تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى معيشة ضنكا قال الضنك الضيق يقال ضنكا في النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/20]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن أبي حازم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال فإن له معيشة ضنكا قال يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى ونحشره يوم القيامة أعمى قال أعمى عن حجته). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن أبي حازمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: عذاب القبر). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 265]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ضنكًا} [طه: 124] : «الشّقاء»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ضنكا الشّقاء وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ وللطّبريّ عن عكرمة مثله ومن طريق قيس بن أبي حازمٍ في قوله معيشةً ضنكا قال رزقا في معصيّة وصحح بن حبّان من حديث أبي هريرة مرفوعًا في قوله معيشة ضنكا قال عذاب القبر أورده من وجهين مطوّلًا ومختصرًا وأخرجه سعيد بن منصورٍ والحاكم من حديث أبي سعيدٍ الخدريّ موقوفًا ومرفوعًا والطّبرانيّ من حديث بن مسعودٍ ورجّح الطّبريّ هذا مستندًا إلى قوله في آخر الآيات ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى وفي تفسير الضّنك أقوالٌ أخرى قيل الضّيق وهذا أشهرها ويقال إنّها كلمةٌ فارسيّةٌ معناها الضّيق وأصلها التّنك بمثنّاةٍ فوقانيّةٍ بدل الضّاد فعرّبت وقيل الحرام وقيل الكسب الخبيث). [فتح الباري: 8/433-434]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هضما} لا يظلم فيهضم من حسناته {عوجا} واديا {أمتا} رابية {سيرتها} حالتها الأولى {النهى} التقى {ضنكا} الشّقاء {هوى} شقي {المقدّس} المبارك {طوى} اسم الوادي {بملكنا} بأمرنا وقال مجاهد {مكانا سوى} منتصف بينهم {يبسا} يابسا {على قدر} على موعد {ولا تنيا} تضعفا {يفرط} عقوبة
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 112 طه {فلا يخاف ظلما} قال لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته
وبه في قوله 107 طه {لا ترى فيها عوجا} يقول واديا
وفي قوله 107 طه {ولا أمتا} يقول رابية
وبه في قوله 121 طه {سيرتها الأولى} يقول حالتها الأولى
وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله بن صالح ثنا معاوية عن علّي عن عبّاس في قوله 54 طه {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} قال التقي
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 124 طه {معيشة ضنكا} قال الشّقاء). [تغليق التعليق: 4/255-256] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ضنكاً الشّقاء
أشار به إلى قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً} وفسّر: الضنك بالشقاء، ورواه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، قال الثّعلبيّ، ضنكاً ضيقا، يقال: منزل ضنك وعيش ضنك يستوي فيه الذّكر والأنثى والواحد والاثنان والجمع، وعن أبي هريرة عن النّبي صلى الله عليه وسلم: الضنك عذاب القبر، وعن الحسن: الزقوم والغسلين والضريع، وعن عكرمة: الحرام، وعن الضّحّاك: الكسب الخبيث، ويقال: الضنك معرب وأصله، التنك، وهو في اللّغة الفارسية: الضّيق). [عمدة القاري: 19/59]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ضنكًا}) في قوله تعالى: {فإن له معيشة ضنكًا} [طه: 124] (الشقاء) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه وصحح ابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعًا ({معيشة ضنكًا}) قال عذاب القبر وقال في الأنوار ضنكًا ضيقًا مصدر وصف به ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث). [إرشاد الساري: 7/237-238]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.
يقول تعالى ذكره: ومن أدبر معرض عن ذكري الّذي أذكّره به فتولّى عنه ولم يقبله ولم يستجب له، ولم يتّعظ به فينزجر عمّا هو عليه مقيمٌ من خلافه أمر ربّه {فإنّ له معيشةً ضنكًا} يقول: فإنّ له معيشةً ضيّقةً.
والضّنك من المنازل والأماكن والمعايش: الشّديد، يقال: هذا منزلٌ ضنكٌ: إذا كان ضيّقًا، وعيشٌ ضنكٌ: الذّكر والأنثى والواحد والاثنان والجمع بلفظٍ واحدٍ، ومنه قول عنترة:
وإن نزلوا بضنكٍ أنزل
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} يقول: الشّقاء.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ضنكًا} قال: ضيّقةً.
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: الضّنك: الضّيق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} يقول: ضيّقةً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
واختلف أهل التّأويل في الموضع الّذي جعل اللّه لهؤلاء المعرضين عن ذكره العيشة الضّنك، والحال الّتي جعلهم فيها، فقال بعضهم: جعل ذلك لهم في الآخرة في جهنّم، وذلك أنّهم جعل طعامهم فيها الضّريع والزّقّوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرو بن عليّ بن مقدّمٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن عوفٍ، عن الحسن، في قوله: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: في جهنّم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا} فقرأ حتّى بلغ: {ولم يؤمن بآيات ربّه} قال: هؤلاء أهل الكفر. قال: ومعيشةً ضنكًا في النّار شوكٌ من نارٍ وزقّومٍ وغسلين، والضّريع: شوكٌ من نارٍ، وليس في القبر ولا في الدّنيا معيشةٌ، ما المعيشة والحياة إلاّ في الآخرة، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {يا ليتني قدّمت لحياتي} قال: لمعيشتي، قال: والغسلين والزّقّوم: شيءٌ لا يعرفه أهل الدّنيا.
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: في النّار.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: فإنّ له معيشةً في الدّنيا حرامًا. قال: ووصف اللّه جلّ وعزّ معيشتهم بالضّنك، لأنّ الحرام وإن اتّسع فهو ضنكٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {معيشةً ضنكًا} قال: هي المعيشة الّتي أوسع اللّه عليه من الحرام.
- حدّثني داود بن سليمان بن يزيد المكتب، من أهل البصرة، قال: حدّثنا عمرو بن جريرٍ البجليّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، في قول اللّه: {معيشةً ضنكًا} قال: رزقًا في معصية.
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، قال: حدّثنا أبو بسطامٍ، عن الضّحّاك، {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: الكسب الخبيث.
- حدّثني محمّد بن إسماعيل الضرّاريّ، قال: حدّثنا محمّد بن سوّارٍ، قال: حدّثنا أبو اليقظان عمّار بن محمّدٍ، عن هارون بن محمّدٍ التّيميّ، عن الضّحّاك، في قوله: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: العمل الخبيث، والرّزق السّيّئ.
وقال آخرون ممّن قال عنى أنّ لهؤلاء القوم المعيشة الضّنك في الدّنيا، إنّما قيل لها ضنكٌ وإن كانت واسعةً، لأنّهم ينفقون ما ينفقون من أموالهم على تكذيبٍ منهم بالخلف من اللّه، وإياس من فضل اللّه، وسوء ظنٍّ منهم بربّهم، فتشتدّ لذلك عليهم معيشتهم وتضيق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن أعرض عن ذكري، فإنّ له معيشةً ضنكًا} يقول: كلّ مالٍ أعطيته عبدًا من عبادي قلّ أو كثر، لا يتّقيني فيه، لا خير فيه، وهو الضّنك في المعيشة. ويقال: إنّ قومًا ضلاّلاً أعرضوا عن الحقّ وكانوا أولي سعةٍ من الدّنيا مكثرين، فكانت معيشتهم ضنكًا، وذلك أنّهم كانوا يرون أنّ اللّه عزّ وجلّ ليس بمخلفٍ لهم معايشهم من سوء ظنّهم باللّه، والتّكذيب به، فإذا كان العبد يكذب باللّه، ويسيء الظّنّ به، اشتدّت عليه معيشته، فذلك الضّنك.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: أنّ ذلك لهم في البرزخ، وهو عذاب القبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يزيد بن مخلدٍ الواسطيّ، قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن أبي حازمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال في قول اللّه: {معيشةً ضنكًا} قال: عذاب القبر.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن أبي حازمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: إنّ المعيشة الضّنك الّتي قال اللّه: عذاب القبر.
- حدّثني حوثرة بن محمّدٍ المنقريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حازمٍ، عن أبي سلمة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: يضيّق عليه قبره حتّى تختلف أضلاعه.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا أبي وشعيب بن اللّيث، عن اللّيث، قال: حدّثنا خالد بن زيدٍ، عن ابن أبي هلالٍ، عن أبي حازمٍ، عن أبي سعيدٍ، أنّه كان يقول: المعيشة الضّنك: عذاب القبر، إنّه يسلّط على الكافر في قبره تسعةٌ وتسعون تنّينًا تنهشه وتخدش لحمه حتّى يبعث. وكان يقال: لو أنّ تنّينًا منها ينفخ الأرض لم تنبت زرعًا.
- حدّثنا مجاهد بن موسى، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: يضبق على الكافر قبره حتّى تختلف فيه أضلاعه، وهي المعيشة الضّنك الّتي قال اللّه: {معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، والسّدّيّ، في قوله: {معيشةً ضنكًا} قالا: عذاب القبر.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} قال: عذاب القبر.
- حدّثني عبد الرّحمن بن الأسود، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، قال: حدّثنا أبو عميسٍ، عن عبد اللّه بن مخارقٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه، في قوله: {معيشةً ضنكًا} قال: عذاب القبر.
- حدّثني عبد الرّحيم البرقيّ، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر وابن أبي حازمٍ، قالا: حدّثنا أبو حازمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ {معيشةً ضنكًا} قال: عذاب القبر.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: هو عذاب القبر الّذي؛
- حدّثنا به أحمد بن عبد الرّحمن بن وهبٍ، قال: حدّثنا عمّي عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " أتدرون فيم أنزلت هذه الآية: {فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى}؟ أتدرون ما المعيشة الضّنك؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: عذاب الكافر في قبره، والّذي نفسي بيده إنّه يسلّط عليه تسعةٌ وتسعون تنّينًا، أتدرون ما التّنّين؟ تسعةٌ وتسعون حيّةً، لكلّ حيّةٍ سبعة أرؤسٍ، ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة.
وإنّ اللّه تبارك وتعالى أتبع ذلك بقوله: {ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى} فكان معلومًا بذلك أنّ المعيشة الضّنك الّتي جعلها اللّه لهم قبل عذاب الآخرة؛ لأنّ ذلك لو كان في الآخرة لم يكن لقوله {ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى} معنًى مفهومٌ؛ لأنّ ذلك إن لم يكن تقّدمه عذابٌ لهم قبل الآخرة، حتّى يكون الّذي في الآخرة أشدّ منه، بطل معنى قوله {ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى}.
فإذ كان ذلك كذلك، فلا تخلو تلك المعيشة الضّنك الّتي جعلها اللّه لهم من أن تكون لهم في حياتهم الدّنيا، أو في قبورهم قبل البعث، إذ كان لا وجه لأن تكون في الآخرة لما قد بيّنّا، فإن كانت لهم في حياتهم الدّنيا، فقد يجب أن يكون كلّ من أعرض عن ذكر اللّه من الكفّار، فإنّ معيشته فيها ضنكٌ، وفي وجودنا كثيرًا منهم أوسع معيشةً من كثيرٍ من المقبلين على ذكر اللّه تبارك وتعالى، القابلين له المؤمنين، في ذلك ما يدلّ على أنّ ذلك ليس كذلك، وإذ خلا القول في ذلك من هذين الوجهين صحّ الوجه الثّالث، وهو أنّ ذلك في البرزخ.
وقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} يقول تعالى ذكره: ونحشره من قبره إلى موقف القيامه أعمى.
اختلف أهل التّأويل في صفة العمى الّذي ذكر اللّه في هذه الآية، أنّه يبعث هؤلاء الكفّار يوم القيامة به، فقال بعضهم: ذلك عمًى عن الحجّة، لا عمًى البصر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: ليس له حجّةٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: عن الحجّة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقيل: يحشر أعمى البصر.
والصّواب من القول في ذلك ما قال اللّه تعالى ذكره، وهو أنّه يحشر أعمى عن الحجّة ورؤية الشّيء كما أخبر جلّ ثناؤه، فعمّ ولم يخصّص). [جامع البيان: 16/192-201]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المعيشة الضنك عذاب القبر). [تفسير مجاهد: 404]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد معيشة ضنكا قال ضيقة يضيق عليه قبره). [تفسير مجاهد: 404-405]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ونحشره يوم القيامة أعمى قال أعمى عن الحجة). [تفسير مجاهد: 405]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ النّضر بن شميلٍ، ثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي حازمٍ المدنيّ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] قال: «عذاب القبر» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/413]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا} [طه: 124].
- عن أبي هريرة «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في قول اللّه - تبارك وتعالى -: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} [طه: 124] قال: " المعيشة الضّنك الّتي قال اللّه - تبارك وتعالى - أنّه يسلّط عليه تسعًا وتسعين حيّةً ينهشون لحمه حتّى تقوم السّاعة» ".
رواه البزّار، وفيه من لم أعرفه.
- وعن عبد اللّه بن مسعودٍ - فإنّ له معيشةً ضنكًا قال: عذاب القبر.
رواه الطّبرانيّ، وفيه المسعوديّ وقد اختلط، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/67]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا أبو خليفة حدثنا الوليد حدّثنا حمّاد بن سلمة عن محمّد بن عمرٍو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله جلّ وعلا {فإنّ له معيشةً ضنكاً} قال: "عذاب القبر" قلت وله طريق في الجنائز أطول من هذه). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/433]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا محمّد بن يحيى الأزديّ، عن محمّد بن عمر، ثنا هشام بن سعدٍ، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن أبي حجيرة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في قول اللّه تبارك وتعالى: {فإنّ له معيشةً ضنكًا} [طه: 124] قال: " المعيشة الضّنك الّذي قال اللّه تبارك وتعالى: إنّه يسلّط عليه سبعةٌ وسبعون حيّةً، ينهشون لحمه حتّى تقوم السّاعة "). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/58-59]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال مسدّد: ثنا بشر بن المفضّل، ثنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن أبي حازمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: "المعيشة الضّنكة الّتي قال عزّ وجلّ هي: عذاب القبر".
وتقدّم في الجنائز في باب عذاب القبر.
هذا إسنادٌ ... وله شاهدٌ من حديث أبي هريرة رواه ابن حبان). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/245]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مسدّدٌ: حدثنا بشرٌ، ثنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن أبي حازمٍ، عن النعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، قال: إنّ المعيشة الضّنك الّتي قال اللّه تعالى هي عذاب القبر.
وقال أبو يعلى: حدثنا أحمد بن عيسى، ثنا ابن وهبٍ، ثنا عمرو بن الحارث، قال: إنّ أبا السّمح أخبره عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، فذكر نحوه في أثناء حديثٍ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/40-46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في قوله: {معيشة ضنكا} قال: عذاب القبر، وفي لفظ عبد الرزاق قال: يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، وفي لفظ ابن أبي حاتم عن ضمة القبر). [الدر المنثور: 10/255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: إن المعيشة الضنك: أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا تنهشه في القبر). [الدر المنثور: 10/255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {فإن له معيشة ضنكا} قال: المعيشة الضنك التي قال الله: أنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية تنهش لحمه حتى تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبزار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم من وجه آخر عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {فإن له معيشة ضنكا} قال: عذاب القبر). [الدر المنثور: 10/256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحكيم الترمذي وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن في قبره في روضة خضراء ويرحب له قبره سبعين ذراعا ويضيء حتى يكون كالقمر ليلة البدر، هل تدرون فيما أنزلت {فإن له معيشة ضنكا} قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: عذاب الكافر في قبره يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا، هل تدرون ما التنين تسعة وتسعون حية لكل حية سبعة رؤوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون في جمسه إلى يوم يبعثون). [الدر المنثور: 10/256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن ابن مسعود قال: إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله إن المؤمن إذا وضع في قبره أجلس فيه فيقال له: من ربك وما دينك ومن نبيك فيثبته الله فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فيوسع له في قبره ويروح له فيه، ثم قرأ عبد الله {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} فإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له: من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول: لا أدري، قال: فيضيق عليه قبره ويعذب فيه، ثم قرأ: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} ). [الدر المنثور: 10/256-257]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {معيشة ضنكا} قال: الشقاء). [الدر المنثور: 10/257]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {معيشة ضنكا} قال: شدة عليه في النار). [الدر المنثور: 10/257]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {معيشة ضنكا} قال: الضنك الشديد من كل وجه، قال: وهل تعرف العرب ذلك، قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
والخيل قد لحق بنا في مارق * ضنك نواحيه شديد المقدم). [الدر المنثور: 10/257]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله: {فإن له معيشة ضنكا} قال: عذاب القبر.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود مثله.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أبي صالح والربيع مثله). [الدر المنثور: 10/257-258]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن الحسن قال: المعيشة الضنك خصم). [الدر المنثور: 10/258]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {معيشة ضنكا} قال: يقول: كل مال أعطيته عبدا من عبادي قل أو كثر لا يطيعني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة). [الدر المنثور: 10/258]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {معيشة ضنكا} قال: ضيقة). [الدر المنثور: 10/258]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {معيشة ضنكا} قال: الضنك من المعيشة إذا وسع الله على عبده أن يجعل معيشته من الحرام فيجعله الله عليه ضيقا في نار جهنم). [الدر المنثور: 10/258]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله: {معيشة ضنكا} قال: يحول الله رزقه في الحرام فلا يطعمه إلا رانا حتى يموت فيعذبه عليه). [الدر المنثور: 10/258]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {معيشة ضنكا} قال: العمل السيء والرزق الخبيث). [الدر المنثور: 10/258-259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {معيشة ضنكا} قال: في النار شوك وزقوم وغسلين والضريع وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة). [الدر المنثور: 10/259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن مجاهد {معيشة ضنكا} ضيقة يضيق عليه قبره). [الدر المنثور: 10/259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فإن له معيشة ضنكا} قال: رزقا {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: عن الحجة {قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} قال: في الدنيا {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} قال: تترك في النار). [الدر المنثور: 10/259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: ليس له حجة). [الدر المنثور: 10/259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: عمي عليه كل شيء إلا جهنم، وفي لفظ قال: لا يبصر إلا النار). [الدر المنثور: 10/259]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيح عن مجاهدٍ في قوله: {ربّ لم حشرتني أعمى} قال: لا حجة لي [الآية: 125].
سفيان [الثوري] عن رجلٍ عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاسٍ قال: هي بلاءٌ على بلاء). [تفسير الثوري: 198]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({حشرتني أعمى} [طه: 125] : «عن حجّتي» ، {وقد كنت بصيرًا} [طه: 125] : «في الدّنيا»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حشرتني أعمى عن حجّتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا وصله الفريابيّ من طريق مجاهد). [فتح الباري: 8/433]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون فنبذتها فألقتها {ألقى} صنع {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب {ألا يرجع إليهم قولا} العجل همسا حس الأقدام {حشرتني أعمى} عن حجتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا {أزري} ظهري {المثلى} الأمثل
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 87 طه {ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم} قال الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهي الأنقال
وبه في قوله 96 طه {فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها} قال ألقيتها
وفي قوله 87 طه {فكذلك ألقى السامري} قال صنع
وفي قوله 88 طه {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} هم يقولونه قومه أخطأ الرب
وفي قوله 89 طه {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا} قال العجل
وقال ابن جرير ثنا محمّد بن عمرو ثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بمعناه في الهمس
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 125 طه {لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا} قال لا حجّة لي). [تغليق التعليق: 4/253-254] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حشرتني أعمى عن حجّتي. وقد كنت بصيراً في الدّنيا
أشار به إلى قوله تعالى: {قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا} (طه: 125) وفسره بقوله: أي: (عن حجتي)
إلى آخره، وفي التّفسير، قوله: أعمى، قال ابن عبّاس: أعمى البصر، وقال مجاهد: أعمى عن الحجّة). [عمدة القاري: 19/58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({حشرتني أعمى}) قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي (عن حجتي) وهو نصب على الحال ({وقد كنت بصيرًا}) [طه: 125] أي (في الدنيا) بحجتي يريد أنه كانت له حجة بزعمه في الدنيا فلما كوشف بأمر الآخرة بطلت ولم يهتد إلى حجة حق). [إرشاد الساري: 7/237]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (وقد كنت بصيراً في الدنيا) أي: بحجتي يريد أنه كانت له حجة بزعمه في الدنيا، فلما كوشف بأمر الآخرة بطلت، ولم يهتد إلى حجة حق). [حاشية السندي على البخاري: 3/59]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا} فقال بعضهم في ذلك ما؛
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {قال ربّ لم حشرتني أعمى} لا حجّة لي.
وقوله: {وقد كنت بصيرًا} اختلف أهل التّأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: وقد كنت بصيرًا بحجّتي.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {وقد كنت بصيرًا} قال: عالمًا بحجّتي.
وقال آخرون: بل معناه: وقد كنت ذا بصرٍ أبصر به الأشياء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وقد كنت بصيرًا} في الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا} قال: كان بعيد البصر، قصير النّظر، أعمى عن الحقّ.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّ اللّه عزّ شأنه وجلّ ثناؤه، عمّ بالخبر عنه بوصفه نفسه بالبصر، ولم يخصّص منه معنًى دون معنًى، فذلك على ما عمّه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام، قال: ربّ لم حشرتني أعمى عن حجّتي ورؤية الأشياء، وقد كنت في الدّنيا ذا بصرٍ بذلك كلّه.
فإن قال قائلٌ: وكيف قال هذا لربّه: {لم حشرتني أعمى} مع معاينته عظيم سلطانه، أجهل في ذلك الموقف أن يكون للّه أن يفعل به ما شاء، أم ما وجه ذلك؟
قيل له: إنّ ذلك منه مسألةٌ لربّه تعرّفه الجرم الّذي استحقّ به ذلك، إذ كان قد جهله، وظنّ أن لا جرم له، استحقّ ذلك به منه، فقال: ربّ لأيّ ذنبٍ ولأيّ جرمٍ حشرتني أعمى، وقد كنت من قبل في الدّنيا بصيرًا وأنت لا تعاقب أحدًا إلاّ بدون ما يستحقّ منك من العقاب). [جامع البيان: 16/201-202]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقد كنت بصيرا يقول كنت في الدنيا بصيرا بحجتي). [تفسير مجاهد: 405]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فإن له معيشة ضنكا} قال: رزقا {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: عن الحجة {قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} قال: في الدنيا {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} قال: تترك في النار). [الدر المنثور: 10/259] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد عن مجاهد في قوله: {لم حشرتني أعمى} قال: لا حجة له). [الدر المنثور: 10/259]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أتتك آياتنا فنسيتها قال فتركتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك اليوم تترك في النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها} يقول تعالى ذكره، قال اللّه حينئذٍ للقائل له: {لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا} فعلت ذلك بك، فحشرتك أعمى كما أتتك آياتي، وهي حججه وأدلّته وبيانه الّذي بيّنه في كتابه، فنسيتها: يقول: فتركتها وأعرضت عنها، ولم تؤمن بها، ولم تعمل.
وعنى بقوله {كذلك أتتك} هكذا أتتك.
وقوله: {وكذلك اليوم تنسى} يقول: فكما نسيت آياتنا في الدّنيا، فتركتها وأعرضت عنها، فكذلك اليوم ننساك، فنتركك في النّار.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى قوله {وكذلك اليوم تنسى} فقال بعضهم بمثل الّذي قلنا في ذلك
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال، حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {وكذلك اليوم تنسى} قال: في النّار.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها} قال: فتركتها {وكذلك اليوم تنسى} وكذلك اليوم تترك في النّار.
وروي عن قتادة في ذلك ما؛
- حدّثني بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} قال: نسي من الخير، ولم ينس من الشّرّ.
وهذا القول الّذي قاله قتادة قريب المعنى ممّا قاله أبو صالحٍ ومجاهدٌ، لأنّ تركه إيّاهم في النّار أعظم الشّرّ لهم). [جامع البيان: 16/202-203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فإن له معيشة ضنكا} قال: رزقا {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال: عن الحجة {قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} قال: في الدنيا {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} قال: تترك في النار). [الدر المنثور: 10/259] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {أتتك آياتنا فنسيتها} يقول: تركتها أن تعمل بها، {وكذلك اليوم تنسى} قال: في النار، والله أعلم). [الدر المنثور: 10/260]
تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربّه ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى}.
يقول تعالى ذكره: وهكذا نجزي: أي نثيب من أسرف فعصى ربّه، ولم يؤمن برسله وكتبه، فنجعل له معيشةً ضنكًا في البرزخ كما قد بيّنّا قبل.
{ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى}. يقول جلّ ثناؤه: ولعذابٌ في الآخرة لهم أشدّ ممّا عذبهم به في القبر من المعيشة الضّنك {وأبقى} يقول: وأدوم منها، لأنّه إلى غير أمدٍّ ولا نهاية). [جامع البيان: 16/203-204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 127 - 131.
أخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {وكذلك نجزي من أسرف} قال: من أشرك). [الدر المنثور: 10/260]