تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال حارثة بن بدر الغداني: البسيط
الصّبر أجمل والدّنيا مفجّعةٌ = من ذا الّذي يجرّع مرةً حزنا?
وما جاء في هذا أكثر من أن يؤتى على غابره.
وتعزيك الرجل تسليتك إياه. والعزاء هو السلو وحسن الصبر على المصائب وخير من المصيبة العوض منها والرضى بقضاء الله والتسليم لأمره تنجزاً لما وعد من حسن الثواب، وجعل للصابرين من الصلاة عليهم والرحمة. فإنه يقول تبارك وتعالى: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. وقال: {وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم}. وقال تبارك اسمه: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} يقول الاسترجاع. خبرني بذلك غير واحد من الفقهاء.
وروى أبو الحسن عن الفضل بن تميم قال: قيل للضحاك بن قيس: من قال عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، كان ممن أخذ بالتقوى وأدى الفرائض? فقال: نعم، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة.
قال الأصمعي عن بعض العلماء: لو وكل الناس بالجزع للجؤوا إلى الصبر.
وروي عن الحسن أنه كان يقول: الحمد لله الذي أجرنا على ما لا بد لنا منه، وأثابنا على ما لو كلفنا غيره لصرنا فيه إلى معصيته.
قال الأصمعي وأبو الحسن: جزع سليمان بن عبد الملك على ابنه أيوب فقال له رجل من القراء: يا أمير المؤمنين إن امرأ حدث نفسه بالبقاء في الدنيا وظن أنه يعرى من المصائب فيها لغير جيد الرأي. فكان ذلك أول ما تسلى به.
وكان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يقول: عليكم بالصبر، فإن به يأخذ الحازم وإليه يعود الجازع.
وروي عن أبي الحسن، عن أبي عمرو بن المبارك قال: دخل زياد بن عثمان بن زياد على سليمان بن عبد الملك، وقد توفي ابنه أيوب، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبد الرحمن بن أبي بكرة كان يقول: من أحب البقاء فليوطن نفسه على المصائب.
قال أبو الحسن عن علي بن سليمان عن الحسن: الخير الذي لا شر فيه الشكر مع العافية، والصبر عند المصيبة. فكم من منعم عليه غير شاكر، ومن مبتلى غير صابر). [التعازي والمراثي: 45-47] (م)
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال حارثة بن بدر الغداني: البسيط
الصّبر أجمل والدّنيا مفجّعةٌ = من ذا الّذي يجرّع مرةً حزنا?
وما جاء في هذا أكثر من أن يؤتى على غابره.
وتعزيك الرجل تسليتك إياه. والعزاء هو السلو وحسن الصبر على المصائب وخير من المصيبة العوض منها والرضى بقضاء الله والتسليم لأمره تنجزاً لما وعد من حسن الثواب، وجعل للصابرين من الصلاة عليهم والرحمة. فإنه يقول تبارك وتعالى: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. وقال: {وبشر المخبتين * الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم}. وقال تبارك اسمه: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} يقول الاسترجاع. خبرني بذلك غير واحد من الفقهاء.
وروى أبو الحسن عن الفضل بن تميم قال: قيل للضحاك بن قيس: من قال عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، كان ممن أخذ بالتقوى وأدى الفرائض? فقال: نعم، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة.
قال الأصمعي عن بعض العلماء: لو وكل الناس بالجزع للجؤوا إلى الصبر.
وروي عن الحسن أنه كان يقول: الحمد لله الذي أجرنا على ما لا بد لنا منه، وأثابنا على ما لو كلفنا غيره لصرنا فيه إلى معصيته.
قال الأصمعي وأبو الحسن: جزع سليمان بن عبد الملك على ابنه أيوب فقال له رجل من القراء: يا أمير المؤمنين إن امرأ حدث نفسه بالبقاء في الدنيا وظن أنه يعرى من المصائب فيها لغير جيد الرأي. فكان ذلك أول ما تسلى به.
وكان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يقول: عليكم بالصبر، فإن به يأخذ الحازم وإليه يعود الجازع.
وروي عن أبي الحسن، عن أبي عمرو بن المبارك قال: دخل زياد بن عثمان بن زياد على سليمان بن عبد الملك، وقد توفي ابنه أيوب، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبد الرحمن بن أبي بكرة كان يقول: من أحب البقاء فليوطن نفسه على المصائب.
قال أبو الحسن عن علي بن سليمان عن الحسن: الخير الذي لا شر فيه الشكر مع العافية، والصبر عند المصيبة. فكم من منعم عليه غير شاكر، ومن مبتلى غير صابر). [التعازي والمراثي: 45-47] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وهم الفوارس يوم ديسقة الـ = ـمغشو الكماة غوارب الأكم
ينشد الكماة نصبًا وخفضًا كما قرئ: {والمقيمي الصلاةِ} والصلاةَ وغوارب الأكم عاليها). [شرح المفضليات: 586]
تفسير قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومنه: «القانع»: الراضي، والقانع: السائل. قَنِع قَنَاعة وقَنَعا وقُنْعَانا، (أي): رضي. وقنع قنوعا، أي: سأل. وقال عدي بن زيد:
وما خنت ذا وصل وأبت بوصله = ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعا
أي: سائلا). [الأضداد: 95]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال أبو حزام: قَنَع: سَأَل، يَقنَع قُنوعًا مثل فَعَل يَفْعَل. قال الشماخ:
لمَالُ المَرءِ يُصِلحُه فَيْغِني = مفاقِرَه أعفُّ من القُنُوعِ
وقَنِعْتُ به مثل علمت به قَناعةً وقُنوعا يَقْنَع). [كتاب الجيم: 3/78]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*قنع* والقانع الراضي بما قسم الله ومصدره القناعة، والقانع السائل ومصدره القنوع، ورأيت أعرابيا يقول في دعائه اللهم إني أعوذ بك من القنوع والخنوع والخضوع وما يغض طرف المرء ويغري به لئام الناس، قال عدي :
وما خنت ذا عهد وأبت بعهده = ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعا
أي سائلا، وقال الله جل ثناؤه: {وأطعموا القانع والمعتر}، فالقانع: السائل، والمعتر الذي يأتيك ويتعرض لك ولا يسأل، قال الشماخ :
لمال المرء يصلحه فيغني = مفاقره أعف من القنوع
أي أعف من المسألة، قال لبيد :
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه = ومنهم شقي بالمعيشة قانع
أي: راض بقسمه). [كتاب الأضداد: 49-50]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (قنع يقنع قنوعًا إذا سأل. [الأصمعي]: وقنع يقنع قناعة إذا رضي). [الغريب المصنف: 2/610]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
((لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ولا القانع من أهل البيت لهم)).
قال حدثناه مروان الفزاري، عن شيخ من أهل الجزيرة، يقال له يزيد بن أبي زياد.
وهو يزيد بن سنان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة ترفعه.
...
وأما قوله: لا القانع مع أهل البيت لهم، فإنه الرجل يكون مع القوم في حاشيتهم كالخادم لهم والتابع والأجير ونحوه.
وأصل القنوع: الرجل يكون مع الرجل يطلب فضله ويسأل معروفه.
يقول: فهذا إنما يطلب معاشة من هؤلاء فلا يجوز شهادته لهم.
وقد قال الله تبارك وتعالى: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} فالقانع في التفسير: الذي يسأل، والمعتر: الذي يتعرض ولا يسأل ومنه قول الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغني = مفاقره أعف من القنوع
يعني: مسألة الناس.
وقال عدي بن زيد:
وما خنت ذا عهد وأيت بعهده = ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعا
يعني: سائلا.
ويقال من هذا: قد قنع يقنع قنوعا.
وأما القانع: الراضي بما أعطاه الله سبحانه فليس من ذلك.
يقال منه: قنعت أقنع قناعة، فهذا بكسر النون وذاك بفتحها وذاك من القنوع وهذا من القناعة). [غريب الحديث: 1/367-369]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يحدثه عنه البراء بن عازب قال رحمه الله: كنا إذا
صلينا معه صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع قمنا خلفه صفونا، فإذا سجد تبعناه.
قال: حدثناه هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب عن عذرة بن الحارث عن البراء.
قوله: صفونا، يفسر الصافن تفسيرين.
فبعض الناس يقول: كل صاف قدميه قائما فهو صافن ومما يحقق ذلك حديث عكرمة.
قال: حدثناه عبد الرحمن بن مهدي عن إسماعيل بن مسلم العبدي عن مالك بن دينار قال: رأيت عكرمة يصلي وقد صفن بين قدميه واضعا إحدى يديه على الأخرى.
والقول الآخر: أن الصافن من الخيل الذي قد قلب أحد حوافره وقام على ثلاث قوائم.
ومما يحقق ذلك قوله سبحانه: {فاذكروا اسم الله عليها صوافن} هكذا هي في قراءة ابن عباس وفسرها معقولة إحدى يديها على ثلاث قوائم.
قال: حدثناه أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس.
قال: وحدثني كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال في قراءة ابن مسعود: (صوافن)، قال: يعني قياما.
فقد اجتمعت قراءة ابن عباس وابن مسعود على (صوافن).
قال: وحدثني ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال: من قرأها: (صوافن) أراد: معقولة.
ومن قرأها: {صواف} أراد: بها قد صفت يديها.
وكلاهما له معنى.
وقد روي عن الحسن غير هاتين القراءتين.
قال: حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن أنه قرأ: صوافي غير منون بالياء، وقال: خالصة لله.
قال أبو عبيد: كأنه يذهب إلى جمع صافية). [غريب الحديث: 2/216-220]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وبرد الخصوم شتي ثقالا = مثل ما وجبت هجان الجمال
وجبت: سقطت). [شرح ديوان الحطيئة: 77]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فيبرح منها ساهف متقطر = ينوء على شق من الرأس واجب
...
(واجب) ساقط، من قول الله عز وجل: {فإذا وجبت جنوبها} ). [شرح أشعار الهذليين: 1/468]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( والقانع من الأضداد. يقال: رجل قانع، إذا كان راضيا بما هو فيه لا يسأل أحدا، ورجل قانع إذا كان سائلا، قال الله عز وجل: {وأطعموا القانع والمعتر}، فالقانع السائل، والمعتر الذي يعرض بالمسألة ولا يصرح، ويقال: المعتر: السائل، والقانع: المحتاج. ويقال: قد قنع الرجل يقنع قناعة وقنعا وقنعانا، إذا رضي ما هو فيه؛ وهو قانع وقنع، ويقال: قد قنع يقنع قنوعا، إذا سأل؛ يقال: نعوذ بالله من القنوع والخنوع، ونسأل الله القناعة، فالخنوع الخضوع، والقنوع المسألة.
وقال أعرابي لقوم سألهم فلم يعطوه: الحمد لله الذي أقنعني إليكم، أي أحوجني. وقال الشماخ:
أعائش ما لأهلك لا أراهم = يضيعون الهجان مع المضيع
وكيف يضيع صاحب مدفآت = على أثباجهن من الصقيع
لمال المرء يصلحه فيغني = مفاقره أعف من القنوع
أي من المسألة. وقال الآخر:
وإعطائي المولى على حين فقره = إذا قال أبصر خلتي وقنوعي
وقال أيضا بعض المعمرين:
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه = ومنهم شقي بالمعيشة قانع
وقال الآخر:
وأقنع بالشيء اليسير صيانة = لنفسي ما عمرت والحر قانع
أي راض.
وربما تكلموا بالقنوع في معنى القناعة، والاختيار ما قدمنا ذكره، فمنه قول بعضهم:
فسربلت أخلاقي قنوعا وعفة = فعندي بأخلاقي كنوز من الذهب
فلم أر عزا كالقنوع لأهله = وأن يجمل الإنسان ما عاش في الطلب
وقال الآخر:
ثق بالإله ورد النفس عن طمع = إلى القنوع ولا تحسد أخا المال
فإن بين الغنى والفقر منزلة = مقرونة بجديد ليس بالبالي
وقال الآخر:
من قنعت نفسه ببلغتها = أضحى عزيزا وظل ممتنعا
لله در القنوع من خلق = كم من وضيع به قد ارتفعا
تضيق نفس الفتى إذا افتقرت = ولو تعزى بربه اتسعا
وقال نصيب في المعتر:
من ذا ابن ليلى جزاك الله مغفرة = يغني مكانك أو يعطي كما تهب
قد كان عند ابن ليلى غير معوزه = للفضل وصل وللمعتر مرتغب
وقال الآخر:
لعمرك ما المعتر يأتي بلادنا = لنمنعه بالضائع المتهضم).
[كتاب الأضداد: 66-68]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( فلا تسأليني واسألي عن خليقتي = إذا رد عافي القدر من يستعيرها
قال الأصمعي: كانوا في الجدب إذا استعار أحدهم قدرًا رد فيها شيئًا من طبيخ وقوله عافي القدر يقول لم يجهد أهلها وما أعطوه عفوًا وقال آخر: يعفيك عافيه وعند النحر، غيره: عافي القدر من يأتيها لينال مما فيها، يقال عفوت الرجل واعتفيته وعروته واعتريته. قال الله تعالى: {وأطعموا القانع والمعتر}، فيقال: القانع: السائل والمعتر: المعترض للنائل من غير أن يسأل، يقول: كثر عافي القدر على أهلها فشغلت بهم فرد مستعيرها، فكأن العافي إذا شغلها عن مستعيرها هو رد مستعيرها، فعافي في موضع رفع ومن في موضع نصب وقول آخر وهو أن يرد المستعير في القدر شيئًا مما طبخ، فيكون عافي القدر حينئذٍ في موضع نصب وسكن الياء كما تسكن في الرفع والخفض فهؤلاء لا يحركونها، النصب فيها عندهم كالرفع والخفض). [شرح المفضليات: 348]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ويسعد بي الضريك إذا اعتراني = ويكره جانبي البطل الشجاع
اعتراني ألم بي وعراني واعتفاني وعفاني وعرني واعترني والضريك: المحتاج الضعيف واعتراني صار إلي يقال اعتراه يعتريه وعراه يعروه وفلان يعروه الناس في أمورهم أي يأتونه وهو من قول الله تعالى: {وأطعموا القانع والمعتر} غيره: المعتر من قولهم فلا تعتريه الأضياف وقد عروه ويعرونه عرًا إذا أتوه ومنه قول ابن أحمر:
ترعى القطاة الخمس قفورها = ثم تعر الماء فيمن يعر
والمعتر الذي يتعرض لفضلك من غير أن يسألك والقانع السائل: قنع يقنع قنوعًا إذا سأل وقنع يقنع قناعة إذا رضي بما قسم له ومنه جاء في الحديث: (نعوذ بالله من القنوع ونسأل الله القناعة) ). [شرح المفضليات: 373]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( بكل مبيتٍ يعترينا ومنزلٍ = فلو أنها إذ تدلج الليل تصبح
غيره: يعترينا يصير إلينا والاسم المعتر، فالمعتر الذي يأتي معترضًا لأن يطعم من غير أن يسأل، والقانع: السائل والقنوع: المسألة والقناعة: الرضا، يقال: نسأل الله تعالى القناعة ونعوذ بالله تعالى من القنوع، ويقال أدلج إذا سار من أول الليل وأدلج إذا سار من آخره، هذا قول أبي عكرمة. غيره: تدلج تسري، يقول فلو أنها إذ تسير بالليل معنا تصبح كذلك، ولكنها تذهب إذا أصبحت.
وقول أبي عكرمة والمعتر الاسم من يعترينا ليس بشيء لأن المعتر من المضاعف ويعتري ليس من المضاعف وإنما المعتر من اعترنا معترًا إذا مر بنا، واعترى يعتري فهو معترٍ، فالمعنى واحد فيهما واللفظ مختلف). [شرح المفضليات: 494]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (غيره: تعتريه تعره تأتيه يقال فلان تعتريه الأضياف وتعره ومنه: {وأطعموا القانع والمعتر} ). [شرح المفضليات: 503]
تفسير قوله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفي خطبة المأمون يوم الأضحى بعد التكبير الأوّل
إنَ يوصكم هذا يومٌ أبانَ الله فضلَه، وأوجبَ تشريفَه، وعَظّم حُرْمته، ووَفَق له من خَلا صفوتَه، وابتَلَى فيه خليلَه، وفَدَى فيه من الذَبْح نبئه، وجعله خاتمَ الأيام المعْلومات من العَشْر ومتقدَم الأيام المعدودات منِ النفْر؛ يومٌ حرامٌ من أيام عِظام في شهرَ حَرَام، يومُ الحجِّ الأكبر يومٌ دعا اللُّه إلى مَشْهَده، ونزَل القرآنُ بتعظيمه، قال اللهّ جلّ وعزّ: {وَأذِّنْ في الناس بالحج}؛ الآيات؛ فتقربوا إلى اللّه في هذا اليوم بذبائحكم، وعَظِّموا شعائرَ الله واجعلوها من طَيبِ أموالَ وبصحّة التقوى من قلوبكم، فإنه يقول: {لَنْ يَنَالَ اللَّه لُحُومُهَا وَلَا دمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التًقْوَى مِنْكُمْ}، ثم التكبير والتحميد والصلاة على النبي والوصية بالتقوى، ثم قال بعد ذكر الجنة والنار: عَظُمَ قدرُ الدارين وارتفع جزاءُ العملين وطالت مدّة الفريقين الله للّه! فوالله إنه الجِدُ لا اللعِبُ، وإنه الحقُّ لا الكذِب، وما هو إلا الموت والبَعْث والمِيزان والحِساب والقِصَاص والصَراط ثم العقاب والثَواب، فمن نَجَا يومئذٍ فقد فاز، ومن هَوَى يومئذ فقد خاب. الخيرً كلّه الجنّة، والشر كله في النار). [عيون الأخبار: 5/254] (م)