التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا يحيى خذ الكتاب بقوّةٍ} [مريم: 12] قال مجاهدٌ وغيره: بجدٍّ.
وقال السّدّيّ: يعني: بالجدّ والمواظبة.
[تفسير القرآن العظيم: 1/216]
{وآتيناه الحكم صبيًّا} [مريم: 12] يعني: الفهم والعقل وهو تفسير السّدّيّ.
قال: وبلغنا أنّه كان في صغره يقول له الصّبيان: يا يحيى تعال نلعب، فيقول: ليس للّعب خلقنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}
المعنى: فوهبنا له يحيى وقلنا له {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} ، أي بجد وعون من اللّه - جلّ وعزّ -). [معاني القرآن: 3/321]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} في الكلام حذف لعلم المخاطب المعنى فوهبنا له يحيى فقلنا يا يحيى خذ الكتاب بقوه قال مجاهد أي بجد وقال غيره أي بجد وعون من الله). [معاني القرآن: 4/315]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} قال عبد الرزاق أخبرنا معمر قال بلغنا أن الصبيان قالوا ليحيى وهو صبي تعال حتى نلعب فقال ما للعب خلقنا فقال جل ثناؤه: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}
قال أبو جعفر هذا معنى كلامه قال عكرمة الحكم اللب قال قتادة كان ابن سنتين أو ثلاث). [معاني القرآن: 4/315-316]
تفسير قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وحنانًا من لدنّا} [مريم: 13] أي: من عندنا، أي: وأعطيناه حنانًا من لدنّا.
وقال مجاهدٌ: تعطّفًا من ربّه عليه.
وقال الحسن وقتادة: أي: رحمةً من عندنا.
وقال الكلبيّ: الحنان، الرّحمة.
وهو نحوٌ واحدٌ.
قوله: {وزكاةً} [مريم: 13] سعيدٌ، عن قتادة قال: الزّكاة العمل الصّالح.
قال يحيى: روّيت أنّه أخذه من هذه الآية في [طه:] {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى {75} جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكّى {76}} [سورة طه: 75-76] وقال الحسن: زكاةٌ لمن قبل عنه حتّى يكونوا أزكياء.
وقال الكلبيّ: الزّكاة الصّدقة.
قوله: {وكان تقيًّا} [مريم: 13]
- المبارك بن فضالة والرّبيع بن صبيحٍ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من آدميٍّ» وقال الرّبيع: «ما من أحدٍ من ولد آدم إلا وقد أصاب ذنبًا أو همّ به غير يحيى بن زكريّاء لم يصب ذنبًا ولم يهمّ به».
وقال المبارك: ما من آدميٍّ إلا قد عمل خطيئةً أو همّ بها إلا يحيى بن زكريّاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/217]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا...}
الحنان: الرحمة (ونصب حناناً أي) وفعلنا ذلك رحمةً لأبويه {وَزَكَاةً} يقول: وصلاحاً. ويقال: وتزكية لهما). [معاني القرآن: 2/163]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} أي رحمة من عندنا، قال امرؤ القيس ابن حجر الكندي:
ويمنحها بنو شمجي بن جرمٍ.......معيزهم حنانك ذا الحنان
وقال الحطيئة:
تحنّن علىّ هداك المليك.......فإن لكل مقامٍ مقالا
أي ترحم، وعامة ما يستعمل في المنطق على لفظ الاثنين، قال طرفة العبدي:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض ).
[مجاز القرآن: 2/2-3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({حنانا من لدنا}: رحمة ). [غريب القرآن وتفسيره: 237]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَحَنَانًا} أي رحمة. ومنه يقال: تحنّن عليّ. وأصله من حنين الناقة على ولدها.
{وزكاةً} أي صدقة). [تفسير غريب القرآن: 273]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا}
أي وآتيناه حنانا، والحنان العطف والرحمة.
قال الشاعر:
فقالت حنان ما أتى بك ههنا.......أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف
أي أمرنا حنان، أو عطف ورحمة.
وقال أيضا:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض
المعنى وآتيناه حنانا من لدنا وزكاة، والزكاة التطهير). [معاني القرآن: 3/321-322]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} روى شعبة عن سماك عن عكرمة قال الحنان الرحمة وكذلك هو عند أهل اللغة وأصله من حنين الناقة على ولدها قال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشر أهون من بعض ).
[معاني القرآن: 4/316]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا} روى على بن الحكم عن الضحاك قال الزكاة العقل الزاكي الصالح وقال قتادة الزكاة الصدقة). [معاني القرآن: 4/317]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي، عن المفضل، قال: الحنان: الرحمة،
والحنان أيضاً: الرزق، والحنان أيضا: البركة، والحنان أيضا: الهيبة). [ياقوتة الصراط:335-336]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَحَنَانًا} أي رحمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَحَنَانًا}: رحمة). [العمدة في غريب القرآن: 194]
تفسير قوله تعالى: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وبرًّا بوالديه} [مريم: 14] يعني: مطيعًا لوالديه.
تفسير السّدّيّ.
{ولم يكن جبّارًا عصيًّا} [مريم: 14] مستكبرًا عن عبادة اللّه.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} أي وجعلناه برا بوالديه). [معاني القرآن: 3/322]
تفسير قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وسلامٌ عليه يوم ولد} [مريم: 15] يعني: حين ولد.
{ويوم يموت} [مريم: 15] يعني: وحين يموت.
{ويوم يبعث حيًّا} [مريم: 15] يوم القيامة.
وهو تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن أنّ يحيى وعيسى التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي أنت خيرٌ منّي.
وقال له الآخر: استغفر لي، أنت خيرٌ منّي.
فقال له عيسى: أنت خيرٌ منّي.
قال عيسى: إنّي سلّمت على نفسي وسلّم اللّه عليك.
قال الحسن: عرف واللّه فضلها.
قال يحيى: يعني قول اللّه تبارك وتعالى في يحيى: {وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا} [مريم: 15] وقال عيسى: {قال إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا {30} وجعلني مباركًا أين ما كنت} [مريم: 30-31] إلى قوله: {والسّلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا} [مريم: 33] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/218]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}
روى قتادة عن الحسن قال لما لقي يحيى عيسى عليهما السلام قال له يحيى أنت خير مني قال عيسى بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت على نفسي). [معاني القرآن: 4/317]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} السلام - هاهنا: السلامة). [ياقوتة الصراط: 336]