تفسير قوله تعالى: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى نفشت فيه غنم القوم قال في حرث القوم). [تفسير عبد الرزاق: 2/25]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر قال الزهري النفش لا يكون إلا ليلا والهمل بالنهار
قال قتادة فقضى داود أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان فلما أخبر سليمان بقضاء داود قال لا ولكن خذوا الغنم فلكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول). [تفسير عبد الرزاق: 2/25-26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وبلغني أن الحرث الذي نفشت فيه الغنم كان عنبا). [تفسير عبد الرزاق: 2/26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الزهري عن ابن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته فقضى النبي على أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل المواشي حفظها بالليل). [تفسير عبد الرزاق: 2/26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة عن الشعبي أن شاة وقعت في غزل حواك فاختصموا إلى شريح فقال الشعبي انظروا فإنه سيسألهم ليلا كان أو نهارا فقال شريح ليلا كان أم نهارا قال إن كان نهارا فلا ضمان على صاحبها وإن كان ليلا ضمن قال وقرأ إذ نفشت فيه غنم القوم ثم قال النفش بالليل والهمل بالنهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة بلغنا أن داود حكم بالغنم لأهل الزرع ففهمها الله سليمان قال فبلغ أن سليمان قضى أن الغنم تكون مع أهل الزرع فلهم ما يخرج من أصوافها وألبانها وأولادها عامها ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي إسحاق عن مرة عن مسروق في قوله تعالى وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم قال كان حرثهم عنبا فنفشت فيه الغنم ليلا فقضى بالغنم لهم فمروا على سليمان فأخبروه الخبر فقال أو غير ذلك فردهم إلى داود فقال ما قضيت بين هؤلاء فأخبروه قال ولكن اقض بينهم أن يأخذوا غنمهم فيكون لهم لبنها وصوفها وسمنها ومنفعتها ويقوم هؤلاء على عنبهم حتى إذا عاد كما كان ردوا عليهم غنمهم قال فذلك قوله ففهمنها سليمان). [تفسير عبد الرزاق: 2/26-27]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن مرّة عن مسروقٍ في قوله: {إذ يحكمان في الحرث} قال: الحرث عنبٌ {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: باللّيل قال: فحكم فيها داود عليه السّلام أن تدفع إليهم الغنم قال سليمان: ما قال داود قالوا دفع إليهم الغنم فقال: لو كنت أنا لم أدفعها ولكن كنت أجعلها لهم ينتفعون بأصوافها وألبانها وسمنها ويقوم أصحاب الغنم بالحرث حتّى يصيّرونه إلى مثل ما كان ثمّ تردّ عليهم الغنم ويردّون الحرث على أربابه فأنزل اللّه عزّ وجلّ {ففهمناها سليمان} [الآية: 78]). [تفسير الثوري: 202-203]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: {نفشت} [الأنبياء: 78] : «رعت ليلًا»). [صحيح البخاري: 6/96]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ نفشت رعت ليلًا سقط ليلًا لغير أبي ذر وقد وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن ابن عبّاسٍ بهذا وهو قول أهل اللّغة نفشت إذا رعت ليلًا بلا راعٍ وإذا رعت نهارًا بلا راعٍ قيل هملت). [فتح الباري: 8/436]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما تفاسير ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا إبراهيم بن موسى أنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله 78 الأنبياء {إذ نفشت فيه غنم القوم} يقول رعت). [تغليق التعليق: 4/258]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن عبّاسٍ نفشت رعت ليلاً
أي: قال ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: {إذ نفشت فيه غنم القوم} (الأنبياء: 78) إن معنى نفشت رعت ليلًا، وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس، وهو قول أهل اللّغة: نفشت إذا رعت ليلًا بلا راع، وإذا رعت نهارا بلا راع أهملت، وعند ابن مردويه: كان كرماً أينع. قوله: ليلًا، لم يثبت إلاّ في رواية أبي ذر). [عمدة القاري: 19/63]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال ابن عباس): مما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: إذ ({نقشت}) أي (رعت) ({فيه غنم القوم}) وزاد أبو ذر ليلًا). [إرشاد الساري: 7/240]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {نفشت فيه غنم القوم} قال: سرحت فيه غنم القوم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنّا لحكمهم شاهدين (78) ففهّمناها سليمان وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن والطّير وكنّا فاعلين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: واذكر داود وسليمان يا محمّد إذ يحكمان في الحرث.
واختلف أهل التّأويل في ذلك الحرث ما كان؟ فقال بعضهم: كان نبتًا.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن إسحاق، عن مرّة، في قوله: {إذ يحكمان في الحرث} قال: كان الحرث نبتًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ غنم القوم وقعت في زرعٍ ليلاً.
