العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:40 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (17) إلى الآية (18) ]

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:40 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس والّذين أشركوا إنّ اللّه يفصل بينهم يوم القيامة إنّ اللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الفصل بين هؤلاء المنافقين الّذين يعبدون اللّه على حرفٍ، والّذين أشركوا باللّه فعبدوا الأوثان والأصنام، والّذين هادوا، وهم اليهود، والصّابئين والنّصارى والمجوس، الّذين عظّموا النّيران وخدموها، وبين الّذين آمنوا باللّه ورسله إلى اللّه، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدلٍ من القضاء، وفصله بينهم إدخاله النّار الأحزاب كلّهم، والجنّة المؤمنين به وبرسله، فذلك هو الفصل من اللّه بينهم.
وكان قتادة يقول في ذلك ما؛
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس والّذين أشركوا} قال: " الصّابئون: قومٌ يعبدون الملائكة، ويصلّون للقبلة، ويقرءون الزّبور. والمجوس: يعبدون الشّمس والقمر والنّيران. والّذين أشركوا: يعبدون الأوثان. والأديان ستّةٌ: خمسةٌ للشّيطان، وواحدٌ للرّحمن ".
وأدخلت ( إنّ ) في خبر إنّ الأولى لما ذكرت من المعنى، وأنّ الكلام بمعنى الجزاء، كأنّه قيل: من كان على دينٍ من هذه الأديان، ففصل ما بينه وبين من خالفه على اللّه والعرب تدخل أحيانًا في خبر ( إنّ ) إنّ، إذا كان خبر الاسم الأوّل في اسمٍ مضافٍ إلى ذكره، فتقول: إنّ عبد اللّه إنّ الخير عنده لكثيرٌ، كما قال الشّاعر:
إنّ الخليفة إنّ اللّه سربله = سربال ملكٍ به ترجى الخواتيم
وكان الفرّاء يقول: من قال هذا لم يقل: إنّك إنّك قائمٌ، ولا إنّ أباك إنّه قائمٌ، لأنّ الاسمين قد اختلفا، فحسن رفض الأوّل، وجعل الثّاني كأنّه هو المبتدأ، فحسن للاختلاف، وقبح للاتّفاق.
وقوله: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ} يقول: إنّ اللّه على كلّ شيءٍ من أعمال هؤلاء الأصناف الّذين ذكرهم اللّه جلّ ثناؤه، وغير ذلك من الأشياء كلّها، شهيدٌ لا يخفى عنه شيءٌ من ذلك). [جامع البيان: 16/485-486]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (فيه حديث أنس بن مالكٍ، وسيأتي في باب كثرة من يدخل النّار من بني آدم). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/246]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال محمّد بن يحيى بن أبي عمر: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد قال: قال سلمان- رضي اللّه عنه-: "وسألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن أهل دين كنت معهم. فذكر من صلاتهم وصيامهم وعبادتهم فنزل، قوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس) إلى قوله شهيد".
هذا إسنادٌ رواته ثقاتٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/246]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي عمر: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال سلمان رضي الله عنه: سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن أهل دينٍ كنت معهم. فذكر من صلاتهم وصيامهم، وعبادتهم، فنزل قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والجّوس}.. إلى قوله: {شهيدٌ} ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن الذين آمنوا} الآية، قال: الصائبون قوم يعبدون الملائكة ويصلون القبلة ويقرأون الزبور {والمجوس} عبدة الشمس والقمر والنيران وأما {الذين أشركوا} فهم عبدة الأوثان {إن الله يفصل بينهم يوم القيامة} قال: الأديان ستة: فخمسة للشيطان ودين لله عز وجل). [الدر المنثور: 10/417-418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {إن الله يفصل بينهم} قال: فصل قضاءه بينهم فجعل الجنة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة). [الدر المنثور: 10/418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: قالت اليهود: عزير ابن الله وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت الصابئه: نحن نعبد الملائكة من دون الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر من دون الله، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان من دون الله، فأوحى الله إلى نبيه ليكذب قولهم: (قل هو الله أحد) (سورة الصمد الآية 1) إلى آخرها (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) (الإسراء آية 111) وأنزل الله {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس} ). [الدر المنثور: 10/418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال: {الذين هادوا} اليهود والصائبون ليس لهم كتاب المجوس أصحاب الأصنام والمشركون نصارى العرب). [الدر المنثور: 10/418-419]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّموات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ وكثيرٌ من النّاس وكثيرٌ حقّ عليه العذاب}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تر يا محمّد بقلبك، فتعلم أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات من الملائكة، ومن في الأرض من الخلق من الجنّ وغيرهم، والشّمس والقمر والنّجوم في السّماء، والجبال، والشّجر، والدّوابّ في الأرض، وسجود ذلك ظلاله حين تطلع عليه الشّمس وحين تزول، إذا تحوّل ظلّ كلّ شيءٍ، فهو سجوده.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّموات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ} قال: " ظلال هذا كلّه ".
