تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (حدثني عوف، عن غالب بن عجرد، قال: حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى، قال: إن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر، لم تك في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة، أو كان لهم منها منفعة، فلم تزل الأرض والشجر كذلك، حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة قولهم: {اتخذ الرحمن ولدًا} [سورة مريم: 88] فلما قالوها اقشعرت الأرض وشاك الشجر). [الزهد لابن المبارك: 2/153]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، عن عبد الله بن واصل، عن عون بن عبد الله، قال: قال عبد الله بن مسعود: إن الجبل ليقول للجبل: يا فلان هل مر بك اليوم ذاكرٌ لله؟ فإن قال نعم سر به، ثم قرأ عبد الله: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا} الآية [سورة مريم: 88]، قال: أفتراهن يسمعن الزور، ولا يسمعن الخير). [الزهد لابن المبارك: 2/151]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا (88) لقد جئتم شيئًا إدًّا (89) تكاد السّموات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا}.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون باللّه {اتّخذ الرّحمن ولدًا} ). [جامع البيان: 15/635]
تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عمر بن طلحة أيضا عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة قال: سمعت محمد بن كعب القرظي وتلا هذه الآية: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئا إدا}، الآية كلها، فقال القرظي حين تلاها: إن أكاد أعداء الله ليقيمون علينا الساعة.
وحدثنيه أبو المثنى عنهم أيضاً). [الجامع في علوم القرآن: 1/17]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى شيئا إدا قال عظيما). [تفسير عبد الرزاق: 2/13]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {إدًّا} [مريم: 89] «عوجًا»). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ إدًّا عوجًا سقط هذا من رواية أبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ مثله). [فتح الباري: 8/427]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ({إدًّا}) في قوله: ({لقد جئتم شيئًا إدًّا} [مريم: 89] أي (عوجًا) بكسر العين وفتح الواو وفي نسخة عوجًا بضم العين وسكون الواو وفي أخرى لدًّا باللام المضمومة بدل الهمزة المكسورة وقال ابن عباس وقتادة إدًّا عظيمًا وهذا ساقط لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/232]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({إدًّا} [مريم: 89] : «قولًا عظيمًا» ). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله إدًّا قولا عظيما وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ). [فتح الباري: 8/427]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عيينة {تؤزهم أزا} 83 مريم تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا وقال مجاهد {إدا} عوجا قال ابن عبّاس {وردا} عطاشا {أثاثا} مالا {إدا} قولا عظيما {ركزا} صوتا وقال مجاهد {فليمدد} فليدعه
أما قول ابن عيينة فقال
وروى ابن جرير مثله عن الحسن بن يحيى عن عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة
وكذا رواه أبو مسهر عن سعيد بن بشر عن قتادة
وأما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 89 مريم {لقد جئتم شيئا إدا} قال عظيما
وكذا رواه غير واحد عن مجاهد قال إدا عظيما). [تغليق التعليق: 4/248-249]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله 74 مريم {أثاثا} يقول مالا
وبه في قوله 89 مريم {شيئا إدا} يقول قولا عظيما
وبه في قوله 98 مريم {ركزا} قال صوتا
وتفسير وردا تقدم في صفة النّار في بدء الخلق). [تغليق التعليق: 4/249] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (إداً قولاً عظيماً
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالوا اتخذ الرّحمن ولدا لقد جئتم شيئا إداً} (مريم: 89) وفسّر: (إداً) ، بقوله: (قولا عظيما) ، وهو اتخاذهم لله ولدا، وروي هكذا عن ابن عبّاس، رواه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 19/51]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({لقد جئتم شيئًا إدًّا} يقول تعالى ذكره للقائلين ذلك من خلقه: لقد جئتم أيّها النّاس شيئًا عظيمًا من القول منكرًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {شيئًا إدًّا} يقول: قولاً عظيمًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {لقد جئتم شيئًا إدًّا} يقول: لقد جئتم شيئًا عظيمًا وهو المنكر من القول.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {شيئًا إدًّا} قال: عظيمًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {شيئًا إدًّا} قال: عظيمًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {لقد جئتم شيئًا إدًّا} قال: جئتم شيئًا كبيرًا من الأمر حين دعوا للرّحمن ولدًا.
وفي الإدّ لغاتٌ ثلاثٌ: يقال: لقد جئت شيئًا إدًّا، بكسر الألف، وأدًّا بفتح الألف، وآدًّا بفتح الألف ومدّها، على مثال مادّ فاعلٌ. وقرأ قرّاء الأمصار، بكسر الألف وبها نقرأ، وقد ذكر عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ أنّه قرأ ذلك بفتح الألف، ولا أرى قراءته كذلك لخلافها قراءة قرّاء الأمصار، والعرب تقول لكلّ أمرٍ عظيمٍ: إدّ، وإمرٌ، ونكرٌ، ومنه قول الرّاجز:
قد لقي الأعداء منّي نكرا = داهيةً دهياء إدًّا إمرا
ومنه قول الآخر:
في لهثٍ منه وختلٍ إدّ). [جامع البيان: 15/635-637]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لقد جئتم شيئا إدا قال يعني عظيما). [تفسير مجاهد: 391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 88 - 97.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لقد جئتم شيئا إدا} قال: قولا عظيما، وفي قوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} الآية، قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت تزول منه لعظمة الله: وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين، وفي قوله: {وتخر الجبال هدا} قال: هدما). [الدر المنثور: 10/142]
تفسير قوله تعالى: (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {الجبال هدًّا} [مريم: 90] : «هدمًا»). [صحيح البخاري: 6/94]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله في التّرجمة وقال ابن عبّاس هدا هدما وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه). [فتح الباري: 8/430]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
قال ابن عبّاس {الجبال هدا} هدما
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 90 مريم {الجبال هدا} قال هدما). [تغليق التعليق: 4/251]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ الجبال هدًّا هدماً
أي: قال عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما، في قوله عز وجل: {وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًّا} (مريم: 90) هدماً يعني: فسر الهد بالهدم، وروى هذا التّعليق الحنظلي عن أبيه عن أبي صالح عن معاوية عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وعن مقاتل: هداً كسراً، وعن أبي عبيدة: سقوطاً). [عمدة القاري: 19/55]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس): فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله: وتخر ({الجبال هدًّا}) [مريم: 90]. أي (هدمًا) استعظامًا لفريتهم وجراءتهم لأن دعوا للرحمن ولدًا تعالى الله). [إرشاد الساري: 7/235]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه} يقول تعالى ذكره: تكاد السّماوات يتشقّقن قطعًا من قيلهم: {اتّخذ الرّحمن ولدًا} ومنه قيل: فطر نابه: إذا انشقّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا أن دعوا للرّحمن ولدًا} قال: إنّ الشّرك فزعت منه السّماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلاّ الثّقلين، وكادت أن تزول منه لعظمة اللّه، وكما لا ينفع مع الشّرك إحسان المشرك، كذلك نرجو أن يغفر اللّه ذنوب الموحّدين.
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لقّنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، فمن قالها عند موته وجبت له الجنّة " قالوا: يا رسول اللّه، فمن قالها في صحّته؟ قال: " تلك أوجب وأوجب " ثمّ قال: " والّذي نفسي بيده لو جيء بالسّماوات والأرضين وما فيهنّ وما بينهنّ وما تحتهنّ، فوضعن في كفّة الميزان، ووضعت شهادة أن لا إله إلاّ اللّه في الكفّة الأخرى، لرجحت بهنّ ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {تكاد السّموات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا} قال: الأنفطار هو الأنشقاق.
- وحدّثنا بشر، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيد، عن قتاده: {تكاد السّموات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا} ذكر لنا أنّ كعبًا كان يقول: غضبت الملائكة، واستعرّت جهنّم، حين قالوا ما قالوا.
وقوله: {وتنشقّ الأرض} يقول: وتكاد الأرض تنشقّ فتنصدع من ذلك {وتخرّ الجبال هدًّا} يقول: وتكاد الجبال يسقط بعضها على بعضٍ سقوطًا. والهدّ: السّقوط، وهو مصدر هددت، فأنا أهدّ هدًّا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وتخرّ الجبال هدًّا} يقول: هدمًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ {وتخرّ الجبال هدًّا} قال: الهدّ: الانقضاض.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وتخرّ الجبال هدًّا} قال: غضبًا للّه، قال: ولقد دعا هؤلاء الّذين جعلوا للّه هذا الّذي غضبت السّماوات والأرض والجبال من قولهم، لقد استتابهم ودعاهم إلى التّوبة، فقال: {لقد كفر الّذين قالوا إنّ اللّه ثالث ثلاثةٍ} قالوا: هو وصاحبته وابنه، جعلوهما إلهين مع الله {وما من إلهٍ إلاّ إلهٌ واحدٌ} إلى قوله: {ويستغفرونه واللّه غفورٌ رحيمٌ} ). [جامع البيان: 15/637-639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 88 - 97.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لقد جئتم شيئا إدا} قال: قولا عظيما، وفي قوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} الآية، قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت تزول منه لعظمة الله: وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين، وفي قوله: {وتخر الجبال هدا} قال: هدما). [الدر المنثور: 10/142] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عون عن ابن مسعود قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان هل مر بك اليوم أحد ذكر الله فإذا قال نعم استبشر، قال عون: أفيسمعن الزور إذا قيل ولا يسمعن الخير هي للخير أسمع، وقرأ {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} الآيات). [الدر المنثور: 10/142]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن الجبلين إذا أصبحا نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه فيقول: أي فلان هل مر بك ذاكر لله فيقول: نعم، فيقول: لقد أقر الله عينك ولكن ما مر بي ذاكر لله عز وجل اليوم). [الدر المنثور: 10/143]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ تكاد السموات ينفطرن بالياء والنون {وتخر الجبال} بالتاء). [الدر المنثور: 10/143]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يتفطرن منه} قال: الانفطار الانشقاق). [الدر المنثور: 10/143]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} قال: يتشققن من عظمة الله). [الدر المنثور: 10/143]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن هرون قال: في قراءة ابن مسعود (تكاد السموات ينفطرن) بالياء). [الدر المنثور: 10/144]
تفسير قوله تعالى: (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال ذلك حين دعوا لله ولدا وقال في آية أخرى تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا قال معمر عن الحسن ما كان مكرهم لتزول منه الجبال). [تفسير عبد الرزاق: 1/343-344] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أن دعوا للرّحمن ولدًا (91) وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا (92) إن كلّ من في السّموات والأرض إلاّ آتي الرّحمن عبدًا}.
يقول تعالى ذكره: وتكاد الجبال أن تخرّ انقضاضًا، لأن دعوا للرّحمن ولدًا. فـ " ـأن " في موضع نصبٍ في قول بعض أهل العربيّة، لاتّصالها بالفعل، وفي قول غيره في موضع خفضٍ بضمير الخافض وقد بيّنّا الصّواب من القول في ذلك في غير موضعٍ من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقال: {أن دعوا للرّحمن ولدًا} يعني بقوله: {أن دعوا} أن جعلوا له ولدًا، كما قال الشّاعر:
ألا ربّ من تدعو نصيحًا وإن تغب = تجده بغيبٍ غير منتصح الصّدر
وقال ابن أحمر:
هوى لها مشقصًا حشرًا فشبرقها = وكنت أدعو قذاها الإثمد القردا). [جامع البيان: 15/639-640]
تفسير قوله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا}
يقول: وما يصلح للّه أن يتّخذ ولدًا، لأنّه ليس، كالخلق الّذين تغلبهم الشّهوات، وتضطرهم اللّذّات إلى جماع الإناث، ولا ولدٌ يحدث إلاّ من أنثى، واللّه يتعالى عن أن يكون كخلقه، وذلك كقول ابن أحمر:
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفةٍ = ما ينبغي دونها سهلٌ ولا جبل
يعني: لا يصلح ولا يكون). [جامع البيان: 15/640-641]
تفسير قوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({إن كلّ من في السّموات والأرض إلاّ آتي الرّحمن عبدًا} يقول: ما جميع من في السّماوات من الملائكة، وفي الأرض من البشر والإنس والجنّ {إلاّ آتي الرّحمن عبدًا} يقول: إلاّ يأتي ربّه يوم القيامة عبدًا له، ذليلاً خاضعًا، مقرًّا له بالعبوديّة، لا نسب بينه وبينه. وقوله: {آتي الرّحمن} إنّما هو فاعلٌ من أتيته، فأنا آتيه). [جامع البيان: 15/641]
تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا (94) وكلّهم آتيه يوم القيامة فردًا}.
يقول تعالى ذكره: لقد أحصى الرّحمن خلقه كلّهم، وعدّهم عدًّا، فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم، وعرف عددهم فلا يعزب عنه منهم أحدٌ). [جامع البيان: 15/641]
تفسير قوله تعالى: (وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال أنا الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: قال خباب بن الأرت كنت قينا وكنت أعمل للعاص بن وائل فاجتمع لي عليه دراهم فجئت لأتقاضاه فقال لا أقضيك حتى تكفر بمحمد قال قلت لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث قال فإذا بعثت كان لي مال وولد قال فذكرت ذلك لرسول الله فأنزل الله تعالى {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} إلى قوله {ويأتينا فردا}). [تفسير عبد الرزاق: 2/13]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وكلّهم آتيه يوم القيامة فردًا} يقول: وجميع خلقه سوف يرد عليه يوم تقوم السّاعة وحيدًا لا ناصر له من اللّه، ولا دافع عنه، فيقضي اللّه فيه ما هو قاضٍ، ويصنع به ما هو صانعٌ). [جامع البيان: 15/641]