وقال آخرون: بل كان ذلك الحرث كرمًا.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن أشعث، عن أبي إسحاق، عن مرّة، عن ابن مسعودٍ، في قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} قال: كرمٌ قد أنبت عناقيده.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريكٍ، عن أبي إسحاق، عن مسروقٍ، عن شريحٍ، قال: كان الحرث كرمًا.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب ما قال اللّه تبارك وتعالى: {إذ يحكمان في الحرث} والحرث: إنّما هو حرث الأرض. وجائزٌ أن يكون ذلك كان زرعًا، وجائزٌ أن يكون كان غرسًا، وغير ضائرٍ الجهل بأيّ ذلك كان.
وقوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم} يقول: حين دخلت في هذا الحرث غنم القوم الآخرين من غير أهل الحرث ليلاً، فرعته وأفسدته. {وكنّا لحكمهم شاهدين} يقول وكنّا لحكم داود وسليمان والقوم الّذين حكما بينهم فيما أفسدت غنم أهل الغنم من حرث أهل الحرث شاهدين لا يخفى علينا منه شيءٌ ولا يغيب عنّا علمه). [جامع البيان: 16/320-321]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا إسرائيل عن أبي إسحاق الهمذاني عن مرة بن شراحيل عن مسروق بن الأجدع قال نفشت فيه ليلا وكان الحرث كرما حين طلع فلم يصبح فيه ورقة ولا عود إلا أكلته الغنم فاختصموا إلى داود فقال داود عليه السلام لأصحاب الكرم لكم رقاب الغنم فقال له سليمان أو غير ذلك يا نبي الله تعطي لأصحاب الكرم الغنم فيصيبون من ألبانها ومنفعتها ويعالج أصحاب الغنم الكرم حتى إذا كان كهيئته حين نفشت فيه دفعت إلى هؤلاء غنمهم وإلى هؤلاء كرمهم فرضي بذلك داود فقال الله عز وجل ففهمناها سليمان). [تفسير مجاهد: 413]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 78 - 82
أخرج الحاكم عن وهب قال: داود بن إيشا بن عويد بن عابر من ولد يهوذا بن يعقوب وكان قصيرا أزرق قليل الشعر طاهر القلب). [الدر المنثور: 10/318]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مرة رضي الله عنه في قوله: {إذ يحكمان في الحرث} قال: كان الحرث نبتا فنفشت فيه ليلا فاختصموا فيه إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث فمروا على سليمان فذكروا ذلك له فقال: لا تدفع الغنم، فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم فإذا عاد كما كان ردوا عليهم فنزلت {ففهمناها سليمان} ). [الدر المنثور: 10/318-319]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والحاكم والبيهقي في "سننه" عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان: أغير هذا يا نبي الله قال: وما ذاك قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفعت الكرم لصاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها، فذلك قوله: {ففهمناها سليمان} ). [الدر المنثور: 10/319]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مسروق قال: الحرث الذي {نفشت فيه غنم القوم} إنما كان كرما نفشت فيه غنم القوم فلم تدع فيه ورقة ولا عنقودا من عنب إلا أكلته فأتوا داود فأعطاهم رقابها فقال سليمان: إن صاحب الكرم قد بقي له أصل كرمه وأصل أرضه بل تؤخذ الغنم فيعطاها أهل الكرم فيكون لهم لبنها وصوفها ونفعها ويعطى أهل الغنم الكرم فيعمرونه ويصلحونه حتى يعود كالذي كان ليلة نفشت فيه الغنم ثم يعطى أهل الغنم غنمهم وأهل الكرم كرمهم). [الدر المنثور: 10/319-320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وداود وسليمان} إلى قوله: {وكنا لحكمهم شاهدين} يقول: كنا لما حكما شاهدين وذلك أن رجلين دخلا على داود: أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فقال صاحب الحرث: إن هذا أرسل غنمه في حرثي فلم تبق من حرثي شيئا، فقال له داود: اذهب فإن الغنم كلها لك، فقضى بذلك داود ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به داود فدخل سليمان على داود فقال: يا نبي الله إن القضاء سوى الذي قضيت، فقال: كيف قال سليمان: إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل عام فله من صاحب الغنم أن ينتفع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي ثمن الحرث فإن الغنم لها نسل كل عام، فقال داود: قد أصبت القضاء كما قضيت، ففهمها الله سليمان). [الدر المنثور: 10/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد في الآية قال: أعطاهم داود رقاب الغنم بالحرث وحكم سليمان بجزة الغنم وألبانها لأهل الحرث وعليهم رعاؤها ويحرث لهم أهل الغنم حتى يكون الحرث كهيئته يوم أكل ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم). [الدر المنثور: 10/320-321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: النفش بالليل والهمل بالنهار، ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلا فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الزرع فقال سليمان: ليس كذلك ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها حتى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل دفعت الغنم إلى أربابها وقبض صاحب الزرع زرعه، قال الله: {ففهمناها سليمان}). [الدر المنثور: 10/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة والزهري في الآية قال: نفشت غنم في حرث قوم فقضى داود أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان فلما أخبر بقضاء داود قال: لا ولكن خذوا الغنم ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول). [الدر المنثور: 10/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت امرأة عابدة من بني إسرائيل وكانت تبتلت المرأة وكان لها جاريتان جميلتان وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال فقالت إحدى الجاريتين للأخرى: قد طال علينا هذا البلاء أما هذه فلا تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها فلو أنا فضحناها فرجمت فصرنا إلى الرجال، فأتيا ماء البيض فأتياها وهي ساجدة فكشفتا عن ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض وصرختا: إنها قد بغت، وكان من زنى فيهم حده الرجم فرفعت إلى داود وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها فقال سليمان: ائتوا بنار فإنه إن كان ماء الرجال تفرق وإن كان ماء البيض اجتمع، فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم فعطف داود على سليمان فأحبه، ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه فقضى داود عليه السلام بالغنم لأصحاب الحرث فخرجوا وخرجت الرعاة معهم الكلاب فقال سليمان: كيف قضى بينكم فأخبروه فقال: لو وليت أمرهم لقضيت بغير هذا القضاء، فقيل لداود عليه السلام: إن سليمان يقول كذا وكذا، فدعاه فقال: كيف تقضي بينهم فقال: أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وسلالها وألبانها ومنافعها ويذر أصحاب الحرث الحرث هذا العام فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث ودفعوا إلى هؤلاء الغنم). [الدر المنثور: 10/321-322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {نفشت} قال: رعت). [الدر المنثور: 10/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {نفشت} قال: النفش الرعي بالليل، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت قول لبيد:
بدلن بعد النفش الوجيفا * وبعد ول الحزن الصريفا.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي شيبة وأحمد وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد وأبو داود، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن حرام بن محيصة أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: على أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وإن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها). [الدر المنثور: 10/323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناقة البراء بن عازب رضي الله عنه دخلت حائطا لقوم فأفسدت عليهم فأتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: على أهل الحائط حفظ حائطهم بالنهار وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل ثم تلا هذه الآية {وداود وسليمان} الآية، ثم قال: نفشت ليلا). [الدر المنثور: 10/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ فأفهمناها سليمان). [الدر المنثور: 10/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال: كان الحكم بما قضى به سليمان ولم يعب داود في حكمه). [الدر المنثور: 10/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهون أهل النار عذابا رجل يطأ جمرة يغلي منها دماغه، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: وما جرمه يا رسول الله قال: كانت له ماشية يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرم الله الرزع وما حوله غلوة سهم فاحذروا أن لا يستحب الرجل ما له في الدنيا ويهلك نفسه في الآخرة). [الدر المنثور: 10/324-325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما إمرأتان معهما ابنان لهما جاء الذئب فأخذ أحد الابنين فتحاكما إلى داود فقضى له للكبرى فخرجتا فدعاهما سليمان فقال: هاتوا السكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنها لا تشقه، فقضى به للصغرى). [الدر المنثور: 10/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن امرأة حسناء من بني إسرائيل راودها عن نفسها أربعة من رؤسائهم فامتنعت على كل واحد منهم فاتفقوا فيما بينهم عليها فشهدوا عليها عند داود أنها مكنت من نفسها كلبا لها قد عودته ذلك منها فأمر برجمها، فلما كان عشية ذلك اليوم جلس سليمان واجتمع معه ولدان مثله فانتصب حاكما وتزيا أربعة منهم بزي أولئك وآخر بزي المرأة وشهدوا عليها بأنها مكنت من نفسها كلبها، فقال سليمان: فرقوا بينهم، فسأل أولهم: ما كان لون الكلب فقال: أسود، فعزله واستدعى الآخر فسأله عن لونه فقال: أحمر وقال الآخر أغبش وقال الآخر أبيض، فأمر عند ذلك بقتلهم فحكي ذلك لداود فاستدعى من فوره أولئك الأربعة فسألهم متفرقين عن لون ذلك الكلب فاختلفوا فيه فأمر بقتلهم). [الدر المنثور: 10/325-326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي نجيح قال: قال سليمان عليه السلام: أوتينا ما أوتي الناس ولم يؤتوا وعلمنا ما علم الناس ولم يعلموا، فلم يجد شيئا أفضل من ثلاث كلمات: الحلم في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وخشية