وأمّا سجود الشّمس والقمر والنّجوم، فإنّه كما؛
- حدّثنا به ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، ومحمّد بن جعفرٍ، قالا: حدّثنا عوفٌ، قال: سمعت أبا العالية الرّياحيّ، يقول: " ما في السّماء نجمٌ ولا شمسٌ ولا قمرٌٍ إلاّ يقع للّه ساجدًا حين يغيب، ثمّ لا ينصرف حتّى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين، وزاد محمّدٌ: حتّى يرجع إلى مطلعه ".
وقوله: {وكثيرٌ من النّاس} يقول: ويسجد كثيرٌ من بني آدم، وهم المؤمنون باللّه كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: " {وكثيرٌ من النّاس} قال: المؤمنون ".
وقوله: {وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} يقول تعالى ذكره: وكثيرٌ من بني آدم حقّ عليه عذاب اللّه فوجب عليه بكفره به، وهو مع ذلك يسجد للّه ظلّه كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: " {وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} وهو يسجد مع ظلّه ".
فعلى هذا التّأويل الّذي ذكرناه عن مجاهدٍ، وقع قوله: {وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} بالعطف على قوله: {وكثيرٌ من النّاس} ويكون داخلاً في عداد من وصفه اللّه بالسّجود له، ويكون قوله: {حقّ عليه العذاب} من صلة كثيرٍ، ولو كان الكثير الثّاني ممّن لم يدخل في عداد من وصف بالسّجود كان مرفوعًا بالعائد من ذكره في قوله: {حقّ عليه العذاب} وكان معنى الكلام حينئذٍ: وكثيرٌ أبى السّجود، لأنّ قوله: {حقّ عليه العذاب} يدلّ على معصية اللّه، وإبائه السّجود، فاستحقّ بذلك العذاب.

القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يهن اللّه فما له من مكرم إنّ اللّه يفعل ما يشاء}.
يقول تعالى ذكره: ومن يهنه اللّه من خلقه فيشقه، {فما له من مكرم} بالسّعادة يسعده بها، لأنّ الأمور كلّها بيد اللّه، يوفّق من يشاء لطاعته، ويخذل من يشاء، ويشقي من أراد، ويسعد من أحبّ.
وقوله: {إنّ اللّه يفعل ما يشاء} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه يفعل في خلقه ما يشاء من إهانة من أراد إهانته، وإكرام من أراد كرامته، لأنّ الخلق خلقه، والأمر أمره. {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون}.
وقد ذكر عن بعضهم أنّه قرأه: " فما له من مكرم " بمعنى: فما له من إكرامٍ، وذلك قراءةٌ لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجّة من القرّاء على خلافه). [جامع البيان: 16/486-489]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء * هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق * أن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات} الآية، قال: سجود ظل هذا كله {وكثير من الناس} قال: المؤمنون {وكثير حق عليه العذاب} قال: هذا الكافر سجود ظله وهو كاره). [الدر المنثور: 10/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: سجود كل شيء فيئه وسجود الجبال فيئها). [الدر المنثور: 10/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الثوب يسجد). [الدر المنثور: 10/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه قال: ما في السماء من شمس ولا قمر ولا نجم إلا يقع ساجدا حتى يغيب ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى معلمه). [الدر المنثور: 10/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال: إذا فاء الفيء لم يبق شيء من دابة ولا طائر إلا خر لله ساجدا). [الدر المنثور: 10/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال: سمعت رجلا يطوف بالبيت ويبكي فإذا هو طاووس فقال: عجبت من بكائي قلت: نعم، قال: ورب هذه البنية إن هذا القمر ليبكي من خشية الله ولا ذنب له). [الدر المنثور: 10/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال: مر رجل على عبد الله بن عمرو وهو ساجد في الحجر وهو يبكي فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله). [الدر المنثور: 10/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، عن طاووس رضي الله عنه في الآية قال: لم يستثن من هؤلاء أحدا حتى إذا جاء ابن آدم استثناه فقال {وكثير من الناس} قال: والذي أحق بالشكر هو أكثرهم). [الدر المنثور: 10/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والخلعي في فوائده عن علي أنه قيل له: إن ههنا رجلا يتكلم في المشيئة، فقال له علي: يا عبد الله خلقك الله لما يشاء أو لما شئت قال: بل لما يشاء، قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال: بل إذا شاء، قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال: بل إذا شاء، قال: فيدخلك الجنة حيث شاء أو حيث شئت قال: بل حيث شاء، قال: والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف). [الدر المنثور: 10/420]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:46 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا} [الحج: 17] اليهود.
{والصّابئين} [الحج: 17] هم قومٌ يعبدون الملائكة ويقرءون الزّبور.
{والنّصارى} [الحج: 17] تنصّروا.
وإنّما سمّوا نصارى لأنّهم كانوا بقريةٍ يقال لها ناصرة.
{والمجوس} [الحج: 17] قال قتادة: وهم عبدة الشّمس، والقمر، والنّيران.
{والّذين أشركوا} [الحج: 17] عبدة الأوثان.
{إنّ اللّه يفصل بينهم يوم القيامة} [الحج: 17] فيما اختلفوا فيه من الدّنيا، فيدخل المؤمن الجنّة، ويدخل جميع هؤلاء النّار على ما أعدّ لكلّ قومٍ.
وقد ذكرنا ذلك في هذه الآية في سورة الحجر: {لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ} [الحجر: 44] قوله: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ} [الحج: 17] شاهدٌ على كلّ شيءٍ وشاهدٌ كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/358]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا...}

إلى قوله: {والّذين أشركوا} ثم قال {إنّ اللّه} فجعل في خبرهم (إنّ) وفي أوّل الكلام (إنّ) وأنت لا تقول في الكلام: إن أخاك إنّه ذاهب، فجاز ذلك لأن المعنى كالجزاء، أي من كان مؤمنا أو على شيء من هذه الأديان ففصل بينهم وحسابهم على الله. وربما قالت العرب: إنّ أخاك إن الدّين عليه لكثير، فيجعلون (إنّ) في خبره إذا كان إنما يرفع باسم مضاف إلى ذكره؛ كقول الشّاعر:
إنّ الخليفة إن الله سربله=سربال ملك به ترجى الخواتيم
ومن قال هذا لم يقل: إنك إنك قائم، ولا يقول: إنّ أباك إنه قائم لأن الاسمين قد اختلفا فحسن رفض الأول، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ فحسن للاختلاف قبح للاتّفاق).
[معاني القرآن: 2/218]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ الذّين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس والّذين أشركوا إنّ اللّه يفصل بينهم يوم القيامة}
مجازه: الله يفصل بينهم، وإن من حروف الزوائد ؛ والمجوس من العجم {والذين أشركوا} من العرب، وقال آخرون: قد تبدأ العرب بالشيء ثم تحول الخبر إلى غيره إذا كان من سببه
كقول الشاعر:
فمن يك سائلاًعني فإني=وجروة لا ترود ولا تعار
بدأ بنفسه ثم خبر عن فرسه وقال الأعشى:
وإن إمراءً أهدى إليك ودونه= من الأرض مؤماة وبيداء سملق
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته=وأن تعلمي أن المعان موقّف
بدأ بالمهدي ثم حول الخبر إلى الناقة: " يصهر به " يذاب به،
قال الشاعر:
شّك السّفافيد الشّواء المصطهر
ومنه قولهم: صهارة الألية
وقال ابن أحمر:
تروي لقىً ألقى في صفصفٍ=نصهره الشمس فما ينصهر
تروى: تصير له روايةٌ لفراخها كما يروى رواية القوم عليهم وهو البعير والحمار). [مجاز القرآن: 2/48-47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب ما ادّعي على القرآن من اللحن
وأما ما تعلَّقوا به من حديث عائشة رضي الله عنها في غَلَطِ الكاتب، وحديث عثمان رضي الله عنه: أرى فيه لَحْناً- فقد تكلم النحويون في هذه الحروف، واعتلُّوا لكلِّ حرف منها، واستشهدوا الشعرَ: فقالوا: في قوله سبحانه: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} وهي لغة بلحرث بن كعب يقولون: مررت برجلان، وقبضت منه درهمان، وجلست بين يداه، وركبت علاه. وأنشدوا:
تزوّد منَّا بين أذناه ضربة = دعته إلى هابي التراب عقيم
أي موضع كثير التراب لا ينبت.
