تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره قال أطافوا به ليلة فقالوا أنت سيدنا وابن سيدنا فأرادوه على بعض ما يريدون فهم النبي أن يقاربهم في بعض ما يريدون ثم عصمه الله قال فذلك قوله لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا للذي أرادوا فهم أن يقاربهم فيه). [تفسير عبد الرزاق: 1/383]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلاً}.
اختلف أهل التّأويل في الفتنة الّتي كاد المشركون أن يفتنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بها عن الّذي أوحى اللّه إليه إلى غيره، فقال بعضهم: ذلك الإلمام بالآلهة، لأنّ المشركين دعوه إلى ذلك، فهمّ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يستلم الحجر الأسود، فمنعته قريشٌ، وقالوا: لا ندعك حتّى تلمّ بآلهتنا، فحدّث نفسه، وقال: " ما عليّ أن ألمّ بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر، واللّه يعلم أنّي لها كارهٌ " فأبى اللّه، فأنزل اللّه: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره} الآية.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولولا أن ثبّتناك، لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} ذكر لنا أنّ قريشًا خلوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات ليلةٍ إلى الصّبح يكلّمونه ويفخّمونه ويسوّدونه ويقاربونه، وكان في قولهم أن قالوا: إنّك تأتي بشيءٍ لا يأتي به أحدٌ من النّاس، وأنت سيّدنا وابن سيّدنا، فما زالوا يكلّمونه حتّى كاد أن يقارفهم ثمّ منعه اللّه وعصمه من ذلك، فقال: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {لتفتري علينا غيره} قال: أطافوا به ليلة، فقالوا: أنت سيّدنا وابن سيّدنا، فأرادوه على بعض ما يريدون فهمّ أن يقاربهم في بعض ما يريدون، ثمّ عصمه اللّه، فذلك قوله: {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} الّذي أرادوا فهمّ أن يقاربهم فيه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قالوا له: ائت آلهتنا فامسسها، فذلك قوله: {شيئًا قليلاً}.
وقال آخرون: إنّما كان ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم همّ أن ينظر قومًا بإسلامهم إلى مدّةٍ سألوه الإنظار إليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي، أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلاً} وذلك أنّ ثقيفًا كانوا قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا رسول اللّه أجّلنا سنةً حتّى يهدى لآلهتنا، فإذا قبضنا الّذي يهدى لآلهتنا أخذناه، ثمّ أسلمنا وكسرنا الآلهة، فهمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يعطيهم، وأن يؤجّلهم، فقال اللّه: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً}.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ المشركين كادوا أن يفتنوه عمّا أوحاه اللّه إليه ليعمل بغيره، وذلك هو الافتراء على اللّه، وجائزٌ أن يكون ذلك كان ما ذكر عنهم من ذكر أنّهم دعوه أن يمسّ آلهتهم ويلمّ بها، وجائزٌ أن يكون كان ذلك ما ذكر عن ابن عبّاسٍ من أمر ثقيفٍ، ومسألتهم إيّاه ما سألوه ممّا ذكرنا، وجائزٌ أن يكون غير ذلك، ولا بيان في الكتاب ولا في خبرٍ يقطع العذر أيّ ذلك كان، والاختلاف فيه موجودٌ على ما ذكرنا، فلا شيء فيه أصوب من الإيمان بظاهره، حتّى يأتي خبرٌ يجبّ التّسليم له ببيان ما عنى بذلك منه.
وقوله: {وإذًا لاتّخذوك خليلاً} يقول تعالى ذكره: ولو فعلت ما دعوك إليه من الفتنة عن الّذي أوحينا إليك لاتّخذوك إذًا لأنفسهم خليلاً، وكنت لهم وكانوا لك أولياء). [جامع البيان: 15/13-15]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 73 - 75.
أخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن أمية بن خلف وأبا جهل بن هشام ورجالا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: تعال فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك} إلى قوله {نصيرا}.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن باذان، عن جابر بن عبد الله مثله). [الدر المنثور: 9/406-407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر فقالوا: لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك} إلى قوله {نصيرا}). [الدر المنثور: 9/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف يقول له المشركون: استلم آلهتنا كي لا تضرك فكاد يفعل فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك} الآية). [الدر المنثور: 9/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير رضي الله عنه أن قريشا أتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن كنت أرست إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم لنكون نحن أصحابك فركن إليهم فأوحى الله إليه {وإن كادوا ليفتنونك} الآية). [الدر المنثور: 9/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: أنزل الله (والنجم إذا هوى) (النجم آية 1) فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (أفرأيتم اللات والعزى) (النجم آية 19) فألقى عليه الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فقرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما بقي من السورة وسجد فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} الآية، فما زال مغموما مهموما حتى أنزل الله تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الحج آية 52 الآية). [الدر المنثور: 9/407-408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجلنا سنة حتى نهدي لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى للآلهة أحرزناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة، فهم أن يؤجلهم فنزلت {وإن كادوا ليفتنونك} الآية). [الدر المنثور: 9/408]
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني خالد بن حميد عن عقيل عن ابن شهاب أن هذه الآية أنزلت: {لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}، أنه حين كان بمكة إذا طاف كان يقول له المشركون: استلم آلهتنا كي لا نضرك، أو نحو ذلك من الكلام، فكاد يفعل، فأنزل الله في ذلك ما أنزل ينهاه أن يركن إليهم شيئا قليلا وتواعده). [الجامع في علوم القرآن: 1/55]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً}.
يقول تعالى ذكره: ولولا أن ثبّتناك يا محمّد بعصمتناك عمّا دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} يقول: لقد كدت تميل إليهم وتطمئنّ شيئًا قليلاً، وذلك ما كان صلّى اللّه عليه وسلّم همّ به من أن يفعل بعض الّذي كانوا سألوه فعله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما ذكر حين نزلت هذه الآية، ما:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة، في قوله {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ "). [جامع البيان: 15/15-16]
تفسير قوله تعالى: (إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات قال عذاب الدنيا وعذاب الآخرة). [تفسير عبد الرزاق: 1/383]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان بن دينار قال سألت أبا الشعثاء عن قوله ضعف الحياة وضعف الممات قال ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة). [تفسير عبد الرزاق: 1/383]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، قال: مالك بن دينارٍ، قال: سألت جابر بن زيدٍ، قلت: قول الله تعالى: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً * إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} ما ضعف الحياة وضعف الممات؟
قال جابرٌ: ضعف عذاب الدّنيا وضعف عذاب الآخرة، ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 447]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ضعف الحياة} [الإسراء: 75] : «عذاب الحياة» ، {وضعف الممات} [الإسراء: 75] : «عذاب الممات»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ضعف الحياة وضعف الممات عذاب الحياة وعذاب الممات قال أبو عبيدة في قوله ضعف الحياة مختصرٌ والتّقدير ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات وروى الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله ضعف الحياة قال عذابها وضعف الممات قال عذاب الآخرة ومن طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قال ضعف عذاب الدّنيا والآخرة ومن طريق سعيدٍ عن قتادة مثله وتوجيه ذلك أنّ عذاب النّار يوصف بالضّعف قال لقوله تعالى عذابا ضعفا من النّار أي عذابًا مضاعفًا فكأنّ الأصل لأذقناك عذابًا ضعفًا في الحياة ثمّ حذف الموصوف وأقام الصّفة مقامه ثمّ أضيفت الصّفة إضافة الموصوف فهو كما لو قيل أليم الحياة مثلًا). [فتح الباري: 8/393]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ضعف الحياة عذاب الحياة وضعف الممات عذاب الممات
أشار به إلى قوله تعالى: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} (الإسراء: 75) قال أبو عبيدة: التّقدير ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، يريد عذاب الدّنيا والآخرة، أي: ضعف ما يعذب به غيره، وهذا تخويف لأمته، عليه الصّلاة والسّلام، لئلّا يركن أحد من المسلمين إلى أحد من المشركين في شيء من أحكام الله وشرائعه، وذلك لأن النّبي صلى الله عليه وسلم كان معصوما، وقال ابن الجوزيّ: هذا وما شابهه محال في حقه عليه الصّلاة والسّلام). [عمدة القاري: 19/23-24]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ضعف الحياة}) في قوله تعالى: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا (74) إذًا لأذقناك ضعف الحياة} [الإسراء: 74] أي لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة لأذقناك (عذاب الحياة) أي (وعذاب الممات) ولأبي ذر: وضعف الممات بدل وعذاب الممات أي ضعف ما يعذب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لأن خطأ الخطير أخطر. وكان أصل الكلام عذابًا ضعفًا في الحياة وعذابًا ضعفًا في الممات بمعنى مضاعفًا ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، ثم أضيفت الصفة إضافة الموصوف فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل: لأذقناك أليم الحياة وأليم الممات، في قوله: {ولولا أن ثبتناك} [الإسراء: 74] تصريح بأنه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ما همّ بإجابتهم مع قوّة الداعي إليها وفيه تخويف لأمته لئلا يركن أحد من المسلمين إلى أحد من المشركين فافهم واعلم). [إرشاد الساري: 7/202]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا}.
يقول تعالى ذكره: لو ركنت إلى هؤلاء المشركين يا محمّد شيئًا قليلاً فيما سألوك إذن لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} يعني: ضعف عذاب الدّنيا والآخرة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ضعف الحياة} قال: عذابها {وضعف الممات} قال: عذاب الآخرة.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} أي عذاب الدّنيا والآخرة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ضعف الحياة وضعف الممات} قال: عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {ضعف الحياة وضعف الممات} يعني عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول في قوله: {إذًا لأذقناك ضعف الحياة} مختصرٌ، كقولك: ضعف عذاب الحياة {وضعف الممات} فهما عذابان: عذاب الممات به ضوعف عذاب الحياة.
وقوله {ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} يقول: ثمّ لا تجد لك يا محمّد إن نحن أذقناك لركونك إلى هؤلاء المشركين لو ركنت إليهم عذاب الحياة وعذاب الممات علينا نصيرًا ينصرك علينا، ويمنعك من عذابك، وينقذك ممّا نالك منّا من عقوبةٍ). [جامع البيان: 15/16-18]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إذا لأذقناك ضعف الحياة يعني عذاب الدنيا وضعف الممات يعني عذاب الآخرة). [تفسير مجاهد: 367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ضعف الحياة وضعف الممات} يعني ضعف عذاب الدنيا والآخرة). [الدر المنثور: 9/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ضعف الحياة} قال: هو عذاب القبر). [الدر المنثور: 9/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {وضعف الممات} قال: عذاب القبر). [الدر المنثور: 9/408]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ليستفزونك من الأرض قد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله يوم بدر فلم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر كذلك كانت سنة الله في الرسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/383-384]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان في قراءة عبد اللّه (وإذًا لا يلبثون خلفك إلّا قليلا) [الآية: 76]). [تفسير الثوري: 175]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({خلافك} [الإسراء: 76] : «وخلفك سواءٌ»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله خلافك وخلفك سواءٌ قال أبو عبيدة في قوله وإذًا لا يلبثون خلفك إلّا قليلا أي بعدك قال خلافك وخلقك سواءٌ وهما لغتان بمعنًى وقرئ بهما قلت والقراءتان مشهورتان فقرأ خلفك الجمهور وقرأ خلافك بن عامرٍ والإخوان وهي رواية حفصٍ عن عاصمٍ). [فتح الباري: 8/393]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (خلافك وخلفك سواءٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وإذا لا يلبثون خلافك إلّا قليلا} (الإسراء: 76) وكذا قال أبو عبيدة. قال: وهما لغتان بمعنى، وقرىء بهما فالجمهور قرؤوا خلفك إلاّ قليلا وابن عامر خلافك، ومعناه: إلاّ قليلا بعدك). [عمدة القاري: 19/24]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (خلافك وخلفك) في قوله تعالى: {وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلًا} [الإسراء: 76] والأولى بكسر الخاء وفتح اللام وألف بعدها وهي قراءة ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي والأخرى بفتح فسكون وهما (سواء) في المعنى أي لا يبقون بعد خروجك من مكة إلا زمنًا قليلًا وقد كان كذلك فإنهم أهلكوا ببدر بعد هجرته بسنة). [إرشاد الساري: 7/202]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً}.
يقول عزّ وجلّ: وإن كاد هؤلاء القوم ليستفزّونك من الأرض: يقول: ليستخفّونك من الأرض الّتي أنت بها ليخرجوك منها {وإذًا لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} يقول: ولو أخرجوك منها لم يلبثوا بعدك فيها إلاّ قليلاً، حتّى أهلكهم بعذابٍ عاجلٍ.
واختلف أهل التّأويل في الّذين كادوا أن يستفزّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليخرجوه من الأرض وفي الأرض الّتي أرادوا أن يخرجوه منها، فقال بعضهم: الّذين كادوا أن يستفزّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك اليهود، والأرض الّتي أرادوا أن يخرجوه منها المدينة
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ أنّه بلغه أنّ بعض اليهود قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ أرض الأنبياء أرض الشّام، وإنّ هذه ليست بأرض الأنبياء، فأنزل اللّه {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها}.
وقال آخرون: بل كان القوم الّذين فعلوا ذلك قريشًا، والأرض مكّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} وقد همّ أهل مكّة بإخراج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة، ولو فعلوا ذلك لما توطّنوا، ولكنّ اللّه كفّهم عن إخراجه حتّى أمره، ولقلّما مع ذلك لبثوا بعد خروج نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة حتّى بعث اللّه عليهم القتل يوم بدرٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {ليستفزّونك من الأرض} قال: قد فعلوا بعد ذلك، فأهلكهم اللّه يوم بدرٍ، ولم يلبثوا بعده إلاّ قليلاً حتّى أهلكهم اللّه يوم بدرٍ وكذلك كانت سنّة اللّه في الرّسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {خلافك إلاّ قليلاً} قال: لو أخرجت قريشٌ محمّدًا لعذّبوا بذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب، قول قتادة ومجاهدٍ، وذلك أنّ قوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض} في سياق خبر اللّه عزّ وجلّ عن قريشٍ وذكره إيّاهم، ولم يجر لليهود قبل ذلك ذكرٌ، فيوجّه قوله {وإن كادوا} إلى أنّه خبرٌ عنهم، فهو بأن يكون خبرًا عمّن جرى له ذكرٌ أولى من غيره.
وأمّا القليل الّذي استثناه اللّه جلّ ذكره في قوله ( وإذًا لا يلبثون خلفك إلاّ قليلاً ) فإنّه فيما قيل، ما بين خروج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة إلى أن قتل اللّه من قتل من مشركيهم ببدرٍ
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: ( وإذًا لا يلبثون خلفك إلاّ قليلاً ) يعني بالقليل يوم أخذهم ببدرٍ، فكان ذلك هو القليل الّذي لبثوا بعد.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: ( وإذًا لا يلبثون خلفك إلاّ قليلاً ) كان القليل الّذي لبثوا بعد خروج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من بين أظهرهم إلى بدرٍ، فأخذهم بالعذاب يوم بدرٍ.
وعنى بقوله خلافك: بعدك، كما قال الشّاعر:
عقب الرّذاذ خلافها فكأنّما = بسط الشّواطب بينهنّ حصيرا
يعني بقوله: خلافها: بعدها.
وقد حكي عن بعضهم أنّه كان يقرؤها: ( خلفك ). ومعنى ذلك، ومعنى الخلاف في هذا الموضع واحدٌ). [جامع البيان: 15/18-21]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا قال لو أخرجت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم لعذبوا بذلك). [تفسير مجاهد: 367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 76 - 79
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يسكنون الشام فمالك والمدينة فهم أن يشخص فأنزل الله تعالى {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} الآية). [الدر المنثور: 9/408-409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حضرمي رضي الله عنه أنه بلغ أن بعض اليهود قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أرض الأنبياء أرض الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، فأنزل الله تعالى {وإن كادوا ليستفزونك} الآية). [الدر المنثور: 9/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه: أن اليهود أتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن كنت نبيا فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا فغزا تبوك لا يريد إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} الآية، إلى قوله: {تحويلا} فأمره بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها محياك وفيها مماتك وفيها تبعث، وقال له جبريل عليه السلام: سل ربك، فإن لكل نبي مسألة، فقال: ما تأمرني أن أسأل قال: (قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك). [الدر المنثور: 9/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} قال: هم أهل مكة بإخراج النّبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله تعإلى يوم بدر ولم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر وكذلك كانت سنة الله تعالى في الرسل عليهم الصلاة والسلام إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك). [الدر المنثور: 9/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا} قال: يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر فكان ذلك هو القليل الذي كان كثيرا بعده). [الدر المنثور: 9/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: القليل ثمانية عشر شهرا). [الدر المنثور: 9/410]
تفسير قوله تعالى: (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}.
يقول تعالى ذكره: لو أخرجوك من مكة لم يلبثوا خلافك إلاّ قليلاً، ولأهلكناهم بعذابٍ من عندنا، سنّتنا فيمن قد أرسلنا قبلك من رسلنا، فإنّا كذلك كنّا نفعل بالأمم إذا أخرجت رسلها من بين أظهرهم.
نصبت السّنّة على الخروج من معنى قوله {لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} لأنّ معنى ذلك: لعذّبناهم بعد قليلٍ كسنّتنا في أمم من أرسلنا قبلك من رسلنا، ولا تجد لسنّتنا تحويلاً عمّا جرت به. كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً} أي سنّة الأمم والرّسل كانت قبلك كذلك إذا كذبوا رسلهم وأخرجوهم، لم يناظروا أنّ اللّه عاجل عليهم عذابه). [جامع البيان: 15/21-22]