الله في السر والعلانية). [الدر المنثور: 10/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان عليه السلام لابنه: يا بني إياك وغضب الملك الظلوم فإن غضبه كغضب ملك الموت). [الدر المنثور: 10/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خيثمة قال: قال سليمان عليه السلام: جربنا العيش لينه وشديده فوجدناه يكفي منه أدناه). [الدر المنثور: 10/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأمد عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان لابنه: يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك وإن كانت بريئة، يا بني إن من الحياء صمتا ومنه وقارا يا بني إن أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع العصا عن ابنك، يا بني كما يدخل الوتد بين الحجرين وكما تدخل الحية بين الحجرين كذلك تدخل الخطيئة بين البيعين). [الدر المنثور: 10/326-327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: بلغنا أن سليمان قال لابنه: امش وراء الأسد ولا تمش وراء امرأة). [الدر المنثور: 10/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان لابنه: يا بني إن من سوء العيش نقلا من بيت إلى بيت، وقال لابنه: عليك بخشية الله فإنها غلبت كل شيء). [الدر المنثور: 10/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن بكر بن عبد الله أن داود عليه السلام قال لابنه سليمان: أي شيء أبرد وأي شيء أحلى وأي شيء أقرب وأي شيء أقل وأي شيء أكثر وأي شيء آنس وأي شيء أوحش قال: أحلى شيء روح الله من عباده وأبرد شيء عفو الله عن عباده وعفو العباد بعضهم عن بعض، وآنس شيء الروح تكون في الجسد وأوحش شيء الجسد تنزع منه الروح وأقل شيء اليقين وأكثر شيء الشك وأقرب شيء الآخرة من الدنيا وأبعد شيء الدنيا من الآخرة). [الدر المنثور: 10/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان لابنه: لا تقطعن أمرا حتى تؤامر مرشدا فإذا فعلت ذلك فلا تحزن عليه، وقال: يا بني ما أقبح الخطيئة مع المسكنة وأقبح الضلالة بعد الهدى وأقبح من ذلك رجل كان عابدا فترك عبادة ربه). [الدر المنثور: 10/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن قتادة قال: قال سليمان عليه السلام: عجبا للتاجر: كيف يخلص يحلف بالنهار وينام بالليل). [الدر المنثور: 10/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان لابنه: يا بني إياك والنميمة فإنها كحد السيف). [الدر المنثور: 10/328]
تفسير قوله تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني مالك عن زيد بن أسلم في قول الله: {وكلا آتينا حكما وعلما}، قال زيد: إن الحكمة العقل؛ قال مالك: وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هو الفقه في دين الله، وأمرٌ يدخله الله القلوب برحمته وفضله). [الجامع في علوم القرآن: 2/130]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي إسحاق عن مرة عن مسروق في قوله تعالى وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم قال كان حرثهم عنبا فنفشت فيه الغنم ليلا فقضى بالغنم لهم فمروا على سليمان فأخبروه الخبر فقال أو غير ذلك فردهم إلى داود فقال ما قضيت بين هؤلاء فأخبروه قال ولكن اقض بينهم أن يأخذوا غنمهم فيكون لهم لبنها وصوفها وسمنها ومنفعتها ويقوم هؤلاء على عنبهم حتى إذا عاد كما كان ردوا عليهم غنمهم قال فذلك قوله ففهمنها سليمان). [تفسير عبد الرزاق: 2/26-27] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {ففهّمناها} يقول ففهمنا القضيّة في ذلك {سليمان} دون داود {وكلاًّ آتينا حكمًا وعلمًا} يقول وكلّهم من داود وسليمان والرّسل الّذين ذكرهم في أوّل هذه السّورة آتينا حكمًا وهو النّبوّة وعلمًا يعني وعلمًا بأحكام اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، وهارون بن إدريس الأصمّ، قالا: حدّثنا المحاربيّ، عن أشعث، عن أبي إسحاق، عن مرّة، عن ابن مسعودٍ، في قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: كرمٌ قد أنبت عناقيده، فأفسدته. قال: فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان: غير هذا يا نبيّ اللّه قال: وما ذاك؟ قال: يدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتّى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها، حتّى إذا كان الكرم كما كان دفعت الكرم إلى صاحبه، ودفعت الغنم إلى صاحبها. فذلك قوله: {ففهّمناها سليمان}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} إلى قوله: {وكنّا لحكمهم شاهدين} يقول: كنّا لما حكما شاهدين. وذلك أنّ رجلين دخلا على داود، أحدهما صاحب حرثٍ، والآخر صاحب غنمٍ، فقال صاحب الحرث: إنّ هذا أرسل غنمه في حرثي، فلم يبق من حرثي شيئًا. فقال له داود: اذهب، فإنّ الغنم كلّها لك فقضى بذلك داود. ومرّ صاحب الغنم بسليمان، فأخبره بالّذي قضى به داود، فدخل سليمان على داود فقال: يا نبيّ اللّه، إنّ القضاء سوى الّذي قضيت. فقال: كيف؟ قال سليمان: إنّ الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كلّ عامٍ، فله من صاحب الغنم أن يبيع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتّى يستوفي ثمن الحرث، فإنّ الغنم لها نسلٌ في كلّ عامٍ. فقال داود: قد أصبت، القضاء كما قضيت. ففهّمها اللّه سليمان.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عليّ بن زيدٍ قال: حدّثني خليفة، عن ابن عبّاسٍ قال: قضى داود بالغنم لأصحاب الحرث، فخرج الرّعاء معهم الكلاب، فقال سليمان: كيف قضى بينكم؟ فأخبروه، فقال: لو وافيت أمركم لقضيت بغير هذا. فأخبر بذلك داود، فدعاه فقال: كيف تقضي بينهم؟ قال: أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث، فيكون لهم أولادها وألبانها وسلاؤها ومنافعها، ويبذر أصحاب الغنم لأهل الحرث مثل حرثهم، فإذا بلغ الحرث الّذي كان عليه، أخذ أصحاب الحرث الحرث وردّوا الغنم إلى أصحابها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، قال: حدّثنا ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: أعطاهم داود رقاب الغنم بالحرث، وحكم سليمان بجزّة الغنم وألبانها لأهل الحرث، وعليهم رعايتها على أهل الحرث، ويحرث لهم أهل الغنم حتّى يكون الحرث كهيئته يوم أكل، ثمّ يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثني ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ بنحوه، إلاّ أنّه قال: وعليهم رعيها.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبى إسحاق، عن مرّة، في قوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: كان الحرث نبتًا، فنفشت فيه ليلاً، فاختصموا فيه إلى داود، فقضى بالغنم لأصحاب الحرث. فمرّوا على سليمان، فذكروا ذلك له، فقال: لا، تدفع الغنم فيصيبون منها يعني أصحاب الحرث ويقوم هؤلاء على حرثهم، فإذا كان كما كان ردّوا عليهم. فنزلت: {ففهّمناها سليمان}.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريكٍ، عن أبي إسحاق، عن مسروقٍ، عن شريحٍ، في قوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: كان النّفش ليلاً، وكان الحرث كرمًا، قال: فجعل داود الغنم لصاحب الكرم قال: فقال سليمان: إنّ صاحب الكرم قد بقي له أصل أرضه وأصل كرمه، فاجعل له أصوافها وألبانها، قال: فهو قول اللّه: {ففهّمناها سليمان}.
- حدّثنا ابن أبي زيادٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إسماعيل، عن عامرٍ، قال: جاء رجلان إلى شريحٍ، فقال أحدهما: إنّ شاه هذا قطعت غزلاً لي، فقال شريحٌ: نهارًا أم ليلاً؟ قال: إن كان نهارًا فقد برئ صاحب الشّياه، وإن كان ليلاً فقد ضمن. ثمّ قرأ: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: كان النّفش ليلاً.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن عامرٍ، عن شريحٍ بنحوه.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبيّ، عن شريحٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} الآية، النّفش باللّيل، والهمل بالنّهار. وذكر لنا أنّ غنم القوم وقعت في زرعٍ ليلاً، فرفع ذلك إلى داود، فقضى بالغنم لأصحاب الزّرع، فقال سليمان: ليس كذلك، ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها، حتّى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل دفعت الغنم إلى ربّها، وقبض صاحب الزّرع زرعه. فقال اللّه: {ففهّمناها سليمان}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، والزّهريّ: {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: نفشت غنمٌ في حرث قومٍ. قال الزّهريّ: والنّفش لا يكون إلاّ ليلاً، فقضى داود أن يأخذ الغنم، ففهّمها اللّه سليمان، قال: فلمّا أخبر بقضاء داود قال: لا، ولكن خذوا الغنم، ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: في حرث قومٍ قال معمرٌ: قال الزّهريّ: النّفش لا يكون إلاّ باللّيل، والهمل بالنّهار. قال قتادة: مضى أن يأخذوا الغنم، ففهّمها اللّه سليمان. ثمّ ذكر باقي الحديث نحو حديث عبد الأعلى.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} الآيتين قال: انفلت غنم رجلٍ على حرث رجلٍ فأكلته، فجاء إلى داود، فقضى فيها بالغنم لصاحب الحرث بما أكلت، وكأنّه رأى أنّه وجه ذلك. فمرّوا بسليمان، فقال: ما قضى بينكم نبيّ اللّه؟ فأخبروه، فقال: ألا أقضي بينكما بقضاء عسى أن ترضيا به؟ فقالا: نعم. فقال: أمّا أنت يا صاحب الحرث، فخذ غنم هذا الرّجل فكن فيها كما كان صاحبها، أصب من لبنها، وعارضتها وكذا وكذا، ما كان يصيب، واحرث أنت يا صاحب الغنم حرث هذا الرّجل، حتّى إذا كان حرثه مثله ليلة نفشت فيه غنمك فأعطه حرثه، وخذ غنمك، فذلك قول اللّه تبارك وتعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم}. وقرأ حتّى بلغ قوله: {وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم} قال: رعت.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: النّفش. الرّعيّة تحت اللّيل.
- قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزّهريّ، عن حرام بن محيّصة بن مسعودٍ، قال: دخلت ناقةٌ للبراء بن عازبٍ حائطًا لبعض الأنصار فأفسدته، فرفع ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال ": {إذ نفشت فيه غنم القوم} فقضى على البراء بما أفسدته النّاقة، وقال: " على أصحاب الماشية حفظ الماشية باللّيل، وعلى أصحاب الحوائط حفظ حيطانهم بالنّهار ".
قال الزّهريّ: وكان قضاء داود وسليمان في ذلك أنّ رجلاً دخلت ماشيته زرعًا لرجلٍ فأفسدته، ولا يكون النّفوش إلاّ باللّيل، فارتفعا إلى داود، فقضى بغنم صاحب الغنم لصاحب الزّرع، فانصرفا، فمرّا بسليمان، فقال: بماذا قضى بينكما نبيّ اللّه؟ فقالا: قضى بالغنم لصاحب الزّرع. فقال: إنّ الحكم لعلى غير هذا، انصرفا معي فأتى أباه داود، فقال: يا نبيّ اللّه، قضيت على هذا بغنمه لصاحب الزّرع؟ قال نعم. قال: يا نبيّ اللّه، إنّ الحكم لعلى غير هذا. قال: وكيف يا بنيّ؟ قال: تدفع الغنم إلى صاحب الزّرع فيصيب من ألبانها وسمونها وأصوافها، وتدفع الزّرع إلى صاحب الغنم يقوم عليه، فإذا عاد الزّرع إلى حاله الّتي أصابته الغنم عليها ردّت الغنم على صاحب الغنم، وردّ الزّرع إلى صاحب الزّرع.
فقال داود: لا يقطع اللّه فمك فقضى بما قضى سليمان. قال الزّهريّ: فذلك قوله. {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث}، إلى قوله: {حكمًا وعلمًا}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، وعليّ بن مجاهدٍ، عن محمّد بن إسحاق، قال: فحدّثني من، سمع الحسن، يقول: كان الحكم بما قضى به سليمان، ولم يعنّف اللّه داود في حكمه.
وقوله: {وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن والطّير} يقول تعالى ذكره: وسخّرنا مع داود الجبال والطّير يسبّحن معه إذا سبّح.
وكان قتادة يقول في معنى قوله: {يسبّحن} في هذا الموضع ما؛
- حدّثنا به، بشرٌ قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن} والطّير أي يصلّين مع داود إذا صلّى.
وقوله: {وكنّا فاعلين} يقول: وكنّا قد قضينا أنّا فاعلو ذلك، ومسخّرو الجبال والطّير في أمّ الكتاب مع داود عليه الصّلاة والسّلام). [جامع البيان: 16/321-328]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا إسرائيل عن أبي إسحاق الهمذاني عن مرة بن شراحيل عن مسروق بن الأجدع قال نفشت فيه ليلا وكان الحرث كرما حين طلع فلم يصبح فيه ورقة ولا عود إلا أكلته الغنم فاختصموا إلى داود فقال داود عليه السلام لأصحاب الكرم لكم رقاب الغنم فقال له سليمان أو غير ذلك يا نبي الله تعطي لأصحاب الكرم الغنم فيصيبون من ألبانها ومنفعتها ويعالج أصحاب الغنم الكرم حتى إذا كان كهيئته حين نفشت فيه دفعت إلى هؤلاء غنمهم وإلى هؤلاء كرمهم فرضي بذلك داود فقال الله عز وجل ففهمناها سليمان). [تفسير مجاهد: 413] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل: أن إياس بن معاوية لما استقضى آتاه الحسن فرآه حزينا فبكى إياس فقال: ما يبكيك فقال: يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة: رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار ورجل مال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة، فقال الحسن: إن فيما قص الله من نبأ داود ما يرد ذلك، ثم قرأ {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} حتى بلغ {وكلا آتينا حكما وعلما} فأثنى على سليمان ولم يذم داود، ثم قال: أخذ الله على الحكام ثلاثة: أن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ولا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس، ثم تلا هذه الآية (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) (ص آية 26) الآية وقال (فلا تخشوا الناس واخشون) (المائدة آية 44) وقال (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) (المائدة آية 44) ). [الدر المنثور: 10/328-329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله: {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير} قال: يصلين مع داود إذا صلى {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال: كانت صفائح فأول من مدها وحلقها داود عليه السلام). [الدر المنثور: 10/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن سليمان بن حيان قال: كان داود إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق). [الدر المنثور: 10/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: كان عمر آدم ألف سنة وكان عمر داود ستين سنة، فقال آدم: أي رب زده من عمري أربعين سنة، فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة). [الدر المنثور: 10/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: مات داود عليه السلام يوم الست فجأة فعكفت الطير عليه تظله). [الدر المنثور: 10/330]
تفسير قوله تعالى: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وعلمناه صنعة لبوس لكم قال كانت صفائح فأول من سردها وحلقها داود). [تفسير عبد الرزاق: 2/27]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({صنعة لبوسٍ} [الأنبياء: 80] : «الدّروع»). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله صنعة لبوسٍ الدّروع قال أبو عبيدة اللّبوس السّلاح كلّه من درعٍ إلى رمحٍ وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة اللّبوس الدّروع كانت صفائح وأوّل من سردها وحلّقها داود وقال الفرّاء من قرأ لتحصنكم بالمثنّاة فلتأنيث الدّروع ومن قرأ بالتّحتانيّة فلتذكير اللّبوس). [فتح الباري: 8/437]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (صنعة لبوسٍ الدّروع
أشار به إلى قوله تعالى: {وعلمناه صنعة لبوس لكن لتحصنكم من بأسكم} (الأنبياء: 80) وفسّر: (صنعة لبوس: بالدروع) قال أبو عبيدة: اللبوس السّلاح كله من درع إلى رمح، وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة: اللبوس الدروع كانت صفائح، وأول من سردها وحلقها داود عليه السّلام. وقال الثّعلبيّ: اللبوس عند العرب السّلاح كله درعاً كان أو جوشناً أو سيفا أو رمحاً، وإنّما عنى الله تعالى به في هذا الموضع الدرع، وهو بمعنى الملبوس كالحلوب والرّكوب). [عمدة القاري: 19/64]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({صنعة لبوس}) هي (الدروع) لأنها تلبس وهو بمعنى الملبوس كالحلوب والركوب). [إرشاد الساري: 7/241]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون}.
يقول تعالى ذكره: وعلّمنا داود صنعة لبوسٍ لكم.
واللّبوس عند العرب: السّلاح كلّه، درعًا كان، أو جوشنًا، أو سيفًا، أو رمحًا، يدلّ على ذلك قول الهذليّ:
ومعي لبوسٌ للّبيس كأنّه = روقٌ بجبهة ذي نعاجٍ مجفل
وإنّما يصف بذلك رمحًا. وأمّا في هذا الموضع فإنّ أهل التّأويل قالوا: عني الدّروع
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لكم} الآية قال: كانت قبل داود صفائح قال: وكان أوّل من صنع هذا الحلق وسرد داود.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لكم} قال: " كانت صفائح، فأوّل من سردها وحلّقها داود عليه السّلام ".
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {لتحصنكم} فقرأ ذلك أكثر قرّاء الأمصار: ( ليحصنكم ) بالياء، بمعنى: ليحصنكم اللّبوس من بأسكم، ذكّروه لتذكير اللّبوس. وقرأ ذلك أبو جعفرٍ يزيد بن القعقاع: {" لتحصنكم "} بالتّاء، بمعنى: لتحصنكم الصّنعة، فأنّث لتأنيث الصّنعة. وقرأ شيبة بن نصّاحٍ، وعاصم بن أبي النّجود: ( لنحصنكم ) بالنّون، بمعنى: لنحصنكم نحن من بأسكم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءات في ذلك بالصّواب عندي قراءة من قرأه بالياء، لأنّها القراءة الّتي عليها الحجّة من قرّاء الأمصار، وإن كانت القراءات الثّلاث الّتي ذكرناها متقاربات المعاني، وذلك أنّ الصّنعة هي اللّبوس، واللّبوس هي الصّنعة، واللّه هو المحصن به من البأس، وهو المحصن بتصيير اللّه إيّاه كذلك. ومعنى قوله: ( ليحصنكم ) ليحرزكم، وهو من قوله: قد أحصن فلانٌ جاريته. وقد بيّنّا معنى ذلك بشواهده فيما مضى قبل.
والبأس: القتال، وعلّمنا داود صنعة سلاحٍ لكم ليحرزكم إذا لبستموه ولقيتم فيه أعداءكم من القتل.
وقوله: {فهل أنتم شاكرون} يقول: فهل أنتم أيّها النّاس شاكرو اللّه على نعمته عليكم بما علّمكم من صنعة اللّبوس المحصن في الحرب وغير ذلك من نعمه عليكم، يقول: فاشكروني على ذلك). [جامع البيان: 16/329-330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله: {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير} قال: يصلين مع داود إذا صلى {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال: كانت صفائح فأول من مدها وحلقها داود عليه السلام). [الدر المنثور: 10/329] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج السدي في قوله: {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال: هي دروع الحديد {لتحصنكم من بأسكم} قال: من رتع السلاح فيكم). [الدر المنثور: 10/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لنحصنكم بالنون). [الدر المنثور: 10/329]
تفسير قوله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولسليمان الرّيح عاصفةً تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها وكنّا بكلّ شيءٍ عالمين}.
يقول تعالى ذكره: وسخّرنا لسليمان بن داود {الرّيح عاصفةً} وعصوفها: شدّة هبوبها {تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها} يقول: تجري الرّيح بأمر سليمان {إلى الأرض الّتي باركنا فيها} يعني: إلى الشّام، وذلك أنّها كانت تجري بسليمان وأصحابه إلى حيث شاء سليمان، ثمّ تعود به إلى منزله بالشّام، فلذلك قيل: {إلى الأرض الّتي باركنا فيها}. كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: كان سليمان إذا خرج إلى مجلسه عكفت عليه الطّير، وقام له الجنّ والإنس حتّى يجلس إلى سريره. وكان امرأً غزّاءً، قلّما يقعد عن الغزو، ولا يسمع في ناحيةٍ من الأرض بملكٍ إلاّ أتاه حتّى يذلّه. وكان فيما يزعمون إذا أراد الغزو، أمر بعسكره فضرب له بخشبٍ، ثمّ نصب له على الخشب، ثمّ حمل عليه النّاس والدّوابّ وآلة الحرب كلّها، حتّى إذا حمل معه ما يريد أمر العاصف من الرّيح، فدخلت تحت ذلك الخشب فاحتملته، حتّى إذا استقلّت أمر الرّخاء، فمدّته شهرًا في روحته، وشهرًا في غدوته إلى حيث أراد، يقول اللّه عزّ وجلّ: {فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب} قال: {ولسليمان الرّيح غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ}. قال: فذكر لي أنّ منزلاً بناحية دجلة مكتوبٌ فيه كتابٌ كتبه بعض صحابة سليمان، إمّا من الجنّ، وإمّا من الإنس: نحن نزلناه وما بنيناه، ومبنيًّا وجدناه، غدونا من إصطخر فقلناه، ونحن راحلون منه إن شاء اللّه قائلون الشّام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولسليمان الرّيح عاصفةً}. إلى قوله: {وكنّا لهم حافظين} قال: ورّث اللّه سليمان داود، فورّثه نبوّته وملكه وزاده على ذلك أن سخّر له الرّيح والشّياطين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولسليمان الرّيح عاصفةً تجري بأمره} قال: عاصفةً: شديدةٌ {تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها} قال: الشّام.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ولسليمان الرّيح} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار {الرّيح} بالنّصب على المعنى الّذي ذكرناه. وقرأ ذلك عبد الرّحمن الأعرج: " الرّيح " رفعًا باللام في سليمان على ابتداء الخبر عن أنّ لسليمان الرّيح.
قال أبو جعفرٍ: والقراءة الّتي لا أستجيز القراءة بغيرها في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه.
وقوله: {وكنّا بكلّ شيءٍ عالمين} يقول: وكنّا عالمين بأنّ فى فعلنا ما فعلنا لسليمان من تسخيرنا له، وإعطائنا ما أعطيناه من الملك، صلاح الخلق، فعلى علمٍ منّا بموضع ما فعلنا به من ذلك فعلنا، ونحن عالمون بكلّ شيءٍ، لا يخفى علينا منه شيءٌ). [جامع البيان: 16/331-332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: كان سليمان عليه السلام يوضع له ستمائة ألف كرسي ثم يجيء أشراف الناس فيجلسون مما يليه ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس ثم يدعو الطير فتظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة). [الدر المنثور: 10/330-331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال: بلغنا أن سليمان عليه السلام كان عسكره مائة فرسخ خمسة وعشرون منها للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية فأمر الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به فأوحى الله إليه أني أزيد في ملكك أن لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك). [الدر المنثور: 10/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان سليمان يأمر الريح فتجتمع كالطود العظيم ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها ثم يدعو بفرس من ذوات الأجنحة فترتفع حتى تصعد على فراشه ثم يأمر الريح فترتفع به كل شرف دون السماء فهو يطأطئ رأسه ما يلتفت يمينا ولا شمالا تعظيما لله وشكرا لما يعلم من صغر ما هو فيه في ملك الله يضعه الريح حيث يشاء أن يضعه). [الدر المنثور: 10/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: كان لسليمان مركب من خشب وكان فيه ألف ركن في كل ركن ألف بيت يركب معه فيه الجن والإنس تحت كل ركن ألف شيطان يرفعون ذلك المركب فإذا ارتفع جاءت الريح الرخاء فسارت به وساروا معه فلا يدري القوم إلا قد أظلهم من الجيوش والجنود). [الدر المنثور: 10/331-332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن السدي في قوله: {ولسليمان الريح عاصفة} قال: الريح الشديدة {تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} قال: أرض الشام). [الدر المنثور: 10/332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولسليمان الريح} الآية، قال: ورث الله لسليمان داود فورثه نبوته وملكه وزاده على ذلك أنه سخر له الرياح والشياطين). [الدر المنثور: 10/332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قرأ {ولسليمان الريح} يقول: سخرنا له الريح). [الدر المنثور: 10/332]
تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن الشّياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنّا لهم حافظين}.
يقول تعالى ذكره: وسخّرنا أيضًا لسليمان من الشّياطين من يغوصون له في البحر، ويعملون عملاً دون ذلك من البنيان والتّماثيل والمحاريب. {وكنّا لهم حافظين} يقول: وكنّا لأعمالهم، ولأعدادهم حافظين، لا يئودنا حفظ ذلك كلّه). [جامع البيان: 16/333]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ومن الشياطين من يغوصون له} قال: يغوصون في الماء). [الدر المنثور: 10/332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والديلمي عن ابن مسعود قال: ذكر عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم رقية الحية فقال: اعرضها علي، فعرضها عليه بسم الله شجنية قرنية ملحة بحر قفطا، فقال: هذه مواثيق أخذها سليمان على الهوام ولا أرى بها باسا). [الدر المنثور: 10/332-333]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن الشعبي قال: أرخ بنو إسحاق من مبعث موسى إلى ملك سليمان). [الدر المنثور: 10/333]