العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:48 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (19) إلى الآية (25) ]

{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب نزول الآية رقم (19)
- أسباب نزول الآية رقم (25)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:49 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن التيمي عن أبيه عن أبي مجلز عن قيس بن عبادة عن علي بن أبي طالب وقال مرة عن قيس بن عبادة عن أبي ذر عن علي بن أبي طالب قال إني لأول أو قال أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله يوم القيامة قال قيس وفيهم أنزلت في الذين تبارزوا يوم بدر هذان خصمان اختصموا في ربهم في حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وفي عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/33-34]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي هاشم عن أبي مجلزٍ عن قيس بن عبّادٍ قال: سمعت أبا ذرٍّ يقسم باللّه لنزلت هذه الآية في ستّةٍ من قريشٍ حمزة بن عبد المطّلب وعليّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد ابن عتبة {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى آخر الآية [الآية: 19]). [تفسير الثوري: 209]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(باب {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19]
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا أبو هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، عن أبي ذرٍّ رضي اللّه عنه: أنّه كان يقسم قسمًا " إنّ هذه الآية: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه، يوم برزوا في يوم بدرٍ " رواه سفيان، عن أبي هاشمٍ، وقال عثمان: عن جريرٍ، عن منصورٍ، عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ قوله
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، قال: حدّثنا أبو مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: " أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيسٌ: وفيهم نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] قال: هم الّذين بارزوا يوم بدرٍ عليٌّ، وحمزة، وعبيدة، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة "). [صحيح البخاري: 6/98]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب هذان خصمان اختصموا في ربّهم)
الخصمان تثنية خصمٍ وهو يطلق على الواحد وغيره وهو من تقع منه المخاصمة قوله يقسم قسمًا كذا للأكثر ولأبي ذرٍّ عن الكشميهنيّ يقسم فيها وهو تصحيفٌ
- قوله نزلت في حمزة أي بن عبد المطّلب وقد تقدّم مشروحًا في غزوة بدرٍ مستوفًى ونقتصر هنا على بيان الاختلاف في إسناده قوله رواه سفيان أي الثّوريّ عن أبي هاشمٍ أي شيخ هشيمٍ فيه وهو الرّمّانيّ بضمّ الرّاء وتشديد الميم أي بإسناده ومتنه وقد تقدّمت روايته موصولةً في غزوة بدرٍ ولسفيان فيه شيخٌ آخر أخرجه الطّبريّ من طريق محمّد بن مجيبٍ عن سفيان عن منصورٍ عن هلال بن يسافٍ قال نزلت هذه الآية في الّذين تبارزوا يوم بدر قوله وقال عثمان أي بن أبي شيبة عن جرير أي بن عبد الحميد عن منصور أي بن المعتمر عن أبي هاشمٍ عن أبي مجلزٍ قوله أي موقوفًا عليه قوله عن قيس بن عبادٍ بضمّ المهملة وتخفيف الموحّدة
- قوله عن عليٍّ قال أنا أوّل من يجثو للخصومة بين يدي الرّحمن يوم القيامة قال قيس هو بن عبادٍ الرّاوي المذكور وفيهم نزلت وهذا ليس باختلافٍ على قيس بن عبادٍ في الصّحابيّ بل رواية سليمان التّيميّ عن أبي مجلزٍ تقتضي أنّ عند قيسٍ عن عليٍّ هذا القدر المذكور هنا فقط ورواية أبي هاشمٍ عن أبي مجلزٍ تقتضي أنّ عند قيسٍ عن أبي ذرٍّ ما سبق لكن يعكّر على هذا أنّ النّسائيّ أخرج من طريق يوسف بن يعقوب عن سليمان التّيميّ بهذا الإسناد إلى عليٍّ قال فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدرٍ هذان خصمان ورواه أبو نعيمٍ في المستخرج من هذا الوجه وزاد في أوّله ما في رواية معتمر بن سليمان وكذا أخرجه الحاكم من طريق أبي جعفر الرّازيّ وكذا ذكر الدّارقطنيّ في العلل أنّ كهمس بن الحسن رواه كلاهما عن سليمان التّيميّ وأشار الدّارقطنيّ إلى أنّ روايتهم مدرجةٌ وأنّ الصّواب رواية معتمرٍ قلت وقد رواه عبد بن حميدٍ عن يزيد بن هارون وعن حمّاد بن مسعدة كلاهما عن سليمان التّيميّ كرواية معتمرٍ فإن كان محفوظًا فيكون الحديث عند قيسٍ عن أبي ذرٍّ وعن عليٍّ معًا بدليل اختلاف سياقهما ثمّ ينظر بعد ذلك في الاختلاف الواقع عن أبي مجلزٍ في إرساله حديث أبي ذرٍّ ووصله فوصله عنه أبو هاشمٍ في رواية الثّوريّ وهشيمٌ عنه وأمّا سليمان التّيميّ فوقفه على قيسٍ وأمّا منصورٌ فوقفه على أبي مجلزٍ ولا يخفى أنّ الحكم للواصل إذا كان حافظًا وسليمان وأبو هاشمٍ متقاربان في الحفظ فتقدّم رواية من معه زيادةٌ والثّوريّ أحفظ من منصورٍ فتقدّم روايته وقد وافقه شعبة عن أبي هاشمٍ أخرجه الطّبرانيّ على أنّ الطّبريّ أخرجه من وجهٍ آخر عن جريرٍ عن منصورٍ موصولًا فبهذا التّقرير يرتفع اعتراض من ادّعى أنّه مضطربٌ كما أشرت إلى ذلك في المقدّمة وإنّما أعيد مثل هذا لبعد العهد به واللّه المستعان وقد روى الطّبريّ من طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ أنّها نزلت في أهل الكتاب والمسلمين ومن طريق الحسن قال هم الكفّار والمؤمنون ومن طريق مجاهدٍ هو اختصام المؤمن والكافر في البعث واختار الطّبريّ هذه الأقوال في تعميم الآية قال ولا يخالف المرويّ عن عليٍّ وأبي ذرٍّ لأنّ الّذين تبارزوا ببدرٍ كانوا فريقين مؤمنين وكفّار إلّا أنّ الآية إذا نزلت في سببٍ من الأسباب لا يمتنع أن تكون عامّةً في نظير ذلك السّبب). [فتح الباري: 8/444]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- ثنا حجاج بن منهال ثنا هشيم أنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي ذر رضي اللّه عنه أنه كان يقسم فيها قسما إن هذا الآية {هذان خصمان اختصموا في ربهم} نزلت في حمزة وصاحبيه الحديث
رواه سفيان عن أبي هاشم وقال عثمان عن جرير عن منصور عن أبي هاشم عن أبي مجلز قوله
أما حديث سفيان فأسنده المؤلف في المغازي وغيره
وأما حديث عثمان ...). [تغليق التعليق: 4/262]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} (الحج: 19)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {هذان خصمان} ... الآية، وليس في بعض النّسخ لفظ: باب، والخصمان تثنية خصم وهو يطلق على الواحد وغيره، ويقال: الخصم إسم شبيه بالمصدر فلذلك قال: اختصموا، والخصم من تقع منه المخاصمة.
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ حدثنا هشيمٌ أخبرنا أبوا هاشمٍ عن أبي مجلزٍ عن قيس بن عبادٍ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنّه كان يقسم فيها إنّ هاذه الآية: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في يوم بدرٍ.
(انظر الحديث 3966 وطرفه) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وهشيم بالتّصغير ابن بشير كذلك، وأبو هاشم يحيى بن دينار الرماني بضم الرّاء، وأبو مجلز، بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللّام وبالزاي: اسمه لاحق بن حميدي السدودي، وقيس بن عباد، بضم العين المهملة وتخفيف الباء الوحدة: البصريّ، وأبو ذر اسمه جندب بن جنادة، والحديث قد مر في كتاب المغازي في: باب قتل أبي جهل.
قوله: (كان يقسم فيها) ، هكذا وقع في رواية أبي ذر عن الكشميهني، قيل: هو تصحيف والصّواب رواية الأكثرين: يقسم قسما. قوله: (في ربهم) . أي: في دينه وأمره. قوله: (في حمزة وصاحبيه) ، هما: عليّ وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. قوله: (وعتبة) ، هو ابن ربيعة وصاحباه: أخوه شيبة والوليد بن عتبة المذكور.
رواه سفيان عن أبي هاشمٍ
أي: روى الحديث المذكور بإسناده ومتنه سفيان الثّوريّ عن أبي هاشم المذكور، وقد تقدّمت روايته موصولة في غزوة بدر.
وقال عثمان عن جريرٍ عن منصور عن أبي هاشمٍ عن أبي مجلزٍ قوله
أي: قال عثان بن أبي شيبة شيخ البخاريّ عن جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن أبي هاشم المذكور عن أبي مجلز المذكور (قوله:) أي: موقوفا عليه.
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا أبو مجلزٍ عن قيس بن عبادٍ عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمان للخصومة يوم القيامة.
(انظر الحديث 3965 وطرفه) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. والحديث قد مر في المغازي عن محمّد بن عبد الله الرقاشي عن معتمر بن سليمان عن أبيه.
قال قيسٌ وفيهم نزلت: {هاذان خصمان اختصموا في ربّهم} (الحج: 19) قال هم الّذين بارزوا يوم بدر عليٌّ وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
أي: قال قيس بن عباد المذكور. قوله: (عليّ وحمزة وعبيدة) ، أي: عليّ بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث هؤلاء الثّلاثة المسلمون أقارب بعض لأولئك الكفّار وهم شيبة ... إلى آخره. فإن قلت: روى الطّبريّ من طريق العوفيّ عن ابن عبّاس أنّها نزلت في أهل الكتاب والمسلمين ومن طريق الحسن قال: هم الكفّار والمؤمنون، ومن طريق مجاهد: هو اختصام المؤمن والكافر في البعث. قلت: الآية إذا نزلت في سبب في الأسباب لا يمتنع أن تكون عامّة في نظير ذلك السّبب، والله تعالى أعلم). [عمدة القاري: 19/69-70]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19]
هذا (باب) بالتنوين وسقط لغير أبي ذر (قوله) تعالى: ({هذان خصمان اختصموا في ربهم}) [الحج: 19] أي في دين ربهم والخصم في الأصل مصدر فيوحد ويذكر غالبًا كقوله: {نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب} [ص: 21] ويجوز أن يثنى ويجمع ويؤنث كهذه الآية ولما كان كل خصم فريقًا يجمع طائفة قال اختصموا بصيغة الجمع كقوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات: 9] فالجمع مراعاة للمعنى. وقال في الكشاف: الخصم صفة وصف بها الفوج أو الفريق فكأنه قيل هذان فوجان أو فريقان يختصمان، وقوله (هذان) للفظ واختصموا للمعنى قال في الدار: إن عنى بقوله أن الخصم صفة بطريق الاستعمال المجازي فمسلم لأن المصدر يكثر الوصف به وإن أراد أنه صفة حقيقة فخطؤه ظاهر لتصريحهم بأن رجل خصم مثل رجل عدل.
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا أبو هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- أنّه كان يقسم فيها إنّ هذه الآية: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في يوم بدرٍ. رواه سفيان عن أبي هاشمٍ وقال عثمان عن جريرٍ عن منصورٍ عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ قوله.
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) الأنماطي السلمي مولاهم البصري قال: (حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة مصغرًا ابن بشير مصغرًا أيضًا قال: (أخبرنا أبو هاشم) يحيى بن دينار الرماني بضم الراء وتشديد الميم الواسطي (عن أبي مجلز) بكسم الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي لاحق بن حميد السدوسي (عن قيس بن عباد) بضم العين المهملة وتخفيف الموحدة البصري (عن أبي ذر) جندب بن جنادة (-رضي الله عنه- أنه كان يقسم فيها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قسمًا بفتح السين بدل قوله فيها وهو الصواب ورواية الكشميهني فيها تصحيف كما لا يخفى إذ المراد القسم الذي هو الحلف (إن هذه الآية {هذان خصمان اختصموا في ربهم} نزلت في حمزة) بن عبد المطلب (و) في (صاحبيه) علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وهؤلاء الثلاثة الفريق المؤمنون (و) في (عتبة) بن ربيعة بن عبد شمس (و) في (صاحبيه) أخيه شيبة والوليد بن عتبة المذكور وهم الفريق الآخر (يوم برزوا في يوم) وقعة (بدر) والستة كلهم من قريش ثلاثة منهم مسلمون وهم من بني عبد مناف اثنان من بني هاشم والثالث وهو عبيدة من بني عبد المطلب، وباقيهم مشركون وهم من بني عبد شمس بن عبد مناف وتفصيل مبارزتهم على المشهور أن حمزة لعتبة وعبيدة لشيبة وعليًّا للوليد. وقيل: إن عبيدة للوليد وعليًّا لشبيه والسند بذلك أصح مما قبله إلا أن ذلك أنسب، وقتل كل واحد من المسلمين من برز له من الكفار إلا عبيدة فإنه اختلف مع من بارزه بضربتين فوقعت الضربة في ركبة عبيدة ومال حمزة وعلي إليه فأعاناه على قتله واستشهد عبيدة من تلك الضربة بالصفراء عند رجوعهم.
(رواه) أي حديث الباب هذا بإسناده ومتنه (سفيان) الثوري فيما وصله المؤلّف في المغازي (عن أبي هاشم) شيخ هشيم المذكور هنا عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي ذر بلفظ نزلت ({هذان خصمان اختصموا في ربهم}) في ستة من قريش علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وأخيه عتبة والوليد بن عتبة (وقال عثمان) هو ابن أبي شيبة (عن جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي هاشم) هو ابن دينار الرماني (عن أبي مجلز) هو لاحق السدوسي (قوله) أي هو من قوله موقوفًا عليه، وقد وصله أبو هاشم في رواية الثوري وهشيم إلى أبي ذر كما مر قريبًا والحكم للواصل إذا كان حافظًا على ما لا يخفى والثوري أحفظ من منصور فتقدم روايته.
- حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي قال: حدّثنا أبو مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- قال: أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة قال قيسٌ: وفيهم نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: هم الّذين بارزوا يوم بدرٍ عليٌّ وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة.
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم قال: (حدّثنا معتمر بن سليمان قال: (سمعت أبي) سليمان بن طرخان بالخاء المعجمة التيمي (قال: حدّثنا أبو مجلز) لاحق السدوسي (عن قيس بن عباد) بضم العين وتخفيف الموحدة (عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-) وسقط لأبي ذر ابن أبي طالب أنه (قال: أنا أوّل من يجثو) بالجيم أي يجلس على ركبتيه (بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة قال قيس): هو ابن عباد من قوله موقوفًا عليه (وفيهم) أي في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه (نزلت {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة) بن عبد المطلب (وعبيدة) بن الحارث بن عبد المطلب والثلاثة مسلمون (وشيبة بن ربيعة) بن عبد شمس (و) أخوه (عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة) المذكور.
ومقتضى رواية سليمان بن طرخان هذه الاقتصار على قوله: أنا أوّل من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة فقط كما أن مقتضى رواية أبي هاشم السابقة قريبًا الاقتصار على سبب النزول فليس في رواية قيس بن عباد عن أبي ذر وعلى اختلاف عليه، لكن أخرج النسائي من طريق يوسف بن يعقوب عن سليمان التيمي بهذا الإسناد إلى علي قال: فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر {هذان خصمان} وزاد أبو نعيم في مستخرجه ما في رواية معتمر بن سليمان وهو قوله أنا أوّل من يجثو وكذا أخرجه الحاكم من طريق أبي جعفر الرازي ورواه عبد بن حميد عن يزيد بن هارون وعن حماد بن مسعدة كلاهما عن سليمان التيمي كرواية معتمر فإن كان محفوظًا فيكون الحديث عند قيس عن أبي ذر وعن علي معًا بدليل اختلاف سياقهما قاله في الفتح.
وقد روي أن الآية نزلت في أهل الكتاب والمسلمين قال أهل الكتاب: نحن أحق بالله وأقدم منكم كتابًا ونبينا قبل نبيكم، وقال المؤمنون: نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وما أنزل الله من كتاب فأفلج الله الإسلام على من ناوأه وأنزل {هذا خصمان} قاله قتادة بنحوه.
وقال عكرمة: هما الجنة والنار قالت النار: خلقني الله لعقوبته، وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته فقص الله على محمد خبرهما وخصوص السبب لا يمنع العموم في نظير ذلك السبب وقول عطاء ومجاهد أن المراد الكافرون والمؤمنون يشمل الأقوال كلها وينتظم فيه قصة بدر وغيرها). [إرشاد الساري: 7/246-248]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {هذان خصمان اختصموا في ربهم}
قوله: (وفيهم نزلت: هذان خصمان اختصموا في ربهم) وقد روي أن الآية نزلت في أهل الكتاب والمسلمين. قال أهل الكتاب نحن أحق بالله، وأقدم منكم كتاباً ونبينا قبل نبيكم، وقال المؤمنون نحن أحق بالله آمنا بمحمد، وآمنا بنبيكم، وما أنزل الله من كتاب.
قوله: (عليّ وحمزة وعبيدة) والثلاثة مسلمون اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/59-60]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم}
- أخبرنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، قال: سمعت أبا ذرٍّ يقسم: " لقد نزلت هذه الآية {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] في عليٍّ وحمزة وعبيد بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، اختصموا يوم بدرٍ، خالفه سليمان التّيميّ
- أخبرنا هلال بن بشرٍ، حدّثنا يوسف بن يعقوب، حدّثنا سليمان التّيميّ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، عن عليٍّ قال: " فينا نزلت هذه الآية، في مبارزتنا يوم بدرٍ {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/190]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ يصبّ من فوق رءوسهم الحميم (19) يصهر به ما في بطونهم والجلود (20) ولهم مقامع من حديدٍ (21) كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بهذين الخصمين اللّذين ذكرهما اللّه، فقال بعضهم: أحد الفريقين: أهل الإيمان، والفريق الآخر: عبدة الأوثان من مشركي قريشٍ، الّذين تبارزوا يوم بدرٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عباد، قال: سمعت أبا ذرٍّ، يقسم قسمًا " أنّ هذه الآية: {هذان خصمان اختصموا} في ربّهم نزلت في الّذين بارزوا يوم بدرٍ: حمزة، وعليٍّ، وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة.
قال: وقال عليّ: إنّي لأوّل أو من أوّل من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي اللّه تبارك وتعالى ".
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ قال: حدّثنا مؤمّلٌ قال: حدّثنا سفيان عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبّادٍ قال: سمعت أبا ذرٍّ " يقسم باللّه قسمًا لنزلت هذه الآية في ستّةٍ من قريشٍ: حمزة بن عبد المطّلب، وعليّ بن أبي طالبٍ، وعبيدة بن الحارث رضي اللّه عنهم، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة {هذان خصمان اختصموا في ربّهم}. إلى آخر الآية: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}. إلى آخر الآية.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبّادٍ قال: سمعت أبا ذرٍّ يقسم، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن محبّبٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يسافٍ، قال: " نزلت هذه الآية في الّذين تبارزوا يوم بدرٍ: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن بعض، أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: " نزلت هؤلاء الآيات: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} في الّذين تبارزوا يوم بدرٍ: حمزة، وعليّ، وعبيدة بن الحارث، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة. إلى قوله: {وهدوا إلى صراط الحميد} ".
- قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبّادٍ، قال: واللّه، " لأنزلت هذه الآية: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} في الّذين خرج بعضهم إلى بعضٍ يوم بدرٍ حمزة، وعليّ، وعبيدة رحمة اللّه عليهم، وشيبة، وعتبة، والوليد بن عتبة ".
وقال آخرون ممّن قال: أحد الفريقين فريق الإيمان: بل الفريق الآخر أهل الكتاب.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: " هم أهل الكتاب، قالوا للمؤمنين: نحن أولى باللّه، وأقدم منكم كتابًا، ونبيّنا قبل نبيّكم. وقال المؤمنون: نحن أحقّ باللّه، آمنّا بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وآمنّا بنبيّكم، وبما أنزل اللّه من كتابٍ، فأنتم تعرفون كتابنا ونبيّنا، ثمّ تركتموه وكفرتم به حسدًا. وكان ذلك خصومتهم في ربّهم ".
وقال آخرون منهم: بل الفريق الآخر الكفّار كلّهم من أيّ ملّةٍ كانوا.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، وعطاء بن أبي رياحٍ، وأبي قزعة، عن الحسن، قال: " هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربّهم ".
- قال حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: " مثل الكافر والمؤمن - قال ابن جريجٍ - خصومتهم الّتي اختصموا في ربّهم، خصومتهم في الدّنيا من أهل كلّ دينٍ، يرون أنّهم أولى باللّه من غيرهم ".
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، قال: كان عاصمٌ والكلبيّ يقولان جميعًا في: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: " أهل الشّرك والإسلام حين اختصموا أيّهم أفضل، قال: جعل الشّرك ملّةً ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: " مثل المؤمن والكافر اختصامهما في البعث ".
وقال آخرون: الخصمان اللّذان ذكرهما اللّه في هذه الآية: الجنّة والنّار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن عكرمة: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: " هما الجنّة والنّار اختصمتا، فقالت النّار: خلقني اللّه لعقوبته وقالت الجنّة: خلقني اللّه لرحمته فقد قصّ اللّه عليك من خبرهما ما تسمع ".
وأولى هذه الأقوال عندي بالصّواب، وأشبهها بتأويل الآية قول من قال: عني بالخصمين جميع الكفّار من أيّ أصناف الكفر كانوا، وجميع المؤمنين. وإنّما قلت ذلك أولى بالصّواب، لأنّه تعالى ذكره ذكر قبل ذلك صنفين من خلقه: أحدهما أهل طاعةٍ له بالسّجود له، والآخر: أهل معصيةٍ له قد حقّ عليه العذاب، فقال: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّموات ومن في الأرض والشّمس والقمر} ثمّ قال: {وكثيرٌ من النّاس وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} ثمّ أتبع ذلك صفة الصّنفين كليهما وما هو فاعلٌ بهما، فقال: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} وقال اللّه: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} فكان بيّنًا بذلك أنّ ما بين ذلك خبرٌ عنهما.
فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ فيما روي عن أبي ذرٍّ في قوله: إنّ ذلك نزل في الّذين بارزوا يوم بدرٍ؟ قيل: ذلك إن شاء اللّه كما روي عنه، ولكنّ الآية قد تنزل بسببٍ من الأسباب، ثمّ تكون عامّةً في كلّ ما كان نظير ذلك السّبب.
وهذه من تلك، وذلك أنّ الّذين تبارزوا إنّما كان أحد الفريقين أهل شركٍ وكفرٍ باللّه، والآخر أهل إيمانٍ باللّه وطاعةٍ له، فكلّ كافرٍ في حكم فريق الشّرك منهما في أنّه لأهل الإيمان خصمٌ، وكذلك كلّ مؤمنٍ في حكم فريق الإيمان منهما في أنّه لأهل الشّرك خصمٌ.
فتأويل الكلام: هذان خصمان اختصموا في دين ربّهم، واختصامهم في ذلك معاداة كلّ فريقٍ منهما الفريق الآخر، ومحاربته إيّاه على دينه.
وقوله: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} يقول تعالى ذكره: فأمّا الكافر باللّه منهما فإنّه يقطّع له قميصٌ من نحاس من نارٍ.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} قال: " الكافر قطّعت له ثيابٌ من نارٍ، والمؤمن يدخله اللّه جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} قال: " ثيابٌ من نحاسٍ، وليس شيءٌ من الآنية أحمي وأشدّ حرًّا منه ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: " الكفّار قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ، والمؤمن يدخل جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ".
وقوله: {يصبّ من فوق رءوسهم الحميم} يقول: يصبّ على رءوسهم ماءٌ مغلًى كما؛
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الطّالقانيّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ الحميم ليصبّ على رءوسهم، فينفذ الجمجمة، حتّى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه حتّى يبلغ قدميه، وهي الصّهر، ثمّ يعاد كما كان ".
- حدّثني محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا يعمر بن بشرٍ قال: حدّثنا ابن المبارك قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمثله، إلاّ أنّه قال: " فينفذ الجمجمة، حتّى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه ".
وكان بعضهم يزعم أنّ قوله: {ولهم مقامع من حديدٍ} من المؤخّر الّذي معناه التّقديم، ويقول: وجه الكلام: فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ. ولهم مقامع من حديدٍ، يصبّ من فوق رءوسهم الحميم، ويقول: إنّما وجب أن يكون ذلك كذلك، لأنّ الملك يضربه بالمقمع من الحديد حتّى يثقب رأسه، ثمّ يصبّ فيه الحميم الّذي انتهى حرّه فيقطّع بطنه.
والخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي ذكرنا، يدلّ على خلاف ما قال هذا القائل، وذلك أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر أنّ الحميم إذا صبّ على رءوسهم نفذ الجمجمة حتّى يخلص إلى أجوافهم، وبذلك جاء تأويل أهل التّأويل، ولو كانت المقامع قد ثقبت رءوسهم قبل صبّ الحميم عليها، لم يكن لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ الحميم ينفذ الجمجمة " معنًى، ولكنّ الأمر في ذلك بخلاف ما قال هذا القائل). [جامع البيان: 16/489-496]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنبأ أبو عبد الرّحمن أحمد بن شعيبٍ الفقيه بمصر، ثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، حدّثني أبي، حدّثني سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن أبي هاشمٍ الواسطيّ، أظنّه عن أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبّادٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، أنّه قال: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] قال: «نزلت فينا وفي الّذين بارزوا يوم بدرٍ عتبة وشيبة والوليد» هذا حديثٌ صحيح الإسناد عن عليٍّ رضي اللّه عنه، وقد اتّفق الشّيخان على إخراجه من حديث الثّوريّ "
- كما حدّثناه أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ وكيعٌ، ثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ الرّمّانيّ يحيى بن دينارٍ الواسطيّ، عن أبي مجلزٍ، لاحق بن حميدٍ السّدوسيّ، عن قيس بن عبّادٍ، قال: سمعت أبا ذرٍّ، " يقسم لنزلت هذه الآية في هؤلاء الرّهط السّتّة يوم بدرٍ: عليٌّ وحمزة وعبيدة وشيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] إلى قوله تعالى: {نذقه من عذابٍ أليمٍ} [الحج: 25] وقد تابع سليمان التّيميّ أبا هاشمٍ على روايته عن أبي مجلزٍ عن قيسٍ عن عليٍّ مثل الأوّل
- أخبرناه أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب، ثنا حامد بن أبي حامدٍ المقرئ، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن سليمان التّيميّ، عن لاحق بن حميدٍ، عن قيس بن عبّادٍ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: نزلت {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] في الّذين بارزوا يوم بدرٍ: حمزة بن عبد المطّلب، وعليٌّ، وعبيدة بن الحارث، وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة " قال عليٌّ: وأنا أوّل من يجثو للخصومة على ركبتيه بين يدي اللّه يوم القيامة «لقد صحّ الحديث بهذه الرّوايات عن عليٍّ كما صحّ عن أبي ذرٍّ الغفاريّ وإن لم يخرجاه»). [المستدرك: 2/418-419]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو بكرٍ محمّد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمّد بن أحمد بن النّضر الأزديّ، ثنا معاوية بن عمرٍو، ثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتًا بل أحياءٌ عند ربّهم} [آل عمران: 169] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/419]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن حليمٍ المروزيّ، أنبأ أبو الموجّه، أنبأ عبدان، أنبأ ابن المبارك، أنبأ سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن أبي حجيرة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، وتلا قول اللّه عزّ وجلّ {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} [الحج: 19] فقال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الحميم ليصبّ على رءوسهم فينفذ الجمجمة حتّى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتّى يمزّق قدميه وهو الصّهر، ثمّ يعاد كما كان» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/419]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة، قال قيس بن عبادٍ: فيهم نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] قال: هم الذين تبارزوا يوم بدرٍ: عليٌّ، وحمزة، وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة.
وفي رواية أنّ عليّاً قال: نزلت هذه الآية في مبارزتنا يوم بدرٍ {هذان خصمان اختصموا في ربّهم } أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
(يجثو) أي: يقعد على ركبتيه). [جامع الأصول: 2/241-242]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -: قال قيس بن عبادٍ: سمعت أبا ذرّ يقسم قسماً: أنّ [هذه الآية] {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} نزلت في الذين برزوا يوم بدرٍ: حمزة، وعليّ، وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة. أخرجه البخاري، ومسلم.
وهذا الحديث آخر حديث في «صحيح مسلم»). [جامع الأصول: 2/242-243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسما إن هذه الآية {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله {إن الله يفعل ما يريد} نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين تبارزوا يوم بدر وهم: حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، قال علي رضي الله عنه: أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/421]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي، وابن جرير والبيهقي من طريق قيس بن عبادة عن علي رضي الله عنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: فيهم نزلت {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: هم الذين بارزوا يوم بدر: علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد ابن عتبة). [الدر المنثور: 10/422]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لما بارز علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد قالوا لهم: تكلموا نعرفكم، قال: أنا علي وهذا حمزة وهذا عبيدة، فقالوا: أكفاء كرام فقال علي: أدعوكم إلى الله وإلى رسوله، فقال عتبة: هلم للمبارزة، فبارز علي شيبة فلم يلبث أن قتله وبارز حمزة عتبة فقتله وبارز عبيدة الوليد فصعب عليه فأتى علي فقتله، فأنزل الله {هذان خصمان} ). [الدر المنثور: 10/422]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: لما التقوا يوم بدر قال لهم عتبة بن ربيعة: لا تقتلوا هذا الرجل فانه إن يكن صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقة وان يكن كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه، فقال أبو جهل بن هشام: لقد امتلأت رعبا، فقال عتبة: ستعلم أينا الجبان المفسد لقومه، قال: فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فنادوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا: ابعث إلينا أكفاءنا نقاتلهم، فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلسوا، قوموا يا بني هاشم، فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم فقال عتبة: تكلموا نعرفكم أن تكونوا أكفاءنا قاتلناكم، قال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب، أنا أسد الله وأسد رسوله، فقال عتبة: كفء كريم فقال علي: أنا علي بن أبي كالب، فقال: كفء كريم فقال عبيدة، أنا عبيدة بن الحارث، فقال عتبة: كفء كريم فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن ربيعة وأخذ عبيدة الوليد، فأما حمزة فأجاز على شيبة وأما علي فاختلفا ضربتين فأقام فأجاز على عتبة وأما عبيدة فأصيبت رجله، قال: فرجع هؤلاء وقتل هؤلاء فنادى أبو جهل وأصحابه: لنا العزى ولا عزى لكم فنادى منادي للنبي صلى الله عليه وسلم قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فأنزل الله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} ). [الدر المنثور: 10/422-423]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن لاحق بن حميد قال: نزلت هذه الآية يوم بدر {هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} في عتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، ونزلت {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله (وهدوا إلى صراط الحميد) في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحارث). [الدر المنثور: 10/423-424]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: مثل المؤمن والكافر اختصامها في البعث). [الدر المنثور: 10/424]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن قال: هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربهم). [الدر المنثور: 10/424]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا ونبينا قبل نبيكم، وقال المؤمنون: نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا فكان ذلك خصومتهم في ربهم). [الدر المنثور: 10/424]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: اختصم المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم وقال المسلمون: إن كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء فنحن أولى بالله منكم فأفلج الله أهل الإسلام على من ناوأهم فأنزل الله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله {عذاب الحريق} ). [الدر المنثور: 10/424-425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: هما الجنة والنار اختصمتا فقالت النار: خلقني الله لعقوبته، وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته). [الدر المنثور: 10/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن جاهد {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} قال: الكافر قطعت له ثياب من نار والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الأنهار). [الدر المنثور: 10/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {قطعت لهم ثياب من نار} من نحاس وليس من الآنية شيء إذا حمي اشتد بأحر منه، وفي قوله {يصب من فوق رؤوسهم الحميم} قال: النحاس يذاب على رؤوسهم، وفي قوله {يصهر به ما في بطونهم} قال: تسيل أمعاؤهم والجلود قال: تتناثر جلودهم حتى يقوم كل عضو بحياله). [الدر المنثور: 10/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي أنه قرأ قوله {قطعت لهم ثياب من نار} قال: سبحان من قطع من النار ثيابا). [الدر المنثور: 10/426]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال: كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم). [الدر المنثور: 10/426]

تفسير قوله تعالى: (يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن الحسن، قال: {يصهر به ما في بطونهم} [سورة الحج: 20-21]، قال: يقطع به ما في بطونهم، {ولهم مقامعُ من حديد} بأيدي الزبانية، قال: وذلك أن النار تصهرهم بلهبها فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع فهووا سبعين خريفًا، ولذلك سميت الهاوية لأنهم لا يستقرون ساعة، فإذا انتهوا إلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها، والزفير زفير اللهب، والشهيق بكاؤهم {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم} يقول: رجوا أن يخرجوا). [الزهد لابن المبارك: 2/602]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى يصهر به ما في بطونهم قال يذاب به ما في بطونهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/34]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال: يذاب به). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 444]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال: يذاب له ما في بطونهم كما يذاب الشحم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 116]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يصهر به ما في بطونهم والجلود} يقول: يذاب بالحميم الّذي يصبّ من فوق رءوسهم ما في بطونهم من الشّحوم، وتشوى جلودهم منه فتتساقط. والصّهر: هو الإذابة، يقال منه: صهرت الألية بالنّار: إذا أذبتها، أصهرها صهرًا، ومنه قول الشّاعر:
تروي لقًي ألقي في صفصفٍ = تصهره الشّمس ولا ينصهر
ومنه قول الرّاجز:
شكّ السّفافيد الشّواء المصطهر
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يصهر به} قال: " يذاب إذابةً ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
قال ابن جريجٍ {يصهر به} قال: ما قطّع لهم من العذاب.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {يصهر به ما في بطونهم} قال: " يذاب به ما في بطونهم ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ}. إلى قوله: {يصهر به ما في بطونهم والجلود} يقول: " يسقون ما إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قال هارون: " إذا عام أهل النّار "، وقال جعفرٌ: " إذا جاع أهل النّار استغاثوا بشجرة الزّقّوم، فيأكلون منها، فاختلست جلود وجوههم، فلو أنّ مارًّا مرّ بهم يعرفهم، يعرف جلود وجوههم فيها، ثمّ يصبّ عليهم العطش، فيستغيثوا، فيغاثوا بماءٍ كالمهل، وهو الّذي قد انتهى حرّه، فإذا أدنوه من أفواههم انشوى من حرّه لحوم وجوههم الّتي قد سقطت عنها الجلود، و{يصهر به ما في بطونهم} يمشون وأمعاءهم، تسّاقط وجلودهم، ثمّ يضربون بمقامع من حديدٍ، فيسقط كلّ عضو على حياله، يدعون بالويل والثّبور "). [جامع البيان: 16/496-497]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يصهر به قال يذاب به إذابة). [تفسير مجاهد: 421]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والترمذي وصححه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية، وابن مردويه عن أبي هريرة أنه تلا هذه الآية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدمه وهو الصهر ثم يعاد كما كان). [الدر المنثور: 10/426]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: يأتيه الملك يحمل الإناء بكليتين من حرارته فإذا أدناه من وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفذغ دماغه ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه، فذلك قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} ). [الدر المنثور: 10/426-427]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن سعيد ابن جبير قال: إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد سقطت عنه الجلود و{يصهر به ما في بطونهم} يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ثم يضربون، بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالويل والثبور). [الدر المنثور: 10/427]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال: يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم، وفي قوله: {ولهم مقامع من حديد} قال: يضربون بها فيقع كل عضو على حياله). [الدر المنثور: 10/427-428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {يصهر} قال: يذاب {ما في بطونهم} إذا شربوا الحميم، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت قول الشاعر:
سخنت صهارته فظل عثانه * في شيطل كعب به تتردد
وظل مرتثيا للشمس تصهره * حتى إذا لشمس قامت جانبا عدلا). [الدر المنثور: 10/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال: يسقون ماء إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون). [الدر المنثور: 10/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يصهر به ما في بطونهم} قال: يذاب إذابة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك مثله). [الدر المنثور: 10/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة {يصهر به} قال: يذاب). [الدر المنثور: 10/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {يصهر به} قال: يذاب كما يذاب الشحم). [الدر المنثور: 10/429]

تفسير قوله تعالى: (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن الحسن، قال: {يصهر به ما في بطونهم} [سورة الحج: 20-21]، قال: يقطع به ما في بطونهم، {ولهم مقامعُ من حديد} بأيدي الزبانية، قال: وذلك أن النار تصهرهم بلهبها فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع فهووا سبعين خريفًا، ولذلك سميت الهاوية لأنهم لا يستقرون ساعة، فإذا انتهوا إلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها، والزفير زفير اللهب، والشهيق بكاؤهم {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم} يقول: رجوا أن يخرجوا). [الزهد لابن المبارك: 2/602](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولهم مقامع من حديدٍ} تضرب رءوسهم بها الخزنة إذا أرادوا الخروج من النّار حتّى ترجعهم إليها). [جامع البيان: 16/498]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن سعيد ابن جبير قال: إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد سقطت عنه الجلود و{يصهر به ما في بطونهم} يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ثم يضربون، بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالويل والثبور). [الدر المنثور: 10/427] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال: يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم، وفي قوله: {ولهم مقامع من حديد} قال: يضربون بها فيقع كل عضو على حياله). [الدر المنثور: 10/427-428] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ولهم مقامع} قال: مطارق). [الدر المنثور: 10/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان عمر يقول: أكثروا ذكر النار فإن حرها شديد وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد). [الدر المنثور: 10/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ما أقلوه في الأرض ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان). [الدر المنثور: 10/429-430]

تفسير قوله تعالى: (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن الحسن، قال: {يصهر به ما في بطونهم} [سورة الحج: 20-21]، قال: يقطع به ما في بطونهم، {ولهم مقامعُ من حديد} بأيدي الزبانية، قال: وذلك أن النار تصهرهم بلهبها فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع فهووا سبعين خريفًا، ولذلك سميت الهاوية لأنهم لا يستقرون ساعة، فإذا انتهوا إلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها، والزفير زفير اللهب، والشهيق بكاؤهم {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم} يقول: رجوا أن يخرجوا). [الزهد لابن المبارك: 2/602](م)
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن سلمان، قال: النار سوداء، لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثم قرأ: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها} [سورة الحج: 22] ). [الزهد لابن المبارك: 2/585]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها}.

يقول: كلّما أراد هؤلاء الكفّار الّذين وصف اللّه صفتهم الخروج من النّار ممّا نالهم من الغمّ والكرب، ردّوا إليها كما؛
- حدّثنا مجاهد بن موسى، قال: حدّثنا جعفر بن عونٍ، قال: أخبرنا الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: " النّار سوداء مظلمةٌ، لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثمّ قرأ: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها}.
وقد ذكر أنّهم يحاولون الخروج من النّار حين تجيش جهنّم فتلقي من فيها إلى أعلى أبوابها، فيريدون الخروج، فتعيدهم الخزّان فيها بالمقامع، ويقولون لهم إذا ضربوهم بالمقامع: {ذوقوا عذاب الحريق} ".
وعني بقوله: {وذوقوا عذاب الحريق} ويقال لهم: ذوقوا عذاب النّار.
وقيل: عذاب الحريق، والمعنى: المحرق، كما قيل: العذاب الأليم، بمعنى: المؤلم). [جامع البيان: 16/498]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن سلمان رضي اللّه عنه، قال: " النّار سوداء لا يضيء لهيبها ولا جمرها، ثمّ قرأ هذه الآية {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها} [الحج: 22] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سلمان قال: النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبا ولا جمرها، ثم قرأ {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} ). [الدر المنثور: 10/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر القاري أنه قرأ هذه الآية {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم} فبكى وقال: أخبرني زيد بن أسلم في هذه الآية أن أهل النار في النار لا يتنفسون). [الدر المنثور: 10/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض في الآية قال: والله ما طمعوا في الخروج لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة ولكن يرفعهم لهبا وتردهم مقامعها). [الدر المنثور: 10/430]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ولباسهم فيها حريرٌ}
- أخبرنا محمود بن غيلان، حدّثنا النّضر بن شميلٍ، أخبرنا شعبة، حدّثنا خليفة، قال: سمعت عبد الله بن الزّبير، يحدّث يخطب، فقال: لا تلبسوا الحرير، فإنّي سمعت عمر بن الخطّاب يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من لبسه في الدّنيا لم يلبسه في الآخرة»، وقال ابن الزّبير: إنّه من لبسه في الدّنيا لم يدخل الجنّة، قال الله تعالى: {ولباسهم فيها حريرٌ} [الحج: 23]
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، قال: سمعت عبد الله بن الزّبير، وهو على المنبر يخطب، يقول: قال محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم: «من لبس الحرير في الدّنيا لم يلبسه في الآخرة»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/191]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا ولباسهم فيها حريرٌ (23) وهدوا إلى الطّيّب من القول وهدوا إلى صراط الحميد}.
يقول تعالى ذكره: وأمّا الّذين آمنوا باللّه ورسوله فأطاعوهما بما أمرهم اللّه به من صالح الأعمال، فإنّ اللّه يدخلهم جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار، فيحلّيهم فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ولؤلؤًا} فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة نصبًا مع الّتي في الملائكة، بمعنى: يحلّون فيها أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا، عطفًا باللّؤلؤ على موضع الأساور، لأنّ الأساور وإن كانت مخفوضةً من أجل دخول ( من ) فيها، فإنّها بمعنى النّصب، قالوا: وهي تعدّ في خطّ المصحف بالألف، فذلك دليلٌ على صحّة القراءة بالنّصب فيه.
وقرأت ذلك عامّة قرّاء العراق والمصرين: ( ولؤلؤٍ ) خفضًا، عطفًا على إعراب الأساور الظّاهر.
واختلف الّذين قرءوا ذلك كذلك في وجه إثبات الألف فيه، فكان أبو عمرو بن العلاء فيما ذكر لي عنه يقول: أثبتت فيه كما أثبتت في ( قالوا )، و( كالوا ).
وكان الكسائيّ يقول: أثبتوها فيه للهمزة، لأنّ الهمزة حرفٌ من الحروف.
والقول في ذلك عندي أنّهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء، متّفقتا المعنى، صحيحتا المخرج في العربيّة، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {ولباسهم فيها حريرٌ} يقول: ولبوسهم الّتي تلي أبشارهم فيها ثيابٌ حريرٌ). [جامع البيان: 16/499-500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن عمر قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة). [الدر المنثور: 10/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي والحاكم عن أبي هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في الآخرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة). [الدر المنثور: 10/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، قال ابن الزبير من قبل نفسه: ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة لأن الله تعالى قال: {ولباسهم فيها حرير} ). [الدر المنثور: 10/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي والحاكم، وابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وان دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه). [الدر المنثور: 10/431]

تفسير قوله تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({وهدوا إلى الطّيّب} [الحج: 24]: «ألهموا» وقال ابن أبي خالدٍ: إلى القرآن {وهدوا إلى صراط الحميد} [الحج: 24]: «الإسلام»). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وهدوا إلى صراط الحميد الإسلام هكذا لهم وسيأتي تحريره من رواية النّسفيّ قريبا). [فتح الباري: 8/441]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وهدوا إلى الطّيب من القول ألهموا إلى القرآن سقط قوله إلى القرآن لغير أبي ذرٍّ ووقع في رواية النّسفيّ وهدوا إلى الطّيب ألهموا وقال بن أبي خالدٍ إلى القرآن وهدوا إلى صراط الحميد الإسلام وهذا هو التّحرير وقد أخرج الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله وهدوا إلى الطّيّب من القول قال ألهموا وروى بن المنذر من طريق سفيان عن إسماعيل بن أبي خالدٍ في قوله إلى الطّيّب من القول قال القرآن وفي قوله وهدوا إلى صراط الحميد الإسلام). [فتح الباري: 8/441]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير ثنا علّي ثنا عبد الله ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 24 الحج {وهدوا إلى الطّيب من القول} قال ألهموا). [تغليق التعليق: 4/261]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وهدوا إلى الطّيّب من القول ألهموا إلى القرآن
هذا في وصف أهل الجنّة، وفسّر الطّيب من القول بقوله: (ألهموا إلى القرآن) هكذا فسره السّديّ. قوله: (وعن ابن عبّاس يريد لا إله إلاّ الله والحمد لله) وزاد ابن زيد: (والله أكبر) . قوله: (ألهموا) في رواية النّسفيّ: (إلى القرآن) ولم يثبت إلاّ في رواية أبي ذر، ولا بد منه لأن ذكر شيء من القرآن من غير تفسيره لا طائل تحته). [عمدة القاري: 19/67]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وهدوا إلى الطيب من القول}) [الحج: 24] قال ابن عباس فيما أخرجه الطبري من طريق عليّ بن أبي طلحة أي (ألهموا) ولأبي ذر وهدوا إلى الطيب من القول أي ألهموا القرآن وفي رواية له أيضًا إلى القرآن ورواه ابن المنذر من طريق سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد. وقال ابن عباس: الطيب من القول شهادة أن لا إله إلا الله ويؤيده قوله: {مثل كلمة طيبة} [إبراهيم: 24] وقوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] وعنه في رواية عطاء هو قول أهل الجنة: {الحمد لله الذي صدقنا وعده} [الزمر: 74].
({وهدوا إلى صراط الحميد}) [الحج: 24] هو (الإسلام) ولأبوي ذر والوقت الإسلام بالجرّ أي إلى الإسلام والحميد هو الله المحمود في أفعاله وهذا ثابت لأبي ذر عن الحموي ساقط لغيره). [إرشاد الساري: 7/244]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قوله: {وهدوا إلى الطّيّب من القول} يقول تعالى ذكره: وهداهم ربّهم في الدّنيا إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ،، قال ابن زيدٍ في قوله: {وهدوا إلى الطّيّب من القول} قال: " هدوا إلى الكلام الطّيّب: لا إله إلاّ اللّه، واللّه أكبر، والحمد للّه، قال اللّه: {إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه} ".
- حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وهدوا إلى الطّيّب من القول} قال: " ألهموا ".
وقوله: {وهدوا إلى صراط الحميد} يقول جلّ ثناؤه: وهداهم ربّهم في الدّنيا إلى طريق الرّبّ الحميد، وطريقه: دينه دين الإسلام الّذي شرعه لخلقه، وأمرهم أن يسلكوه.
والحميد: فعيلٌ، صرّف من مفعولٍ إليه، ومعناه: أنّه محمودٌ عند أوليائه من خلقه، ثمّ صرّف من محمودٍ إلى حميدٍ). [جامع البيان: 16/500]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد * إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم * وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وهدوا إلى الطيب} قال: ألهموا). [الدر المنثور: 10/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وهدوا إلى الطيب من القول} قال: في الخصومة إذ قالوا: الله مولانا ولا مولى لكم). [الدر المنثور: 10/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إسماعيل بن أبي خالد {وهدوا إلى الطيب من القول} قال: القرآن {وهدوا إلى صراط الحميد} قال: الإسلام). [الدر المنثور: 10/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {وهدوا إلى الطيب من القول} قال: الإخلاص {وهدوا إلى صراط الحميد} قال: الإسلام). [الدر المنثور: 10/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وهدوا إلى الطيب من القول} قال: لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي قال (إليه يصعد الكلم الطيب) ). [الدر المنثور: 10/432]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يزيد بن عياضٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن سعيد بن عمّارٍ، عن فاطمة السّهميّة، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنّه قال: الإلحاد ظلم الخادم فما فوق ذلك). [الجامع في علوم القرآن: 1/129-130]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله سواء العاكف فيه والباد قال سواء فيه أهله وغيرهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/34]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن جابر عن مجاهد في قوله سواء العاكف فيه والباد قال في تعظيمه وفي تحريمه). [تفسير عبد الرزاق: 2/34]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال هو الشرك من أشرك في بيت الله عذبه الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/34]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عثمان بن الأسود عن مجاهد قال سمعته يقول بيع الطعام بمكة إلحاد). [تفسير عبد الرزاق: 2/34]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي حصينٍ قال: أردت أن أعتكف فقلت: سألت سعيد بن جبيرٍ قال: أنت عاكفٌ ثمّ قرأ {سواءً العاكف فيه والباد} [الآية: 25]). [تفسير الثوري: 209]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن السّدّيّ عن مرّة عن ابن مسعودٍ أنّه قال: من همّ بخطيئة ولم يعملها لم تكتب عليه حتّى يعملها ولو أنّ رجلًا هم وهو يقدر أن يقتل رجلًا عند البيت لأذاقه اللّه عذابًا أليمًا ثمّ قرأ {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليم} [الآية: 25]). [تفسير الثوري: 209-210]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ ومجاهدٍ أنّهما قالا في قوله عزّ وجلّ: {سواءً العاكف فيه والباد} قالا: سواءً في تعظيم البلد وتحريمه). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 55]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين جحدوا توحيد اللّه، وكذّبوا رسله، وأنكروا ما جاءهم به من عند ربّهم {ويصدّون عن سبيل اللّه} يقول: ويمنعون النّاس عن دين اللّه أن يدخلوا فيه، وعن المسجد الحرام الّذي جعله اللّه للنّاس الّذين آمنوا به كافّةً، لم يخصّص منهم بعضًا دون بعضٍ {سواءً العاكف فيه والباد} يقول: معتدلٌ في الواجب عليه من تعظيم حرمة المسجد الحرام، وقضاء نسكه به، والنّزول فيه حيث شاء العاكف فيه، وهو المقيم به، والباد: وهو المنتاب إليه من غيره.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: سواءً العاكف فيه وهو المقيم فيه والباد، في أنّه ليس أحدهما بأحقّ بالمنزل فيه من الآخر.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن ابن سابطٍ، قال: " كان الحجّاج إذا قدموا مكّة لم يكن أحدٌ من أهل مكّة بأحقّ بمنزله منهم، وكان الرّجل إذا وجد سعةً نزل. ففشا فيهم السّرقة، وكلّ إنسانٍ يسرق من ناحيته، فاصطنع رجلٌ بابًا، فأرسل إليه عمر: أتّخذت بابًا من حجّاج بيت اللّه؟ فقال: لا، إنّما جعلته ليحرز متاعهم. وهو قوله: {سواءً العاكف فيه والباد} قال: الباد فيه كالمقيم، ليس أحدٌ أحقّ بمنزله من أحدٍ، إلاّ أن يكون أحدٌ سبق إلى منزلٍ.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حصينٍ، قال: " قلت لسعيد بن جبيرٍ: أعتكف بمكّة؟ قال: أنت عاكفٌ. وقرأ: {سواءً العاكف فيه والباد} ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عمّن ذكره، عن أبي صالحٍ: {سواءً العاكف فيه والباد} " العاكف: أهله، والباد: المنتاب في المنزل سواءً ".
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {سواءً العاكف فيه والباد} يقول: " ينزل أهل مكّة وغيرهم في المسجد الحرام ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {سواءً العاكف فيه والباد} قال: " العاكف فيه: المقيم بمكّة، والباد: الّذي يأتيه، هم فيه سواءٌ في البيوت ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {سواءً العاكف فيه والباد} " سواءً فيه أهله، وغير أهله ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {سواءً العاكف فيه والباد} قال: " أهل مكّة وغيرهم في المنازل سواءٌ ".
وقال آخرون في ذلك نحو الّذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {سواءً العاكف فيه} قال: " السّاكن، {والباد} الجانب، سواءٌ حقّ اللّه عليهما فيه ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ في قوله: {سواءً العاكف فيه} قال: " السّاكن {والباد} الجانب ".
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، وعطاءٍ: {سواءً العاكف فيه} قالا: " من أهله، {والباد} الّذي يأتونه من غير أهله، هما في حرمته سواءٌ ".
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترنا في ذلك، لأنّ اللّه تعالى ذكره ذكر في أوّل الآية صدّ من كفر به من أراد من المؤمنين قضاء نسكه في الحرم عن المسجد الحرام، فقال: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام} ثمّ ذكر جلّ ثناؤه صفة المسجد الحرام، فقال: {الّذي جعلناه للنّاس} فأخبر جلّ ثناؤه أنّه جعله للنّاس كلّهم، والكافرون به يمنعون من أراده من المؤمنين به عنه.
ثمّ قال: {سواءً العاكف فيه والباد} فكان معلومًا أنّ خبره عن استواء العاكف فيه والباد، إنّما هو في المعنى الّذي ابتدأ اللّه الخبر عن الكفّار أنّهم صدّوا عنه المؤمنين به، وذلك لا شكّ طوافهم وقضاء مناسكهم به، والمقام، لا الخبر عن ملكهم إيّاه، وغير ملكهم.
وقيل: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه} فعطف بـ ( يصدّون )، وهو مستقبلٌ، على ( كفروا ) وهو ماضٍ، لأنّ الصّدّ بمعنى الصّفة لهم والدّوام.
وإذا كان ذلك معنى الكلام، لم يكن إلاّ بلفظ الاسم أو الاستقبال، ولا يكون بلفظ الماضي وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: إنّ الّذين كفروا من صفتهم الصّد عن سبيل اللّه، وذلك نظير قول اللّه: {الّذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر اللّه}.
وأمّا قوله: {سواءً العاكف فيه} فإنّ قرّاء الأمصار على رفع ( سواءً ) بـ ( العاكف )، و( العاكف ) به، وإعمال ( جعلناه ) في الهاء المتّصلة به، واللاّم الّتي في قوله ( للنّاس )، ثمّ استأنف الكلام بـ ( سواءٍ ) وكذلك تفعل العرب بـ ( سواءٍ ) إذا جاءت بعد حرفٍ قد تمّ الكلام به، فتقول: مررت برجلٍ سواءٌ عنده الخير والشّرّ، وقد يجوز في ذلك الخفض. وإنّما يختار الرّفع في ذلك، لأنّ ( سواءً ) في مذهبٍ واحدٍ عندهم، فكأنّهم قالوا: مررت برجلٍ واحدٍ عنده الخير والشّرّ. وأمّا من خفضه فإنّه يوجّهه إلى: معتدلٌ عنده الخير والشّرّ، ومن قال ذلك في سواءٍ، فاستأنف به، ورفع لم يقله في (معتدلٌ)، لأنّ ( معتدلٌ ) فعلٌ مصرّحٌ، و( سواءٌ ) مصدرٌ، فإخراجهم إيّاه إلى الفعل كإخراجهم ( حسب ) في قولهم: مررت برجلٍ حسبك من رجلٍ، إلى الفعل.
وقد ذكر عن بعض القرّاء أنّه قرأه: {سواءً} نصبًا على إعمال ( جعلناه ) فيه، وذلك وإن كان له وجهٌ في العربيّة فقراءةٌ لا أستجيز القراءة بها، لإجماع الحجّة من القرّاء على خلافه.
وقوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} يقول تعالى ذكره: ومن يرد فيه إلحادًا بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلمٍ.
وأدخلت الباء في قوله {بإلحادٍ} والمعنى فيه ما قلت، كما أدخلت في قوله: {تنبت بالدّهن}، والمعنى: تنبت الدّهن، كما قال الشّاعر:
بوادٍ يمانٍ ينبت الشّثّ صدره = وأسفله بالمرخ والشّبهان
والمعنى: وأسفله ينبت المرخ والشّبهان، وكما قال أعشى بني ثعلبة:
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا = بين المراجل والصّريج الأجرد
بمعنى: ضمنت رزق عيالنا أرماحنا في قول بعض نحويّي البصريّين. وأمّا بعض نحويّي الكوفيّين فإنّه كان يقول: أدخلت الباء فيه، لأنّ تأويله: ومن يرد بأن يلحد فيه بظلمٍ. وكان يقول: دخول الباء في ( أن ) أسهل منه في ( إلحادٍ ) وما أشبهه، لأنّ ( أن ) تضمر الخوافض معها كثيرًا، وتكون كالشّرط، فاحتملت دخول الخافض وخروجه، لأنّ الإعراب لا يتبيّن فيها، وقال في المصادر: يتبيّن الرّفع والخفض فيها، قال: وأنشدني أبو الجرّاح:
فلمّا رجت بالشّرب هزّ لها العصا = شحيحٌ له عند الأداء نهيم
وقال امرؤ القيس:
ألا هل أتاها والحوادث جمّةٌ = بأنّ امرأ القيس بن تملك بيقرا
قال: فأدخل الباء على ( أن ) وهي في موضع رفعٍ كما أدخلها على ( إلحادٍ ) وهو في موضع نصبٍ. قال: وقد أدخلوا الباء على ( ما ) إذا أرادوا بها المصدر، كما قال الشّاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي = بما لاقت لبون بني زياد
وقال: وهو في ( ما ) أقلّ منه في ( أن )، لأنّ ( أن ) أقلّ شبهًا بالأسماء من ( ما ). قال: وسمعت أعرابيًّا من ربيعة، وسألته عن شيءٍ، فقال: أرجو بذاك، يريد: أرجو ذاك.
واختلف أهل التّأويل في معنى الظّلم الّذي من أراد الإلحاد به في المسجد الحرام أذاقه اللّه من العذاب الأليم، فقال بعضهم: ذلك هو الشّرك باللّه، وعبادة غيره به، أي بالبيت.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} يقول: " بشركٍ ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} " قال: هو أن يعبد فيه غير اللّه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: " هو الشّرك، من أشرك في بيت اللّه عذّبه اللّه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: هو استحلال الحرام فيه أو ركوبه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} يعني " أن تستحلّ من الحرام ما حرّم اللّه عليك من لسانٍ أو قتلٍ، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذابٌ أليمٌ ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: " يعمل فيه عملاً سيّئًا ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، ونصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قالا: حدّثنا المحاربيّ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه، قال: " ما من رجلًٍ يهمّ بسيّئةٍ فتكتب عليه، ولو أنّ رجلاً بعدن أبين همّ أن يقتل رجلاً بهذا البيت، لأذاقه اللّه من العذاب الأليم ".
- حدّثنا مجاهد بن موسى قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه، قال مجاهدٌ: قال يزيد: قال لنا شعبة رفعه، وأنا لا أرفعه لك في قول اللّه: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ قال: " لو أنّ رجلاً همّ فيه بسيّئةٍ وهو بعدن أبين، لأذاقه اللّه عذابًا أليمًا ".
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن أبيه، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، في قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: " إنّ الرّجل ليهمّ بالخطيئة بمكّة وهو في بلدٍ آخر ولم يعملها، فتكتب عليه ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} قال: " الإلحاد: الظّلم في الحرم ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك الظّلم: استحلال الحرم متعمّدًا.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {بإلحادٍ بظلمٍ} قال: " الّذي يريد استحلاله متعمّدًا، ويقال: الشّرك ".
وقال آخرون: بل ذلك احتكار الطّعام بمكّة.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن أشعث، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، في قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} قال: " هم المحتكرون الطّعام بمكّة ".
وقال آخرون: بل ذلك كلّ ما كان منهيًّا عنه من الفعل، حتّى قول القائل: لا واللّه، وبلى واللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: " كان له فسطاطان: أحدهما في الحلّ، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحلّ، فسئل عن ذلك، فقال: كنّا نحدّث أنّ من الإلحاد فيه أن يقول الرّجل: كلاّ واللّه، وبلى واللّه ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن أبي ربعيٍّ، عن الأعمش، قال: كان عبد اللّه بن عمرٍ يقول: " لا واللّه، وبلى واللّه من الإلحاد فيه.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال الّتي ذكرناها في تأويل ذلك بالصّواب القول الّذي ذكرناه عن ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، من أنّه معنيّ بالظّلم في هذا الموضع كلّ معصيةٍ للّه، وذلك أنّ اللّه عمّ بقوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} ولم يخصّص به ظلمٌا دون ظلمٍ في خبرٍ ولا عقلٍ، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلمٍ، فيعصي اللّه فيه، نذقه يوم القيامة من عذابٍ موجعٍ له.
وقد ذكر عن بعض القرّاء أنّه كان يقرأ ذلك: " ومن يرد فيه " بفتح الياء بمعنى: ومن يرده بإلحادٍ، من: وردت المكان أرده. وذلك قراءةٌ لا تجوز القراءة عندي بها لخلافها ما عليه الحجّة من القرّاء مجمعةً، مع بعدها من فصيح كلام العرب. وذلك أنّ ( يرد ) فعلٌ واقعٌ، يقال منه: هو يرد مكان كذا، أو بلدة كذا غدًا، ولا يقال: يرد في مكان كذا.
وقد زعم بعض أهل المعرفة بكلام العرب أنّ طيّئًا تقول: رغبت فيك، تريد: رغبت بك، وذكر أنّ بعضهم أنشده بيتًا له:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه = ولكنّني عن سنبسٍ لست أرغب
بمعنى: وأرغب بها. فإن كان ذلك صحيحًا كما ذكرنا، فإنّه يجوز في الكلام، فأمّا القراءة به فغير جائزةٍ لما وصفت). [جامع البيان: 16/500-511]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا قيس بن الربيع عن أبي حصين قال قلت لسعيد بن جبير أعتكف في المسجد الحرام قال أنت معتكف ما دمت بمكة لأن الله عز وجل يقول سواء العاكف فيه والباد). [تفسير مجاهد: 421]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله سواء العاكف فيه يعني الساكن بمكة والباد يعني الجانب يقول حق الله عز وجل عليهما سواء). [تفسير مجاهد: 421]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ومن يرد فيه بإلحاد بظلم يقول بعمل سيء ويقال أيضا بالشرك). [تفسير مجاهد: 421]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصمٍ الأصبهانيّ، ثنا الحسين بن حفصٍ، حدّثنا سفيان، عن زبيدٍ، عن مرّة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، في قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} [الحج: 25] بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ قال: «لو أنّ رجلًا همّ بخطيئةٍ يعني ما لم يعملها لم يكتب عليه، ولو أنّ رجلًا همّ بقتل رجلٍ عند البيت وهو بعدن أبين أذاقه اللّه عذابًا أليمًا» وقد رفعه شعبة، عن إسماعيل بن عبد الرّحمن السّدّيّ، عن مرّة). [المستدرك: 2/420]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو الحسن محمّد بن موسى بن عمران الفقيه من أصل كتابه، ثنا إبراهيم بن أبي طالبٍ، ثنا أبو هاشمٍ زياد بن أيّوب، أنبأ يزيد بن هارون، أنبأ شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، رفعه في قول اللّه عزّ وجلّ: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} [الحج: 25] قال: «لو أنّ رجلًا همّ فيه بإلحادٍ وهو بعدن أبين لأذاقه اللّه عذابًا أليمًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/420]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو الحسن محمّد بن الحسن بن عليّ بن بكرٍ العدل، أنبأ إبراهيم بن هانئٍ، ثنا الحسين بن الفضل البجليّ، حدّثنا محمّد بن كناسة، ثنا إسحاق بن عيسى بن عاصمٍ، عن أبيه، قال: أتى عبد اللّه بن عمر عبد اللّه بن الزّبير فقال: يا ابن الزّبير إيّاك والإلحاد في حرم اللّه، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّه سيلحد فيه رجلٌ من قريشٍ لو أنّ ذنوبه توزن بذنوب الثّقلين لرجحت» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/420]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {سواءً العاكف فيه والباد} [الحج: 25].
- عن ابن عبّاسٍ قال: «قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: {سواءً العاكف فيه والباد} [الحج: 25] قال: " سواءً المقيم والّذي يرحل» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه عبد اللّه بن مسلم بن هرمزٍ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/70]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} [الحج: 25].
- عن عبد اللّه بن مسعودٍ - قال شعبة: رفعه، ولا أرفعه لك - «يقول في قوله - عزّ وجلّ -: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} [الحج: 25] قال: " لو أنّ رجلًا همّ فيه بإلحادٍ وهو بعدن لأذاقه اللّه - عزّ وجلّ - عذابًا أليمًا» ".
رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجال أحمد رجال الصّحيح.
- وعن عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله - عزّ وجلّ -: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} [الحج: 25] قال: من همّ بخطيئةٍ يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتّى يعملها، ومن همّ بخطيئةٍ يعملها في البيت لم يمته اللّه حتّى يذقه من عذابٍ أليمٍ.
رواه الطّبرانيّ، وفيه الحكم بن ظهيرٍ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/70]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عبدة بن عبد اللّه، والفضل بن سهلٍ، قالا: ثنا يزيد بن هارون، أبنا شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه، قال: شعبة رفعه، وأنا لا أرفعه: «لو أنّ رجلا بعدن أبين أراده بسوءٍ أذاقه اللّه من عذابٍ أليمٍ» يعني في قول اللّه: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} [الحج: 25] قال البزّار: لا نعلم أحدًا رواه عن شعبة بهذا اللّفظ، إلا يزيد بن هارون). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/60]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا وكيعٌ، ثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- قال: "من هم بسيئة فلم يعملها يكتب عليه شيء، وإن هم بعدن أبين أن يقتل في المسجد الحرام أذاقه اللّه من عذابٍ أليمٍ ثمّ قرأ: (ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ) ".
هذا إسنادٌ موقوفٌ صحيحٌ.
رواه أبو يعلى الموصليّ: ثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، أبنا شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه- قال شعبة: رفعه وأنا لا أرفعه لك- "في قوله عزّ وجلّ: (ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ) قال: لو أنّ رجلًا همّ فيه بإلحادٍ وهو بعدن أبين لأذاقه اللّه- تعالى- عذابًا أليمًا".
- ورواه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ: ثنا يزيد بن هارون، أبنا شعبة، عن السّدّيّ أنّه سمع مرّة يقول: أنه سمع عبد الله- قال لي شعبة: ورفعه ولا أرفعه لك- يقول "في قوله تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد) ... " فذكر حديث أبي يعلى.
قلت: وقد تقدّم في كتاب الحجّ في باب ما جاء في الإلحاد بمكّة "أنّ عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال لعبد اللّه بن الزّبير: إيّاك والإلحاد في حرم مكّة فإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بها رجلٌ من قريشٍ لو وزنت ذنوب الثّقلين بذنوبه وازنته ... " الحديث). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/246-247]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أخبرنا وكيعٌ، ثنا سفيان عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه قال: من همّ بسيّئةٍ فلم يعملها لم يكتب عليه شيءٌ، وإن همّ بعدن أبين أن يقتل في المسجد الحرام أذاقه اللّه عز وجل من عذابٍ أليمٍ. ثمّ قرأ: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} الآية.
موقوفٌ قويّ الإسناد). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/56]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: حدثنا الحسن بن موسى، ثنا شيبان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان ابن عمرو رضي الله عنهما يضرب قبّتين، قبّةً في الحلّ، وقبّةً في الحرم، فقيل له: لو كنت مع ابن عمّك وأهلك؟ فقال: " إنّ مكّة بكّة. وإنّا أنبئنا أنّ من الإلحاد فيها: كلّا واللّه وبلى واللّه".
هذا موقوفٌ صحيحٌ.
- قول عمر رضي الله عنه: " لينزل البادي حيث شاء " تقدّم في أوّل الحجّ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد حميد عن ابن عباس قال: الحرم كله هو المسجد الحرام). [الدر المنثور: 10/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال: خلق الله فيه سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 10/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {سواء} يعني شرعا واحدا {العاكف فيه} قال: أهل مكة في مكة أيام الحج {والباد} قال: من كان في غير أهلها من يعتكف به من الآفاق قال: هم في منازل مكة سواء فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا لهم حتى يقضوا مناسكهم). [الدر المنثور: 10/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال البادي وأهل مكة سواء في المنزل والحرم). [الدر المنثور: 10/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد وعطاء {سواء العاكف فيه والباد} قال: سواء في تعظيم البلد وتحريمه). [الدر المنثور: 10/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في الآية قال: {سواء} في جواره وأمنه وحرمته {العاكف فيه} أهل مكة {والباد} من يعتكفه من أهل الآفاق). [الدر المنثور: 10/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن حصين قال: سألت سعيد بن جبير: أعتكف بمكة قال: لا، أنت معتكف ما أقمت، قال الله {سواء العاكف فيه والباد} ). [الدر المنثور: 10/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن مجاهد في الآية قال: الناس بمكة سواء ليس أحد أحق بالمنازل من أحد). [الدر المنثور: 10/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو قال: من أخذ من أجور بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا). [الدر المنثور: 10/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن عطاء أنه كان يكره أن تباع بيوت مكة أو تكرى). [الدر المنثور: 10/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يكره إجارة بيوت مكة). [الدر المنثور: 10/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر أن عمر نهى أن تغلق أبواب دور مكة فإن الناس كانوا ينزلون منها حيث وجدوا حتى كانوا يضربون فساطيطهم في الدور). [الدر المنثور: 10/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال له عند المروة: يا أمير المؤمنين أقطعني مكانا لي ولعقبي، فأعرض عنه عمر وقال: هو حرم الله {سواء العاكف فيه والباد} ). [الدر المنثور: 10/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: بيوت مكة لا تحل إجارتها). [الدر المنثور: 10/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن جريج قال: أنا قرأت كتاب عمر بن عبد العزيز على الناس بمكة فنهاهم عن كراء بيوت مكة ودورها). [الدر المنثور: 10/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم قال: من أكل شيئا من كراء مكة فإنما يأكل نارا). [الدر المنثور: 10/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها أبوابا حتى ينزل الحاج في عرصات الدور). [الدر المنثور: 10/435-436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال: لم يكن للدور بمكة أبواب كان أهل مصر وأهل العراق يأتون فيدخلون دور مكة). [الدر المنثور: 10/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال: البادي الذي يجيء من الحج والمقيمون سواء في المنازل ينزلون حيث شاؤوا ولا يخرج رجل من بيته). [الدر المنثور: 10/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى {سواء العاكف فيه والباد} قال: سواء المقيم والذي يرحل). [الدر المنثور: 10/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال: ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام). [الدر المنثور: 10/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: مكة مباحة لا تؤجر بيوتها ولا تباع رباعها). [الدر المنثور: 10/436-437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجة عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن). [الدر المنثور: 10/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن عمر أنه قال: يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء). [الدر المنثور: 10/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الدار قطني عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أكل كراء بيوت مكة أكل نارا). [الدر المنثور: 10/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن راهويه وأحمد، وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رفعه في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين لأذاقه الله تعالى عذابا أليما). [الدر المنثور: 10/437-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} قال: من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتى يعملها ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم). [الدر المنثور: 10/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين: أحدهما مهاجري والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة، فنزلت فيه {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} يعني من لجأ إلى الحرم {بإلحاد} يعني بميل عن الإسلام). [الدر المنثور: 10/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد}، قال: من لجأ إلى الحرم ليشرك فيه عذبه الله). [الدر المنثور: 10/438-439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: بشرك). [الدر المنثور: 10/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: هو أن يعبد فيه غير الله). [الدر المنثور: 10/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} يعني أن تستحل من الحرام ما حرم الله عليك من لسان أو قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم). [الدر المنثور: 10/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: هم المحتكرون الطعام بمكة). [الدر المنثور: 10/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وعبد بن حميد وأبو داود، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن يعلى بن أمية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه). [الدر المنثور: 10/439-440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال: احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم). [الدر المنثور: 10/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: بيع الطعام بمكة إلحاد). [الدر المنثور: 10/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: احتكار الطعام بمكة إلحاد). [الدر المنثور: 10/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن منيع، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن مجاهد قال: كان لعبد الله بن عمرو فسطاطان: أحدهما في الحل والآخر في الحرم فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم وإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الذي في الحل، فقيل له فقال: كنا نحدث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل: كلا والله وبلى والله). [الدر المنثور: 10/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال: شتم الخادم في الحرم ظلم فما فوقه). [الدر المنثور: 10/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: تجارة الأمير بمكة إلحاد). [الدر المنثور: 10/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: أقبل تبع بريد الكعبة حتى إذا كان بكراع الغميم بعث الله تعالى عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا بمشقة، ويذهب القائم يقعد فيصرع وقامت عليه ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما: ما هذا الذي بعث علي قالا: أو تؤمنا قال: أنتم آمنون، قالا: فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده قال: فما يذهب هذا عني قالا: تجرد في ثوبين ثم تقول: لبيك اللهم لبيك ثم تدخل فتطوف به فلا تهيج أحدا من أهله، قال: فإن أجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني قالا نعم، فتجرد ثم لبى فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم). [الدر المنثور: 10/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} قال: حدثنا شيخ من عقب المهاجرين والأنصار أنهم أخبروه أن أيما أحد أراد به ما أراد أصحاب الفيل عجل لهم العقوبة في الدنيا وقال: إنما يؤتي استحلاله من قبل أهله، فأخبرني عنهم أنه وجد سطران بمكة مكتوبان في المقام: أما أحدهما فكان كتابته: بسم الله والبركة وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر ومن دخله كان آمنا لا يحله إلا أهله، قال: لولا أن أهله هم الذين فعلوا به ما قد علمت لعجل لهم في الدنيا العذاب، قال: ثم أخبرني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قبل أن يستحل منه الذي يستحل قال: أجد مكتوبا في الكتاب الأول: عبد الله يستحل به الحرم وعنده عبد الله بن عمرو بن الخطاب وعبد الله بن الزبير، فقال: عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب قال كل واحد منهما: لست قارا به إلا حاجا أو معتمرا أو حاجة لا بد منها، وسكت عبد الله بن الزبير فلم يقل شيئا فاستحل من بعد ذلك). [الدر المنثور: 10/441-442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، ولو أن رجلا كان بعدن أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت والالحاد فيه: أن يستحل فيه ما حرم الله عليه فمات قبل أن يصل إلى ذلك أذاقه الله من عذاب أليم). [الدر المنثور: 10/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد} قال: إن الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه وما عملها). [الدر المنثور: 10/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال: تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات). [الدر المنثور: 10/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: القتل والشرك). [الدر المنثور: 10/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة أنه سئل عن قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: ما كنا نشك أنها الذنوب حتى جاء أعلاج من أهل البصرة إلى أعلاج من أهل الكوفة فزعموا أنها الشرك). [الدر المنثور: 10/443]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:52 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} [الحج: 19] سعيدٌ عن قتادة قال: اختصم المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب: نبيّنا قبل نبيّكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن خيرٌ منكم.
وقال المسلمون: كتابنا يقضي على الكتب كلّها ونبيّنا خاتم النّبيّين، ونحن أولى باللّه منكم.
فأفلج اللّه أهل الإسلام فقال: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} [الحج: 19] إلى آخر الآية.
وقال: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ} [الحج: 23] إلى آخر الآية.
قال يحيى: وكذلك حدّثني أبو حفصٍ، عن عمرٍو، عن الحسن.
وقوله: {خصمان اختصموا} [الحج: 19] أهل الكتاب خصمٌ والمؤمنون خصمٌ، اختصموا يعني جماعتهم.
وقال بعضهم: كلّ مؤمنٍ وكافرٍ إلى يوم القيامة قد اختصموا في اللّه وإن لم يلتقوا في الدّنيا قطّ لاختلاف الملّتين.
أمّا المؤمن فوحّد اللّه، فأخبره اللّه بثوابه وأمّا الكافر فألحد في اللّه، فعبد غيره، فأخبره اللّه بثوابه.
وقال بعضهم: نزلت في ثلاثةٍ من المؤمنين وثلاثةٍ من المشركين الّذين تبارزوا يوم بدرٍ.
فأمّا الثّلاثة من المؤمنين: فعبيدة بن الحارث، وحمزة، وعليٌّ.
وأمّا الثّلاثة من المشركين: فعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة.
قوله: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} [الحج: 19] وقال في آيةٍ أخرى: {سرابيلهم} [إبراهيم: 50] أي: قمصهم {من قطرانٍ} [إبراهيم: 50].
قال الحسن: القطران الّذي يطلى به الإبل.
وقال مجاهدٌ: من صفرٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/359]
قال الحسن: وهي من نارٍ.
وقوله: {يصبّ من فوق رءوسهم الحميم} [الحج: 19] وهو الحارّ الشّديد الحرّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم...}

فريقين أهل دينين. فأحد الخصمين المسلمون، والآخر اليهود النصارى.
وقوله: {اختصموا في ربّهم} في دين ربّهم. فقال اليهود والنصارى للمسلمين: ديننا خير من دينكم؛ لأنّا سبقناكم. فقال المسلمون: بل ديننا خير من دينكم. لأنّا آمنّا بنبيّنا والقرآن، وآمنّا بأنبيائكم وكتبكم، وكفرتم بنبّينا وكتابنا. فعلاهم المسلمون بالحجّة وأنزل الله هذه الآية.
وقوله: {اختصموا} ولم يقل: اختصما لأنهما جمعان ليسا برجلين، ولو قيل: اختصما كان صواباً. ومثله {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} يذهب إلى الجمع. ولو قيل اقتتلتا لجاز، يذهب إلى الطائفتين). [معاني القرآن: 2/220-219]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {هذان خصمان اختصموا في ربّهم فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ مّن نّار يصبّ من فوق رءوسهم الحميم}
وقال: {هذان خصمان اختصموا} لأنهما كانا حيين. و"الخصم" يكون واحدا وجماعة). [معاني القرآن: 3/9]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يصبّ من فوق رؤسهم الحميم} أي الماء الحار). [تفسير غريب القرآن: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذان خصمان اختصموا في ربّهم فالّذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يصبّ من فوق رءوسهم الحميم}
{فالّذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار}.
والمؤمنون يدخلون الجنة وهو
قوله: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّات تجري من تحتها الأنهار}.
وخبر (إنّ) الأولى جملة الكلام مع إنّ الثانية. وقد زعم قوم أن قولك: إنّ زيدا إنه قائم رديء وأنّ هذه الآية إنما صلحت في الذي.
ولا فرق بين الذي وغيره في باب (إنّ).
إن قلت إن زيدا إنه قائم كان جيدا
ومثله قول الشاعر:
إن الخليفة إنّ اللّه سربله
وليس بين البصريين خلاف في أن " (إنّ) تدخل على كل ابتداء وخبر.
تقول إنّ زيدا هو قائم وإنّ زيدا إنّه قائم). [معاني القرآن: 3/418-417]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم فالّذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يصبّ من فوق رءوسهم الحميم}
الخصمان المؤمنون والكافرون - جاء في التفسير أن اليهود قالوا للمسلمين ديننا أقدم من دينكم وكتابنا أقدم من كتابكم، فأجابهم المسلمون بأنّا آمنا بما أنزل إلينا وأنزل إليكم وآمنا باللّه وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وأنتم كفرتم ببعض الرسل فظهرت حجة المسلمين على الكافرين.
وقيل اختصموا وقد قال خصمان لأنهما جمعان.
{فالّذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار}.
وجاء في التفسير أن الثياب التي من نار هي نحاس قد أذيب). [معاني القرآن: 3/419]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ.: {يصبّ من فوق رءوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود}
يغلى به ما في بطونهم حتى يخرج من أدبارهم، فهذا لأحد الخصمين.
وقال في الخصم الذين هم مؤمنون:
{إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّات تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير} ). [معاني القرآن: 3/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هذان خصمان اختصموا في ربهم }
قد ذكرنا فيمن نزلت هذه القصة في أول هذه السورة
ثم قال جل وعز: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار }
قيل هذا لأحد الخصمين وهي الفرقة الكافرة). [معاني القرآن: 4/390]

تفسير قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {يصهر به} [الحج: 20] يحرق به.
وقال الحسن: يقطع به.
وقال مجاهدٌ: يذاب به.
وقال الكلبيّ: ينضح به.
{ما في بطونهم والجلود} [الحج: 20] يعني وتحرق به الجلود.
وهو الّذي قال الحسن: تقطع به). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يصهر به ما في بطونهم...}

يذاب به. تقول: صهرت الشحم بالنار). [معاني القرآن: 2/220]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يصهر به ما في بطونهم}: يذاب. الصهر: الإحراق. صهرته بالنار أي أنضجته). [غريب القرآن وتفسيره: 260]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يصهر به ما في بطونهم} أي يذاب. يقال: صهرت النار الشّحمة. والصّهارة: ما أذيب من الألية). [تفسير غريب القرآن: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ.: {يصبّ من فوق رءوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود }
يغلى به ما في بطونهم حتى يخرج من أدبارهم، فهذا لأحد الخصمين.
وقال في الخصم الذين هم مؤمنون:
{إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّات تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير}). [معاني القرآن: 3/419] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يصهر به ما في بطونهم }
قال مجاهد أي يذاب
قال أبو جعفر وحكى أهل اللغة صهرت الشحم أي أذبته والصهارة ما أذيب من الألية). [معاني القرآن: 4/390]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُصْهَرُ بِهِ ما في بطونهم}: أي يذاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 160]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُصْهَـرُ}: يـذاب). [العمدة في غريب القرآن: 212]

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولهم مقامع من حديدٍ} [الحج: 21] يعني من نارٍ، يقمع رأسه بالمقمعة، فيحترق رأسه، فيصبّ في الحميم حتّى يبلغ جوفه.
حمّاد بن سلمة، عن الأزرق بن قيسٍ أنا أبا العوّام سادن بيت المقدس قرأ هذه الآية: {عليها تسعة عشر} [المدثر: 30] فقال للقوم: ما تقولون تسعة عشر ملكًا أو تسعة عشر ألف ملكٍ؟ فقالوا: اللّه أعلم، فقال: هم تسعة عشر ملكًا، بيد كلّ ملكٍ مرزبّةٌ من حديدٍ لها شعبتان، فيضرب بها الضّربة فتهوي بها سبعون ألفًا، أي من أهل النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولهم مّقامع من حديدٍ...}

ذكر أنهم يطمعون (في الخروج) من النار حتى إذا همّوا بذلك ضربت الخزنة رءوسهم بالمقامع فتخسف رءوسهم فيصبّ في أدمغتهم الحميم فيصهر شحوم بطونهم، فذلك قوله في إبراهيم {ويسقى من ماءٍ صديدٍ} ممّا يذوب من بطونهم وجلودهم.
وقوله: {يتجرعه ولا يكاد يسيغه} يكره عليه). [معاني القرآن: 2/220]

تفسير قوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها} [الحج: 22] قال: الحسن: ترفعهم بلهبها، فإذا كانوا في أعلاها قمعتهم الملائكة بمقامع من حديدٍ من نارٍ، فيهوون فيها سبعين خريفًا.
قال: {وذوقوا عذاب الحريق} [الحج: 22] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا} [الحج: 23] يحيى، عن صاحبٍ له، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب أنّه قال: ليس من أهل الجنّة أحدٌ إلا وفي يده ثلاثة أسورةٍ: سوارٌ من ذهبٍ، وسوارٌ من فضّةٍ، وسوارٌ من لؤلؤٍ.
وهو قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا} [الحج: 23] أم
[تفسير القرآن العظيم: 1/360]
{وحلّوا أساور من فضّةٍ} [الإنسان: 21] قال: وحدّثني ابن لهيعة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لو أنّ رجلا من أهل الجنّة بدا إسواره لغلب على ضوء الشّمس».
قوله: {ولباسهم فيها حريرٌ} [الحج: 23] وقال في آيةٍ أخرى: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ} [الكهف: 31] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/361]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولؤلؤاً...}

قرأ أهل المدينة هذه والتي في الملائكة {ولؤلؤاً} بالألف وقرأ الأعمش كلتيهما بالخفض. ورأيتها في مصاحف عبد الله والتي في الحج خاصّة (ولؤلأ) {ولا تهجّأه} وذلك أن مصاحفه
قد أجرى الهمز فيها بالألف في كل حال إن كان ما قبلها مكسوراً أو مفتوحاً أو غير ذلك. والتى في الملائكة كتبت في مصاحفنا (ولؤلؤ) بغير ألفٍ والتي في الحج (ولؤلؤا) بالألف فخفضهما ونصبهما جائز. ونصب التي في الحج أمكن - لمكان الألف - من التي في الملائكة). [معاني القرآن: 2/220]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولباسهم فيها حريرٌ} مجازه لبوسهم،
قال أبو كبير الهدلي:
ومعى لبوسٌ للبئيس كأنه=روقٌ بجبهة ذي نعاج مجفل
أي مسرع، ذو نعاج يعني الثور.
{سواء العاكف فيه} أي المقيم فيه " والباد ": الذي لا يقيم فيه. {ومن يرد فيه بإلحادٍ} مجازه ومن يرد فيه إلحاداً والباء من حروف الزوائد وهو الزيغ والجور والعدل عن الحق ،
وفي آية أخرى {من طور سيناء تنبت بالدّهن} مجازه تنبت الدهن والعرب قد تفعل ذلك قال الشاعر
بوادٍ يمانٍ ينبت الشّتّ صدره=وأسفله بالمرخ والشّهبان
المعنى: وأسفله نبت المرخ قال:
حوءبةٌ تنقض بالضّلوع
أي تنقض الضلوع والحوءبة الدلو العظيم، يقال إنه لحوب البطن أي عظيمة قال الأعشى:
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا= ملء المراجل والصريح الأجردا
أي ضمنت رزق عيالنا أرماحنا والباء من حروف الزوائد.
{وإذ بوّأنا لإبراهيم} مجازه من قوله:
ليتني كنت قبله قد بوّأت مضجعا
ويقال للرجل: هل تبوّأت بعدنا أي هل تزوجت). [مجاز القرآن: 2/49-48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):({إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّات تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيهاحرير}
و(لولؤ) يقرأان جميعا، فمن قرأ (ولؤلؤا) فعلى معنى يحلون فيها أساور من ذهب ويحلون لؤلؤا، ومن قرأ ولؤلؤ أراد ومن لؤلؤ.
وجائز أن يكون أساور من ذهب ولؤلؤ، فيكون ذلك فيها خلطا من الصنفين ويقرأ (يحلون فيها) على معنى قولك حلي يحلى إذا صار ذا حلي). [معاني القرآن: 3/419]

تفسير قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهدوا إلى الطّيّب من القول} [الحج: 24] وهو: لا إله إلا اللّه في تفسير الكلبيّ.
وتفسير الحسن: الإيمان في الدّنيا باللّه.
وهو واحدٌ.
قوله: {وهدوا} [الحج: 24] يعني في الدّنيا.
{إلى صراط الحميد} [الحج: 24] وهو اللّه، وهو كقوله: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الشورى: 52] أي إلى الجنّة: {صراط اللّه} [الشورى: 53] طريق اللّه الّذي هدى له عباده المؤمنين إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/361]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين كفروا} [الحج: 25] تفسير السّدّيّ.
{ويصدّون عن سبيل اللّه} [الحج: 25] يعني الهدى، يعني المشركين.
{والمسجد الحرام} [الحج: 25] أي: ويصدّون عن المسجد الحرام.
وقال السّدّيّ: {ويصدّون عن سبيل اللّه} [الحج: 25] يعني: ويمنعون النّاس عن دين اللّه الإسلام.
قال: {والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس} [الحج: 25] قبلةً ونسكًا.
قوله: {سواءً العاكف فيه} [الحج: 25] السّاكن فيه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/361]
{والباد} [الحج: 25] يعني أهل مكّة، هم في بيوتها شرّعٌ سواءٌ.
تفسير السّدّيّ.
وقال قتادة: أمّا العاكف فيه فأهل مكّة، وأمّا الباد فمن ينتابه من سائر النّاس.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {العاكف فيه} [الحج: 25] السّاكن فيه {والباد} [الحج: 25] الجانب يعني من يعتقبه، أي الّذي ينتابه من النّاس للحجّ والعمرة، سواءٌ في حرمه ومناسكه وحقوقه.
قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} [الحج: 25] أي بشركٍ.
{نذقه من عذابٍ أليمٍ} [الحج: 25] حدّثنا سعيدٌ عن قتادة قال: من لجأ إلى حرم اللّه ليعبد فيه غير اللّه عذّبه اللّه.
وفي تفسير الكلبيّ: الإلحاد، الميل عن عبادة اللّه إلى الشّرك.
نا المعلّى بن هلالٍ، عن ابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، قال: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} [الحج: 25] يعبد غير اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/362]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه...}

ردّ يفعلون على فعلوا لأن معناهما كالواحد الذي وغير الذي. ولو قيل: إن الذين كفروا وصدّوا لم يكن فيها ما يسأل عنه. وردّك يفعلون على فعلوا لأنك أردت إن الذين كفروا يصّدون بكفرهم. وإدخالك الواو كقول {وليرضوه وليقترفوا} أضمرت فعلاً في الواو مع الصدّ كما أضمرته ها هنا. وإن شئت قلت: الصدّ منهم كالدائم فاختير لهم يفعلون كأنك قلت: إن الذين كفروا ومن شأنهم الصد. ومثله {إنّ الّذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيّين} وفي قراءة عبد الله {وقاتلوا الذين يأمرون بالقسط} وقال {الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم}
مثل ذلك.
ومثله في الأحزاب في قراءة عبد الله (الذين بلّغوا رسالات الله ويخشونه) فلا بأس أن تردّ فعل على يفعل كما قال {وقاتلوا الذين يأمرون}، وأن تردّ يفعل على فعل،
كما قال {إنّ الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله}.
وقوله: {سواء العاكف فيه والباد} فالعاكف من كان من أهل مكّة. والباد من نزع إليه بحجّ أو عمرة. وقد اجتمع القراء على رفع (سواء) ها هنا. وأما قوله في الشريعة:
{سواء محياهم ومماتهم} فقد نصبها الأعمش وحده، ورفعها سائر القراء. فمن نصب أوقع عليه {جعلناه} ومن رفع جعل الفعل واقعاً على الهاء واللام التي في الناس،
ثم استأنف فقال: {سواءٌ العاكف فيه والباد} ومن شأن العرب أن يستأنفوا بسواء إذا جاءت بعد حرف قد تمّ به الكلام فيقولون: مررت برجل سواءٌ عنده الخير والشرّ.
والخفض جائز. وإنما اختاروا الرفع لأن (سواء) في مذهب واحد، كأنك قلت: مررت على رجل واحدٌ عنده الخير والشرّ. ومن خفض أراد: معتدلٍ عنده الخير والشرّ .
ولا يقولون: مررت على رجل معتدلٌ عنده الخير والشر لأن (معتدل) فعل مصرّح، وسواء في مذهب مصدر. فإخراجهم إيّاه إلى الفعل كإخراجهم مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل.
وقوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} دخلت الباء في (إلحاد) لأن تأويله: ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. ودخول الباء في (أن) أسهل منه في الإلحاد وما أشبهه؛ لأن (أن) تضمر الخوافض معها كثيراً، وتكون كالشرط فاحتملت دخول الخافض وخروجه؛ لأن الإعراب لا يتبيّن فيها، وقلّ في المصادر؛ لتبيّن الرفع والخفض فيها. أنشدني أبو الجرّاح:
فلمّا رجت بالشّرب هزّ لها العصا=شحيح له عند الإزاء نهيم
(... نهيم من الصّوت).
وقال امرؤ القيس:
ألا هل أتاها والحوادث جمّة=بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا
فأدخل الباء على (أنّ) وهي في موضع رفع؛ كما أدخلها على (إلحاد بظلم) وهو في موضع نصب. وقد أدخلوها على (ما) إذا أرادوا بها المصدر، يعني الباء. وقال قيس بن زهيرٍ:
ألم يأتيك والأنباء تنمي=بما لاقت لبون بني زياد
وهو في (ما) أقل منه في (أن) لأنّ (أن) أقل شبهاً بالأسماء من (ما). وسمعت أعرابيّاً من ربيعة وسألته عن شيء فقال: أرجو بذاك. يريد: أرجو ذاك. وقد قرأ بعض القراء (ومن ترد فيه بإلحادٍ) من الورود، كأنه أراد: من ورده أو تورّده. ولست أشتهيها، لأنّ (وردت) يطلب الاسم، ألاّ ترى أنك تقول: وردنا مكّة ولا تقول: وردنا في مكّة. وهو جائز تريد النزول.
وقد تجوز في لغة الطائيّين لأنهم يقولون: رغبت فيك، يريدون: رغبت بك. وأنشدني بعضهم في بنت له:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه=ولكنني عن سنبسٍ لست أرغب
(يعني بنته) ). [معاني القرآن: 2/223-220]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نّذقه من عذابٍ أليمٍ}
وقال: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} معناه: ومن يرد إلحاداً. وزاد الباء كما تزاد في قوله: {تنبت بالدّهن}
وقال الشاعر:
أليس أميري في الأمور بأنتما = بما لستما أهل الخيانة والغدر).
[معاني القرآن: 3/9]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( و{العاكف}: المقيم.
و(البادي): الذي لا يقيم.
(الإلحاد): الزيغ والعدول عن الحق). [غريب القرآن وتفسيره: 260]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سواءً العاكف فيه والباد} المقيم فيه والبادي، وهو الطارئ من البدو، سواء فيه: ليس المقيم فيه بأولى من النازح إليه.
{ومن يرد فيه بإلحادٍ} أي من يرد فيه إلحادا. وهو الظلم والميل عن الحق. فزيدت الباء، كما قال: {تنبت بالدّهن}، وكما قال الآخر:
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور
أي لا يقرأن السّور.
وقال الآخر:
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج). [تفسير غريب القرآن: 292-291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.
كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}.
وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي اسم ربك.
و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي يشربها.
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} أي هزّي جذع.
وقال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} أي أيكم المفتون.

وقال الأعشى:
ضَمِنَتْ برزق عيالنا أرماحُنا
وقال الآخر:
نضربُ بالسَّيفِ ونرجو بالفرج
وقال امرؤ القيس:
هصرتُ بغُصْن ذِي شماريخَ ميَّال
أي: غصنا.
وقال أمية بن أبي الصّلت:
إذ يَسُفُّون بالدقيق وكانوا = قبلُ لا يأكلون شيئاً فَطِيرا
وقال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}.
وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 250-248] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}
لفظ (يصدّون) لفظ مستقبل عطف به على لفظ الماضي، لأن معنى الذين كفروا الذين هم كافرون، فكأنّه قال إنّ الكافرين والصّادّين.
وخبر (إنّ) فيه قولان أحدهما أن يكون محذوفا فيكون المعنى إنّ الذين هذه صفتهم هلكوا وجائز أن يكون - وهو الوجه - الخبر {نذقه من عذاب أليم}.
فيكون المعنى إنّ الكافرين والملحدين في المسجد الحرام نذقهم من عذاب أليم.
وقوله تعالى،: {سواء العاكف فيه والباد}.
القراءة الرفع في (سواء)، ورفعه من جهتين:
إحداهما أن يكون وقف التمام هو (الذي جعلناه للناس)، كما قال: {إن أول بيت وضع للنّاس}.
ويكون سواء العاكف فيه والباد - على الابتداء والخبر، ويجوز أن يكون على جعلناه سواء العاكف فيه، فيرتفع (سواء) على الابتداء، ويكون الخبر ههنا (العاكف فيه)، أعني خبر
{سواء العاكف} ويكون خبر {جعلناه} الجملة.
وتفسير قوله: {سواء العاكف فيه والباد} أنه يستوي في سكنى مكة المقيم بها والنارح إليها من أي بلد كان، وقيل سواء في تفضيله وإقامة المناسك العاكف. المقيم بالحرم والنارح إليه.
وقوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم}.
قيل الإلحاد فيه الشرك باللّه، وقيل كل ظالم فيه ملحد.
وجاء عن عمر أن احتكار الطعام بمكة إلحاد.
وقال أهل اللغة إن معنى الباء الطرح.
المعنى ومن يرد فيه إلحادا بظلم.
وأنشدوا قول الشاعر:
هنّ الحرائر لا ربّات أحمرة=سود المحاجر لا يقرأن بالسّور
المعنى عندهم لا يقرأن السّور، وأنشدوا:
بواد يمان ينبت الشّثّ فرعه=وأسفله بالمرخ والشّبهان
أي وينبت أسفله المرخ والشبهان.
والذي يذهب إليه أصحابنا أن الباء ليست بملغاة، المعنى عندهم ومن إرادته فيه بأن يلحد بظلم وهو مثل قوله:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما=تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل
المعنى أريد، وإرادتي لهذا.
ومعنى الإلحاد في اللغة العدول عن القصد). [معاني القرآن: 3/421-420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله }
خبر إن محذوف، والمعنى إن الذين كفروا هلكوا كما قال إن محلا وإن مرتحلا
ثم قال جل وعز: {والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد }
وحكى أبو حاتم أن بعضهم قرأ سواء بالنصب العاكف فيه والبادي بالخفض
والمعنى الذي جعلناه للناس العاكف والبادي
قال مجاهد العاكف النازل والبادي الجائي
وقال الحسن وعطاء العاكف من كان من أهل مكة والبادي من كان من غير أهلها
قال مجاهد أي هما في تعظمهما وحرمتهما سواء
وقال عطاء أي ليس أحد أحق به من أحد
وتأول عمر بن عبد العزيز الآية على أنه لا يكرى بيوت مكة
وروي عن عمر بن الخطاب أنه كان ينهي أن تغلق دور مكة في زمن الحج وأن الناس كانوا ينزلون منها حيث وجدوه فارغا وظاهر القرآن يدل على أن المراد المسجد،
كما قال جل وعز: {وهم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} لأنهم كانوا يمنعون منه ويدعون أنهم أربابه إنما ذكر المسجد ولم يذكر دور الناس ومنازلهم،
وقيل هما في إقامة المناسك سواء
وقيل ليس لأحدهما فضل على صاحبه
ثم قال جل وعز: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }
روى مرة عن عبد الله بن مسعود قال لو أن رجلا هم بخطيئة لم تكتب عليه ولو هم بقتل رجل بمكة وهو ب عدن أبين لعذبه الله جل وعز،
ثم قرأ: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}
وروى هشيم عن الحجاج عن عطاء {ومن يرد فيه بإلحاد} قال من عبد غير الله جل وعز
وقال مجاهد من عمل بسيئة
وقال حبيب بن أبي ثابت هم المحتكرو الطعام بمكة
وأبين ما قيل فيه أن معنى بإلحاد بظلم لكل معصية لأن الآية عامة
قال أبو جعفر أصل الإلحاد في اللغة الميل عن القصد ومنه سمي اللحد ولو كان مستويا لقيل ضريح ومنه قوله سبحانه: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} يقال لحد وألحد بمعنى واحد هذا قول أهل اللغة إلا الأحمر فإنه حكى أنه يقال ألحد إذا جادل ولحد إذا عدل ومال
قال سعيد بن مسعدة الباء زائدة والمعنى ومن يرد فيه إلحاد بظلم
وهذا عند أبي العباس خطأ لأنه لا يزاد شيء لغير معنى
والقول عنده أن يريد ما يدل على الإرادة فالمعنى ومن إرادته بأن يلحد بظلم كما قال الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وحكى الفراء عن بعض القراء ومن يرد فيه بإلحاد من الورود
وهذا بعيد لأنه إنما يقال وردته ولا يكاد يقال وردت فيه). [معاني القرآن: 4/395-391]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الإِلْحـَادُ}: الزيـغ.
{العَاكِفُ}: المقيـم.
{البَـادي}: الذي لا يقيم). [العمدة في غريب القرآن: 212]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:55 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} قال: كان الخصمان واسطة القلادة من الفئتين يوم بدر. والخصم يكون واحدًا ويكون جمعًا). [مجالس ثعلب: 226]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (يقال فلان خصمي وفلانة خصمي والرجال خصمي والنساء خصمي يكون في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث على حالة واحدة، وقد يثنى فيقال خصمان وخصوم، قال الله جل ذكره: {هذان خصمان}، يقال والله تعالى أعلم إنهما كانا طائفتين وقال: {خصمان بغى بعضنا على بعض} يريد اثنين والله تعالى أعلم). [شرح المفضليات: 300]

