزلت: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}، فأخرجنا من ديارنا بغير حقٍّ، إلّا أن قلنا: "ربّنا اللّه"، ثمّ مكنّا في الأرض، فأقمنا الصّلاة، وآتينا الزّكاة، وأمرنا بالمعروف، ونهينا عن المنكر، وللّه عاقبة الأمور، فهي لي ولأصحابي.
وقال أبو العالية: هم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الصّباح بن سوادة الكنديّ: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض} الآية، ثمّ قال: إلّا أنّها ليست على الوالي وحده، ولكنّها على الوالي والمولى عليه، ألا أنبّئكم بما لكم على الوالي من ذلكم، وبما للوالي عليكم منه؟ إنّ لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق اللّه عليكم، وأن يأخذ لبعضكم من بعضٍ، وأن يهديكم للّتي هي أقوم ما استطاع، وإنّ عليكم من ذلك الطّاعة غير المبزوزة ولا المستكرهة، ولا المخالف سرّها علانيتها.
وقال عطيّة العوفيّ: هذه الآية كقوله: {وعد اللّه الّذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض [كما استخلف الّذين من قبلهم]} [النّور: 55].
وقوله: {وللّه عاقبة الأمور}، كقوله تعالى {والعاقبة للمتّقين} [القصص: 83].
وقال زيد بن أسلم: {وللّه عاقبة الأمور}: وعند اللّه ثواب ما صنعوا). [تفسير ابن كثير: 5/ 436-437]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة