تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يبسًا} [طه: 77] : «يابسًا»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بملكنا بأمرنا سوى منصّفٌ بينهم يبسًا يابسًا على قدرٍ على موعدٍ سقط هذا كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في قصّة موسى أيضًا). [فتح الباري: 8/434] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هضما} لا يظلم فيهضم من حسناته {عوجا} واديا {أمتا} رابية {سيرتها} حالتها الأولى {النهى} التقى {ضنكا} الشّقاء {هوى} شقي {المقدّس} المبارك {طوى} اسم الوادي {بملكنا} بأمرنا وقال مجاهد {مكانا سوى} منتصف بينهم {يبسا} يابسا {على قدر} على موعد {ولا تنيا} تضعفا {يفرط} عقوبة
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 112 طه {فلا يخاف ظلما} قال لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته
وبه في قوله 107 طه {لا ترى فيها عوجا} يقول واديا
وفي قوله 107 طه {ولا أمتا} يقول رابية
وبه في قوله 121 طه {سيرتها الأولى} يقول حالتها الأولى
وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله بن صالح ثنا معاوية عن علّي عن عبّاس في قوله 54 طه {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} قال التقي
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 124 طه {معيشة ضنكا} قال الشّقاء
وبه في قوله 81 طه {هوى} يقول شقي
وبه في قوله 12 طه {المقدّس} يقول المبارك
وبه في قوله 12 طه {طوى} يقول اسم الوادي
وبه في قوله 87 طه {بملكنا} قال بأمرنا
وأما تفاسير مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 58 طه {مكانا سوى} قال منتصف بينهم
وفي قوله 77 طه {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا} قال يابسا). [تغليق التعليق: 4/255-256] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يبساً يابساً
أشار به إلى قوله تعالى: {فاضرب لهم طريقا في البحر يبساً} (طه: 77) وفسره بقوله: (يابسا) ، وفي التّفسير: أي يابسا ليس فيه ماء ولا طين). [عمدة القاري: 19/59]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (يبسا) في قوله: {فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا} [طه: 77] أي (يابسًا) صفة لطريقًا وصف به لما يؤول إليه لأنه لم يكن يبسًا بعد إنما مرت عليه الصبا فجففته كما ذكر وقيل هو في الأصل مصدر وصف به مبالغة أو على حذف مضاف أو جمع يابس كخادم وخدم وصف به الواحد مبالغة). [إرشاد الساري: 7/238]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى}.
يقول تعالى ذكره: {ولقد أوحينا إلى} نبيّنا موسى إذ تابعنا له الحجج على فرعون، فأبى أن يستجيب لأمر ربّه، وطغى وتمادى في طغيانه {أن أسر} ليلاً {بعبادي} يعني بعبادي من بني إسرائيل. {فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا}. يقول: فاتّخذ لهم في البحر طريقًا يابسًا. واليبس واليبس: يجمع أيباسٌ، تقول: وقفوا في أيباسٍ من الأرض. واليبس المخفّف: يجمع يبوسٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {يبسًا} قال: يابسًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وأمّا قوله: {لا تخاف دركًا ولا تخشى} فإنّه يعني: لا تخاف من فرعون وجنوده أن يدركوك من ورائك، ولا تخشى غرقًا من بين يديك ووحلاً.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد الله، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تخاف دركًا ولا تخشى} يقول: {لا تخاف} من آل فرعون {دركًا ولا تخشى} من البحر غرقًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لا تخاف دركًا ولا تخشى} يقول: لا تخاف أن يدركك فرعون من بعدك ولا تخشى الغرق أمامك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: قال أصحاب موسى: هذا فرعون قد أدركنا، وهذا البحر قد غشينا، فأنزل اللّه: {لا تخاف دركًا} أصحاب فرعون {ولا تخشى} من البحر وحلاً.
- حدّثني أحمد بن الوليد الرّمليّ، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن بعضٍ أصحابه، في قوله: {لا تخاف دركًا ولا تخشى} قال: الوحل.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {لا تخاف دركًا} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار غير الأعمش وحمزة: {لا تخاف دركًا} على الاستئناف بلا، كما قال: {واصطبر عليها لا نسألك رزقًا} فرفع، وأكثر ما جاء في الأمر الجواب مع " لا ".
وقرأ ذلك الأعمش وحمزة ( لا تخف دركًا ) فجزما لا تخف على الجزاء، ورفعا {ولا تخشى} على الاستئناف، كما قال جلّ ثناؤه: {يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون} فاستأنف بثمّ، ولو نوى بقوله: {ولا تخشى} الجزم، وفيه الياء، كان جائزًا، كما قال الرّاجز:
هزّي إليك الجذع يجنيك الجنى
وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها: {لا تخاف} على وجه الرّفع، لأنّ ذلك أفصح اللّغتين، وإن كانت الأخرى جائزةً.
وكان بعض نحويّي البصرة يقول: معنى قوله: {لا تخاف دركًا} اضرب لهم طريقًا لا تخاف فيه دركًا، قال: وحذف فيه، كما تقول: زيدٌ أكرمت، وأنت تريد: أكرمته، وكما تقول: {واتّقوا يومًا لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا} أي لا تجزى فيه.
وأمّا نحويّو الكوفة فإنّهم ينكرون حذف فيه إلاّ في المواقيت، لأنّه يصلح فيها أن يقال: قمت اليوم وفي اليوم، ولا يجيزون ذلك في الأسماء). [جامع البيان: 16/120-123]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا قال يعني يابسا). [تفسير مجاهد: 399]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 77 - 97
أخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله: {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا} قال: يابسا ليس فيه ماء ولا طين). [الدر المنثور: 10/222-223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {طريقا في البحر يبسا} قال: يابسا). [الدر المنثور: 10/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: قال أصحاب موسى: هذا فرعون قد أدركنا وهذا البحر قد عمنا، فأنزل الله (ولا تخاف دركا ولا تخشى) من البحر غرقا ولا وحلا). [الدر المنثور: 10/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا تخاف دركا} قال: من آل فرعون {ولا تخشى} من البحر غرقا). [الدر المنثور: 10/223]
تفسير قوله تعالى: (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى (77) فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم (78) وأضلّ فرعون قومه وما هدى} [طه: 78] «اليمّ البحر»
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا روحٌ، حدّثنا شعبة، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: لمّا قدم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا: هذا اليوم الّذي ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «نحن أولى بموسى منهم فصوموه»). [صحيح البخاري: 6/96]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب ولقد أوحينا إلى موسى إلخ وقع عند غير أبي ذرٍّ وأوحينا إلى موسى وهو خلاف التّلاوة قوله اليمّ البحر وصله بن أبي حاتمٍ من طريق أسباط بن نصرٍ عن السّدّيّ وذكر حديث بن عبّاسٍ في صيام عاشوراء وقد سبق شرحه في كتاب الصّيام مستوفى). [فتح الباري: 8/434]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى (77) فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم (78) وأضلّ فرعون قومه وما هدى} (طه: 77 79)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {ولقد أوحينا} والقرآن هكذا ووقع هنا: وأوحينا، بدون لفظ: لقد، وقد وقع في رواية أبي ذر مثل ما في القرآن. قوله: (أن أسر بعبادي) أي: أسر بهم في اللّيل من أرض مصر. قوله: (يبساً) أي: يابسا ليس فيه ماء ولا طين. قوله: (لا تخاف) أي: من فرعون خلفك. قوله: (دركاً) ، أي: إدراكاً منهم. قوله: (ولا تخشى) أي: غرقاً من البحر أمامك. قوله: (فاتبعهم) ، أي: فلحقهم فرعون بجنوده. قوله: (فغشيهم) ، أي: أصابهم. قوله: (وما هدى) أي: وما هداهم إلى مراشدهم.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا روحٌ حدّثنا شعبة حدثنا أبو بشرٍ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال لمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم عاشوراء فسألهم فقالوا هاذا اليوم الّذي ظهر فيه موسى على فرعون فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى منهم فصوموه..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة، يمكن أخذها من مضمون التّرجمة، وروح، بفتح الرّاء: ابن عبادة، وأبو بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون المعجمة: جعفر بن أبي وحشية. والحديث قد مضى في كتاب الصّيام في: باب صيام عاشوراء، فإنّه أخرجه هناك عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أيّوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، وقد مضى الكلام فيه هناك، والله أعلم). [عمدة القاري: 19/61]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى * فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم * وأضلّ فرعون قومه وما هدى} [طه: 77 - 79]
({وأوحينا}) ولأبي ذر باب بالتنوين ولقد أوحينا ({موسى أن أسر بعبادي}) أي أسر بهم في الليل من أرض مصر ({فاضرب لهم طريقًا في البحر}) طريقًا نصب مفعول به وذلك على سبيل المجاز وهو أن الطريق متسبب عن ضرب البحر إذ المعنى اضرب البحر لينفلق لهم فيصير طريقًا فبذا صح نسبة الضرب إلى الطريق أو المعنى اجعل لهم طريقًا وقيل هو نصب على الظرف قال أبو البقاء أي موضع طريق فهو مفعول فيه ({يبسًا}) ليس فيه ماء ولا طين ({لا تخاف دركًا}) أي يدركك فرعون من ورائك ({ولا تخشى}) أن يغرقك البحر أمامك ({فأتبعهم فرعون بجنوده}) أي فأتبعهم فرعون نفسه ومعه جنوده فحذف المفعول الثاني والباء للتعدية أو زائدة في المفعول الثاني أي فأتبعهم فرعون وجنوده ({فغشيهم من اليم ما غشيهم}) هو من باب الاختصار
وجوامع الكلم التي يقل لفظها ويكثر معناها أي فغشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله ولا ضمير في غشيهم لجنوده أوله ولهم والفاعل هو الله تعالى أو ما غشيهم أو فرعون لأنه الذي ورطهم للهلاك ({وأضل فرعون قومه}) في الدين ({وما هدى}) [طه: 77 - 79] وهو تكذيب له في قوله وما أهديكم إلا سبيل الرشاد وأضلهم في البحر وما نجا، وسقط قوله لا تخاف الخ ولأبي ذر وقال بعد قوله يبسًا إلى قوله وما هدى.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا روحٌ، حدّثنا شعبة، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: لمّا قدم رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- المدينة واليهود تصوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هذا اليوم الّذي ظهر فيه موسى على فرعون فقال النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «نحن أولى بموسى منهم فصوموه».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (يعقوب بن إبراهيم) الدورقي قال: (حدّثنا روح) بفتح الراء وسكون الراء وسكون الواو آخره مهملة ابن عبادة قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: لما قدم رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- المدينة واليهود تصوم عاشوراء) قال الطيبي: هو من باب الصفة التي لم يرد لها فعل والتقدير يوم مدته عاشوراء أو صورته عاشوراء، قيل: وليس في كلامهم فاعولاء غيره وقد يلحق به تاسوعاء، وذهب بعضهم إلى أنه أخذ من العشر الذي هو من إظماء الإبل ولهذا زعموا أنه اليوم التاسع وسبق تقرير ذلك في الصوم فليراجع ولأبي ذر تصوم يوم عاشوراء (فسألهم) ما هذا الصوم وكان هذا في السنة الثانية من قدومه -صلّى اللّه عليه وسلّم- (فقالوا): أي اليهود (هذا اليوم الذي ظهر فيه موسى) عليه السلام (على فرعون) أي غلب عليه وفي الصوم من طريق أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوّهم (فقال النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-): وسقط لأبي ذر قوله النبي الخ لأبي ذر:
(نحن أولى بموسى منهم) بضمير الغيبة (فصوموه) وفي الصوم فصامه وأمر بصيامه). [إرشاد الساري: 7/239]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم (78) وأضلّ فرعون قومه وما هدى}.
يقول تعالى ذكره: فأسرى موسى ببني إسرائيل إذ أوحينا إليه أن أسر بهم، فأتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر، فغشي فرعون وجنده من البحر ما غشيهم، فغرقوا جميعًا). [جامع البيان: 16/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فغشيهم من اليم} قال البحر). [الدر المنثور: 10/223]
تفسير قوله تعالى: (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وأضلّ فرعون قومه وما هدى} يقول جلّ ثناؤه: وجار فرعون بقومه عن سواء السّبيل، وأخذ بهم على غير استقامةٍ، وذلك أنّه سلك بهم طريق أهل النّار، بأمرهم بالكفر باللّه، وتكذيب رسله.
{وما هدى} يقول: وما سلك بهم الطّريق المستقيم، وذلك أنّه نهاهم عن اتّباع رسول اللّه موسى، والتّصديق به، فأطاعوه، فلم يهدهم بأمره إيّاهم بذلك، ولم يهتدوا باتّباعهم إيّاه). [جامع البيان: 16/123-124]