وأنشدوا:
أيَّ قلوصِ راكبِ تراها = طارُوا علاهنَّ فَطِرْ عَلاها
على أنَّ القراءَ قد اختلفوا في قراءة هذا الحرف: فقرأه أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر: «إنّ هذين لساحران» وذهبا إلى أنه غلط من الكاتب كما قالت عائشة.
وكان عاصم الجحدريّ يكتب هذه الأحرف الثلاثة في مصحفه على مثالها في الإمام، فإذا قرأها، قرأ: «إنَّ هذين لساحران»، وقرأ (المقيمون الصلاة)،
وقرأ {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ}.
وكان يقرأ أيضا في سورة البقرة: {والصابرون فى البأساء والضراء} ويكتبها: الصابرين.
وإنما فرق بين القراءة والكتاب لقول عثمان رحمة الله: أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها فأقامه بلسانه، وترك الرسم على حاله.
وكان الحجَّاجُ وكَّلَ عاصماً وناجِيَةَ بنَ رُمْحٍ وعليَّ بنَ أصمعَ بتَتَبُّعِ المصاحفِ، وأمرهم أن يقطعوا كل مصحف وجدوه مخالفاً لمصحف عثمان، ويعطوا صاحبه ستين درهماً.
خبّرني بذلك أبو حاتم عن الأصمعيِّ قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
وإلا رسومُ الدّار قفراً كأنّها = كتابٌ مَحَاهُ البَاهليُّ بنُ أَصْمَعَا
وقرأ بعضهم: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} اعتباراً بقراءة أُبيّ لأنها في مصحفه: «إن ذان إلا ساحران» وفي مصحف عبد الله: (وأسرّوا النّجوى أن هذان ساحران) منصوبة بالألف يجعل (أن هذان) تبيينا للنجوى). [تأويل مشكل القرآن: 50-52] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس والّذين أشركوا إنّ اللّه يفصل بينهم يوم القيامة إنّ اللّه على كلّ شيء شهيد}
يفصل اللّه بين هذه الفرق الخمس وبين المؤمنين). [معاني القرآن: 3/417]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّموات ومن في الأرض} [الحج: 18] يعني أنّ جميع أهل السّماء يسبّحون له وبعض أهل الأرض، يعني الّذين يسجدون له.
وكان الحسن لا يعدّ السّجود إلا من المسلمين، ولا يعدّ ذلك من المشركين.
وقال مجاهدٌ: يسجد المؤمن طايعًا، ويسجد الكافر كارهًا.
قال: {والشّمس والقمر والنّجوم} [الحج: 18] كلّها.
{والجبال والشّجر} [الحج: 18] كلّها.
{والدّوابّ} [الحج: 18] ثمّ رجع إلى صفة الإنسان فاستثنى فيه فقال: {وكثيرٌ من النّاس} [الحج: 18] يعني المؤمنين.
[تفسير القرآن العظيم: 1/358]
{وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} [الحج: 18] يعني من لم يؤمن.
وقال {ومن يهن اللّه} [الحج: 18] فيدخله النّار.
{فما له من مكرمٍ} [الحج: 18] يدخله الجنّة.
{إنّ اللّه يفعل ما يشاء} [الحج: 18] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/359]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات...}

يريد: أهل السموات {ومن في الأرض} يعني كلّ خلقٍ من الجبال ومن الجنّ وأشباه ذلك {والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ وكثيرٌ مّن النّاس} من أهل الطاعة
{وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} يدلّ على أنه: وكثير أبى السّجود، لأنه لا يحقّ عليه العذاب إلاّ بترك السجود والطاعة. فترفعه بما عاد من ذكره في قوله: {حقّ عليه} فتكون {حقّ عليه} بمنزلة أبى. ولو نصبت: وكثيرا حقّ العذاب كان وجهاً بمنزلة قوله: {فريقاً هدى وفريقاً حقّ عليهم الضلالة} ينصب إذا كان في الحرف واو وعاد ذكره بفعل قد وقع عليه.
ويكون فيه الرفع لعودة ذكره كما قال الله {والشّعراء يتّبعهم الغاوون} وكما قال {وأمّا ثمود فهديناهم}.
وقوله: {ومن يهن اللّه فما له من مّكرمٍ} يقول: ومن يشقه الله فما له من مسعدٍ. وقد تقرأ {فما له من مكرم} يريد: من إكرام). [معاني القرآن: 2/219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ وكثير من النّاس وكثير حقّ عليه العذاب ومن يهن اللّه فما له من مكرم إنّ اللّه يفعل ما يشاء }
والسجود ههنا الخضوع للّه عزّ وجلّ، وهى طاعة ممن خلق الله من الحيوان والموات.
والدليل على أنه سجود طاعة قوله: {وكثير من النّاس وكثير حقّ عليه العذاب}.
هذا أجود الوجوه أن يكون تسجد مطيعة، للّه عزّ وجلّ.
كما قال اللّه تعالى: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين}، وكما قال: {وإنّ منها} يعني الحجارة {لما هبط من خشية اللّه}، فالخشية لا تكون إلّا لما أعطاه اللّه مما يختبر به خشيته.
وقال قوم: السجود من هذه الأشياء التي هي موات ومن الحيوان الذي لا يعقل إنما هو أثر الصنعة فيها والخضوع الذي يدل على أنها مخلوقة، واحتجوا في ذلك بقول الشاعر:
بجيش يضل البلق في حجراته=ترى الأكم فيها سجّدا للحوافر
أي قد خشعت من وطء الحوافر عليها، وذلك القول الذي قالوه لأن السجود الذي هو طاعة عندهم إنما يكون ممن يعقل، والذي يكسر هذا ما وصف اللّه عزّ وجلّ من أن من الحجارة لما يهبط من خشية اللّه، والخشية والخوف ما عقلناه إلا للآدميين، وقد أعلمنا اللّه - عزّ وجلّ - أن من الحجارة ما يخشاه، وأعلمنا أنه سخر مع داود الجبال والطير تسبح معه، فلو كان تسبيح الجبال والطير أثر الصنعة: ما قيل سخرنا ولا قيل مع داود الجبال لأن أثر الصنعة يتبين مع داود وغيره، فهو سجود طاعة لا محالة، وكذلك التسبيح في الجبال والطير، ولكنا لا نعلم تسبيحها إلا أن يجيئنا في الحديث كيف تسبيح ذلك.
وقال اللّه عزّ وجلّ - {وإن من شيء إلّا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} ). [معاني القرآن: 3/419-418]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض}
قيل السجود ههنا الطاعة والانقياد
ومعنى قوله تعالى: {وكثير حق عليه العذاب} وكثير أبى). [معاني القرآن: 4/389]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن يهن الله فما له من مكرم }
قال الفراء وقد يقرأ فما له من مكرم أي إكرام). [معاني القرآن: 4/390-389]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:47 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والساجد: المنحني عند بعض العرب، وهو في لغة طيء المنتصب، قال الشاعر:

إنك لن تلقى لهن ذائدا = أنجح من وهم يثل الفائدا
لولا الزمام اقتحم الأجالد = بالغرب أو دق النعام الساجدا
ورواه أبو عبيدة:
لولا الحزام جاوز الأجالدا
وقال: الأجالد جمع الجلد، وهو آخر منقطع المنحاة، والمنحاة مختلف السانية. والنعام الساجد: خشبات منصوبة على البئر في قول أبي عمرو. وقال غيره: أراد بالساجد خشبات محنية لشدة ما تجذب، والإسجاد في عير هذا الموضع
فتور النظر وغض الطرف؛ يقال: قد أسجدت المرأة إذا غضت طرفها، ويقال: قد سجدت عينها إذا فتر نظرها، قال كثير:
أغرك منا أن دلك عندنا = وإسجاد عينيك الصيودين رابح
والسجود في غير هذا: الخشوع والخضوع والتذلل؛ كقوله جل اسمه: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر}، فسجود الشمس والقمر على جهة الخشوع والتذلل.
ومن هذا قوله: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده}، معناه أن أثر صنعة الله عز وجل موجودة في الأشياء كلها حيوانها ومواتها؛ فما لم تكن له آلة النطق والتسبيح وصف بذلك على جهة التشبيه بمن ينطق ويسبح لدلالته على خالقه وبارئه، قال الشاعر:
ساجد المنخر ما يرفعه = خاشع الطرف أصم المستمع
وقال الآخر:
بجمع تضل البلق في حجراته = ترى الأكم منها سجدا للحوافر
وقال الآخر:
قد كان ذو القرنين جدي مسلما = ملكا تدين له الملوك وتسجد
وقال جرير:
لما أتى خير الزبير تضعضعت = سور المدينة والجبال الخشع
فوصفها بالخشوع على ما وصفنا. وقال الطرماح:
وأخو الهموم إذا الهموم تحضرت = جنح الظلام وساده لا يرقد
وقال الطرماح أيضا:
وخرق به البوم يرثي الصدا = كما رثت الفاجع النائحه
فخبر عن الصدى بالمرثية على جهة التشبيه. وقال الطرماح أيضا:
ولكني أنص العيس يدمى = أظلاها وتركع في الحزون
وقال عمرو بن أحمر:

خلد الحبيب وباد حاضره = إلا منازل كلها قفر
ولهت عليها كل معصرة = هوجاء ليس للبها زبر
خرقاء تلتهم الجبال وأجـ = ـواز الفلاة وبطنها صفر
وقال بعده:

وعرفت من شرفات مسجدها = حجرين طال عليهما الدهر
بكيا الخلاء فقلت إذ بكيا = ما بعد مثل بكاكما صبر
فوصف بهذه الأفاعيل من لا يفعلها فعل حقيقة؛ إنما
جوازها على المجاز والاتساع، وقد قال الله عز وجل: {والنجم والشجر يسجدان}، فخبر عن النجم والشجر بالسجود على معنى الميل، أي يستقبلان الشمس ثم يميلان معها حتى ينكسر الفيء، والسجود في الصلاة سمي سجودا لعلتين: إحدهما أنه خضوع وتذلل لله جل وعز؛ إذ كانت العرب تجعل الخاضع ساجدا. والعلة الأخرى أنه سمي سجودا لأنه بالميل يقع، والانحناء والتطاطؤ على ما تقدم في التفسير، كما سمي الركوع في الصلاة ركوعا، لأنه انحناء). [كتاب الأضداد: 294-297]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله تعالى عن فعله بالفرق المذكورين وهم المؤمنون بمحمد عليه صلى الله عليه وسلم وغيره، واليهود، والصابئون. وهم قوم يعبدون الملائكة ويستقبلون القبلة ويوحدون الله ويقرؤون الزبور، قاله قتادة. والنصارى والمجوس وهم عبدة النار والشمس والقمر. والمشركون وهم عبدة الأوثان. قال قتادة: الأديان ستة، خمسة للشيطان وواحد للرحمن. وخبر "إن" قوله تعالى: {إن الله يفصل بينهم}، ثم دخلت "إن" على الخبر مؤكدة، وحسن ذلك لطول الكلام فهي وما بعدها خبر "إن" الأولى، وقرن الزجاج هذه الآية بقول الشاعر:
إن الخليفة إن الله سربله ... سربال ملك به ترجى الخواتيم
[المحرر الوجيز: 6/224]
نقله الطبري.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس هذا البيت كالآية؛ لأن الخبر في البيت في قوله: "به ترجى الخواتيم"، و"إن" الثانية وجملتها معترضة بين الكلامين. ثم تم الكلام كله في قوله تعالى: "القيامة"، واستأنف الخبر عن إن الله تبارك وتعالى على كل شيء شهيد وعالم به، وهذا خبر مناسب للفصل بين الفرق، وفصل الله تعالى بين هذه الفرق هو بإدخال المؤمنين الجنة والكافرين النار). [المحرر الوجيز: 6/225]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق}
"ألم تر" تنبيه، من رؤية القلب، وهذه آية إعلام بتسليم المخلوقات جميعها لله تعالى وخضوعها. وذكر في الآية كل ما عبد الناس إذ في المخلوقات أعظم مما ذكر كالبحار والرياح والهواء، فـ "من في السماوات": الملائكة، و"من في الأرض" من عبد من البشر. و"الشمس" كانت تعبدها حمير، وهم قوم بلقيس، و"القمر" كانت كنانة تعبده، قاله ابن عباس رضي الله عنهما: وكانت تميم تعبد الدبران، وكانت لخم تعبد المشتري، وكانت طي تعبد الثريا، وكانت قريش تعبد الشعر، وكانت أسد
[المحرر الوجيز: 6/225]
تعبد عطارد، وكانت ربيعة تعبد المرزم، و"الجبال والشجر" منها النار وأصنام الحجارة والخشب، و"الدواب" فيها البقر وغير ذلك مما عبد من الحيوان كالديك ونحوه.
و "السجود" في هذه الآية هو بالخضوع والانقياد للأمر، وهذا كما قال الشاعر:
... ... ... ... ... .... ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
وهذا مما يتعذر فيه السجود المتعارف. وقال مجاهد: سجود هذه الأشياء هو بطلانها، وقال بعضهم: سجودها هو بظهور الصنعة فيها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا وهم، وإنما خلط هذه الآية بآية التسبيح، وهنالك يحتمل أن يقال: هي بآثار الصنعة.
وقوله: {وكثير حق عليه العذاب} يحتمل أن يكون معطوفا على ما تقدم، أي: وكثير حق عليه العذاب سجدا، أي كراهية وعلى رغمه، إما بخضوعه عند المكاره ونحو ذلك، قاله مجاهد، وقال: سجوده بظله، ويحتمل أن يكون رفعا بالابتداء مقطوعا مما قبله، وكأن الجملة معادلة لقوله: {وكثير من الناس} لأن المعنى أنهم مرحومون بسجودهم، ويؤيد هذا قوله تعالى بعد ذلك: {ومن يهن الله} الآية.
وقرأ جمهور الناس: "فما له من مكرم" بكسر الراء، وقرأ ابن أبي عبلة بفتح الراء على معنى: من موضع، أو على أنه مصدر كمدخل، وقرأ جمهور الناس: "والدواب" مشددة الباء، وقرأ الزهري وحده بتخفيف الباء، وهي قليلة ضعيفة، وهي تخفيف على
[المحرر الوجيز: 6/226]
غير قياس كما قالوا: ظلت وأحست، وكما قال علقمة:
كأن إبريقهم ظبي على شرف ... مفدم بسبا الكتان ملثوم
أراد: بسبائب الكتان: وأنشد أبو علي في مثله:
حتى إذا ما لم أجد غير الشر ... كنت امرءا من مالك بن جعفر
وهذا باب إنما يستعمل في الشعر فلذلك ضعفت هذه القراءة). [المحرر الوجيز: 6/227]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس والّذين أشركوا إنّ اللّه يفصل بينهم يوم القيامة إنّ اللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ (17)}.
يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين، ومن سواهم من اليهود والصّابئين -وقد قدّمنا في سورة "البقرة" التّعريف بهم، واختلاف النّاس فيهم-والنّصارى والمجوس، والّذين أشركوا فعبدوا غير اللّه معه؛ فإنّه تعالى {يفصل بينهم يوم القيامة}، ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنّة، ومن كفر به النّار، فإنّه تعالى شهيدٌ على أفعالهم، حفيظٌ لأقوالهم، عليم بسرائرهم، وما تكن ضمائرهم).[تفسير ابن كثير: 5/ 402]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ وكثيرٌ من النّاس وكثيرٌ حقّ عليه العذاب ومن يهن اللّه فما له من مكرمٍ إنّ اللّه يفعل ما يشاء (18)}
يخبر تعالى أنّه المستحقّ للعبادة وحده لا شريك له، فإنّه يسجد لعظمته كلّ شيءٍ طوعًا وكرهًا وسجود [كلّ شيءٍ ممّا] يختصّ به، كما قال: {أولم يروا إلى ما خلق اللّه من شيءٍ يتفيّأ ظلاله عن اليمين والشّمائل سجّدًا للّه وهم داخرون} [النّحل: 48]. وقال هاهنا: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات ومن في الأرض} أي: من الملائكة في أقطار السموات، والحيوانات في جميع الجهات، من الإنس والجنّ والدّوابّ والطّير، {وإن من شيءٍ إلا يسبّح بحمده} [الإسراء: 44].
وقوله: {والشّمس والقمر والنّجوم}: إنّما ذكر هذه على التّنصيص؛ لأنّها قد عبدت من دون اللّه، فبيّن أنّها تسجد لخالقها، وأنّها مربوبةٌ مسخّرةٌ {لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ إن كنتم إيّاه تعبدون} [فصّلت: 37].
وفي الصّحيحين عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أتدري أين تذهب هذه الشّمس؟ ". قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب فتسجد تحت العرش، ثمّ تستأمر فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت".
وفي المسند وسنن أبي داود، والنّسائيّ، وابن ماجه، في حديث الكسوف: "إنّ الشّمس والقمر خلقان من خلق اللّه، وإنّهما لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكنّ اللّه عزّ وجلّ إذا تجلى لشيءٍ من خلقه خشع له".
وقال أبو العالية: ما في السّماء نجمٌ ولا شمسٌ ولا قمرٌ، إلّا يقع للّه ساجدًا حين يغيب، ثمّ لا ينصرف حتّى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتّى يرجع إلى مطلعه.
وأمّا الجبال والشّجر فسجودهما بفيء ظلالهما عن اليمين والشّمائل: وعن ابن عبّاسٍ قال: جاء رجلٌ فقال: يا رسول اللّه، إنّي رأيتني اللّيلة وأنا نائمٌ، كأنّي أصلّي خلف شجرةٍ، فسجدت فسجدت الشّجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللّهمّ، اكتب لي بها عندك أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبّلها منّي كما تقبّلتها من عبدك داود. قال ابن عباس: فقرأ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سجدةً ثمّ سجد، فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرّجل عن قول الشّجرة.
رواه التّرمذيّ، وابن ماجه، وابن حبّان في صحيحه.
وقوله: {والدّوابّ} أي: الحيوانات كلّها.
وقد جاء في الحديث عن الإمام أحمد: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن اتّخاذ ظهور الدّوابّ منابر فربّ مركوبةٍ خيرٌ وأكثر ذكرًا للّه من راكبها.
وقوله: {وكثيرٌ من النّاس} أي: يسجد للّه طوعًا مختارًا متعبّدًا بذلك، {وكثيرٌ حقّ عليه العذاب} أي: ممّن امتنع وأبى واستكبر، {ومن يهن اللّه فما له من مكرمٍ إنّ اللّه يفعل ما يشاء}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن شيبان الرّمليّ، حدّثنا القدّاح، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن عليٍّ قال: قيل لعلّيٍّ: إنّ هاهنا رجلًا يتكلّم في المشيئة. فقال له عليٌّ: يا عبد اللّه، خلقك اللّه كما يشاء أو كما شئت ؟ قال: بل كما شاء. قال: فيمرّضك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيدخلك حيث شئت أو حيث يشاء؟ قال: بل حيث يشاء. قال: واللّه لو قلت غير ذلك لضربت الّذي فيه عيناك بالسّيف.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا قرأ ابن آدم السّجدة اعتزل الشّيطان يبكي يقول: يا ويله. أمر ابن آدم بالسّجود فسجد، فله الجنّة، وأمرت بالسّجود فأبيت، فلي النّار" رواه مسلمٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ وأبو عبد الرّحمن المقرئ قالا حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا مشرح بن هاعان أبو مصعب المعافريّ قال: سمعت عقبة بن عامرٍ يقول: قلت يا رسول اللّه، أفضّلت سورة الحجّ على سائر القرآن بسجدتين؟ قال: "نعم، فمن لم يسجد بهما فلا يقرأهما".
ورواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث عبد اللّه بن لهيعة، به. وقال التّرمذيّ: "ليس بقويٍّ " وفي هذا نظرٌ؛ فإنّ ابن لهيعة قد صرح فيه بالسّماع، وأكثر ما نقموا عليه تدليسه.
وقد قال أبو داود في المراسيل: حدّثنا أحمد بن عمرو بن السّرح، أنبأنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالحٍ، عن عامر بن جشب، عن خالد بن معدان؛ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضّلت سورة الحجّ على القرآن بسجدتين".
ثمّ قال أبو داود: وقد أسند هذا، يعني: من غير هذا الوجه، ولا يصحّ.
وقال الحافظ أبو بكرٍ الإسماعيليّ: حدّثنا ابن أبي داود، حدّثنا يزيد بن عبد اللّه، حدّثنا الوليد، حدّثنا أبو عمرٍو، حدّثنا حفص بن عنانٍ، حدّثني نافعٌ، حدّثني أبو الجهم: أنّ عمر سجد سجدتين في الحجّ، وهو بالجابية، وقال: إنّ هذه فضّلت بسجدتين.
وروى أبو داود وابن ماجه، من حديث الحارث بن سعيدٍ العتقيّ، عن عبد اللّه بن منين، عن عمرو بن العاص؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقرأه خمس عشرة سجدةً في القرآن، منها ثلاثٌ في المفصّل، وفي سورة الحجّ سجدتان. فهذه شواهد يشدّ بعضها بعضًا).[تفسير ابن كثير: 5/ 403-405]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة