العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنبياء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:23 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الأنبياء [من الآية(30) إلى الآية(33)]

{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:27 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى من الماء كل شيء حي قال كل شيء حي خلق من الماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/23]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كانتا رتقا ففتقنهما قال فتق سبع سماوات بعضهن فوق بعض وسبع أرضين بعضهن تحت بعض). [تفسير عبد الرزاق: 2/23]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي قوله تعالى رتقا ففتقنهما قال فتق السماء عن الماء والأرض عن النبات). [تفسير عبد الرزاق: 2/23]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا الثوري عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال خلق الله الليل والنهار ثم قرأ كانتا رتقا ففتقنهما). [تفسير عبد الرزاق: 2/23]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن سعيد بن مسروقٍ عن عكرمة قال: سئل ابن عبّاسٍ أكان اللّيل قبل أو النهار؟ فقرأ: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} ثمّ قال: هل كان بينهما إلّا ظلمةٌ ذلك ليعلموا أنّ الليل قبل النهار [الآية: 30].
سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن مجاهدٍ في قول الله: {ففتقناهما} قال: فتقت هذه بالماء وهذه بالنبات). [تفسير الثوري: 200]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الضحاك في قوله: {كانتا رتقا ففتقناهما} قال: كن سبعا ملتزقات ففتق بعضهن من بعض [الآية: 30]). [تفسير الثوري: 200]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ أفلا يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: أولم ينظر هؤلاء الّذي كفروا باللّه بأبصار قلوبهم، فيروا بها، ويعلموا أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا؟ يقول: ليس فيهما ثقبٌ، بل كانتا ملتصقتين، يقال منه: رتق فلانٌ الفتق: إذا شدّه، فهو يرتقه رتقًا، ورتوقًا، ومن ذلك قيل للمرأة الّتي فرجها ملتحمٌ: رتقاء. ووحّد الرّتق، وهو من صفة السّماء والأرض، وقد جاء بعد قوله: {كانتا} لأنّه مصدرٌ، مثل الزّور والصّوم والفطر.
وقوله: {ففتقناهما} يقول: فصدعناهما، وفرجناهما.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في معنى وصف اللّه السّماوات والأرض بالرّتق، وكيف كان الرّتق، وبأيّ معنى فتق؟ فقال بعضهم: عنى بذلك أنّ السّماوات والأرض كانتا ملتصقتين ففصل اللّه بينهما بالهواء.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا} يقول: ملتصقتين.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي قال: عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا} ففتقناهما الآية، يقول: كانتا ملتصقتين، فرفع السّماء، ووضع الأرض.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} كان ابن عبّاسٍ يقول: كانتا ملتزقتين، ففتقهما اللّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما}، قال: كان الحسن وقتادة يقولان: كانتا جميعًا، ففصل اللّه بينهما بهذا الهواء.
قال آخرون: بل معنى ذلك أنّ السّماوات كانت مرتتقةً طبقةً، ففتقها اللّه فجعلها سبع سماواتٍ، وكذلك الأرض كانت كذلك مرتتقةً، ففتقها، فجعلها سبع أرضين.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى: {رتقًا ففتقناهما} من الأرض ستّ أرضين معها، فتلك سبع أرضين معها، ومن السّماء ستّ سماواتٍ معها، فتلك سبع سماواتٍ معها. قال: ولم تكن الأرض والسّماء متماسّتين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {رتقًا ففتقناهما} قال: فتقهنّ سبع سماواتٍ، بعضهنّ فوق بعضٍ، وسبع أرضين، بعضهنّ تحت بعضٍ.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ نحو حديث محمّد بن عمرٍو، عن أبي عاصمٍ.
- حدّثنا عبد الحميد بن بيانٍ، قال: أخبرنا محمّد بن يزيد، عن إسماعيل، قال: سألت أبا صالحٍ عن قوله: {كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: كانت الأرض رتقًا والسّماء رتقًا، ففتق من السّماء سبع سماواتٍ، ومن الأرض سبع أرضين.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: كانت سماءً واحدةً ثمّ فتقها، فجعلها سبع سماواتٍ في يومينٍ، في الخميس والجمعة، وإنّما سمّي يوم الجمعة لأنّه جمع فيه خلق السّماوات والأرض، فذلك حين يقول: {خلق السّموات والأرض في ستّة أيّامٍ} يقول: {كانتا رتقًا ففتقناهما}.
وقال آخرون: بل عني بذلك أنّ السّماوات كانت رتقًا لا تمطر، والأرض كذلك رتقًا لا تنبت، ففتق السّماء بالمطر، والأرض بالنّبات.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: كانتا " رتقًا لا يخرج منهما شيءٌ، ففتق السّماء للمطر، وفتق الأرض للنّبات. قال: وهو قوله: {والسّماء ذات الرّجع والأرض ذات الصّدع} ".
- حدّثني الحسين بن عليٍّ الصّدائيّ، قال: حدّثنا أبي، عن الفضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة، في قوله: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: كانت السّماء رتقًا لا تمطر، والأرض رتقًا لا تنبت، ففتق السّماء بالمطر، وفتق الأرض بالنّبات، وجعل من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ، أفلا يؤمنون؟
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: كانت السّماء رتقًا لا ينزل منها مطرٌ، وكانت الأرض رتقًا لا يخرج منها نباتٌ، ففتقهما اللّه، فأنزل مطر السّماء، وشقّ الأرض فأخرج نباتها. وقرأ: {ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ أفلا يؤمنون}.
وقال آخرون: إنّما قيل {ففتقناهما} لأنّ اللّيل كان قبل النّهار، ففتق النّهار.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: خلق اللّيل قبل النّهار. ثمّ قال: {كانتا رتقًا} ففتقناهما.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: أولم ير الّذين كفروا أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا من المطر والنّبات، ففتقنا السّماء بالغيث، والأرض بالنّبات.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب في ذلك لدلالة قوله: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ} على ذلك، وأنّه جلّ ثناؤه لم يعقّب ذلك بوصف الماء بهذه الصّفة إلاّ والّذي تقدّمه من ذكر أسبابه.
فإن قال قائلٌ: فإن كان ذلك كذلك، فكيف قيل: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا}، والغيث إنّما ينزل من السّماء الدّنيا؟
قيل: إنّ ذلك مختلفٌ فيه، قد قال قومٌ: إنّما ينزل من السّماء السّابعة، وقال آخرون: من السّماء الرّابعة، ولو كان ذلك أيضًا كما ذكرت من أنّه ينزل من السّماء الدّنيا، لم يكن في قوله: {أنّ السّموات والأرض} دليلٌ على خلاف ما قلنا، لأنّه لا يمتنع أن يقال {السّموات} والمراد منها واحدةٌ فتجمع، لأنّ كلّ قطعةٍ منها سماءٌ، كما يقال: ثوبٌ أخلاقٌ، وقميصٌ أسمالٌ.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل إنّ السّماوات والأرض كانتا، فالسّماوات جمعٌ، وحكم جمع الإناث أن يقال في قليله: ( كنّ )، وفي كثيره ( كانت )؟
قيل: إنّما قيل ذلك كذلك لأنّهما صنفان، فالسّماوات نوعٌ، والأرض آخر، وذلك نظير قول الأسود بن يعفر:
إنّ المنيّة والحتوف كلاهما = توفي المخارم يرقبان سوادي
فقال: كلاهما، وقد ذكر المنيّة والحتوف، لما وصفت من أنّه عنى النّوعين.