تفسير قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
يقئن صبابات من الخمر فوقها = صهير خنازير السواد المملح
...
وقوله صهير أي مصهور يقول هو مذاب يقال قد صهرته الشمس وذلك إذا أحرقته وهو من قوله تعالى: {يصهر به ما في بطونهم} أي ينضج ما في بطونهم). [نقائض جرير والفرزدق: 510]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والصيخود: فيعول من قولهم قد صخده إذا أذابه فالشيء مصخود، ومثله صهره وهو من قول الله تعالى: {يصهر به ما في بطونهم والجلود}، أي: يذاب). [شرح المفضليات: 443]


تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) }

تفسير قوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) }

تفسير قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عزَّ وجلّ: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} أي أوضع. وإذا قيل بالهمزة قيل: الدانيء، وهو الخسيس من الشطار.
{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} قال: إلى الحسن.
ويقال: لا إله إلا الله). [مجالس ثعلب: 401] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ولا ألفينكم تعكفون بقنة = بتثليث أنتم جندها وقطينها
يقال: عكف الرجل بالمكان يعكف ويعكف، بضم الكاف وكسرها، وذلك إذا أقام به كالحابس نفسه. ومن ذلك الاعتكاف في المساجد). [شرح ديوان كعب بن زهير: 207] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} الآية. اختلف الناس في المشار إليه بقوله: "هذان" فقال قيس بن عبادة، وهلال بن يساف: نزلت هذه الآية في المتبارزين يوم بدر، وهم ستة: حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث، برزوا لعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله
[المحرر الوجيز: 6/227]
تعالى عنه أنه قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله يوم القيامة، وأقسم أبو ذر رضي الله عنه على هذا القول.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ووقع أن الآية فيهم في صحيح البخاري رحمه الله.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الإشارة إلى المؤمنين وأهل الكتاب، وذلك أنه وقع بينهم تخاصم، فقالت اليهود: نحن أقدم دينا منكم ونحو هذا، فنزلت الآية. وقال عكرمة: المخاصمة بين الجنة والنار، وقال مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، والحسن بن أبي الحسن، وعاصم، والكلبي: الإشارة إلى المؤمنين والكفار على العموم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول تعضده الآية، وذلك أنه تقدم قوله: {وكثير من الناس}، المعنى: فهم مؤمنون ساجدون، ثم قال: {وكثير حق عليه العذاب}، ثم أشار إلى هذين الصنفين بقوله: {هذان خصمان}، والمعنى أن الإيمان وأهله والكفر وأهله خصمان مذ كانا إلى قيام الساعة بالعداوة والجدال والحرب. وقوله: "خصمان" يريد: طائفتين؛ لأن لفظة خصم هي مصدر يوصف به الجمع والواحد، ويدل على أنه أراد الجمع قوله تعالى: "اختصموا"، فإنها قراءة الجمهور، وقرأ ابن أبي عبلة: "اختصما في ربهم". وقوله: "في ربهم" معناه: في شأن ربهم وصفاته وتوحيده، ويحتمل أن يريد: في رضى ربهم، وفي ذاته. ثم بين حكم الفريقين، فتوعد تبارك وتعالى الكفار بعذاب جهنم، و"قطعت" معناه: جعلت لهم بتقدير كما يفصل الثوب، وروي أنها من نحاس، وقيل: ليس شيء من الحجارة أحر منه إذا حمي. وروي في صب الحميم - وهو الماء المغلي- أنه تضرب رؤوسهم بالمقامع فتنكشف أدمغتهم فيصب الحميم حينئذ، وقيل: بل يصب الحميم أولا فيفعل ما وصف ثم تضرب بالمقامع بعد ذلك. و"الحميم" الماء المغلي). [المحرر الوجيز: 6/228]

تفسير قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"يصهر" معناه: يذاب، وقيل: معناه: يعصر، وهذه العبارة قلقة، وقيل: معناه: ينضج، ومنه قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/228]
... ... ... ... ... .... تصهره الشمس ولا ينصهر
وإنما يشبه -فيمن قال: يعصر- أنه أراد الحميم يهبط -كلما يلقى- في الجوف ويكشطه ويسلته، وقد روى أبو هريرة نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسلته ويبلغ به قدميه ويذيبه، ثم يعاد كما كان. وقرأ الجمهور: "يصهر"، وقرأت فرقة: "يصهر" بفتح الصاد وشد الهاء). [المحرر الوجيز: 6/228]

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"المقمعة" -بكسر الميم- مقرعة من حديد يقمع بها المضروب). [المحرر الوجيز: 6/229]

تفسير قوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "أرادوا" روي فيه أن لهب النار إذا ارتفع رفعهم فيصلون إلى أبواب النار فيريدون الخروج فيضربون بالمقامع وتردهم الزبانية. و"من" في قوله: "منها" لابتداء الغاية، وفي قوله: "من غم" يحتمل أن تكون لبيان الجنس، ويحتمل أن تكون لابتداء غاية أيضا، وهي بدل من الأولى، وقوله: "وذوقوا" هنا حذف تقديره: ويقال لهم: ذوقوا، و"الحريق" فعيل بمعنى مفعل أي: محرق.
وقرأ الجمهور: "هذان" بتخفيف النون، وقرأ ابن كثير وحده: "هذان"
[المحرر الوجيز: 6/229]
بتشديد النون، وقرأها شبل، وهي لغة لبعض العرب في المبهمات كاللذان وهذان، وقد ذكر ذلك أبو علي). [المحرر الوجيز: 6/230]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}
هذه الآية معادلة لقوله تعالى: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب}. وقرأ الجمهور: "يحلون" بفتح الياء واللام وتخفيفها، يقال: حلي الرجل وحليت المرأة إذا صارت ذات حلي. وقيل: هي من قولهم: لم يحل فلان بطائل. و"من" في قوله تعالى: "من أساور" هي لبيان الجنس: ويحتمل أن تكون لتبعيض. و"الأساور" جمع سوار وإسوار بكسر الهمزة، وقيل: أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: من أسورة من ذهب.
و "اللؤلؤ": الجوهر، وقيل: صغاره، وقيل: كباره، والأشهر أنه اسم للجوهر. وقرأ نافع، وعاصم -في رواية أبي بكر -: "ولؤلؤا" بالنصب عطفا على موضع "الأساور"؛ لأن التقدير: يحلون فيها أساور، وهي قراءة الحسن، والجحدري، وسلام، ويعقوب، والأعرج، وأبي جعفر، وعيسى، وابن عمر، وحمل أبو الفتح نصبه على إضمار فعل، وقرأ الباقون من السبعة: "ولؤلؤ" بالخفض عطفا إما على لفظة "الأساور"، ويكون "اللؤلؤ" في غير الأساور، وإما على "الذهب" لأن الأساور تكون أيضا من ذهب ولؤلؤ قد جمع بعضها إلى بعض، ورويت هذه القراءة عن الحسن بن أبي الحسن، وطلحة، وابن وثاب، والأعمش، وأهل مكة، وثبتت في "الإمام" ألف بعد الواو، قاله الجحدري، وقال الأصمعي: ليس فيها ألف، وروى يحيى عن أبي بكر،
[المحرر الوجيز: 6/230]
عن عاصم بهمز الواو الثانية دون الأولى، وروى المعلى بن منصور، عن أبي بكر، عن عاصم ضد ذلك، قال أبو علي: فهمزهما وتخفيفهما وهمز إحداهما دون الأخرى جائز كله. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: "لئلئا" بكسر اللامين.
وأخبر الله تعالى عنهم بلباس الحرير لأنها من أكمل حالات الآخرة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تشبه أمور الآخرة أمور الدنيا إلا في الأسماء فقط، وأما الصفات فمتباينة). [المحرر الوجيز: 6/231]

تفسير قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الطيب من القول": لا إله إلا الله وما جرى معها من ذكر الله تبارك وتعالى وتسبيحه وتقديسه، وسائر كلام أهل الجنة من محاورة وحديث طيب، فإنها لا تسمع فيها لاغية، و"صراط الحميد" هو طريق الله تعالى الذي دعا عباده إليه، ويحتمل أن يريد بـ "الحميد" نفس الطريق، فأضاف إليه على حد إضافته في قوله تعالى: "ولدار الآخرة"). [المحرر الوجيز: 6/231]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {إن الذين كفروا ويصدون} الآية. قوله: "ويصدون" تقديره: وهم يصدون، وبهذا حسن عطف المستقبل على الماضي، وقالت طائفة: الواو زائدة، و"يصدون" خبر "إن".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا مفسد للمعنى المقصود، وإنما الخبر محذوف مقدر عند قوله: "والباد"، تقديره: خسروا أو هلكوا، وجاء "يصدون" مستقبلا إذ هو فعل يديمونه، كما
[المحرر الوجيز: 6/231]
جاء قوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم} ونحوه.
وهذه الآية نزلت عام الحديبية حين صد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام، وذلك أنه لم يعلم لهم صد قبل ذلك الجمع، إلا أن يراد صدهم لأفراد من الناس فقد وقع ذلك في صدر المبعث، وقالت فرقة: " المسجد الحرام " أرادوا به مكة كلها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا صحيح لكنه قصد بالذكر المهم المقصود من ذلك.
وقرأ جمهور الناس: "سواء" بالرفع، وهو على الابتداء، و"العاكف" خبره، وقيل: الخبر "سواء" وهو مقدم، وهو قول أبي علي، والمعنى: الذي جعلناه للناس قبلة أو متعبدا، وقرأ حفص عن عاصم: "سواء" بالنصب، وهي قراءة الأعمش، وذلك يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون مفعولا ثانيا لـ "جعل" ويرتفع "العاكف" به لأنه مصدر في معنى مستو أعمل عمل اسم الفاعل، والوجه الثاني أن يكون حالا من الضمير في "جعلناه"، وقرأت فرقة: "سواء" بالنصب "العاكف" بالخفض عطفا على "الناس"، و"العاكف": المقيم في البلد، و"البادي": القادم عليه من غيره. وقرأ ابن كثير في الوصل والوقف: "البادي" بالياء، ووقف أبو عمرو بغير ياء، ووصل بالياء، وقرأ نافع: "الباد" بغير ياء في الوصل والوقف في رواية المسيبي، وأبو بكر وإسماعيل بن أبي أويس، وروى ورش الوصل بالياء، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي بغير ياء وصلا ووقفا، وهي في "الإمام" بغير ياء.
وأجمع الناس على الاستواء في المسجد الحرام واختلفوا في مكة، فذهب عمر بن
[المحرر الوجيز: 6/232]
الخطاب، وابن عباس، ومجاهد، وجماعة معهم إلى أن الأمر كذلك في دور مكة، وأن القادم له النزول حيث وجد، وعلى رب المنزل أن يؤويه شاء أو أبى، وقال ذلك سفيان الثوري وغيره، وكذلك كان الأمر في الصدر الأول، قال ابن سابط: وكانت دورهم بغير أبواب حتى كثرت السرقة فاتخذ رجل بابا فأنكر عليه عمر رضي الله عنه وقال: أتغلق بابا في وجه حاج بيت الله؟ فقال: إنما أردت حفظ متاعهم من السرقة، فتركه فاتخذ الناس الأبواب. وقال جمهور من الأمة منهم مالك رحمه الله: ليست الدور كالمسجد، ولأهلها الامتناع بها والاستبداد، وعلى هذا هو العمل اليوم.
وهذا الخلاف متركب على الاختلاف في مكة، هل هي عنوة كما روي عن مالك والأوزاعي؟ أو صلح كما روي عن الشافعي؟ فمن رآها صلحا فإن الاستواء عنده في المنازل بعيد، ومن رآها عنوة أمكنه أن يقول: الاستواء فيها قدره الأئمة الذين لم يقطعوها أحدا وإنما سكنى من سكن من قبل نفسه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: وهل ترك لنا عقيل منزلا، يقتضي الاستواء، وأنها متملكة ممنوعة على التأويلين في قوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تؤول بمعنى أنه ورث جميع منازل أبي طالب وغيره، وتؤول بمعنى أنه باع منازل بني هاشم حين هاجروا. ومن الحجة لتملك أهلها دورهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشترى من صفوان بن أمية دارا للسجن بأربعة آلاف، ويصح مع ذلك أن يكون الاستواء في وقت الموسم للضرورة والحاجة فيخرج الأمر حينئذ عن الاعتبار بالعنوة والصلح.
وقوله تعالى: "بإلحاد"، قال أبو عبيدة: الباء زائدة، ومنه قول الشاعر:
بواد يمان ينبت الشث صدره وأسفله بالمرخ والشبهان
[المحرر الوجيز: 6/233]
ومنه قول الأعشى:
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا ... ... ... ... ...
وهذا كثير. ويجوز أن يكون التقدير: ومن يرد فيه الناس بإلحاد.
و "الإلحاد": الميل، وهذا الإلحاد والظلم يجمع جميع المعاصي من الكفر إلى
[المحرر الوجيز: 6/234]
الصغائر، فلعظم حرمة المكان توعد الله تعالى على نية السيئة فيه، ومن نوى سيئة ولم يعملها لم يحاسب بذلك إلا في مكة، هذا قول ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وجماعة من الصحابة وغيرهم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الإلحاد في هذه الآية: الشرك، وقال أيضا؛ وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: وقول "لا والله وبلى والله" بمكة من الإلحاد، وقال حبيب بن أبي ثابت: الحكرة بمكة من الإلحاد بالظلم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والعموم يأتي على هذا كله.
وقرأت فرقة: "ومن يرد" من الورود، حكاه الفراء، والأول أبين وأعم وأمدح للبقعة. و"من" شرط جازمة للفعل، وذلك منع من عطفها على "الذين" والله المستعان). [المحرر الوجيز: 6/235]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {هذان خصمان اختصموا في ربّهم فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ يصبّ من فوق رءوسهم الحميم (19) يصهر به ما في بطونهم والجلود (20) ولهم مقامع من حديدٍ (21) كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق (22) }
ثبت في الصّحيحين، من حديث أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي ذرٍّ؛ أنّه كان يقسم قسمًا أنّ هذه الآية: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} نزلت في حمزة وصاحبيه، وعتبة وصاحبيه، يوم برزوا في بدرٍ.
لفظ البخاريّ عند تفسيرها، ثمّ قال البخاريّ:
حدّثنا الحجّاج بن منهال، حدّثنا المعتمر بن سليمان، سمعت أبي، حدّثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد، عن عليّ بن أبي طالبٍ أنّه قال: أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة. قال قيسٌ: وفيهم نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم}، قال: هم الّذين بارزوا يوم بدرٍ: عليّ وحمزة وعبيدة، وشيبة ابن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة. انفرد به البخاريّ.
وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: اختصم المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نبيّنا قبل نبيّكم، وكتابنا قبل كتابكم. فنحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: كتابنا يقضي على الكتب كلّها، ونبيّنا خاتم الأنبياء، فنحن أولى باللّه منكم. فأفلج اللّه الإسلام على من ناوأه، وأنزل: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم}. وكذا روى العوفي، عن ابن عبّاسٍ.
وقال شعبة، عن قتادة في قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: مصدق ومكذّبٌ.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ في هذه الآية: مثل الكافر والمؤمن اختصما في البعث. وقال -في روايةٍ: هو وعطاءٌ في هذه الآية-: هم المؤمنون والكافرون.
وقال عكرمة: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم} قال: هي الجنّة والنّار، قالت النّار: اجعلني للعقوبة، وقالت الجنّة: اجعلني للرّحمة.
وقول مجاهدٍ وعطاءٍ: إنّ المراد بهذه الكافرون والمؤمنون، يشمل الأقوال كلّها، وينتظم فيه قصّة يوم بدرٍ وغيرها؛ فإنّ المؤمنين يريدون نصرة دين اللّه، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلان الحقّ وظهور الباطل. وهذا اختيار ابن جريرٍ، وهو حسن؛ ولهذا قال: {فالّذين كفروا قطّعت لهم ثيابٌ من نارٍ} أي: فصّلت لهم مقطّعاتٌ من نارٍ.
قال سعيد بن جبيرٍ: من نحاسٍ وهو أشدّ الأشياء حرارةً إذا حمي.
{يصبّ من فوق رءوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود} أي: إذا صبّ على رءوسهم الحميم، وهو الماء الحارّ في غاية الحرارة.
وقال سعيد [بن جبيرٍ] هو النّحاس المذاب، أذاب ما في بطونهم من الشّحم والأمعاء. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وغيرهم. وكذلك تذوب جلودهم، وقال ابن عبّاسٍ وسعيدٌ: تساقط.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن المثنّى، حدّثنا إبراهيم أبو إسحاق الطالقاني، حدّثنا ابن المبارك عن سعيد بن زيدٍ، عن أبي السّمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم قال: "إن الحميم ليصب على رءوسهم، فينفد الجمجمة حتّى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه، حتّى يبلغ قدميه، وهو الصّهر، ثمّ يعاد كما كان".
ورواه التّرمذيّ من حديث ابن المبارك، وقال: حسنٌ صحيحٌ. وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن أبي نعيمٍ، عن ابن المبارك، به ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أحمد بن أبي الحواريّ، سمعت عبد الله ابن السّرّيّ قال: يأتيه الملك يحمل الإناء بكلبتين من حرارته، فإذا أدناه من وجهه تكرّهه، قال: فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه، فيفرغ دماغه، ثمّ يفرغ الإناء من دماغه، فيصل إلى جوفه من دماغه، فذلك قوله: {يصهر به ما في بطونهم والجلود}). [تفسير ابن كثير: 5/ 405-407]

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولهم مقامع من حديدٍ}، قال الإمام أحمد:
حدّثنا حسن بن موسى، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لو أنّ مقمعا من حديد وضع في الأرض، فاجتمع له الثّقلان ما أقلّوه من الأرض".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا موسى بن داود، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو ضرب الجبل بمقمع من حديدٍ، لتفتّت ثمّ عاد كما كان، ولو أنّ دلوًا من غسّاق يهراق في الدّنيا لأنتن أهل الدّنيا".
وقال ابن عبّاسٍ في قوله: {ولهم مقامع من حديدٍ} قال: يضربون بها، فيقع كلّ عضوٍ على حياله، فيدعون بالثّبور). [تفسير ابن كثير: 5/ 407]

تفسير قوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها}: قال الأعمش، عن أبي ظبيان، عن سلمان قال: النّار سوداء مظلمةٌ، لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثمّ قرأ: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها}
وقال زيد بن أسلم في هذه الآية: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها} قال: بلغني أنّ أهل النّار في النّار لا يتنفّسون.
وقال الفضيل بن عياضٍ: واللّه ما طمعوا في الخروج، إنّ الأرجل لمقيّدةٌ، وإنّ الأيدي لموثقةٌ، ولكن يرفعهم لهبها، وتردّهم مقامعها.
وقوله: {وذوقوا عذاب الحريق} كقوله {وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون} [السّجدة: 20] ومعنى الكلام: أنّهم يهانون بالعذاب قولًا وفعلًا). [تفسير ابن كثير: 5/ 407]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا ولباسهم فيها حريرٌ (23) وهدوا إلى الطّيّب من القول وهدوا إلى صراط الحميد (24) }.
لـمّا أخبر تعالى عن حال أهل النّار، عياذًا باللّه من حالهم، وما هم فيه من العذاب والنّكال والحريق والأغلال، وما أعدّ لهم من الثّياب من النّار، ذكر حال أهل الجنّة -نسأل اللّه من فضله وكرمه أن يدخلنا الجنّة-فقال: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} أي: تتخرّق في أكنافها وأرجائها وجوانبها، وتحت أشجارها وقصورها، يصرفونها حيث شاءوا وأين شاءوا، {يحلّون فيها} من الحلية، {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا} أي: في أيديهم، كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث المتّفق عليه: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء".
وقال كعب الأحبار: إنّ في الجنّة ملكًا لو شئت أن أسمّيه لسميته، يصوغ لأهل الجنّة الحليّ منذ خلقه اللّه إلى يوم القيامة، لو أبرز قلب منها -أي: سوارٌ منها-لردّ شعاع الشّمس، كما تردّ الشّمس نور القمر.
وقوله: {ولباسهم فيها حريرٌ}: في مقابلة ثياب أهل النّار الّتي فصّلت لهم، لباس هؤلاء من الحرير، إستبرقه وسندسه، كما قال: {عاليهم ثياب سندسٍ خضرٌ وإستبرقٌ وحلّوا أساور من فضّةٍ وسقاهم ربّهم شرابًا طهورًا. إنّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكورًا} [الإنسان: 21، 22]، وفي الصّحيح: "لا تلبسوا الحرير ولا الدّيباج في الدّنيا، فإنّه من لبسه في الدّنيا لم يلبسه في الآخرة".
قال عبد اللّه بن الزّبير: ومن لم يلبس الحرير في الآخرة، لم يدخل الجنّة، قال اللّه تعالى: {ولباسهم فيها حريرٌ}).[تفسير ابن كثير: 5/ 407-408]

تفسير قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهدوا إلى الطّيّب من القول} كقوله {وأدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربّهم تحيّتهم فيها سلامٌ} [إبراهيم: 23]، وقوله: {والملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ. سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار} [الرّعد: 23، 24]، وقوله: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا * إلا قيلا سلامًا سلامًا} [الواقعة: 25، 26]، فهدوا إلى المكان الّذي يسمعون فيه الكلام الطّيّب، {ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا} [الفرقان: 75]، لا كما يهان أهل النّار بالكلام الّذي يروّعون به ويقرّعون به، يقال لهم: {وذوقوا عذاب الحريق}
وقوله: {وهدوا إلى صراط الحميد} أي: إلى المكان الّذي يحمدون فيه ربّهم، على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم، كما جاء في الصّحيح: "إنّهم يلهمون التّسبيح والتّحميد، كما يلهمون النّفس".
وقد قال بعض المفسّرين في قوله: {وهدوا إلى الطّيّب من القول} أي: القرآن. وقيل: لا إله إلّا اللّه. وقيل: الأذكار المشروعة، {وهدوا إلى صراط الحميد} أي: الطّريق المستقيم في الدّنيا. وكلّ هذا لا ينافي ما ذكرناه، والله أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 408]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ (25)}.
يقول تعالى منكرًا على الكفّار في صدّهم المؤمنين عن إتيان المسجد الحرام، وقضاء مناسكهم فيه، ودعواهم أنّهم أولياؤه: {وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتّقون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [الأنفال: 34].
وفي هذه الآية دليلٌ [على] أنّها مدنيّةٌ، كما قال في سورة "البقرة": {يسألونك عن الشّهر الحرام قتالٍ فيه قل قتالٌ فيه كبيرٌ وصدٌّ عن سبيل اللّه وكفرٌ به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند اللّه} [البقرة: 217]، وقال: هاهنا: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام} أي: ومن صفتهم مع كفرهم أنّهم يصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام، أي: ويصدّون عن المسجد الحرام من أراده من المؤمنين الّذين هم أحقّ النّاس به في نفس الأمر، وهذا التّركيب في هذه الآية كقوله تعالى: {الّذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر اللّه ألا بذكر اللّه تطمئنّ القلوب} [الرّعد: 28] أي: ومن صفتهم أنّهم تطمئنّ قلوبهم بذكر اللّه.
وقوله: {الّذي جعلناه للنّاس سواءً العاكف فيه والباد} [أي: يمنعون النّاس عن الوصول إلى المسجد الحرام، وقد جعله اللّه شرعا سواءً، لا فرق فيه بين المقيم فيه والنّائي عنه البعيد الدّار منه، {سواءً العاكف فيه والباد}] ومن ذلك استواء النّاس في رباع مكّة وسكناها، كما قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {سواءً العاكف فيه والباد} قال: ينزل أهل مكّة وغيرهم في المسجد الحرام.
وقال مجاهدٌ [في قوله]: {سواءً العاكف فيه والباد}: أهل مكّة وغيرهم فيه سواءٌ في المنازل. وكذا قال أبو صالحٍ، وعبد الرّحمن بن سابطٍ، وعبد الرّحمن بن زيد [بن أسلم].
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة: سواءٌ فيه أهله وغير أهله.
وهذه المسألة اختلف فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف، وأحمد بن حنبلٍ حاضرٌ أيضًا، فذهب الشّافعيّ، رحمه اللّه إلى أنّ رباع مكّة تملّك وتورّث وتؤجّر، واحتجّ بحديث الزّهريّ، عن عليّ بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيدٍ قال: قلت: يا رسول اللّه، أتنزل غدًا في دارك بمكّة؟ فقال: "وهل ترك لنا عقيل من رباعٍ". ثمّ قال: "لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر". وهذا الحديث مخرّج في الصّحيحين [وبما ثبت أنّ عمر بن الخطّاب اشترى من صفوان بن أميّة دارًا بمكّة، فجعلها سجنًا بأربعة آلاف درهمٍ. وبه قال طاوسٌ، وعمرو بن دينارٍ.
وذهب إسحاق بن راهويه إلا أنّها تورّث ولا تؤجّر. وهو مذهب طائفةٍ من السلف، ونص عليه مجاهد وعطاء، واحتج إسحاق بن راهويه بما رواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عيسى ابن يونس، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن عثمان بن أبي سليمان، عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكرٍ وعمر، وما تدعى رباع مكّة إلّا] السّوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن.
وقال عبد الرزاق ابن مجاهدٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو أنّه قال: لا يحلّ بيع دور مكّة ولا كراؤها.
وقال أيضًا عن ابن جريجٍ: كان عطاءٌ ينهى عن الكراء في الحرم، وأخبرني أنّ عمر بن الخطّاب كان ينهي عن تبوّب دور مكّة؛ لأن ينزل الحاجّ في عرصاتها، فكان أوّل من بوّب داره سهيل بن عمرٍو، فأرسل إليه عمر بن الخطّاب في ذلك، فقال: أنظرني يا أمير المؤمنين، إنّي كنت امرأً تاجرًا، فأردت أن أتّخذ بابين يحبسان لي ظهري قال: فذلك إذًا.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ؛ أنّ عمر بن الخطّاب قال: يا أهل مكّة، لا تتّخذوا لدوركم أبوابًا لينزل البادي حيث يشاء.
قال: وأخبرنا معمر، عمّن سمع عطاءً يقول [في قوله]: {سواءً العاكف فيه والباد}، قال: ينزلون حيث شاءوا.
وروى الدّارقطنيّ من حديث ابن أبي نجيح، عن عبد اللّه بن عمرٍو موقوفًا من أكل كراء بيوت مكّة أكل نارًا.
"وتوسّط الإمام أحمد [فيما نقله صالحٌ ابنه] فقال: تملّك وتورّث ولا تؤجّر، جمعًا بين الأدلّة، واللّه أعلم.
وقوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ} قال بعض المفسّرين من أهل العربيّة: الباء هاهنا زائدةٌ، كقوله: {تنبت بالدّهن} [المؤمنون: 20] أي: تنبت الدّهن، وكذا قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} تقديره إلحادًا، وكما قال الأعشى:
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا = بين المراجل، والصّريح الأجرد
وقال الآخر:
بواد يمان ينبت الشّثّ صدره = وأسفله بالمرخ والشّبهان...
والأجود أنّه ضمّن الفعل هاهنا معنى "يهمّ"، ولهذا عدّاه بالباء، فقال: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} أي: يهمّ فيه بأمرٍ فظيعٍ من المعاصي الكبار.
وقوله: {بظلمٍ} أي: عامدًا قاصدًا أنّه ظلمٌ ليس بمتأوّلٍ، كما قال ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ: هو [التّعمّد].
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {بظلمٍ} بشركٍ.
وقال مجاهدٌ: أن يعبد فيه غير اللّه. وكذا قال قتادة، وغير واحدٍ.
وقال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: {بظلمٍ} هو أن تستحل من الحرم ما حرّم اللّه عليك من لسانٍ أو قتلٍ، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب [له] العذاب الأليم.
وقال مجاهدٌ: {بظلمٍ}: يعمل فيه عملًا سيّئًا.
وهذا من خصوصيّة الحرم أنّه يعاقب البادي فيه الشّرّ، إذا كان عازمًا عليه، وإن لم يوقعه، كما قال ابن أبي حاتمٍ في تفسيره:
حدّثنا أحمد بن سنان، حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شعبة، عن السّدّي: أنّه سمع مرّة يحدّث عن عبد اللّه -يعني ابن مسعودٍ-في قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: لو أنّ رجلا أراد فيه بإلحادٍ بظلمٍ، وهو بعدن أبين، أذاقه اللّه من العذاب الأليم.
قال شعبة: هو رفعه لنا، وأنا لا أرفعه لكم. قال يزيد: هو قد رفعه، ورواه أحمد، عن يزيد بن هارون، به.
[قلت: هذا الإسناد] صحيحٌ على شرط البخاريّ، ووقفه أشبه من رفعه؛ ولهذا صمم شعبة على وقفه من كلام ابن مسعودٍ. وكذلك رواه أسباطٌ، وسفيان الثّوريّ، عن السّدّيّ، عن مرة، عن ابن مسعودٍ موقوفًا، واللّه أعلم.
وقال الثّوريّ، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه قال: ما من رجلٍ يهمّ بسيّئةٍ فتكتب عليه، ولو أنّ رجلًا بعدن أبين همّ أن يقتل رجلًا بهذا البيت، لأذاقه اللّه من العذاب الأليم. وكذا قال الضّحّاك بن مزاحم.
وقال سفيان [الثّوريّ]، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ "إلحادٌ فيه"، لا واللّه، وبلى واللّه. وروي عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، مثله.
وقال سعيد بن جبير: شتم الخادم ظلمٌ فما فوقه.
وقال سفيان الثّوريّ، عن عبد اللّه بن عطاءٍ، عن ميمون بن مهران، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: تجارة الأمير فيه.
وعن ابن عمر: بيع الطّعام [بمكّة] إلحادٌ.
وقال حبيب بن أبي ثابتٍ: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: المحتكر بمكّة. وكذا قال غير واحدٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن إسحاق الجوهريّ، أنبأنا أبو عاصمٍ، عن جعفر بن يحيى، عن عمّه عمارة بن ثوبان، حدّثني موسى بن باذان، عن يعلى بن أميّة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احتكار الطّعام بمكّة إلحادٌ".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكير، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، حدّثني سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ في قول اللّه: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} قال: نزلت في عبد اللّه بن أنيسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بعثه مع رجلين، أحدهما مهاجرٌ والآخر من الأنصار، فافتخروا في الأنساب، فغضب عبد اللّه بن أنيسٍ، فقتل الأنصاريّ، ثمّ ارتدّ عن الإسلام، وهرب إلى مكّة، فنزلت فيه: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} يعني: من لجأ إلى الحرم بإلحادٍ يعني بميلٍ عن الإسلام.
وهذه الآثار، وإن دلّت على أنّ هذه الأشياء من الإلحاد، ولكن هو أعمّ من ذلك، بل فيها تنبيهٌ على ما هو أغلظ منها، ولهذا لمّا همّ أصحاب الفيل على تخريب البيت أرسل اللّه عليهم طيرًا أبابيل {ترميهم بحجارةٍ من سجّيلٍ * فجعلهم كعصفٍ مأكولٍ} [الفيل: 4، 5]، أي: دمّرهم وجعلهم عبرةً ونكالًا لكلّ من أراده بسوءٍ؛ ولذلك ثبت في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يغزو هذا البيت جيشٌ، حتّى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأوّلهم وآخرهم" الحديث.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن كناسة، حدّثنا إسحاق بن سعيدٍ، عن أبيه قال: أتى عبد اللّه بن عمر عبد اللّه بن الزّبير، فقال: يا ابن الزّبير، إيّاك والإلحاد في حرم اللّه، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "إنّه سيلحد فيه رجلٌ من قريشٍ، لو توزن ذنوبه بذنوب الثّقلين لرجحت"، فانظر لا تكن هو.
وقال أيضًا [في مسند عبد اللّه بن عمرو بن العاص]: حدّثنا هاشم، حدثنا إسحاق بن سعيد، حدّثنا سعيد بن عمرٍو قال: أتى عبد اللّه بن عمرٍو ابن الزّبير، وهو جالسٌ في الحجر فقال: يا بن الزّبير، إيّاك والإلحاد في الحرم، فإنّي أشهد لسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يحلّها ويحلّ به رجلٌ من قريشٍ، ولو وزنت ذنوبه بذنوب الثّقلين لوزنتها". قال: فانظر لا تكن هو.
ولم يخرجه أحدٌ من أصحاب الكتب من هذين الوجهين). [تفسير ابن كثير: 5/ 409-413]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة