جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ أتبع سببًا (92) حتّى إذا بلغ بين السّدّين وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولاً (93) قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًّا}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ سار طرقًا ومنازل، وسلك سبلاً). [جامع البيان: 15/384]
تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى بين السدين قال هما جبلان). [تفسير عبد الرزاق: 1/412-413]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({حتّى إذا بلغ بين السّدّين}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة وبعض الكوفيّين: ( حتّى إذا بلغ بين السّدّين ) بضمّ السّين وكذلك جميع ما في القرآن من ذلك بضمّ السّين. وكان بعض قرّاء المكّيّين يقرؤه بفتح ذلك كلّه.
وكان أبو عمرو بن العلاء يفتح السّين في هذه السّورة، ويضمّ السّين في يس، ويقول: السّدّ بالفتح: هو الحاجز بينك وبين الشّيء، والسّدّ بالضّمّ: ما كان من غشاوةٍ في العين. وأمّا الكوفيّون فإنّ قراءة عامّتهم في جميع القرآن بفتح السّين غير قوله: ( حتّى إذا بلغ بين السّدّين ) فإنّهم ضمّوا السّين في ذلك خاصّةً.
وروي عن عكرمة في ذلك ما؛
- حدّثنا به، أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، عن أيّوب، عن عكرمة، قال: ما كان من صنعة بني آدم فهو السّدّ، يعني بالفتح، وما كان من صنع اللّه فهو السّدّ.
وكان الكسائيّ يقول: هما لغتان بمعنًى واحدٍ.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولغتان متّفقتا المعنى غير مختلفتةٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، ولا معنى للفرق الّذي ذكر عن أبي عمرو بن العلاء، وعكرمة بين السّدّ والسّدّ، لأنّا لم نجد لذلك شاهدًا يبيّن عن فرقان ما بين ذلك على ما حكي عنهما.
ومما يبيّن عن أن ذلك كذلك أنّ جميع أهل التّأويل الّذين روي لنا عنهم في ذلك قولٌ، لم يحك لنا عن أحدٍ منهم تفصيلٌ بين فتح ذلك وضمّه، ولو كانا مختلفي المعنى لنقل الفصل مع التّأويل إن شاء اللّه، ولكن معنى ذلك كان عندهم غير مفترقٍ، ففسّروا الحرف بغير تفصيلٍ منهم بين ذلك. وأمّا ما ذكر عن عكرمة في ذلك، فإنّ الّذي نقل ذلك عن أيّوب وهارون وفي نقله نظرٌ، ولا نعرف ذلك عن أيّوب من رواية ثقات أصحابه.
والسّدّ والسّدّ جميعًا: الحاجز بين الشّيئين، وهما ههنا فيما ذكر جبلان سدّ ما بينهما، فردم ذو القرنين حاجزًا بين يأجوج ومأجوج ومن وراءه، ليقطع مادّة غوائلهم وعيثهم عنهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، " حتّى إذا بلغ بين السّدّين " قال: الجبلين الرّدم الّذي بين يأجوج ومأجوج، أمّتين من وراء ردم ذي القرنين، قال: الجبلين: أرمينية وأذربيجان.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، " حتّى إذا بلغ بين السّدّين " وهما جبلان.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: " بين السّدّين " يعني بين جبلين.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: " بين السّدّين " قال: هما جبلان.
وقوله: {وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولاً} يقول عزّ ذكره: وجد من دون السّدّين قومًا لا يكادون يفقهون قول قائلٍ سوى كلامهم.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله {يفقهون} فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة {يفقهون قولاً} بفتح القاف والياء، من فقه الرّجل يفقه فقهًا. وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الكوفة ( يفقهون قولاً ) بضمّ الياء وكسر القاف: من أفقهت فلانًا كذا أفقهه إفقاهًا: إذا أفهّمته ذلك.
والصّواب عندي من القول في ذلك، أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، غير دافعةٍ إحداهما الأخرى، وذلك أنّ القوم الّذين أخبر اللّه عنهم هذا الخبر جائزٌ أن يكونوا لا يكادون يفقهون قولاً لغيرهم عنهم، فيكون صوابًا القراءة بذلك، وجائزٌ أن يكونوا مع كونهم كذلك كانوا لا يكادون يفقهون غيرهم عنهم لعللٍ: إمّا بألسنتهم، وإمّا بمنطقهم، فتكون القراءة بذلك أيضًا صوابًا). [جامع البيان: 15/384-388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {حتى إذا بلغ بين السدين} قال: الجبلين أرمينية وأذربيجان). [الدر المنثور: 9/671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {قوما لا يكادون يفقهون قولا} قال: الترك). [الدر المنثور: 9/671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم أنه كان يقرأ {لا يكادون يفقهون قولا}). [الدر المنثور: 9/671]
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فهل نجعل لك خرجا قال أجرا). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، وغير واحدٍ المعنى واحدٌ واللّفظ لابن بشّارٍ، قالوا: حدّثنا هشام بن عبد الملك، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أبي رافعٍ، عن حديث أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في السّدّ قال: يحفرونه كلّ يومٍ، حتّى إذا كادوا يخرقونه قال الّذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا، فيعيده اللّه كأشدّ ما كان، حتّى إذا بلغ مدّتهم وأراد اللّه أن يبعثهم على النّاس. قال الّذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا إن شاء اللّه واستثنى، قال: فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه، فيخرجون على النّاس، فيستقون المياه، ويفرّ النّاس منهم، فيرمون بسهامهم في السّماء فترجع مخضّبةً بالدّماء، فيقولون: قهرنا من في الأرض وعلونا من في السّماء، قسوةً وعلوًّا، فيبعث اللّه عليهم نغفًا في أقفائهم فيهلكون، فوالّذي نفس محمّدٍ بيده إنّ دوابّ الأرض تسمن وتبطر وتشكر شكرًا من لحومهم.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ إنّما نعرفه من هذا الوجه مثل هذا). [سنن الترمذي: 5/165]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {خراجا} قال: الخراج: الريع). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 96]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} اختلفت القرّاء في قراءة قوله {إنّ يأجوج ومأجوج} فقرأت القرّاء من أهل الحجاز والعراق وغيرهم: ( إنّ ياجوج وماجوج ) بغير همزٍ على فاعولٍ من يججت ومججت، وجعلوا الألفين فيهما زائدتين، غير عاصم بن أبي النّجود والأعرج، فإنّه ذكر أنّهما قرآ ذلك بالهمز فيهما جميعًا، وجعلا الهمز فيهما من أصل الكلام، وكأنّهما جعلا يأجوج: يفعول من أججت، ومأجوج: مفعولٌ.
والقراءة الّتي هي القراءة الصّحيحة عندنا ( إنّ ياجوج وماجوج ) بألفٍ بغير همزٍ لإجماع الحجّة من القرّاء عليه، وأنّه الكلام المعروف على ألسن العرب، ومنه قول رؤبة بن العجّاج.
لو أنّ ياجوج وماجوج معا = وعاد عاد واستجاشوا تبّعا
وهما أمّتان من وراء السّدّ.
وقوله: {مفسدون في الأرض} اختلف أهل التّأويل في معنى الإفساد الّذي وصف اللّه به هاتين الأمّتين، فقال بعضهم: كانوا يأكلون النّاس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن الوليد الرّمليّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن أيّوب الحورانيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: سمعت سعيد بن عبد العزيز، يقول في قوله {إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} قال: كانوا يأكلون النّاس.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يأجوج ومأجوج سيفسدون في الأرض لا أنّهم كانوا يومئذٍ يفسدون.
ذكر من قال ذلك.
وذكر صفة اتّباع ذي القرنين الأسباب الّتي ذكرها اللّه في هذه الآيات، وذكر سبب بنائه الرّدم:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني بعض من يسوق أحاديث الأعاجم من أهل الكتاب، ممّن قد أسلم، ممّا توارثوا من علم ذي القرنين، أنّ ذا القرنين كان رجلاً من أهل مصر اسمه مرزبا بن مردبة اليونانيّ، من ولد يوثن بن يافث بن نوحٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: فحدثني محمّد بن إسحاق، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان الكلاعيّ، وكان، خالدٌ رجلاً قد أدرك النّاس: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن ذي القرنين فقال: " ملكٌ مسح الأرض من تحتها بالأسباب ".
- قال خالدٌ: وسمع عمر بن الخطّاب رجلاً يقول: يا ذا القرنين، فقال: اللّهمّ غفرًا، أما رضيتم أن تسمّوا بأسماء الأنبياء، حتّى تسمّوا بأسماء الملائكة؟ فإن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ذلك، فالحقّ ما قال، والباطل ما خالفه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: فحدّثني من لا أتّهم عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، وكان له علمٌ بالأحاديث الأول، أنّه كان يقول: ذو القرنين رجلٌ من الرّوم، ابن عجوزٍ من عجائزهم، ليس لها ولدٌ غيره، وكان اسمه الإسكندريس، وإنّما سمّي ذا القرنين أنّ صفحتي رأسه كانتا من نحاسٍ، فلمّا بلغ وكان عبدًا صالحًا، قال اللّه عزّ وجلّ له: يا ذا القرنين إنّي باعثك إلى أمم الأرض، وهي أممٌ مختلفةٌ ألسنتهم، وهم جميع أهل الأرض، ومنهم أمّتان بينهما طول الأرض كلّه، ومنهم أمّتان بينهما عرض الأرض كلّه، وأممٌ في وسط الأرض منهم الجنّ والإنس ويأجوج ومأجوج فأمّا الأمّتان اللّتان بينهما طول الأرض: فأمّةٌ عند مغرب الشّمس، يقال لها: ناسكٌ. وأمّا الأخرى: فعند مطلعها يقال لها: منسكٌ. وأمّا اللّتان بينهما عرض الأرض، فأمّةٌ في قطر الأرض الأيمن، يقال لها: هاويل.
وأمّا الأخرى الّتي في قطر الأرض الأيسر، فأمّةٌ يقال لها: تاويل، فلمّا قال اللّه له ذلك، قال له ذو القرنين: إلهي إنّك قد ندبتني لأمرٍ عظيمٍ لا يقدر قدره إلاّ أنت، فأخبرني عن هذه الأمم الّتي بعثتني إليها، بأيّ قوّةٍ أكابرهم؟ وبأيّ جمعٍ أكاثرهم؟ وبأيّ حيلةٍ أكايدهم؟ وبأيّ صبرٍ أقاسيهم؟ وبأيّ لسانٍ أناطقهم؟ وكيف لي بأن أفقه لغاتهم؟ وبأيّ سمعٍ أعي قولهم؟ وبأيّ بصرٍ أنفذهم؟ وبأيّ حجّةٍ أخاصمهم؟ وبأيّ قلبٍ أعقل عنهم؟ وبأيّ حكمةٍ أدبّر أمورهم؟ وبأيّ قسطٍ أعدل بينهم؟ وبأيّ حلمٍ أصابرهم؟ وبأيّ معرفةٍ أفصل بينهم؟ وبأيّ علمٍ أتقن أمورهم؟ وبأيّ يدٍ أسطو عليهم؟ وبأيّ رجلٍ أطؤهم، وبأيّ طاقةٍ أحصيهم، وبأيّ جندٍ أقاتلهم؟ وبأيّ رفقٍ أستألفهم، فإنّه ليس عندي يا إلهي شيءٌ ممّا ذكرت يقوم لهم، ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم، وأنت الرّبّ الرّحيم الّذي لا يكلّف نفسًا إلاّ وسعها، ولا يحمّلها إلاّ طاقتها، ولا يعنّتها ولا يفدحها، بل أنت ترأفها وترحمها. قال اللّه عزّ وجلّ: إنّي سأطوّقك ما حملتك، وأشرح لك صدرك، فيسع كلّ شيءٍ وأشرح لك فهمك فتفقه كلّ شيءٍ، وأبسط لك لسانك فتنطق بكلّ شيءٍ، وأفتح لك سمعك فتعي كلّ شيءٍ، وأمدّ لك بصرك، فتنفذ كلّ شيءٍ، وأدبّر لك أمرك فتتقن كلّ شيءٍ، وأحصي لك فلا يفوتك شيءٌ، وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شيءٌ، وأشدّ لك ظهرك، فلا يهدّك شيءٌ، وأشدّ لك ركنك فلا يغلبك شيءٌ، وأشدّ لك قلبك فلا يروعك شيءٌ، وأسخّر لك النّور والظّلمة، فأجعلهما جندًا من جنودك، يهديك النّور أمامك، وتحوطك الظّلمة من ورائك، وأشدّ لك عقلك فلا يهولك شيءٌ، وأبسط لك من بين يديك، فتسطو فوق كلّ شيءٍ، وأشدّ لك وطأتك، فتهدّ كلّ شيءٍ، وألبسك الهيبة فلا يرومك شيءٌ.
ولمّا قيل له ذلك، انطلق يؤمّ الأمّة الّتي عند مغرب الشّمس، فلمّا بلغهم، وجد جمعًا وعددًا لا يحصيه إلاّ اللّه، وقوّةً وبأسًا لا يطيقه إلاّ اللّه، وألسنةً مختلفةً وأهواءً متشتّتةً، وقلوبًا متفرّقةً، فلمّا رأى ذلك كابرهم بالظّلمة، فضرب حولهم ثلاثة عساكر منها، فأحاطتهم من كلّ مكانٍ، وحاشتهم حتّى جمعتهم في مكانٍ واحدٍ، ثمّ أخذ عليهم بالنّور، فدعاهم إلى اللّه وإلى عبادته، فمنهم من آمن له، ومنهم من صدّ، فعمد إلى الّذين تولّوا عنه، فأدخل عليهم الظّلمة. فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم، ودخلت في بيوتهم ودورهم، وغشيتهم من فوقهم، ومن تحتهم ومن كلّ جانبٍ منهم، فماجوا فيها وتحيّروا، فلمّا أشفقوا أن يهلكوا فيها عجّوا إليه بصوتٍ واحدٍ، فكشفها عنهم وأخذهم عنوةً، فدخلوا في دعوته، فجنّد من أهل المغرب أممًا عظيمةً، فجعلهم جندًا واحدًا، ثمّ انطلق بهم يقودهم، والظّلمة تسوقهم من خلفهم وتحوشهم من حولهم، والنّور أمامهم يقودهم ويدلّهم، وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى، وهو يريد الأمّة الّتي في قطر الأرض الأيمن الّتي يقال لها هاويل، وسخّر اللّه له يده وقلبه ورأيه وعقله ونظره وائتماره، فلا يخطئ إذا ائتمر، وإذا عمل عملاً أتقنه. فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه، فإذا انتهى إلى بحرٍ أو مخاضةٍ بنى سفنًا من ألواحٍ صغارٍ أمثال النّعال، فنظمها في ساعةٍ، ثمّ حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود، فإذا قطع الأنهار والبحار فتّقها، ثمّ دفع إلى كلّ إنسانٍ لوحًا فلا يكرثه حمله، فلم يزل كذلك دأبه حتّى انتهى إلى هاويل، فعمل فيها كعمله في ناسك. فلمّا فرغ منها مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتّى انتهى إلى منسكٍ عند مطلع الشّمس، فعمل فيها وجنّد فيها جنودًا، كفعله في الأمّتين اللّتين قبلها، ثمّ كرّ مقبلاً في ناحية الأرض اليسرى، وهو يريد تاويل وهي الأمّة الّتي بحيال هاويل، وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلّه، فلمّا بلغها عمل فيها، وجنّد فيها كفعله فيما قبلها، فلمّا فرغ منها عطف منها إلى الأمم الّتي في وسط الأرض من الجنّ وسائر النّاس، ويأجوج ومأجوج، فلمّا كان في بعض الطّريق ما يلي منقطع التّرك نحو المشرق، قالت له أمّةٌ من الإنس صالحةٌ: يا ذا القرنين، إنّ بين هذين الجبلين خلقًا من خلق اللّه، وكثيرٌ منهم مشابه للإنسٍ، وهم أشباه البهائم، يأكلون العشب، ويفترسون الدّوابّ والوحوش كما تفترسها السّباع، ويأكلون خشاش الأرض كلّها من الحيّات والعقارب، وكلّ ذي روحٍ ممّا خلق اللّه في الأرض، وليس للّه خلقٌ ينمى نماءهم في العام الواحد، ولا يزداد كزيادتهم، ولا يكثر ككثرتهم، فإن كانت لهم مدّةٌ على ما نرى من نمائهم وزيادتهم، فلا شكّ أنّهم سيملئون الأرض، ويجلون أهلها منها ويظهرون عليها فيفسدون فيها، وليست تمرّ بنا سنةٌ منذ جاورناهم إلاّ ونحن نتوقّعهم، وننتظر أن يطلع علينا أوائلهم من بين هذين الجبلين {فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًّا قال ما مكّنّي فيه ربّي خيرٌ فأعينوني بقوّةٍ أجعل بينكم وبينهم ردمًا} أعدّوا إليّ الصّخور والحديد والنّحاس حتّى أرتاد بلادهم، وأعلم علمهم، وأقيس ما بين جبليهم. ثمّ انطلق يؤمّهم حتّى دفع إليهم وتوسّط بلادهم، فوجدهم على مقدارٍ واحدٍ، ذكرهم وأنثاهم، يبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرّجل المربوع منّا، لهم مخالب في موضع الأظفار من أيدينا، وأضراسٌ وأنيابٌ كأضراس السّباع وأنيابها، وأحناكٌ كأحناك الإبل قوّةً تسمع لها حركةٌ إذا أكلوا كحركة الجرّة من الإبل، أو كقضم البغل المسنّ، أو الفرس القويّ، وهم هلبٌ، عليهم من الشّعر في أجسادهم ما يواريهم، وما يتّقون به الحرّ والبرد إذا أصابهم، ولكلّ واحدٍ منهم أذنان عظيمتان: إحداهما وبرةٌ ظهرها وبطنها، والأخرى زغبةٌ ظهرها وبطنها، تسعانه إذا لبسهما، يلتحف إحداهما، ويفترش الأخرى، ويصيف في إحداهما، ويشتو في الأخرى، وليس منهم ذكرٌ ولا أنثى إلاّ وقد عرف أجله الّذي يموت فيه، ومنقطع عمره، وذلك أنّه لا يموت ميّتٌ من ذكورهم حتّى يخرج من صلبه ألف ولدٍ، ولا تموت الأنثى حتّى يخرج من رحمها ألف ولدٍ، فإذا كان ذلك أيقن بالموت، وهم يرزقون التّنّين في أيّام الرّبيع، ويستمطرونه إذا تحّينوه كما نستمطر الغيث لحينه، فيقذفون منه كلّ سنةٍ بواحدٍ، فيأكلونه عامهم كلّه إلى مثله من العام القابل، فيغنيهم على كثرتهم ونمائهم، فإذا أمطروا وأخصبوا وعاشوا وسمنوا، ورئي أثره عليهم، فدرّت عليهم الإناث، وشبقت منهم الرّجال الذّكور، وإذا أخطأهم هزلوا وأجدبوا، وجفرت الذّكور، وحالت الإناث، وتبيّن أثر ذلك عليهم، وهم يتداعون تداعي الحمام، ويعوون عواء الكلاب، ويتسافدون حيث التقوا تسافد البهائم. فلمّا عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصّدفين، فقاس ما بينهما وهو في منقطع أرض التّرك ما يلي مشرق الشّمس، فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخٍ، فلمّا أنشأ في عمله، حفر له أساسًا حتّى بلغ الماء، ثمّ جعل عرضه خمسين فرسخًا، وجعل حشوه الصّخور، وطينه النّحّاس، يذاب ثمّ يصبّ عليه، فصار كأنّه عرقٌ من جبلٍ تحت الأرض، ثمّ علاه وشرفه بزبر الحديد والنّحاس المذاب، وجعل خلاله عرقًا من نحاس أصفر، فصار كأنّه بردٌ محبّرٌ من صفرة النّحاس وحمرته وسواد الحديد، فلمّا فرغ منه وأحكمه، انطلق عامدًا إلى جماعة الإنس والجنّ، فبينا هو يسير، دفع إلى أمّةٍ صالحةٍ يهدون بالحقّ وبه يعدلون، فوجد أمّةً مقسطةً مقتصدةً، يقسمون بالسّويّة، ويحكمون بالعدل، ويتآسون ويتراحمون، حالهم واحدةٌ، وكلمتهم واحدةٌ، وأخلاقهم مشتبهةٌ، وطريقتهم مستقيمةٌ، وقلوبهم متألّفةٌ، وسيرتهم مستويه، وقبورهم بأبواب بيوتهم، وليس على بيوتهم أبوابٌ، وليس عليهم أمراء، وليس بينهم قضاةٌ، وليس بينهم أغنياء، ولا ملوكٌ، ولا أشرافٌ، ولا يتفاوتون، ولا يتفاضلون، ولا يختلفون، ولا يتنازعون، ولا يستّبون، ولا يقتتلون، ولا يقحطون، ولا يجردون، ولا تصيبهم الآفات الّتي تصيب النّاس، وهم أطول النّاس أعمارًا، وليس فيهم مسكينٌ، ولا فقيرٌ، ولا فظٌّ، ولا غليظٌ، فلمّا رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم، عجب منه وقال: أخبروني أيّها القوم خبركم، فإنّي قد أحصيت الأرض كلّها برّها وبحرها، وشرقها وغربها، ونورها وظلمتها، فلم أجد مثلكم، فأخبروني خبركم، قالوا: نعم، فسلنا عمّا تريد، قال: أخبروني، ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟ قالوا: عمدًا فعلنا ذلك لئلاّ ننسى الموت، ولا يخرج ذكره من قلوبنا، قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبوابٌ؟ قالوا: ليس فينا متّهمٌ، وليس منّا إلاّ أمينٌ مؤتمنٌ، قال: فما بالكم ليس عليكم أمراء؟ قالوا: لا نتظالم، قال: فما بالكم ليس عليكم حكّامٌ؟ قالوا: لا نختصم، قال: فما بالكم ليس فيكم أغنياء؟ قالوا: لا نتكاثر، قال: فما بالكم ليس فيكم ملوكٌ؟ قالوا: لا نتكابر، قال: فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا: من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا، قال: فما بالكم لا تستبّون ولا تقتتلون؟ قالوا: من قبل أنّا غلبنا طبائعنا بالعزم، وسسنا أنفسنا بالأحلام، قال: فما بالكم كلمتكم واحدةٌ، وطريقتكم مستقيمةٌ مستويةٌ؟ قالوا: من قبل أنّا لا نتكاذب، ولا نتخادع، ولا يغتاب بعضنا بعضًا، قال: فأخبروني من أين تشابهت قلوبكم، واعتدلت سيرتكم؟ قالوا: صحّت صدورنا، فنزع بذلك الغلّ والحسد من قلوبنا، قال: فما بالكم ليس فيكم مسكينٌ ولا فقيرٌ؟ قالوا: من قبل أنّا نقسم بالسّويّة، قال: فما بالكم ليس فيكم فظٌّ ولا غليظٌ؟ قالوا: من قبل الذّلّ والتّواضع، قال: فما بالكم أطول النّاس أعمارًا؟ قالوا: من قبل أنّا نتعاطى الحقّ ونحكم بالعدل، قال: فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا: لا نغفل عن الاستغفار، قال: فما بالكم لا تحردون؟ قالوا: من قبل أنّا وطّأنا أنفسنا للبلاء منذ كنّا، وأحببناه وحرصنا عليه، فعرينا منه، قال: فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب النّاس؟ قالوا: لا نتوكّل على غير اللّه، ولا نعمل بالأنواء والنّجوم، قال: حدّثوني أهكذا وجدتم آباءكم يفعلون؟ قالوا: نعم وجدنا آباءنا يرحمون مساكينهم، ويواسون فقراءهم، ويعفون عمّن ظلمهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويحلمون عمّن جهل عليهم، ويستغفرون لمن سبّهم، ويصلّون أرحامهم، ويؤدّون أماناتهم، ويحفظون وقتهم لصلاتهم، ويوفّون بعهودهم، ويصدقون في مواعيدهم، ولا يرغبون عن أكفائهم، ولا يستنكفون عن أقاربهم، فأصلح اللّه لهم بذلك أمرهم، وحفظهم ما كانوا أحياءً، وكان حقًّا على اللّه أن يحفظهم في تركتهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة، عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونه كلّ يومٍ، حتّى إذا كادوا يرون شعاع الشّمس قال الّذي عليهم ارجعوا فتحفرونه غدًا، فيعيده اللّه كأشد ما كان، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه إن شاء الله غدا فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه فيخرجون على النّاس، فينشفون المياه، ويتحصّن النّاس في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السّماء، فيرجع فيها كهيئة الدّماء، فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وعلونا أهل السّماء، فيبعث اللّه عليهم نغفًا في أقفائهم فتقتلهم " فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " والّذي نفس محمّدٍ بيده إنّ دوابّ الأرض لتسمن وتشكر شكرا من لحومهم ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاريّ ثمّ الظّفريّ، عن محمود بن لبيدٍ، أخي بني عبد الأشهل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على النّاس كما قال اللّه عزّ وجلّ {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} فيغشون الأرض، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمّون إليهم مواشيهم، فيشربون مياه الأرض، حتّى إنّ بعضهم ليمرّ بالنّهر فيشربون ما فيه، حتّى يتركوه يابسًا، حتّى إنّ من بعدهم ليمرّ بذلك النّهر، فيقول: لقد كان ها هنا ماءٌ مرّةً، حتّى إذا لم يبق من النّاس أحد إلا أخذ في حصنٍ أو مدينةٍ، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، بقي أهل السّماء، قال: ثمّ يهزّ أحدهم حربته، ثمّ يرمي بها إلى السّماء، فترجع إليه مخضّبةً دمًا للبلاء والفتنة. فبينا هم على ذلك، بعث اللّه عليهم دودًا في أعناقهم كالنّغف، فتخرج في أعناقهم فيصبحون موتى، لا يسمع لهم حسٌّ، فيقول المسلمون: ألا رجلٌ يشري لنا نفسه، فينظر ما فعل هذا العدوّ، قال: فيتجرّد رجلٌ منهم لذلك محتسبًا لنفسه، قد وطّنها على أنّه مقتولٌ، فينزل فيجدهم موتى، بعضهم على بعضٍ، فينادي: يا معشر المسلمين، ألا أبشروا، فإنّ اللّه قد كفاكم عدوّكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرّحون مواشيهم، فما يكون لها رعي إلاّ لحومهم، فتشكر عنهم أحسن ما شكرت عن شيءٍ من النّبات أصابت قطّ ".
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} قال: كان أبو سعيدٍ الخدريّ يقول: إنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " لا يموت رجلٌ منهم حتّى يولد لصلبه ألف رجلٍ ".
قال: وكان عبد اللّه بن مسعودٍ يعجب من كثرتهم ويقول: لا يموت من يأجوج ومأجوج أحدٌ حتّى يولد له ألف ذكر من صلبه.
- حدّثني بحر بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني معاوية، عن أبي الزّاهريّة، وشريح بن عبيدٍ: أنّ يأجوج، ومأجوج، ثلاثة أصنافٍ: صنفٌ طولهم كطول الأرز، وصنفٌ طوله وعرضه سواءٌ، وصنفٌ يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى فتغطّي سائر جسده.
فالخبر الّذي ذكرناه عن وهب بن منبّه في قصّة يأجوج ومأجوج، يدلّ على أنّ الّذين قالوا لذي القرنين {إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} إنّما أعلموه خوفهم ما يحدث منهم من الإفساد في الأرض، لا أنّهم شكوا منهم فسادًا كان منهم فيهم أو في غيرهم، والأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تخبر عنهم أنّهم سيكون منهم الإفساد في الأرض، ولا دلالة فيها أنّهم قد كان منهم قبل إحداث ذي القرنين السّدّ الّذي أحدثه بينهم وبين من دونهم من النّاس غيرهم إفسادٌ.
فإذا كان ذلك كذلك بالّذي بيّنّا، فالصّحيح من تأويل قوله {إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} إنّ يأجوج ومأجوج سيفسدون في الأرض.
وقوله {فهل نجعل لك خرجًا} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: {فهل نجعل لك خرجًا} كأنّهم نحوا به نحو المصدر من خرج الرّأس، وذلك جعله. وقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: ( فهل نجعل لك خراجًا ) بالألف، وكأنّهم نحوا به نحو الاسم، وعنوا به أجرةً على بنائك لنا سدًّا بيننا وبين هؤلاء القوم.
وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصّواب قراءة من قرأه: ( فهل نجعل لك خراجًا ) بالألف، لأنّ القوم فيما ذكر عنهم، إنّما عرضوا على ذي القرنين أن يعطوه من أموالهم ما يستعين به على بناء السّدّ، وقد بيّن ذلك بقوله: {فأعينوني بقوّةٍ أجعل بينكم وبينهم ردمًا} ولم يعرضوا عليه جزية رءوسهم. والخراج عند العرب: هو الغلّة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، " فهل نجعل لك خراجًا " قال: أجرًا {على أن تجعل بيننا وبينهم سدًّا}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: " فهل نجعل لك خراجًا " قال: أجرًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: " فهل نجعل لك خراجًا " قال: أجرًا.
وقوله: {على أن تجعل بيننا وبينهم سدًّا} يقول: قالوا له: هل نجعل لك أجرا على أن تجعل بيننا وبين يأجوج ومأجوج حاجزًا يحجز بيننا وبينهم، ويمنعهم من الخروج إلينا. وهو السّدّ). [جامع البيان: 15/388-403]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) زينب بن جحش - رضي الله عنها -: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول: «لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلّق بأصبعه: الإبهام والتي تليها-» فقالت زينب بنت جحشٍ: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث. هذه رواية البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من النّوم محمرّاً وجهه، يقول: «لا إله إلا الله... » وذكر نحوه.
وفيه «وعقد عشراً ».
[شرح الغريب]
(ردم) ردمت الثلمة ردماً: إذا سددتها، والاسم والمصدر سواء: الردم.
(حلّق وعقد عشراً) حلق: أي جعل أصبعه كالحلقة، وعقد عشراً: هي من مواضعات الحساب، وهو أن تجعل رأس أصبعك السبابة في وسط أصبعك الإبهام من باطنها شبه الحلقة، وعقد التسعين مثلها.، إلا أنها أضيق منها، حتى لا يبين في الحلقة إلا خلل يسير.
(الخبث) بضم الخاء وسكون الباء الموحدة: الفسق والفجور). [جامع الأصول: 2/231-232]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد بيده تسعين ». أخرجه البخاري، ومسلم). [جامع الأصول: 2/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو في قبة آدم له فخرج إلينا فحمد الله ثم قال: أبشركم أنكم ربع أهل الجنة، فقلنا: نعم يا رسول الله فقال: أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة، فقلنا: نعم يا نبي الله قال: والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض إن بعدكم يأجوج ومأجوج إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما زاد وإن وراءكم ثلاث أمم: منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله). [الدر المنثور: 9/671-672]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق البكالي عن عبد الله بن عمر قال: إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد الجن والإنس، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره، وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة، وجزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك، قال: السماء السابعة والحرم بحيالة العرش). [الدر المنثور: 9/672]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين وإن الجن يزيدون على الإنس الضعفين وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمها يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 9/673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال: إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس). [الدر المنثور: 9/673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: صورت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب فالمدينة ومكة واليمن الرأس والصدر مصر والعراق والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها واق وخلف واق أمة يقال وقواق وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى، والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ذلك أمة يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب). [الدر المنثور: 9/673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة أن الدنيا سبعة أقاليم: فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد). [الدر المنثور: 9/673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال: سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج ومأجوج: أمن آدم هم قال: نعم ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله تاويل وتاريس ومنسك). [الدر المنثور: 9/674]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال: يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا ونساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا). [الدر المنثور: 9/674]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال: يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة أربعمائة أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده). [الدر المنثور: 9/674]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن كعب قال: خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف صنف أجسامهم كالأرز وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى يأكلون مشائم نسائهم). [الدر المنثور: 9/674-675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال: إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث: فثلثان بنو إبليس وثلث بنو آدم وبنو آدم ثلاثة أثلاث: ثلثان يأجوج ومأجوج وثلث سائر الناس، والناس بعد ثلاث أثلاث: ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم). [الدر المنثور: 9/675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة وهم الأتراك). [الدر المنثور: 9/675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال: هم سيارة ليس لهم أصل هم من يأجوج ومأجوج لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسد بينهم وبين قومهم فذهبوا سيارة في الأرض). [الدر المنثور: 9/675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال: إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ليس منها أمة تشبه الأخرى). [الدر المنثور: 9/675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال: إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبدا). [الدر المنثور: 9/675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال: ما مات رجل من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعدا). [الدر المنثور: 9/675-676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم). [الدر المنثور: 9/676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث، وابن مردويه، وابن عساكر عن ابن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا وإن من وراءهم ثلاث أمم: تاويل وتاريس ومنسك). [الدر المنثور: 9/676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عمر قال: الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء واحد سائر الناس). [الدر المنثور: 9/676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا). [الدر المنثور: 9/676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عدي، وابن عساكر، وابن النجار عن حذيفة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال: يأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السلاح، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز، قلت: وما الأرز قال: شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية). [الدر المنثور: 9/677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج نعيم بن حماد في الفتن، وابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس). [الدر المنثور: 9/677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن أبي بكر النسفي أن رجلا قال: يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج، قال: انعته لي، قال: كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة سوداء، قال: قد رأيته). [الدر المنثور: 9/677-678]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجة، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستفتحونه غدا ولا يستثني، فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي عليهم: ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: قهرنا من في الأرض وعلونا من السماء قسوة وعلوا، فيبعث الله عليهم نغفا في أعناقهم فيهلكون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوالذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم). [الدر المنثور: 9/678-679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال: نعم إذا كثر الخبث). [الدر المنثور: 9/679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين). [الدر المنثور: 9/679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله: {إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} قال: كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس). [الدر المنثور: 9/679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فهل نجعل لك خرجا} قال: أجرا عظيما). [الدر المنثور: 9/679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: ما صنع الله فهو السد وما صنع السد الناس فهو السد). [الدر المنثور: 9/680]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فأعينوني بقوّةٍ أجعل بينكم وبينهم ردمًا}
- أخبرنا عبيد الله بن سعيدٍ، حدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، سمعته يقول: عن عروة، عن زينب، عن حبيبة، عن أمّها أمّ حبيبة، عن زينب بنت جحشٍ، قالت: انتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من نومٍ محمرًّا وجهه وهو يقول: «لا إله إلّا الله، ثلاث مرّاتٍ، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا» وعقد سبعين وعشرةً سواءً، قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال: «نعم، إذا كثر الخبث»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/166]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ما مكّنّي فيه ربّي خيرٌ فأعينوني بقوّةٍ أجعل بينكم وبينهم ردمًا}.
يقول تعالى ذكره: قال ذو القرنين: الّذي مكّنني في عمل ما سألتموني من السّدّ بينكم وبين هؤلاء القوم ربّي ووطّأه لي، وقوّاني عليه، خيرٌ من جعلكم والأجرة الّتي تعرضونها عليّ لبناء ذلك، وأكثر وأطيب، ولكن أعينوني منكم بقوّةٍ، يقول: أعينوني بفعلةٍ وصنّاعٍ يحسنون البناء والعمل. كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا آدم بن عيينة، عن أخيه سفيان بن عيينة، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهدٍ، {ما مكّنّي فيه ربّي خيرٌ فأعينوني بقوّةٍ} قال: برجالٍ {أجعل بينكم وبينهم ردمًا}.
وقال {ما مكّنّي}، فأدغم إحدى النّونين في الأخرى، وإنّما هو ما مكّنني فيه. وقوله: {أجعل بينكم وبينهم ردمًا} يقول: أجعل بينكم وبين يأجوج ومأجوج ردمًا. والرّدم: حاجز كالحائط والسّدّ، إلاّ أنّه أمنع منهما وأشدّ، يقال منه: قد ردم فلانٌ موضع كذا يردمه ردمًا وردامًا ويقال أيضًا: ردّم ثوبه يردّمه، وهو ثوبٌ مردّمٌ: إذا كان كثير الرّقاع، ومنه قول عنترة:
هل غادر الشّعراء من متردّم = أم هل عرفت الدّار بعد توهّم
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أجعل بينكم وبينهم ردمًا} قال: هو كأشدّ الحجاب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ رجلاً، قال: يا نبيّ اللّه قد رأيت سدّ يأجوج ومأجوج، قال: " انعته لي "، قال: كأنّه البرد المحبّر، طريقةٌ سوداء، وطريقةٌ حمراء، قال: " قد رأيته "). [جامع البيان: 15/403-404]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ما مكني فيه ربي خير} قال: الذي أعطاني ربي هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج). [الدر المنثور: 9/680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أجعل بينكم وبينهم ردما} قال: هو كأشد الحجاب). [الدر المنثور: 9/680]
تفسير قوله تعالى: (آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني الليث عمن سمع عمر بن عبد العزيز يقرأ هذه الآية: {حتى إذا ساوى بين الصدفين}؛
قال الليث: حسبت أن الذي حدثني بهذا سليمان بن حميد أو غيره). [الجامع في علوم القرآن: 3/55]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني نافع بن أبي نعيم عن عبد الرحمن الأعرج أنه كان يقرأ: {حتى إذا ساوى بين} الصُّدُفين؛ وأقرأنيها نافع: {الصدفين}). [الجامع في علوم القرآن: 3/55]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى زبر الحديد قال قطع الحديد). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى أفرغ عليه قطرا قال أفرغ عليه نحاسا). [تفسير عبد الرزاق: 1/413]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا عبد العزيز بن عمران قال: حدّثني نافع بن أبي نعيمٍ عن عبد الرّحمن الأعرج أنّه كان يقرأ: {حتّى إذا ساوى بين الصدفين} قال ابن وهبٍ: وأقرأنيها نافعٌ: على الصدفين). [جزء تفسير نافع بن أبي نعيم: 43] [؟؟ الشَّكل]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله تعالى: {زبر الحديد} قال: قطع الحديد). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 95]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {آتوني زبر الحديد حتّى إذا ساوى بين الصّدفين قال انفخوا حتّى إذا جعله نارًا قال آتوني أفرغ عليه قطرًا (96) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا}
يقول تعالى ذكره: قال ذو القرنين للّذين سألوه أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدًّا {آتوني} أي جيئوني بزبر الحديد، وهي جمع زبرةٍ، والزّبرة: القطعة من الحديد. كما؛
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {زبر الحديد} يقول: قطع الحديد.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {آتوني زبر الحديد} قال: قطع الحديد.
- حدّثني إسماعيل بن سيفٍ، قال: حدّثنا عليّ بن مسهرٍ، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ، قوله: {زبر الحديد} قال: قطع الحديد.
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قوله: {آتوني زبر الحديد} قال: قطع الحديد.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {آتوني زبر الحديد} أي فلق الحديد.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {آتوني زبر الحديد} قال: قطع الحديد.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {آتوني زبر الحديد} قال: قطع الحديد.
وقوله: {حتّى إذا ساوى بين الصّدفين} يقول عزّ ذكره: فآتوه زبر الحديد، فجعلها بين الصّدفين حتّى إذا ساوى بين الجبلين بما جعل بينهما من زبر الحديد، ويقال: سوّى. والصّدفان: ما بين ناحيتي الجبلين ورءوسهما، ومنه قول الرّاجز:
قد أخذت ما بين عرض الصّدفين = ناحيتيها وأعالي الرّكنين
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {بين الصّدفين} يقول: بين الجبلين.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاس: {حتّى إذا بلغ بين السّدّين} قال: هو سدٌّ كان بين صدفين، والصّدفان: الجبلان.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الصّدفين} رءوس الجبلين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بين الصّدفين} يعني بين الجبلين، وهما من قبل أرمينية وأذربيجان.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {حتّى إذا ساوى بين الصّدفين} وهما الجبلان.
- حدّثني أحمد بن يوسف، قال: أخبرنا القاسم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، أنّه قرأها: {بين الصّدفين} منصوبة الصّاد والدّال، وقال: بين الجبلين.
وللعرب في الصّدفين: لغاتٌ ثلاثٌ، وقد قرأ بكلّ واحدةٍ منها جماعةٌ من القرّاء: الفتح في الصّاد والدّال، وذلك قراءة عامّة قرّاء أهل المدينة والكوفة.
والضّمّ فيهما، وهي قراءة بعض قراءة أهل البصرة. والضّمّ في الصّاد وتسكين الدّالّ، وذلك قراءة بعض أهل مكّة والكوفة.
والفتح في الصّاد والدّال أشهر هذه اللّغات، والقراءة بها أعجب إليّ، وإن كنت مستجيزًا القراءة بجميعها، لاتّفاق معانيها. وإنّما اخترت الفتح فيهما لما ذكرت من العلّة.
وقوله: {قال انفخوا} يقول عزّ ذكره، قال للفعلة: انفخوا النّار على هذه الزّبر من الحديد.
وقوله: {حتّى إذا جعله نارًا} وفي الكلام متروكٌ، وهو فنفخوا، حتّى إذا جعلوا ما بين الصّدفين من الحديد نارًا.
{قال آتوني أفرغ عليه قطرًا} فاختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة: {قال آتوني} بمدّ الألف من {آتوني} بمعنى: أعطوني قطرًا أفرغ عليه.
وقرأه بعض قرّاء الكوفة، قال: ( ائتوني ) بوصل الألف، بمعنى: جيئوني قطرًا أفرغ عليه، كما عليه: أخذت الخطام، وأخذت بالخطام، وجئتك زيدًا، وجئتك بزيدٍ.
وقد يتوجّه معنى ذلك إذا قرئ كذلك إلى معنى أعطوني، فيكون كأنّ قارئه أراد مدّ الألف من آتوني، فترك الهمزة الأولى من آتوني، وإذا سقطت الأولى همز الثّانية.
وقوله: {أفرغ عليه قطرًا} يقول: أصبّ عليه قطرًا، والقطر: النّحاس.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {أفرغ عليه قطرًا} قال: القطر: النّحاس.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {قطرًا} قال: نّحاسا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أفرغ عليه قطرًا} يعني النّحاس.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أفرغ عليه قطرًا} أي النّحاس ليلزمه به.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {أفرغ عليه قطرًا} قال: نحاسًا.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: القطر: الحديد المذاب، ويستشهد لقوله ذلك بقول الشّاعر:
حسامًا كلون الملح صافٍ حديده = جزارًا من اقطار الحديد المنعّت). [جامع البيان: 15/404-410]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ساوى بين الصدفين يعني رؤوس الجبلين). [تفسير مجاهد: 381]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أفرغ عليه قطرا قال يعني نحاسا). [تفسير مجاهد: 381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زبر الحديد} قال: قطع الحديد). [الدر المنثور: 9/680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال: أخبرني عن قوله {زبر الحديد} قال: قطع الحديد، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول:
تلظى عليهم حين شد حميمها * بزبر الحديد والحجارة شاجر). [الدر المنثور: 9/680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {بين الصدفين} قال: الجبلين). [الدر المنثور: 9/680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بفتحتين قال: يعني بين الجبلين). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بضمتين). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {بين الصدفين} قال: رأس الجبلين). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قطرا} قال: النحاس). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {قطرا} قال: نحاسا). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال: نحاسا). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال: نحاسا ليلزم بعضه بعضا). [الدر المنثور: 9/681]
تفسير قوله تعالى: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فما اسطاعوا أن يظهروه قال ما اسطاعوا أن يرتقوه وما استطاعوا له نقبا). [تفسير عبد الرزاق: 1/413]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه} يقول عزّ ذكره: فما اسطاع يأجوج ومأجوج أن يعلوا الرّدم الّذي جعله ذو القرنين حاجزًا بينهم وبين من دونهم من النّاس، فيصيروا فوقه وينزلوا منه إلى النّاس.
يقال منه: ظهر فلانٌ فوق البيت: إذا علاه، ومنه قول النّاس: ظهر فلانٌ على فلانٍ: إذا قهره وعلاه.
{وما استطاعوا له نقبًا} يقول: ولم يستطيعوا أن ينقّبوه من أسفله.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه} من قوله: {وما استطاعوا له نقبًا} أي من أسفله.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال: ما استطاعوا أن يرتقوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال: أن يرتقوه {وما استطاعوا له نقبًا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال: أن يرتقوه {وما استطاعوا له نقبًا}".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ {فما استطاعوا أن يظهروه} قال: يعلوه {وما استطاعوا له نقبًا} أي ينقبوه من أسفله.
واختلف أهل العربيّة في وجه حذف التّاء من قوله: {فما اسطاعوا} فقال بعض نحويّي البصرة: فعل ذلك لأنّ لغة للعرب أن تقول: أسطاع يسطيع، يريدون بها: استطاع يستطيع، ولكن حذفوا التّاء إذا جمعت مع الطّاء ومخرجهما واحدٌ. قال: وقال بعضهم: استاع، فحذف الطّاء لذلك. وقال بعضهم: أسطاع يسطيع، فجعلها من القطع كأنّها أطاع يطيع، فجعل السّين عوضًا من إسكان الواو.
وقال بعض نحويّي الكوفة: هذا حرفٌ استعمل فكثر حتّى حذف). [جامع البيان: 15/410-413]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال: ما استطاعوا أن يرتقوه). [الدر المنثور: 9/681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه} يقول: أن يعلوه {وما استطاعوا له نقبا} قال: من أسفله). [الدر المنثور: 9/682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال: من فوقه {وما استطاعوا له نقبا} قال: من أسفله). [الدر المنثور: 9/682]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال هذا رحمةٌ من ربّي فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء وكان وعد ربّي حقًّا}.
يقول عزّ ذكره: فلمّا رأى ذو القرنين أنّ يأجوج ومأجوج لا يستطيعون أن يظهروا ما بنى من الرّدم، ولا يقدرون على نقبه، قال: هذا الّذي بنيته وسوّيته حاجزًا بين هذه الأمّة، ومن دون الرّدم رحمةٌ من ربّي رحم بها من دون الرّدم من النّاس، فأعانني برحمته لهم حتّى بنيته وسوّيته ليكفّ بذلك غائلة هذه الأمّة عنهم.
وقوله: {فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء} يقول: فإذا جاء وعد ربّي الّذي جعله ميقاتًا لظهور هذه الأمّة وخروجها من وراء هذا الرّدم لهم، جعله دكّاء، يقول: سوّاه بالأرض، فألزقه بها، من قولهم: ناقةٌ دكّاء: مستوية الظّهر لا سنام لها. وإنّما معنى الكلام: جعله مدكوكًا، فقيل: دكّاء.
وكان قتادة يقول في ذلك ما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء} قال: لا أدري الجبلين يعني به، أو ما بينهما.
وذكر أنّ ذلك كائن كذلك بعد قتل عيسى ابن مريم عليه السّلام الدّجّال.
ذكر الخبر بذلك:
- حدّثني أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، قال: حدّثنا هشيم بن بشيرٍ، قال: أخبرنا العوّام، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثرٍ وهو ابن عفازة العبديّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لقيت ليلة الإسراء إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر السّاعة، وردّوا الأمر إلى إبراهيم فقال إبراهيم: لا علم لي بها، فردّوا الأمر إلى موسى، فقال موسى: لا علم لي بها، فردّوا الأمر إلى عيسى، قال عيسى: أمّا قيام السّاعة فلا يعلمه إلاّ اللّه، ولكن ربّي قد عهد إليّ بما هو كائنٌ دون وجبتها، عهد إليّ أنّ الدّجّال خارجٌ، وأنّه مهبطي إليه، فذكر أنّ معه قضيبين، فإذا رآني أهلكه اللّه، قال: فيذوب كما يذوب الرّصاص، حتّى إنّ الحجر والشّجر ليقول: يا مسلم هذا كافرٌ فاقتله، فيهلكهم اللّه، ويرجع النّاس إلى بلادهم وأوطانهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كلّ حدبٍ ينسلون، لا يأتون على شيءٍ إلاّ أهلكوه، ولا يمرّون على ماءٍ إلاّ شربوه، فيرجع النّاس إليّ، فيشكونهم، فأدعو اللّه عليهم فيميتهم حتّى تجوى الأرض من نتن ريحهم، فينزل المطر، فيجرّ أجسادهم، فيلقيهم في البحر، ثمّ ينسف الجبال حتّى تكون الأرض كالأديم، فعهد إليّ ربّي أنّ ذلك إذا كان كذلك، فإنّ السّاعة منهم كالحامل المتمّ الّتي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها، ليلاً أو نهارًا ".
- حدّثني عبيد بن إسماعيل، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن أصبع بن زيدٍ، عن العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثر بن عفازة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: لمّا أسري برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم التقى هو وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السّلام، فتذاكروا أمر السّاعة. فذكر نحو حديث أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ عن هشيمٍ، وزاد فيه: قال العوّام بن حوشبٍ: فوجدت تصديق ذلك في كتاب اللّه تعالى، قال اللّه عزّ وجلّ: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون واقترب الوعد الحقّ فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا} وقال: {فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء وكان وعد ربّي حقًّا وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعضٍ ونفخ في الصّور فجمعناهم جمعًا}.
وقوله: {وكان وعد ربّي حقًّا} يقول: وكان وعد ربّي الّذي وعد خلقه في دكّ هذا الرّدم، وخروج هؤلاء القوم على النّاس، وعيثهم فيهم، وغير ذلك من وعده حقًّا، لأنّه لا يخلف الميعاد فلا يقع غير ما وعد أنّه كائنٌ). [جامع البيان: 15/412-414]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السّدّ: «يحفرونه كلّ يومٍ، حتى إذا كادوا يخرقونه، قال الذي عليهم: ارجعوا، فستحفرونه غداً، قال: فيعيده الله كأشدّ ما كان، حتى إذا بلغ مدّتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله، واستثنى، قال: فيرجعون، فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه، فيخرجون على الناس، فيشتفّون المياه، ويفرّ الناس منهم، فيرمون بسهامٍ إلى السّماء، فترجع مخضّبة بالدماء، فيقولون: قهرنا من في الأرض، وعلونا من في السّماء، قسوة وعلوًّا، فيبعث الله عليهم نغفاً في أقفائهم، فيهلكون فيصبحون فرسى، قال: فوالذي نفس محمدٍ بيده، إنّ دوابّ الأرض تسمن وتبطر، وتشكر شكراً من لحومهم». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(قسوة) القسوة: الغلظة والفظاظة.
(النغف) دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدتها: نغفة.
(فرسى) جمع فريس بمعنى: مفروس، من فرس الذئب الشاة: إذا قتلها.، فمعنى فرسى: قتلى، مثل: قتيل وقتلى.
(تشكر) شكرت الشاة تشكر شكراً: إذا امتلأ ضرعها لبناً، فالمعنى: تمتلئ أجسادها لحماً وتسمن). [جامع الأصول: 2/233-234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال: جعله طريقا كما كان). [الدر المنثور: 9/682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال: لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما). [الدر المنثور: 9/682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم أنه كان يقرأ {جعله دكاء} ممدوا). [الدر المنثور: 9/682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: قال علي بن أبي طالب إن يأجوج ومأجوج خلف السد لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض فيقولون: نرجع غدا ونفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم فإذا غدوا يلحسون قال لهم: قولوا بسم الله فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون: نرجع غدا فنفتحه، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول: قولوا إن شاء الله، فيقولون: إن شاء الله، فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من يخرج منهم سبعون ألفا عليهم التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون: لقد كان ههنا ماء مرة وذلك قول الله: {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} والدك التراب {وكان وعد ربي حقا}). [الدر المنثور: 9/682-683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن كعب قال: إن يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا: نرجع إليه غدا فنفرغ منه فيرجعون إليه وقد عاد كما كان فيرجعون فهم كذلك وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون: نأتي إن شاء الله غدا فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين ويأتي آخرهم عليها فيقولون: قد كان ههنا مرة ماء، فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول: اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد فاكفناهم بما شئت فاكفناهم بما شئت، فيبعث الله عليهم دودا يقال له النغف فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم ثم يبعث الله عليهم طيرا فتنقل أبدانهم إلى البحر ويرسل الله إليهم السماء أربعين يوما فينبت الأرض حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت). [الدر المنثور: 9/683-684]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن كعب قال: عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون ذراعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثنا عشر ذراعا تحفيها أسنة رماحهم). [الدر المنثور: 9/684]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال: إذا خرج يأجوج ومأجوج كان عيسى ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله مطرا فيسيل منهم إلى البحر ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت). [الدر المنثور: 9/684]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ويمر آخرهم فيقول: قد كان في هذا النهر مرة ماء ولا يموت رجل إلا ترك ألفا من ذريته فصاعدا ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله: تاريس وتاويل وناسك أو منسك). [الدر المنثور: 9/684]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه، وابن عساكر عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في السد قال: يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا، فستخرقونه غدا، قال: فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوا فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكهم، قال: والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم). [الدر المنثور: 9/685]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه والآخر ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه نارا فإنه ماء بارد وإياكم والآخر فإنه الفتنة واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على ثنية أفيق وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض: ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم من كان عنده فضل طعام فليغد به على أخيه وصلوا حتى ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم أقبلوا على عدوكم، فلما قاموا يصلون نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم فلما انصرف قال: هكذا فرجوا بيني وبين عدو الله فيذوب وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم حتى أن الشجر والحجر لينادي: يا عبد الله يا عبد الرحمن، يا مسلم هذا يهودي فاقتله، فيقتلهم الله وينصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون: ظهرنا على أعدائنا قد كان ههنا أثر ماء، فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها لد فيقولون: ظهرنا على من في الأرض فتعالوا نقاتل من في السماء فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى فيرسل الله عليهم ريحا فتقذفهم في البحر أجمعين). [الدر المنثور: 9/685-687]