العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الكهف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 02:29 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي تفسير سورة الكهف [ من الآية (83) إلى الآية (91) ]

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (83) إلى الآية (91) ]

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 09:58 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عاصم بن حكيم، عن أبي شريح عن [عـ (؟) .. ... .. ] الخمر، وإن التسنيم عينٌ في الجنة.
قال: {ويسألونك عن [ذي] القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيءٍ سببا}، وإن السبب العلم، وإن {الأب}، ما يأكل الأنعام، وإن الـ {حدائق غلبا}، الملتفة، وإن الربوة المكان المرتفع، وإن الهباء الرماد، وإن ذا القرنين كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة، وإن الذي كان معه فتاه ليس بموسى الذي كلم ولكن كان أعلم من على ظهر الأرض إلا الملك الذي لقي). [الجامع في علوم القرآن: 1/4]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (فأخبرني إسرائيل عن سماك بن حرب عن حبيب بن خماش الأسدي قال أتي رجل فسأل عليا وأنا عنده عن ذي القرنين فقال هو عبد صالح ناصح لله فأطاع الله فسخر له السحاب فحمله عليه ومد له في الأسباب وبسط له في النور ثم قال للرجل أيسرك أن أزيدك فسكت الرجل وجلس). [تفسير عبد الرزاق: 1/410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرًا (83) إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا (84) فأتبع سببًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ويسألك يا محمّد هؤلاء المشركون عن ذي القرنين ما كان شأنه؟ وما كانت قصّته؟ فقل لهم: سأتلو عليكم من خبره ذكرًا يقول: سأقصّ عليكم منه خبرًا. وقد قيل: إنّ الّذين سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أمر ذي القرنين كانوا قومًا من أهل الكتاب. فأمّا الخبر بأنّ الّذين سألوه عن ذلك كانوا مشركي قومه فقد ذكرناه قبل.
وأمّا الخبر بأنّ الّذين سألوه كانوا قومًا من أهل الكتاب
- فحدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، عن ابن لهيعة، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن زياد بن أنعمٍ، عن شيخين، من تجيبٍ، قال: أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلى عقبة بن عامرٍ نتحدّث، قالا: فأتيناه فقالا: جئنا لتحدّثنا، فقال: كنت يومًا أخدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخرجت من عنده، فلقيني قومٌ من أهل الكتاب، فقالوا: نريد أن نسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فاستأذن لنا عليه، فدخلت عليه، فأخبرته، فقال: " ما لي وما لهم، ما لي علمٌ إلاّ ما علّمني اللّه " ثمّ قال: " اسكب لي ماءً " فتوضّأ ثمّ صلّى، قال: فما فرغ حتّى عرفت السّرور في وجهه، ثمّ قال: " أدخلهم عليّ، ومن رأيت من أصحابي " فدخلوا فقاموا بين يديه، فقال: " إن شئتم سألتم فأخبرتكم عمّا تجدونه في كتابكم مكتوبًا، وإن شئتم أخبرتكم "، قالوا: بل أخبرنا، قال: " جئتم تسألوني عن ذي القرنين، وما تجدونه في كتابكم: كان شابًّا من الرّوم، فجاء فبنى مدينة مصر الإسكندريّة، فلمّا فرغ جاءه ملكٌ فعلا به في السّماء، فقال له ما ترى؟ فقال: أرى مدينتي ومدائن، ثمّ علا به، فقال: ما ترى؟ فقال: أرى مدينتي، ثمّ علا به فقال: ما ترى؟ قال: أرى الأرض، قال: فهذا اليمّ محيطٌ بالدّنيا، إنّ اللّه بعثني إليك تعلّم الجاهل، وتثبّت العالم، فأتى به السّدّ، وهما جبلان ليّنان يزلق عنهما كلّ شيءٍ، ثمّ مضى به حتّى جاوز يأجوج ومأجوج، ثمّ مضى به إلى أمّةٍ أخرى، وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثمّ مضى به حتّى قطع به أمّةً أخرى يقاتلون هؤلاء الّذين وجوههم وجوه الكلاب، ثمّ مضى حتّى قطع به هؤلاء إلى أمّةٍ أخرى قد سمّاهم ".
واختلف أهل العلم في المعنى الّذي من أجله قيل لذي القرنين: ذو القرنين، فقال بعضهم: قيل له ذلك من أجل أنّه ضرب على قرنه فهلك، ثمّ أحيي فضرب على القرن الآخر فهلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن عبيدٍ المكتب، عن أبي الطّفيل، قال: سأل ابن الكوّاء عليًّا عن ذي القرنين، فقال: هو عبدٌ أحبّ اللّه فأحبّه، وناصح اللّه فنصحه، فأمرهم بتقوى اللّه فضربوه على قرنه فقتلوه، ثمّ بعثه اللّه، فضربوه على قرنه فمات.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن أبي الطّفيل، قال: سئل عليٌّ رضوان اللّه عليه عن ذي القرنين، فقال: كان عبدًا ناصح اللّه فناصحه، فدعا قومه إلى اللّه، فضربوه على قرنه فمات، فأحياه اللّه، فدعا قومه إلى اللّه، فضربوه على قرنه فمات، فسمّي ذا القرنين.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل، قال: سمعت عليًّا وسألوه عن ذي القرنين أنبيًّا كان؟ قال: كان عبدًا صالحًا، أحبّ اللّه فأحبّه، وناصح اللّه فنصحه، فبعثه اللّه إلى قومه، فضربوه ضربتين في رأسه، فسمّي ذا القرنين. وفيكم اليوم مثله.
وقال آخرون في ذلك بما؛
- حدّثني به محمّد بن سهلٍ البخاريّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ، قال: قال وهب بن منبّهٍ: كان ذو القرنين ملكًا، فقيل له: فلم سمّي ذا القرنين؟ قال: اختلف فيه أهل الكتاب، فقال بعضهم: ملك الرّوم وفارس وقال بعضهم: كان في رأسه شبه القرنين.
وقال آخرون: إنّما سمّي ذلك لأنّ صفحتي رأسه كانتا من نحاسٍ
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، قال: حدّثني من لا أتّهم عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، قال: إنّما سمّي ذا القرنين أنّ صفحتي رأسه كانتا من نحاس). [جامع البيان: 15/368-371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 83.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد، قال: ومن هو قالوا: ذو القرنين، قال: ما بلغني عنه شيء، فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا} ). [الدر المنثور: 9/630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال: دخل بعض أهل الكتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقالوا: يا أبا القاسم كيف تقول في رجل كان يسيح في الأرض قال: لا علم لي به، فبينما هم على ذلك إذ سمعوا نقيضا فب السقف ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غمة الوحي ثم سري عنه فتلا {ويسألونك عن ذي القرنين} الآية، فلما ذكر السد قالوا: أتاك خبره يا أبا القاسم حسبك). [الدر المنثور: 9/630-631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أدري أتبع كان لعينا أم لا وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا). [الدر المنثور: 9/631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال: سئل علي عن ذي القرنين: أنبي هو فقال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: هو عبد ناصح الله فنصحه). [الدر المنثور: 9/631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه من طريق أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علي بن أبي طالب عن ذي القرنين: أنبيا كان أم ملكا قال: لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح لله فنصحه، بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه فمات ثم أحياه الله لجهادهم، ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر فمات فأحياه الله لجهادهم، فلذلك سمي ذا القرنين وإن فيكم مثله). [الدر المنثور: 9/631-632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ذو القرنين نبي). [الدر المنثور: 9/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحوص بن حكيم عن أبيه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: سئل عن ذي القرنين فقال: هو ملك مسح الأرض بالإحسان). [الدر المنثور: 9/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان الكلاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال: ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب). [الدر المنثور: 9/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ عن عمر أنه سمع رجلا ينادي بمنى: يا ذا القرنين فقال له عمر رضي الله عنه: ها أنتم قد سميتم بأسماء الأنبياء فما بالكم وأسماء الملائكة). [الدر المنثور: 9/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير أن ذا القرنين ملك من الملائكة أهبطه الله إلى الأرض وآتاه من كل شيء سببا). [الدر المنثور: 9/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الشيرازي في الألقاب عن جبير بن نفير أن أحبارا من اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: حدثنا عن ذي القرنين إن كنت نبيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو ملك مسح الأرض بالأسباب). [الدر المنثور: 9/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: كان نذير واحد بلغ ما بين المشرق والمغرب ذو القرنين بلغ السدين وكان نذيرا ولم أسمع بحق أنه كان نبيا). [الدر المنثور: 9/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الورقاء قال: قلت لعلي بن أبي طالب: ذو القرنين ما كان قرناه قال: لعلك تحسب أن قرنيه ذهب أو فضة كان نبيا فبعثه الله إلى أناس فدعاهم إلى الله تعالى فقام رجل فضرب قرنه الأيسر فمات ثم بعثه الله فأحياه ثم بعثه إلى ناس فقام رجل فضرب قرنه الأيمن فمات فسماه الله ذا القرنين). [الدر المنثور: 9/633-634]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر قال: إنما سمي ذو القرنين ذا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه في الله وكان أسود). [الدر المنثور: 9/634]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه أن ذا القرنين أول من لبس العمامة وذاك أنه كان في رأسه قرنان كالظلفين متحركان فلبس العمامة من أجل ذلك وأنه دخل الحمام ودخل كاتبه معه فوضع ذو القرنين العمامة فقال لكاتبه: هذا أمر لم يطلع عليه خلق غيرك فإن سمعت به من أحد قتلتك، فخرج الكاتب من الحمام فأخذه كهيئة الموت فأتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى: ألا إن للملك قرنين، فأنبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان إذا زمر خرج من القصبتين: ألا إن للملك قرنين، فانتشر ذلك في المدينة فأرسل ذو القرنين إلى الكاتب فقال: لتصدقني أو لأقتلنك، فقص عليه الكاتب القصة فقال ذو القرنين: هذا أمر أرد الله أن يبديه، فوضع العمامة عن رأسه). [الدر المنثور: 9/634-635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر الجهني قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا: من يستأذن لنا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدخلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: ما لي ولهم سألوني عما لا أدري إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما أعلمني ربي عز وجل، ثم قال: ابغني وضوءا فأتيته بوضوء فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم انصرف فقال - وأنا أرى السرور والبشر في وجهه - أدخل القوم علي ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا علي فأذنت لهم فدخلوا فقال: إن شئتم أخبرتكم بما جئتم تسألوني عنه من قبل أن تكلموا وإن شئتم فتكلموا قبل أن أقول، قالوا: بل فأخبرنا، قال: جئتم تسألوني عن ذي القرنين إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل أرض مصر فابتنى مدينة يقال لها اسكندرية فلما فرغ من شأنها بعث الله عز وجل إليه ملكا فعرج به فاستعلى بين السماء ثم قال له: انظر ما تحتك، فقال: أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال: انظر، فقال: قد اختلطت مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر: قال: أرى مدينتي وحدها ولا أرى غيرها، قال له الملك: إنها تلك الأرض كلها والذي ترى يحيط بها هو البحر وإنما أراد ربك أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها فسر فيها فعلم الجاهل وثبت العالم فسار حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء فبنى السد ثم اجتاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج ثم قطعهم فوجد أمة قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى فوجد أمة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة ثم مضى إلى البحر الدائر بالأرض فقالوا: نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت وإنا نجده هكذا في كتابنا). [الدر المنثور: 9/635-637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن الأشج صاحب كعب الأحبار أن ذا القرنين كان رجلا طوافا صالحا فلما وقف على جبل آدم الذي هبط عليه ونظر إلى أثره هاله فقال له الخضر: - وكان صاحب لوائه الأكبر - مالك أيها الملك قال: هذا أثر الآدميين، أرى موضع الكفين والقدمين وهذه القرحة وأرى هذه الأشجار حوله قائمة يابسة يسيل منها ماء أحمر إن لها لشأنا، فقال له الخضر: - وكان قد أعطي العلم والفهم - أيها الملك ألا ترى الورقة المعلقة من النخلة الكبيرة قال: بلى، قال: فهي تخبرك بشأن هذا الموضع، - وكان الخضر يقرأ كل كتاب - فقال: أيها الملك أرى كتابا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من آدم أبي البشر أوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدوي وعدوكم إبليس الذي كان يلين كلامه وفجور أمنيته أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا وألقيت على موضعي هذا لا يلتفت إلي مائتي سنة بخطيئة واحدة حتى درست في الأرض وهذا أثري وهذه الأشجار من دموع عيني فعلي في هذه التربة أنزلت التوبة فتوبوا من قبل أن تندموا وباردوا من قبل أن يبادر بكم وقدموا من قبل أن يقدم بكم، فنزل ذو القرنين فمسح موضع جلوس آدم فإذا هو ثمانون ومائة ميل ثم أحصى الأشجار فإذا هي تسعمائة شجرة كلها من دموع آدم نبتت فلما قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وهي تبكي دما أحمر فقال ذو القرنين للخضر: ارجع بنا فلا طلبت الدنيا بعدها). [الدر المنثور: 9/637-638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن السدي قال: كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع). [الدر المنثور: 9/638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن قال: كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع). [الدر المنثور: 9/638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم، وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب عن عبيد بن يعلى قال: إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة). [الدر المنثور: 9/638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه أنه سئل عن ذي القرنين فقال: لم يوح إليه وكان ملكا، قيل: فلم سمي ذا القرنين فقال: اختلف فيه أهل الكتاب فقال بعضهم: ملك الروم وفارس وقال بعضهم: إنه كان في رأسه شبه القرنين). [الدر المنثور: 9/638-639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن مضر أن هشام بن عبد الملك سأله عن ذي القرنين: أكان نبيا فقال: لا ولكنه إنما أعطي ما أعطي بأربع خصال كان فيه: كان إذا قدر عفا وإذا وعد وفى وإذا حدث صدق ولا يجمع اليوم لغد). [الدر المنثور: 9/639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم عن يونس بن عبيد قال: إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له غديرتان من رأسه من شعر يطأ فيهما). [الدر المنثور: 9/639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية قال: إنما سمي ذا القرنين لأنه قرن ما بين مطلع الشمس ومغربها). [الدر المنثور: 9/639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن شهاب قال: إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها). [الدر المنثور: 9/639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن قتادة قال: الإسكندر هو ذو القرنين). [الدر المنثور: 9/639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن إسحاق عمن يسوق أحاديث الأعاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا صالحا من أهل مصر اسمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح). [الدر المنثور: 9/640]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن عبيد بن عمير أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم فتلقاه). [الدر المنثور: 9/640]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الشيرازي في الألقاب عن قتادة قال: إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له عقيصتان). [الدر المنثور: 9/640]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن ذا القرنين كان من سواس الروم يسوس أمرهم فخير بين ذلال السحاب وصعابها فاختار ذلالها فكان يركب عليها). [الدر المنثور: 9/640-641]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب وأبو الشيخ عن وهب بن منبه اليماني - وكان له علم الأحاديث الأولى - أنه كان يقول: كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر وإنما سمي ذا القرنين لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس فلما بلغ وكان عبدا صالحا قال الله له: يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض منهم أمتان بينهما طول الأرض كلها ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها في وسط الأرض منهم الإنس والجن ويأجوج ومأجوج فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك وأما الأخرى، فعند مطلعها يقال لها منسك وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر فأمة يقال لها تاويل، فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين: يا إلهي أنت قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن هذه الأمم التي تبعثني إليها بأي قوة أكابرهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي حيلة أكايدهم وبأي لسان أناطقهم وكيف لي بأن أحاربهم وبأي سمع أعي قولهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي قلب أعقل عنهم وبأي حكمة أدبر أمرهم وبأي قسط أعدل بينهم وبأي حلم أصابرهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم أتقن أمرهم وبأي يد اسطو عليهم وبأي رجل أطؤهم وبأي طاقة أخصمهم وبأي جند أقاتلهم وبأي رفق أستألفهم، وإنه ليس عندي يا إلهي شيء مما ذكرت يقرن لهم ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم وأنت الرب الرحيم الذي لا يكلف نفسا ولا يحملها إلا طاقتها ولا يعنتها ولا يفدحها بل يرأفها ويرحمها، فقال له الله عز وجل: إني سأطوقك ما حملتك أشرح لك صدرك فيتسع لكل شيء وأشرح لك فهمك فتفقه كل شيء وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شيء وأفتح لك سمعك فتعي كل شيء وأمد لك بصرك فتنفذ كل شيء وأدبر لك أمرك فتتقن كل شيء وأحصر لك فلا يفوتك شيء وأحفظ عليك فلا يغرب عنك شيء وأشد ظهرك فلا يهدك شيء وأشد لك ركبك فلا يغلبك شيء وأشد لك قلبك فلا يروعك شيء وأشد لك عقلك فلا يهولك شيء وأبسط لك يديك فيسطوان فوق كل شيء وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء، وأسخر لك النور والظلمة فأجعلهما جندا من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك الظلمة من ورائك، فلما قيل له ذلك انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله تعالى وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله وألسنة مختلفة وأمورا مشتبهة وأهواء مشتتة وقلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كابرهم بالظلمة وضرب حولهم ثلاثة عساكر منها وأحاطت بهم من كل جانب وحاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله وعبادته، فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيتهم من فوقهم ومن تحتهم ومن كل جانب منهم فماجوا فيها وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه بصوت واحد فكشف عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم والنور من أمامه يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل، وسخر الله يده وقلبه ورأيه ونظره وائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر وإذا عمل عملا أتقنه فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه، فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا قطع الأنهار والبحار فتقها ثم دفع إلى كل إنسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهى إلى هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأمتين اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى وهو يريد تاويل - وهي الأمة اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها - فلما بلغها عمل فيها وجند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج، فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قال له أمة من الإنس صالحة: يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله، كثيرا فيهم مشابهة من الأنس وهم أشباه البهائم وهم يأكلون العشب ويفترسون الدواب والوحش كما يفترسها السباع ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم فإن كانت لهم كثرة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا شك أنهم سيملأون الأرض ويجلون أهلها ويظهرون عليها فيفسدون فيها وليست تمر بنا سنة منذ جاورناهم ورأيناهم إلا ونحن نتوقعهم وننظر أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين، فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال: ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما اغدو إلى الصخور والحديد والنحاس حتى أرتاد بلادهم وأعلم علمهم وأقيس ما بين جبليهم، ثم انطلق يؤمهم حتى دفع إليهم وتوسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد، أنثاهم وذكرهم مبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخاليب في مواضع الأظفار من أيدينا ولهم أنياب وأضراس كأضراس السباع وأنيابها وأحناك كأحناك الإبل قوة يسمع له حركة إذا أكل كحركة الجرة من الإبل أو كقضم الفحل المسن أو الفرس القوي وهم صلب عليهم من الشعر في أجسادهم ما يواريهم وما يتقون به من الحر والبرد إذا أصابهم ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان إحداهما وبرة ظهرها وبطنها والأخرى زغبة ظهرها وبطنها، تسعانه إذا لبسهما يلبس إحداهما ويفترش الأخرى ويصيف في إحداهما ويشتو في الأخرى وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا وقد عرف أجله الذي يموت فيه ومنقطع عمره وذلك أنه لا يموت ميت من ذكورهم حتى يخرج من صلبه ألف ولد ولا تموت الأنثى حتى يخرج من رحمها ألف ولد فإذا كان ذلك أيقن بالموت وتهيأ له، وهم يرزقون التنين في زمان الربيع ويستمطرونه إذا تحينوه كما يستمطر الغيث لحينه فيقذفون منه كل سنة بواحد فيأكلونه عامهم كله إلى مثلها من قابل فيعينهم على كثرتهم وما هم فيه فإذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أثره عليهم فدرت عليهم الإناث وشبقت منهم الذكور وإذا أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت منهم الذكور وأحالت الإناث وتبين أثر ذلك عليهم وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون حيثما التقوا تسافد البهائم، ثم لما عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما - وهي في منقطع أرض الترك مما يلي الشمس - فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له أساسا حتى بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس يذاب ثم يصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض ثم علا وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه محبر من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد فلما فرغ منه وأحكم انطلق عامدا إلى جماعة الإنس والجن فبينما هو يسير إذ رفع إلى أمة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون فوجد أمة مقسطة يقتسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتأسون ويتراحمون.
حالهم واحدة وكلمتهم واحدة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مستقيمة وقلوبهم مؤتلفة وسيرتهم مستوية وقبورهم بأبواب بيوتهم وليس على بيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ولا يقحطون ولا يحردون ولا تصيبهم الآفات التي تصيب الناس وهم أطول الناس أعمارا وليس فيهم مسكين ولا فقير ولا فظ ولا غليظ، فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم أعجب منهم وقال لهم: أخبروني أيها القوم خبركم فإني قد أحصيت الأرض كلها، برها وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها، فلم أجد فيها أحدا مثلكم، فأخبروني خبركم، قالوا: نعم سلنا عما تريد، قال: أخبروني ما بال قبوركم على أبواب بيوتكم قال: عمدا فعلنا ذلك لئلا ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا، قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب قالوا: ليس فينا متهم وليس فينا إلا أمين مؤتمن، قال: فما بالكم ليس عليكم أمراء قالوا: ليس فينا مظالم، قال: فما بالكم ليس بينكم حكام قالوا: لا نختصم، قال: فما بالكم ليس فيكم أغنياء قال: لا نتكاثر، قال: فما بالكم ليس فيكم أشراف قالوا: لا نتنافس، قال: فما بالكم لا تتفاوتون ولا تتفاضلون قالوا: من قبل أنا متواصلون متراحمون، قال: فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون قالوا: من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا، قال: فما بالكم لا تقتتلون ولا تستبون قالوا: من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسسنا أنفسنا بالحلم، قال: فما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة قالوا: من قبل أنا لا نتكاذب ولا نتخادع فلا يغتاب بعضنا بعضا، قال: فأخبروني من أيي تشابهت قلوبكم واعتدلت سيرتكم قالوا: صحت صدورنا فنزع الله بذلك الغل والحسد من قلوبنا، قال: فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير قالوا: من قبل أنا نقسم بالسوية، قال: فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ قالوا: من قبل الذل والتواضع، قال: فما بالكم جعلتم أطول الناس أعمارا قالوا: من قبل أنا نتعاطى الحق ونحكم بالعدل، قال: فما بالكم لا تقحطون قالوا: لا نغفل عن الاستغفار.
قال: فما بالكم لا تحردون قالوا: من قبل أنا وطنا أنفسنا للبلاء منذ كنا وأحببناه وحرصنا عليه فعرينا منه، قال: فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب الناس قالوا: لا نتوكل على غير الله ولا نعمل بأنواء النجوم، قال: حدثوني، أهكذا وجدتم آبائكم يفعلون قالوا: نعم وجدنا آبائنا يرحمون مساكينهم ويواسون فقراءهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويحلمون على من جهل عليهم ويستغفرون لم سبهم ويصلون أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون بعهودهم ويصدقون في مواعيدهم ولا يرغبون عن أكفائهم ولا يستنكفون عن أقاربهم فأصلح الله بذلك أمرهم وحفظهم به ما كانوا أحياء وكان حقا عليه أن يخلفهم في تركتهم، فقال لهم ذو القرنين: لو كنت مقيما لأقمت فيكم ولكني لم أؤمر بالإقامة). [الدر المنثور: 9/641-651]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: كان لذي القرنين صديق من الملائكة يقال له زرافيل وكان لا يزال يتعاهده بالسلام فقال له ذو القرنين: يا زرافيل هل تعلم شيئا يزيد في طول العمر لنزداد شكرا وعبادة قال: ما لي بذلك علم ولكن سأسأل لك عن ذلك في السماء، فعرج زرافيل إلى السماء فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم هبط فقال: إني سألت عما سألتني عنه فأخبرت أن لله عينا في ظلمة هي أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت، قال: فجمع ذو القرنين علماء الأرض إليه فقال: هل تعلمون أن لله عينا في ظلمة فقالوا: ما نعلم ذلك، فقام إليه رجل شاب فقال: وما حاجتك إليها أيها الملك قال: لي بها حاجة، قال: فإني أعلم مكانها، قال: ومن أين علمت مكانها قال: قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها: إن لله عينا خلف مطلع الشمس في ظلمة ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت، فسار ذو القرنين من موضعه الذي كان فيه اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى مطلع الشمس عسكر وجمع العلماء فقال: إني أريد أن أسلك هذه الظلمة بكم فقالوا: إنا نعيذك بالله أن تسلك مسلكا لم يسلكه أحدا من بني آدم قط قبلك، قال: لا بد أن أسلكها، قالوا: إنا نعيذك أن تسلك بنا هذه الظلمة فإنا لا نأمن أن ينفتق علينا بها أمر يكون فيه فساد الأرض، قال: لا بد أن أسلكها، قالوا: فشأنك، فسألهم أي الدواب أبصر قالوا: الخيل، قال: فأي الخيل أبصر قالوا: الإناث، قال: فأي الإناث أبصر قالوا: الأبكار، فانتقى ستة آلاف فرس أنثى بكر ثم انتخب من عسكره ستى آلاف رجل فدفع إلى كل رجل منهم فرسا وولى الخضر منها على ألفي فارس ثم جعله على مقدمته ثم قال: سر أمامي، فقال له الخضر: أيها الملك إني لست آمن هذه الأمة الضلال فيتفرق الناس مني فدفع إليه خرزة حمراء فقال: إذا تفرق الناس فارم هذه الخرزة فإنها ستضيء لك وتصوت حتى تجمع إليك أهل الضلال واستخلف على الناس خليفة وأمره أن يقيم في عسكره اثنتي عشرة سنة فإن هو رجع إلى ذلك وإلا أمر الناس أن يتفرقوا في بلدانهم، ثم أمر الخضر فسار أمامه فكان الخضر إذا أتاه ذو القرنين رحل من منزله ونزل ذو القرنين في منزل الخضر الذي كان فيه فبينا الخضر يسير في تلك الظلمة إذ تفرق الناس عنه فطرح الخرزة من يده فإذا هي على شفير العين والعين في واد فأضاء له ما حول البئر فنزل الخضر ونزع ثيابه ودخل العين فشرب منها واغتسل ثم خرج فجمع عليه ثيابه ثم أخذ الخرزة وركب وخالفه ذو القرنين في غير الطريق الذي أخذ فيه الخضرز فساروا في تلك الظلمة في مقدار ست ليال وأيامهن ولم تكن ظلمة كظلمة الليل إنما كانت ظلمة كهيئة ضباب حتى خرجوا إلى أرض ذات نور ليس فيها شمس ولا قمر ولا نجم فعسكر ثم نزل الناس ثم ركب ذو القرنين وحده فسار حتى انتهى إلى قصر طوله فرسخ في فرسخ فدخل القصر فإذا هو بعمود على حافتي القصر وإذا طائر مذموم، بأنفه سلسلة معلقة في ذلك العود شبه الخطاف أو قريب من الخطاف فقال له الطير: من أنت قال أنا ذو القرنين، قال له الطير: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى تناولت الظلمة انبئني يا ذا القرنين، قال: سل، قال: هل كثر بنيان من الجص والآجر في الناس قال: نعم، فانتفخ الطير حتى سد ثلث ما بين الحائطين ثم قال: يا ذا القرنين أنبئني، قال: سل، قال: هل كثرت المعازف في الناس قال: نعم، فانتفخ حتى سد ثلثي ما بين الحائطين ثم قال: يا ذا القرنين أنبئني، قال: سل، قال: هل كثرت شهادة الزور في الناس قال: نعم، فانتفخ حتى سد ما بين الحائطين واجث ذو القرنين منه فرقا قال له الطير: يا ذا القرنين لا تخف، أنبئني، قال: سل.
قال: هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله قال: لا، قال: هل ترك الناس الغسل من الجنابة قال: لا، قال: فانضم ثلثاه، قال: يا ذا القرنين أنبئني، قال: سل، قال: هل ترك الناس المكتوبة قال: لا، فانضم الطير حتى عاد كما كان ثم قال: يا ذا القرنين انطلق إلى تلك الدرجة فاصعدها فإنك ستلقى من تسأله ويخبرك، فسار حتى انتهى إلى درجة مدرجة فصعد عليها فإذا هو بسطح ممدود لا يرى طرفاه وإذا رجل شاب قائم شاخص ببصره إلى السماء واضع يده على فمه قد قدم رجلا وأخر أخرى فسلم عليه ذو القرنين فرد عليه السلام ثم قال له: من أنت قال: أنا ذو القرنين، قال: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى قطعت الظلمة ووصلت إلي قال: ومن أنت قال: أنا صاحب الصور قد قدمت رجلا وأخرت أخرى ووضعت الصور على فمي وأنا شاخص ببصري إلى السماء أنتظر أمر ربي ثم تناول حجرا فدفعه فقال: انصرف فإن هذا الحجر سيخبرك بتأويل ما أردت، فتصرف [ فانصرف ] ذو القرنين حتى أتى عسكره فنزل وجمع إله العلماء فحدثهم بحديث القصر وحديث العمود والطير وما قال له وما رد عليه حديث صاحب الصور وأنه قد دفع إليه هذا الحجر وقال: إنه سيخبرني بتأويل ما جئت به فأخبروني عن هذا الحجر ما هو وأي شيء أراد بهذا قال: فدعوا بميزان ووضع حجر صاحب الصور في أحدى الكفتين ووضع حجر مثله في الكفة الأخرى فرجح به ثم وضع معه حجر آخر رجح به ثم وضع مائة حجر فرجح بها حتى وضع ألف حجر فرجح بها فقال ذو القرنين: هل عند أحد منكم في هذا الحجر من علم قال - والخضر قاعد بحاله لا يتكلم - فقال له: يا خضر هل عندك في هذا الحجر من علم قال: نعم، قال: وما هو قال الخضر: أيها الملك إن الله ابتلى العالم بالعالم وابتلى الناس بعضهم ببعض وإن الله ابتلاك بي وابتلاني بك، فقال له ذو القرنين: ما أراك إلا قد ظفرت بالأمر الذي جئت أطلبه، قال له الخضر: قد كان ذلك، قال: فائتني، فأخذ الميزان ووضع حجر صاحب الصور في إحدى الكفتين ووضع في الكفة الأخرى حجرا وأخذ قبضة من تراب فوضعها مع الحجر ثم رفع الميزان فرجح الحجر الذي معه التراب على حجر صاحب الصور فقالت العلماء: سبحان الله ربنا، وضعنا مع ألف حجر فمال لها ووضع الخضر معه حجرا واحدا وقبضة من تراب فمال له، فقال له ذو القرنين: أخبرني بتأويل هذا، قال: أخبرك، إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب، قال: صدقت، ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا: أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا قال: من أخذ منه ندم ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو بالزبرجد فندم الآخذ أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج منها زاهدا، أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها حتى مات، ولفظ أبي الشيخ: قال أبو جعفر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها). [الدر المنثور: 9/651-657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق والفريابي، وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سئل عن ذي القرنين فقال: كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه، فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله - وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه سواء فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها). [الدر المنثور: 9/657-658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل: أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد من قبلك ولا يجيء أحد بعدك، فأجابه ذو القرنين: وأين أنا قال له الملك: أنت في الأرض السابعة، فقال ذو القرنين: ما ينجيني فقال: ينجيك اليقين، فقال ذو القرنين: اللهم ارزقني يقينا، فأنجاه الله، قال له الملك: إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا تحدث نفسك أنك
بنيته بحول منك أو قوة فيسلط الله على بنيانك أضعف خلقه فيهدمه، ثم قال له ذو القرنين: ما هذا الجبل قال: هذا الجبل الذي يقال له قاف وهو أخضر والسماء بيضاء وإنما خضرتها من هذا الجبل وهذا الجبل أم الجبال والجبال كلها من عروقه فإذا أراد الله أن يزلزل قرية حرك منه عرقا، ثم إن الملك ناوله عنقودا من عنب وقال له: حبة ترويك وحبة تشبعك وكلما أخذت منه حبة عادت مكانها حبة، ثم خرج من عنده فجاء البنيان الذي أراد الله فقالوا اه: {يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} إلى قوله: {أجعل بينكم وبينهم ردما}.
قال عكرمة رضي الله عنه: هم منسك وناسك وتاويل وراحيل، وقال أبو سعيد رضي الله عنه: هم خمسة وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 9/658-659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن معاوية رضي الله عنه قال: ملك الأرض أربعة: سليمان وذو القرنين ورجل من أهل حلوان ورجل آخر، فقيل له: الخضر قال: لا). [الدر المنثور: 9/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال: إن ذا القرنين ملك الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة مأرب فإذا ذا القرنين كلن يلبس ثياب المساكين ثم يدخل المدائن فينظر من عورتها قبل أن يقتل أهلها فأخبرت بذلك بلقيس فبعثت رسولا ينظر إليه فيصور لها صورته في ملكه حين يقعد وصورته في ثياب المساكين، ثم جعلت كل يوم تطعم المساكين وتجمعهم فجاءها رسولها في صورته فجعلت إحدى صورتيه تليها والأخرى على باب الاسطوانة فكانت تطعم المساكين كل يوم فإذا فرغوا عرضتهم واحدا واحدا فيخرجون حتى جاء ذو القرنين في ثياب المساكين فدخل مدينتها ثم جلس مع المساكين إلى طعامها فقربت إليهم الطعام فلما فرغوا أخرجتهم واحدا واحدا وهي تنظر إلى صورته في ثياب المساكين حتى مر ذو القرنين فنظرت إلى صورته فقالت: أجلسوا هذا وأخرجوا من بقي من المساكين فقال لها: لم أجلستني وإنما أنا مسكين، قالت: لا، أنت ذو القرنين هذه صورتك في ثياب المساكين والله لا تفارقني حتى تكتب لي أمانا بملكي أو أضرب عنقك، فلما رأى ذلك كتب لها أمانا فلم ينج أحد منه غيرها). [الدر المنثور: 9/659-660]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: ملك ذو القرنين اثنتي عشرة سنة). [الدر المنثور: 9/660]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخفي العظمة عن عبيد الله بن أبي جعفر رضي الله عنه قال: كان ذو القرنين في بعض مسيره فمر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجلا منهم فقال له: لقد رأيت شيئا ما رأيت في شيء من مسري، قال: وما هو فوصف له ما رأى منهم، قالوا: أما هذه القبور على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أحدنا فيخرج فيرى القبور ويرجع إلى نفسه فيقول: إلى هذا المصير وإليها صار من كان قبلي.
وأمّا هذه الثياب فإنه لا يكاد الرجل منا يلبس ثيابا أحسن من صاحبه إلا رأى له بذلك فضلا على جليسه.
وأمّا قولك: رجال كلكم ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا القلب لا يشغل بشيء إلا شغل به فجعلنا نسائنا وذريتنا في قرية قريبة وإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها فكان معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما ههنا لأنا خلونا ههنا للعبادة، فقال: ما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت، قال: من أنت قال أنا ذو القرنين، قال: ما أسألك وأنت لا تملك لي شيئا قال: وكيف وقد آتاني الله من كل شيء سببا قال: أتقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي). [الدر المنثور: 9/660-661]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملكها: يا ذا القرنين صف لي الناس، قال: إن محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور ومحادثتك من يعقل بمنزلة من يبل الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ونقل الحجارة من رؤوس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل). [الدر المنثور: 9/661-662]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عاصم بن حكيم، عن أبي شريح عن [عـ (؟) .. ... .. ] الخمر، وإن التسنيم عينٌ في الجنة.
قال: {ويسألونك عن [ذي] القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيءٍ سببا}، وإن السبب العلم). [الجامع في علوم القرآن: 1/4] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} يقول: إنّا وطّأنا له في الأرض {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} يقول وآتيناه من كلّ شيءٍ: يعني ما يتسبّب له إليه وهو العلم به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} يقول علمًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} أي علمًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} قال: من كلّ شيءٍ علمًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} قال: علم كلّ شيءٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاس {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} علمًا.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} يقول: علمًا). [جامع البيان: 15/371-372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 84 - 85.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وآتيناه من كل شيء سببا} قال: علما). [الدر المنثور: 9/662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {وآتيناه من كل شيء سببا} قال: علما، من ذلك تعليم الألسنة كان لا يعرف قوما إلا كلمهم بلسانهم). [الدر المنثور: 9/662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار: تقول أن ذا القرنين كان يربط خيله بالثنايا قال له كعب رضي الله عنه: إن كنت قلت ذاك فإن الله قال: {وآتيناه من كل شيء سببا} ). [الدر المنثور: 9/662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وآتيناه من كل شيء سببا} قال: منازل الأرض وأعلامها). [الدر المنثور: 9/663]

تفسير قوله تعالى: (فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فأتبع سببا قال منازل الأرض). [تفسير عبد الرزاق: 1/407]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأتبع سببًا} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: ( فاتّبع ) بوصل الألف، وتشديد التّاء، بمعنى: سلك وسار، من قول القائل: اتّبعت أثر فلانٍ: إذا قفوته، وسرت وراءه. وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة {فأتبع} بهمزٍ، وتخفيف التّاء، بمعنى لحق.
وأولى القراءتين في ذلك بالصّواب: قراءة من قرأ: " فاتّبع " بوصل الألف، وتشديد التّاء، لأنّ ذلك خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن مسير ذي القرنين في الأرض الّتي مكّن الله له فيها، لا عن لحاقه السّبب، وبذلك جاء تأويل أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، " فاتّبع سببًا " يعني بالسّبب: المنزل.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {سببًا} قال: منزلاً وطريقًا ما بين المشرق والمغرب.
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ " فاتّبع سببًا " قال: طرفي الأرض.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، " فاتّبع سببًا ": أي اتّبع منازل الأرض ومعالمها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله " فاتّبع سببًا " قال: هذه الآن سبب الطّرق كما قال فرعون {يا هامان ابن لي صرحًا لعلّي أبلغ الأسباب أسباب السّموات} قال: طرق السّماوات.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: " فاتّبع سببًا " قال: منازل الأرض.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: " فاتّبع سببًا " قال: المنازل). [جامع البيان: 15/372-374]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فأتبع سببا يعني منزلا وطرقا بين المشرق والمغرب). [تفسير مجاهد: 380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فأتبع سببا} قال: المنزل). [الدر المنثور: 9/662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فأتبع سببا} قال: منزلا وطرفا من المشرق إلى المغرب). [الدر المنثور: 9/663]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {فأتبع سببا} قال: هذه لأن الطريق كما قال فرعون لهامان (ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب) (غافر آية 36) أسباب السموات طريق السموات، قال: والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى، وقرأ (وتقطعت بهم الأسباب) (البقرة آية 166) قال: أسباب الأعمال). [الدر المنثور: 9/663]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلم بن خالدٍ عن إسماعيل بن أميّة قال: اجتمع معاوية بن أبي سفيان وعبد اللّه بن عبّاسٍ، فقال ابن عباس: {وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ}، وقال معاوية: {وجدها تغرب في عينٍ} حامئةٍ؛ فأرسل معاوية إلى كعب الأحبار فقال: إنّي اختلفت وابن عبّاسٍ في هذه الآية، فقلت: {في عينٍ} حامئةٍ، وقال ابن عبّاسٍ: {في عينٍ حمئةٍ}؛ فقال كعبٌ: أنتم أعلم بالقرآن منّي، أمّا هي فتغيب في ثأطٍ). [الجامع في علوم القرآن: 3/57-58]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان بن عيينة يحدّث عن عمرو بن دينارٍ عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ قال: خالفني عمرو بن العاص ونحن عند معاوية، فقال: ابن عباس: {في عينٍ حمئةٍ}، وقال عمرٌو: {في عينٍ} حامئةٍ؛ فسألنا كعبًا فقال: إنّها لفي كتاب اللّه المنزل لتغرب في طينةٍ سوداء). [الجامع في علوم القرآن: 3/58]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني [نافع بن أبي] نعيم قال: سمعت عبد الرّحمن الأعرج يقول: كان ابن عباس يقرأ: {في عين [حمئةٍ]}، ثم فسرها: ذات حماةٍ.
قال: وقال لي نافعٌ: وسئل عنها كعبٌ، فقال: أنتم أعلم بالقرآن منّي، ولكنّي أجدها في كتاب اللّه تغيب في طينةٍ سوداء). [الجامع في علوم القرآن: 3/58]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان بن عيينة يحدث عن عمرو ابن دينارٍ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ أنّه قرأ: حرّم {على قريةٍ}؛ وقرأ: دارست؛ وقرأ: {في عينٍ حمئةٍ}.
قال عمرو: وسمعت عبد اللّه بن الزّبير يقول: إنّ صبيانًا هاهنا يقرؤون: وحرم، ويقرؤون: دارست، وإنما هي {درست}، ويقولون: {حمئةٍ}، وهي حامئةٍ). [الجامع في علوم القرآن: 3/58]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال أخبرني عمرو بن كيسان أن ابن عباس كان يقرؤها (دارست) تلوت خاصمت جادلت قال عمرو وسمعت ابن الزبير يقول إن صبيانا ها هنا يقرؤون (دارست) وإنما هي درست ويقرؤون (وحرْم على قرية أهلكناها) وإنما هي: {وحرام على قرية} ويقرأون {في عين حمئة} وإنما هي حامية قال عمرو وكان ابن عباس يخالفه في كلهن). [تفسير عبد الرزاق: 1/216] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى عين حمئة قال حارة وكذلك قرأها الحسن.
قال معمر وقال الكلبي طينة سوداء). [تفسير عبد الرزاق: 1/410]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال أخبرني إسماعيل بن أمية أن معاوية قرأها (في عين حامية) وقرأها ابن عباس {في عين حمئة} فقال ابن عباس فأرسل إلى كعب فاسأله فيما تغرب فأرسل إليه فقال تغرب في ثأط يعني طينة سوداء). [تفسير عبد الرزاق: 1/411]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا أن التيمي قال أخبرني خليل بن أحمد قال حدثني عثمان بن أبي حاضر قال لي ابن عباس لو رأيت إلي وإلى معاوية وقرأت في عين حمئة فقال حامية ودخل كعب فسأله فقال أنتم أعلم بالعربية مني ولكنها تغرب في عين سوداء أو قال في حمأة لا أدري أي ذلك قال خليل الذي شك فقال ألا أنشدك قصيدة تبع
قد كان ذو القرنين عمي مسلما = ملكا تدين له الملوك وتفتدي
فأتى المشارق والمغارب يبتغي = أسباب ملك من حكيم مرشد
[تفسير عبد الرزاق: 1/411]
فرأى مغيب الشمس عند مغابها = في عين ذي خلب وثأط حرمد). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن المبارك عن عمرو بن منذول بن مهران عن عثمان ابن أبي حاضر نحوا من هذا قال فقال له ابن عباس ما الخلب قال الطين بلسانهم قال فما الثأط قال الحمأة قال فما الحرمد قال الشديد السواد قال يا غلام ايتني بالدواة فكتبه). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني ابن التيمي عن أبيه أن معاوية قرأ (حامية) وقرأ ابن عباس {حمئة} وسئل عنها ابن عمر فقال حامية فسأل عنها كعبا فقال إنها تغرب في ماء وطين فقال ابن عباس إنا نحن أعلم). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا عبد العزيز بن عمران قال: وأخبرني نافعٌ قال: سمعت عبد الرّحمن الأعرج يقول: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: {في عينٍ حمئةٍ}. ثمّ فسّرها ذات حمأةٍ.
قال لي نافعٌ. وسئل عنها كعبٌ فقال: أنتم أعلم بالقرآن منّي ولكنّي أجدها في الكتاب: تغيب في طينة سوداء). [جزء تفسير نافع بن أبي نعيم: 42]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا عبد العزيز بن عمران قال: ثنا ابن وهبٍ قال: ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم قال نافع بن أبي نعيمٍ القارئ قال: حدّثني الأعرج قال: سمعت عبد اللّه بن عبّاسٍ يقرأ: ((في عين حمئة)) ذات حمأةٍ قال عبد العزيز: هذا سماعٌ والأوّل عرضٌ. قال أبو جعفرٍ: حديثان في صفحٍ واحدٍ في موضعين، في موضع ابن وهبٍ قال: حدّثني نافعٌ وفي موضع ابن وهبٍ قال: حدّثني سعيد بن أبي مريم). [جزء تفسير نافع بن أبي نعيم: 43]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {عينٍ حمئةٍ} قال: الحمأة السّوداء). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 96]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ ووجد عندها قومًا قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنًا}.
يقول تعالى ذكره: {حتّى إذا بلغ} ذو القرنين {مغرب الشّمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} فاختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء المدينة والبصرة: {في عينٍ حمئةٍ} بمعنى: أنّها تغرب في عين ماءٍ ذات حمأةٍ، وقرأته جماعةٌ من قرّاء المدينة، وعامّة قرّاء الكوفة: ( في عينٍ حاميةٍ ) يعني أنّها تغرب في عين ماءٍ حارّةٍ.
واختلف أهل التّأويل في تأويلهم ذلك على نحو اختلاف القرّاء في قراءته
ذكر من قال ذلك: {تغرب في عينٍ حمئةٍ}:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} قال: في طينٍ أسود.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ {في عينٍ حمئةٍ} قال: ذات حمأةٍ.
- حدّثنا الحسن بن الجنيد، قال: حدّثنا سعيد بن مسلمة، قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّة، عن عثمان بن حاضرٍ، قال: سمعت عبد اللّه بن عبّاسٍ يقول: قرأ معاوية هذه الآية، فقال: " عينٍ حاميةٍ " فقال ابن عبّاسٍ: إنّها عينٌ حمئةٌ. قال: فجعلا كعبًا بينهما، قال: فأرسلا إلى كعب الأحبار فسألاه فقال كعبٌ: أمّا الشّمس فإنّها تغيب في ثأطٍ فكانت على ما قال ابن عبّاسٍ والثّأط: الطّين.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني نافع بن أبي نعيمٍ، قال: سمعت عبد الرّحمن الأعرج يقول: كان ابن عبّاسٍ يقول {في عينٍ حمئةٍ} ثمّ فسّرها: ذات حمأةٍ.
- قال نافعٌ: وسئل عنها كعبٌ، فقال: أنتم أعلم بالقرآن منّي، ولكنّي أجدها في الكتاب تغيب في طينةٍ سوداء.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} قال: هي الحمأة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول الله {حمئةٍ} قال: ثأطٌ.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن،، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {في عينٍ حمئةٍ} طينةٍ سوداء ثأطٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه عزّ ذكره {تغرب في عينٍ حمئةٍ} قال: ثأطةٌ.
- قال: وأخبرني عمرو بن دينارٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قرأت {في عينٍ حمئةٍ} وقرأ عمرو بن العاص ( في عينٍ حاميةٍ ) فأرسلنا إلى كعبٍ، فقال: إنّها تغرب في حمأة طينةٍ سوداء.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {تغرب في عينٍ حمئةٍ} والحمئة: الحمأة السّوداء.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا مروان بن معاوية، عن ورقاء، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ هذا الحرف {في عينٍ حمئةٍ} ويقول: حمأةٌ سوداء تغرب فيها الشّمس.
وقال آخرون: بل هي تغيب في عينٍ حارّةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، " وجدها تغرب في عينٍ حاميةٍ " يقول: في عينٍ حارّةٍ.
- حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن، يقول: " في عينٍ حاميةٍ " قال: حارّةٌ.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: " في عينٍ حاميةٍ " قال: حارّةٌ، وكذلك قرأها الحسن.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولكلّ واحدةٍ منهما وجهٌ صحيحٌ ومعنًى مفهومٌ، وكلا وجهيه غير مفسدٍ أحدهما صاحبه، وذلك أنّه جائزٌ أن تكون الشّمس تغرب في عينٍ حارّةٍ ذات حمأةٍ وطينٍ، فيكون القارئ في عينٍ حاميةٍ واصفها بصفتها الّتي هي لها، وهي الحرارة، ويكون القارئ في عينٍ حمئةٍ واصفها بصفتها الّتي هي بها وهي أنّها ذات حمأةٍ وطينٍ. وقد روي بكلتى صفتيها اللّتين قلت إنّهما من صفتها أخبارٌ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العوّام، قال: حدّثني مولًى لعبد اللّه بن عمرٍو، عن عبد اللّه، قال: نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الشّمس حين غابت، فقال: " في نار اللّه الحامية، في نار اللّه الحامية، لولا ما يزعها من أمر اللّه لأحرقت ما على الأرض ".
- حدّثني الفضل بن داود الواسطيّ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا محمّد بن دينارٍ، عن سعد بن أوسٍ، عن مصدعٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أقرأه: {حمئةٍ}.
وقوله: {ووجد عندها قومًا} ذكر أنّ أولئك القوم يقال لهم: ناسك.
وقوله: {قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب} يقول: إمّا أن تقتلهم إن هم لم يدخلوا في الإقرار بتوحيد اللّه، ويذعنوا لك بما تدعوهم إليه من طاعة ربّهم {وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنًا} يقول: وإمّا أن تأسرهم فتعلّمهم الهدى وتبصّرهم الرّشاد). [جامع البيان: 15/374-379]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن حصين بن عبد الرحمن عن مجاهد قال لم يملك الأرض كلها إلا أربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان بن داود وذو القرنين والكافران نمروذ بن كوش وبخت نصر). [تفسير مجاهد: 380]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في عين حمئة يعني طينة سوداء ثأط). [تفسير مجاهد: 380]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {في عينٍ حمئةٍ} [الكهف: 86].
- عن ابن عبّاسٍ «أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قرأ: في عينٍ حمئةٍ».
رواه الطّبرانيّ عن شيخه الوليد بن عدّاسٍ المصريّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/54]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو بكرٍ، وأحمد بن منيعٍ: حدثنا يزيد بن هارون، ثنا العوّام بن حوشبٍ، حدّثني مولًى لعبد اللّه بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن عمرٍو رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم الشّمس حين غربت، فقال: " في نار اللّه الحامية لولا ما يزعها من أمر الله عز وجل لأهلكت ما على الأرض".
-وقال أبو يعلى: حدّثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد به). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/33-35]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا هشام بن يوسف في تفسير ابن جريجٍ: {ووجد عندها قومًا} قال: مدينةً لها اثنا عشر ألف بابٍ، لولا أصوات أهلها لسمع النّاس دويّ الشّمس حين تجب.
- فحدّث الحسن عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ستراً " بناءً. لم يبن فيها بناءٌ قطّ.
ولم يبن عليهم فيها بناءٌ قطّ. كانوا إذا طلعت الشّمس دخلوا أسرابًا لهم حتّى تزول الشّمس). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/37-38]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 86.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية في سورة الكهف تغرب في عين حامية قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقلت لمعاوية رضي الله عنه: ما نقرؤها إلا {حمئة} فسأل معاوية عبد الله بن عمرو: كيف تقرؤها فقال عبد الله: كما قرأتها، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقلت لمعاوية: في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له: أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال له كعب رضي الله عنه: سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى المغرب -، قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه: لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في {حمئة}، قال ابن عباس: وما هو قلت: فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم وإتباعه إياه:
قد كان ذو القرنين عمرو مسلما * ملكا تدين له الملوك وتحسد
فأتى المشارق والمغارب يبتغي * أسباب ملك من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثاط حرمد
فقال ابن عباس: ما الخلب قلت: الطين بكلامهم، قال: فما الثاط قلت: الحمأة، قال: فما الحرمد قلت: الأسود، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاما فقال له: اكتب ما يقول هذا الرجل). [الدر المنثور: 9/663-665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي كعب رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {في عين حمئة} ). [الدر المنثور: 9/665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {في عين حمئة} ). [الدر المنثور: 9/665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الأشكال من طريق مصداع بن يحيى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {تغرب في عين حمئة} مخففة). [الدر المنثور: 9/665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها {في عين حمئة} ثم قرأها (ذات حمئة) ). [الدر المنثور: 9/665-666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {في عين حمئة} قال كعب رضي الله عنه: ما سمعت أحدا يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في حمئة سوداء). [الدر المنثور: 9/666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في {حمئة} وحامية قرأتها {في عين حمئة} فقال عمرو: حامية فسألنا كعبا فقال: إنها في كتاب الله المنزل تغرب في طينة سوداء). [الدر المنثور: 9/666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر عن ابن عباس قال: كنا عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت له: ما نقرؤها إلا {في عين حمئة} فأرسل معاوية إلى كعب فقال: أين تجد الشمس في التوراة تغرب قال: أما العربية فلا علم لي بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين). [الدر المنثور: 9/666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يقرأ في عين حامية). [الدر المنثور: 9/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في عين حامية يقول: حارة). [الدر المنثور: 9/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن أبي شيبة، وابن منيع وابو يعلى، وابن جرير، وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال: نار الله الحامية لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض). [الدر المنثور: 9/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ذر قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال: أتدري أين تغرب قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تغرب في عين حامية غير مهموزة). [الدر المنثور: 9/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال: بلغني أن الشمس تغرب في عين تقذفها العين إلى المشرق). [الدر المنثور: 9/668]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن ابن جريج في قوله: {ووجد عندها قوما} قال: مدينة لها اثنا عشر ألفا باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب). [الدر المنثور: 9/668]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال: كان يقال: لولا لغط أهل الرومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع). [الدر المنثور: 9/668]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال: لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين تقع عند غروبها). [الدر المنثور: 9/668]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى أما من ظلم فسوف نعذبه قال هو القتل). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال أمّا من ظلم فسوف نعذّبه ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابًا نكرًا}.
يقول جلّ ثناؤه {قال أمّا من ظلم فسوف نعذّبه} يقول: أمّا من كفر فسوف نقتله كما؛
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {أمّا من ظلم فسوف نعذّبه} قال: هو القتل.
وقوله: {ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابًا نكرًا} يقول: ثمّ يرجع إلى اللّه تعالى بعد قتله، فيعذّبه عذابًا عظيمًا، وهو النّكر، وذلك عذاب جهنّم). [جامع البيان: 15/379]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 87 - 100.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم في قوله: {قال أما من ظلم} قال: من أشرك). [الدر المنثور: 9/669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فسوف نعذبه} قال: القتل). [الدر المنثور: 9/669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم توقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها). [الدر المنثور: 9/669]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمّا من آمن وعمل صالحًا فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرًا}.
يقول: وأمّا من صدق اللّه منهم ووحّده، وعمل بطاعته، فله عند اللّه الحسنى، وهي الجنّة {جزاءً} يعني ثوابًا على إيمانه، وطاعته ربّه.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة وبعض أهل البصرة والكوفة: " فله جزاءً الحسنى " برفع الجزاء وإضافته إلى الحسنى.
وإذا قرئ ذلك كذلك، فله وجهان من التّأويل: أحدهما: أن يجعل الحسنى مرادًا بها إيمانه وأعماله الصّالحة، فيكون معنى الكلام إذا أريد بها ذلك: وأمّا من آمن وعمل صالحًا فله جزاؤها، يعني جزاء هذه الأفعال الحسنة.
والوجه الثّاني: أن يكون معنيًّا بالحسنى: الجنّة، وأضيف الجزاء إليها، كما قيل {ولدار الآخرة خيرٌ} والدّار: هي الآخرة، وكما قال: {وذلك دين القيّمة} والدّين هو القيّم.
وقرأ آخرون: " فله جزاء الحسنى " بمعنى: فله الجنّة جزاءً فيكون الجزاء منصوبًا على المصدر، بمعنى: يجازيهم جزاء الجنّة.
وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك عندي قراءة من قرأه: {فله جزاءً الحسنى} بنصب الجزاء وتنوينه على المعنى الّذي وصفت، من أنّ لهم الجنّة جزاءً، فيكون الجزاء نصبًا على التّفسير.
وقوله: {وسنقول له من أمرنا يسرًا} يقول: وسنعلّمه نحن في الدّنيا ما تيسّر لنا تعليمه ممّا يقرّ به إلى اللّه ويلين له من القول.
وكان مجاهدٌ يقول نحوًا ممّا قلنا في ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من أمرنا يسرًا} قال: معروفًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 15/379-381]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وسنقول له من أمرنا يسرا قال يعني معروفا). [تفسير مجاهد: 380-381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله: {فله جزاء الحسنى} قال: الحسنى له جزاء). [الدر المنثور: 9/669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وسنقول له من أمرنا يسرا} قال: معروفا، والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 9/669]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ أتبع سببًا (89) حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا (90) كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ سار وسلك ذو القرنين طرقًا ومنازل، كما؛
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمّ أتبع سببًا} يعني منزلاً.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ثمّ أتبع سببًا} منازل الأرض ومعالمها). [جامع البيان: 15/381]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى لم نجعل لهم من دونها سترا يقال إنها الزنج قال معمر وقال قتادة بلغنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليه بنيان فكانوا يدخلون في أسراب لهم إذا طلعت الشمس حتى تزول عنهم ثم يخرجوا إلى معايشهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/412]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} يقول تعالى ذكره: ووجد ذو القرنين الشّمس تطلع على قومٍ لم يجعل الله لهم دون الشمس سترًا، وذلك أنّ أرضهم لا جبل فيها ولا شجر، ولا تحتمل بناءً، فيسكنوا البيوت، وإنّما يغورون في المياه، ويسربون في الأسراب. كما؛
- حدّثني إبراهيم بن المستمرّ، قال: حدّثنا سليمان بن داود، وأبو داود،
قال: حدّثنا سهل بن أبي الصّلت السّرّاج، عن الحسن، {تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: كانت أرضًا لا تحتمل البناء، وكانوا إذا طلعت عليهم الشّمس تغوّروا في الماء، فإذا غربت خرجوا يتراعون، كما ترعى البهائم قال: ثمّ قال الحسن: هذا حديث سمرة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} ذكر لنا أنّهم كانوا في مكانٍ لا يستقرّ عليه البناء، وأنهم يكونون في أسرابٍ لهم، حتّى إذا زالت عنهم الشّمس خرجوا إلى معايشهم وحروثهم، قال: كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: لم يبنوا فيها بناءً قطّ، ولم يبن عليهم فيها بناءٌ قطّ، وكانوا إذا طلعت الشّمس دخلوا أسرابًا لهم حتّى تزول الشّمس، أو دخلوا البحر، وذلك أنّ أرضهم ليس فيها جبلٌ، وجاءهم جيشٌ مرّةً، فقال لهم أهلها: لا تطلعنّ عليكم الشّمس وأنتم بها، فقالوا: لا نبرح حتّى تطلع الشّمس، ما هذه العظام؟ قالوا: هذه جيف جيشٍ طلعت عليهم الشّمس هاهنا فماتوا، قال: فذهبوا هاربين في الأرض.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: بلغنا أنّهم كانوا في مكانٍ لا يثبت عليه بنيان، فكانوا يدخلون في أسرابٍ لهم إذا طلعت الشّمس، حتّى تزول عنهم، ثمّ يخرجون إلى معايشهم.
وقال آخرون: هم الزّنج.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: يقال: هم الزّنج). [جامع البيان: 15/381-383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن جريج في قوله: {حتى إذا بلغ مطلع الشمس} الآية، قال: حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب، قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: {لم نجعل لهم من دونها سترا} أنها لم يبن فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس). [الدر المنثور: 9/669-670]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا} قال: أرضهم لا تحتمل البناء فإذا طلعت الشمس تغور في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم، ثم قال الحسن: هذا حديث سمرة). [الدر المنثور: 9/670]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها شيء فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم). [الدر المنثور: 9/670]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال: ليست لهم أكناف إذا طلعت الشمس طلعت عليهم لأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى). [الدر المنثور: 9/670]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وجدها تطلع على قوم} الآية، قال: يقال لهم الزنج). [الدر المنثور: 9/670-671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال: تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم الغيران فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم). [الدر المنثور: 9/671]

تفسير قوله تعالى: (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {كذلك} فإنّ معناه: ثمّ اتّبع سببًا كذلك، حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس، وكذلك: من صلة أتبع. وإنّما معنى الكلام: ثمّ أتبع سببًا، حتّى بلغ مطلع الشّمس، كما أتبع سببًا حتّى بلغ مغربها.
وقوله: {وقد أحطنا بما لديه خبرًا} يقول: وقد أحطنا بما عند مطلع الشّمس علمًا، لا يخفى علينا ممّا هنالك من الخلق وأحوالهم وأسبابهم، ولا من غيرهم شيءٌ.
وبالّذي قلنا في معنى الخبر، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {خبرًا} قال: علمًا.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا} قال: علمًا). [جامع البيان: 15/383-384]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا يعني علما). [تفسير مجاهد: 381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {بما لديه خبرا} قال: علما). [الدر المنثور: 9/671]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 05:47 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويسألونك عن ذي القرنين} [الكهف: 83] سعيدٌ عن قتادة قال: سألت اليهود نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذي القرنين، فأنزل اللّه: {قل سأتلو عليكم منه ذكرًا} [الكهف: 83] يعني خبرًا.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا }

كانت اليهود سألت عن قصة ذي القرنين على جنس الامتحان.
{قل سأتلو عليكم منه ذكرا}
يقال إنه سمي ذا القرنين لأنه كانت، له ضفيرتان، ويروى عن علي عليه السلام أنه قال سمي ذا القرنين لأنه ضرب على جانب رأسه الأيمن، وجانب رأسه الأيسر، أي ضرب على قرني رأسه.
ويجوز أن يكون على مذهب أهل اللغة أن يكون سمّي ذا القرنين لأنه بلغ قطري الدنيا - مشرق الشمس ومغربها). [معاني القرآن: 3/308-307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا}
روى أبو الطفيل أن ابن الكوا سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذي القرنين أكان نبيا أو ملكا فقال لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح الله فنصحه الله ضرب على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله ثم ضرب على قرنه الأيسر فمات ففيكم مثله
قال أبو جعفر وهذا أجل إسناد روى في تسميه بذي القرنين وقد قيل كانت له ضفيرتان وقيل لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب
قال محمد بن إسحاق حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه إن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبان بن مردبه اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح قال ابن هشام واسمه الإسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه
قال محمد بن إسحاق وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب
وقال خالد سمع عمر بن الخطاب رحمة الله عليه رجلا يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بالنبيين حتى تسميتم بالملائكة). [معاني القرآن: 4/285-283]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} [الكهف: 84] بلاغًا بحاجته في تفسير الحسن.
وقال السّدّيّ: علمًا.
وفي تفسير قتادة: علمًا، يعني: علمه الّذي أعطي.
بلغنا أنّه ملك مشارق الأرض ومغاربها). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {وآتيناه من كل شيء سببا} وقالوا: {فليمدد بسبب إلى السماء} قالوا السبب: الطريق والمنهج، والحبل أيضًا يقال له سبب؛ ويقال للرجل الفاضل في الدين: ارتقى فلان في الأسباب). [معاني القرآن لقطرب: 878]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا}
روى على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال علما والمعنى على هذا التفسير علما يصل به إلى المسير في أقطار الأرض). [معاني القرآن: 4/285]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَبَباً}: طريقا). [العمدة في غريب القرآن: 192]

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأتبع سببًا} [الكهف: 85] طرق الأرض ومعالمها بحاجته في تفسير الحسن.
وقال المعلّى بن هلالٍ عن أبي يحيى عن مجاهدٍ: طرق الأرض ومنازلها.
وقال السّدّيّ: علمًا، يعني: علم منازل الأرض والطّرق.
وقال قتادة: منازل الأرض ومعالمها). [تفسير القرآن العظيم: 1/201]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأتبع سبباً...}

قرئت (فأتبع) و(اتّبع) وأتبع أحسن من اتّبع، لأن اتّبعت الرجل إذا كان يسير وأنت تسير وراءه. وإذا قلت أتبعته بقطع الألف فكأنك قفوته). [معاني القرآن: 2/158]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأتبع سبباً} أي طريقاً وأثراً ومنهجاً). [مجاز القرآن: 1/413]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أصحاب عبد الله {فأتبع سببا} أفعل {ثم أتبع سببا} مثله، وكذلك {فأتبعوهم مشرقين}.
الحسن وأهل المدينة {فاتبع} يثقلون على افتعل، إلا أن أبا عمرو وأهل المدينة يقولون {فأتبعوهم مشرقين} على أفعل). [معاني القرآن لقطرب: 859]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السبب والحبل
السّبب أصله: الحبل.
ثم قيل لكل شيء وصلت به إلى موضع، أو حاجة تريدها: سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلني إليك. وما بيني وبينك سبب، أي آصرة رحم، أو عاطفة مودّة.
ومنه قيل للطريق: سبب، لأنّك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال عز وجل: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: طريقا.
وأسباب السماء: أبوابها، لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها. قال الله عز وجل- حكاية عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}.
وقال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه = ولو نالَ أسبابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ).
[تأويل مشكل القرآن: 464]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيء سببا *[فاتّبع] سببا}
ويقرأ (فأتبع) أي آتيناه من كل شيء ما يبلغ به في التمكّن أقطار الأرض.
(سببا) أي علما يوصله إلى حيث يريد، كما سخر الله عزّ وجل لسليمان الريح.
ومعنى {فأتبع سببا} - واللّه أعلم - أي فاتبع سببا من الأسباب التي أوتي). [معاني القرآن: 3/308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {فاتبع سببا} روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال منزلا وطريقا بين المشرق والمغرب). [معاني القرآن: 4/285]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فأتبع سببا} أي طريقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} [الكهف: 86] وهي تقرأ على وجهين: حمئةٍ وحاميةً.
[تفسير القرآن العظيم: 1/201]
- حدّثني المعلّى عن محمّد بن عبيد اللّه عن ابن أبي مليكة قال: مارى ابن عبّاسٍ عمرو بن العاصي في: {عينٍ حمئةٍ} [الكهف: 86] فقال ابن عبّاسٍ: {حمئةٍ} [الكهف: 86]، وقال عمرٌو: «عينٍ حاميةٍ» فجعلا بينهما كعبًا الحبر، فقال كعبٌ: نجدها في التّوراة: تغرب في ماءٍ وطينٍ كما قال ابن عبّاسٍ.
قال يحيى: يعني بالحمأة: الطّين المنتن.
ومن قرأها حاميةٍ يقول: حارّةٍ.
قال: {ووجد عندها قومًا قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب} [الكهف: 86] قال الحسن: يعني القتل.
وذلك حكم اللّه فيمن أظهر الشّرك إلا من حكم عليه بالجزية من أهل الكتاب إذا لم يسلم وأقرّ بالجزية، ومن تقبل منه الجزية اليوم.
{وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنًا} [الكهف: 86] يعني العفو.
تفسير السّدّيّ.
قال: فحكّموه فحكم بينهم، فوافق حكمه حكم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/202]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {حمئةٍ...}

... حدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (حمئةٍ) قال: تغرب في عين سوداء.
وكذلك قرأها ابن عباس ... حدثني سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قرأ (حمئةٍ)، ... حدثني محمد بن عبد العزيز عن مغيرة عن مجاهد أن ابن الزبير قرأ (حامية) وذكر بعض المشيخة عن خصيف عن أبي عبيدة (أن ابن مسعود قرأ) (حاميةٍ).
وقوله: {إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسناً} موضع أن كلتيهما نصب. ولو رفعت كان صواباً أي فإنما هو هذا أو هذا. وأنشدني بعض العرب:
فسيرا فإمّا حاجةٌ تقضيانها = وإما مقيل صالح وصديقا
ولو كان قوله: {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداء} رفعاً كان صواباً؛ والعرب تستأنف بإمّا وإمّا. أنشدني بعض بني عكل:
ومن لا يزل يستودع الناس ماله = تربه على بعض الخطوب الودائع
ترى الناس إمّا جاعلوه وقاية = لمالهم أو تاركوه فضائع
وقايةً ووقاءهم. والنصب على افعل بنا هذا أو هذا، والرفع على هو هذا أو هذا). [معاني القرآن: 2/159-158]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في عينٍ حمئةٍ} تقديرها: فعلةٌ ومرسة وهي مهموزة، لأن مجازها مجاز ذات حمأةٍ، قال:
تجئ بملئها يوماً ويوماً= تجئ بحمأةٍ وقليل ماء
وقال حاتم طيّ:
وسقيت بالماء النّمير ولم= أترك الأطم حمأة الجفر
النمير الماء الذي تسمن عنه الماشية. ومن لم يهمزها جعل مجازه مجاز فعلة من الحرّ الحامي وموضعها حامية). [مجاز القرآن: 1/413]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة عبد الله بن عباس وأهل مكة وأبي عمرو ونافع {في عين حمئة} بالهمز.
وابن مسعود وابن الزبير والحسن {حامية}.
[معاني القرآن لقطرب: 859]
فقمن قرأه "حمئة" فإنهم يقولون: حمئت البئر، حمئًا وحمئًا، مثل خمعًا؛ وحمأتها أنا حمئًا: أخرجت حمأتها؛ وأحمأت البئر إحماءً: جعلتها حمأة.
ومن قال: {حامية} بغير همز؛ فإنها من حميت النار حميًا وحميًا؛ وقالوا اشتد حمي الشمس وحموها؛ وقالوا: أحميت الحديدة في النار، إحماءً؛ وحميت الحمى أيضًا؛ وحميت أنفي حمية؛ وحميت المريض الطعام حمية وحموةً، لغتان بالياء والواو). [معاني القرآن لقطرب: 860]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تغرب في عينٍ حمئةٍ} ذات حمأة. ومن قرأ: حامية، أراد حارة قال الشاعر يذكر ذا القرنين:
فأتي مغيب الشمس عند مآبها في عين ذي خلب وثأط حرمد
والخلب: الطين في بعض اللغات. والثّأط: الحمأة. والحرمد: الأسود). [تفسير غريب القرآن: 270]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا}
{حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عين حامية}
ويقرأ (حمئة) بالهمز فمن قرأ حمئة أراد في عين ذات حمأة، ويقال حمأت البئر إذا أخرجت حمأتها، وأحمأتها - إذا ألقيت فيها الحمأة، وحمئت هي تحمأ فهي حمئة إدا صارت فيها الحمأة.
ومن قرأ حامية بغير همز أراد حارّة، وقد تكون حارّة ذات حمأة.
{ووجد عندها قوما} أي عند العين.
وقوله: {قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا}.
أباحه اللّه - عزّ وجلّ - هذين الحكمين كما أباح محمدا - صلى الله عليه وسلم - الحكم بين أهل الكتاب أو الإعراض عنهم). [معاني القرآن: 3/309-308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة}
قرأ عبد الله بن مسعود وابن الزبير حامية وقرأ ابن عباس حمئة
قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سمعت أبا حاضر يقول سمعت ابن عباس يقول كنت عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت ما نقرؤها إلا حمئة فقال لعبد الله بن عمرو كيف تقرؤها يا عبد الله بن عمرو قال كما قرأتها يا أمير المؤمنين فقلت في بيتي يا أمير المؤمنين أنزل القرآن فأرسل معاوية إلى كعب فقال أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال أما في العربية فأنتم أعلم بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب فقلت لابن عباس لو كنت عندك فرفدتك بكلمة تزداد بها بصيرة في حمئة قال ابن عباس ما هي قلت فيما نأثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين من قوله:

بلغ المشارق والمغارب يبتغي = أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها = في عين ذي خلب وثاط حرمد
فقال ابن عباس ما الخلب فقال الطين بكلامهم قال وما الثاط قلت الحمأة قال وما الحرمد قلت الأسود
قال أبو جعفر فهذا تفسير الحمأة يقال حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة وأحمأتها ألقيت فيها الحمأة وحمأتها أخرجت منها الحمأة
فأما قراءة من قرأ حامية فيحتمل معنيين
أحدهما أن يكون المعنى حمئة فكأنه قال حامئة أي ذات حمأة ثم خففت الهمزة
والمعنى الآخر أن يكون بمعنى حارة ويحوز أن تكون حارة وهي ذات حمأ والله أعلم بحقيقته قال القتبي يجوز أن تكون هذه العين من البحر ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها فيقام حرف الصفة مقام صاحبة والله أعلم بذلك). [معاني القرآن: 4/288-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا}
قال إبراهيم بن السري خيره بين هذين كما خير محمدا صلى الله عليه وسلم فقال فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم
وقال علي بن سليمان المعنى قلنا يا محمد قالوا يا ذا القرنين
قال لأن بعده قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا
فكيف يقول لربه ثم يرد إلى ربه وكيف يقول فسوف تعذبه والعبد لا يخاطب بهذا ولم يصح أن ذا القرنين نبي فيقول الله قلنا يا ذا القرنين
قال أبو جعفر وهذا موضع مشكل وليس بممتنع حذف القول والله أعلم بما أراد). [معاني القرآن: 4/289-288]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {في عين حمئة} و(حامية) فحمئة: كثيرة الحمأة، وحاميه: حارة). [ياقوتة الصراط: 329-328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حمئة} أي ذات حمأة. ومن قرأ (حامية) أراد حارة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال أمّا من ظلم} [الكهف: 87] يعني: من الشّرك.
{فسوف نعذّبه} [الكهف: 87] يعني: القتل.
{ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابًا نكرًا} [الكهف: 87] عظيمًا في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/202]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال أمّا من ظلم فسوف نعذّبه ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابا نكرا}

أي فسوف نعذّبه بالقتل وعذاب اللّه إيّاه بالنار أنكر من عذاب القتل). [معاني القرآن: 3/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة}
قرأ عبد الله بن مسعود وابن الزبير حامية وقرأ ابن عباس حمئة
قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سمعت أبا حاضر يقول سمعت ابن عباس يقول كنت عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت ما نقرؤها إلا حمئة فقال لعبد الله بن عمرو كيف تقرؤها يا عبد الله بن عمرو قال كما قرأتها يا أمير المؤمنين فقلت في بيتي يا أمير المؤمنين أنزل القرآن
فأرسل معاوية إلى كعب فقال أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال أما في العربية فأنتم أعلم بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب فقلت لابن عباس لو كنت عندك فرفدتك بكلمة تزداد بها بصيرة في حمئة قال ابن عباس ما هي قلت فيما نأثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين من قوله:

بلغ المشارق والمغارب يبتغي = أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها = في عين ذي خلب وثاط حرمد
فقال ابن عباس ما الخلب فقال الطين بكلامهم قال وما الثاط قلت الحمأة قال وما الحرمد قلت الأسود
قال أبو جعفر فهذا تفسير الحمأة يقال حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة وأحمأتها ألقيت فيها الحمأة وحمأتها أخرجت منها الحمأة
فأما قراءة من قرأ حامية فيحتمل معنيين
أحدهما أن يكون المعنى حمئة فكأنه قال حامئة أي ذات حمأة ثم خففت الهمزة
والمعنى الآخر أن يكون بمعنى حارة
ويحوز أن تكون حارة وهي ذات حمأ والله أعلم بحقيقته قال القتبي يجوز أن تكون هذه العين من البحر ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها فيقام حرف الصفة مقام صاحبة والله اعلم بذلك). [معاني القرآن: 4/288-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وروى معمر عن قتادة في قوله جل وعز: {فسوف نعذبه} قال بالقتل). [معاني القرآن: 4/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا} لأن عذاب الآخرة أنكر من القتل). [معاني القرآن: 4/290-289]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وأمّا من آمن وعمل صالحًا فله جزاءً الحسنى} [الكهف: 88] سفيان عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: {فله جزاءً الحسنى} [الكهف: 88] قال: هي لا إله إلا اللّه، أي: الحسنى: هي لا إله إلا اللّه.
سفيان عن أبي هاشمٍ صاحب الرّمّان عن مجاهدٍ قال: الجنّة.
وقال السّدّيّ: {فله جزاءً الحسنى} [الكهف: 88] يعني: العفو.
{وسنقول له من أمرنا} [الكهف: 88] ما صحبناه في الدّنيا وصحبنا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/202]
{يسرًا} [الكهف: 88] يعني العارف.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {من أمرنا يسرًا} [الكهف: 88] معروفًا وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فله جزاء الحسنى...}

أي فله جزاء الحسنى نصبت الجزاء على التفسير وهذا مما فسّرت لك. وقوله: {جزاء الحسنى} مضاف. وقد تكون الحسنى حسناته فهو جزاؤها. وتكون الحسنى الجنة، تضيف الجزاء إليها، وهي هو، كما قال {حقّ اليقين} و{دين القيّمة} {ولدار الآخرة خيرٌ} ولو جعلت (الحسنى) رفعاً وقد رفعت الجزاء ونوّنت فيه كان وجهاً. ولم يقرأ به أحد.
فتكون كقراءة مسروق {إنّا زيّنا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب} فخفض الكواكب ترجمة عن الزينة). [معاني القرآن: 2/159]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو وأهل المدينة وأهل مكة {فله جزاء الحسنى} على الإضافة.
وابن أبي إسحاق "فله جزاء الحسنى".
أصحاب عبد الله يحيى وعلقمة {فله جزاء الحسنى} بالنصب.
أما الرفع فعلى: فله جزاء ثم أبدل الحسنى من الجزاء؛ لأن جزاء نكرة، فصار كقولك: مررت برجل أخيك.
وأما النصب في الجزاء فيكون حالاً للحسنى، كأنه قال: له الحسنى جزاء، كقولك: فيها قائمًا زيد). [معاني القرآن لقطرب: 860]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما {يسرا} قال ابن عباس: خيرًا). [معاني القرآن لقطرب: 878]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأمّا من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا}
{وأمّا من آمن وعمل صالحا فله [جزاء] الحسنى}
وتقرأ {جزاء الحسنى}، المعنى فله الحسنى جزاء، وجزاء مصدر موضوع في موضع الحال.
المعنى فله الحسنى مجزيّا بها جزاء.
ومن قرأ {جزاء الحسنى}، أضاف جزاء إلى الحسنى.
وقد قرئ بهما جميعا.
{وسنقول له من أمرنا يسرا} أي نقول له قولا جميلا). [معاني القرآن: 3/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى} قيل الحسنى ههنا الجنة ويقرأ فله جزاء الحسنى
أي الإحسان). [معاني القرآن: 4/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وسنقول له من أمرنا يسرا} أي قولا جميلا). [معاني القرآن: 4/290]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ أتبع سببًا} [الكهف: 89] طرق الأرض ومعالمها لحاجته على ما وصفت من تفسيرهم فيها). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ( {ثم اتبع سببا}: طريقا وأثرا).
[غريب القرآن وتفسيره: 233]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ثمّ أتبع سببا}
أي سببا آخر مما يوصله إلى قطر من أقطار الأرض). [معاني القرآن: 3/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: (ثم اتبع سببا) ويقرأ {ثم أتبع} بقطع الألف أي سببا من الأسباب التي تؤديه إلى أقطار الأرض
قال الأصمعي يقال أتبعت القوم بقطع الألف أي لحقتهم واتبعتهم بوصل الألف إذا مررت في آثارهم وإن لم تلحقهم). [معاني القرآن: 4/291-290]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} [الكهف: 90] سعيدٌ عن قتادة قال: ذكر لنا أنّهم كانوا في مكانٍ لا يستقرّ عليهم البناء وأنّهم يكونون في أسرابٍ لهم حتّى إذا زالت عنهم الشّمس خرجوا في معائشهم وحروثهم.
وقال الحسن: إذا طلعت الشّمس انسربوا في البحر فكانوا فيه حتّى تغيب الشّمس، فإذا غابت الشّمس خرجوا فتسوّقوا وتبايعوا في أسواقهم وقضوا حوائجهم باللّيل). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّم نجعل لّهم مّن دونها ستراً...}

يقول: لا جبل ولا ستر ولا شجر؛ هم عراة). [معاني القرآن: 2/159]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو جعفر وشيبة وابن محيصن وعاصم والأعمش {مطلع الشمس}.
وقراءة عبد الله بن كثير "مطلع" بالفتح؛ وقالوا في اللغة: المطلع حيث تطلع، والمطلع الطلوع نفسه؛ وبعضهم يقول: المطلع في الوجهين جميعًا، كما قالوا: مفرق الطريق ومفرقه؛ ومنصف ومنصف). [معاني القرآن لقطرب: 860]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا}
أي: لم نجعل لهم شيئا يظلهم من سقف ولا لباس). [معاني القرآن: 3/310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا}
أي ليس لهم بنيان ولا قمص
قال الحسن إذا طلعت نزلوا الماء حتى تغرب
فأما معنى كذلك فقيل فيه حكمهم كحكم الذين تغرب عليهم الشمس أي هم كأولئك). [معاني القرآن: 4/291]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا} [الكهف: 91] أي: هكذا كان ما قصّ من أمر ذي القرنين). [تفسير القرآن العظيم: 1/203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {كذلك} يجوز أن يكون وجدها تطلع على قوم كذلك القبيل الذين كانوا عند مغرب الشمس، وأن حكمهم حكم أولئك).
[معاني القرآن: 3/310]



رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 05:53 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
أصد نشاص ذي القرنين حتى = تولى عارض الملك الهمام
...
وذو القرنين: المنذر الأكبر، سمي ذا القرنين بضفيرتين كانتا له). [شرح ديوان امرئ القيس: 563]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله عز وجل تفاسير متضادة قوله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين}، فقال خالد بن معدان: سمع عمر رحمه الله رجلا يقول لرجل: (يا ذا القرنين)، فقال: أما ترضون أن تسموا بأسماء الأنبياء، حتى صرتم تسمون بأسماء الملائكة!
وقال عبد الله بن عمر: ذو القرنين نبي.
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا الفضل بن دكين،
قال: حدثنا العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهد، قال: ملك الأرض: شرقها وغربها أربعة: مؤمنان وكافروا، فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فالذي حاج إبراهيم في ربه –يعني نمروذ، وبخت نصر.
وقال أبو الطفيل عامر بن واثلة: شهدن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن ذي القرنين، أنبيا كان أم ملكا؟ فقال: ليس بنبي ولا ملك، ولكنه عبد صالح أحب الله فأحبه، وناصح الله فناصحه، بعثه الله عز وجل إلى قومه فضربوه على قرنه الأيمن فمات، ثم أحياه الله فدعاهم، فضربوه على قرنه الأيسر فمات، وفيكم مثله.
وقال الحسن: إنما سمي ذو القرنين ذا القرنين؛ لأنه كان في رأسه ضفيرتان من شعر يطأ فيهما، قال لبيد بن ربيعة:
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا = بالحنو في جدث أميم مقيم
أراد بـ(ذي القرنين) النعمان بن المنذر؛ لأنه كانت في رأسه ضفيرتان شعر.
وقال ابن شهاب الزهري: سمي ذا القرنين؛ لأنه بلغ قرن الشمس من مشرقها، وقرنها من مغربها.
وقال وهب بن منبه: سمي ذا القرنين، لأنه ملك فارس والروم). [كتاب الأضداد: 353-355]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) )

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

أصد نشاص ذي القرنين حتى = تولى عارض الملك الهمام
...
وذو القرنين: المنذر الأكبر، سمي ذا القرنين بضفيرتين كانتا له). [شرح ديوان امرئ القيس: 563] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:

ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي: أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:

فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والنِّكر أن يكون الرجل منكرا فطنا ويقال ما أشد نكره والنُّكْر المنكر قال الله جل وعز: {لقد جئت شيئا نُكْرا} ). [إصلاح المنطق: 131] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أتبعت القوم مثل أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم. وأتبعتهم مثال افتعلت إذا مروا بك فمضيت معهم وتبعتهم تبعًا. مثله قال الكسائي: يقال: مازلت أتبعهم أي لحقتهم. أبو عبيد قال: وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأ: "ثم اتبع سبب". بتشديد التاء ومعناها تبع؛ وكذلك قرأها أهل المدينة. وكان الكسائي يقرأ: "ثم
أتبع سببا". مقطوعة الألف، معناها لحق وأدرك). [الغريب المصنف: 2/611-612]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) }