وقد أخبرت عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى قال: أنشدني غالبٌ النّفيليّ للقطاميّ:
ألم يحزنك أنّ حبال قيسٍ = وتغلب قد تباينتا انقطاعا
فجعل حبال قيسٍ وهي جمعٌ وحبال تغلب وهي جمعٌ اثنين
وقوله: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ} يقول تعالى ذكره: وأحيينا بالماء الّذي ننزّله من السّماء كلّ شيءٍ.
- كما حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ} قال: كلّ شيءٍ حيٍّ خلق من الماء.
فإن قال قائلٌ: وكيف خصّ كلّ شيءٍ حيٍّ بأنّه جعل من الماء دون سائر الأشياء غيره، فقد علمت أنّه يحيا بالماء الزّروع والنّبات والأشجار وغير ذلك ممّا لا حياة له، ولا يقال له حيّ ولا ميّتٌ؟
قيل: إنّه لا شيء من ذلك إلاّ وله حياةٌ وموتٌ، وإن خالف معناه في ذلك معنى ذوات الأرواح في أنّه لا أرواح فيهنّ، وأنّ في ذوات الأرواح أرواحًا، فلذلك قيل: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ}.
وقوله: {أفلا يؤمنون} يقول: أفلا يصدّقون بذلك، ويقرّون بألوهة من فعل ذلك، ويفردونه بالعبادة؟). [جامع البيان: 16/254-260]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله وجعلنا من الماء كل شيء حي قال يعني من النطفة). [تفسير مجاهد: 409]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما فقال من الأرض ست أرضين فتلك السابعة معها ومن السموات ست سموات فتلك السابعة معها ولم تكن الأرض والسماء متماستين). [تفسير مجاهد: 409]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا محمّد بن أحمد بن بالويه، ثنا بشر بن موسى، ثنا خلّاد بن يحيى، حدّثنا سفيان، ثنا طلحة بن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا} ففتقناهما قال: «فتقت السّماء بالغيث وفتقت الأرض بالنّبات» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقا ففتقناهما} قال: فتقت السماء بالغيث وفتقت الأرض بالنبات). [الدر المنثور: 10/285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقا} قال: لا يخرج منها شيء {ففتقناهما} قال: فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات). [الدر المنثور: 10/285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا أتاه فسأله عن {السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعال فأخبرني ما قال، فذهب إلى ابن عباس فسأله قال: نعم كانت السماء رتقاء لا تمطر وكانت الأرض رتقاء لا تنبت فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر: الآن علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علما صدق ابن عباس هكذا كانت). [الدر المنثور: 10/285-286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقا} قال: ملتصقتين). [الدر المنثور: 10/286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن الليل كان قبل أم النهار قال: الليل، ثم قرأ {أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة). [الدر المنثور: 10/286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كانتا رتقا ففتقناهما} قال: فتق من الأرض ست أرضين معها فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض ومن السماء سبع سموات منها معها فتلك سبع سموات بعضهن فوق بعض ولم تكن الأرض والسماء مماستين). [الدر المنثور: 10/286-287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {كانتا رتقا ففتقناهما} قال: كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سموات وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين). [الدر المنثور: 10/287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن ابي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله: {كانتا رتقا ففتقناهما} قال: كانتا جمعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء). [الدر المنثور: 10/287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كانت السموات والأرضون ملتزقتين فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله). [الدر المنثور: 10/287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال: كل شيء خلق من الماء). [الدر المنثور: 10/287-288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال: نطفة الرجل). [الدر المنثور: 10/288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن رضي اله عنه في قوله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال: خلق كل شيء من الماء وهو حياة كل شيء). [الدر المنثور: 10/288]

تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وجعلنا فيها فجاجا سبلا} قال: الطرق [الآية: 31]). [تفسير الثوري: 200]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجًا سبلاً لعلّهم يهتدون}.
يقول تعالى ذكره: أولم ير هؤلاء الكفّار أيضًا من حججنا عليهم وعلى جميع خلقنا، أنّا جعلنا في الأرض جبالاً راسيةً؟ والرّواسي: جمع راسيةٍ، وهي الثّابتة.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وجعلنا في الأرض رواسي} أي جبالاً.
وقوله: {أن تميد بهم} يقول: أن لا تتكفّأ بهم يقول جلّ ثناؤه: فجعلنا في هذه الأرض هذه الرّواسي من الجبال، فثبّتناها لئلاّ تتكفّأ بالنّاس، وليقدروا بالثّبات على ظهرها.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كانوا على الأرض تمور بهم لا تستقرّ، فأصبحوا صبحا وقد جعل اللّه الجبال وهي الرّواسي أوتادًا للأرض.
{وجعلنا فيها فجاجًا سبلاً} يقول: وسهلنا فى الأرض التى أسكناهم فيها {فجاجًا} يعني مسالك، واحدها فجٌّ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وجعلنا فيها فجاجًا} أي أعلامًا وقوله: {سبلاً} أي طرقًا، وهي جمع السّبيل.
وكان ابن عبّاسٍ فيما ذكر عنه يقول: إنّما عنى بقوله: {وجعلنا فيها فجاجًا} وجعلنا في الرّواسي، فالهاء والألف في قوله: {وجعلنا فيها} من ذكر الرّواسي.
- حدّثنا بذلك القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ قوله: {وجعلنا فيها فجاجًا سبلاً} قال: بين الجبال.
وإنّما اخترنا القول الآخر في ذلك وجعلنا الهاء والألف من ذكر الأرض، لأنّها إذا كانت من ذكرها داخلٌ في ذلك السّهل والجبل، وذلك أنّ ذلك كلّه من الأرض، وقد جعل اللّه لخلقه في ذلك كلّه فجاجًا سبلاً. ولا دلالة تدلّ على أنّه عنى بذلك فجاج بعض الأرض الّتي جعلها لهم سبلاً دون بعضٍ، فالعموم بها أولى.
وقوله: {لعلّهم يهتدون} يقول تعالى ذكره: جعلنا هذه الفجاج في الأرض ليهتدوا إلى السّير فيها). [جامع البيان: 16/261-262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 31 – 33
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وجعلنا فيها فجاجا سبلا} قال: بين الجبال). [الدر المنثور: 10/288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فجاجا} أي أعلاما {سبلا} أي طرقا). [الدر المنثور: 10/288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال:قال رجل:يارسول الله ما هذه السماء قال: هذا موج مكفوف عنكم "). [الدر المنثور: 10/289]

تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلنا السّماء سقفًا محفوظًا وهم عن آياتها معرضون (32) وهو الّذي خلق اللّيل والنّهار والشّمس والقمر كلٌّ في فلكٍ يسبحون}.
يقول تعالى ذكره: {وجعلنا السّماء سقفًا} للأرض مسموكًا.
وقوله: {محفوظًا} يقول: حفظناها من كلّ شيطانٍ رجيمٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {سقفًا محفوظًا} قال: مرفوعًا.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وجعلنا السّماء سقفًا محفوظًا} الآية: سقفًا مرفوعًا، وموجًا مكفوفًا.
وقوله: {وهم عن آياتها معرضون} يقول: وهؤلاء المشركون عن آيات السّماء ويعني بآياتها: شمسها، وقمرها، ونجومها {معرضون} يقول: يعرضون عن التّفكّر فيها، وتدبّر ما فيها من حجج اللّه عليهم، ودلالتها على وحدانيّة خالقها، وأنّه لا ينبغي أن تكون العبادة إلاّ لمن دبّرها وسوّاها، ولا تصلح إلاّ له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وهم عن آياتها، معرضون} قال: الشّمس والقمر والنّجوم آيات السّماء.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 16/262-264]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وجعلنا السماء سقفا محفوظا يعني مرفوعا). [تفسير مجاهد: 410]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وهم عن آياتها معرضون قال آياتها الشمس والقمر والنجوم وهي آيات السماء). [تفسير مجاهد: 410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وجعلنا السماء سقفا محفوظا} قال: مرفوعا {وهم عن آياتها معرضون} قال: الشمس والقمر والنجوم من آيات السماء). [الدر المنثور: 10/289]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني السري بن يحيى قال: سأل رجلٌ الحسن عن قول الله: {كلٌ في فلكٍ يسبحون}، قال: يعني في استدارتهم، وقال بيده). [الجامع في علوم القرآن: 1/87]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى في فلك يسبحون قال يجرون في فلك السماء كما رأيت قال معمر وقال الكلبي كل شيء يدور فهو فلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/23-24]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال الحسن: {في فلكٍ} [الأنبياء: 33] : «مثل فلكة المغزل» ، {يسبحون} [الأنبياء: 33] : «يدورون»). [صحيح البخاري: 6/96]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال الحسن في فلك مثل فلكة المغزل وصله بن عيينة عن عمرٍو عن الحسن في قوله وكل في فلك يسبحون مثل فلكة المغزل قوله يسبحون يدورون وصله بن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله كلٌّ في فلكٍ يسبحون قال يدورون حوله ومن طريق مجاهدٍ في فلكٍ كهيئة حديدة الرّحى يسبحون يجرون وقال الفرّاء قال يسبحون لأنّ السّباحة من أفعال الآدميّين فذكرت بالنّون مثل والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين). [فتح الباري: 8/436]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال قتادة {جذاذا} قطعهن وقال الحسن {في فلك} مثل فلكة المغزل {يسبحون} يدورون وقال ابن عبّاس {نفشت} رعت ليلًا يصبحون يمنعون {أمتكم أمة واحدة} قال دينكم دين واحد وقال عكرمة {حصب جهنّم} حطب بالحبشية
أما قول قتادة فقال ابن أبي حاتم ثنا محمّد بن يحيى ثنا عبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة به
وأما قول الحسن فقال ابن عيينة في تفسيره عن عمرو عن الحسن في قوله 33 الأنبياء {وكل في فلك يسبحون} وقال مثل فلكة المغزل تدور
أنبئت عن أبي الحجّاج المزي الحافظ أنا أحمد بن سلامة عن مسعود الجمال أنا أبو علّي الحداد أنا أبو نعيم ثنا محمّد بن الحسن ثنا محمّد بن يونس ثنا سهل ابن بكار ثنا السّري بن يحيى عن الحسن في قوله 33 الأنبياء {في فلك يسبحون}
قال كفلكه المغزل
وقد روي ذلك عن ابن عبّاس أيضا قال إبراهيم الحربيّ في غريبه ثنا عاصم ابن علّي ثنا قيس بن الرّبيع عن الأعمش عن مسلم عن سعيد عن ابن عبّاس {في فلك يسبحون} قال تدور الشّمس والقمر في أبواب السّماء كما تدور الفلكة في المغزل). [تغليق التعليق: 4/257-258]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال الحسن في فلكٍ مثلٍ مثل فلكة المغزل
أي: قال الحسن البصريّ في تفسير: فلك، في قوله تعالى: {كل في فلك يسبحون} (الأنبياء: 33) مثل فلكة المغزل، ورواه ابن عيينة عن عمرو عن الحسن، وعن مجاهد: كهيئة حديدة الرّحى، وعن الضّحّاك: فلكها مجراها وسرعة سيرها، وقيل: الفلك موج مكفوف تجري القمر والشّمس فيه، وقيل: الفلك السّماء الّذي فيه تلك الكواكب.

يسبحون يدورون
أشار به إلى قوله تعالى: {كل في فلك يسبحون} وفسره بقوله: (يدورون) ورواه ابن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس: يسبحون يدورون حوله، وقيل: يجرون، وجعل الضّمير واو العقلاء للوصف بفعلهم). [عمدة القاري: 19/63]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال الحسن) البصري في قوله تعالى: ({في فلك}) أي في (مثل فلكة المغزل) بكسر الميم وفتح الزاي وهذا وصله ابن عيينة وقال الفلك مدار النجوم والفلك في كلام العرب كل مستدير وجمعه أفلاك ومنه فلكة المغزل، وقال آخر: الفلك ماء مجموع تجري فيه الكواكب واحتج بأن السباحة لا تكون إلا في الماء وأجيب: بأنه يقال في الفرس الذي يمد يديه في الجري سابح فلا دليل فيما احتج به.
({يسبحون}) قال ابن عباس: (يدورون) كما يدور المغزل في الفلكة، ولذا قال مجاهد فلا يدور المغزل إلا بالفلكة ولا الفلكة إلا بالمغزل كذلك النجوم والقمران لا يدرن إلا به ولا يدور إلا بهن). [إرشاد الساري: 7/240]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وهو الّذي خلق اللّيل والنّهار والشّمس والقمر كلٌّ في فلكٍ يسبحون} يقول تعالى ذكره: واللّه الّذي خلق لكم أيّها النّاس اللّيل والنّهار، نعمةً منه عليكم، وحجّةً، ودلالةً على عظيم سلطانه، وأنّ الألوهة له دون كلّ ما سواه، فهما يختلفان عليكم لصلاح معايشكم، وأمور دنياكم وآخرتكم، وخلق الشّمس والقمر أيضًا {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} يقول: كلّ ذلك في فلكٍ يسبحون.
واختلف أهل التّأويل في معنى الفلك الّذي ذكره اللّه في هذه الآية، فقال بعضهم: هو كهيئة حديدة الرّحى.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: فلكٌ كهيئة حديدة الرّحى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ: {كلٌّ في فلكٍ} قال: فلكٌ كهيئة حديدة الرّحى.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثني جريرٌ، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: فلك السّماء.
وقال آخرون: بل الفلك الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع سرعة جري الشّمس والقمر والنّجوم وغيرها.
ذكر من قال ذلك
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} الفلك: الجري والسّرعة.
وقال آخرون: الفلك موجٌ مكفوفٌ تجري الشّمس والقمر والنّجوم فيه.
وقال آخرون: بل هو القطب الّذي تدور به النّجوم. واستشهد قائل هذا القول لقوله هذا بقول الرّاجز
باتت تناصي الفلك الدّوّارا = حتّى الصّباح تعمل الأقتارا
وقال آخرون في ذلك ما؛
- حدّثنا به، بشرٌ قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} أي في فلك السّماء.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: يجري في فلك السّماء كما رأيت.
حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: الفلك الّذي بين السّماء والأرض من مجاري النّجوم والشّمس والقمر. وقرأ: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا}، وقال: تلك البروج بين السّماء والأرض وليست في الأرض. {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: فيما بين السّماء والأرض: النّجوم والشّمس والقمر.
وذكر عن الحسن أنّه كان يقول: الفلك طاحونةٌ كهيئة فلكة المغزل.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال كما قال اللّه عزّ وجلّ: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} وجائزٌ أن يكون ذلك الفلك كما قال مجاهدٌ كحديدة الرّحى، وكما ذكر عن الحسن كطاحونة الرّحى، وجائزٌ أن يكون موجًا مكفوفًا، وأن يكون قطب السّماء. وذلك أنّ الفلك في كلام العرب هو كلّ شيءٍ دائرٍ، فجمعه أفلاكٌ، وقد ذكرت قول الرّاجز:
باتت تناصي الفلك الدّوّارا
وإذ كان كلّ ما دار في كلامها فلكا، ولم يكن في كتاب اللّه، ولا في خبرٍ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا عمّن يقطع بقوله العذر، دليلٌ يدلّ على أيّ ذلك هو من أيٍّ، كان الواجب أن نقول فيه ما قال، ونسكت عمّا لا علم لنا به.
فإذا كان الصّواب في ذلك من القول عندنا ما ذكرنا، فتأويل الكلام: والشّمس والقمر، كلّ ذلك في دائرٍ يسبحون.
وأمّا قوله: {يسبحون} فإنّ معناه: يجرون.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: يجرون.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يسبحون} قال: يجرون.
وقيل: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} فأخرج الخبر عن الشّمس والقمر مخرج الخبر عن بني آدم بالواو والنّون، ولم يقل: يسبحن، أو تسبح كما قيل: {والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} لأنّ السّجود من أفعال بني آدم، فلمّا وصفت الشّمس والقمر بمثل أفعالهم أجرى الخبر عنهما مجرى الخبر عنهم). [جامع البيان: 16/264-268]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله في فلك يسبحون يقول يجرون كهيئة حديدة الرحى). [تفسير مجاهد: 410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما يوم الجمعة قال: خلق الله في ساعتين منه الليل والنهار). [الدر المنثور: 10/289]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كل في فلك} قال: دوران {يسبحون} قال: يجرون). [الدر المنثور: 10/289]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كل في فلك} قال: فلكة كفلكة المغزل {يسبحون} قال: يدورون في أبواب السماء ما تدور الفلكة في المغزل). [الدر المنثور: 10/289-290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كل في فلك} قال: هو فلك السماء). [الدر المنثور: 10/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال: الشمس والقمر والنجوم مسخرة في فلك بين السماء والأرض). [الدر المنثور: 10/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك} قال: الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر، وفي قوله: {يسبحون} قال: يجرون). [الدر المنثور: 10/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال: كل شيء يدور فهو فلك). [الدر المنثور: 10/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك يسبحون} النجوم والشمس والقمر، قال: كفلكة المغزل قال: هو مثل حسبان قال: فلا يدور الغزل إلا بالفلكة ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل ولا يدور الرحى إلا بالحسبان ولا يدور الحسبان إلا بالرحى كذلك النجوم والشمس والقمر لا يدرن إلا به ولا يدور إلا بهن قال: والحسبان والفلك يصيران إلى شيء واحد غير أن الحسبان في الرحى كالفلكة في المغزل). [الدر المنثور: 10/290-291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك} قال: الفلك كهيئة حديدة الرحى). [الدر المنثور: 10/291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {كل في فلك يسبحون} قال: يجرون في فلك السماء كما رأيت). [الدر المنثور: 10/291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال: هو الدوران). [الدر المنثور: 10/291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال: المغزل قال كما تدور الفلكة في المغزل). [الدر المنثور: 10/291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال: وكان عبد الله يقرأ كل في فلك يعملون). [الدر المنثور: 10/291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك يسبحون} قال: يجرون). [الدر المنثور: 10/292]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:29 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أولم ير الّذين كفروا} [الأنبياء: 30] هذا على الخبر في تفسير الحسن.
وقال السّدّيّ: {أولم ير} [الأنبياء: 30] يعني: أو لم يعلم الّذين كفروا.
{أنّ السّموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} [الأنبياء: 30] كانتا ملتزقتين إحداهما على الأخرى في تفسير الحسن، {ففتقناهما} [الأنبياء: 30] فوضع الأرض، ورفع السّماء.
وقال الكلبيّ: إنّ السّماء كانت رتقًا لا ينزل منها ماءً، ففتقها اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 1/308]
بالماء، وفتق الأرض بالنّبات.
وتفسير قتادة: كانتا جميعًا، ففصل اللّه بينهما بهذا الهواء فجعله بينهنّ.
وتفسير مجاهدٍ: كنّ مطبقاتٍ ففتقهنّ، أحسبه قال: بالمطر.
وقاله غيره.
قال مجاهدٌ: ولم تكن السّماء والأرض متماسّتين.
وفي حديث المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: كنّ منطبقاتٍ ففتقهنّ.
قوله: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ أفلا يؤمنون} [الأنبياء: 30] يعني المشركين.
وكلّ شيءٍ حيٍّ فإنّما خلق من الماء.
- حدّثني همّامٌ، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة أنّه قال: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول اللّه، إنّي إذا رأيتك طابت نفسي، وقرّت عيني، فأنبئني عن كلّ شيءٍ.
فقال: «كلّ شيءٍ خلق من الماء»
- قلت: أنبئني بعملٍ إذا أخذت به دخلت الجنّة.
قال: «أفش السّلام، وأطب الكلام، وصل الأرحام، وقم باللّيل والنّاس نيامٌ، وادخل الجنّة بسلامٍ»). [تفسير القرآن العظيم: 1/309]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما...}

فتقت السماء بالقطر والأرض بالنبت (وقال) {كانتا رتقاً} ولم يقل: رتقين (وهو) كما قال {مهما جعلناهم جسداً}.
وقوله: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ} خفض ولو كانت: حيّا كان صوابا أي جعلنا كلّ شيء حيّاً من الماء). [معاني القرآن: 2/201]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أنّ السّموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما} فالسموات جميع والأرض واحدة فخرج لفظ صفةٍ الجميع على تقدير لفظ صفة الواحد كما ترى ولم يجيء: " أنّ السموات والأرض كنّ رتقاً " ولا " ففتقاهن "، والعرب قد تفعل هذا إذا كان جميع مواتٍ أو جميع حيوانٍ ثم أشركوا بينه وبين واحد من الموات أو من الحيوان جعلوا لفظ صفتهما أو لفظ خبرهما على لفظ الاثنين،
وقال الأسود بن يعفر:
أن المنيّة والحتوف كلاهما=يوفى المخارم يرقبان سوادي
فجميع وواحد جعلهما اثنين،
وقال الراعي:
أخليد إنّ أباك ضاف وساده= همّان باتا جنبةً ودخيلا
[مجاز القرآن: 2/36]
ثم جعل الاثنين جميعا فقال:
طرقا فتلك هماهمي أفريهما= قلصاً لواقح كالقسيّ وحولا
فجعل الهماهم وهي جميع واحدا وجعل الهمين جميعاً وهما اثنان وأنشدني غالبٌ أبو علي النفيلي للقطامي.
ألم يحزنك أن حبال قيسٍ=وتغلب قد تباينتا انقطاعا
فجعل " حبال قيس " وهي جميع وحبال تغلب وهي جميع اثنين). [مجاز القرآن: 2/37]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كانتا رتقاً} مجازه مجاز المصدر الذي يوصف بلفظه الواحد والاثنان والجميع من المؤنث والمذكر سواء،
ومعنى الرتق الذي ليس فيه ثقب ثم فتق الله السماء بالمطر وفتق الأرض بالشجر). [مجاز القرآن: 2/37]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ أفلا يؤمنون}
وقال: {أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقاً} قال: {كانتا} لأنه جعلهما صنفين كنحو قول العرب: "هما لقاحان سودان"
وفي كتاب الله عز وجل: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا}.
وقال الشاعر:
رأوا جبلاً فوق الجبال إذا التقت = رؤوس كبيريهنّ ينتطحان
فقال "رؤوس" ثم قال "ينتطحان" وذا نحو قول العرب "الجزرات" و"الطرقات" فيجوز في ذا أن تقول: "طرقان" للاثنين و"جزران" للاثنين.
وقال الشاعر:
وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم = خضع الرّقاب نواكسي الأبصار
والعرب تقول: "مواليات" و"صواحبات يوسف". فهؤلاء قد كسروا فجمعوا "صواحب" وهذا المذهب يكون فيه المذكر "صواحبون"، ونظيره "نواكسي".
وقال بعضهم "نواكس" في موضع جرّ كما تقول "حجر ضبٍّ خربٍ"). [معاني القرآن: 3/6-7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({رتقا}: مسدودا والأنثى فيه والذكر والجميع سواء، والرتقة السداد
{ففتقناهما}: فتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات). [غريب القرآن وتفسيره: 254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كانتا رتقاً} أي كانتا شيئا واحدا ملتئما. ومنه يقال: هو يرتق الفتق، أي يسدّه. وقيل للمرأة: رتقاء.
{ففتقناهما} يقال: كانتا مصمتتين، ففتقنا السماء بالمطر، والأرض بالنبات). [تفسير غريب القرآن: 285-286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والرؤية: عِلْم، كقوله: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} أي: ألم يعلموا).[تأويل مشكل القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {أولم ير الّذين كفروا أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ أفلا يؤمنون}
قال (كانتا) لأن السّماوات يعبر عنها بلفظ الواحد، وأن السّماوات كانتا سماء واحدة، وكذلك الأرضون كانت أرضا واحدة، فالمعنى أن السّماوات كانتا سماء واحدة مرتتقة ليس فيها ماء، ففتق اللّه السماء فجعلها سبعا وجعل الأرض سبع أرضين.
وجاء في التفسير أن السماء فتقت بالمطر، والأرض بالنبات، ويدلّ على أنه يراد بفتقها كون المطر فيها قوله - عزّ وجلّ -: {وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ}.
وقيل {رتقا} ولم يقل رتقين، لأن الرتق مصدر.
المعنى كانتا ذواتي رتق فجعلتا ذواتي فتق.
ودلّهم بهذا على توحيده - جلّ وعزّ - ثم بكّتهم فقال: (أفلا يؤمنون) ). [معاني القرآن: 3/390-389]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {كانتا رتقا} أي: مصمتة، ففتقت السماء بالمطر، وفتقت الأرض بالنبات). [ياقوتة الصراط: 360-359]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كانتا رَتْقًا}: أي ملتئمة. {فَفَتَقْنَاهُمَا}: أي السماء بالمطر والأرض بالنبات. وقيل: فتق من السماء سبع سموات،
ومن الأرض سبع أرضين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَتْقاً}: مسدودة.
{فَفَتَقْنَاهما}: السماء بالمطر والأرض بالنبات). [العمدة في غريب القرآن: 206-207]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وجعلنا في الأرض رواسي} [الأنبياء: 31] يعني الجبال.
{أن تميد بهم} [الأنبياء: 31] لأن لا تحرّك بهم.
{وجعلنا فيها فجاجًا سبلا} [الأنبياء: 31] قال قتادة: طرقًا أعلامًا.
{لعلّهم يهتدون} [الأنبياء: 31] لكي يهتدوا الطّرق.
[تفسير القرآن العظيم: 1/309]
وقال السّدّيّ: لعلّهم يعرفون الطّرق). [تفسير القرآن العظيم: 1/310]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فجاجاً} الفجاج المسالك واحدها فج، وقال العجاج لحميد الأرقط: " الغجاج "، وتنازعا أرجوزتين على الطاء،

فقال له الحميد: الخلاط يا أبا الشعثاء، فقال له العجاج. الفجاج أوسع من ذلك يابن أخي، أي لا تخلط أرجوزتي بأرجوزتك). [مجاز القرآن: 2/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (والفجاج): المسالك واحدها فج). [غريب القرآن وتفسيره: 254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك جعلوا (عسى) شكّا ويقينا، (ولعلّ) شكّا ويقينا. كقوله: {فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}،
أي ليهتدوا). [تأويل مشكل القرآن: 188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقول: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلّهم يهتدون}
المعنى كراهة أن تميد بهم، وقال قوم: معناه ألا تميد بهم.
والمعنى كذلك، إلا أن " لا " لا تضمر والاسم المضاف يحذف، وكراهة أن تميد بهم يؤدي عن معنى ألّا تميد بهم.
ومعنى تميد في اللغة تدور، ويقال للذي يدار به إذا ركب البحر مائد. وميدى والرواسي تعني الجبال الثوابت.
(وجعلنا فيها فجاجا سبلا) فجاج: جمع فجّ، وهو كل منخرق بين جبلين، وسبلا: طرقا). [معاني القرآن: 3/390]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الفِجاج}: الطرق). [العمدة في غريب القرآن: 207]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وجعلنا السّماء سقفًا محفوظًا} [الأنبياء: 32] على من تحتها، محفوظًا من كلّ شيطانٍ رجيم كقوله: {وحفظناها من كلّ شيطانٍ رجيمٍ} [الحجر: 17].
وإنّما كانت هاهنا محفوظًا لأنّه قال: {سقفًا محفوظًا} [الأنبياء: 32]، فوقع الحفظ فيها على السّقف، وفي الآية الأخرى على السّماء.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: هي سقفٌ محفوظٌ، وموجٌ مكفوفٌ.
قوله: {وهم عن آياتها} [الأنبياء: 32] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: يعني الشّمس، والقمر، والنّجوم.
{معرضون} [الأنبياء: 32] لا يتفكّرون فيما يرون فيها، فيعرفون أنّ لهم معادًا فيؤمنوا.
وقال في آيةٍ أخرى: {قل انظروا ماذا في السّموات والأرض وما تغني الآيات والنّذر عن قومٍ لا يؤمنون} [يونس: 101] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/310]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وجعلنا السّماء سقفاً مّحفوظاً...}

ولو قيل: محفوظة يذهب بالتأنيث إلى السّماء وبالتذكير إلى السقف كما قال {أمنةً نعاساً تغشى} و(يغشى) وقيل (سقفاً) وهي سموات لأنها سقف على الأرض كالسّقف على البيت.
ومعنى قوله {مّحفوظاً}: حفظت (من الشياطين) بالنجوم.
وقوله: {وهم عن آياتها معرضون} فآياتها قمرها وشمسها ونجومها. قد قرأ مجاهد (وهم عن آياتها معرضون) فوحّد (وجعل) السماء بما فيها آية وكلٌ صواب). [معاني القرآن: 2/201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سقفاً محفوظاً} من الشياطين، بالنجوم.
{وهم عن آياتها معرضون} أي عمّا فيها: من الأدلة والعبر). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجعلنا السّماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون}
حفظه اللّه من الوقوع على الأرض (إلا بإذنه) وقيل محفوظا، أي محفوظا بالكواكب كما قال عزّ وجلّ: {إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كلّ شيطان مارد }.
{وهم عن آياتنا معرضون}.
معناه وهم عن شمسها وقمرها ونجومها، وقد قرئت عن آيتها، وتأويله أن الآية فيها في نفسها أعظم آية لأنها ممسكة بقدرته عزّ وجلّ، وقد يقال للذي ينتظم علامات كثيرة آية،
يراد به أنه بجملته دليل على توحيد اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/390-391]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي خلق اللّيل والنّهار والشّمس والقمر كلٌّ في فلكٍ يسبحون} [الأنبياء: 33] قال قتادة: في فلك السّماء.
حدّثني الصّلت بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ، عن عوفٍ البكاليّ قال: إنّ السّماء خلقت مثل القبّة، وإنّ الشّمس والقمر والنّجوم ليس منها شيءٌ لازقٌ، وإنّها تجري في فلكٍ دون السّماء، وإنّ أقرب الأرض إلى السّماء بيت المقدس باثني عشر ميلًا، وإنّ أبعد الأرض من السّماء الأبلّة.
- همّامٌ، عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/310]
الشّمس والقمر وجوههما إلى السّماء، وأقفاؤهما إلى الأرض يضيئان في السّماء كما يضيئان في الأرض ثمّ تلا هذه الآية: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سمواتٍ طباقًا {15} وجعل القمر فيهنّ نورًا وجعل الشّمس سراجًا {16}} [نوح: 15-16]
- وحدّثني ابن لهيعة، عن أبي قبيلٍ، عن يزيد بن أبي جحض قال: قلت لعبد اللّه بن عمرٍو: ما بال الشّمس تصلانا أحيانًا وتبرد أحيانًا؟ قال: أمّا في الشّتاء فهي في السّماء الخامسة، وأمّا في الصّيف فهي في السّماء السّابعة فقلت: إنّما كنّا نراها في هذه السّماء الدّنيا.
قال: لو كانت في هذه السّماء الدّنيا لم يقم لها شيءٌ.
الحسن، عن صاحبٍ له، عن الأعمش ذكره بإسناده قال: إنّ الشّمس أدنيت من أهل الأرض في الشّتاء لينتفعوا بها، ورفعت في الصّيف لئلا يؤذيهم حرّها.
قوله: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} [الأنبياء: 33] حدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: {يسبحون} [الأنبياء: 33] يدورون كما يدور فلك المغزل.
وتفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {يسبحون} [الأنبياء: 33]، يجرون كهيئة حديدة الرّحى.
وفي تفسير الحسن: إنّ الشّمس والقمر والنّجوم في طاحونةٍ بين السّماء والأرض كهيئة فلك المغزل يدورون فيها، ولو كانت ملتصقةً في السّماء لم تجر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/311]
وقال الكلبيّ: {يسبحون} [الأنبياء: 33] يجرون.
قال: وأخبرني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال في قوله: {الشّمس والقمر بحسبانٍ} [الرحمن: 5] قال: حسبانٌ كحسبان الرّحى). [تفسير القرآن العظيم: 1/312]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقال: {في فلكٍ يسبحون...}

لغير الآدميّين للشمس والقمر والليل والنهار، وذلك أن السّباحة من أفعال الآدميين فقيلت: بالنون، كما قيل: {والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} لأنّ السجود من أفعال الآدميّين. ويقال: إن الفلك موج مكفوف يجرين فيه). [معاني القرآن: 2/201]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} الفلك: القطب الذي تدور به النجوم قال:
باتت تناصي الفلك الدوارا= حتى الصباح تعمل الأقتارا).
[مجاز القرآن: 2/38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يسبحون} أي يجرون، و " كل " تقع صفته وخبره وفعله على لفظ الواحد لأن لفظه لفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع لأن معناه معنى الجميع وكذلك " كلاهما "
قال الشاعر:
أن المنيّة والحتوف كلاهما= يوفى المخارم يرقبان سوادي
قال " يوفى " على لفظ الواحد ثم عاد إلى المعنى فجعله اثنين فقال: يرقبان سوادي، ومعنى كل المستعمل يقع أيضاً على الآدميين فجاء هنا في غير جنس الآدميين والعرب قد تفعل ذلك قال النابغة الجعدي:
تمزّزتها والدّيك يدعو صباحه= إذا ما بنو نعشٍ دنوا فتصوّبوا
وفي رواية أخرى: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} وفي آية أخرى: {والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} وفي آية أخرى: {يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم} ). [مجاز القرآن: 2/38]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وهو الّذي خلق اللّيل والنّهار والشّمس والقمر كلّ في فلك يسبحون}
{كلّ في فلك يسبحون} قيل يسبحون كما يقال لما يعقل، لأن هذه الأشياء وصفت بالفعل كما يوصف من يعقل، كما قالت العرب - في رواية جميع النحويين –
أكلوني البراغيث لما وصفت بالأكل قيل أكلوني.
قال الشاعر:
شربت بها والدّيك يدعو صباحه= إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا).
[معاني القرآن: 3/391]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:31 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[
ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} قال: يقال: امرأةٌ رتقاء، إذا كانت لا يوصل إليها فيقول: كانت السماء لا تمطر ثم أمطرت، وأنبتت الأرض ولم تكن تنبت). [مجالس ثعلب: 591]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
نصي القلوص بكل خرق ناضب = عمق الفِجاج مخرج بقتام
...
والفجاج أفواه الطرق الواحد منها فج). [نقائض جرير والفرزدق: 272]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) }

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وزعم الخليل رحمه الله أن: {السماء منفطر به} كقولك معضل للقطاة. وكقولك مرضع للتي بها الرضاع. وأما المنفطرة فيجئ على العمل كقولك منشقة وكقولك مرضعة للتي ترضع. وأما {كلٌ في فلكٍ يسيحون} و: {رأيتهم لي ساجدين} و: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} فزعم أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع لما ذكرهم بالسجود وصار النمل بتلك المنزلة حين حدثت عنه كما تحدث عن الأناسي). [الكتاب: 2/47] (م)
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وأمّا (الفلك) فمستدار قطب السماء، قال الله عزّ وجلّ: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون} ). [الأزمنة: 15]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان اسماً على فاعلٍ غير نعت معرفةً أو نكرةً

اعلم أن ما كان من ذلك لآدميين فغير ممتنع من الواو والنون. لو سميت رجلاً حاتماً أو عاصماً لقلت: حاتمون، وعاصمون. وإن شئت قلت: حواتم وعواصم؛ لأنه ليس بنعت فتريد أن تفصل بينه وبين مؤنثه، ولكنه اسم. فحكمه حكم الأسماء التي على أربعة أحرف.
وإن كان لغير الآدميين لم تلحقه الواو والنون. ولكنك تقول: قوادم في قادم الناقة، وتقول: سواعد في جمع ساعد. هكذا جميع هذا الباب.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل في غير الآدميين: {إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}.
فالجواب عن ذلك: أنه لما أخبر عنها بالسجود وليس من أفعالها وإنما هو من أفعال الآدميين أجراها مجراهم؛ لأن الآدميين إنما جمعوا بالواو والنون، لأن أفعالهم على ذلك. فإذا ذكر غيرهم بذلك الفعل صار في قياسهم؛ألا ترى أنك تقول: القوم ينطلقون، ولا تقول: الجمال يسيرون.
وكذلك قوله عز وجل: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون}. لما أخبر عنها أنها تفعل وإنما حقيقتها أن يفعل بها فتجري كانت كما ذكرت لك.
ومن ذلك قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}، إنما ذلك لدعواهم أنها فعالة، وأنها تعبد باستحقاق، وكذلك {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ومثله: {قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} لما جعلها مخاطبة ومخاطبة. وكل ما جاء من هذا فهذا قياسه). [المقتضب: 2/223-224] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 11:26 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 11:26 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 11:32 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم على عبرة دالة على وحدانية الله جلت قدرته. و"الرتق": الملتصق بعضه ببعض الذي لا صدع فيه ولا فتح، ومنه: "امرأة رتقاء". واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {كانتا رتقا ففتقناهما}، فقالت فرقة: كانت السماء ملتصقة بالأرض ففتقهما الله بالهواء، وقالت فرقة: كانت السماء ملتصقة بعضها ببعض والأرض كذلك ففتقهما الله سبعا سبعا.
[المحرر الوجيز: 6/162]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعلى هذين القولين فـ "الرؤية" الموقف عليها رؤية القلب.
وقالت فرقة: السماء قبل المطر رتق، والأرض قبل النبات رتق، ففتقهما الله تعالى بالمطر والنبات، كما قال الله تبارك وتعالى: {والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع}، وهذا قول حسن يجمع العبرة وتعديد النعمة والحجة بمحسوس بين، ويناسب قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، أي: من الماء الذي أوجده الفتق، فيظهر معنى الآية ويتوجه الاعتبار. وقالت فرقة: السماء والأرض رتق بالظلمة ففتقهما الله تعالى بالضوء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والرؤية على هذين القولين رؤية العين، والأرض هنا اسم للجنس، فهو جمع.
وقرأ الجمهور: "رتقا" بسكون التاء، و"الرتق": مصدر وصف به كالزور والعدل. وقرأ الحسن، والشعبي، وأبو حيوة: "كانتا رتقا" بفتح التاء، وهو اسم المرتوق كالنفض والنفض والخبط والخبط، وقال: "كانتا" من حيث هما نوعان، ونحوه قول عمرو بن شييم:
ألم يحزنك أن حبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا.
[المحرر الوجيز: 6/163]
وقوله: "كانتا" في القولين بمنزلة قولك: "كان زيد حيا"، أي: ثم لم يكن، وفي القولين الآخرين بمنزلة قولك: "كان زيدا عالما"، أي: وهو كذلك. وقرأ ابن كثير وحده: "ألم ير" بإسقاط الواو.
وقوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} بين أنه ليس على عمومه، فإن الملائكة والجن قد خرجوا من ذلك، ولكن الوجه أن يحمل على أعم ما يمكن، فالحيوان أجمع والنبات - على أن الحياة فيه مستعارة - داخل في هذا. وقالت فرقة: المراد بالماء المني في جميع الحيوان. ثم وقفهم على ترك الإيمان توبيخا وتقريعا). [المحرر الوجيز: 6/164]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون}
"الرواسي" جمع راسية، أي ثابتة، يقال: رسا يرسو إذا ثبت واستقر، ولا يستعمل إلا في الأجرام الكبار كالجبال والسفينة ونحوها. ويروى أن الأرض كانت تكفأ بأهلها حتى ثقلها الله تعالى بالجبال فاستقرت. و"الميد": التحرك، و"الفجاج": الطرق المتسعة في الجبال وغيرها، و"سبلا": جمع سبيل، والضمير في قوله تعالى: "فيها" يحتمل أن يعود على الرواسي، ويحتمل أن يعود على الأرض، وهو أحسن. و"يهتدون" معناه: في مسالكهم وتصرفهم). [المحرر الوجيز: 6/164]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"السقف": ما علا، والحفظ هنا عام في الحفظ من الشياطين ومن الوهي والسقوط وغير ذلك من الآفات.
و"آياتها": كواكبها وأمطارها والرعد والبرق والصواعق وغير ذلك مما يشبهه. وقرأت فرقة: "عن آيتها" بالإفراد الذي يراد به الجنس). [المحرر الوجيز: 6/165]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الفلك": الجسم الدائر دورة اليوم والليلة، فالكل في ذلك سابح متصرف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعن بعض المفسرين إلى الكلام فيما هو الفلك، فقال بعضهم: كحديدة الرحى، وقال بعضهم: كالطاحونة، وغير هذا مما لا ينبغي التسور عليه، غير أنا نعرف أن الفلك جسم مستدير، و"يسبحون" معناه: يتصرفون، وقالت فرقة: الفلك موج مكفوف، ورأوا قوله: "يسبحون" من السباحة وهو العوم). [المحرر الوجيز: 6/165]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 01:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 01:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولم ير الّذين كفروا أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ أفلا يؤمنون (30) وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجًا سبلا لعلّهم يهتدون (31) وجعلنا السّماء سقفًا محفوظًا وهم عن آياتها معرضون (32) وهو الّذي خلق اللّيل والنّهار والشّمس والقمر كلٌّ في فلكٍ يسبحون (33)}.
يقول تعالى منبّهًا على قدرته التّامّة، وسلطانه العظيم في خلقه الأشياء، وقهره لجميع المخلوقات، فقال: {أولم ير الّذين كفروا} أي: الجاحدون لإلهيّته العابدون معه غيره، ألم يعلموا أنّ اللّه هو المستقلّ بالخلق، المستبدّ بالتّدبير، فكيف يليق أن يعبد غيره أو يشرك به ما سواه، ألم يروا {أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا} أي: كان الجميع متّصلًا بعضه ببعضٍ متلاصقٌ متراكمٌ، بعضه فوق بعضٍ في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه. فجعل السموات سبعًا، والأرض سبعًا، وفصل بين سماء الدّنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السّماء وأنبتت الأرض؛ ولهذا قال: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ أفلا يؤمنون} أي: وهم يشاهدون المخلوقات تحدث شيئًا فشيئًا عيانًا، وذلك دليلٌ على وجود الصّانع الفاعل المختار القادر على ما يشاء: ففي كلّ شيءٍ له آية = تدلّ على أنّه واحد...
قال سفيان الثّوريّ، عن أبيه، عن عكرمة قال: سئل ابن عبّاسٍ: اللّيل كان قبل أو النهار؟ فقال: أرأيتم السموات والأرض حين كانتا رتقًا، هل كان بينهما إلّا ظلمةٌ؟ ذلك لتعلموا أنّ اللّيل قبل النّهار.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن أبي حمزة، حدّثنا حاتمٌ، عن حمزة بن أبي محمّدٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر؛ أنّ رجلا أتاه يسأله عن السموات والأرض {كانتا رتقًا ففتقناهما}؟. قال: اذهب إلى ذلك الشّيخ فاسأله، ثمّ تعال فأخبرني بما قال لك. قال: فذهب إلى ابن عبّاسٍ فسأله. فقال ابن عباس: نعم، كانت السموات رتقًا لا تمطر، وكانت الأرض رتقًا لا تنبت.
