تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا رآك الّذين كفروا} [الأنبياء: 36] يقوله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إن يتّخذونك إلا هزوًا أهذا الّذي يذكر آلهتكم} [الأنبياء: 36] يقوله بعضهم لبعضٍ أي: يعيبها ويشتمها.
قال اللّه: {وهم بذكر الرّحمن هم كافرون} [الأنبياء: 36] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/312]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أهذا الّذي يذكر آلهتكم...}
يريد: يعيب آلهتكم. وكذلك قوله: {سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} أي يعيبهم. وأنت قائل للرجل: لئن ذكرتني لتندمنّ وأنت تريد: بسوء قال عنترة:
لا تذكري مهري وما أطعمته = فيكون جلدك مثل جلد الأشهب
أي لا تعيبيني بأثرة مهري فجعل الذكر عيباً). [معاني القرآن: 2/202-203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم يقال للخير: بلاء، وللشر: بلاء، لأنّ الاختبار الذي هو بلاء وابتلاء يكون بهما.
قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}، أي نختبركم بالشر، لنعلم كيف صبركم؟ وبالخير، لنعلم كيف شكركم؟.
(فتنة) أي اختبارا. ومنه يقال: اللهم لا تبلنا إلا بالتي هي أحسن. أي لا تختبرنا إلا بالخير، ولا تختبرنا بالشر.
يقال من الاختبار: بلوته أبلوه بلوا، والاسم بلاء. ومن الخير: أبليته أبليه إبلاء.
ومنه يقال: يبلى ويولي.
قال زهير:
فأبلاهما خيرَ البلاء الذي يَبْلُو
أي: خير البلاء الذي يختبر به عباده.
ومن الشر: بلاه الله يبلوه بلاء). [تأويل مشكل القرآن: 469-470]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلّا هزوا أهذا الّذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرّحمن هم كافرون}
{أهذا الّذي يذكر آلهتكم} (هذا) على إضمار الحكاية، المعنى وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلّا هزوا يقولون أهذا الذي يذكر آلهتكم.
والمعنى أهذا الذي يعيب آلهتكم يقال فلان يذكر الناس أي يغتابهم ويذكرهم بالعيوب، ويقال فلان يذكر اللّه، أي يصفه بالعظمة، ويثني عليه ويوحّده.
وإنما يحذف مع الذكر ما عقل معناه.
قال الشاعر:
لا تذكري فرسي وما أطعمته= فيكون لونك مثل لون الأجرب
المعنى لا تذكري فرسي وإحساني إليه فتعيبيني بإيثاري إيّاه عليك). [معاني القرآن: 3/392]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أهذا الذي يذكر آلهتكم} أي: يعيبها، ويتنقصها). [ياقوتة الصراط: 360]
تفسير قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} [الأنبياء: 37] خلق آدم آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة بعد ما خلق الخلق، فلمّا أحيا الرّوح عينيه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال: ربّ استعجل بخلقي، قد غربت الشّمس.
هذا تفسير مجاهدٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/312]
- نا خداشٌ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه هبط منها، وفيه تقوم السّاعة، وفيه ساعةٌ، ثمّ قبض يده يقلّلها، لا يوافقها مسلمٌ يصلّي يسأل اللّه خيرًا إلا أعطاه إيّاه».
قال: فقال عبد اللّه بن سلامٍ: قد علمت أيّ ساعةٍ هي، هي آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة، وهي السّاعة الّتي خلق اللّه فيها آدم.
قال اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون} [الأنبياء: 37] وقال قتادة: {خلق الإنسان من عجلٍ} [الأنبياء: 37] خلق عجولًا.
قال اللّه: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} [الأنبياء: 37] وذلك لمّا كانوا يستعجلون به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، لمّا خوّفهم به من العذاب، وذلك منهم استهزاءٌ وتكذيبٌ.
قال الحسن: يعني الموعد الّذي وعده اللّه في الدّنيا: القتل لهم، والنّصر عليهم، والعذاب لهم في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلق الإنسان من عجلٍ...}
وعلى عجلٍ كأنك قلت: بنيته وخلقته من العجلة وعلى العجلة). [معاني القرآن: 2/203]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {خلق الإنسان من عجل} مجازه مجاز خلق العجل من الإنسان وهو العجلة والعرب تفعل هذا إذا كان الشيء من سبب الشيء بدءوا بالسبب،
وفي آية أخرى {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوّة}.
والعصبة هي التي تنوء بالمفاتيح، ويقال: إنها لتنوء عجيزتها، والمعنى أنها هي التي تنوء بعجيزتها،
قال الأعشى:
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته=وأن تعلمي أن المعان موفّق
أي أن الموفق معان، وقال الأخطل:
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت=نجران اوبلغت سوآتهم هجر
وإنما السّوءة البالغة هجر، وهذا البيت مقلوب وليس بمنصوب). [مجاز القرآن: 2/38-39]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {خلق الإنسان من عجلٍ سأوريكم آياتي فلا تستعجلون}
وقال: {خلق الإنسان من عجلٍ سأوريكم آياتي فلا تستعجلون} يقول: "من تعجيلٍ من الأمر، لأنه قال: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نّقول له كن}،
فهذا العجل كقوله: {فلا تستعجلوه} وقوله: {فلا تستعجلون} فإنّني {سأوريكم آياتي} ). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خلق الإنسان من عجل}: روي عن ابن عباس أنه قال: العجل: الطين.
وأنشدوا هذا البيت:
النبع في الصخرة الصماء منبته = والنخل منبته في السهل والعجل
وقال بعضهم معناه: خلق الإنسان عجلا). [غريب القرآن وتفسيره: 255-254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خلق الإنسان من عجلٍ} أي خلقت العجلة في الإنسان، وهذا من المقدم والمؤخر، وقد بينت ذلك في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (... وقال عز وجل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق العجل من الإنسان، يعني العجلة.
كذلك قال أبو عبيدة. ومن المقلوب ما قلب على الغلط كقول خِدَاش بن زهير:
وتركبُ خيلٌ لا هوادَة بينها = وتعصِى الرِّمَاح بالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ
أي: (تعصي الضياطرة بالرّماح) وهذا ما لا يقع فيه التّأويل، لأن الرماح لا تعصى بالضّياطرة وإنما يعصى الرجال بها، أي يطعنون.
ومنه قول الآخر:
أسلَمْتُه في دمشقَ كما = أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا
[تأويل مشكل القرآن: 197-198]
أراد: (كما أسلم وحشية وهق) فقلب على الغلط.
وقال آخر:
كانت فريضةَ ما تقول كَمَا = كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ
أراد (كما كان الرجم فريضة الزنى).
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} إلى مثل هذا في القلب، ويقول: وقع التشبيه بالراعي في ظاهر الكلام، والمعنى للمنعوق به وهو الغنم.
وكذلك قوله سبحانه: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي: تنهض بها وهي مثقلة.[تأويل مشكل القرآن: 199]
وقال آخر في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإن حبّه للخير لشديد.
وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: اجعل المتّقين لنا إماما في الخير.
وهذا ما لا يجوز لأحد أن يحكم به على كتاب الله عزّ وجلّ لو لم يجد له مذهبا، لأنّ الشعراء تقلب اللفظ، وتزيل الكلام على الغلط، أو على طريق الضرورة للقافية، أو لاستقامة وزن البيت. فمن ذلك قول لبيد:
نحن بنو أمّ البنين الأربعة
قال ابن الكلبي: هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة.
وقال آخر يصف إبلا:
صبَّحن من كاظمة الخصَّ الخَرِب = يحملْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدَ المطَّلِب
أراد: (عبد الله بن عباس) فذكر أباه مكانه.
وقال الصّلتان:
أرى الخطفيَّ بذَّ الفرزدقَ شعرُه = ولكنَّ خيرًا مُن كُليب مُجَاشع
أراد: «أرى جريراً بذَّ الفرزدق شعره» فلم يمكنه فذكر جدّه.
وقال ذو الرّمة:
عشيَّةَ فرَّ الحارثيُّون بعدَما = قضى نَحْبَه في ملتقى القوم هَوْبُرُ
قال ابن الكلبي: هو (يزيد بن هوبر) فاضطرّ.
وقال (أوس):
فهل لكم فيها إليَّ فإنّني = طبيب بما أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا
أراد: (ابن حذيم) وهو طبيب كان في الجاهلية وقال ابن ميّادة وذكر بعيرا:
كأنَّ حيثُ تلتقي منه المُحُلْ = من جانبيه وَعِلَينِ وَوَعِل
أراد: وَعِلَينِ من كل جانب، فلم يمكنه فقال: وَوَعِل.
وقال أبو النجم:
ظلَّت وَوِرْدٌ صادقٌ مِن بالِها = وظلَّ يوفِي الأُكُمَ ابنُ خالِها
أراد فحلها؛ فجعله ابن خالها.
وقال آخر:
مثل النصارى قتلوا المسيح
أراد: اليهود.
وقال آخر:
ومحور أخلص من ماء اليَلَب
واليلب: سيور تجعل تحت البيض، فتوهّمه حديدا.
وقال رؤبة:
أو فضّة أو ذهب كبريتُ
وقال أبو النجم:
كلمعة البرق ببرق خلَّبُه
أراد: بخلّب برقه، فقلب.
وقال آخر:
إنَّ الكريم وأبيك يعتَمِلْ = إن لم يجد يوماً على مَن يَتَّكِلْ
أراد: إن لم يجد يوما من يتكل عليه.
في أشباه لهذا كثيرة يطول باستقصائها الكتاب.
والله تعالى لا يغلطُ ولا يضطرُّ، وإنما أراد: ومثل الذين كفروا ومثلنا في وعظهم كمثل الناعق بما لا يسمع، فاقتصر على قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا}،
وحذف ومثلنا، لأنّ الكلام يدل عليه. ومثل هذا كثير في الاختصار.
وقال الفراء: أراد: ومثل واعظ الذين كفروا، فحذف، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، أي: أهلها.
وأراد بقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}، أي: تميلها من ثقلها.
قال الفراء أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما الْتَأَمَتْ مفاصِلُه = وَنَاءَ فِي شِقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُه
يريد: أنه لما أخذ القوس ونزع، مال عليها.
قال: ونرى قولهم: (ما سَاءك ونَاءَك)، من هذا.
وكان الأصل (أناءك) فألقي الألف لما اتبعه (ساءك) كما قالوا: (هَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي)، فاتبع مرأني هنأني. ولو أفرد لقال: أمرأني.
وأراد بقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، أي: وإنه لحبّ المال لبخيل، والشدة: البخل هاهنا، يقال: رجل شديد ومتشدّد.
وقوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون، كما قال في موضع آخر: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، أي: قادة، كذلك قال المفسّرون.
وروي عن بعض خيار السلف: أنه كان يدعو الله أن يحتمل عنه الحديث، فحمل عنه.
وقال بعض المفسرين في قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، أي:اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا. فهم على هذا التأويل متّبعون ومتّبعون). [تأويل مشكل القرآن: 200-205]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون}
قال أهل اللغة: المعنى خلقت العجلة من الإنسان، وحقيقته يدل عليها، { وكان الإنسان عجولا}، وإنما خوطبت العرب بما تعقل، والعرب تقول للذي يكثر الشيء خلقت منه، كما تقول: أنت من لعب، وخلقت من لعب، نريد المبالغة بوصفه باللعب). [معاني القرآن: 3/392]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خلق الإنسان من عجل} قال ثعلب: العجل: العجلة، والعجل - أيضا: الطين). [ياقوتة الصراط: 360]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ}: أي خلقت العجلة في الإنسان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ عَجَلِ}: من طين). [العمدة في غريب القرآن: 207]
تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [الأنبياء: 38] هذا قول المشركين للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: متى هذا الّذي تعدنا به من أمر القيامة؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم...}
(متى) في موضع نصب، لأنك لو أظهرت جوابها رأيته منصوباً فقلت: الوعد يوم كذا وكذا (ولو) جعلت (متى) في موضع رفع كما تقول: متى الميعاد؟
فيقول: يوم الخميس ويوم الخميس. وقال الله {موعدكم يوم الزّينة} فلو نصبت كان صواباً. فإذا جعلت الميعاد في نكرة من الأيّام والليالي والشهور والسنين رفعت
فلقت: معادك يومٌ أو يومان، وليلة وليلتان كما قال الله {غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ} والعرب تقول: إنما البرد شهران وإنما الصيف شهران. ولو جاء نصباً كان صواباً.
وإنّما اختاروا الرفع لأنك أبهمت الشهرين فصارا جميعاً كأنهما وقت للصّيف. وإنما اختاروا النصب في المعرفة لأنها حينٌ معلومٌ مسند إلى الذي بعده، فحسنت الصّفة،
كما أنك تقول: عبد الله دونٌ من الرجال، وعبد الله دونك فتنصب، ومثله اجتمع الجيشان فالمسلمون جانبٌ والكفّار جانب.
فإذا أضفت نصبت فقلت: المسلمون جانب صاحبهم، والكفّار جانب صاحبهم فإذا لم تضف الجانب صيرتهم هم كالجانب لا أنهم فيه فقس على ذا).[معاني القرآن: 2/203-204]
تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون} [الأنبياء: 39] وفيها تقديمٌ.
أي: أنّ الوعد الّذي كانوا يستعجلون به في الدّنيا هو يومٌ لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون لو يعلم الّذين كفروا). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا هم ينصرون...}
وقوله: {فمن ينصرني من الله إن عصيته}: فمن يمنعني. ذلك معناه - والله أعلم - في عامّة القرآن). [معاني القرآن: 2/204]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون}
أي حين لا يدفعون عن وجوههم النار، وجواب (لو) محذوف، المعنى لعلموا صدق الوعد، لأنهم قالوا {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}.
وجعل الله عزّ وجلّ الساعة موعدهم). [معاني القرآن: 3/392-393]
تفسير قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بل تأتيهم بغتةً} [الأنبياء: 40] يعني: القيامة.
{فتبهتهم} [الأنبياء: 40] مباهتةً.
{فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون} [الأنبياء: 40] أي: ولا هم يؤخّرون). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون }
بغتة فجاءة وهم غافلون عنها، فتبهتم فتحيرهم). [معاني القرآن: 3/393]