جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى باخع نفسك قال قاتل نفسك). [تفسير عبد الرزاق: 1/396]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قال حزنا عليهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/396]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({باخعٌ} [الكهف: 6] : «مهلكٌ». {أسفًا} [الكهف: 6] : «ندمًا»). [صحيح البخاري: 6/87]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باخعٌ مهلكٌ هو قول أبي عبيدة وأنشد لذي الرّمّة ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة باخع نفسك أي قاتلٌ نفسك قوله أسفًا ندمًا هو قول أبي عبيدة وقال قتادة حزنًا). [فتح الباري: 8/406]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({باخعٌ} مهلكٌ
أشار به إلى قوله عز وجل: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم} (الكهف: 6) الآية. وفسّر باخع، بقوله: مهلك، وبه فسر أبو عبيدة.
{أسفاً} ندماً
أشار به إلى قوله تعالى: {إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} (الكهف: 6) ، وفسّر: أسفا بقوله: (ندماً) ، وكذا فسره أبو عبيدة، وعن قتادة: أسفا حزنا، وأراد بالحديث القرآن). [عمدة القاري: 19/36]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({باخع}) في قوله تعالى: {لعلك باخع} [الكهف: 6] قال أبو عبيدة (مهلك) نفسك إذا ولوا عن الإيمان.
({أسفًا}) أي (ندمًا) كذا فسره أبو عبيدة وعن قتادة حزنًا وعن غيره فرط الحزن). [إرشاد الساري: 7/214]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت: 295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {فلعلك باخعٌ نفسك} قال: يقال لعلك محرج نفسك وقاتلها). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 111]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلعلّك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا (6) إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيّهم أحسن عملاً (7) وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدًا جرزًا}.
يعني تعالى ذكره بذلك: فلعلّك يا محمّد قاتلٌ نفسك ومهلكها على آثار قومك الّذين قالوا لك {لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا} تمرّدًا منهم على ربّهم، إن هم لم يؤمنوا بهذا الكتاب الّذي أنزلته عليك فيصدّقوا بأنّه من عند اللّه حزنًا وتلهّفًا ووجدًا، بإدبارهم عنك، وإعراضهم عمّا أتيتهم به وتركهم الإيمان بك. يقال منه: بخع فلانٌ نفسه يبخعها بخعًا وبخوعًا، ومنه قول ذي الرّمّة:
ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه = لشيءٍ نحته عن يديه المقادر
يريد: نحّته فخفّف.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {باخعٌ} قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلعلّك باخعٌ نفسك} يقول: قاتلٌ نفسك.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
وأمّا قوله: {أسفًا} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه: فلعلّك باخعٌ نفسك إن لم يؤمنوا بهذا الحديث غضبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا} قال: غضبًا وقال آخرون: جزعًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {أسفًا} قال: جزعًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال آخرون: معناه: حزنًا عليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {أسفًا} قال: حزنًا عليهم.
وقد بيّنّا معنى الأسف فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وهذه معاتبةٌ من اللّه ورسوله على وجده بمباعدة قومه إيّاه فيما دعاهم إليه من الإيمان باللّه، والبراءة من الآلهة والأنداد، وكان بهم رحيمًا.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فلعلّك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا} يعاتبه على حزنه عليهم حين فاته ما كان يرجو منهم: أي لا تفعل). [جامع البيان: 15/148-151]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أسفا يعني جزعا). [تفسير مجاهد: 373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 6
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأبو البختري في نفر من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من النصيحة فأحزنه حزنا شديدا، فأنزل الله {فلعلك باخع نفسك} الآية). [الدر المنثور: 9/483-484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فلعلك باخع نفسك} قال: قاتل نفسك). [الدر المنثور: 9/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {فلعلك باخع نفسك} قال: قاتل نفسك.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله). [الدر المنثور: 9/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فلعلك باخع نفسك} قال: قاتل نفسك {إن لم يؤمنوا بهذا الحديث} قال: القرآن: {أسفا} قال: حزنا إن لم يؤمنوا). [الدر المنثور: 9/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أسفا} قال: جزعا). [الدر المنثور: 9/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} قال: حزنا عليهم نهى الله نبيه أن يأسف على الناس في ذنوبهم). [الدر المنثور: 9/484-485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {فلعلك باخع نفسك} ما الباخع فقال: يقول: قاتل نفسك، قال فيه لبيد بن ربيعة:
لعلك يوما إن فقدت مزارها * على بعده يوما لنفسك باخع). [الدر المنثور: 9/485]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها} يقول عزّ ذكره: إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً للأرض {لنبلوهم أيّهم أحسن عملاً} يقول: لنختبر عبادنا أيّهم أترك لها وأتبع لأمرنا ونهينا وأعمل فيها بطاعتنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ما على الأرض زينةً لها} قال: ما عليها من شيءٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها} ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: " إنّ الدّنيا خضرةٌ حلوةٌ، وإنّ اللّه مستخلفكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون، فاتّقوا الدّنيا، واتّقوا النّساء ".
وأمّا قوله: {لنبلوهم أيّهم أحسن عملاً} فإنّ أهل التّأويل قالوا في تأويله نحو قولنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ العسقلانيّ، قال: {لنبلوهم أيّهم أحسن عملاً} قال: أترك لها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيّهم أحسن عملاً} اختبارًا لهم أيّهم أتبع لأمري وأعمل بطاعتي). [جامع البيان: 15/151-152]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها يعني ما عليها من شيء). [تفسير مجاهد: 373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 8.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} قال: ما عليها من شيء). [الدر المنثور: 9/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} قال: الرجال). [الدر المنثور: 9/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} قال: الرجال). [الدر المنثور: 9/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن عباس في قوله: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} قال: العلماء زينة الأرض). [الدر المنثور: 9/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} قال: هم الرجال العباد العمال لله بالطاعة). [الدر المنثور: 9/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم في التاريخ عن بن عمر قال: تلا رسول الله صلى الله علية وسلم هذه الآية {لنبلوهم أيهم أحسن عملا} فقلت: ما معنى ذلك يا رسول الله قال: ليبلوكم أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرعكم في طاعة الله). [الدر المنثور: 9/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لنبلوهم} قال: لنختبرهم {أيهم أحسن عملا} قال: أيهم أتم عقلا). [الدر المنثور: 9/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {لنبلوهم أيهم أحسن عملا} قال: أشدهم للدنيا تركا). [الدر المنثور: 9/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله: {لنبلوهم أيهم أحسن عملا} قال: أزهدهم في الدنيا). [الدر المنثور: 9/486]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدًا جرزًا} يقول عزّ ذكره: وإنّما لمخرّبوها بعد عمارتناها بما جعلنا عليها من الزّينة، فمصيّروها {صعيدًا جرزًا} يعنى بـ " الصعيد " ظهر ألارض، وبقوله " جرزًا " لا نبات عليها ولا زرع ولا غرس.
وقد قيل: إنّه أريد بالصّعيد في هذا الموضع: المستوي بوجه الأرض، وذلك هو شبيهٌ بمعنى قولنا في ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، وبمعنى الجرز، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدًا جرزًا} يقول: يهلك كلّ شيءٍ عليها ويبيد.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {صعيدًا جرزًا} قال: بلقعًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدًا جرزًا} والصّعيد: الأرض الّتي ليس فيها شجرٌ ولا نباتٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وإنّا لجاعلون ما عليها صعيدًا جرزًا} يعني: الأرض إنّ ما عليها لفانٍ وبائدٌ، وإنّ المرجع لإليّ، فلا تأس، ولا يحزنك ما تسمع وترى فيها.
حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {صعيدًا جرزًا} قال: الجرز: الأرض الّتي ليس فيها شيءٌ، ألا ترى أنّه يقول: {أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعًا} قال: والجرز: لا شيء فيها، لا نبات ولا منفعة. والصّعيد: المستوي. وقرأ: {لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا} قال: مستويةً.
يقال: جرزت الأرض فهي مجروزةٌ، وجرزها الجراد والنّعم، وأرضون أجرازٌ: إذا كانت لا شيء فيها. ويقال للسّنة المجدبة: جرزٌ، وسنون أجرازٌ لجدوبها ويبسها وقلّة أمطارها قال الرّاجز:
قد جرفتهنّ السّنون الأجراز
يقال: أجرز القوم: إذا صارت أرضهم جرزًا، وجرزوا هم أرضهم: إذا أكلوا نباتها كلّه). [جامع البيان: 15/153-155]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله صعيدا جرزا قال يعني بلقعا). [تفسير مجاهد: 373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا} قال: يهلك كل شيء عليها ويبيد). [الدر المنثور: 9/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {صعيدا جرزا} قال: الصعيد التراب، والجزر التي ليس فيها فروع). [الدر المنثور: 9/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {جرزا} قال: يعني بالجزر الخراب، والله أعلم). [الدر المنثور: 9/487]