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 11:39 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 11:42 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 11:49 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا}
اختلف فيمن سأله عن هذه القصة، فقيل: سألته طائفة من أهل الكتاب، وروى في ذلك عقبة بن عامر حديثا ذكره الطبري، وقيل: إنما سألته قريش حين دلتها اليهود على سؤاله عن الروح والرجل الطواف وفتية ذهبوا في الدهر ليقع امتحانه بذلك.
وذو القرنين هو الإسكندر اليوناني المقدوني، وقد تشدد قافه فيقال: المقدوني، وذكر ابن إسحاق في كتاب الطبري أنه يوناني، وقال وهب بن منبه: هو رومي، وذكر الطبري حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذا القرنين شاب من الروم، وهو حديث واهي السند، عن شيخين من تجيب.
واختلف الناس في وجه تسميته بذي القرنين، فأحسن الأقوال أنه كان ذا ضفيرتين من شعر هما قرناه، فسمي بهما، ذكره المهدوي وغيره، والضفائر قرون الرأس، ومنه قول الشاعر:
فلثمت فاها آخذا بقرونها ... شرب النزيف لبرد ماء الحشرج
ومنه الحديث في غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت أم عطية: "فضفرنا رأسها ثلاثة
[المحرر الوجيز: 5/652]
قرون"، وكثيرا تجيء تسمية النواصي قرونا.
وروي أنه كان في أول ملكه يرى في نومه أنه يتناول الشمس ويمسك قرنين لها بيديه، فقص ذلك، ففسر أنه سيغلب على ما ذرت عليه وسمي ذا القرنين، وقالت فرقة: سمي ذا القرنين لأنه بلغ المغرب والمشرق، فكأنه حاز قرني الدنيا، وقالت فرقة: إنه بلغ مطلع الشمس كشف بالرؤية قرنيها فسمي بذلك، أو قرني الشيطان بها، وقال وهب بن منبه: سمي بذلك لأن جنبتي رأسه كانتا من نحاس، وقال وهب بن منبه أيضا: كان له قرنان تحت عمامته.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله بعيد، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنما سمي ذا القرنين لأنه ضرب على قرن رأسه فمات، ثم حيي، ثم ضرب على قرن رأسه الآخر فمات، فسمي بذلك لأنه جرح على قرني رأسه جرحين عظيمين في يومين عظيمين من أيام حربه، فسمي بذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قريب). [المحرر الوجيز: 5/653]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والتمكين له في الأرض أنه ملك الدنيا ودانت له الملوك كلها، فروي أن جميع ملوك الدنيا أربعة: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان سليمان بن داود عليه السلام، والإسكندر، والكافران نمروذ وبختنصر. وقوله تعالى: {وآتيناه من كل شيء سببا} معناه: علما في كل أمر، وأقيسة يتوصل بها إلى معرفة الأشياء. وقوله: " كل شيء " عموم معناه الخصوص في كل ما يمكن أن يعلمه ويحتاج إليه، وثم لا محالة أشياء لم يؤت منها سببا يعلمها به.
[المحرر الوجيز: 5/653]
واختلف في ذي القرنين، فقيل: هو نبي، وهذا ضعيف، وقيل: هو ملك -بفتح اللام-، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رجلا يدعو آخر: يا ذا القرنين، فقال: أما كفاكم أن تسميتم بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة؟ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عنه فقال: "ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب"، وقيل: هو عبد ملك -بكسر اللام- صالح نصح لله فأيده، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال: "فيكم اليوم مثله"، وعنى بذلك نفسه، والله أعلم). [المحرر الوجيز: 5/654]

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فأتبع سببا} الآية. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: "فاتبع سببا" بشد التاء، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: "فأتبع سببا" بسكون التاء، على وزن أفعل، قال بعض اللغويين: هما بمعنى واحد، وكذلك "تبع"، وقالت فرقة: "أتبع" بقطع الألف عبارة عن المجد المسرع الحثيث الطلب، و"اتبع" إنما يتضمن معنى الاقتفاء دون هذه القرائن، قاله أبو زيد وغيره.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
واستقرأ هذا القائل هذه المقالة من القرآن، كقوله عز وجل: {فأتبعه شهاب ثاقب}، وكقوله تعالى: {فأتبعهم فرعون وجنوده}، وكقوله تعالى: {فأتبعه الشيطان}، وهذا قول حكاه النقاش عن يونس بن حبيب، وإذا تأملت "اتبع" بشد التاء لم يرتبط لك هذا المعنى ولا بد. و"السبب" في هذه الآية: الطريق المسلوكة؛ لأنها سبب الوصول إلى المقصد). [المحرر الوجيز: 5/654]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: "في عين حمئة"، على وزن فعلة، أي: ذات حماة، وقرأ عاصم -في رواية أبي بكر -، والباقون: "في عين حامية"، أي حارة، وقد اختلف في قراءة ذلك معاوية وابن عباس، فقال ابن عباس رضي الله عنهما "حمئة"، وقال معاوية: "حامية"، فبعثا إلى كعب الأحبار ليخبرهم
[المحرر الوجيز: 5/654]
بالأمر كيف هو في التوراة، فقال لهما: أما العربية فأنتما أعلم بها مني، ولكني أجد في التوراة أنها تغرب في عين ثأط، والثأط: الطين، فلما انفصلا قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: لوددت أبا العباس فكنت أنجدك بشعر تبع الذي يقول فيه في ذكر ذي القرنين:
قد كان ذو القرنين جدي مسلما ... ملكا تدين له الملوك ويحشد
بلغ المشارق والمغارب يبتغي ... أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها ... في عين ذي خلب وثأط حرمد
فالخلب: الطين، والثأط: الحمأة، والحرمد: الأسود، ومن قرأ: "حامية" وجهها إلى الحرارة، وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى الشمس وهي تغيب فقال: "في نار الله الحامية، لولا ما يزعها من الله لأحرقت ما على الأرض". وروى أبو ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى الشمس عند غروبها فقال: "أتدري أين تغرب يا أبا ذر؟ قلت: لا، قال: إنها تغرب في عين حامية"، فهذا يدل على أن العين هنالك حارة، و"حامية" هي قراءة طلحة بن عبد الله، وعمرو بن العاص، وابنه، وابن عمر، وذهب الطبري إلى الجمع بين الأمرين فقال: يحتمل أن تكون العين حارة ذات حمأة، فكل قراءة وصف بصفة من أحوالها، وذهب بعض البغداديين إلى أن "في" بمنزلة "عند"، كأنها مسامته من الأرض فيما يرى الرائي لعين حمئة. وقال بعضهم: قوله: في عين إنما المراد أن ذا القرنين كان فيها، أي: هي آخر الأرض.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وظاهر هذه الأقوال محتمل، والله أعلم. قال أبو حاتم: وقد يمكن أن تكون "حامئة" مهموزة، بمعنى: ذات حمأة، فتكون القراءتان بمعنى واحد. واستدل بعض
[المحرر الوجيز: 5/655]
الناس على أن ذا القرنين نبي بقوله تعالى: {قلنا يا ذا القرنين}، ومن قال إنه ليس بنبي، قال: كانت هذه المقالة من الله بإلهام.
وقوله تعالى: {إما أن تعذب} معناه: بالقتل على الكفر، وإما أن تتخذ فيهم حسنا بالحمل على الإيمان واتباع الهدى، فكأنه قيل له: هذه لا تعطها إلا إحدى خطتين: إما أن تكفر فتعذبها، وإما أن تؤمن فتحسن إليها. وذهب الطبري إلى أن "اتخاذ الحسن" هو الأسر مع كفرهم، فالمعنى -على هذا- أنهم كفروا ولا بد، فخيره الله تعالى بين قتلهم أو أسرهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل أن يكون "الاتخاذ" ضرب الجزية. ولكن تقسيم ذي القرنين بعد هذا الأمر إلى كفر أو إيمان يرد هذا القول بعض الرد، فتأمله). [المحرر الوجيز: 5/656]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا}
"ظلم" في هذه الآية بمعنى: كفر، ثم توعد الكافرين بتعذيبه إياهم قبل عذاب الله، وعقب لهم بذكر عذاب الله لأن تعذيب ذي القرنين هو اللاحق عندهم، المحبوس لهم، الأقرب نكاية. فلما جاء وعد المؤمنين قدم تنعيم الله تعالى الذي هو الأحق عن المؤمنين، والآخر بإزائه حقير، ثم عقب أخيرا بذكر إحسانه في قول اليسر، وجعله قولا إذ الأفعال كلها خلق الله تعالى، فكأنه سلمها ولم يراع تكسبه.
وقرأت فرقة: "نكرا" بضم الكاف، وقرأت فرقة: "نكرا" بسكون الكاف، ومعناه: المنكر الذي تنكره الأوهام لعظمه وتستهويه). [المحرر الوجيز: 5/656]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم -في رواية أبي بكر - وأبو عمرو، وابن عامر: "جزاء الحسنى" بإضافة الجزاء إلى الحسنى، وذلك يحتمل معنيين: أحدهما أن يريد بـ "الحسنى" الجنة، والجنة هي الجزاء، فأضاف
[المحرر الوجيز: 5/656]
ذلك، كما قال: ولدار الآخرة والآخرة هي الدار، والثاني أن يريد بـ "الحسنى" أعمالهم الصالحة في إيمانهم، فوعدهم بجزاء الأعمال الصالحة. وقرأ حمزة، الكسائي، وحفص عن عاصم: "جزاء الحسنى" بنصب "الجزاء" على المصدر في موضع الحال. و"الحسنى" ابتداء، وخبره في المجرور، ويراد بها الجنة، وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق: "جزاء" بالرفع والتنوين "الحسنى"، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما، ومسروق: "جزاء" بالنصب بغير تنوين "الحسنى" بالإضافة. قال المهدوي: ويجوز حذف النون لالتقاء الساكنين، ووعدهم بذلك بأنه ييسر عليهم أمور دنياهم. وقرأ ابن القعقاع: "يسرا" بضم السين). [المحرر الوجيز: 5/657]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثم أتبع سببا}، المعنى: ثم سلك ذو القرنين الطرق المؤدية إلى مقصده، فهي سبب الوصول، فكان ذو القرنين -على ما وقع في كتب التاريخ- يدوس الأرض بالجيوش الثقال، والسيرة الحميدة، والإعداد الموفى، والحزم المستيقظ المتقد، والتأييد المتواصل، وتقوى الله عز وجل، فما لقي أمة ولا مر بمدينة إلا دانت له ودخلت في طاعته، وكل من عارضه وتوقف عن أمره جعله عظة وآية لغيره، وله في هذا المعنى أخبار كثيرة، وغرائب كرهت التطويل بها لأنها علم تاريخ). [المحرر الوجيز: 5/657]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور "مطلع" بكسر اللام، وقرأ الحسن بخلاف-، وابن كثير، وأهل مكة: "مطلع" بفتح اللام.
و "القوم": الزنج، قاله قتادة، وهم الهنود وما وراءهم.
وقال الناس في قوله: {لم نجعل لهم من دونها سترا} معناه: إنهم ليس لهم بنيان، إذ لا تحمل أرضهم البناء، وإنما يدخلون من حر الشمس في أسراب، وقيل: يدخلون في ماء البحر، قاله الحسن، وقتادة، وابن جريج. وكثر النقاش وغيره في هذا المعنى، والظاهر من الألفاظ أنها عبارة بليغة عن قرب الشمس منهم، وفعلها بقدرة الله تبارك وتعالى فيهم، ونيلها منهم، ولو كان لهم أسراب تغني لكان سترا كثيفا، وإنما هم في
[المحرر الوجيز: 5/657]
قبضة القدرة سواء كان لهم أسراب أو دور أو لم يكن، ألا ترى أن الستر عندنا بحق إنما هو من السحاب والغمام وبرد الهواء، ولو سلط الله علينا الشمس لأحرقتنا، فسبحان المنفرد بالقدرة التامة). [المحرر الوجيز: 5/658]

تفسير قوله تعالى: {كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "كذلك" معناه: فعل معهم كفعله مع الأولين أهل المغرب، فأوجز بقوله: "كذلك". ثم أخبر الله تعالى عن إحاطته بجميع ما لدى ذي القرنين، وما تصرف من أفعاله، ويحتمل أن يكون "كذلك" استئناف قول، ولا يكون راجعا على الطائفة الأولى، فتأمله، والأول أصوب). [المحرر الوجيز: 5/658]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 07:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 07:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرًا (83) إنّا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا (84)}.
يقول تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ويسألونك} يا محمّد {عن ذي القرنين} أي: عن خبره. وقد قدّمنا أنّه بعث كفّار مكّة إلى أهل الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: سلوه عن رجلٍ طوّافٍ في الأرض، وعن فتيةٍ لا يدرى ما صنعوا، وعن الرّوح، فنزلت سورة الكهف.
وقد أورد ابن جريرٍ هاهنا، والأمويّ في مغازيه، حديثًا أسنده وهو ضعيفٌ، عن عقبة بن عامر، أن نفرًا من اليهود جاؤوا يسألون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذي القرنين، فأخبرهم بما جاؤوا له ابتداءً، فكان فيما أخبرهم به: "أنّه كان شابًّا من الرّوم، وأنّه بنى الإسكندريّة، وأنّه علا به ملكٌ في السّماء، وذهب به إلى السّدّ، ورأى أقوامًا وجوههم مثل وجوه الكلاب". وفيه طولٌ ونكارةٌ، ورفعه لا يصحّ، وأكثر ما فيه أنّه من أخبار بني إسرائيل. والعجب أنّ أبا زرعة الرّازيّ، مع جلالة قدره، ساقه بتمامه في كتابه دلائل النّبوّة، وذلك غريبٌ منه، وفيه من النّكارة أنّه من الرّوم، وإنّما الّذي كان من الرّوم الإسكندر الثّاني ابن فيليبس المقدونيّ، الّذي تؤرّخ به الرّوم، فأمّا الأوّل فقد ذكره الأزرقيّ وغيره أنّه طاف بالبيت مع إبراهيم الخليل، عليه السّلام، أوّل ما بناه وآمن به واتّبعه، وكان معه الخضر، عليه السّلام، وأمّا الثّاني فهو، إسكندر بن فيليبس المقدونيّ اليونانيّ، وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور، واللّه أعلم. وهو الّذي تؤرّخ به من مملكته ملّة الرّوم. وقد كان قبل المسيح، عليه السلام، بنحو من ثلثمائة سنةٍ، فأمّا الأوّل المذكور في القرآن فكان في زمن الخليل، كما ذكره الأزرقيّ وغيره، وأنّه طاف مع الخليل بالبيت العتيق لمّا بناه إبراهيم، عليه السّلام، وقرّب إلى اللّه قربانًا، وقد ذكرنا طرفًا من أخباره في كتاب "البداية والنّهاية"، بما فيه كفايةٌ وللّه الحمد.
وقال وهب بن منبّهٍ: كان ملكًا، وإنّما سمّي ذا القرنين لأنّ؛ صفحتي رأسه كانتا من نحاسٍ، قال: وقال بعض أهل الكتاب: لأنّه ملك الرّوم وفارس. وقال بعضهم: كان في رأسه شبه القرنين، وقال سفيان الثّوريّ عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن أبي الطّفيل قال: سئل عليٌّ، رضي اللّه عنه، عن ذي القرنين، فقال: كان عبدًا ناصح اللّه فناصحه، دعا قومه إلى اللّه فضربوه على قرنه فمات، فأحياه اللّه، فدعا قومه إلى اللّه فضربوه على قرنه فمات، فسمّي ذا القرنين.
وكذا رواه شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة عن أبي الطّفيل، سمع عليًّا يقول ذلك.
ويقال: إنّه إنّما سمّي ذا القرنين؛ لأنّه بلغ المشارق والمغارب، من حيث يطلع قرن الشّمس ويغرب). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 189]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {إنّا مكّنّا له في الأرض} أي: أعطيناه ملكًا عظيمًا متمكّنًا، فيه له من جميع ما يؤتى الملوك، من التّمكين والجنود، وآلات الحرب والحصارات؛ ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض، ودانت له البلاد، وخضعت له ملّوك العباد، وخدمته الأمم، من العرب والعجم؛ ولهذا ذكر بعضهم أنّه إنّما سمّي ذا القرنين؛ لأنّه بلغ قرني الشّمس مشرقها ومغربها.
وقوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا}: قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك، وغيرهم: يعني علمًا.
وقال قتادة أيضًا في قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} قال: منازل الأرض وأعلامها.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} قال: تعليم الألسنة، كان لا يغزو قومًا إلّا كلّمهم بلسانهم.
وقال ابن لهيعة: حدّثني سالم بن غيلان، عن سعيد بن أبي هلالٍ؛ أنّ معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار: أنت تقول: إنّ ذا القرنين كان يربط خيله بالثّريّا؟ فقال له كعبٌ: إن كنت قلت ذلك، فإنّ اللّه تعالى قال: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا}.
وهذا الّذي أنكره معاوية، رضي اللّه عنه، على كعب الأحبار هو الصّواب، والحقّ مع معاوية في الإنكار؛ فإنّ معاوية كان يقول عن كعبٍ: "إن كنّا لنبلو عليه الكذب" يعني: فيما ينقله، لا أنّه كان يتعمّد نقل ما ليس في صحيفته، ولكنّ الشّأن في صحيفته، أنّها من الإسرائيليّات الّتي غالبها مبدّلٌ مصحّفٌ محرّفٌ مختلقٌ ولا حاجة لنا مع خبر اللّه ورسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] إلى شيءٍ منها بالكلّيّة، فإنّه دخل منها على النّاس شرٌّ كثيرٌ وفسادٌ عريضٌ. وتأويل كعبٍ قول اللّه: {وآتيناه من كلّ شيءٍ سببًا} واستشهاده في ذلك على ما يجده في صحيفته من أنّه كان يربط خيله بالثّريّا غير صحيحٍ ولا مطابقٍ؛ فإنّه لا سبيل للبشر إلى شيءٍ من ذلك، ولا إلى التّرقّي في أسباب السموات. وقد قال اللّه في حقّ بلقيس: {وأوتيت من كلّ شيءٍ} [النّمل: 23] أي: ممّا يؤتى مثلها من الملوك، وهكذا ذو القرنين يسّر اللّه له الأسباب، أي: الطّرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرّساتيق والبلاد والأراضي وكسر الأعداء، وكبت ملوك الأرض، وإذلال أهل الشّرك. قد أوتي من كلّ شيءٍ ممّا يحتاج إليه مثله سببًا، واللّه أعلم.
وفي "المختارة" للحافظ الضّياء المقدّسيّ، من طريق قتيبة، عن أبي عوانة عن سماك بن حربٍ، عن حبيب بن حمازٍ قال: كنت عند عليٍّ، رضي اللّه عنه، وسأله رجلٌ عن ذي القرنين: كيف بلغ المشارق والمغارب؟ فقال سبحان اللّه سخّر له السّحاب، وقدّر له الأسباب، وبسط له اليد). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 189-190]

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأتبع سببًا (85) حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ ووجد عندها قومًا قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنًا (86) قال أمّا من ظلم فسوف نعذّبه ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابًا نكرًا (87) وأمّا من آمن وعمل صالحًا فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرًا (88)}.
قال ابن عبّاسٍ: {فأتبع سببًا} يعني: بالسّبب المنزّل]. وقال مجاهدٌ: {فأتبع سببًا}: منزّلًا وطريقًا ما بين المشرق والمغرب.
وفي روايةٍ عن مجاهدٍ: {سببًا} قال: طريقًا في الأرض.
وقال قتادة: أي أتبع منازل الأرض ومعالمها.
وقال الضّحّاك: {فأتبع سببًا} أي: المنازل.
وقال سعيد بن جبيرٍ في قوله: {فأتبع سببًا} قال: علمًا. وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى، والسّدّيّ.
وقال مطرٌ: معالم وآثارٌ كانت قبل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 191]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {حتّى إذا بلغ مغرب الشّمس} أي: فسلك طريقًا حتّى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض. وأمّا الوصول إلى مغرب الشّمس من السّماء فمتعذّرٌ، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنّه سار في الأرض مدّةً والشّمس تغرب من ورائه فشيءٌ لا حقيقة له. وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب، واختلاق زنادقتهم وكذبهم
وقوله: {وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} أي: رأى الشّمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كلّ من انتهى إلى ساحله، يراها كأنّها تغرب فيه، وهي لا تفارق الفلك الرّابع الّذي هي مثبّتةٌ فيه لا تفارقه.
والحمئة مشتقّةٌ على إحدى القراءتين من "الحمأة" وهو الطّين، كما قال تعالى: {إنّي خالقٌ بشرًا من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ} [الحجر: 28] أي: طينٍ أملس. وقد تقدّم بيانه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أخبرنا ابن وهبٍ حدّثني نافع بن أبي نعيمٍ، سمعت عبد الرّحمن الأعرج يقول: كان ابن عبّاسٍ يقول {في عينٍ حمئةٍ} ثمّ فسّرها: ذات حمأةٍ. قال نافعٌ: وسئل عنها كعب الأحبار فقال: أنتم أعلم بالقرآن منّي، ولكنّي أجدها في الكتاب تغيب في طينةٍ سوداء.
وكذا روى غير واحدٍ عن ابن عبّاسٍ، وبه قال مجاهدٌ وغير واحدٍ.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا محمّد بن دينارٍ، عن سعد بن أوس، عن مصدع، عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أقرأه {حمئةٍ}
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: "وجدها تغرب في عينٍ حاميةٍ" يعني: حارّةً. وكذا قال الحسن البصريّ.
وقال ابن جريرٍ: والصّواب أنّهما قراءتان مشهورتان وأيّهما قرأ القارئ فهو مصيبٌ.
قلت: ولا منافاة بين معنييهما، إذ قد تكون حارّةً لمجاورتها وهج الشّمس عند غروبها، وملاقاتها الشّعاع بلا حائلٍ و {حمئةٍ} في ماءٍ وطينٍ أسود، كما قال كعب الأحبار وغيره.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوّام، حدّثني مولًى لعبد اللّه بن عمرٍو، عن عبد اللّه قال: نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الشّمس حين غابت، فقال: "في نار اللّه الحامية [في نار اللّه الحامية]، لولا ما يزعها من أمر اللّه، لأحرقت ما على الأرض".
قلت: ورواه الإمام أحمد، عن يزيد بن هارون. وفي صحّة رفع هذا الحديث نظرٌ، ولعلّه من كلام عبد اللّه بن عمرٍو، من زاملتيه اللّتين وجدهما يوم اليرموك، واللّه أعلم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا حجّاج بن حمزة، حدّثنا محمّدٌ -يعني ابن بشرٍ-حدّثنا عمرو بن ميمونٍ، أنبأنا ابن حاضرٍ، أنّ ابن عبّاسٍ ذكر له أنّ معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية الّتي في سورة الكهف "تغرب في عينٍ حاميةٍ" قال ابن عبّاسٍ لمعاوية ما نقرؤها إلّا {حمئةٍ} فسأل معاوية عبد اللّه بن عمرٍو كيف تقرؤها: فقال عبد اللّه: كما قرأتها. قال ابن عبّاسٍ: فقلت لمعاوية: في بيتي نزل القرآن؟ فأرسل إلى كعبٍ فقال له: أين تجد الشّمس تغرب في التّوراة؟ [فقال له كعبٌ: سل أهل العربيّة، فإنّهم أعلم بها، وأمّا أنا فإنّي أجد الشّمس تغرب في التّوراة] في ماءٍ وطينٍ. وأشار بيده إلى المغرب. قال ابن حاضرٍ: لو أنّي عندكما أفدتك بكلامٍ تزداد فيه بصيرةً في حمئةٍ. قال ابن عبّاسٍ: وإذًا ما هو؟ قلت: فيما يؤثر من قول تبّع، فيما ذكر به ذا القرنين في تخلّقه بالعلم واتّباعه إيّاه:
بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمرٍ من حكيمٍ مرشد
فرأى مغيب الشّمس عند غروبها = في عين ذي خلب وثأط حرمد
قال ابن عبّاسٍ: ما الخلب؟ قلت: الطّين بكلامهم. [يعني بكلام حمير]. قال: ما الثّاط؟
قلت: الحمأة. قال: فما الحرمد؟ قلت: الأسود. قال: فدعا ابن عبّاسٍ رجلًا أو غلامًا فقال: اكتب ما يقول هذا الرّجل.
وقال سعيد بن جبيرٍ: بينا ابن عبّاسٍ يقرأ سورة الكهف فقرأ: {وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ} فقال كعبٌ: والّذي نفس كعبٍ بيده ما سمعت أحدًا يقرؤها كما أنزلت في التّوراة غير ابن عبّاسٍ، فإنّا نجدها في التّوراة: تغرب في مدرةٍ سوداء.
وقال أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا هشام بن يوسف قال: في تفسير ابن جريجٍ {ووجد عندها قومًا} قال: مدينةٌ لها اثنا عشر ألف بابٍ، لولا أصوات أهلها لسمع النّاس وجوب الشّمس حين تجب.
وقوله: {ووجد عندها قومًا} أي: أمّةً من الأمم، ذكروا أنّها كانت أمّةً عظيمةً من بني آدم.
وقوله: {قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنًا} معنى هذا: أنّ اللّه تعالى مكّنه منهم وحكّمه فيهم، وأظفره بهم وخيّره: إن شاء قتل وسبى، وإن شاء منّ أو فدى. فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه في قوله: {أمّا من ظلم} أي: من استمرّ على كفره وشركه بربّه {فسوف نعذّبه} قال قتادة: بالقتل: وقال السّدّيّ: كان يحمي لهم بقر النّحاس ويضعهم فيها حتّى يذوبوا. وقال وهب بن منبّهٍ: كان يسلط الظلمة، فتدخل أفوافهم وبيوتهم، وتغشاهم من جميع جهاتهم واللّه أعلم.
وقوله: {ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه عذابًا نكرًا} أي: شديدًا بليغًا وجيعًا أليمًا. وفيه إثبات المعاد والجزاء.
وقوله: {وأمّا من آمن} أي: تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة اللّه وحده لا شريك له {فله جزاءً الحسنى} أي: في الدّار الآخرة عند اللّه، عزّ وجلّ، {وسنقول له من أمرنا يسرًا} قال مجاهدٌ: معروفًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 191-193]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ أتبع سببًا (89) حتّى إذا بلغ مطلع الشّمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا (90) كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا (91)}.
يقول: ثمّ سلك طريقًا فسار من مغرب الشّمس إلى مطلعها، وكان كلّما مرّ بأمّةٍ قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى اللّه عزّ وجلّ، فإن أطاعوه وإلّا أذلّهم وأرغم آنافهم، واستباح أموالهم، وأمتعتهم واستخدم من كلّ أمّةٍ ما يستعين به مع جيوشه على أهل الإقليم المتاخم لهم. وذكر في أخبار بني إسرائيل أنّه عاش ألفًا وستّمائة سنةٍ يجوب الأرض طولها والعرض حتّى بلغ المشارق والمغارب. ولـمّا انتهى إلى مطلع الشّمس من الأرض كما قال اللّه تعالى: {وجدها تطلع على قومٍ} أي: أمّةٍ {لم نجعل لهم من دونها سترًا} أي: ليس لهم بناءٌ يكنّهم، ولا أشجارٌ تظلّهم وتسترهم من حرّ الشّمس.
قال سعيد بن جبيرٍ: كانوا حمرًا قصارًا، مساكنهم الغيران، أكثر معيشتهم من السّمك.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا سهل بن أبي الصّلت، سمعت الحسن وسئل عن قوله تعالى: {لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: إنّ أرضهم لا تحمل البناء فإذا طلعت الشّمس تغوّروا في المياه، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم. قال الحسن: هذا حديث سمرة.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّهم بأرضٍ لا تنبت لهم شيئًا، فهم إذا طلعت الشّمس دخلوا في أسرابٍ، حتّى إذا زالت الشّمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم.
وعن سلمة بن كهيل أنّه قال: ليس لهم أكنانٌ، إذا طلعت الشّمس طلعت عليهم، فلأحدهم أذنان يفترش إحداهما ويلبس الأخرى.
قال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: هم الزّنج.
وقال ابن جريجٍ في قوله: {وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها سترًا} قال: لم يبنوا فيها بناءً قطّ، ولم يبن عليهم فيها بناءٌ قطّ، كانوا إذا طلعت الشّمس دخلوا أسرابًا لهم حتّى تزول الشّمس، أو دخلوا البحر، وذلك أنّ أرضهم ليس فيها جبلٌ، جاءهم جيشٌ مرّةً فقال لهم أهلها: لا تطلعنّ عليكم الشّمس وأنتم بها. قالوا: لا نبرح حتّى تطلع الشّمس، ما هذه العظام؟ قالوا: هذه جيف جيشٍ طلعت عليهم الشّمس هاهنا فماتوا. قال: فذهبوا هاربين في الأرض). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 193-194]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرًا} قال مجاهدٌ، والسّدّيّ: علمًا، أي: نحن مطّلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه، لا يخفى علينا منها شيءٌ، وإن تفرّقت أممهم وتقطّعت بهم الأرض، فإنّه تعالى: {لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السّماء} [آل عمران: 5]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 194]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة