تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: أفلم يهد لقومك المشركين باللّه، ومعنى يهد: يبيّن. يقول: أفلم يبيّن لهم كثرة ما أهلكنا قبلهم من الأمم الّتي سلفت قبلهم الّتي يمشون هم في مساكنهم ودورهم، ويرون آثار عقوباتنا الّتي أحللناها بهم سوء مغبّة ما هم عليه مقيمون من الكفر بآياتنا، ويتّعظوا بهم، ويعتبروا، وينيبوا إلى الإذعان، ويؤمنوا باللّه ورسوله، خوفًا أن يصيبهم بكفرهم باللّه مثل ما أصابهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن هلك من الأمم.
وقال: {يمشون في مساكنهم} لأنّ قريشًا كانت تتّجر إلى الشّام، فتمرّ بمساكن عادٍ وثمود ومن أشبههم، فترى آثار وقائع اللّه تعالى بهم، فلذلك قال لهم: أفلم يحذّرهم ما يرون من فعلنا بهم بكفرهم بنا نزول مثله بهم، وهم على مثل فعلهم مقيمون.
وكان الفرّاء يقول: لا يجوز في كم في هذا الموضع أن يكون إلاّ نصبًا بأهلكنا، وكان يقول: وهو وإن لم يكن إلاّ نصبًا، فإنّ جملة الكلام رفعٌ بقوله: {يهد لهم} ويقول: ذلك مثل قول القائل: قد تبيّن لي أقام عمرٌو أم زيدٌ في الاستفهام، وكقوله {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} ويزعم أنّ فيه شيئًا يرفع سواءٌ لا يظهر مع الاستفهام، قال: ولو قلت: سواءً عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن ذلك الرّفع الّذي في الجملة.
وليس الّذي قال الفرّاء من ذلك، كما قال: لأنّ كم وإن كانت من حروف الاستفهام فإنّها لم تجعل في هذا الموضع للاستفهام، بل هي واقعةٌ موقع الأسماء الموصوفة.
ومعنى الكلام ما قد ذكرنا قبل وهو: أفلم يبيّن لهم كثرة إهلاكنا قبلهم القرون الّتي يمشون في مساكنهم، أو أفلم تهدهم القرون الهالكة.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: " أفلم يهد لهم من أهلكنا " فكم واقعةٌ موقع من في قراءة عبد اللّه، وهي في موضع رفعٍ بقوله: {يهد لهم} وهو أظهر وجوهه، وأصحّ معانيه، وإن كان للّذي قاله وجهٌ ومذهبٌ على بعدٍ.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} يقول تعالى ذكره: إنّ فيما يعاين هؤلاء ويرون من آثار وقائعنا بالأمم المكذّبة رسلها قبلهم، وحلول مثلاتنا بهم لكفرهم باللّه {لآياتٍ} يقول: لدلالاتٍ وعبرًا وعظاتٍ {لأولي النّهى} يعني: لأهل الحجى والعقول، ومن ينهاه عقله وفهمه ودينه عن مواقعة ما يضرّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لأولي النّهى} يقول: التّقى.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} أهل الورع). [جامع البيان: 16/204-206]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أولم يهد للذين يقول أولم يبين لهم). [تفسير مجاهد: 241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: ألم نبين لهم). [الدر المنثور: 10/260]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: أفلم نبين لهم {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم، وفي قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال: هذا من مقاديم الكلام يقول: لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما). [الدر المنثور: 10/260]
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى (129) فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى}.
يقول تعالى ذكره: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك} يا محمّد أنّ كلّ من قضى له أجلاً فإنّه لا يخترمه قبل بلوغه أجله {وأجلٌّ مسمًّى} يقول: ووقتٌ مسمًّى عند ربّك سمّاه لهم في أمّ الكتاب وخطّه فيه، هم بالغوه ومستوفوه {لكان لزامًا} يقول: للازمهم الهلاك عاجلاً.
وهو مصدرٌ من قول القائل: لازمٌ فلانٌ فلانًا يلازمه ملازمةً ولزامًا: إذا لم يفارقه، وقدم قوله: {لكان لزامًا} قبل قوله {أجلٌ مسمًّى} ومعنى الكلام: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلّ مسمًّى لكان لزامًا، فاصبر على ما يقولون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌّ مسمًّى} الأجل المسمّى: الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌّ مسمًّى} وهذه من مقاديم الكلام، يقول: لولا كلمةٌ سبقت من ربّك إلى أجلٍ مسمًّى كان لزامًا، والأجل المسمّى، السّاعة، لأنّ اللّه تعالى يقول {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌّ مسمًّى} قال: هذا مقدّمٌ ومؤخّرٌ، ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلٌّ مسمًّى لكان لزامًا.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {لكان لزامًا} فقال بعضهم: معناه: لكان موتًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لكان لزامًا} يقول: موتًا.
وقال آخرون: معناه لكان قتلاً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {لكان لزامًا} واللّزام: القتل). [جامع البيان: 16/207-208]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى قال الأجل المسمى الموت وفيه تقديم وتأخير يقول لو لا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما). [تفسير مجاهد: 405-406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: أفلم نبين لهم {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم، وفي قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال: هذا من مقاديم الكلام يقول: لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما). [الدر المنثور: 10/260] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما} قال: لكان أخذا ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم وتفسيرها {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} لكان لزاما ولكنه تقديم وتأخير في الكلام). [الدر المنثور: 10/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: الأجل المسمى الكلمة التي سبقت من ربك {لكان لزاما وأجل مسمى} قال: أجل مسمى الدنيا). [الدر المنثور: 10/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لكان لزاما} قال: موتا). [الدر المنثور: 10/261]
تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس قال هي صلاة الفجر وقبل غروبها صلاة العصر ومن آناء الليل صلاة المغرب والعشاء وأطراف النهار صلاة الظهر). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس في قوله تعالى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها قال الصلاة المكتوبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزين عن ابن عباس في قوله: {وسبح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} قال: صلاة مكتوبة [الآية: 130]). [تفسير الثوري: 198]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {آناء اللّيل} قال: جوف اللّيل). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 242]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها}
- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت إسماعيل بن أبي خالدٍ يذكر، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد الله، قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا، لا تضارّون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثمّ قرأ {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/185]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاصبر على ما يقولون} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه: فاصبر يا محمّد على ما يقول هؤلاء المكذّبون بآيات اللّه من قومك لك إنّك ساحرٌ، وإنّك مجنونٌ وشاعرٌ
ونحو ذلك من القول {وسبّح بحمد ربّك} يقول: وصلّ بثنائك على ربّك، وقال: بحمد ربّك. والمعنى: بحمدك ربّك، كما تقول: أعجبني ضرب زيدٍ، والمعنى: ضربي زيدًا.
وقوله: {قبل طلوع الشّمس} وذلك صلاة الصّبح {وقبل غروبها} وهي صلاة العصر {ومن آناء اللّيل} وهي ساعات اللّيل، واحدها: إنيٌ، على تقدير حملٍ، ومنه قول المتنخّل السّعديّ:
حلوٌ ومرٌّ كعطف القدح مرّته = في كلّ إنيٍ حذاه اللّيل ينتعل
ويعني بقوله: {ومن آناء اللّيل فسبّح} صلاة العشاء الآخرة، لأنّها تصلّى بعد مضيّ آناءٍ من اللّيل.
وقوله: {وأطراف النّهار} يعني صلاة الظّهر والمغرب.
وقيل: أطراف النّهار، والمراد بذلك الصّلاتان اللّتان ذكرنا، لأنّ صلاة الظّهر في آخر طرف النّهار الأوّل، وفي أوّل طرف النّهار الآخر، فهي في طرفين منه، والطّرف الثّالث: غروب الشّمس، وعند ذلك تصلّى المغرب، فلذلك قيل أطراف.
وقد يحمل أن يقال: أريد به طرفا النّهار. وقيل: أطراف، كما قيل {صغت قلوبكما} فجمع، والمراد: قلبان، فيكون ذلك أوّل طرف النّهار الآخر، وآخر طرفه الآخر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزين، عن ابن عبّاسٍ، {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} قال: الصّلاة المكتوبة.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد اللّه، قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فرأى القمر ليلة البدر فقال: " إنّكم راءون ربّكم كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها فافعلوا " ثمّ تلا: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} قال ابن جريجٍ: العصر، وأطراف النّهار قال: المكتوبة.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس} قال: هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال: صلاة العصر {ومن آناء اللّيل} قال: صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النّهار} قال: صلاة الظّهر.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار} قال: من آناء اللّيل: العتمة. وأطراف النّهار: المغرب والصّبح.
ونصب قوله {وأطراف النّهار} عطفًا على قوله {قبل طلوع الشّمس} لأنّ معنى ذلك: فسبّح بحمد ربّك آخر اللّيل، وأطراف النّهار.
وبنحو الّذي قلنا في معنى {آناء اللّيل} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ {ومن آناء اللّيل} قال: المصلّى من اللّيل كلّه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن، قرأ: {ومن آناء اللّيل} قال: من أوّله، وأوسطه، وآخره.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ومن آناء اللّيل فسبّح} قال: آناء اللّيل: جوف اللّيل.
وقوله: {لعلّك ترضى} يقول: كي ترضى.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والعراق: {لعلّك ترضى} بفتح التّاء.
وكان عاصمٌ والكسائيّ يقرآن ذلك: ( لعلّك ترضى ) بضمّ التّاء، وروي ذلك عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ.
وكأنّ الّذين قرءوا ذلك بالفتح، ذهبوا إلى معنى: إنّ اللّه يعطيك، حتّى ترضى عطيّته وثوابه إيّاك، وكذلك تأوّله أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لعلّك ترضى} قال: الثّواب، ترضى مما يثيبك اللّه على ذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {لعلّك ترضى} قال: بما تعطى.
وكأنّ الّذين قرءوا ذلك بالضّمّ، وجّهوا معنى الكلام إلى لعلّ اللّه يرضيك من عبادتك إيّاه، وطاعتك له.
والصّواب من القول في ذلك عندي: أنّهما قراءتان، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء، وهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متّفقتا المعنى، غير مختلفتيه، وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره إذا أرضاه، فلا شكّ أنّه يرضى، وأنّه إذا رضي فقد أرضاه اللّه، فكلّ واحدةٍ منهما تدلّ على معنى الأخرى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب). [جامع البيان: 16/208-213]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130].
- عن جريرٍ «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في قوله: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130] قال: " قبل طلوع الشّمس: الصّبح، وقبل غروبها: صلاة العصر» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى بن سعيدٍ العطّار وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: هي الصلاة المكتوبة). [الدر المنثور: 10/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس} قال: هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال: صلاة العصر {ومن آناء الليل} قال: صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النهار} قال: صلاة الظهر). [الدر المنثور: 10/261-262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه، وابن عساكر عن جرير عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة العصر). [الدر المنثور: 10/262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: كان هذا قبل أن تفرض الصلاة). [الدر المنثور: 10/262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن مردويه عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} ). [الدر المنثور: 10/262-263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن عمارة بن رومية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: حافظ على العصرين، قلت: وما العصران قال: صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار} قال: بعد الصبح وعند غروب الشمس). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {لعلك ترضى} قال: الثواب فيما يزيدك الله على ذلك). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ {لعلك ترضى} برفع التاء). [الدر المنثور: 10/263]