فلمّا خلق للأرض أهلًا فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنّبات. فرجع الرّجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر: الآن قد علمت أنّ ابن عبّاسٍ قد أوتي في القرآن علمًا، صدق -هكذا كانت. قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما يعجبني جراءة ابن عبّاسٍ على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنّه قد أوتي في القرآن علمًا.
وقال عطيّة العوفي: كانت هذه رتقًا لا تمطر، فأمطرت. وكانت هذه رتقًا لا تنبت، فأنبتت.
وقال إسماعيل بن أبي خالدٍ: سألت أبا صالحٍ الحنفي عن قوله: {أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما}، قال: كانت السّماء واحدةً، ففتق منها سبع سماواتٍ، وكانت الأرض واحدةً ففتق منها سبع أرضين.
وهكذا قال مجاهدٌ، وزاد: ولم تكن السّماء والأرض متماسّتين.
وقال سعيد بن جبيرٍ: بل كانت السّماء والأرض ملتزقتين، فلمّا رفع السّماء وأبرز منها الأرض، كان ذلك فتقهما الّذي ذكر اللّه في كتابه. وقال الحسن، وقتادة، كانتا جميعًا، ففصل بينهما بهذا الهواء.
وقوله: {وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ} أي: أصل كل الأحياء منه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو الجماهر، حدّثنا سعيد بن بشيرٍ، حدّثنا قتادة عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة أنّه قال: يا نبيّ اللّه إذا رأيتك قرّت عيني، وطابت نفسي، فأخبرني عن كلّ شيءٍ، قال: "كلّ شيءٍ خلق من ماءٍ".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا همّامٌ، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول اللّه، إنّي إذا رأيتك طابت نفسي، وقرّت عيني، فأنبئني عن كلّ شيءٍ. قال: "كلّ شيءٍ خلق من ماءٍ" قال: قلت: أنبئني عن أمرٍ إذا عملت به دخلت الجنّة. قال: "أفش السّلام، وأطعم الطّعام، وصل الأرحام، وقم باللّيل والنّاس نيامٌ، ثمّ ادخل الجنّة بسلامٍ".
ورواه أيضًا عبد الصّمد وعفّان وبهز، عن همّامٍ. تفرّد به أحمد، وهذا إسنادٌ على شرط الصّحيحين، إلّا أنّ أبا ميمونة من رجال السّنن، واسمه سليمٌ، والتّرمذيّ يصحّح له. وقد رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة مرسلًا واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 338-340]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجعلنا في الأرض رواسي} أي: جبالًا أرسى الأرض بها وقرّرها وثقّلها؛ لئلّا تميد بالنّاس، أي: تضطرب وتتحرّك، فلا يحصل لهم عليها قرارٌ لأنّها غامرةٌ في الماء إلّا مقدار الرّبع، فإنّه بادٍ للهواء والشّمس، ليشاهد أهلها السّماء وما فيها من الآيات الباهرات، والحكم والدّلالات؛ ولهذا قال: {أن تميد بهم} أي: لئلّا تميد بهم.
وقوله: {وجعلنا فيها فجاجًا سبلا} أي: ثغرًا في الجبال، يسلكون فيها طرقًا من قطرٍ إلى قطرٍ، وإقليمٍ إلى إقليمٍ، كما هو المشاهد في الأرض، يكون الجبل حائلًا بين هذه البلاد وهذه البلاد، فيجعل اللّه فيه فجوةً -ثغرةً-ليسلك النّاس فيها من هاهنا إلى هاهنا؛ ولهذا قال: {لعلّهم يهتدون}). [تفسير ابن كثير: 5/ 340]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجعلنا السّماء سقفًا} أي: على الأرض وهي كالقبّة عليها، كما قال: {والسّماء بنيناها بأيدٍ وإنّا لموسعون} [الذّاريات: 47]، وقال: {والسّماء وما بناها} [الشّمس:5]، {أفلم ينظروا إلى السّماء فوقهم كيف بنيناها وزيّنّاها وما لها من فروجٍ} [ق:6]، والبناء هو نصب القبّة، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بني الإسلام على خمسٍ" أي: خمس دعائم، وهذا لا يكون إلّا في الخيام، على ما تعهده العرب.
{مّحفوظًا} أي: عاليًا محروسًا أن ينال. وقال مجاهدٌ: مرفوعًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن أشعث -يعني ابن إسحاق القمّي-عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، قال رجلٌ: يا رسول اللّه، ما هذه السّماء، قال: "موجٌ مكفوفٌ عنكم" إسنادٌ غريبٌ.
وقوله: {وهم عن آياتها معرضون}، كقوله: {وكأيّن من آيةٍ في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون} [يوسف:105] أي: لا يتفكّرون فيما خلق اللّه فيها من الاتّساع العظيم، والارتفاع الباهر، وما زيّنت به من الكواكب الثّوابت والسّيّارات في ليلها، وفي نهارها من هذه الشّمس الّتي تقطع الفلك بكماله، في يومٍ وليلةٍ فتسير غايةً لا يعلم قدرها إلّا الّذي قدّرها وسخّرها وسيّرها.
وقد ذكر ابن أبي الدّنيا، رحمه اللّه، في كتابه "التّفكّر والاعتبار": أنّ بعض عبّاد بني إسرائيل تعبّد ثلاثين سنةً، وكان الرّجل منهم إذا تعبّد ثلاثين سنةً أظلّته غمامةٌ، فلم ير ذلك الرّجل شيئًا ممّا كان يرى لغيره، فشكى ذلك إلى أمّه، فقالت له: يا بنيّ، فلعلّك أذنبت في مدّة عبادتك هذه، فقال: لا واللّه ما أعلم، قالت: فلعلّك هممت؟ قال: لا ولا هممت. قالت: فلعلّك رفعت بصرك إلى السّماء ثمّ رددته بغير فكرٍ؟ فقال: نعم، كثيرًا. قالت: فمن هاهنا أتيت). [تفسير ابن كثير: 5/ 340-341]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال منبّهًا على بعض آياته: {وهو الّذي خلق اللّيل والنّهار} أي: هذا في ظلامه وسكونه، وهذا بضيائه وأنسه، يطول هذا تارةً ثمّ يقصر أخرى، وعكسه الآخر. {والشّمس والقمر} هذه لها نورٌ يخصّها، وفلكٌ بذاته، وزمانٌ على حدةٍ، وحركةٍ وسيرٍ خاصٍّ، وهذا بنورٍ خاصٍّ آخر، وفلكٍ آخر، وسيرٍ آخر، وتقديرٍ آخر، {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} [يس:40]، أي: يدورون.
قال ابن عبّاسٍ: يدورون كما يدور المغزل في الفلكة. وكذا قال مجاهدٌ: فلا يدور المغزل إلّا بالفلكة، ولا الفلكة إلّا بالمغزل، كذلك النّجوم والشّمس والقمر، لا يدورون إلّا به، ولا يدور إلّا بهنّ، كما قال تعالى: {فالق الإصباح وجعل اللّيل سكنًا والشّمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم} [الأنعام:96]). [تفسير ابن كثير: 5/ 341]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة