تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({رفاتًا} [الإسراء: 49] : «حطامًا»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله رفاتا حطامًا قال أبو عبيدة في قوله رفاتًا أي حطامًا أي عظامًا محطّمةً وروى الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله أئذا كنّا عظاما ورفاتا قال ترابًا). [فتح الباري: 8/390]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (رفاتاً حطاماً
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالوا أئذا كنّا عظاماً ورفاتاً} (الإسراء: 49) بقوله: (حطاماً) وروى الطّبريّ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، هكذا قوله: (حطاماً) أي: عظاماً محطمة). [عمدة القاري: 19/21]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: ({رفاتًا}) يريد قوله تعالى: {وقالوا أئذا كنا عظامًا ورفاتًا} [الإسراء: 49] أي (حطامًا). وقال الفراء هو التراب، ويؤيده أنه قد تكرر في القرآن ترابًا وعظامًا). [إرشاد الساري: 7/199]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هؤلاء الّذين لا يؤمنون بالآخرة من مشركي قريشٍ، وقالوا بعنتهم: {أئذا كنّا عظامًا} لم نتحطّم ولم نتكسّر بعد مماتنا وبلانا {ورفاتًا} يعني ترابًا في قبورنا، كما:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، يقول اللّه: {رفاتًا} قال: ترابًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني عليٍّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا} يقول: غبارًا.
ولا واحد للرّفات، وهو بمنزلة الدّقاق والحطام، يقال منه: رفت يرفت رفتًا فهو مرفوتٌ: إذا صير كالحطام والرّضاض
وقوله: {أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا} قالوا: إنكارًا منهم للبعث بعد الموت: إنّا لمبعوثون بعد مصيرنا في القبور عظامًا غير منحطمةٍ، ورفاتًا منحطمةٍ، وقد بلينا فصرنا فيها ترابًا، خلقًا منشأً كما كنّا قبل الممات جديدًا، نعاد كما بدئنا؟ فأجابهم جلّ جلاله يعرّفهم قدرته على بعثه إيّاهم بعد مماتهم، وإنشائه لهم كما كانوا قبل بلاهم خلقًا جديدًا، على أيّ حالٍ كانوا من الأحوال، عظامًا أو رفاتًا، أو حجارةً أو حديدًا، أو غير ذلك ممّا يعظم عندهم أن يحدث مثله خلقًا أمثالهم أحياء، قل يا محمّد: كونوا حجارةً أو حديدًا أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم). [جامع البيان: 14/614-615]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا قال الرفات التراب). [تفسير مجاهد: 363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 49 - 51.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ورفاتا} قال غبارا). [الدر المنثور: 9/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ورفاتا} قال: ترابا، وفي قوله: {قل كونوا حجارة أو حديدا} قال: ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله كما أنتم). [الدر المنثور: 9/373]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن مجاهدٍ في قوله: {كونوا حجارةً أو حديدًا أو خلقًا مما يكبر في صدروكم} قال: الموت [الآية: 50].
سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن عكرمة مثله). [تفسير الثوري: 173-174]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل كونوا حجارةً أو حديدًا (50) أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الّذي فطركم أوّل مرّة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للمكذّبين بالبعث بعد الممات من قومك القائلين {أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا}: كونوا إن عجبتم من إنشاء اللّه إيّاكم وإعادته أجسامكم، خلقًا جديدًا بعد بلاكم في التّراب، ومصيركم رفاتًا، وأنكرتم ذلك من قدرته حجارةً أو حديدًا، أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم إن قدرتم على ذلك، فإنّي أحييكم وأبعثكم خلقًا جديدًا بعد مصيركم كذلك كما بدأتكم أوّل مرّةٍ). [جامع البيان: 14/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ورفاتا} قال: ترابا، وفي قوله: {قل كونوا حجارة أو حديدا} قال: ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله كما أنتم). [الدر المنثور: 9/373] (م)
تفسير قوله تعالى: (أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى أو خلقا مما يكبر في صدوركم قال لو كنتم الموت لأماتكم.
أنا معمر قال بلغني عن سعيد بن جبير أنه قال هو الموت). [تفسير عبد الرزاق: 1/379]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال مجاهد السماء والأرض والجبال). [تفسير عبد الرزاق: 1/379]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فسينغضون إليك رءوسهم قال يحركون به رؤوسهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/379]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن مجاهدٍ في قوله: {كونوا حجارةً أو حديدًا أو خلقًا مما يكبر في صدروكم} قال: الموت [الآية: 50].
سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن عكرمة مثله). [تفسير الثوري: 173-174] (م)
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطيّة، عن ابن عمر {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: الموت: لو كنتم الموت لأحييتكم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 195]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فسينغضون إليك رءوسهم} " قال ابن عبّاسٍ: «يهزّون» وقال غيره: " نغضت سنّك: أي تحرّكت "). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فسينغضون إليك رؤوسهم قال بن عبّاسٍ يهزّون وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس ومن طريق العوفيّ عن بن عبّاس قال يحركونها استهزاء ومن طريق بن جريج عن عطاء عن بن عبّاسٍ نحوه ومن طريق سعيد عن قتادة مثله قوله وقال غيره نغضت سنّك أي تحرّكت قال أبو عبيدة في قوله فسينغضون إليك رؤوسهم أي يحرّكونها استهزاءً يقال نغضت سنّه أي تحركت وارتفعت من أصلها وقال بن قتيبة المراد أنهم يحركون رؤوسهم استبعادًا وروى سعيد بن منصورٍ من طريق محمّد بن كعب في قوله فسينغضون قال يحركون). [فتح الباري: 8/388]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس فسينغضون يهزون
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علّي عن ابن عبّاس بهذا). [تغليق التعليق: 4/238]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن عبّاس فسينغضون يهزّون: وقال غيره تغضت سنّك أي تحرّكت
أشار به إلى قوله تعالى: {قل الّذي فطركم أول مرّة فسينغضون إليك رؤوسهم} (الإسراء: 51)
الآية، قال ابن عبّاس في تفسير قوله: (فسينغضون) أي: (يهزون) ، أي: يحركون، وكذا رواه الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه، وروى من طريق العوفيّ عنه قال: يحركون رؤوسهم استهزاء، قوله: (وقال غيره) أي: قال غير ابن عبّاس منهم أبو عبيدة فإنّه قال: يقال: قد نغضت سنة، أي: تحركت وارتفعت من أصلها، ومعنى الآية: أن النّبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقول للمشركين الّذين يقولون: من بعيدنا؟ {قل الّذي فطركم} أي: خلقكم {أول مرّة} قادر على أن يعيدكم، فإذا سمعوا ينغضون إليه رؤوسهم متعجبين مستهزئين). [عمدة القاري: 19/19]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فسينغضون إليك رؤوسهم}) [الإسراء: 51]. (قال ابن عباس): فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه معناه (يهزون) رؤوسهم ومن طريق العوفي عنه يحركونها استهزاء، ولغير أبي ذر قال ابن عباس فسينغضون يهزون.
(وقال غيره): أي غير ابن عباس (نغضت سنك) بفتح الغين المعجمة ولأبي ذر: نغضت بكسرها (أي تحركت) قاله أبو عبيدة وزاد وارتفعت من أصلها). [إرشاد الساري: 7/199]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (واختلف أهل التّأويل في المعنى بقوله {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} فقال بعضهم: عنى به الموت، وأريد به: أو كونوا الموت، فإنّكم إن كنتموه أمتّكم ثمّ بعثتكم بعد ذلك يوم البعث.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطيّة، عن ابن عمر، {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: الموت، قال: لو كنتم موتى لأحييتكم
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} يعني الموت. يقول: إن كنتم الموت أحييتكم
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أبو مالكٍ الجنبيّ، قال: حدّثنا ابن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: الموت
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا سليمان أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: الموت
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} كونوا الموت إن استطعتم، فإنّ الموت سيموت، قال: وليس شيءٌ أكبر في نفس ابن آدم من الموت.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: بلغني، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: هو الموت
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمر، أنّه كان يقول: " يجاء بالموت يوم القيامة كأنّه كبشٌ أملح حتّى يجعل بين الجنّة والنّار، فينادي منادٍي يسمع أهل الجنّة وأهل النّار، فيقول: هذا الموت قد جئنا به ونحن مهلكوه، فأيقنوا يا أهل الجنّة وأهل النّار أنّ الموت قد هلك "
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} يعني الموت، يقول: لو كنتم الموت لأمتّكم.
- وكان عبد اللّه بن عمرو بن العاص يقول: إنّ اللّه يجيء بالموت يوم القيامة، وقد صار أهل الجنّة وأهل النّار إلى منازلهم، كأنّه كبشٌ أملح، فيقف بين الجنّة والنّار، فينادي أهل الجنّة وأهل النّار هذا الموت، ونحن ذابحوه، فأيقنوا بالخلود.
وقال آخرون: عنى بذلك السّماء والأرض والجبال
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: السّماء والأرض والجبال.
وقال آخرون: بل أريد بذلك: كونوا ما شئتم
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {كونوا حجارةً أو حديدًا أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: ما شئتم فكونوا، فسيعيدكم اللّه كما كنتم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قل كونوا حجارةً أو حديدًا (50) أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} قال: من خلق اللّه، فإنّ اللّه يميتكم ثمّ يبعثكم يوم القيامة خلقًا جديدًا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره قال: {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} وجائزٌ أن يكون عنى به الموت، لأنّه عظيمٌ في صدور بني آدم، وجائزٌ أن يكون أراد به السّماء والأرض، وجائزٌ أن يكون أراد به غير ذلك، ولا بيان في ذلك أبين ممّا بيّن جلّ ثناؤه، وهو كلّ ما كبر في صدور بني آدم من خلقه، لأنّه لم يخصّص منه شيئًا دون شيءٍ
وأمّا قوله: {فسيقولون من يعيدنا} فإنّه يقول: فسيقول لك يا محمّد هؤلاء الّذين لا يؤمنون بالآخرة {من يعيدنا} خلقًا جديدًا إن كنّا حجارةً أو حديدًا أو خلقًا ممّا يكبر في صدورنا؟ فقل لهم: يعيدكم {الّذي فطركم أوّل مرّةٍ} يقول: يعيدكم كما كنتم قبل أن تصيروا حجارةً أو حديدًا إنسًا أحياء، الّذي خلقكم إنسًا من غير شيءٍ أوّل مرّةٍ، كما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قل الّذي فطركم أوّل مرّةٍ} أي خلقكم.
وقوله{فسينغضون إليك رءوسهم} يقول: فإنّك إذا قلت لهم ذلك، فسيهزّون إليك رءوسهم برفعٍ وخفضٍ.
وكذلك النّغض في كلام العرب، إنّما هو حركةٌ بارتفاعٍ ثمّ انخفاضٍ، أو انخفاضٍ ثمّ ارتفاعٍ، ولذلك سمّي الظّليم نغضًا، لأنّه إذا عجّل المشي ارتفع وانخفض، وحرّك رأسه، كما قال الشّاعر:
أسكّ نغضًا لا يني مستهدجًا
ويقال: نغضت سنّه: إذا تحرّكت وارتفعت من أصلها، ومنه قول الرّاجز:
ونغضت من هرمٍ أسنانها
وقول الآخر:
لمّا رأتني أنغضت لي الرّأسا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فسينغضون إليك رءوسهم} أي يحرّكون رءوسهم تكذيبًا واستهزاءً
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {فسينغضون إليك رءوسهم} قال: يحرّكون رءوسهم
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {فسينغضون إليك رءوسهم} يقول: سيحرّكونها إليك استهزاءً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ {فسينغضون إليك رءوسهم} قال: يحرّكون رءوسهم يستهزئون ويقولون متى هو
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فسينغضون إليك رءوسهم} يقول: يهزّون
وقوله: {ويقولون متى هو} يقول جلّ ثناؤه: ويقولون متى البعث؟ وفي أيّ حالٍ ووقتٍ يعيدنا خلقًا جديدًا كما كنّا أوّل مرّةٍ؟ قال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه: قل لهم يا محمّد إذ قالوا لك: متى هو، متى هذا البعث الّذي تعدنا؟: عسى أن يكون قريبًا وإنّما معناه: هو قريبٌ، لأنّ عسى من اللّه واجبٌ، ولذلك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " بعثت أنا والسّاعة كهاتين، وأشار بالسّبّابة والوسطى " لأنّ اللّه تعالى كان قد أعلمه أنّه قريبٌ). [جامع البيان: 14/615-621]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أو خلقا مما يكبر في صدوركم يقول ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله عز وجل كما كنتم). [تفسير مجاهد: 363]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا أبو شيبة عن عطاء فسينغضون إليك رؤوسهم قال يحركون رؤوسهم مستهزئين
- نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله). [تفسير مجاهد: 363-364]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، أنبأ محمّد بن عبد الوهّاب، ثنا يعلى بن عبيدٍ، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: سألناه عن قول اللّه عزّ وجلّ: {أو خلقًا ممّا يكبر في صدوركم} [الإسراء: 51] ما الّذي أراد به؟ قال: «الموت» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله: {أو خلقا مما يكبر في صدوركم} قال: الموت، قال: لو كنتم موتى لأحييتكم). [الدر المنثور: 9/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أو خلقا مما يكبر في صدوركم} قال: الموت.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه مثله). [الدر المنثور: 9/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {أو خلقا مما يكبر في صدوركم} قال: هو الموت ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم من الموت فكونوا الموت إن استطعتم فإن الموت سيموت). [الدر المنثور: 9/373-374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فسينغضون إليك رؤوسهم} قال: يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 9/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: {فسينغضون إليك رؤوسهم} قال: يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
أتنغض لي بوم الفخار وقد ترى * خيولا عليها كالأسود ضواريا). [الدر المنثور: 9/374-375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ويقولون متى هو} قال: الإعادة والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 9/375]
تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلاّ قليلاً (52) وقل لعبادي يقولوا الّتي هي أحسن إنّ الشّيطان ينزغ بينهم إنّ الشّيطان كان للإنسان عدوًّا مبينًا}.
يقول تعالى ذكره: قل عسى أن يكون بعثكم أيّها المشركون قريبًا، ذلك يوم يدعوكم ربّكم بالخروج من قبوركم إلى موقف القيامة، فتستجيبون بحمده.
اختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {فتستجيبون بحمده} فقال بعضهم: فتستجيبون بأمره
ذكر من قال ذلك
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثني عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} يقول: بأمره
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {فتستجيبون بحمده} قال: بأمره.
وقال آخرون: معنى ذلك: فتستجيبون بمعرفته وطاعته
ذكر من قال ذلك
وقال آخرون: معنى ذلك: فتستجيبون بمعرفته وطاعته
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} أي بمعرفته وطاعته.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: معناه: فتستجيبون للّه من قبوركم بقدرته، ودعائه إيّاكم. وللّه الحمد في كلّ حالٍ، كما يقول القائل: فعلت ذلك الفعل بحمد اللّه، يعني: للّه الحمد عن كلّ ما فعلته.
وكما قال الشّاعر:
فإنّي بحمد اللّه لا ثوب فاجرٍ = لبست ولا من غدرةٍ أتقنّع
بمعنى: فإنّي والحمد للّه لا ثوب فاجرٍ لبست
وقوله: {وتظنّون إن لبثتم إلاّ قليلاً} يقول: وتحسبون عند موافاتكم القيامة من هول ما تعاينون فيها ما لبثتم في الأرض إلاّ قليلاً، كما قال جلّ ثناؤه {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ فاسأل العادّين}
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وتظنّون إن لبثتم إلاّ قليلاً} أي في الدّنيا، تحاقرت الدّنيا في أنفسهم وقلّت حين عاينوا يوم القيامة). [جامع البيان: 14/621-623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 53.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فتستجيبون بحمده} قال بأمره). [الدر المنثور: 9/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {فتستجيبون بحمده} قال: يخرجون من قبورهم وهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك). [الدر المنثور: 9/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} أي بمعرفته وطاعته {وتظنون إن لبثتم إلا قليلا} أي في الدنيا تحاقرت الأعمار في أنفسهم وقلت حين عاينوا يوم القيامة). [الدر المنثور: 9/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه وأبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا عنا الحزن). [الدر المنثور: 9/375-376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة عند الموت ولا في القبور ولا في الحشر كأني بأهل لا إله إلا الله قد خرجوا من قبورهم ينفضون رؤوسهم من التراب يقولون الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن). [الدر المنثور: 9/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في التاريخ عن موسى بن هرون الحمال قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الموصلي رضي الله عنه قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله إن يحيى الحماني حدثنا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر عنك صلى الله عليك أنك قلت ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم وكأني بلأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، فقال: صدق الحماني). [الدر المنثور: 9/376]